رؤية قانونية في قرار حظر الدخول لغير الحاصلين على لقاحات كورونا

الدكتور/ عبد العزيز عبد المعطي علوان  دكتوراه القانون العام  ومحاضر بالجامعات المصرية

صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2750 لسنة 2021، بشأن حظر دخول العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة حكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وغيرها من الجهات والأجهزة التي موازنات خاصة والعاملين بشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام وشركات المساهمة التي تشرف على إدارة المرافق العامة إلى مقار عملهم إلا بعد التأكد من الحصول على أي من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا من خلال الشهادة المعدة لهذا الغرض والتي تصدر من الجهة الإدارية المختصة أو تقديم شهادة في بداية العمل من كل أسبوع بسلبية تحليل PCR، لم يمض على إجرائه أكثر من ثلاثة أيام وذلك بدءً من 15 نوفمبر 2021. والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 41 مكرر (ب) – في 19 أكتوبر سنة 2021.

ونتساءل هنا عن مصير الموظف الذي يرفض الحصول علي اللقاح وهل يحق لجهة الادارة وقفه عن العمل وما الذي يترتب علي ذلك الوقف؟

الملاحظ لنص المادة الاولي يجد انها نصت علي أن “يحظر دخول العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات، ومصالح، وأجهزة حكومية، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، وغيرها من الجهات والأجهزة التي لها موازنات خاصة، والعاملين بشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام وشركات المساهمة التي تشرف على إدارة المرافق العامة إلى مقار عملهم إلا بعد التأكد من الحصول على أي من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا من خلال الشهادة المعدة لهذا الغرض والتي تصدر من الجهة الإدارية المختصة أو تقديم شهادة في بداية أيام العمل من كل أسبوع بسلبية نتيجة تحليل PCR لم يمض على إجرائه أكثر من ثلاثة أيام، وذلك بدءًا من 15/11/2021”.

بينما نصت المادة الثانية علي أن “يحظر دخول المواطنين إلى مقار الجهات المشار إليها بالمادة السابقة إلا بعد التأكد من الحصول على أي من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا من خلال الشهادة المعدة لهذا الغرض والتي تصدر من الجهة الإدارية المختصة أو تقديم شهادة بسلبية نتيجة تحليل PCR لم يمض على إجرائه أكثر من ثلاثة أيام، وذلك بدءًا من 1/12/2021”.

ونلاحظ أن النصين سالفي الذكر ان المشرع رتب علي عدم تقديم ما يثبت حصول الموظفين سالفي الذكر علي اللقاح هو المنع من دخول مقار عملهم، دون النص علي وقفهم عن العمل، وهو ما كان ينبغي علي المشرع أن ينص عليه حتي يلزم المخاطبين بالقرار من الحصول علي اللقاح رغبه في تحقيق الغاية من القرار وهو مواجهة وعدم تفشي الجائحة وتوفير الحماية للعاملين بالجهات سالفة الذكر والمتعاملين معهم.

وعلي فرض ان المنع من الدخول لمقار العمل يعتبر عقوبة توقع علي الممتنع عن أخذ اللقاح كان يجب علي المشرع تحديد مدة المنع، وبيان العقوبات التي يجب توقيعها في حالة الاستمرار في الامتناع عن اخذ اللقاح، وهل المنع من دخول المرفق يعد وقفا مع ملاحظة أن الوقف عن العمل من ضمن الجزاءات التأديبية الواردة في قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية، وهذه العقوبة يلزم قبل توقيعها إجراء تحقيق كضمانة من ضمن ضمانات حق الدفاع، وانه يجب في كل الاحوال عدم توقيع أي عقوبة الا بعد تحقيق مع الموظف الممتنع ويجب مراعاة ضمانات التحقيق من المواجهة بالفعل المنسوب الي الموظف الممتنع، وكذا الحيدة فيمن يحقق معه، وكذلك تمكين الموظف من الدفاع عن نفسه… الخ.

  • كما أن القرار سالف الذكر لم يحدد موقف الاشخاص المصابين بأمراض خطرة وممنوعين من الحصول علي اللقاح لأنه قد يعرض صحتهم للخطر.

وبالتالي كان يجب علي المشرع ان يشمل هؤلاء الاشخاص بالتنظيم ويستثنيهم من الحصول علي اللقاح بشرط تقديم ما يفيد خطورة اللقاح علي مرضهم وتقديم ما يفيد وجود موانع طبية وانهم مصابين بأمراض مزمنة.

  • كما ان المشرع لم يحدد عقوبة من يقدم شهادة غير صحيحة ومزوره علي خلاف الحقيقة وكان يجب عليه ان يحيل في هذا الشأن الي قانون العقوبات بشأن تقديم الشهادات المزورة وتوقيع العقوبة المناسبة عليه.

وهو ما تفاداه المشرع الفرنسي حينما نص في القانون رقم 1040-2021 بموجب المادة 13/6 علي أنه “يعاقب على تقديم واستخدام شهادة مزورة لحالة التطعيم أو شهادة طبية مزورة عن موانع التطعيم ضد كوفيد -19 وفقًا للفصل الأول من الباب الرابع من الكتاب الرابع من قانون العقوبات الفرنسي”.

وهو ما كان جيب علي المشرع المصري أن يسلكه منعاً من تقديم شهادات طبية مزوره.

  • كما نلاحظ ان المشرع المصري في القرار سالف الذكر لم ينص علي تعويض المتضررين الحاصلين علي اللقاح الاجباري وترتب عليه اضرار صحية أو تدهور صحتهم اسوة بما نص عليه المشرع الفرنسي في المادة 18 من القانون رقم 1040-2021 والتي نصت علي أن “يتم تقديم التعويض الكامل عن الضرر المنسوب مباشرة إلى التطعيم الإجباري المطبق تطبيقاً للمادة 12 ووفقاً للمادة 3111/9 L من قانون الصحة العامة الفرنسي”.

ومن التطبيقات القضائية الفرنسية الحديثة في هذا الشأن:

رفض القاضي المستعجل للمحكمة الإدارية في فرنسا طلب السيد X  والذي يعمل مساعد التمريض في دار رعاية بوقفه عن العمل استناداً لعدم حصوله علي التطعيمات المطلوبة، حيث صدر قراره رقم 2102174 بتاريخ 5 أكتوبر 2021.

وتتلخص الوقائع في أن السيد  X يؤدي واجبات عمله كمساعد تمريض في روكروي في فرنسا. وبموجب القرار الصادر في 15 سبتمبر 2021، تم إيقافه عن مهامه، دون دفع مكافأة اعتبارًا من ذلك التاريخ حتى تقديم دليل على التطعيم الكامل أو موانع التطعيم.

وقد طلب السيد X من القاضي المستعجل للمحكمة الادارية بإلغاء هذا القرار، على أساس أحكام المادة 521/2 L من قانون القضاء الإداري وعلي اساس انه لا يتعامل مع الجمهور.

لكن القاضي رفض طلبه. وأشار أولاً إلى أنه يترتب على المادتين 12 و14 من قانون رقم 1040-2021 والصادر بتاريخ 5 أغسطس 2021 “أنه بمجرد أن يؤدي الشخص واجباته في مؤسسة صحية عامة، فإنه يخضع لالتزام التطعيم ضد كوفيد -19. كما ينتج عن هذه الأحكام أن أي شخص خاضع لالتزام التطعيم الذي يفرضه ويرفض الامتثال له غير قادر على مواصلة نشاطه المهني، مما ينتج عنه خطورة لموظفي الخدمة المدنية والمسؤولين العموميين، وفي حالة عدم استخدام الأيام من الإجازة، من خلال إجراء الإيقاف التلقائي للوظائف التي يتعين على السلطة الهرمية القيام بها.”

ثم يضيف أنه “من خلال تحديد نطاق التزام التطعيم ضد كوفيد 19 من خلال الاحتفاظ، على وجه الخصوص، بمعيار جغرافي ليشمل فيه الأشخاص الذين يمارسون نشاطهم في عدد معين من المؤسسات، ولا سيما المؤسسات الصحية والاجتماعية و المؤسسات الطبية الاجتماعية، بالإضافة إلى معيار مهني لتضمين المهنيين الصحيين، قصد المشرع حماية الأشخاص الذين تستقبلهم هذه المؤسسات المعرضين بشكل خاص لفيروس covid-19. وتجنب انتشار الفيروس من قبل المهنيين الصحيين في ممارسة نشاطهم الذي، بطبيعته، يمكن أن يقودهم إلى علاج الأشخاص المعرضين للخطر أو أولئك الذين لديهم مثل هؤلاء الأشخاص في محيطهم.

لهذا السبب، فإن التزام التطعيم يتعلق أيضًا بالأفراد الذين ليسوا على اتصال مباشر بالمرضى لأنهم بالضرورة، نظرًا لمكان عملهم، يتعاملون مع المهنيين الصحيين على اتصال مع هؤلاء المرضى”.  TA_Ch_lons_en_Champagne_5_octobre_2021_1634237580

وختاماً تعتبر الصحة هي أغلي ما يملكه الانسان والتي حرصت عليها كافة المواثيق والصكوك الدولية والإقليمية والدساتير والتشريعات الوطنية علي إيلاء الاهتمام الكبير بها, نظرا لارتباطها الوثيق بحياة الإنسان بصفة عامة وبممارساته وأنشطته اليومية بصفة خاصة، لذلك يجب علي المشرع حينما يصدر تشريعاً متعلقاً بصحة الانسان أن يضع في اعتباره كافة الجوانب الدستورية والقانونية، ويجب عليه أن يبحثه بدقه قبل إصداره حفاظاً علي أهم ما يملكه الأنسان ألا وهي صحته.

 

زر الذهاب إلى الأعلى