خصخصة نادي الأهلي.. ويتجدد الحوار

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر – أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

 

بمناسبة التعديلات المطروحة حالياً على قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017م، والحديث المثار حول خصخصة الأندية الرياضية، وتعليقاً على مقالنا المعنون «خصخصة النادي الأهلي»، المنشور بجريدة الوطن يوم الرابع من شهر يوليو 2022م، وعلى صفحتنا الشخصية على موقع التواصل المهني لينكدن، يقول الأستاذ الدكتور أشرف الميداني، أستاذ الإدارة الرياضية: «هناك اختلاف جذري بين غزل المحلة وأي نادي آخر.. في الأصل نادي شركة غزل المحلة هو نادي شركة من الأساس ومن الأصل ولا يتساوى مع نادي الأهلي.. فغزل المحلة شركة يمكن عرضها للبيع وإعادة التملك.. أما الأهلي فهو ليس شركة».

 

ورداً على ذلك، نود التأكيد بأننا فيما يتعلق بخصخصة النادي الأهلي وغيره من الأندية الرياضية، لا نتحدث عن النادي الأهلي كناد اجتماعي.. نتحدث فقط عن شركة النادي الأهلي لكرة القدم.. وهذه موجودة فعلاً تنفيذاً لمتطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم.. بقي أن يكون ذلك واقعا وليس مجرد إجراء صوري.. ينبغي أن تكون إدارة هذه الشركة وشكلها القانوني وانتقال اسهمها من شخص إلى آخر خاضعة لقانون الشركات وينبغي الفصل بين تملك أسهم الشركة وبين عضوية النادي الاجتماعي.

 

وفي هذا الصدد، يبدو من الملائم من وجهة نظري الإشارة إلى أن أول من تحدث عن هذا الموضوع في الوسط الرياضي المصري هو الكابتن عصام عبد المنعم. ولا يخفي على أحد من هو الكابتن عصام عبد المنعم ولا يخفى على أحد أنه كان حارس مرمى النادي الأهلي. ففي مقاله المنشور بجريدة الأهرام، يوم الخميس الموافق الثامن من شهر أكتوبر سنة 2015م، بعنوان توابع زلزال أورلاندو، يقول الأستاذ عصام عبد المنعم: «لا شك عندي أن الإخلاص والانتماء والشفافية، كلها صفات متوافرة فى مجلس الأهلي الحالي، إلا أنها رغم أهميتها لا تكفي وحدها للنجاح، إذ يتعين أن يتوازى معها ضرورة الاستعانة بالخبرة والمعرفة المتخصصة. لكن ذلك لا يعنى مطلقاً أننا ندعو لأن تتكون مجالس إدارات الأندية من نجوم كرة القدم وإنما نطالب بسرعة إعادة هيكلة وتحديث المنظومة القانونية الرياضية، بما يتفق مع النظم العالمية الجديدة لإدارة أندية المحترفين. وكلنا يذكر كيف كان الأهلي، من خلال مجلس إدارته السابق، سباقاً فى اتخاذ الخطوات الأولية نحو تطبيق متطلبات الاتحادين الدولي والإفريقي لكرة القدم والخاصة بضرورة تأسيس شركات مساهمة تدير المنظومة الاحترافية لكرة القدم فى الأندية، وهو الذي تم تطبيقه بالفعل فى دول إِفريقية، أذكر منها جنوب إفريقيا موطن قراصنة أورلاندو، حيث يقع مركز (الزلزال) الذي هز القلعة الحمراء ولاتزال توابعه تتري!! والنظام باختصار يقضى بأن يتكون مجلس إدارة النادي المحترف (الشركة) من كبار حملة الأسهم، والذي يعين إدارة تنفيذية محترفة تدير كل شئون كرة القدم الفنية والاقتصادية، بينما يتولى مجلس إدارة آخر، منتخب من الجمعية العمومية للأعضاء العاملين (الموجود عندنا الآن) إدارة شئون النادي الاجتماعية وتوفير الخدمات لأعضائه، إلى جانب الفرق الرياضية غير المحترفة. وأخيراً، نحن ندعو مجلس الأهلي، من منطلق الموقع الريادي التاريخي لناديهم إلى أن يواصلوا البناء على ما سبق إرساؤه بمعرفة مجلس حمدي، بدلاً من تجاهله وطمسه وفقاً للتقاليد المصرية الفرعونية الأصيلة!!» (راجع: عصام عبد المنعم، توابع زلزال أورلاندو!!، جريدة الأهرام، عمود كلمة حق، الخميس 24 من ذي الحجة 1436هــ الموافق 8 أكتوبر 2015م، السنة 140، العدد 47057).

 

ومنظوراً إلى الأمور على هذا النحو، ولما كانت المادة الرابعة والثمانون الفقرة الثانية من الدستور المصري الحالي الصادر عام 2014م تنص على أن «ينظم القانون شئون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقا للمعايير الدولية، وكيفية الفصل فى المنازعات الرياضية»، فلا يجوز إذن أن يعترض البعض على خصخصة الأندية الرياضية، لاسيما وأن الأندية الرياضية الكبيرة على مستوى العالم، مثل مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وليفربول وأستون فيلا وباريس سان جيرمان، كلها مملوكة لرجال أعمال. بل إن الحكومات في الدول التي تنتمي إليها بعض هذه الأندية هي التي سعت إلى بيعها لمستثمرين أجانب. فعلى سبيل المثال، ووفقاً للتحقيقات التي نقلتها (Mediapart) عن المواقع المتخصصة (So Foot) و (France Football)،  أراد الرئيس الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي، إقناع الأمير تميم بن حمد آل ثان، ولي العهد القطري آنذاك بشراء نادي باريس سان جيرمان، المثقل بالديون، مقابل دعم بلاتيني لاختيار قطر لبطولة كأس العالم، ويبدو ان الصفقة تمت، بصورة أو بأخرى، ورأى الأمير تميم بن حمد في باريس سان جيرمان أداة رئيسية في إطار جهود الإمارة لاكتساب مكانة عالمية رفيعة، ووضع خطة استراتيجية لباريس سان جيرمان 2012-2017م، تهدف لأن يصبح الفريق أحد أكبر خمس فرق عالمية لكرة القدم.

 

وإذا كان البعض يقول إن «نادي الأهلي ملك لأعضائه» و«نادي الزمالك ملك لأعضائه»، فإن هذا القول مردود عليه بأن عدم الفصل بين النادي الاجتماعي والنادي الرياضي قد أدى إلى بعض المفارقات العجيبة على أرض الواقع. فلا جدال في أن العديد من أعضاء الجمعية العمومية لنادي الأهلي هم من مشجعي نادي الزمالك. وبالمقابل، فإن العديد من أعضاء الجمعية العمومية لنادي الزمالك هم من مشجعي نادي الأهلي. وقد أدى ذلك إلى أن عضو الجمعية العامة لأحد الناديين الكبيرين قد يتمنى الفوز للفريق المنافس، وذلك على الرغم من أن فوز ناديه من شأنه أن يرفع القيمة السوقية لهذا النادي. ونعتقد أن هذه النتيجة ستتلاشى عند الفصل بين النادي الرياضي والنادي الاجتماعي، بحيث يكون أصحاب القرار في النادي الرياضي هم ملاك الأسهم دون غيرهم. ولا شك أن ملاك الأسهم سيكون شاغلهم الشاغل هو فوز ناديهم، أملاً في زيادة القيمة السوقية لهذا النادي، بما ينعكس إيجاباً على القيمة المادية للأسهم المملوكة لهم، ويؤدي بالتالي إلى تعزيز وزيادة ذمتهم المالية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى