دعوى بطلان القرارات  الصادرة من مجالس إدارات شركات المساهمة أو جمعيتها العامة

بقلم: مايكل بسادة أديب انيس – المحامي بالنقض والإدارية العليا 

تتخذ مجالس  إدارات الشركات المساهمة أو جمعياتها قرارات -ربما قد تؤثر سلباُ – على مصالح المساهمين في الشركة و هنا تثور مجموعه تساؤلات تتعلق بالطعن على هذه القرارات و مواعيد الطعن و أسباب الطعن و في البداية يلزم حتى تكون قرارات مجلس الإدارة أو الجمعية صحيحاً أن يكون قد تم إخطار جميع أعضاء مجلس الإدارة أو جميع المساهمين إخطاراً صحيحاً تتحقق الغاية منه و في حاله خلاف ذلك نكون بصدد بطلان للقرارات على النحو التالي :-

1-  حول حق المساهم في حضور اجتماعات مجلس إدارة الشركة المساهمة و ايضاً جمعياتها سواء العادية أو غير العادية

في هذا الصدد تنص المادة 59/1 من قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم (قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة :: الباب الثاني – الأحكام الخاصة بأنواع الشركات :: الفصل الأول – شركات المساهمة :: ثانياً – إدارة الشركة :: 2- الجمعية العامة) على انه “لكل مساهم الحق في حضور الجمعية العامة للمساهمين بطريق الأصالة أو الإنابة، ويشترط لصحة الإنابة أن تكون ثابتة بموجب توكيل أو تفويض كتابي.”

كما تنص المادة 80 /1 من ذات القانون (قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة :: الباب الثاني – الأحكام الخاصة بأنواع الشركات :: الفصل الأول – شركات المساهمة :: ثانياً – إدارة الشركة :: 3- مجلس الإدارة ) على انه :”يجتمع مجلس الإدارة بدعوة من رئيسه أو من أغلبية أعضائه في حالة خلو منصب الرئيس. ”

1,1 – و في تفسير نص المادتين السابقتين

نجد ان المادة 59/1 تنص على احقية المساهمين في حضور الجمعية العامة سواء بأنفسهم أو عن طريق الإنابة بشرط وجود توكيل أو تفويض كتابي، و ذلك لضمان تمثيل كل المساهمين في الجمعية العامة، سواء حضروا بأنفسهم أو من خلال من ينوب عنهم، مما يعزز الشفافية والديمقراطية داخل الشركة، بما يعزز المشاركة الفعالة والحوكمة الرشيدة.

كما ان نص المادة يهدف الى ضمان مشاركة جميع المساهمين في القرارات المهمة، حتى لو لم يتمكنوا من الحضور بأنفسهم، فالمعنى الظاهري  لنص المادة هو الحق في الحضور والإنابة، أما المعنى الضمني فهو تعزيز الثقة بين المساهمين وإدارة الشركة ذلك لتحقيق العدالة بتمكين جميع المساهمين من المشاركة في اتخاذ القرارات.

و نجد المادة 80/1 تمنح مجلس الإدارة الأحقية في أن يجتمع بدعوة من رئيسه، أو من أغلبية أعضائه في حالة خلو منصب الرئيس ، و ذلك لضمان استمرارية عمل مجلس الإدارة حتى في حالة خلو منصب الرئيس، مما يضمن عدم تعطيل الأعمال الإدارية و أن الاستثناء الوحيد هو أنه في حالة خلو منصب الرئيس، يمكن لأغلبية أعضاء المجلس الدعوة للاجتماع لضمان استمرارية العمل و يأتي هذا النص لضمان استمرارية العمل الإداري في الشركة حتى في حالات الطوارئ، ويعكس التوجه نحو تعزيز كفاءة ومرونة الإدارة.

كما أن العله التشريعية من هذا النص هي تجنب تعطيل العمل الإداري في الشركة ، فالمعنى الظاهري لنص المادة هو الدعوة للاجتماع و لكن المعنى الضمني فهو تعزيز كفاءة ومرونة الإدارة وعدم تعطيل أعمال الشركة ويحقق العدالة بين أعضاء مجلس الإدارة و بالتالي يتسق النص مع المبادئ العامة للكفاءة الإدارية والحوكمة الرشيدة.

2 – حق الحضور و التصويت و المساهمة في إدارة الشركة من الحقوق الجوهرية

لذلك قضت محكمه النقض بأن :”حق كل مساهم من المساهمين في الشركة في حضور اجتماعات الجمعية العامة والتصويت على قراراتها بالأصالة أو الإنابة، و هو من الحقوق الجوهرية التي يخولها السهم للمساهم فيتحقق له الاشتراك الفعلي في إدارة الشركة، وهو حق ينقسم إلى شقين حق الحضور في الجمعيات العامة، وحق التصويت على قراراتها، وذلك بالنظر إلى أن الجمعية العامة هي التجمع الذى ينظمهم، ويستطيعون من خلالها التعبير عن وجهة نظرهم في إدارة الشركة وتوجيهها والحفاظ على مصالحها وحقوقها، ليس فقط من الناحية المالية كالحصول على نصيبهم من الأرباح أو تقاسم الأموال والموجودات لدى تصفيتها وإنما أيضًا في مجال إدارتها بما مؤداه ارتباط الحق في حضور الجمعية العامة بحق التصويت على قراراتها، إذ إن الأخير هو الغاية والهدف من الأول فلا قيمة للحضور دون تصويت، وبما لازمه النظر إليهما معا كحق واحد يمثل جوهر وأساس حق المساهم في إدارة الشركة وهو ما لا يجوز مطلقا إهداره ”

(الطعن رقم ٦٨٢٩ لسنة ٨٧ ق  – جلسة 13/2/2018)

3 – حول الهدف  و الغاية من إخطار المساهم بالدعوة:-

يجب نشر الإخطار بدعوة الجمعية العامة للاجتماع مرتين في صحيفتين يوميتين إحداهما على الأقل باللغة العربية، على أن يتم النشر في المرة الثانية بعد انقضاء خمسة أيام على الأقل من تاريخ نشر الإخطار الأول ويجب إرسال الإخطار بالدعوة إلى المساهمين على عناوينهم .

في هذا الصدد تنص المادة 20 من قانون المرافعات على انه :” يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء. ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء.”

3.1- و في تفسير نص المادة السابقة

نجد ان التفسير المنطقي للنص يعتمد على تحقق الغاية من الإجراء القانوني. فإذا تحققت الغاية من الإجراء رغم العيب أو البطلان، فإن الحكم بالبطلان لا يكون ضروريًا. هذا يعزز منطق الكفاءة والفعالية في الإجراءات القانونية ، و هو يهدف الى تحقيق العدالة وتجنب البطلان غير الضروري للإجراءات القانونية ، و يسعى لضمان أن تحقق الإجراءات أهدافها القانونية بشكل فعّال دون تعطيل غير مبرر ، كما يعكس الحاجة إلى تحقيق العدالة الفعلية في الإجراءات القانونية وتجنب تعقيد الأمور بإجراءات باطلة غير ضرورية. النص يعبر عن توجه المشرع نحو تحقيق الكفاءة والفعالية في النظام القضائي.

فالعلة التشريعية من هذه المادة تكمن في ضمان تحقيق الغايات القانونية من الإجراءات مع تجنب البطلان غير الضروري. المادة تهدف إلى منع تعطيل النظام القضائي بسبب عيوب شكلية طالما أن الغاية من الإجراء قد تحققت ، فالمعنى الظاهري للنص يشير إلى بطلان الإجراءات التي تنص عليها القوانين صراحةً أو التي تشوبها عيوب تحول دون تحقيق الغاية. أما المعنى الضمني فيشير إلى مرونة القانون في تحقيق العدالة الفعلية دون التمسك الشديد بالشكلية، و بالتالي يعزز النص مبدأ العدل والإنصاف من خلال السماح بتجاوز البطلان في الحالات التي تتحقق فيها الغاية من الإجراء. هذا يضمن أن العدالة ليست فقط شكلية بل جوهرية أيضًا ، و بالتالي يكون النص قد جاء متسقاً مع باقي النصوص القانونية التي تهدف إلى تحقيق العدالة وتجنب التعقيد غير المبرر في الإجراءات القانونية.

3,2- اما عن الاعمال التحضيرية للمادة

وقد ورد بالأعمال التحضيرية شرحاً لهذه المادة الاتي  :”حرص المشروع على ألا يحكم بالبطلان إلا إذا نص عليه صراحة فلا تكفي العبارة الناهية أو النافية. فإذا لم يوجد مثل هذا النص الصريح على البطلان فلا يحكم به إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه.  ومع ذلك فأنه حتى في حالات النص صراحة على البطلان، فإنه لا يحكم به إذا ما ثبت تحقق الغاية من الشكل أو البيان المعيب

تتناول المادة 20 تنظيم حالات البطلان بسبب العيوب الشكلية التي تصيب الاجراءات وقد رأى المشروع التفرقة بين حالة البطلان الذي يقرره القانون بعبارة صريحة منه وحالة عدم النص عليه فإذا نص القانون على وجوب اتباع شكل معين أو أوجب أن تتضمن الورقة بيانا معينا وقرر البطلان صراحة جزاء على عدم احترامه، فان الإجراء يكون باطلا، وليس على من تقرر الشكل لمصلحته من الخصوم إلا أن يثبت تحقق العيب ويتمسك بالبطلان.

ويقع على عاتق من يحصل التمسك ضد بالبطلان عبء اثبات أن الشكل أو البيان رغم تخلفه قد حقق الغاية منه، فإذا أثبت هذا فلا يحكم بالبطلان.

ويقصد المشروع بحالات عدم النص على البطلان، عدم النص الصريح عليه، فإذا نص القانون على أنه  “لا يجوز أو لا يجب” أو نص على أية عبارة ناهية أو نافية فإنه بهذا لم يصرح بالبطلان ولا يحكم به إلا إذا وجد عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء والأصل في حالة عدم النص على البطلان أن الإجراء لا يبطل إلا إذا أثبت المتمسك بالبطلان فضلا عن العيب الذي شابه الإجراء أن هذا العيب قد أدى إلى عدم تحقق الغاية من الإجراء فعبء اثبات عدم تحقق الغاية يقع على عاتق المتمسك بالبطلان، ولا يكفيه إثبات عدم تحقق الغاية من الشكل أو البيان وإنما يجب عليه اثبات عدم تحقق الغاية من الإجراء ذلك أن القانون ما دام لم ينص على البطلان جزاء لشكل أو بيان معين يدل بهذا على عدم ارادته توافر هذا لشكل أو بيان معين فإنه يدل بهذا على عدم إرادته توافر هذا الشكل أو البيان إلا بالقدر اللازم لتحقيق الغاية من العمل الإجرائي الذي يتضمنه.

ويقصد بالإجراء :-  العمل القانوني الذي يكون جزءا من الخصومة وتترتب عليه آثارا اجرائية.

وكل عمل إجرائي باعتباره عملا قانونيا يجب أن تتوافر فيه شروط معينة منها ما يتعلق بالمحل أو بشخص القائم بالعمل ومنها ما يتعلق بشكل العمل.

وقد رأى المشروع كما سلف أنه إذا نص القانون صراحة على البطلان فإن معيار الحكم بالبطلان من عدمه يكون بالنظر إلى الشكل أو البيان في الإجراء -والبيان ليس سوى شكل من اشكال العمل-فلا يكفي لعدم الحكم بالبطلان مجرد إثبات تحقق الغاية من الإجراء بل يجب اثبات تحقق الغاية من الشكل  ”

4- حول  الجزاء البطلان :-

في هذا الصدد تنص المادة 161 من قانون الشركات 159 لسنة 1981 على انه :” مع عدم الإخلال بحق المطالبة بالتعويض عند الاقتضاء، يقع باطلا كل تصرف أو تعامل أو قرار يصدر على خلاف القواعد الآمرة في هذا القانون أو يصدر من مجالس إدارات شركات المساهمة أو جمعيتها العامة المشكلة على خلاف أحكامه، وذلك بما لا يخل بحق الغير حسن النية، وللمحكمة المختصة أن تحدد مهلة لا تجاوز ستة أشهر لتصحيح البطلان إذا كان ذلك ممكنا.

وفي حالة تعدد من يرجع إليهم سبب البطلان يكونون مسئولين عن التعويض بالتضامن فيما بينهم.

ولا يجوز لذوي الشأن رفع دعوى البطلان بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ علمهم بالقرار المخالف ما لم يكن هذا القرار صادرا عن غش أو تدليس، فلا يسقط الحق في رفع الدعوى في هذه الحالة إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صدور القرار.

الإدارة بدعوة من رئيسه أو من أغلبية أعضائه في حالة خلو منصب الرئيس. ”

4,1 – و في تفسير نص المادة السابقة

نجد أن النص واضح في تحديد أن أي تصرف أو تعامل أو قرار يصدر على خلاف القواعد الآمرة في القانون أو يصدر من مجالس إدارات شركات المساهمة أو جمعيتها العامة بشكل مخالف لأحكامه هو باطل. كما يوضح أن هذا البطلان لا يخل بحق الغير حسن النية في التعاملات ، كما أن النص يركز على حماية حقوق الأفراد والشركات من أي قرارات غير قانونية. و بالتالي تثار المسؤولية التضامنية للأشخاص المتسببين في البطلان، مما يعزز منطق العدالة والمساءلة القانونية.

ورد بنص المادة استثناءً هامًا يتعلق بميعاد الطعن على القرارات الصادرة عن غش أو تدليس، فلا يسقط الحق في رفع الدعوى في هذه الحالة إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صدور القرار.

كما أن العلة التشريعية لهذه المادة يكمن في منع الأضرار التي قد تلحق بالأطراف المعنية نتيجة اتخاذ قرارات أو تصرفات غير قانونية. فالمادة تهدف إلى حماية حقوق الأفراد والشركات من أي تلاعب أو تجاوز قد يضر بمصالحهم. كما أن إعطاء المحكمة المختصة صلاحية تصحيح البطلان يضمن تقديم فرصة لإصلاح الأخطاء بدلاً من الاقتصار على العقوبات فالمتأمل لمعنى المادة الظاهري يجد ان النص واضح في تقرير بطلان أي قرار أو تصرف يتعارض مع القواعد الآمرة ، أما عن  المعنى الضمني فيشير إلى الأهمية الكبيرة لحماية النظام القانوني وتعزيز الثقة في النظام القضائي، وكذلك التأكيد على مبدأ حسن النية في التعاملات التجارية.

في هذا الصدد قضت محكمة القاهرة الاقتصادية – الدائرة الأولى الاستئنافية -عل  انه :” ويذهب الفقه إلى أن المادة 161 من قانون الشركات تضمنت النص على أنه يقع باطلاً كل تصرف أو تعامل أو قرار يصدر على خلاف القواعد المقررة في قانون الشركات أو يصدر من مجالس إدارة شركات المساهمة أو جمعيتها العامة المشكلة على خلاف أحكامه وذلك دون إخلال بحقوق الغير حسني النية ومن ثم فقد أورد النص القاعدة العامة في بطلان أي إجراء أو قرار يصدر بالمخالفة لأحكام هذا القانون .. كل ذلك مع عدم الإخلال بحق من لحقه ضرر من مخالفة حكم القانون في حق المطالبة بالتعويض عند الاقتضاء … ذلك أن كل صور البطلان المترتبة على مخالفة أحكام قانون الشركات ولائحته التنفيذية الهدف منها حماية مصالح المساهمين باعتبارهم أصحاب رأس المال ومن مصلحتهم أن تحقق الشركة نجاحاً وبالتالي أرباحا توزع عليهم وفي نفس الوقت الهدف من وضع هذه الأحكام التي رتب القانون البطلان على مخالفتها حماية المصلحة العامة للدولة في الإشراف على أنشطة الشركات التي ينظمها هذا القانون لما لها من أهمية خاصة في مجال الأوضاع الاقتصادية للدولة.

[الحكم رقم 767 – لسنة 1 ق – تاريخ الجلسة 8 / 5 / 2013 ]

4,2- ميعاد رفع دعوى البطلان كأصل عام

هدياً بجميع ما سبق نجد أن ميعاد رفع دعوى البطلان القرارات الصادرة الصادرة على خلاف القواعد الآمرة (في قانون الشركات 159 لسنة 1981) أو الصادرة من مجالس إدارات شركات المساهمة أو جمعيتها العامة المشكلة على خلاف أحكامه هي خلال ثلاث سنوات من تاريخ العلم بصدور القرار المخالف .

 

 

5- الاستثناء  المتعلق بميعاد رفع دعوى البطلان:-

في هذا الصدد تنص المادة 161 /3 من قانون الشركات 159 لسنة 1981 على انه :” ولا يجوز لذوي الشأن رفع دعوى البطلان …………… ما لم يكن هذا القرار صادرا عن غش أو تدليس، فلا يسقط الحق في رفع الدعوى في هذه الحالة إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صدور القرار”.

أي أنه في إذا تبين أن صدور القرار كان مبيناً على غش أو تدليس فيكون الميعاد هو خمس عشرة نع من تاريخ صدور القرار و ليس ثلاث سنوات .

5,1 حول قاعدة الغش يبطل كل التصرفات :-

استقر الفقه و قضاء النقض على هذه القاعدة حيث قضت  محكمه النقض في العديد من أحكامها على أن قاعدة “الغش يبطل التصرفات” هي قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجر بها نص خاص في القانون، وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال، وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في التصرفات و الإجراءات عموما صيانة لمصلحة الأفراد والجماعات، ولذا يبطل الحكم إذا ثبت أنه صدر عن إجراءات تنطوي على غش بقصد منع المدعى عليه من العلم بالدعوى وإبداء دفاعه فيها رغم استيفائها ظاهريا لأوامر القانون، ويجوز إثبات الغش- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بكافة طرق الإثبات القانونية ومنها البينة والقرائن.

( الطعن رقم 5229 / 80 ق – جلسة 19/10/2021 )

5,2- قراءة في قاعدة “الغش يبطل التصرفات

بالنظر الى هذا المبدأ القضائي المستقر عليه نجده يقرر حماية مصلحة الأفراد و الجماعات من الغش والخداع و يمكن إثبات العش بكافة طرق الإثبات القانونية، بما في ذلك البينة والقرائن. هذا يعطي المرونة اللازمة لإثبات الغش وعدم تقييد الأطراف بطرق محددة ، كما نجد ان المبدأ يهدف الى ضمان أن التصرفات والإجراءات يجب أن تتم بحسن نية ، كما يؤكد المبدأ على أهمية النزاهة والشفافية في جميع الإجراءات القانونية، هذا يعزز الثقة في النظام القضائي ويضمن أن التصرفات تتم بحسن نية  مما يضمن حماية الأطراف الضعيفة من الاحتيال والخديعة. هذا يحقق التوازن في العلاقات التعاقدية ويضمن العدالة للجميع.

6- الغش و التدليس المنصوص في نص المادة  161/3 من قانون الشركات:-

تنص المادة 125 من القانون المدني  على أنه :

1- يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين، أو نائب عنه، من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد.

2- ويعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة، إذا ثبت أن المدلّس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة.

تنص المادة 126 من القانون المدني  على أنه :” إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين، فليس للمتعاقد المدلّس عليه أن يطلب إبطال العقد، ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتماً أن يعلم بهذا التدليس.”

6,1- قراءة في نص المادة 125 من القانون المدني :-

نجد أن النص واضح في تحديد الحالات التي يمكن فيها إبطال العقد بسبب التدليس. فيمكن إبطال العقد إذا كانت الحيل التي استخدمها أحد المتعاقدين أو نائبه من الجسامة بحيث لولاها لما تم التعاقد، كما يُعتبر السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة تدليساً إذا ثبت أن المدلَّس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة. و بالتالي ضمان عدم استغلال الحيل والسكوت عن الحقائق لإبرام العقود، مما يعزز الثقة والنزاهة في التعاملات التعاقدية وضمان أن تكون العقود مبنية على الشفافية والنزاهة. النص يسعى لتحقيق الاستقرار والثقة في العلاقات التعاقدية.

فالمعنى الظاهري للنص يشير إلى إمكانية إبطال العقد في حالات التدليس الصريحة أو السكوت المتعمد عن الحقائق. أما المعنى الضمني فيشير إلى أهمية الشفافية والنزاهة في التعاملات التعاقدية وضرورة حماية الأطراف المتضررة.

6,2- اما عن مذكره المشروع التمهيدي لهذه المادة :-

فقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي: مادة (173): يشترط في التدليس إذا صدر من أحد المتعاقدين سواء أصدر من المتعاقد نفسه أم من نائبه أم من شريك له.. أن ينطوي على (حيل)  فيكفى فيها مجرد الامتناع من جانب العاقد إلى جانب كسكوته عمدا عن واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر والواقع أنه ليس ثمة تطابق بين تعريف التدليس المدني وتعريف التدليس الجنائي ومهما يكن من أمر فليس ينبغي أن يعتد في تقدير التدليس بما يسترسل فيه المتعاقدان من آراء بشأن ما للتعاقد من مزايا أو عيوب متى كانت هذه الآراء من قبيل الاعتبارات العامة المجردة من الضبط والتخصيص..، ويشترط كذلك أن تكون الحيل التي تقدمت الإشارة إليها قد دفعت من ضلل بها إلى التعاقد ومناط التقدير في الصدد نفسي أو ذاتي كما هي الحال بالنسبة لعيوب الرضاء جميعا…

ويشترط كذلك، أن تكون الحيل التي تقدمت الإشارة إليها، قد دفعت من ضلل بها إلى التعاقد. ومناط التقدير في هذا الصدد نفسي أو ذاتي، كما هي الحال بالنسبة لعيوب الرضاء جميعاً.

6,3- قراءة في نص المادة 126 من القانون المدني :-

نجد أن النص واضح في تحديد أن المتعاقد المدلَّس عليه لا يمكنه طلب إبطال العقد إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين، ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض أن يعلم بالتدليس. هذا النص يحدد بوضوح الحالات التي يمكن فيها إبطال العقد بسبب التدليس من طرف ثالث.

يعتمد النص على حماية المتعاقدين من التدليس الصادر عن أطراف ثالثة و ضمان ألا يتحمل المتعاقد المدلَّس عليه أضرارًا غير مبررة ، كما يسعى النص لتحقيق الاستقرار والثقة في العلاقات التعاقدية من خلال تحديد شروط إبطال العقد بسبب التدليس.

6,4- اما عن مذكره المشروع التمهيدي لهذه المادة :-

فقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي: مادة (174): … ويراعى أنه إذا انصرفت منفعة من منافع العقد مباشرة إلى شخص غير العاقد (كالمستفيد من اشتراط لمصلحة الغير) فلا يجوز إبطال العقد بالنسبة له إلا إذا كان يعلم أو كان في إمكانه أن يعلم بالتدليس .

غنى عن البيان أنه لا يكون لدى العاقد سبيل للانتصاف سوى دعوى المطالبة بالتعويض إذا لم يعلم العاقد الآخر بالتدليس أو لم يكن في مقدوره أن يعلمه به، وبأن الغش الحاصل من أجنبي بطريق التواطؤ مع أحد المتعاقدين يفسد الرضاء كالغش الحاصل من المتعاقد نفسه.

اختلفت المذاهب في شأن التدليس الصادر عن الغير، ففريق لا يرتب عليه بطلان العقد (انظر المادة 1116 من التقنين الفرنسي، والمادتين 136/196 من التقنين المصري في نصه العربي) وفريق (المادة 1261 من التقنين الأسبانى، والمادة 969 من التقنين الأرجنتيني) يجعل له حكم التدليس الصادر من المتعاقدين، من حيث ترتيب البطلان. وفريق يتوسط بين هذين المذهبين (المادة 21 من المشروع الفرنسي الإيطالي, والمادتان 52/56 من التقنينين التونسي والمراكشي, والمادة 993 من تقنين كويبك, والمادة 123 فقرة 2 من التقنين الألماني, والمادة 875 من التقنين النمساوي، والمادة 28 من تقنين الالتزامات السويسري، والمادة 40 من التقنين البولوني, والمادة 95 من التقنين البرازيلي, والمادة 92 من التقنين الصيني) فيشترط لاعتبار التدليس الصادر من الغير عيبا من عيوب الرضاء, أن يثبت من ضلل به أن الطرف الآخر كان يعلم به أو كان في استطاعته أن يعلم به, وقت إبرام العقد. وفي هذا تطبيق خاص لنظرية الخطأ في تكوين العقد التي سبق تطبيقها فيما يتعلق بالغلط. وقد اختار المشروع ما اتبعه الفريق الثالث.

ويراعى أنه إذا انصرفت منفعة من منافع العقد مباشرة إلى شخص غير العاقد (كالمستفيد في اشتراط لمصلحة الغير) فلا يجوز إبطال العقد بالنسبة له، إلا إذا كان يعلم، أو كان في إمكانه أن يعلم بالتدليس (انظر المادة 123 فقرة 2 من التقنين الألماني). ويختلف عن ذلك حكم التبرعات، فهي تعتبر قابلة للبطلان، ولو كان من صدر له التبرع لا يعلم بتدليس الغير، ولم يكن يستطيع أن يعلم به. لأن نية التبرع يجب أن تكون خالصة من شوائب العيب.

وغني عن البيان أنه لا يكون لدى العاقد سبيل للانتصاف سوى دعوى المطالبة بالتعويض إذا لم يعلم العاقد الآخر بالتدليس أو لم يكن في مقدوره أن يعلم به.

6,5- هل يعد الكذب احتيالاً كافياً للتدليس ؟

يجيب الفقيه السنهوري علي هذا التساؤل في كتابة الوسيط في شرح القانون المدني ” وإذ كان الأصل أن الكذب وحده لا يكفي لتكوين عنصر الحيلة في التدليس إلا أن الكذب – ولو مجرداً عن الطرق الاحتيالية – يعتبر تدليساً إذا تناول واقعة لها أهميتها عند التعاقد ، بحيث ما كان ليتعاقد لولا التأكيدات التي صدرت في هذا الشأن . ومن أمثلة ذلك إعطاء شخص بيانات كاذبة لشركة تأمين بقصد إخفاء حقيقة الإخطار التي يتعرض لها والتي تثقل في ذات الوقت من تبعة الشركة . وأداء شخص بيانات كاذبة عن كفايته وخبرته السابقة لقصد الحصول علي وظيفة .

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى