شروط قبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير العقوبات

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 892 لسنة 74 القضائية، أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل القاطع على أنه تحرى تحريًا كافيًا، وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعا كانت له أسبابًا معقولة.

وأشارت المحكمة إلى أن هذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية، وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون.

وتابعت: «فإنه مع تقريره قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: –

(أولاً) إذا ارتكب الفعل تنفيذًا لأمر صادر إليه من رئيس، وجبت عليه طاعته، أو اعتقد أنها واجبة عليه.

(ثانيًا) إذا حسنت نيته، وارتكب فعلاً تنفيذًا لما أمرت به القوانين، أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه، وعلى كل يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبينًا على أسباب معقولة.

المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليهما …..، …..:


وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام، ودان الطاعن الثاني بجريمتي الاشتراك معه فيها بطريقي الاتفاق والمساعدة والاشتراك – أيضًا – مع المحكوم عليهما الرابع والخامس في الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعملان فيها، فقد شابه البطلان وانطوى على القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وخالف الثابت من الأوراق كما أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بيانًا كافيًا تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها والظروف التي وقعت فيها ومؤدى الأدلة التي تساند إليها في الإدانة خاصة مؤدى أقوال المتهمين الخامس والأخير التي أفصح عن أخذه بها، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعنين بل افترض توافره في حقهما، وبما لا سند له في أقوال شهود الإثبات خاصة الشاهد ….. الذي حصر مسئولية موظفي الشهر العقاري المتهمين ومنهم الطاعن الأول في عدم تحققهم من توقيع ممثل الجهة المالكة للأرض محل الاتهام على الأوراق المقدمة لتسجيل عقدي بيعها، كما التفت الحكم عن دفاعهما بانتفاء هذا القصد وعدم التدليل على توافره في حقهما تدليلاً سائغًا، وبأن دور الطاعن الأول ينحصر في مراجعة المستندات المقدمة للشهر دون بحث ملكية الأرض لقيام مأمورية الشهر العقاري ….. ببحثها والتدقيق فيها فضلاً عن أن شهر الشهادتين سند ملكية البائعين يتم بطريق الإيداع وفقًا للقانون رقم 124 لسنة 1958، وأن الملكية – بهذه الإجراءات – ثابتة للطاعن الثاني، هذا إلى أنه لم يصدر منه – الطاعن الثاني – أي نشاط إيجابى لاستصدار خطابي إدارة الأملاك الأميرية من….. بعدم الممانعة في قيامه ببيع تلك الأرض وأن الشركة مشترية الأرض هي التي تسعى للحصول على هذين الخطابين لإتمام إجراءات شهر عقد شرائها وقد تم لها ذلك فإن عقدي شراء الطاعن الثاني للأرض مشهرين ولا حاجة له بهما، كما أنه لا توجد علاقة بين إصدار هذين الخطابين وبين حصول ضرر جسيم بالمال العام وهذا ما شهد به أعضاء لجنة الفحص التي ندبتها النيابة العامة – هذا إلى أنه وعلى فرض عدم شهر عقود الأرض محل الاتهام فإنها كانت ستظل في حيازة الطاعن الثاني بموجب الترخيص الصادر من وزير الحربية بتملكها، ومن ثم فإن نقل الملكية عن طريق شهر عقود بيعها لا يعد استيلاءً على مال عام ما لم يبسط المالك الجديد يده عليها، كما لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن المذكور بأن أحد البائعين له وهو …… سبق تقديمه للمحاكمة بتهمة التعدي على أملاك الدولة بالنسبة لجزء من أرض الاتهام وقضى ببراءته وأصبح الحكم باتًا لعدم الطعن عليه من النيابة العامة، ومن ثم فإن الطاعن الثاني يستفيد من هذا الحكم لابتناء البراءة على أسباب عينية وفضلاً عن ذلك فقد أخطأ الحكم في تحصيل أقوال عضو الرقابة الإدارية فأورد ما مؤداه أن الطاعن الأول قصد – وباقي المتهمين الخمسة الأول – تسهيل استيلاء الطاعن الثاني على أرض الاتهام، مع أن أقواله بالتحقيقات خلت من ذكر اسم الطاعن الأول ومن إسناد أية أفعال إليه، كما نسب الحكم – خلافًا للثابت بالأوراق – إلى أعضاء لجنة الفحص أن المتهمين الرابع والخامس لم يكونا ملتزمين بإصدار خطابي عدم ممانعة إدارة الأملاك الأميرية بالمحافظة في تصرف الطاعن الثاني في أرض الاتهام خاصة وأن الإدارة لم تصدر عقود بيع لهذه الأرض واعتبر الحكم الأرض محل الاتهام من قبيل الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة ورتب على ذلك إدانة الطاعنين وفقًا لنص المادة 113 من قانون العقوبات مع أن ذلك يخالف الواقع ويجافي التطبيق الصحيح للقانون خاصة وأن بيد الطاعن الثاني الشهادتين سند ملكية البائعين لأرض الاتهام وقد تضمنتا قرارًا صادرًا من وزير الحربية بالترخيص لهما بتملكها وفقًا للحق الذي كان مخولاً له بمقتضى أحكام القانون رقم 124 لسنة 1958 لكونها كانت منزرعة وقت صدور القرار بما يترتب عليه سريان المادة 874 من القانون المدني قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1964 التي كانت تخول من يزرع الأرض البور أن يتملكها، هذا فضلاً عن أن الحكم فصل في مسألة الملكية لأرض الاتهام رغم أنها من المسائل التي تخضع لأحكام القانون المدني ويوجد نزاع قضائي بشأنها، ومع أن الطاعن الثاني يضع يده عليها منذ فترة طويلة دون اعتراض من الجهات الرسمية المختصة، وقد التفت الحكم عن دفاعه في هذا الخصوص.

واستند الحكم على مكاتبات الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وعلى أقوال العاملين فيها على اعتبار أنها حلت محل المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى رغم انتفاء صفة الهيئة المذكورة وفقًا لما قضت به محكمة …… في الدعوى رقم …… مدني كلي، كما لم يدلل على اشتراك الطاعن الثاني في الجريمتين اللتين دين بهما خاصة وأنه المالك لأرض النزاع بعقود مسجلة وقد وافقت إدارة التفتيش بالشهر العقاري …… على تسجيل عقود بيع هذه الأرض إلى الشركة ……، ورد بما لا يصلح ردًا على دفاع الطاعن الأول بقيام سبب من أسباب الإباحة المقررة بنص المادة 63 من قانون العقوبات لديه لاعتقاده بمشروعية ما قام به من عمل لعدم مخالفته القوانين واللوائح المعمول بها في جهة عمله وما جرى عليه العمل في تلك الجهة خاصة وأنه كان حسن النية، كما التفت عن دفاع الطاعنين بأن المادة 113 من قانون العقوبات لا تسري على واقعة الدعوى لأن محل المال العام فيها أن يكون مالاً منقولاً وليس عقارًا كما لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن الثاني بسلامة كافة الإجراءات التي اتخذت لشهر عقدي شراء أرض الاتهام وبأنها تتفق وصحيح القانون، هذا إلى أنه عول على أقوال شهود الإثبات رغم الاختلاف والتناقض في أقوالهم كما أن أحدهم كان محام للهيئة التي اختصمت الطاعن الثاني في إحدى الدعاوى المدنية المتعلقة بذات الأرض، وأخيرًا فقد قضى الحكم بعقوبة رد الأرض محل الاتهام بالمخالفة لأحكام القانون وما صدر من أحكام قضائية في هذا الشأن، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، وكان من من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.

لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بصفة أصلية في موضوع الواقعة محل الجرائم التي دان الطاعنين بها على أقوال شهود الإثبات، وهي دعامات تكفي لإقامته، فإنه يكون غير منتج النعي على الحكم إغفال أقوال المتهمين الخامس والأخير اللذين أورد اسميهما – في معرض سرده لأدلة الاتهام – تزيدا، طالما أن تلك الأقوال – وعلى ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقتها المحكمة ولم يكن لها أثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة تسهيل الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق أركانها متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من ذات القانون ولو لم يكن هذا المال في حيازته أو لم يكن من العاملين بالجهة التي قام بالاستيلاء على ما لها، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وإضاعته على ربه، كما أن جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكررًا من قانون العقوبات تتحقق أركانها متى قام الموظف العام أو من في حكمه بالإضرار عمدًا بالأموال أو المصالح المعهودة إليه ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له، ويشترط في الضرر أن يكون محققًا، وكان من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام أو إضرار الموظف العام العمدي بأموال الجهة التي يعمل فيها المنصوص عليهما في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفي كما هو الشأن في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة، وكان ما أورده الحكم كافيًا وسائغًا في التدليل على توافر الجرائم التي دان الطاعنين بها، فإن منعاهما في هذا الصدد يكون غير سديد.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جنايتي تسهيل الاستيلاء وإضرار الموظف عمدًا بأموال الجهة التي يعمل بها بل يكفي أن يكون الحكم فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبكافة تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن تكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم مع قالة الشاهد – بالقدر الذي رواه – مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقًا للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن ما قرره الشاهد …… بالتحقيقات وبشأن التفات الحكم عن دفاعهما بخصوص دور الطاعن الأول في مراجعة المستندات المقدمة للتأشير بشهرها، أو ثبوت ملكية الطاعن الثاني للأرض بموجب عقدي شراء مسجلين، وعدم قيامه بأى نشاط إيجابي لاستصدار خطابي إدارة أملاك الدولة بمحافظة ….. لعدم احتياجه إليهما والمبررات التي ساقها للمحكمة تدليلاً على انعدام مصلحته في استصدار هذين الخطابين وانتفاء الضرر المقول بحصوله للمال العام لوجود الأرض في حيازته، كل ذلك لا يعدو أن يكون محاولة للمجادلة في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان يشترط لاعتبار أحكام البراءة عنوانًا للحقيقة – سواء بالنسبة للمتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة أن تكون البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة للمحكوم عليهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى ماديًا، فلا يصح محاكمة أي متهم عن واقعة أن يحتج لسبق صدور حكم بالبراءة لمتهم آخر إلا إذا كان هذا الحكم عن ذات الواقعة، وكانت الأسباب التي أقيمت عليها البراءة مؤدية بذاتها إلى براءة المتهم المطلوب محاكمته أيضًا بحيث لو أن محاكمة المتهمين الاثنين معًا كانت قد حصلت في دعوى واحدة لرمى الحكم فيها بالتناقض البين إذا هو أدان أحدهما وبرأ الآخر، وهذا هو الشأن في أحكام البراءة التي يكون أساسها عدم صحة الواقعة أو عدم العقاب عليها في حد ذاتها مهما كانت أشخاص المتهمين فيها، أما الأحوال الأخرى التي يمكن أن يتصور فيها قانونًا براءة متهم وإدانة آخر، فإنه لانعدام التناقض فيها يكون حكم البراءة مقصورًا أثره على من قضى له بها دون غيره.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن دفاع الطاعنين لم يدع وحدة الموضوع والسبب بين الجنحة …… وبين الدعوى المطروحة، وذكر أن أسباب براءة من يدعى …….

في تلك الجنحة هو ثبوت حيازته للأرض دون أن يتطرق إلى مسألة ملكيتها، فإن منعى الطاعن الثاني على الحكم بأن في القضاء بإدانته إخلال بقاعدة قوة الشيء المقضي يكون غير سديد، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على ذلك الدفاع طالما أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال عضو الرقابة الإدارية بشأن عدم بيان دور الطاعن الأول والأفعال المنسوبة إليه وما حصله من أقوال أعضاء لجنة الفحص المنتدبة من قبل النيابة العامة – على النحو الوارد بأسباب الطعن – كل ذلك له صداه وأصله الثابت بالأوراق، فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بشأن عدم ملكية الدولة للأرض موضوع الاتهام وبأنها مملوكة لمن باعها للطاعن الثاني بناءً على ترخيص بالتمليك صادر من وزير الحربية وفقًا لأحكام القانون 124 لسنة 1958 واطرحه في قوله أنه: “… من المقرر وعملاً بالفقرة “ج” من المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1964 أن الأراضي الصحراوية هي الأراضي الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام بعد مسافة 2 كيلو متر من هذا الزمام سواء كانت مزروعة بالفعل أو غير مزروعة، فإنها تعد من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة.

لما كان ما تقدم، وكان البين من مطالعة المحررين 118، 119 لسنة 1986 أنهما تضمنا أن الأرض موضوعها خارج الزمام بأكثر من 2 كيلو متر، مما مفاده أن الأرض المذكورة من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، وإذ تمسك المتهمان السادس والسابع بالشهادتين وتقديمهما للشهر فإن مفاد ذلك أن سندهما في ملكية الأرض هو الشهادتين المذكورتين.

وحيث إنه عما أثير من أن الترخيص بالتملك أثره خروج الأرض موضوع الاتهام من ملك الدولة فمردود عليه بأنه بمطالعة الشهادتين تبين أنهما تضمنتا تحفظ المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى بحقها إلى ما قبل التوقيع على عقد البيع النهائي في إلغائها، وهو مفاده أن الترخيص بالتملك الوارد بالشهادة بمفرده لا ينقل ملكية الأرض موضوعها للمرخص له ويخرجها عن ملكية الدولة، إنما العبرة في نقل الملكية هي بسداد المرخص له لثمن الأرض وتوقيع عقد البيع النهائي، وبعد تنفيذ كافة الشروط المنصوص عليها في القانون 124 لسنة 1958 ومما يؤيد ذلك النظر ما نصت عليه المادة 11 فقرة 4، 5، 7 من اللائحة التنفيذية للقرار بقانون رقم
124 لسنة 1958 أن بصدور الترخيص بالتملك تقدر الهيئة ثمنًا للعقار ويعرض على الطالب الثمن المقدر للعقار فإن وافق تتم إجراءات التعاقد وتقوم الهيئة بإتمام عقد البيع وشهره “، وهو رد من الحكم صحيح في القانون ولا يتناقض مع الثابت بأوراق الدعوى ويسوغ به اطراح دفاع الطاعنين ذلك أن القرار بقانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية ولائحته التنفيذية – قبل إلغائه بالمادة 86 من القانون رقم 100 لسنة 1964 أورد قواعد الترخيص بتمليك هذه الأراضي، فنص في المادة الأولى على حظر تملك أي شخص طبيعي أو معنوي بأى طريق كان – عدا الميراث – أي عقار كائن بإحدى المناطق خارج الزمام وقت صدور هذا القانون، أو تقرير أي حق من الحقوق العينية عليها، وأباحت ذات المادة لوزير الحربية أن يحدد بقرار منه المناطق التي لا يشملها الحظر، وأجازت له المادة الثانية من ذلك القانون الترخيص بتمليك هذه الأراضي أو تقرير حقوق عينية عليها، وأعطت له الحق في رفض طلب الترخيص هذا دون إبداء أسباب بقرار نهائي غير قابل للطعن فيه، واعتبرت المادة الثالثة منه كل تصرف أو تقرير حق عيني يقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون باطلاً، كما أباحت المادة السادسة من القانون ذاته لشاغلي هذه الأراضي سواء بالبناء أو بالغراس الذين لا يعتبرون ملاكًا أن يتقدموا بطلب شرائها أو استئجارها في مدة لا تزيد على تسع سنوات، وأعطى لوزير الحربية الحق في قبول طلبهم أو رفضه دون أسباب، وأعطتهم المادة السابعة منه الأفضلية على غيرهم في طلب تقسيط ثمن الأرض وفقًا للشروط والأوضاع التي تبينها اللائحة التنفيذية، وبينت المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر الحكمة من منح وزير الحربية الحق في الترخيص بتمليك هذه الأراضي أو تقرير حق من الحقوق العينية عليها نظرًا لوضعها الاستراتيجي وموقعها العسكري وإشراف سلاح الحدود عليها للحد من عمليات التهريب، وأعطاه لذلك الحق في رفض طلب الترخيص دون إبداء أسباب، كما أوضحت اللائحة التنفيذية لذلك القانون الخطوات التي يجب على طالب تملك هذه الأرض إتباعها في حالة صدور ترخيص من وزير الحربية بتملكها من حيث أسس تقدير ثمنها وعرض ثمنها عليه فإن قبله ووفاه للجهة صاحبة الصفة في التعاقد في ذلك الوقت – وهي المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى – يتم إبرام العقد والتصديق عليه منها ثم شهره بعد ذلك، ويبين من هذه النصوص من واضح عباراتها وصريح دلالاتها، ومن المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر ولائحته التنفيذية أن المشرع إنما أباح لوزير الحربية الحق في رفض طلب الترخيص بتملك الأراضي الصحراوية أو بقبوله لما لها من أهمية إستراتيجية وعسكرية فأعطاه الحق في رفض الطلب دون إبداء أسباب، فإذا وافق على هذا الترخيص فلا تعد موافقته سندًا للملكية، وإنما هي مجرد موافقة مبدئية منه على التصرف ببيع الأرض ثم يتم التعاقد على بيعها – بعد ذلك – بين المؤسسة – صاحبة الصفة في اعتماد عقد البيع والتصديق عليه – وبين طالب الشراء بعد توافر الأدلة على تلاقي إرادة المتعاقدين، ومن ثم فإن مجرد الترخيص بتملك الأرض محل الاتهام الوارد بالشهادتين سند البائعين للطاعن الثاني لا يعد سندًا صالحًا لنقل ملكيتهما ما دام أن الجهة صاحبة الصفة في التعاقد لم تبرم ذلك العقد ولم يتم التصديق عليه منها، وهذا يتفق مع ما نصت عليه المادة 932 من القانون المدني التي نصت على انتقال الملكية وغيرها من الحقوق العينية في المنقول والعقار بالعقد ومع نص المادة 934/ 1 من ذات القانون التي أوجبت مراعاة قانون الشهر العقاري كشرط لانتقال الملكية فنصت على أنه: ” في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أو كان في حق الغير إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في قانون تنظيم الشهر العقاري، ومن ثم يكون الحكم قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد، ولا يغير من ذلك ما يثيره الطاعنان في أسباب طعنهما من أن المحكمة أقحمت نفسها في الفصل في مسألة ملكية أرض الاتهام وهي من المسائل المدنية التي يوجد نزاع قضائي بشأنها، وأنه قد صدر حكم في دعوى مدنية بانعدام صفة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في النزاع المدني الدائر بينها وبين الطاعن الثاني، ذلك بأن المحكمة الجنائية تختص بموجب المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك دون أن تتقيد بالأحكام المدنية التي صدرت أو تعلق قضاءها على ما عساه أن يصدر من أحكام بشأن نزاع مدني قائم على موضوع الجريمة، ومن ثم فإنه لا تثريب عليها وقد تبينت لزوم الفصل في ملكية الأرض محل النزاع للقضاء في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها أن تتصدى بنفسها لبحث عناصر الملكية والفصل فيها دون أن تتقيد بالحكم المدني الصادر من محكمة … بانعدام صفة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في النزاع الدائر بينها وبين الطاعن الثاني، أما باقي ما يثيره الطاعنان من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا تقع تحت الحواس ولا تظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضي – فيما عدا الحالات الاستثنائية التي قيده القانون بنوع معين من الأدلة – إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه، ولا حرج عليه أن يستنتج حصول الاشتراك من فعل لاحق للجريمة يشهد به، وكان الأصل في القانون أن المساهمة التبعية تتحقق من الشريك بإحدى وسائل الاشتراك التي نص عليها القانون في المادة 40 من قانون العقوبات وهي التحريض والاتفاق والمساعدة.

ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك الطاعن الثاني في الجريمتين اللتين دين بهما تدليلاً سائغًا يؤدي إلى ما رتبه عليه، ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه – الطاعن الثاني – في هذا الصدد.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل القاطع على أنه تحرى تحريًا كافيًا وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعا كانت له أسباب معقولة، وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون، فإنه مع تقريره قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميرى في الأحوال الآتية: – (أولاً) إذا ارتكب الفعل تنفيذًا لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه (ثانيًا) إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذًا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه، وعلى كل يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبينًا على أسباب معقولة، وكان دفاع الطاعن الأول بحسن نيته لا ينهض بمجرده سندًا للتمسك بالاعتذار بعدم العلم بقوانين الشهر العقاري وباللوائح المعمول بها في جهة عمله وما جرى عليه العمل فيها في الحالات المماثلة، ما دام أنه لم يقدم الدليل القاطع على أنه تحرى تحريًا كافيًا، وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه باشر عملاً مشروعًا كانت له أسباب معقولة تبرر له هذا الاعتقاد ومن ثم فإن ما ينعاه – الطاعن الأول – على الحكم في هذا الخصوص يكون بعيدًا عن محجة الصواب.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عبارة المال أو الأوراق أو غيرها الواردة بالمادة 113 من قانون العقوبات قد صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها كل ما يمكن تقويمه بالمال، وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية ومن ثم فإن العقارات من غير شك تعتبر أموالاً عامة تسري عليها أحكام المادة 113 سالفة البيان ومما يؤكد هذا النظر أن المادة 87 من القانون المدني نصت في فقرتها الأولى على أنه: ” تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.

” فإن دفاع الطاعنين في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون دفاعًا قانونيًا ظاهر البطلان بعيدًا عن محجة الصواب لا على الحكم الالتفات عنه، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه رد عليه ردًا سائغًا ومقبولاً.

لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه إن لم يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من عدم رده على أوجه الدفاع الموضوعية المشار إليها بأسباب طعنهما.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، ومتى أخذت بشهادة الشهود، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، كما أنه من المقرر أن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام أنه استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعن الأول بجريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام (أرض مملوكة للدولة) المنصوص عليها في المادة 113/ 1 من قانون العقوبات، ودان الطاعن الثاني بالاشتراك معه فيها، ومن ثم فإنه إذ قضى بالرد والغرامة عملاً بالمادة 118 يكون قد صادف صحيح القانون، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.

لما كان ذلك ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا، وحسب المحكمة أن تشير إلى أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بتهمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام، وعامله بالرأفة وقضى عليه – فوق عقوبة الحبس – بالعزل غير الموقوت، قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب عليها التصدي لهذا الخطأ وفقًا لنص المادة 35/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، إلا أنه مما يغني عن هذا التدخل أن النيابة العامة قد تناولت هذا العيب في أسباب طعنها.

ثانيًا: الطعن المقدم من النيابة العامة:


ومن حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون إذ دان المطعون ضده …… بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام ودان المطعون ضدهما …..، …… بجريمة الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعملان بها – وبعد أن عاملهم بالرأفة وفقًا لما تسمح به المادة 17 من قانون العقوبات وعاقبهم بالحبس مع الشغل والغرامة والرد، قضى بعزل الأول والثالث بالمخالفة لما نصت عليه المادة 27 من قانون العقوبات التي توجب في هذه الحالة تحديد مدة العزل بحيث لا تقل عن ضعف مدة الحبس المقضي بها، كما أغفل كلية القضاء بعزل المطعون ضده …… من وظيفته، وقضى – أيضًا – بعزل المحكوم عليه ….. من وظيفته مع أنه لا يعمل موظفًا، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده الأول ……. بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام، ودان المطعون ضدهما …..، …… بجريمة الإضرار العمد بأموال الجهة التي يعملان بها، كما دان المطعون ضده …… بجريمة الاشتراك – بطريقي الاتفاق والمساعدة – مع المطعون ضده الأول – وآخرين – في ارتكاب الجريمة الأولى، وعاملهم جميعًا بالرأفة في حدود ما تسمح به المادة 17 من قانون العقوبات وعاقبهم بالحبس والرد والغرامة، وبعزلهم – عدا المطعون ضده ……. – من وظائفهم. لما كان ذلك، وكانت المادة 27 من قانون العقوبات قد نصت على أن: ” كل موظف عمومي ارتكب جناية مما نص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضًا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه “.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بحبس المحكوم عليهما ……، …… دون أن يؤقت مدة العزل المقضي بها عليه، فإنه يكون قد خالف القانون، ذلك أنه كان يجب على الحكم أن ينص على العزل لمدة لا تقل عن أربع سنوات – أي ضعف مدة الحبس المقضي بها – وذلك إعمالاً لما أوجبته المادة 27 سالفة الذكر، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعزل المطعون ضده …… – الذي أثبت الحكم أنه يعمل موظفًا بإدارة أملاك الدولة بمحافظة …..، وذلك إعمالاً لذات المادة، أما وهي لم تفعل، وأغفلت الحكم بعزله كلية، وقضت بعزل المتهم السادس …، مع أن الثابت من مدونات الحكم أنه لم يكن موظفًا عامًا ولا في حكم الموظف العام، فضلاً عن أنه لم يصدر حكمًا بإدانته، وإنما قضى بانقضاء الدعوى الجنائية – بالنسبة له – لوفاته، فإن حكمها يكون مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون.

لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصورًا على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا وتصحيحه بإلغاء عقوبة العزل المقضي بها على المتهم السادس ….. وبمعاقبة المطعون ضدهم ……، ……، …… بالعزل لمدة أربع سنوات بالإضافة إلى عقوبات الحبس والغرامة والرد المقضي بها.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى