خارج النص
بقلم: أشرف سالم
مما لا شك فيه أن لمشرع لم يقصد تعنتاً مع المتقاضين أو المواطنين حينما يضع نصا تشريعيا أو قانونا يضبط ويقوم سير العدالة في البلاد، بل على العكس من ذلك، فقد جعل لهم من الضمانات ما يكفي لحسن سير العملية القضائية أو التعاملات الحكومية بشكل عام، فقد وضع بعض الإجراءات تأكيدا منه على ذلك الحرص، وأنها مجرد ضمانل وحماية سواء للمدعي أو للمتهم أو للمجني عليهم أو للمجتمع.
بيد أن الواقع العملي جعل الدنيا رأسا على عقب، إذ تحولت تلك الضمانات والتيسيرات إلى عقبات بل وعقوبات تفرض خارج حدود النص التشريعي.
فلو نظرنا مثلا لقرار شطب الدعوى، تجد المشرع جعله ضمانا حقيقيا للمدعي إذا ما تخلف عن حضور الجلسة تخلفا حقيقيا لأي سبب، إذ لم يقصد المشرع على الإطلاق أن يستخدمها البعض كعقوبه للتنكيل بالمدعي أو بمحاميهِ إذا ما حضر الجلسة متأخرًا أو فاته رول الجلسه.
الشطب ضمان لكي لا ينفرد المدعى عليه بالدعوي في غياب صاحب الحق أو صاحب الادعاء الأصلي، فإذا ما أرتأى القاضي اكتمال الدعوى قرر حجزها للحكم دون تداول، فليس مجرد التأخير عن رول الجلسه يعتبر تخلفا، ليس هكذا تورد الإبل يا سادة، جعلكم الله ميسرين لا معسرين.
وترى للأسف الشديد بعضهم يرفض إعادة الرول رغم الحضور ورغم التوسل من البعض، فلا يجد المحامي نفسه إلا بين نارين، إما أن يستسلم ويضيع حقه ووقته وماله تجنبا لأي احتكاك، أو أنه يدخل في صراع الشكاية القضائية الغير مأمون عواقبها.
أيضا كذا الحال بالنسبة للحبس الاحتياطي، والذي جعله المشرع ضمانا حقيقيا للمتهم من أن يتعرض للانتقام خارح إطار القانون، وضمانا حقيقيا للمجني عليهم والمجتمع حال احتمال هروب المتهم أو التأثير على الأدلة أو الشهود، فإذا ما انتفى وجود تلك الأسباب انتفت معها مدعاه الحبس الاحتياطي،
فهو يا سادة بالفعل ليس عقوبه أصليه ولا تبعيه ولا تكميليه، وبالفعل لم يخطر ببال المشرع حينما وضع قانون الإجراءات الجنائية منذ أكثر من ٧٠ عاما أن يستخدم الحبس الاحتياطي كعقوبه ضد الأبرياء الذين لم تثبت بعد ادانتهم.
أيضا لم يجعل لنا القانون أي مبرر للتطاول أو التجاوز في حق المساجين أثناء تنفيذ فترة العقوبه، أو حتى المتهمين أثناء فترة الحبس الاحتياطي، هم محكوم فقط عليهم بالحبس، إلا أن الواقع العملي يشهد وتشهد معه الدنيا كلها أن عقوبة سب وقذف المحبوسين لاسيما بالأب وبالأم أصبحت عقوبة تكميلية لازمة لايمكن الاستغناء عنها.
بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى التطاول بالسب والقذب والضرب لبعض المواطنين العاديين أثناء استيقافهم وسؤالهم عن هويتهم أو عن رخصة قيادتهم، مما قد ينتج عنه احتكاكا واشتباكا تكون نهايتة معلومة للجميع.
كل تلك الأمور وغيرها الكثير هي مصادرة حقيقية على تطبيق القانون، هم يسيئون إلى القانون وإلى أنفسهم وإلى الوطن والمجتمع اعتقادا منهم بعرف منكر توارثوه جيلا بعد جيل،
ومع مرور الزمن وتقلب الأحوال سار الممنوع جائزا والمباح ممنوعا وبات صاحب الحق معاقبا البرئ مكبلا.
فهل من تقويم رشيد؟