سيادة القانون من الناحية الجوهرية
بقلم: ارساني اسحق حلمي المحامي
تعني سيادة القانون أن المواطنين ومن يحكمونهم ينبغي أن يطيعوا القانون. ويستلزم هذا التعريف البسيط قدرا من الايضاح، بين أنواع المسائل التي تنطبق عليها سيادة القانون؟ وما الذي تعنيه عبارة القانون؟ وسيادة القانون تنطبق علي العلاقة بين السلطات الوطنية (الحكومة وسائر أجزاء الفرع التنفيذي علي مختلف المستويات، والقضاء) والمواطنين والمقيمين والجهات الخاصة الاخرى، من قبيل الجمعيات والشركات. وعلي سبيل المثال، تتعلق سيادة القانون بكيفية وضع القوانين، أو بالطريقة التي ينبغي بها معاملة المشتبه في ارتكابهم جرائم، أو بالطريقة التي ينبغي بها فرض الضرائب وتحصيلها. وتنطبق سيادة القانون أيضا علي ما يدور بين الجهات الفاعلة الخاصة في المجتمع. وتتعلق بمسائل منها شراء أو بيع الممتلكات، سواء كانت هذه الممتلكات هاتفا محموال أو سيارة، أو منح تعويض مستحق عن الضرر الناجم عن حادث مرور، أو العلاقات الرئيسية مثل الزواج والطلاق والارث. وتتصل أيضا بمسائل من قبيل الحق في زراعة قطعة أرض أو شراء أو بيع أراضي.
وبإيجاز فإن سيادة القانون تتصل بالعلاقات بين المحكومين وبين من يحكمونهم وكذلك بالعلاقات بين الكيانات الخاصة، سواء كانت هذه الكيانات أشخاصا طبيعيين أو أشخاصا اعتباريين، مثل الجمعيات والشركات. وهذا أمر يستحق التشديد عليه، لان هناك من يحاججون أحيانا بأن سيادة القانون معنية حصرا بالحد من ممارسة الحكومة لسلطتها. إلا أنها ليست كذلك. وإنطلاقا مما سبق، هناك فرق كبير بين نطاق سيادة القانون في العلاقات المشار إليها. وتسود آراء مختلفة في ما يتعلق بالمدى الذي ينبغي أن يتغلغل به القانون في المجتمع. والدول التي تسمي دول الرعاية الاجتماعية تميل إلي تفضيل التنظيم الشامل للشؤون الاجتماعية والاقتصادية من جانب الحكومة، في حين ترى الدول الاكثر تحررا من الناحية الاقتصادية دورا أكثر تواضعا للحكومة. وفي الوقت نفسه ينبغي أن يكون من الواضح أنه ينبغي ألا يكون الهدف الوحيد لدولة ما هو ضمان »القانون والنظام« ولا شيئ غير ذلك. والواقع أن الارتباط الوثيق ببن سيادة القانون واحترام حقوق الانسان يعني أن الدولة يجب أن تؤدي بعض المهام الاجتماعية. ويعني هذا أن سيادة القانون تستلزم قيام الدول بسن قوانين تتعلق بالعلاقات الاجتماعية وتنظيم هذه العلاقات، بما في ذلك في الميدان الاقتصادي. ومن الواضح مع ذلك أن مستوى التنظيم يتباين من بلد إلي آخر، ويتوقف إلي حد ما علي مستوى الثقة التي تتمتع بها الحكومة بين الاهالي. وتخضع في بعض البلدان كثير من العلاقات الاجتماعية لقواعد تنظيمية شديدة، بينما يؤدي القانون في مجتمعات أخرى دورا أكثر محدودية، بل وحتى دورا هامشيا. ومع ذلك فإن الدول، حتى تلك التي تخضع لتنظيم قانوين شديد، تعترف بأن من غير الممكن أو المستصوب أن ينظم القانون كل ما يدور بين الناس فب المجتمع. فغالبا ما تكون أنواع أخرى من المعايير أنسب، علي سبيل المثال المبادئ الدينية أو أصول العلاقات مع الجيران أو الاعراف المتبعة في الحياة التجارية.
وباختصار فإن سيادة القانون ليست متصلة بجميع العلاقات القائمة بين المواطنين والجهات الخاصة الاخرى. ولكن سيادة القانون هي دائما المقياس الذي يحدد علي أساسه متى يمكن للحكومة أن تمارس سلطتها الحكومية. وغير مسموح بأي استثناءات في هذا المجال.
أولا: يجب أن يتمتع أي مسؤول عند ممارسته لسطاته بالسلطة القانونية اللازمة للقيام بذلك. فعلي سبيل المثال، لو أن مسؤولا أراد تفتيش منزل، فيجب أن يكون مخولا السلطة القانونية المناسبة للقيام بذلك. أي أن القانون هو الذي يقرر من هو المسموح له بممارسة أي سلطة وفي إطار أي ظروف.
وثانيا: يجب علي المسؤولين أن يطيعوا القانون عند ممارستهم لسلطاتهم. فعلي سبيل المثال، عند القيام بإلقاء القبض علي شخص ما، فإن المسؤول يخضع في كثير من الولايات القضائية لالتزام قانوني بتقديم أمر بالضبط والاحضار وبإبلاغ الشخص بأسباب اعتقاله. ويجب علي المحقق أن يبلغ المشتبه به بأن كل ما يقوله يمكن أن يستخدم ضده في المحكمة. ويحدد القانون كيفية استخدام هذه السلطة. وهو ما يمكن أن يشار إليه أيضا بمراعاة »الاصول القانونية«، التي تهدف علي سبيل المثال إلي حماية حقوق الافراد، وحمايتهم من الايداع في السجن بدون تهمة، والتأكد من تمكن الأفراد من الاتصال بمحام في حالة توجيه اتهام لهم أو إلقاء القبض عليهم.
واخيرا فإن سيادة القانون تُخضع ممارسة َ السلطة للقانون، وتتصل أيضا بالعلاقات بين الأفراد والكيانات الخاصة.