خواطر وتأملات فى سورة يوسف (١)

بقلم: محمود طاهر المحامي

حين تمتلىء القلوب بالغيرة الحاقدة ، تنشط دوافع الشر فيها ، حتى وإن كان أصحاب تلك القلوب فى الأصل صالحين ، فهاهم اخوة يوسف بيتوا النية على الإضرار به والكيد له وفى ذات الوقت عقدوا العزم على ان يتوبوا ويكونوا من بعده قوماً صالحين ” اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين ” تلك هى نفسية المجرم فى كثير من الأوقات ، لذلك كان البحث عن الدوافع والبواعث مهما جدا لمعرفة الفاعل الحقيقى للجريمة ، فقد يكون فاعلها هو أبعد الناس عن مظنة ارتكابها .

المجرم حين يعقد عزمه على ارتكاب جرمه يجتهد قدر استطاعته أن يوقع بفريسته ، وان يخرجه من كنف من يرعاه ويحوطه ، حتى يوارى فعله الآثم ، ويسهل له تلفيق الاتهام الى غيره .. “قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون ” ولو حسن قصدهم ما سألوا مثل هذا السؤال ولبادروا بالقول ” أرسله معنا …” دون مقدمات .

لا يغرنك أبدا كون المتهم أقرب لارتكاب مثل هذا الفعل الآثم ، أو أن يكون مقبولا عقلا ومنطقا أن يقع ذلك من مثله ولا يغرنك أبدا ما أحيط حوله من الشبهات ، وما ردد عنه بوسائل الاعلام ، أو حتى ما سطره محرر المحضر أو أقوال الشاكى ، فالمتهم برىء وإن كان فى الأصل ذئب . ” وتدبر جيدا قضية اتهم فيها الذئب وهو من جرمها برىء “.

يبحث الجانى الحقيقى دائما عن ابعاد الشبهة عنه ، ويحاول قدر استطاعته ، أن يلفق الجريمة إلى غيره زورا وبهتانا ، ويصطنع لذلك بعض المظاهر الخادعة المكذوبة ، “وجاءوا على قميصه بدم كذب ” فلا تنخدع بما تراه للوهلة الاولى ولا يكن حكمك قائما على مجرد هذه المظاهر التى يستبين كذبها عند تحقيقها .
_________________________

إن المحامى لا يدافع عن الذئب ، إنما يدافع عن البرىء وإن كان فى نظر الناس ذئب ”
_________________________

زر الذهاب إلى الأعلى