حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩ لسنة ١٤ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩ لسنة ١٤ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت أول يناير ١٩٩٤ الموافق ١٩ رجب سنة ١٤١٤ هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض أعضاء
وحضور السيد المستشار نجيب جمال الدين علما المفوض
وحضور السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٩ لسنة ١٤ قضائية منازعة تنفيذ
المقامة من
١ – السيد / رئيس الجمهورية
٢ – السيد / وزير الدفاع بصفته الممثل القانونى لادارة المدعى العام العسكرى
ضد
١ – السيد / محمد أحمد شوقى الاسلامبولى
٢ – السيد / ممدوح يونس على أبو طالب
إلاجراءات
بتاريخ ١٤ ديسمبر ١٩٩٢ أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة الدستورية العليا
طالبين الحكم أولا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة ٨ ديسمبر سنة ١٩٩٢ فى الدعوى رقم ٧٦٣ لسنة ٤٧ ق فيما انتهت اليه من وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ المطعون فيه ، ثانيا وفى الموضوع تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة العسكرية العليا بجلسة ٣ ديسمبر ١٩٩٢ فى القضيتين رقمى ٢٣ ، ٢٤ لسنة ١٩٩٢ جنايات عسكرية وكذلك الحكم الصادر بجلسة ٩ ديسمبر ١٩٩٢ بقبول الطلب المقدم من النيابة العسكرية شكلا وفى الموضوع بعدم وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ مع استمرار تنفيذ الحكمين الصادرين فى القضيتين رقمى ٢٣ ، ٢٤ لسنة ١٩٩٢ المشار اليهما
وقدم المدعى عليه مذكرة بدفاعه
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة
حيث ان الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الاوراق – تتحصل فى أن السيد رئيس الجمهورية أصدر القرار رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ الذى أحال بمقتضاه الى القضاء العسكرى الجرائم موضوع القضيتين رقمى ٣٩١، ٣٩٦ سنة ١٩٩٢ حصر أمن دولة عليا اللتين قيدتا بعدئذ برقمى ٣٢،٢٤ لسنة ١٩٩٢ جنايات عسكرية ، وباشرت النيابة العسكرية شئونها فيهما وأحالت المتهمين [ ومن بينهم المدعى عليهما ] إلى المحاكمة العسكرية التى دفع امامها ببطلان قرار إلا حالة المشار إليه وانتفاء ولاية القضاء العسكرى بالتالى ، الا ان هذا القضاء رفض الدفع واستمر فى مباشرة الدعوى الجنائية واصدر حكمين بذلك فى القضيتين رقمى ٢٣ ، ٢٤ لسنة ١٩٩٢ المشار إليهما وتم التصديق عليهما ، واذ كان المدعى عليهما قد طلبا من محكمة القضاء إلادارى فى الدعوى رقم ٧٦٣ سنة ٤٧ ق الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الجمهورى رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ وفى الموضوع بالغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن ، وكانت محكمة القضاء إلادارى قد انتهت بجلسة ٨ ديسمبر سنة ١٩٩٢ الى وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وكانت النيابة العسكرية قد طرحت الأمر على المحكمة العسكرية باعتبار ان قضاء محكمة القضاء العسكرى يمثل عقبة تعوق التنفيذ ، وكانت المحكمة العسكرية قد قضت بعدم وقف تنفيذ فرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ مع استمرار تنفيذ الحكم الصادر فى القضيتين ٢٣ ، ٢٤ لسنة ١٩٩٢ جنايات إدارة المدعى العام العسكرى ، فقد ارتأى المدعيان أن حكمين نهائيين قد تناقضا بما يجعل تنفيذهما معاً متعذراً ، ومن ثم اقاما الدعوى الماثلة للفصل فيما تصوراه من تناقض بين حدين أولهما الحكمان الصادران فى القضيتين رقمى ٢٣ ، ٢٤ لسنة ١٩٩٢ جنايات إدارة المدعى العام العسكرى بجلسة ٣ ديسمبر سنة ١٩٩٢ واللذان تضمنا رفض الدفع بعدم اختصاص القضاء العسكرى ولائيا بنظرها وباختصاصها ، وكذلك الحكم الصادر بتاريخ ٩ ديسمبر سنة ١٩٩٢ من المحكمة العسكرية العليا بعدم وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ مع استمرار تنفيذ الحكمين الصادرين فى القضيتين رقمى ٢٣ ، ٢٤ لسنة ١٩٩٢ ، وثانيهما الحكم الصادر من محكمة القضاء إلادارى فى الدعوى رقم ٧٦٣ سنة ٤٧ ق بجلسة ٨ ديسمبر سنة ١٩٩٢ فيما قضى به من وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢
وحيث إن من المقرر – وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة – ان مناط قبول طلب فض التنازع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثا من المادة ٢٥ من قانون
المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من آية جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة اخرى منها وأن يكونا قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً ، مما مؤداه أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين الأحكام وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه هو ذلك النزاع الذى يقوم بين أحكام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى .
ومن حيث إن مؤدى نص المادة ٢٥ ( ثالثا ) المشار إليها ، أن ولاية
المحكمة الدستورية العليا
لا تمتد الى الفصل فى قالة التناقض بين الأحكام الصادرة عن جهة قضائية واحدة إذ تتولى هذه الجهة وحدها تقويم اعوجاجها ، تصويبا لما يكون قد شابها من خطاً فى تحصيل الواقع أو تطبيق القانون وتأويله أو هما معا ، كذلك لا تمتد ولاية
المحكمة الدستورية العليا
الى الفصل فى قالة التناقض بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين قضائيتين مختلفتين أذا كان أحدهما لم يعد قائما بعد الغائه ذلك ان التناقض فى هذه الصورة لا ينتظم حدين يعأرض كل منهما الآخر ويناقض تنفيذه ، بل يكون قوامه حدا واحدا لا يعترض تنفيذه قضاء يتصادم معه بما يعوق هذا التنفيذ
وحيث إن المدعى قررامام
المحكمة الدستورية العليا
بترك الخصومة فى الدعوى الماثلة ، لما كان ذلك وكان البين من نص المادتين ١٤١ و ١٤٢ من قانون المرافعات ان اولاهما تنص على ان يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح فى مذكرة موقعة من التارك أو وكيله مع اطلاع خصمه عليها ، أو بابدائه شفوياً فى الجلسة وإثباته فى المحضر ، كما تنص ثانيهما على ألا يتم الترك بعد ابداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة أو باحالة القضية الى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضى فى سماع الدعوى
وحيث إن دلالة هاتين المادتين أن المشرع وازن بهما بين حق المدعى فى التخلى عن دعواه إذا عن له النزول عن متابعتها لمصلحة يقدرها ، وبين حق المدعى عليه في الاعتراض على نزول المدعى عنها اصراراً من جانبه على موالاة نظرها والمضى فيها ، فرجح حق المدعى عليه فى الفصل فى الدعوى على حق المدعى فى التخلى عنها كلما أفصح المدعى عليه عن اتجاه إرادته إلى متابعتها ، ويكون ذلك كلما كان نزول المدعى عن دعواه قد تم بعد ابداء المدعى عليه لدفوعه او لطلباته التى لا يتوخى بها إخراج الخصومة من حوزة المحكمة التى تنظرها بما يحول بينها وبين سماعها ، متى كان ذلك ، وكان حق المدعى عليه فى الاعتراض على نزول المدعى عن دعواه مشروطاً بان تكون دفوعه وطلباته التى ابداها قبل هذا النزول لا يقصد بها إعاقة المحكمة عن الفصل فى الخصومة المقامة امامها ، وكان استيفاء هذا الشرط يفترض بداهة وبالضرورة ان تكون هذه الخصومة من عقدة لها داخلة فى نطاق اختصاصها الولائى ، فإن اعتراض المدعى عليه على نزول المدعى عن دعواه لايكون له محل كلما كانت قواعد هذا الاختصاص تحول بذاتها دون الفصل فى الخصومة التى اقامها المدعى .
وحيث إنه متى كان ماتقدم ، وكانت ولاية
المحكمة الدستورية العليا
فى مجال الفصل فى التناقض المنصوص عليه فى البند ثالثا من المادة ٢٥ من قانونها مناطها أن يكون هذا التناقض قائماً بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين ، مما مؤداه أن لكل تناقض مدعى به حدين متصادمين يتعذر تنفيذهما معاً ، فإذا ما آل أمر الادعاء بالتناقض إلى انصرافه إلى حد واحد ، خرج الفصل فيه عن ولاية
المحكمة الدستورية العليا
، وزال حق المدعى عليه فى الاعتراض على نزول المدعى عن دعواه من خلال تركها .
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان أحد حدى التناقض فى الدعوى الماثلة يتمثل فى قضاء محكمة القضاء إلادارى الصادر عنها فى ٨ ديسمبر سنة ١٩٩٢ فى الدعوى رقم ٧٦٣ سنة ٤٧ ق متضمناً وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ المطعون فيه، وكان هذا القضاء قد طعن عليه أمام المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم ٥١٥ سنة ٣٩ ق عليا – التى صدر حكمها فيه فى ٢٣ مايو سنة ١٩٩٣ منتهياً الى الغاء الحكم المطعون فيه، ورفض طلب وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٧٥ سنة ١٩٩٢ المطعون فيه ، فان قالة التناقض المدعى به فى مجال إعمال أحكام البند ثالثا من المادة ٢٥ من قانون
المحكمة الدستورية العليا
، لا تكون لها من قائمة بعد أن زال أحد حديه زوالاً نهائياً ، بما مؤداه انتفاء اتصال هذا التناقض بولاية
المحكمة الدستورية العليا
، وجواز النزول عن الدعوى المقامة بصدده .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بإثبات ترك المدعى لدعواه .