حماية براءة الاختراع ونموذج المنفعة في القانون المصري

بقلم: الدكتور/ فرج الخلفاوي

تناول القانون المصري رقم 82 لسنة2002 حماية براءات الاختراع ونماذج المنفعة في الباب الأول المواد من (1-44) .

وبراءة الاختراع: هي “عقد بين الحكومة والمخترع  تمنح بمقتضاها الجهات المختصة وثيقة لصاحب الاختراع تعطيه حقوقا استئثاريه على اختراعه لمدة محددة عادة لعشرين عاما في مقابل الكشف عن اختراعه للجمهور “.

ويشترط في العمل لكي يعد اختراعا طبقًا للمادة (1) من القانون رقم 82لسنة 2002 ليستحق الحصول على براءة الاختراع توافر الشروط التالية، وهي :- (أن يكون الاختراع قابلًا للتطبيق الصناعي، ويكون جديدًا ويمثل خطوة إبداعية، سواء كان الاختراع متعلقًا بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق صناعية مستحدثة، أو بتطبيق جديد لطرق صناعية معروفة. كما تمنح البراءة استقلالًا، عن كل تعديل أو تحسين أو إضافة ترد على اختراع سبق أن منحت عنه براءة، إذا توافرت فيه شروط الجدة والإبداع والقابلية للتطبيق الصناعي على النحو المبين في الفقرة السابقة، ويكون منح البراءة لصاحب التعديل أو التحسين أو الإضافة وفقًا لأحكام هذا القانون).

ونحن من جانبنا نرى: أنه يجب على المشرع المصري إضافة شرط الإفصاح الكافي Adequate disclosure للحصول على براءة الاختراع أسوة بما أقره المشرع الأمريكي في الفقرة الأولى من المادة(35 U.S.C. 102) من القانون الأمريكي  والتي تنص على أنه ” يجب أن يتضمن طلب براءة الاختراع الوصف التفصيلي للاختراع كتابة وكيفية تصنيعه واستعماله بعبارات كاملة واضحة ودقيقة بحيث تمكن ذوي الخبرة في مجال الصناعة المعنى  أو في أقرب مجال صناعة معني من تصنيعه واستخدامه ، ويتعين أن يتضمن الطلب الأسلوب الأمثل لتنفيذ الاختراع وفقًا لما يعرفه المخترع”.

ويمنح المشرع المصري براءة نموذج المنفعة “عن كل إضافة تقنية جديدة في بناء أو تكوين وسائل أو أدوات أو عدد أو أجزائها أو منتجات أو مستحضرات أو طرق إنتاج كل ما تقدم وغير ذلك مما يستخدم في الاستعمال الجاري. وبراءة نموذج المنفعة هي الأكثر انتشارا في البلدان النامية والأقل نموا؛ حيث لا تحتاج في التوصل إليها إلى مهارات حرفية، وليس تقنيات معقدة التكلفة.

تقليد براءة الاختراع معناه إيجاد محاكاة معينة للاختراع موضوع التَّقليد، سواء أكانت المحاكاة متطابقة متقنة أو يمكن تبصرها بسهولة، المهم أن يصل الفاعل بالشخص العادي إلى درجة يقع معها الوهم (مفاده أن الشيء المقلد هو ذاته المقصود المنصرف إلى الاختراع الأصلي المبتغى منه).

نصت المادة 32 من القانون رقم 82 لسنة 2002 على أن يعاقب … كل من قلد بهدف التداول التِّجاري موضوع اختراع أو نموذج منفعة منحت براءة عنه وفقًا لأحكام هذا القانون.

#واشترطت المادة (32الفقرة 1) ليكون التَّقليد مجرما توافر شرطين :

الأول : أن يكون التَّقليد بقصد التداول التِّجاري .

الثاني : أن يكون التَّقليد لموضوع اختراع أو نموذج منفعة منحت براءة اختراع عنه وفقًا لأحكام القانون رقم 82لسنة 2002 ، فلا يكفي مجرد تقديم طلب التسجيل؛ وبالتالي لابد أن تكون مدة الحماية مستمرة .

وقضت محكمة النقض : أنه ” لا يشفع للمتهم بجريمة تقليد براءة اختراع وعرض منتجات مقلدة للبيع أن يكون قد سجل جهازه كنموذج منفعة صناعي، وقالت أن القانون يحمى بالبراءة التي تحمى ملكيته ، وليس من شأن التسجيل الموصوف آنفا أن يغير من الحماية الممنوحة التي يقررها القانون لبراءة الاختراع”.

( حكم نقض : طعن جنائي رقم 487لسنة 55ق بجلسة 4مارس 1985)

وتقليد موضوع الاختراع أو نموذج المنفعة يكون باصطناع موضوع اختراع أو نموذج منفعة مماثل أو مطابق لموضوع الاختراع أو نموذج المنفعة محل الحماية.

والتَّقليد بعيد كل البعد عن الابتكار والتجديد والتطوير، وهو ينصرف إلى محل محمي بموجب القانون يسمى براءة الاختراع، ويستوي أن ينصب التَّقليد كسلوك إجرامي على عناصر الاختراع الأصلي القديم أو على العناصر المستحدثة التي لحقت الاختراع الأصلي بموجب براءة الاختراع الإضافية.

وللتأكد من مدى توافر عنصر التطابق من عدمه بين الاختراع الأصلي والمقلد لابد من الاعتداد بأوجه الشبه لا بأوجه الاختلاف كما أن العبرة في تقليد الاختراع يتمثل في تقليد الفكرة الجوهرية والاجزاء الأساسية، وكذلك العناصر الجديدة في الاختراع، وليس بأجزائه الثانوية أو شكله الخارجي. ويخضع تقدير توافر التَّقليد إلى محكمة الموضوع في ضوء كل حالة، وعلى المحكمة أن توضح في حكمها وصف الاختراع أو نموذج المنفعة الأصلي والمقلد، وأن توضح أوجه الشبه بينهما والأسس التي استندت إليها لإثبات توافر عنصر التَّقليد دون الارتكان فقط لرأى الخبير.

وقضت محكمة النقض: بأنه” وفضلا عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد استند في القول بعدم توافر ركن التَّقليد على رأي مدير إدارة الفحص الفني للاختراع من عدم وجود تشابه أو تطابق بين الاختراع الممنوح براءته للمجني عليه وجهاز المطعون ضده دون أن يعنى الحكم بوصف كل منهما وبيان أوجه التشابه بينهما من حيث العناصر الجوهرية إثباتا ونفيا يكون مشوبا بالقصور؛ لأن القاضي في المواد الجنائيَّة إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونيَّة إلى الدليل الذي يقتنع به وحده، ولا يجوز له أن يؤسس حكمه على رأي غيره لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة”.

(حكم نقض رقم 319 لسنة 40 ق بجلسة 12أبريل 1970 القاعدة رقم 136 مجموعة أحكام جنائية سنة 21 ص569)

كما نصت المادة (32الفقرة 2) على تجريم التعامل في منتجات مقلدة، حيث نصت على أنه يعاقب” كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو استورد أو حاز بقصد الاتجار منتجات مقلدة مع علمه بذلك متى كانت براءة الاختراع أو براءة نموذج المنفعة صادرة عنها أو عن طرق إنتاجها ونافذة في جمهورية مصر العربية؛ ” حيث تفترض ارتكاب هذه الجريمة وقوع جريمة أخرى هي جريمة التَّقليد، وفي ذلك تقول محكمة النقض: إن” المتهم بصنعه جهازا مماثلا منتهزا فرصة إسناد توريد الإناء والغطاء إلى شركة الكتريكا وطرحه للبيع في الأسواق قد ارتكب جريمتي تقليد اختراع منحت عنه براءة وعرض منتجات مقلدة للبيع”.

(حكم نقض رقم 1190 لسنة 42 ق بجلسة 18فبراير 1973. قاعدة رقم 44 مجموعة أحكام جنائية سنة 44 ص 206)

ويعد من أبشع صور تقليد براءة الاختراع ( تقليد البراءة الدوائيَّة)؛ لأن المقلد باستنساخه المنتج الدوائي المحمي بالبراءة دون الحصول على إذن مالكها يكون قد تعدى مباشرة عليها، ويحمل الدواء المقلد نفس الفائدة العلاجية للدواء محل البراءة لكن بدرجة أقل وبمواصفات أقل من الدواء الأصلي وغير مطابق للمواصفات القياسية، ولا يراعي القواعد والشروط الطبية مطلقا، ويؤثر بصورة مباشرة على حياة المرضى ويؤدي في الغالب إلى الوفاة ، وتطبق على تلك الصورة من التَّقليد نص المادة 32 من القانون رقم 82 لسنة 2002.

ولم يشترط المشرع حدوث نتيجة معينة أو ترتب ضرر معين فتقع الجريمة بمجرد إتيان السلوك الإجرامي دون التوقف على حدوث نتيجة . يستثنى من ذلك ما نصت عليه المادة العاشرة من حالات معينة من نطاق التجريم، ومنها على سبيل المثال حق الاستنفاد الدولي .

ونحن من جانبنا نرى :أن العقوبة الواردة بالمادة 32من القانون رقم 82 لسنة 2002حيث نصت على أنه) یعاقب المتعدي على الحقوق التي أقرها القانون لبراءات الاختراع بغرامة لا تقل عن عشرین ألف جنيه ولا تزبد عن مائة ألف جنیه، وتضاعف في حالة العود هذا بالإضافة إلى مصادرة الأشیاء المقلدة) – هي بالطبع عقوبات ضعيفة مقارنة بما یمكن أن یحققه المتعدي من مكاسب مادیة من وراء ذلك تجعل من العقوبة بالنسبة له غیر مؤثرة. مقارنة بالأضرار التي تقع على صاحب الحق من جراء التعدي. وهي نفس العقوبات التي تضمنها المادة 53 في شأن التعدي على التصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة.

زر الذهاب إلى الأعلى