شروط اعطاء عقد الايجار قوة السند التنفيذي
بقلم: الأستاذ/ معتز فتحي المهدي
في محاولة من المشرع المصري للحفاظ على الثقة فيما بين المستأجر والمؤجر الذي يحكمهما عقد إيجار خاضع للقانون المدني – ولا سيما لو كانت مدة العقد قصيرة نسبيا – أصدر المشرع هذا التعديل بموجب القانون رقم 137/2006 بأن أعطى لكلا طرفي العلاقة الايجارية الحق فى إعطاء عقد الإيجار المحرر بينهما قوة السند التنفيذي بحيث يتمكن أي منهما تنفيذ بنود عقد الإيجار كما لو أنه حصل على حكم قضائي بمضمون العقد ومثال ذلك – إعطاء المؤجر الحق في طلب تقرير فسخ عقد الإيجار مع تسليم العين المؤجرة في حالة مخالفة المستأجر لأي التزام واقع عليه كالالتزام بسداد الأجرة في مواعيدها ,أوالالتزام بالمحافظة على العين المؤجرة واستعمالها فيما تم الاتفاق عليه , وكذلك عند انتهاء مدة عقد الإيجار للمؤجر أن يطلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة فله وقتها بدلا من إقامة دعوى قضائية بثبوت انتهاء العقد وتسليم العين أن يلجأ لإدارة التنفيذ بالمحكمة الابتدائية المنصوص عليها في قانون المرافعات والتابع لها العقار الكائن به عين التداعي ومعه أصل عقد الإيجار المشتمل على الصيغة التنفيذية بطلب الإخلاء والتسليم حسب ما هو مدون بالعقد وبعد مراعاة القواعد المقررة قانونا عند تنفيذ الأحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات .
فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم قانون رقم 4 لسنة 1996
(( يكون للمحررات المثبتة لهذه العلاقة الايجارية و شروطها و انتهائها قوة السند التنفيذي بعد توثيقها بحضور أطرافها ))
و نخلص من تلك المادة انه يمكن ان يعطي لعقد الايجار قوة السند التنفيذي و لكن هناك عدة شروط و ضوابط لاعطاء عقد الايجار قوة السند التنفيذي و من تلك الشروط :-
الشرط الأول
وجود محرر مثبت للعلاقة الايجارية بالكتابة
أول الشروط لإعطاء عقد الإيجار قوة السند التنفيذي أن يكون هناك محرر مثبت للعلاقة الايجارية و شروطها و انتهائها فيتعين أن تكون العلاقة الايجارية ثابتة بالكتابة فلا يصح أن تكون شفوية .ويتلاحظ أن النص قرر لفظا ” المحررات المثبتة للعلاقة الايجارية ” ولم يقل عقود الإيجار مما مفاده أن النص ينطبق على أي محرر يكون مثبت للعلاقة الايجارية حتى ولو كان تحت مسمى عقد اتفاق.
كما يتعين أن يتضمن المحرر المثبت للعلاقة الايجارية شروط و أحكام عقد الإيجار المقررة في القانون المدني وتحديد الالتزامات الواقعة على كل طرف وحقوق كل طرف تجاه الآخر و تاريخ انتهاء العلاقة الايجارية والآثار المترتبة على إخلال أي من طرفي العلاقة الإيجارية لأي التزام واقع عليه .
فيجب في المحرر أن يتضمن البيانات الأساسية لعقد الإيجار من حيث وجود محل للعقد و مدة و أجرة وتراضى خالي من العيوب.
كما يتعين أن يكون المحرر المثبت للعلاقة الايجارية محددا للالتزامات الواقعة على كل طرف وأن يكون مشتمل على الآثار المترتبة عليها في حاله مخالفتها وأن تكون تلك الآثار مما يجوز تنفيذها جبراً 0بمعنى أنه يتعين أن ما يتضمنه عقد الإيجار من التزامات مما يمكن اقتضاؤه جبراً مما يجعل لها بهذه المثابة قوة تنفيذية تجيز لصاحب الحق الثابت فيها أن ينفذها بموجب العقد المتضمن الصيغة التنفيذية دون حاجة للالتجاء إلى القضاء باقامة دعوى موضوعية.
الشرط الثاني:
أن يتم توثيق المحرر المثبت للعلاقة الايجارية
بالشهر العقاري
الشرط الثاني المتطلب لإعطاء عقد الإيجار الصيغة التنفيذية هو أن يتم توثيق المحرر المثبت للعلاقة الايجارية بالشهر العقاري.حيث أن المادة (( 11)) من قانون الشهر العقاري رقم 114لسنة 1946 تنص على:
(( يجب تسجيل الإيجارات و السندات التي ترد على منفعة العقار إذا زادت مدتها على تسع سنوات و المخالصات و الجوالات من……..
و يترتب على عدم تسجليها أنها لا تكون نافذة في حق الغير فيما زاد على مدة تسع سنوات بالنسبة إلى الاجارات و السندات ……….))
كما نصت المادة 12 مكرر1 من ذات القانون على (( لا يقبل إثبات تاريخ المحررات الواجب شهرها طبقاً للمواد السابقة .))
كما نصت المادة 12 من قانون التوثيق رقم 68/1947:-
(( تقوم مكاتب التوثيق بما يأتي :-
- ………………. 2-……………..
3-وضع الصيغة التنفيذية على صور المحررات الرسمية الواجبة التنفيذ .
7-……………..
8-إثبات تاريخ المحررات.))
و قد قضت محكمة النقض في الطعن رقم 4665 لسنة 61 ق الصادر بجلسة 9/7/1995 (( النص في المادة 115من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 25/1976 مؤداه أن عقد الإيجار إذا كان وارداً على عقار و كانت مدته تزيد على 9 سنوات فإنه يجب لنفاذه في حق الغير فيما زاد على هذه المدة أن يكون مسجلاً وفقاً لإجراءات و قواعد التسجيل التي انتظمتها نصوص هذا القانون و من ثم لا يكفي لنفاذ مدته الزائدة عن هذا الحد في حق الغير أن يكون ثابت التاريخ بحجة أن هذا المقصود من التسجيل أو الاهتداء بحكمة التشريع متى كانت نصوص القانون واضحة جلية بالبحث عن قصد الشارع أو حكمة التشريع و دواعيه لا يكون له محل إنما يكون ذلك عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه و القصد الذي أملاه .
و على ضوء ذلك يتعين أن يكون عقد الإيجار ثابت التاريخ وفقاً لأحكام قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 و قانون التوثيق رقم 68/1947 و ليس وفقاً لنص المادة 15 من قانون الإثبات.
و من ثم فإنه يشترط لإثبات تاريخ عقد الإيجار أن يكون مدته لا تزيد عن تسع سنوات و إلا امتنع الموثق عن إجراء إثبات تاريخه وتوثيقه إعمالا للمادة 11، 12 مكررا ًمن القانون 114/1946 .
أما إذا زادت مدة عقد الإيجار عن تسع سنوات فإن النص لن يطبق لأن عقود الإيجار التي تزيد مدتها عن تسع سنوات يتم تسجيلها و لا يجوز إثبات تاريخها كما قررت المادة 12 مكرر من ق 114 / 1946 و من ثم لا يستفيد عقد الإيجار الزائد مدته عن 9 سنوات من نص القانون رقم 137/2006 .
و نرى أن ذلك هو قصد المشرع في القانون رقم 137/2006 و هو حماية عقود الإيجار محددة المدة بمدد قصيرة فأسبع لها نص خاص يحميها من بيروقراطية إجراءات التقاضي و بطء التقاضي فأعطاها قوة السند التنفيذي .
و نرى أنه لا يجوز إعمال القانون رقم 137/2006 على عقود الإيجار التي تزيد مدتها عن 9 سنوات لأن مثل تلك العقود يتعين لنفاذها في مواجهة الغير أن يتم تسجيلها و هو ما أكده المشرع في قوله (( بعد توثيقها و لم يقل تسجيلها أو شهرها…..))
الشرط الثالث
أن يكون إثبات تاريخ عقد الإيجار بمعرفة جميع
أطراف العلاقة الايجارية مجتمعين
فيتعين أن يقوم بتوثيق وإثبات تاريخ عقد الإيجار كلاً من المؤجر و المستأجر معاً و بوجودهما سوياً فلا يكفي أحدهما في ظل غياب الآخر بل يتعين أن يكون الطرفين متواجدين سوياً وفقاً لما قرره النص.
و حكمة المشرع المصري من هذا أن وجود طرفي العلاقة الايجارية أمام الموثق أبان وخلال فترة توثيق وإثبات تاريخ عقد الإيجار و ما حواه من حقوق و التزامات ., ليثبت ذلك صحة العقد ولا يجعل منه محلاً لثمة مطعن فيما بعد من أي من طرفيه في مواجهة الآخر في أي بند من بنود العقد و أي التزام واقع على أي طرف من أطراف العقد اللهم إلا الطعن بالتزوير في صلب العقد .
كما أن توثيق و إثبات تاريخ العقد يجعله نافذاً في مواجهة كلآ طرفيه وفى حق الغير أيضا و لا يستطيع أن يتحجج أحدهما في مواجهة الآخر بإنكار أي بند من بنود العقد فيما بعد بل وفى حق الغير أيضا الذي قد ينتقل العقد إليه فيما بعد بموجب حوالة حق من أي من طرفي العقد أو بموجب أحكام الخلافة العامة .
و يتلاحظ أن مسألة تواجد طرفي العقد يشمل جميع أفراده بمعنى لو كان أحد أطراف العقد أكثر من فرد كما لو كان المستأجر فردين فيتعين تواجدهم جميعاً فإذا تخلف أحدهما وقت توثيق العقد يسقط الأثر النافذ للقانون رقم 137/2006 بل على موثق الشهر العقاري الامتناع عن التوثيق.
وشرط أن يكون ثوثيق عقد الإيجار بوجود طرفيه لا يشترط أن يكون وقت تحرير العقد بل يجوز خلال فترة سريانه و لو تم تنفيذ جزء منه بالفعل.
الشرط الرابع:
يجب ألا تزيد مدة عقد الإيجار عن تسع سنوات
و أن يتضمن عقد الإيجار عند توثيقه
طلب إعطاء العقد الصيغة التنفيذية .
حيث أن القانون رقم 137/2006 قصد في حمايته لعقد الإيجار أن يكون موثق وثابت التاريخ و إثبات تاريخ عقد الإيجار لا يكون إلا إذا قلت مدته عن تسع سنوات حسبما نصت المادتين رقمى 11، 12 مكرراً من قانون تنظيم الشهر العقاريرقم 11/1946.
كذلك يتعين أن يشمل عقد الإيجار عند إثبات تاريخه وتوثيقه , على طلب الحصول على الصيغة التنفيذية حيث قررت المادة 280/3 مرافعات (( لا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناه بنص في القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ )).
انتقال العلاقة الايحارية للغير بطريق الحوالة
وفى حالة التنازل عن عقد الايجار بطريق حوالة الحق والدين اذا كان العقد يسمح بذلك فإن العقد المثبت التاريخ – الموثق بالشهر العقاري والمزيل بالصيغة التنفيذية – ينتقل بكافة حقوقه للخلف العام و الخلف الخاص .فإذا ما تنازل المستأجر عن عقد الإيجار – في حالة عدم وجود شرط مانع – فإن أحكام العقد بما انطوى عليه من إسباغ عليه قوة السند التنفيذي تسري في مواجهة الخلف الخاص .
كذلك الحال لو قام المؤجر بحوالة عقد الإيجار إلى الغير استفاد الغير من أحكام العقد بالحالة التي عليها .
(((( و قل رب زدني علما ))))