سؤال وجواب (2)
بقلم: محمود طاهر
س / متى لا يكون العلم بصدور القرار الإداري حجة على المدعى في احتساب ميعاد إقامة دعوى الإلغاء؟
قبل أن نجيب معلوم أن المشرع حدد ميعاد دعوى الإلغاء بستين يوما، محاولة منه التوفيق بين اعتبارين كلاهما بالرعاية جدير .
الأول : توفير نوع من الثبات والاستقرار للأوضاع القانونية للأفراد بناء على قرارات الإدارة .
الثاني : تمكين الأفراد من المطالبة بإلغاء القرار الإداري المعيب .
ومن ثم نصت المادة 24 من قانون مجلس الدولة الحالي على أن “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً”.
ويبدأ حساب ميعاد الستون يوماً من تاريخ علم المدعى بالقرار، فإذا انقضت المدة فلا يجوز الطعن وبقضى بعدم قبول الدعوى، تلك بديهيات معلومة لحضراتكم بالضرورة ،،، لكن ليس ذلك هو مبتغى ما نريد الحديث عنه ، إذ لم نجب على السؤال الذى طرحناه ابتداء.
____________________
متى لا يتم احتساب ميعاد الطعن من تاريخ العلم اليقينى بالقرار الإداري ؟
___________________
ج/ من المقرر فقها وقضاءً أنه في حالة حساب بدء الميعاد في حق الطاعن بالإلغاء، يجب أن يتبين علمه اليقيني بمركزه الجديد الناشئ عن القرار من هذه اللحظة يبدأ حساب الميعاد أي أنه لا يكفى مجرد تحقق علم الطاعن بالقرار الإداري ليبدأ حساب الميعاد إنما يتعين أن يدرك حقيقة مركزه القانوني بالنسبة لهذا القرار.
فمثلا لو أن قراراً صدر عن رئيس الجمهورية ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 1/1/2018، ثم بعد ذلك بستة أشهر مثلا صدر عن رئيس مجلس الوزراء قراراً نفاذاً للقرار الأول كان من شأنه أن يجعل من القرار الصادر عن رئيس الجمهورية ذا تأثير على المركز القانوني للفرد ، عندها لا يحاج الطاعن بتاريخ نشر القرار ولا بتاريخ علمه به ويبقى من حقه الطعن عليه بالإلغاء ذلك لأنه لم يتبين مركزه القانوني بالنسبة لهذا القرار الا حين علم بصدور القرار اللاحق عن رئيس مجلس الوزراء ومن ثم فإن مواعيد الطعن تنفتح من تاريخ تحقق علمه بمركزه القانوني حيال القرار الطعين.
وقد قضت المحكمة الادارية بأنه:” المحكمة تقر الحكم المطعون فيه فيما ساقه ردا علي الدفع بعدم القبول من إنه وإن كان المدعي يعلم بالقرار النافذ اعتبارا من أول اغسطس 1950 بالترقية إلي الدرجة الثانية إالا إنه لم يكن قد حدد مركزه القاوني بالنسبة للقرار المطعون فيه إذ إن أقدميته بالدرجة الرابعة والثالثة كانت لاتزال مطروحة امام المحكمة في الدعوي رقم 8387 لسنة 8 ق ولم يتبين مركزه القانوني الا من التاريخ الذي صدر فيه لصالحه الحكم في الدعوي المذكورة وهو 14 من نوفمبر سنة 1957 م ولما كان الثابت من الاوراق انه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يناير 1958 م ورفع الدعوي في 19 مارس 1958 م فتكون الدعوي قد رفعت في الميعاد القانوني وتعين الحكم بقبولها شكلا.
(الطعن رقم 934 سنة 5 ق جلسة 21/11/1961)
بمعنى أنه إذا لم يحدد الطاعن بالإلغاء مركزه بالنسبة للقرار المطعون فيه الا بصدور قرار لاحق عليه ، فإن مواعيد لم تنقض وإنما تنفتح من تاريخ ما تبين فيه أثر القرار الطعين علي حقوه المكتسبة ومركزه المستقر.
– وقد قضت محكمة القضاء الإداري بإنه ” إن المدعي لم يكن يستطيع أن يعرف حقيقة مركزه القانوني الذي يحدد علي مقتضاه وضعه بالنسبة إالي القرارات التي صدرت خلال الفترة من تاريخ ترقيه إلي الدرجة الثانية نفاذا لحكم محكمة القضاء الإداري الصادر لصالحه وبين تاريخ إلغاء هذه الترقية بعد أن ألغت المحكمة الإدارية هذا الحكم بجلستها المنعقدة في 13 /3 / 1959إالا من التاريخ الذي تصدر فيه الادارة قرارها بتنفيذ هذا الحكم الأخير عندئذ فقط وبعد أن يتبين المدعي الوجه الذي يتم عليه هذا التنفيذ يستطيع أن يحدد طريقه فيما إذا كان يطعن او لا يطعن في تلك القرارات وإذا كان ثابت ان المدعي قد تظلم ، ثم أقام دعواه خلال المواعيد المقررة قانونا محسوبة علي مقتضي هذا المبدأ المتقدم فإنه بذلك يكون قد أقام دعواه في المواعيد .
(الطعن رقم 1418 لسنة 18 ق جلسة 21 نوفمير 1965)
وإن تحديد مركز المدعى بالنسبة للقرار المطعون عليه الأول يتوقف علي مركزه بالنسبة للقرار المطعون عليه ثانيا، ومن ثم فإن علم المدعي بالقرار الاول المطعون عليه علما يقينيا شاملا لجميع العناصر التي يمكن علي أساسها أن يتبين مركزه القانوني يستطيع أن يحدد علي مقتضاه طريقة الطعن فيه هذا العلم لم يتحقق إلا بعلمه بالقرار الثاني الصادر ، ومن ثم فإن دعواه قد أقيمت في الميعاد بالنسبة للقرارين المطعون عليهما سيما وإن كليهما مرتبط بالآخر ارتباط النتيجة بالسبب ن وتكون الدعوي والحال كذلك مقبولة.
(في نفس المعني الطعن رقم 1000 لسنة 18 ق جلسة 23 مايو 1965)
الخلاصة أنه لا يبدأ ميعاد الطعن بالإلغاء دائماً من تاريخ تحقق العلم بصدور القرار هذا العلم في ذاته لا يكفى وإنما يبدأ احتساب الميعاد من تاريخ يكون فيه علم الطاعن بالقرار علما شاملا لجميع العناصر التي يمكن علي أساسها أن يتبين مركزه القانوني ويستطيع أن يحدد علي مقتضاه طريقة الطعن فيه.