حكم نهائي بالاعتراف بالشخصية القانونية لمجهولي الأبوين: رعايتهم أوجب من الأيتام
كتب: أشرف زهران
أثبتت المحكمة الإدارية العليا، نهائية الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، بالاعتراف بالشخصية القانونية للفتاة «ن. س. م» وأحقيتها في إصدار بطاقة الرقم القومى لها بالإسم الذي وضعه طبيب الصحة بعد أن عثرت عليها سيدة وهى رضيعة وقامت برعايتها حتى بلغت 16 عامًا، وحصلت الفتاة على شهادة من المحكمة تفيد عدم طعن جهة الإدارة على حكم القضاء الإدارى مما يجعله نهائيا وباتًا.
وأكدت المحكمة ضرورة الاعتراف بالشخصية القانونية لمجهولي الأبوين وتشجيع كفالتهم التوثيقية، موضحةً أن لمجهولي النسب أحكام اليتامى، ورعايتهم أوجب من اليتامى معروفى النسب، وهذا الاعتراف يضئ نورًا في الطريق لمجهولي النسب، بعد أن عاشوا عدة سنوات لا تُعرف لهم هوية أو شخصية قانونية.
ووضعت المحكمة لبنة اجتماعية إنسانية في بناء صرحٍ مجتمعي سليم يقوم على احترام حقوقهم بأن لهم أحكام اليتامى والعناية بهم أوجب من اليتامى معروفى النسب.
تفاصيل الدعوى
بدأت تفاصيل الدعوى بعثور إحدى السيدات بمركز رشيد محافظة البحيرة على طفلةٍ رضيعةٍ ملقاة على الأرض مجهولة الأبوين عام 1995، ثم ذهبت بها لقسم الشرطة وتعهدت برعايتها، فقام طبيب الوحدة الصحية بتحديد اسمٍ ثلاثى جزافيّ في خانتي الأب والأم طبقًا للقانون، وحصلت على شهادة ميلاد لها، وعندما وصلت للمرحلة الثانوية لجأت لمصلحة الأحوال المدنية برشيد لاستخراج بطاقة الرقم القومى إلا أنها طلبت من السيدة البحث عن والديها المجهولين كشرطٍ لحصولها على بطاقة الرقم القومى.
وقالت المحكمة إن الإنسان مجردًا هو محور الكون الذي تدور حوله كل الأشياء والمسخرة له في كل الأزمنة والأمكنة؛ لذلك اهتم المشرّع المصري بحقوق الطفل مجهول الوالدين، فلم يحرمه من عنايته ورعايته بل عامله نفس المعاملة التي يعامل بها الطفل معلوم الوالدين، فجعل له الحق في الاسم طبقًا للبيانات التي يُدلي بها المبلغ وعلى مسئوليته عدا إثبات اسمي الوالدين الحقيقييْن أو احدهما، فيكون ذلك بناءً على طلب كتابيّ ممن يرغب منهما بحسبان أنه يحظر التبني.
ولفتت إلى أنه في حالة عدم التوصل إلى معرفة الوالدين أو احدهما للطفل حديث الولادة مجهول الوالدين فإن المشرّع منحه – رغم ذلك – الحق في الاسم واللقب عن طريق إلزام طبيب الصحة المختص بتقدير سن الطفل وتحديد نوعه وتسميته رباعيًا تسميةً جزافية حتى لا يحرم الطفل مجهول الابوين من حقه الطبيعى في الشخصية القانونية سبيلًا للاعتراف بآدميًته كإنسان، وفى ذلك بناء لبنةٍ اجتماعيةٍ لصرحٍ مجتمعيّ صحيحٍ يقوم على بث روح التسامح والاندماج للأطفال مجهولى النسب والاحتفاظ لهم بهويتهم الإنسانية؛ لمواجهة ما اطبقت عليهم الحياة ظلمًا وظلامًا نتيجة تصرفاتٍ غير إنسانية بتخلى اَبائهم عن الاعتراف بهم أيًّا كانت الأسباب والظروف.
وأشارت إلى أن مجهولي النسب لهم أحكام اليتامى، بل هم أولى بالعناية لعدم وجود أحدٍ من والديهم وأهلهم، واليتيم قد تكون أمّه بجانبه، وقد يزوره أحد أقاربه، أما مجهول النسب فإنه منقطعٌ عن الجميع؛ ولذا كانت العناية به أوجب من اليتيم معروف النسب.