شغف القراءة القانونية فى 5 دقائق”
بقلم : د محمود فاروق
كثيرُ منا كمحامين يملكون العديد من الكتب القانونية التي تحوي في داخلها العديد من الأسس والقواعد التى تجعل من كل محام موسوعة متنقلة ، لم أقل لحضرتك أن تحفظ كل هذه المعلومات أو المراجع الكثيرة التى تمتلىء بها مكتبتنا القانونية بالمكتب ، لكن يظل الكثير منا ينظر إليها بشغف حتى يمر بنا العمر وتظل الكتب من التراث التى لم تُفتح من قبل .
و ننظر بصفة يومية لهذه المراجع الكبيرة ويداهمنا الوقت وينتهي يومنا فى تحضير أعمالنا دون أن نتطرق للحظة ما لهذا الكم من المعلومات المغلق عليها غلاف المرجع حتى يغمرها التراب بالرغم من أننا نعلم ونثق بأن المفتاح الأول والأخير للثقافة الحياتية بصفة عامة والقانونية بصفة خاصة للمحام فى حياته هو مفتاح القراءة .
الأمر لا يستدعي معنا أكثر من 5 دقائق فقط باليوم !!!
نعم خمس دقائق فقط فى اليوم تجعل القراءة التى تعتبرها عبئاً عليك تصبح عادة يومية مثلها كجميع عاداتنا التى يصعب علينا تخطي يومنا بدونها .
-إليك الطريقة :
أبدأ فى اليوم الأول ولمدة اسبوع بواقع 5 دقائق فقط قراءة صفحة أو صفحتين من اى كتاب تود أن تنجز قراءته ، ومن ثم أغلق الكتاب فور إنتهاء الخمس دقائق حتى وإن أخذك الشغف والفضول لقراءة المزيد ، لكن صمم وأغلق الكتاب رغماً عنك بعد خمس دقائق فقط .
لمدة أسبوع أستمر على قراءة الخمس دقائق فقط فى اليوم ، بعد اسبوع قم بزيادة الخمس دقائق إلى 10 دقائق فقط وهكذا لمدة الاسبوع الثاني يومياً ، وفى الأسبوع الثالث هينتابك تحدي وإنتظار زيادة الخمس دقائق الجدد ليصبح وقت القراءة ربع الساعة فقط ، أياً كان المكان الذى تمارس فيه هذا الوقت القليل من القراءة .
-إستمر على القراءة بواقع ربع ساعة لمدة شهر ، ربع ساعة فقط لم تنقص منك شيئاً فى حياتك اليومية ، فلا تعطلك عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي الخاص بك ولا تعطلك من ممارسة أعمالك وبيتك وأصدقاءك ومكتبك وحياتك ، بعد الشهر الأول ستجد أن غالبية الكتب قد أخذت عنها فكرة وقد إنتابك فضولك لقراءة المزيد وستشعر وقتها أن عقلك بدأ يضطلع على كل جديد ، ليس بشرط ان تكون القراءة لكتاب أو مرجع فيمكن أن تكون مقالة على وسائل التواصل الاجتماعي به معلومات قيمة من زميل محترم فاضل .
بعد الشهر الأول ستجد أن الوقت البسيط الذى قمت بتوفيره للقراءة ، لن تستطع أن تمضي يومك دون اخذ معلومة ما أياً كان مصدرها القانوني وستشعر أن هناك شيئاً ناقصاً قد مر يومك بدونه ألا وهو القراءة والفرحة التى تنتابك حين تجلس وسط فقهائنا المحامون فى المحاكم أو أستاذك الفاضل فى المكتب ويبدأ أحدهم فى الحديث عن موضوع قانوني وتكتشف أن لديك الملكة الكافية عنه فتشاركهم الحديث وتشعر وقتها أنك تضاهي كل من هو اكبر منك عمراً .
كالعادة ، كالصيام فى بداية أول أيام رمضان نشعر بالتعب والإرهاق وهبوط الدورة الدموية وبعد أسبوع نشعر أن رمضان هو يومنا الطبيعي ويعتاد الجسد على ما تقوم بتدريبه عليه يومياً بأوقات منتظمة ، هكذا العقل البشري يقرأ دائماً كل فعل تأتي به بصفة منتظمة ليحوله إلى عادة لن يمر وقتك بدونه.
-أسأل نفسك بعد شهر ، كم عدد الصفحات التى قرأتها ؟ كم معلومة أستفدت بها ؟ بالرغم أنك لم تكلف من وقتك الثمين سوى ربع الساعة فقط !!! أسأل نفسك الأن كم سنة وأنت تملك هذه الكتب التى امامك وبحقيبتك ولم تفكر يوماً فى أن تقرأها إلا عند الحاجة فقط ؟ كم كتاب تمنيت أن تقرأه ولكن إستغرق تفكيرك وقتاً كبيراً أمام عدد صفحاته الكثيرة التى أقنعك أنك لم تملك الوقت لقراءته وبالتالي خسارته ؟
-لا تنظر إلى يومك الأن ماذا أنجزت بهذه الدقائق المعدودة ولكن أنظر إلى محصلة حياتك بعد وقت قليل وقم بقياس ذلك على محصلة أيامك قبل إتباع هذا الأسلوب ، ستجد أن مكتبتك قد أهتزت بزلزلتك لكتبها وكل ما عليها من أتربة قد تلاشى ببصمة يديك وقد تمحصت أكثر من كتاب وأنجزت منه بداياته لتشعر بعد ذلك أنك تبحر فى أعمال المعلومات القيمة التى تركها لنا أسلافنا فى المهنة والقانون ولا تستطيع أن يمضي يومك دن الحاجة المُلحة للقراءة ولو دقائق معدودة .
– هذا الحديث للزملاء الذي يعانون مثلنا تماماً من ضياع الوقت دون الاستفادة من الكم المتاح لنا من المعلومات .