حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩٨ لسنة ٤ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩٨ لسنة ٤ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت ٥ مارس سنة ١٩٩٤ الموافق ٢٣ رمضان سنة ١٤١٤ هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: محمد ولي الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وعدلي محمود منصور أعضاء
وحضور السيد المستشار نجيب جمال الدين علما المفوض
وحضور السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٩٨ لسنة ٤ قضائية “دستورية”
– – – الإجراءات – – –
بتاريخ ٢٤ يونية سنة ١٩٨٢ أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين بعدم دستورية القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعين – وهم إيرانيو الجنسية – سبق أن فرضت عليهم الحراسة الأول والثالثة بمقتضى الأمر رقم ١٤٠ لسنة ١٩٦١ والثاني عملا بالأمر رقم ٢٧٠ لسنة ١٩٦٣، وتقرر تعويضهم طبقا لأحكام المادة الخامسة من القرار بقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١ بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤، وعلى أساس أن المدعين الأول والثالثة قد غادرا البلاد بتاريخ ٦ من يوليو سنة ١٩٦٧، وأن المدعي الثاني لم يعد يقيم فيها منذ عام ١٩٥٧، وكان المدعون قد أقاموا الدعوى رقم ٢٢٦٨ لسنة ١٩٨١ مدني كلي جنوب القاهرة ضد المدعى عليهم الأربعة الأخيرين بطلب الحكم بعدم الاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ الأول من مارس سنة ١٩٧٤ الصادر من الحارس العام إلى المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق عن المنشأة المملوكة لهم، وعدم سريان هذا العقد في حقهم وبطلانه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأحيلت الدعوى المذكورة إلى محكمة القيم وقيدت بجدولها برقم ١٩٧ لسنة ١ ق “قيم”. وأثناء نظرها دفع المودعون بعدم دستورية القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١. وإذ صرحت لهم محكمة الموضوع – بعد تقديرها لجدية الدفع – برفع الدعوى الدستورية، فقد أقاموا الدعوى المماثلة.
وحيث إن قوام هذه الدعوى رد اعتداء قال المدعون – وهم من غير المواطنين – بوقوعه على أموالهم وممتلكاتهم بالمخالفة للدستور، فإن اختصاص هذه المحكمة بنظرها – ووفقا لما جرى عليه قضاؤها – يعتبر أمرا ثابتا لا نزاع فيه، ذلك أن الدستور أفرد بابه الرابع للقواعد التي صاغها في مجال سيادة القانون، وهي قواعد تتكامل فيما بينها ويندرج تحتها نص المادة الثامنة والستين التي كفل بها حق التقاضي للناس كافة، دالا بذلك على أن التزام الدولة بضمان هذا الحق فرع من واجبها في الخضوع للقانون، ومؤكدا بمضمونه جانبا من أبعاد سيادة القانون التي جعلها أساسا للحكم في الدولة على ما تنص عليه المادتان الرابعة والستون والخامسة والستون. وإذ كان الدستور قد أقام من استقلال القضاء وحصانته ضمانين أساسيين لحماية الحقوق والحريات، فقد أضحى لازما – وحق التقاضي هو المدخل إلى هذه الحماية – أن يكون هذا الحق مكفولا بنص صريح في الدستور كي لا تكون الحقوق والحريات التي تنص عليها مجردة من وسيلة حمايتها، بل معززة بها لضمان فعاليتها.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الالتزام الملقى على عاتق الدولة وفقا لنص المادة الثامنة والستين من الدستور يقتضيها أن توفر لكل فرد – وطنيا كان أم أجنبيا – نفاذا ميسرا إلى محاكمها بالإضافة إلى الحماية الواجبة للحقوق المقررة بتشريعاتها، وبمراعاة الضمانات الأساسية اللازمة لإدارة العدالة إدارة فعالة وفقا لمستوياتها في الدول المتحضرة، وكانت الحقوق التي تستمد وجودها من النصوص القانونية يلازمها بالضرورة – ومن أجل اقتضائها – طلب الحماية التي يكفلها الدستور أو المشرع لها، باعتبار أن مجرد النفاذ إلى القضاء في ذاته لا يعتبر كافيا لضمانها، وإنما يجب أن يقترن هذا النفاذ دوما بإزالة العوائق التي تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة عن العدوان عليها، وبوجه خاص ما يتخذ منها صورة الأشكال الإجرائية المعقدة، كي توفر الدولة للخصومة في نهاية مطافها حلا منصفا يقوم على حيدة المحكمة واستقلالها، ويضمن عدم استخدام التنظيم القضائي كأداة للتميز ضد فئة بذاتها أو للتحامل عليها، وكانت هذه التسوية هي التي يعمد الخصم إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها، فإن هذه الترضية – وبافتراض مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور – تندمج في الحق في التقاضي، وتعتبر من متمماته، وذلك لارتباطها بالغاية النهائية المقصودة منه برابطة وثيقة. وآية ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية لا تتمحض عنها بفائدة عملية، ولكن غايتها طلب منفعة يقرها القانون وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها، وذلك هو ما أكدته هذه المحكمة بما جرى عليه قضاؤها من أن الدستور أفصح بنص المادة الثامنة والستين منه عن ضمان حق التقاضي كمبدأ دستوري أصيل مرددا بذلك ما قررته الدساتير السابقة ضمنا من كفالة هذا الحق لكل فرد – وطنيا كان أو أجنبيا – باعتباره الوسيلة التي تكفل حماية الحقوق التي يتمتع بها قانونا ورد العدوان عليها.
وحيث إنه متى كان ذلك – وكان من المقرر قانونا أن للدولة بناء على ضرورة تفرضها أوضاعها الاقتصادية أو تتطلبها إدارة علاقاتها الخارجية أو توجبها روابطها القومية أو غير ذلك من مصالحها الحيوية، أن تفرض قيودا في شأن الأموال التي يجوز لغير المواطنين تملكها، أو أن تخرج فئة منها من دائرة الأموال التي يجوز لهم التعامل فيها، سواء أكانت أموالا منقولة أم عقارية، فإن من الصحيح كذلك أن تداخل مصالح الدول ونماء اتصالاتها الدولية وحتمية التعاون فيما بينها، يلزمها بأن تعمل كل منها – في نطاق إقليمها – على أن توفر الوسائل الإجرائية والقواعد الموضوعية التي يتمكن الأجنبي من خلالها من رد العدوان على حقوقه الثابتة وفقا لنظمها القائمة، وهو ما قررته المادة الثامنة والستون من الدستور التي لا يجوز للدولة بموجبها أن تجحد على غير مواطنيها الحق في اللجوء إلى قضائها للدفاع عن حقوقهم التي تكفلها القوانين الوطنية، وإلا اعتبر إعراضها عن توفير هذه الحماية أو إغفالها لها إنكارا للعدالة تقوم به مسئوليتها الدولية، ويوقعها في حومة المخالفة الدستورية. متى كان ذلك، وكان المدعون – وهم من غير المواطنين – يستهدفون بدعواهم الموضوعية رد الأموال – التي يقولون باغتصابها بالمخالفة لأحكام الدستور عينا إليهم، وكان اكتسابهم ملكيتها وفقا للقوانين المعمول بها وبمراعاة الأوضاع المقررة فيها، غير متنازع فيه، فإن الحماية التي كفلتها المادة الرابعة والثلاثون من الدستور للحق في الملكية تنسحب إليهم، ذلك أن حجبها عنهم أو تقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها، يكرس انتزاع أموالهم، ويعتبر إهدار لسند ملكيتها وإسقاطا للحقوق المتفرعة عنها، وإفراغا للمادة الثامنة والستين من الدستور من محتواها.
وحيث إنه على ضوء ما تقدم، وكانت هذه المحكمة هي الجهة القضائية العليا التي اختصها الدستور والمشرع كلاهما بولاية الفصل في المسائل الدستورية، وليس ثمة جهة أخرى يمكن أن تنازعها هذا الاختصاص، أو أن تنتحله لنفسها، فإن الفصل في المخالفة الدستورية المدعى بها إنما يعود إلى هذه المحكمة دون غيرها.
وحيث إن المدعين ينعون على القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، مخالفته أحكام المادتين ١٠٨ و١٤٧ من الدستور قولا منهم بأن الأصل في السلطة التشريعية هو أن يتولاها مجلس الشعب، وأنه لا استثناء من ذلك إلا في الحالتين المنصوص عليهما في هاتين المادتين اللتين تخولان رئيس الجمهورية سلطة استثنائية يتعين أن يتقيد في نطاق ممارستها بالحدود والقيود التي فرضها الدستور. وإذ صدر هذا القرار بقانون بغير تفويض من السلطة التشريعية، ودون أن تتوافر حالة الضرورة التي تسوغ إصداره في غيبتها، فإنه بذلك يكون مخالفا للدستور. كما ينعى المدعون على المادة السادسة من ذلك القرار بقانون إنهاء إذ نقلت الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالأموال والممتلكات التي خضعت للحراسة من القضاء المدني – الذي يعد قاضيها الطبيعي – إلى محكمة القيم، وإذ عدلت في اختصاص الهيئات القضائية بقرار بقانون وليس بقانون فإنها تكون قد خالفت حكم المادتين ٦٨ و١٦٧ من الدستور.
وحيث إن البين من الأعمال التحضيرية للقرار بقانون المطعون عليه – وعلى ما قررته هذه المحكمة بحكمها الصادر في الدعوتين رقمي ١٣٩ و١٤٠ لسنة ٥ قضائية “دستورية” والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ ٣ يوليه سنة ١٩٨٦ – أن القرار بقانون المطعون عليه صدر استنادا إلى المادة ١٤٧ من الدستور، ملتزما الحدود الضيقة التي تفرضها الطبيعة الاستثنائية لمباشرة رئيس الجمهورية الاختصاص بإصداره في غيبة السلطة التشريعية، وكان هذا القضاء نافيا لصدور هذا القرار بقانون أثناء انعقاد السلطة التشريعية بناء على تفويض منها في الأحوال المنصوص عليها في المادة ١٠٨ من الدستور، فإن وجه النعي الذي أثاره المدعون في شأن عدم استيفاء ذلك القرار بقانون لأوضاعه الشكلية، يكون قد طرح على هذه المحكمة، وكلمتها فيه قاطعة لا تحتمل تعقيبا أو تأويلا، إذ كان ذلك، وكان قضاء المحكمة في الدعوتين المشار إليهما، قد جزم كذلك بأن محكمة القيم المشكلة وفقا لقانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠ هي القاضي الطبيعي في مفهوم المادة ٦٨ من الدستور بالنسبة إلى منازعات الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم، وكذلك أموال الأشخاص الاعتبارية، وكان من المقرر أن ما فصلت فيه هذه المحكمة – في الدعوتين المشار إليهما – سواء من ناحية العيوب الشكلية أو المطاحن الموضوعية، إنما يجوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي لنقضه من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة لمراجعته، متى كان ذلك، فإن الخصومة في هذا الشق من الدعوى تكون منتهية بعد أن حسمتها هذه المحكمة المشار إليه.
وحيث إن المدعين ينعون كذلك على الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، أن ما قررته من تعويض الأشخاص المشار إليهم فيها عن تدابير الحراسة طبقا لأحكام القرار بقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١ بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ برفع الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص – وفي الحدود المنصوص عليها فيه – مؤداه التقيد بالحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه، مما من شأنه إهدار حجية الحكم الصادر عن هذه المحكمة في الدعوى رقم ٥ لسنة ١ قضائية “دستورية” فيما قضى به من أن ما قررته هذه المادة من حد أقصى للتعويض الإجمالي المنصوص عليه فيها، إنما ينطوي على مخالفة للمادتين ٣٤، ٣٧ من الدستور.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ المشار إليه – وبعد أن قضت هذه المحكمة بجلسة ٧ من مارس سنة ١٩٩٢ في القضية رقم ٨ لسنة ٨ قضائية “دستورية” بعدم دستوريتها في مجال تطبيقها بالنسبة إلى من أسقطت عنهم الجنسية المصرية أو تخلوا عنها – غدت تنص على ما يأتي:
“وبالنسبة إلى الأشخاص الذين غادروا البلاد مغادرة نهائية ولم يعودوا إلى الإقامة بمصر خلال المدة المنصوص عليها في قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤، فيعوضون عن تدابير الحراسة طبقا لأحكام القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١، وفي الحدود المنصوص عليها فيه”.
وحيث إن البين من تقضي التشريعات الصادرة في شأن رفع الحراسة وتصفية الأوضاع المترتبة عليها وكذلك الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض نصوصها – وبقدر اتصالها بالدعوى الراهنة – أن القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه قد تضمن قاعدتين: أولاهما تلك المنصوص عليها في مادته الأولى، وهي تقضي برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقا لأحكام قانون الطوارئ. وثانيتهما تلك التي أوردتها مادته الثانية مقررة بموجبها أيلولة الأموال والممتلكات المشار إليها إلى الدولة على أن يعوض أصحابها عنها بتعويض إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك، فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة. متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد انتهت بحكمها الصادر في ١٦ مايو ١٩٨١ في القضية رقم ٥ لسنة ١ قضائية “دستورية” إلى عدم دستورية نص المادة الثانية من ذلك القرار بقانون تأسيسا على أن الأيلولة إلى الدولة وكذلك التعويض الإجمالي المقرران بها، ينطويان على عدوان على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم ومصادرة لها بالمخالفة للمادتين ٣٤، ٣٦ من الدستور، وكان القرار بقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١ قد صدر متوخيا تصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الخاضعين لأحكام القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه متوسلا إلى ذلك بتحديد مراكزهم المالية، وكان أمد هذا التحديد قد عهد به إلى لجان قضائية تتولاه كل منها وفقا لأحكام مادته الخامسة التي تنص على أنه إذا تبين للجنة أن صافي الذمة المالية للخاضع لا يجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤، تصدر اللجنة قرار بتعويضه عن صافي العناصر المحققة من ذمته المالية مع التخلي له عن باقي العناصر غير المحققة أصولا وخصوما. أما إذا جاوز صافي الذمة المالية للخاضع الحد الأقصى سالف البيان، فيتم تعويضه عن صافي العناصر المحققة من ذمته المالية مع التخلي له عن قدر من العناصر غير المحققة لا يجاوز، صافيا – بالإضافة إلى التعويض المستحق له عن العناصر المحققة – ذلك الحد الأقصى. متى كان ذلك، وكان الأصل الذي التزمه القرار بقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١ فيما تضمنه من أحكام مستهدفا بها تصفية الحراسة وتحديد المراكز للخاضعين، هو أيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى الدولة وتعويضهم عنها وفق الأحكام المنصوص عليها في المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤، فإنه بذلك لا يكون قد نقض الأساس الذي قام عليه هذا القرار بقانون، بل تبناه بتمامه. وإذ خلص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم ٨ لسنة ٨ قضائية “دستورية” إلى عدم دستورية المادة الخامسة من القرار بقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١ على أساس التزامها الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٠ ومقداره ثلاثون ألف جنيه لتعويض الخاضع عن صافي العناصر المحققة من ذمته المالية وما يتم التخلي له عنه من عناصرها غير المحققة، وانطوائها بالتالي على استيلاء الدولة دون مقابل على القدر الزائد على هذا الحد الأقصى من أموال الخاضعين وممتلكاتهم مما يشكل عدوانا عليها ومصادرة لها بالمخالفة للمادتين ٣٤، ٣٦ من الدستور وبما يخل كذلك بالمادة ٣٧ التي لا تجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة إلى الملكية الزراعية، متى كان ذلك، وكان التعويض عن تدابير الحراسة وفقا للنص التشريعي المطعون عليه – وهو الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٨١ التي جرى تطبيقها على المدعين – وهم من غير المواطنين – مقيدا بألا يتجاوز مقداره الحدود المنصوص عليها في القرار بقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١ فإن النص المطعون عليه – وقد التزم الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في هذا القرار بقانون، يكون مشوبا بذات العوار الدستوري الموصومة به المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ والمادة الخامسة من القرار بقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١، ومنطويا بذلك على مخالفة للمادتين ٣٤ و٣٦ من الدستور.