حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩ لسنة ٢ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩ لسنة ٢ دستورية
برياسة ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة وحضور عوض محمد المر ومحمد ابراهيم أبو العنين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .
– – – ١ – – –
لما كان مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية هو إرتباطها بالمصلحة القائمة فى دعوى الموضوع ، و ذلك بأن يؤثر الحكم الصادر فى المسألة الدستورية ، فى الطلبات الموضوعية المبدأة أمام محكمة الموضوع ، و كان قرار وزير المالية رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ فى شأن تحديد قيمة البضائع المستوردة للأغراض الجمركية ينص فى مادته الأولى على أن تقدر قيمة البضائع المحددة قيمتها بالنقد الأجنبى أو بحسابات غير مقيمة ” على أساس القيمة الفعلية للبضاعة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء أو مكان الوصول ، محسوبة بسعر الصرف التشجيعى ، فيما عدا البضائع المحولة قيمتها بسعر الصرف الرسمى ، فتقدر قيمتها على أساس السعر الرسمى ” و كانت دعوى براءة الذمة المقامة من المدعى ، ترتكز فى جوهرها على المنازعة فى سريان السعر التشجيعى الذى تضمنه هذا القرار فى شأن تقدير قيمة البضائع التى قام المدعى بإستيرادها بالعملة الأجنبية ، و كان المركز القانونى للمدعى – بالنسبة إلى الضريبة الجمركية المطالب بها – تحدد على مقتضى أحكام هذه المادة بعد أن إلتزمت بها مصلحة الجمارك فى مجال تحديد الضرائب الجمركية المستحقة عليه ، فإن الفصل فى دعوى براءة الذمة يتوقف على الفصل فى دستورية القرار رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه دون غيره من القرارات الأخرى المطعون عليها و ذلك فيما تضمنه من تقدير قيمة البضائع على أساس القيمة الفعلية محسوبة بسعر الصرف التشجيعى و بحسبان أن هذه القرارات لا تتصل بالطلبات الموضوعة ، و ليس من شأن الفصل فى دستوريتها أن يؤثر فى تلك الطلبات ، ذلك أن تلك القرارات لا تعدو أن تكون تنظيماً عاماً يتوخى إنشاء سوق موازية للسوق الرسمية القائمة على أساس سعر الصرف الرسمى ، تقوم من خلالها البنوك التجارية المصرية بشراء و بيع ما يعرض عليها من العملات الأجنبية التى يحددها البنك المركزى و ذلك بسعر صرف تشجيعى يتحدد على ضوء الإعتبارات و المؤشرات النقدية السائدة طبقاً للمادتين “١” ، “٨” من القرار رقم ٦٤ لسنة ١٩٧٤ بشأن تطوير السوق الموازية للنقد ، و من ثم فإن هذا القرار – و الذى حل محل القرار السابق رقم ٤٧٧ لسنة ١٩٧٣ بشأن إنشاء سوق موازية للنقد – يكون قد إستهدف وضع التنظيم القانونى لهذه السوق بتعيين مواردها و إستخداماتها المنظورة و غير المنظورة ، فضلاً عن سائر القواعد الأخرى المتصلة بتلك السوق و التى لا شأن لها بأسس تحديد و تقدير و تحصيل الضريبة الجمركية أو شروط إستحقاقها ، و إذ كان ذلك ، فإن نطاق الطعن – فى الدعوى الماثلة – إنما ينحصر فى قرار وزير المالية رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه و لا يتعداه إلى غيره من القرارات المطعون عليها فى صحيفة الدعوى الدستورية ، حيث تنعدم مصلحة الطاعن – فى هذه الدعوى – فى الطعن عليها ، و يتعين بالتالى عدم قبول الدعوى فى هذا الشق لإنتفاء المصلحة .
– – – ٢ – – –
النعى بأن نقد الدولة المصرية قد نظم دوماً – فيما يتعلق بسعر صرفه فى مواجهة العملات الأجنبية – عن طريق سلطة التشريع التى يتولاها مجلس الشعب دون غيره ، و إنه إذ أصدر وزير المالية القرار رقم ٢٣ لسنة ١٩٧٦ محدداً به سعر صرف العملة المصرية فى مواجهة العملات الأخرى بمناسبة تقدير قيمة البضاعة المستوردة لحساب الضريبة الجمركية عليها ، فإنه يكون قد إنتحل إختصاصاً مقرراً للسلطة التشريعية – مردود بأن تحديد سعر صرف الجنيه المصرى فى مواجهة العملات الأجنبية قد تم دائماً بقرار من وزير المالية منذ صدور القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩١٦ بنظام النقود فى البلاد المصرية ، حيث نصت المادة “١١” منه على أن الليرة الإسترلينية سعر قانونى فى القطر المصرى بقيمة تحدد بقرار من وزير المالية ، ثم صدر القانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٤٧ بتنظيم الرقابة على عمليات النقد الأجنبى ، و أصدر وزير المالية تنفيذاً له قراره رقم ٥٣ فى ١٦ يولية سنة ١٩٤٧ بتحديد أسعار العملات الأجنبية بالنسبة للعملة المصرية ….. و فضلاً عن ذلك كله ، فإن هذا الوجه من النعى – بفرض صحته – إنما يتصل بمجال المشروعية إذا تم تحديد سعر صرف العملة المصرية بالنسبة إلى العملات الأخرى بقرار إدارى على خلاف القانون – ما دام هذا التحديد ليس محجوزاً بنص الدستور للسلطة التشريعية – و من ثم فإن الأمر لا يمثل فى حد ذاته بالنسبة للدعوى الماثلة مخالفة دستورية مما يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيها .
– – – ٣ – – –
النعى بأن نقد الدولة المصرية قد نظم دوماً – فيما يتعلق بسعر صرفه فى مواجهة العملات الأجنبية – عن طريق سلطة التشريع التى يتولاها مجلس الشعب دون غيره ، و إنه إذ أصدر وزير المالية القرار رقم ٢٣ لسنة ١٩٧٦ محدداً به سعر صرف العملة المصرية فى مواجهة العملات الأخرى بمناسبة تقدير قيمة البضاعة المستوردة لحساب الضريبة الجمركية عليها ، فإنه يكون قد إنتحل إختصاصاً مقرراً للسلطة التشريعية – مردود بأن تحديد سعر صرف الجنيه المصرى فى مواجهة العملات الأجنبية قد تم دائماً بقرار من وزير المالية منذ صدور القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩١٦ بنظام النقود فى البلاد المصرية ، حيث نصت المادة “١١” منه على أن الليرة الإسترلينية سعر قانونى فى القطر المصرى بقيمة تحدد بقرار من وزير المالية ، ثم صدر القانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٤٧ بتنظيم الرقابة على عمليات النقد الأجنبى ، و أصدر وزير المالية تنفيذاً له قراره رقم ٥٣ فى ١٦ يولية سنة ١٩٤٧ بتحديد أسعار العملات الأجنبية بالنسبة للعملة المصرية ….. و فضلاً عن ذلك كله ، فإن هذا الوجه من النعى – بفرض صحته – إنما يتصل بمجال المشروعية إذا تم تحديد سعر صرف العملة المصرية بالنسبة إلى العملات الأخرى بقرار إدارى على خلاف القانون – ما دام هذا التحديد ليس محجوزاً بنص الدستور للسلطة التشريعية – و من ثم فإن الأمر لا يمثل فى حد ذاته بالنسبة للدعوى الماثلة مخالفة دستورية مما يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيها .
– – – ٤ – – –
النعى بأن قرار وزير المالية رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ قد تضمن تعديلاً للضريبة الجمركية بالزيادة مما يكون معه قد أخل بالمادتين “١١٩” ، “١٢٠” من الدستور اللتين تنص أولاهما على أن إنشاء الضرائب و تعديلها و إلغائها لا يكون إلا بقانون . و تنص ثانيتهما على أن تنظم القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة و إجراءات صرفها بقانون – مردود بأنه لئن كان الأصل فى الضريبة العامة أنه لا يجوز تحصيلها – كدين فى ذمة الممول – إذا كان القانون لم يجز فرضها ، إلا أن الحالة الماثلة تستند مباشرة إلى قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم ٣٣ لسنة ١٩٦٦ الذى تضمن أسس الضريبة الجمركية العامة على البضائع الواردة و أحكام الإلتزام بها – و هى ضريبة لم ينازع المدعى فى حق الدولة فى فرضها و لا فى كونه مخاطباً كمستورد بأحكامها ، و كانت الضريبة محل الدعوى الماثلة هى ضريبة جمركية تتناول البضاعة عند عبورها الحدود و بمناسبة ورودها ، و مصدرها المباشر هو نص المادة “٥” من قانون الجمارك المشار إليه التى تنص على إخضاع البضائع الواردة التى تدخل أراضى الجمهورية لضرائب الواردات المقررة فى التعريفة الجمركية ، و قد نظم القانون هذه الضريبة بأركانها سواء فيما يتعلق بالأشخاص الخاضعين لها أو الأموال و البضائع التى تتناولها ، و كذلك شروط سريانها و سعرها و كيفية تحصيلها فضلاً عن الواقعة المنشئة لها ، لما كان ذلك ، و كان ورود البضاعة – فى نطاق الدعوى الماثلة – يقتضى تقييمها توطئة لإخضاعها لضريبة قيمية تعتد بالحالة التى تكون عليها البضاعة وقت تطبيق التعريفة الجمركية عليها و طبقاً لجداول هذه التعريفة ، و كانت الفقرة الأخيرة من المادة “٢٢” من قانون الجمارك قد بينت بوضوح وعاء الضريبة التى تستحق بمناسبة ورود البضاعة ، فحصرت ذلك الوعاء فى القيمة الفعلية للبضاعة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء أو مكان الوصول ” وفقاً للشروط و الأوضاع التى يقررها وزير الخزانة ” ، و ذلك بوصفها بضاعة واردة محددة قيمتها بنقد أجنبى ، و كان من المقرر قانوناً أن وعاء الضريبة هو المال الذى تفرض عليه ، و قد حدد قانون الجمارك هذا الوعاء بأنه القيمة الفعلية للبضاعة الواردة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء الوصول – و إذ كان تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع للضريبة ، فقد كان من المنطقى أن يعهد قانون الجمارك إلى وزير المالية تحديد شروط و أوضاع تطبيقه بإختيار الوسيلة الملائمة لتقدير هذا الوعاء من أجل التوصل إلى حقيقته على أكمل وجه ممكن ، لما هو مقرر من أن تقدير وعاء الضريبة على أسس واقعية يعتبر شرطاً لازماً لكفالة العدالة و صون مصلحة كل من الممول و الخزانة العامة .
– – – ٥ – – –
إن إصدار وزير المالية – إبتغاء تقدير قيمة البضاعة الواردة بنقد أجنبى تقديراً واقعياً – القرار رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ – الطعين – مستهدفاً تقدير قيمة هذا الوعاء على أسس واقعية فى إطار السلطة المخولة له قانوناً بالمادة “٢٢” من قانون الجمارك و ذلك بإتخاذه من السعر التشجيعى الذى يجرى به التعامل فى السوق الموازية معياراً لتقييم العملة الأجنبية التى تم الإستيراد بها بالعملة المصرية – و ذلك ما لم تكن البضاعة الواردة قد حولت قيمتها بسعر الصرف الرسمى حيث تقدر قيمتها عندئذ على أساس هذا السعر – لما كان ذلك ، و كان الإستيراد فى الدعوى الماثلة قد تم بدون تحويل عملة بما يعنيه ذلك من عدم إلتزام الدولة بتدبيرها على أساس سعر الصرف الرسمى و لجوء المدعى – فى سبيل الحصول على العملة – إلى مصادر خارج نطاق السوق الرسمية للصرف حيث لا يتصور أن يقل السعر المتداول فيها عن السعر التشجيعى الذى يجرى التعامل به فى السوق الموازية ، و كانت أسعار الصرف فى السوق الموازية تتحدد على ضوء الإعتبارات و المؤشرات النقدية السارية طبقاً لنص المادة “٨” من قرار تطوير تلك السوق رقم ٦٤ لسنة ١٩٧٤ ، بما مؤداه أنها أسعار توجهها العوامل الإقتصادية التى لا تسيطر عليها الدولة أو تستقل بتقديرها . فضلاً عن أن تحديد الأسعار التشجيعية للعملات الأجنبية التى يجرى التعامل بها فى نطاق السوق الموازية ، تتولاه لجنة ألزمها القرار المشار إليه فى المادة “٨” منه بأن تحدد هذه الأسعار بيعاً على أساس تضمينها عمولة لا تزيد نسبتها على ٥% من الأسعار الرسمية شراء . إذ كان ذلك ، و كان القرار الطعين قد أحال إلى السعر التشجيعى كمعيار لتقييم البضاعة الواردة بالعملة المصرية ، فإن هذا القرار لا يكون قد عدل من الأسس التى يقوم عليها النظام القانونى للضريبة الجمركية المستحقة على المدعى – و بوجه خاص تلك المتعلقة بتحديد وعائها أو الأموال الخاضعة لها أو سعرها – و إنما سعى مصدر القرار بإصداره إلى تقدير قيمتها تقديراً واقعياً فى إطار تلك الأوضاع التى خوله القانون تحديدها وفقاً لنص المادة “٢٢” منه ، و التى تستمد ضوابطها أصلاً من السلطة التى يملكها فى مجال حصر و تقدير وعاء الضريبة ، بما لا مخالفة فيه للدستور .
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد تقدم إلى محكمة ميناء البصل الجزئية بأمر على عريضة قيد برقم ٤٧ لسنة ١٩٧٨ طالباً محاسبته جمركياً على أساس تحديد قيمة الشاسيهات التى سبق أن استوردها بالنقد الأجنبي، مقومة طبقاً للسعر الرسمى وليس السعر التشجيعى للعملة، وبالتالى صرف الفروق المستحقة له على هذا الأساس والبالغة ١٧٠١٧.٥٢ جنيهاً، وبتاريخ أول يونيه سنة ١٩٧٨ صدر الأمر المشار إليه بصرف تلك الفروق إلى المدعى، وقامت مصلحة الجمارك بتنفيذ هذا الأمر فعلاً، ثم تظلمت منه أمام قاضى الأمور الوقتية طالبة إلغاءه، فأقام المدعى الدعوى رقم ٣٣٦٢ لسنة ١٩٧٩ تجارى كلى إسكندرية ضد وزيرى المالية والتجارة ومصلحة الجمارك، طالباً الحكم ببراءة ذمته من الفروق المشار إليه، وخلال نظر هذه الدعوى دفع الحاضر عن المدعى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم دستورية قرارات وزير المالية الصادرة بتنظيم السعر التشجيعى للعملة، وخاصة القرارات رقم ٤٧٧ لسنة ١٩٧٣ ورقم ٦٤لسنة ١٩٧٤ ورقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦، وبجلسة ١٦ يناير سنة ١٩٨٠ صرحت المحكمة للمدعى بالطعن بعدم دستورية القرار موضوع الدعوى، فأقام الدعوى الماثلة، مستهدفاً الحكم فيها بعدم دستورية القرارات اللائحية الصادرة عن وزير المالية والمتعلقة بالسعر التشجيعى للعملة وعلى الأخص القرارات الثلاثة المشار إليها. وحيث إن المدعى أقام دعواه الموضوعية رقم ٣٣٦٢ لسنة ١٩٧٩ تجارى كلى إسكندرية طالباً فى صحيفتها الحكم ببراءة ذمته من مبلغ الفروق سالف الذكر، قولاً منه بأن مصلحة الجمارك قومت البضائع التى استوردها بالنقد الأجنبي – توطئة لحساب الضريبة الجمركية المستحقة عليها – بما يعادل قيمتها بالعملة المصرية محسوبة على أساس سعر الصرف التشجيعى ، حال أن سعر الصرف الرسمى للعملة هو الذى يتعين الاعتداد به – فى مجال الأغراض الجمركية – لتحديد قيمة البضاعة التى استوردها، وأن الفرق بين هذين السعرين،يمثل المبلغ الذى يطلب الحكم ببراءة ذمته منه. لما كان ذلك، وكان مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية هو إرتباطها بالمصلحة القائمة فى دعوى الموضوع، وذلك بأن يؤثر الحكم الصادر فى المسألة الدستورية، فى الطلبات الموضوعية المبداة أمام محكمة الموضوع، وكان قرار وزير المالية رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ فى شأن تحديد قيمة البضائع المستوردة للأغراض الجمركية ينص فى مادته الأولى على أن تقدر قيمة البضائع المحددة قيمتها بالنقد الأجنبى أو بحسابات غير مقيمة” على أساس القيمة الفعلية للبضاعة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء أو مكان الوصول، محسوبة بسعر الصرف التشجيعي، فيما عدا البضائع المحولة قيمتها بسعر الصرف الرسمي، فتقدر قيمتها على أساس السعر الرسمى ” وكانت دعوى براءة الذمة المقامة من المدعى، ترتكز فى جوهرها على المنازعة فى سريان السعر التشجيعى الذى تضمنه هذا القرار فى شأن تقدير قيمة البضائع التى قام المدعى باستيرادها بالعملة الأجنبية، وكان المركز القانونى للمدعى – بالنسبة إلى الضريبة الجمركية المطالب بها – قد تحدد على مقتضى أحكام هذه المادة بعد أن إلتزمت بها مصلحة الجمارك فى مجال تحديد الضرائب الجمركية المستحقة عليه، فإن الفصل فى دعوى براءة الذمة يتوقف على الفصل فى دستورية القرار رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه دون غيره من القرارات الأخرى المطعون عليها وذلك فيما تضمنه من تقدير قيمة البضائع على أساس القيمة الفعلية محسوبة بسعر الصرف التشجيعى وبحسبان أن هذه القرارات لا تتصل بالطلبات الموضوعية، وليس من شأن الفصل فى دستوريتها أن يؤثر فى تلك الطلبات، ذلك أن تلك القرارات لا تعدو أن تكون تنظيماً عاماً يتوخى إنشاء سوق موازية للسوق الرسمية القائمة على أساس سعر الصرف الرسمي، تقوم من خلالها البنوك التجارية المصرية بشراء وبيع ما يعرض عليها من العملات الأجنبية التى يحددها البنك المركزى وذلك بسعر صرف تشجيعى يتحدد على ضوء الاعتبارات والمؤشرات النقدية السائدة طبقاً للمادتين (١)، (٨) من القرار رقم ٦٤ لسنة ١٩٧٤ بشأن تطوير السوق الموازية للنقد، ومن ثم فإن هذا القرار – والذى حل محل القرار السابق رقم ٤٧٧ لسنة ١٩٧٣ بشأن إنشاء سوق موازية للنقد – يكون قد استهدف وضع التنظيم القانونى لهذه السوق بتعيين مواردها واستخداماتها المنظورة وغير المنظورة، فضلاً عن سائر القواعد الأخرى المتصلة بتلك السوق، والتى لا شأن لها بأسس تحديد وتقدير وتحصيل الضريبة الجمركية أو شروط استحقاقها، وإذ كان ذلك، فإن نطاق الطعن – فى الدعوى الماثلة – إنما ينحصر فى قرار وزير المالية رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه ولا يتعداه إلى غيرهم من القرارات المطعون عليها فى صحيفة الدعوى الدستورية، حيث تنعدم مصلحة الطاعن – فى هذه الدعوى – فى الطعن عليها ، ويتعين بالتالى عدم قبول الدعوى فى هذا الشق لانتفاء المصلحة. وحيث إن المدعى أسس طعنه بعدم الدستورية على سند من القول بأن نقد الدولة المصرية قد نظم دوماً – فيما يتعلق بسعر صرفه فى مواجهة العملات الأجنبية – عن طريق سلطة التشريع التى يتولاها مجلس الشعب دون غيره، وأنه إذ أصدر وزير المالية القرار رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه محدداً به سعر صرف العملة المصرية فى مواجهة العملات الأخرى بمناسبة تقدير قيمة البضاعة المستوردة لحساب الضريبة الجمركية عليها، فإنه يكون قد انتحل إختصاصاً مقرراً للسلطة التشريعية، هذا بالإضافة إلى أن القرار المشار إليه قد تضمن تعديلاً للضريبة الجمركية بالزيادة وأخل بذلك بالمادتين (١١٩)، (١٢٠) من الدستور التى تنص أولاهما على أن إنشاء الضرائب وتعديلها وإلغائها لا يكون إلا بقانون، وتنص الثانية على أن تنظم القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة وإجراءات صرفها بقانون. وحيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بأن تحديد سعر صرف الجنيه المصرى فى مواجهة العملات الأجنبية قد تم دائماً بقرار من وزير المالية منذ صدور القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩١٦ بنظام النقود فى البلاد المصرية، حيث نصت المادة (١١) منه على أن الليرة الإسترلينية سعر قانونى فى القطر المصرى بقيمة تحدد بقرار من وزير المالية، ثم صدر القانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٤٧ بتنظيم الرقابة على عمليات النقد الأجنبي، وأصدر وزير المالية تنفيذاً له قراره رقم ٥٣ فى ١٦ يوليه سنة١٩٤٧ بتحديد أسعار العملات الأجنبية بالنسبة للعملة المصرية…. وفضلاً عن ذلك كله، فإن هذا الوجه من النعى – بفرض صحته – إنما يتصل بمجال المشروعية إذا تم تحديد سعر صرف العملة المصرية بالنسبة إلى العملات الأخرى بقرار إدارى على خلاف القانون – ما دام هذا التحديد ليس محجوزاً بنص الدستور للسلطة التشريعية – ومن ثم فإن الأمر لا يمثل فى حد ذاته بالنسبة للدعوى الماثلة مخالفة دستورية مما يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيها. وحيث إنه عن النعى بمخالفة القرار الطعين للمادتين (١١٩) ، (١٢٠) من الدستور – على الوجه سالف البيان – فإن هذا النعى بدوره مردود بأنه ولئن كان الأصل فى الضريبة العامة أنه لا يجوز تحصيلها – كدين فى ذمة الممول – إذا كان القانون لم يجز فرضها، إلا أن الحالة الماثلة تستند مباشرة إلى قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم ٣٣ لسنة ١٩٦٦ الذى تضمن أسس الضريبة الجمركية العامة على البضائع الواردة وأحكام الإلتزام بها – وهى ضريبة لم ينازع المدعى فى حق الدولة فى فرضها ولا فى كونه مخاطباً كمستورد بأحكامها – وإن كان قد شرط لقيام هذا الحق أن تقوم العملة الأجنبية التى تم الاستيراد بها بسعر صرفها الرسمى وليس على أساس السعر التشجيعى الذى نص عليه القرار الطعين، بمقولة أن تقرير هذا السعر يخرج من جهة عن اختصاص وزير المالية، وينطوى من ناحية أخرى على تعديل لقيمة الضريبة الجمركية التى فرضها القانون عن طريق زيادة قيمتها. وحيث إن الضريبة محل الدعوى الماثلة هى ضريبة جمركية تتناول البضاعة عند عبورها الحدود وبمناسبة ورودها، ومصدرها المباشر هو نص المادة (٥) من قانون الجمارك المشار إليه التى تنص على إخضاع البضائع الواردة التى تدخل أراضى الجمهورية لضرائب الواردات المقررة فى التعريفة الجمركية، وقد نظم القانون هذه الضريبة بأركانها سواء فيما يتعلق بالأشخاص الخاضعين لها أو الأموال والبضائع التى تتناولها، وكذلك شروط سريانها وسعرها وكيفية تحصيلها فضلاً عن الواقعة المنشئة لها، لما كان ذلك، وكان ورود البضاعة – فى نطاق الدعوى الماثلة – يقتضى تقييمها توطئة لإخضاعها لضريبة قيمية تعتد بالحالة التى تكون عليها البضاعة وقت تطبيق التعريفة الجمركية عليها وطبقاً لجداول هذه التعريفة ، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة (٢٢) من قانون الجمارك قد بينت بوضوح وعاء الضريبة التى تستحق بمناسبة ورود البضاعة، فحصرت ذلك الوعاء فى القيمة الفعلية للبضاعة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء أو مكان الوصول ” وفقاً للشروط والأوضاع التى يقررها وزير الخزانة ” وذلك بوصفها بضاعة واردة محددة قيمتها بنقد أجنبي، وكان من المقرر قانوناً أن وعاء الضريبة هو المال الذى تفرض عليه، وقد حدد قانون الجمارك هذا الوعاء بأنه القيمة الفعلية للبضاعة الواردة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء الوصول، وإذ كان تحديد الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع للضريبة، فقد كان من المنطقى أن يعهد قانون الجمارك إلى وزير المالية تحديد شروط وأوضاع تطبيقه باختيار الوسيلة الملائمة لتقدير هذا الوعاء من أجل التوصل إلى حقيقته على أكل وجه ممكن، لما هو مقرر من أن تقدير وعاء الضريبة على أسس واقعية يعتبر شرطاً لازماً لكفالة العدالة وصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة. وإذ أصدر وزير المالية – ابتغاء تقدير قيمة البضاعة الواردة بنقد أجنبى تقديراً واقعياً – القرار رقم ١٢٣ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه مستهدفاً تقدير قيمة هذا الوعاء على أسس واقعية فى إطار السلطة المخولة له قانوناً بالمادة (٢٢) من قانون الجمارك، وذلك بأن اتخذ من السعر التشجيعى الذى يجرى به التعامل فى السوق الموازية معياراً لتقييم العملة الأجنبية التى تم الاستيراد بها بالعملة المصرية – وذلك بالطبع ما لم تكن البضاعة الواردة قد حولت قيمتها بسعر الصرف الرسمى حيث تقدر قيمتها عندئذ على أساس هذا السعر – لما كان ذلك وكان الاستيراد فى الدعوى الماثلة قد تم بدون تحويل عملة بما يعنيه ذلك من عدم إلتزام الدولة بتدبيرها على أساس سعر الصرف الرسمى ولجوء المدعى – فى سبيل الحصول على العملة – إلى مصادر خارج نطاق السوق الرسمية للصرف حيث لا يتصور أن يقل السعر المتداول فيها عن السعر التشجيعى الذى يجرى التعامل به فى السوق الموازية ، وكانت أسعار الصرف فى السوق الموازية تتحدد على ضوء الاعتبارات والمؤشرات النقدية السارية طبقاً لنص المادة (٨) من قرار تطوير تلك السوق رقم ٦٤ لسنة ١٩٧٤ المشار إليه، بما مؤداه أنها أسعار توجهها العوامل الاقتصادية التى لا تسيطر عليها الدولة أو تستقل بتقديرها، فضلاً عن أن تحديد الأسعار التشجيعية للعملات الأجنبية التى يجرى التعامل بها فى نطاق السوق الموازية، تتولاه لجنة ألزمها القرار المشار إليه فى المادة (٨) منه بأن تحدد هذه الأسعار بيعاً على أساس تضمينها عمولة لا تزيد نسبتها على ٥% من الأسعار الرسمية شراء، إذ كان ذلك، وكان القرار الطعين قد أحال إلى السعر التشجيعى كمعيار لتقييم البضاعة الواردة بالعملة المصرية، فإن هذا القرار لا يكون قد عدل من الأسس التى يقوم عليها النظام القانونى للضريبة الجمركية المستحقة على المدعى – وبوجه خاص تلك المتعلقة بتحديد وعائها أو الأموال الخاضعة لها أو سعرها – وإنما سعى مصدر القرار بإصداره إلى تقدير قيمتها تقديراً واقعياً فى إطار الشروط والأوضاع التى خوله القانون تحديدها وفقاً لنص المادة (٢٢) منه، والتى تستمد ضوابطها أصلاً من السلطة التى يملكها في مجال حصر وتقدير وعاء الضريبة بما لا مخالفة فيه للدستور. “لهذه الأسباب” حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.