سامح عاشور.. بين العدل والإنسانية
ماهر الحريري
تمر الأيام، وتتعاقب السنون، تتشابه المواقف وربما تختلف، ويبقى النظام واحترام القوانين دائماً وأبداً سيد الموقف. يذكرني التاريخ بأول تنفيذ لعقوبة الإعدام في سقراط، ذلك الفيلسوف اليوناني المتهكم دوماً على الآلهة. وخلال انتظاره للتنفيذ، يتفق تلاميذه المخلصون مع حراس سجنه على هروبه تفادياً للتنفيذ، وإنقاذا لحياته، ويعرض الأمر عليه، فيجيب ناصحا تلاميذه “علينا احترام القوانين حتى ولوكانت جائرة”.
تلك مبادئ ما قبل الميلاد، وتمضي بنا الحياة، ولا يملك الإنسان من أمره شيئاً، ما بين سعادة وشقاء، صحة ومرض. ومع كل حالة مرض لمحام، تشتعل صفحات التواصل، وتتعالى أصوات المغرضين. فبين العدل والإنسانية اتهامات وافتراءات، ويبقى عاشور دوما هو محورها الرئيسي، وكل لهوايته يمارس، وما أكثر من هواة الصيد بالمياه العكرة، فراح البعض يصوره قاسيا بلا قلب، والبعض الآخر على غير الحقيقة يصوره مجاملا للمقربين في مثل هذه الحالات، وإن كنت من المتضامنين مع أي زميل، حال مرضه، داعياً الله له بالشفاء. لكن الحقيقة والحق أشهد، بلا رياء أو نفاق، بأنني ما عهدته يوماً هكذا، وما رأيته في مثل ذلك إلا عادلا يتصرف في حالات المرض وفق لوائح وحدود تطبق على المشتركين بمشروع العلاج، حتى على أقرب المقربين دون مجاملة أو تمييز، مستندا لعبارته المشهورة “تلك أموال المحامين وما أنا إلا عليها بحارس وأمين”. ولو فعل غير ذلك، لتعالت الأصوات ذاتها متهمة إياه بالمجاملة بإهدار أموال المحامين.. هذا عن عدله.
وعن إنسانيته، فالمواقف وبحق كثيرة، خاصة في حالات المرض، فما قصدته في حالة لزميل أوزميلة من غير المشتركين بمشروع العلاج، إلا وكان رده: “للمشتركين حقوق حتى ولو تجاوزوا حدهم الأقصى، ولغير المشتركين مساعدات، لكن من مالي الخاص”. وبالفعل، ينفذ حتى إنني بت كثيرا منه عند طلبي أستحي.
ذلك هو سامح عاشور نقيب عادل، وذاك هو الإنسان بكل ما تحويه الكلمة من معان.