حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩٣ لسنة ٤ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩٣ لسنة ٤ دستورية
تاريخ النشر : ٠٨ – ٠٣ – ١٩٨٤

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولي والثانية من المادة الثالثة من القرار رقم ١ لسنة ١٩٥٣ المعدلة بالقرار رقم ١ لسنة ١٩٦٣ الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بإصدار تفسير تشريعي لبعض أحكام المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢.

الحكم

برياسة فتحى عبد الصبور رئيس المحكمة وحضور محمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومحمد عبد الخالق النادى ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة أعضاء ومحمد ابراهيم أبو العنين المفوض وأحمد على فضل الله أمين السر .

– – – ١ – – –
مجالات التشريع الذى تمارسه سلطة التشريع إنما تمتد إلى جميع الموضوعات كما أن ملاءمات التشريع هى من أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع العادى ما لم يقيده الدستور بحدود و ضوابط يتعين على التشريع إلتزامها و إلا عد مخالفاً للدستور و من ثم يكون من حق التشريع العادى أن يستقل بوضع القواعد القانونية التى يراها محققة للمصلحة العامة متى كان فى ذلك ملتزماً بأحكام الدستور و قواعده .

– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة. حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعيين كانا قد تقدما بإقرار ملكيتهما إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تطبيقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ الذى حدد ملكية الفرد للأراضى الزراعية ومافى حكمها من الأراضى البور والصحراوية بخمسين فداناً على الأكثر وأدرجا فى هذا الإقرار مساحة من الأرض ذهبا إلى أنها من أراضى البناء مما دعاهما إلى رفع الاعتراض رقم ٨٣٣ لسنة ١٩٧٦ على قرار الاستيلاء على هذه المساحة أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى. واذ ردت الهيئة العامة للإصلاح الزراعى هذا الاعتراض بأن المادة الثالثة من التفسير التشريعى رقم ١ لسنة ١٩٥٣ المعدلة بالتفسير التشريعى رقم ٤ لسنة ١٩٥٣ وبالتفسير التشريعى رقم ١ لسنة ١٩٦٣ قد حددت الشروط الواجب توافرها فى الأراضى كى تعد من أراضى البناء وبأن هذه الشروط لا تتوافر فى حالة الأراضى محل الاعتراض سالف الذكر، فقد دفع المدعيان بعدم دستورية القرار رقم ١ لسنة ١٩٦٣ المشار إليه لمخالفته للمادتين ٣٤، ٣٧ من الدستور، وقررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بتاريخ ٩ مايو سنة ١٩٨٢ وقف الاعتراض حتى يرفع المدعيان الدعوى الدستورية فأقاما الدعوى الماثلة بطلب الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى رقم ١ لسنة ١٩٥٣ المعدل بالقرار رقم ١ لسنة ١٩٦٣. وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها قد نصت فى فقرتيها الأولى والثانية على أنه “لا يجوز لأى فرد أن يمتلك من الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى البور والصحراوية أكثر من خمسين فدانا. كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضى جملة ما تمتلكه الأسرة وذلك مع مراعاة الفقرة السابقة”. واذ نصت المادة ١٤ من هذا القرار بقانون على أنه “تسرى فى شأن الأراضى الخاضعة لأحكام القانون فيما لم يرد بشأنها نص أحكام المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بشأن الاصلاح الزراعى والقوانين المعدلة له وبما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون”، ومن ذلك – حسبما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور – القواعد الخاصة بأراضى البناء المستثناه من أحكام الاستيلاء طبقاً للتفسير التشريعى الصادر فى هذا الصدد للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ المشار إليه وهو التفسير الصادر بالقرار رقم ١ لسنة ١٩٦٣ المطعون فيه بعدم الدستورية فيما تضمنه من تعديل للفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من قرار التفسير التشريعى رقم ١ لسنة ١٩٦٣ استنادا إلى المادة ١٢ مكررا من المرسوم بقانون المشار إليه التى أجازت للجنة العليا للاصلاح الزراعى – وقد حل محلها مجلس إدارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بمقتضى المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم ٦١٤ لسنة ١٩٥٧ الصادر بإنشاء الهيئة العامة للإصلاح الزراعى – تفسير أحكام هذا المرسوم بقانون تفسيرا تشريعياً ملزما أوجبت نشره فى الجريدة الرسمية، فان مؤدى هذه النصوص أن أحكام التفسير التشريعى الخاصة بأراضى البناء المشار إليها تسرى كذلك فى شأن الأراضى الخاضعة لأحكام هذا القرار بقانون وتعتبر جزءا متمماً له طالما أنه لم يأت بحكم جديد. وحيث أن الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من القرار رقم ١ لسنة ١٩٥٣ المعدلة بالقرار رقم ١ لسنة ١٩٦٣ المطعون فيهما تنصان على أنه “لا يعتبر أرضاً زراعية فى تطبيق أحكام المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعى: ١ – الأراضى الداخلة فى كوردون البنادر والبلاد الخاضعة لاحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٤٠ بتقسيم الأراضى المعدة للبناء وذلك اذا كانت قد صدرت مراسيم بتقسيمها طبقاً لهذا القانون قبل صدور قانون الاصلاح الزراعى ٢ – الأراضى الداخلة فى كردون البنادر – والبلاد الخاضعة لاحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٤٠ سالف الذكر ولم تصدر مراسيم بتقسيمها قبل صدور قانون الإصلاح الزراعى بشرط مراعاة ما يأتى: أ – أن تكون هذه الأراضى عبارة عن قطعة أرض جزئت إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو المبادلة أو التأجير أو التحكير لإقامة مبان عليها، ب – أن تكون هذه التجزئة قد تمت بوجه رسمى أى ثابت التاريخ قبل العمل بقانون الاصلاح الزراعى، ج – أن تكون إحدى القطع الداخلة فى تلك التجزئة واقعة على طريق قائم داخل فى التنظيم ومثل هذه القطعة وحدها هى التى تعتبر من أراضى البناء التى يجوز الاحتفاظ بها زيادة عن الحد الاقصى الجائز تملكه قانوناً. وحيث إن المدعيين ينعيان على النصين المطعون فيهما أنهما يخالفان المادة ٣٤ من الدستور التى نصت على أن “الملكية الخاصة مصونة” والمادة ٣٧ منه التى فوضت المشرع العادى فى تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية وذلك تأسيساً على أن الدستور لم يجر هذا التحديد الا بشأن ملكية الأراضى الزراعية دون أراضى البناء وأنه بذلك يكون قد وضع قيدا على سلطة التشريع ومن ثم لا يكون تحديد ما يدخل ضمن مدلول الأراضى الزراعية وما لا يدخل من اطلاقات السلطة التشريعية بحيث لا تمتد إليه الرقابة القضائية الدستورية ومن جهة أخرى فان ما أتى به النصان المطعون فيهما من تفسير تشريعى يهدر طبيعة الأرض والغرض من استغلالها ويخالف ما وضعته المادة ٣٧ من الدستور من ضابط لتمييز الأراضى الزراعية عن غيرها حين وصفت هذه الأراضى بوصف “الزراعية” ذلك أن المعياد الذى اتخذه التفسير التشريعى معيار تحكمى من شأنه أن يدخل فى نطاق اللأراضى الزراعية أراض تعتبر بطبيعتها والغرض الذى تستغل فيه أراضى البناء ويخضعها بذلك للحد الأقصى للملكية الزراعية. وحيث ان الدستور بعد أن نص فى المادة ٣٢ منه على أن “الملكية الخاصة تتمثل فى رأس المال غير المستغل وينظم القانون وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى وفى اطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال، ثم نص فى المادة ٣٤ على أن “الملكية الخاصة مصونة” قضى فى المادة ٣٧ بأن “يعين القانون الحد الأقصى للملكية الزراعية بما يضمن حماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال…” ومؤدى ذلك أن الدستور قد ناط بالمشرع العادى تعيين الحد الأقصى للملكية الزراعية دون أن يضع معياراً يميز الأراضى الزراعية محل هذه الملكية عن غيرها، أما ما ورد فى المادة ٣٧ من الدستور من وصف الملكية التى يعين القانون حداً أقصى لها بأنها “زراعية” فهو وصف يحتاج إلى تحديد وبيان للضوابط التى يتحقق بها قيامه فى جانب هذه الملكية توصلا إلى تحديد ما يدخل فى نطاق الحد الأقصى للملكية الزراعية، واذ كانت مجالات التشريع الذى تمارسه سلطة التشريع إنما تمتد إلى جميع الموضوعات كما أن ملاءمات التشريع هى من أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع العادى ما لم يقيده الدستور بحدود وضوابط يتعين على التشريع التزامها وإلا عد مخالفا للدستور ومن ثم يكون من حق المشرع العادى أن يستقل بوضع القواعد القانونية التى يراها محققة للمصلحة العامة متى كان فى ذلك ملتزما بأحكام الدستور وقواعده، وكان البين من النصين المطعون فيهما من التفسير التشريعى الصادر بالقرار رقم ١ لسنة ١٩٦٣ بتفسير بعض أحكام قانون الاصلاح الزراعى أنهما لم يتضمنا وضع معيار جامع مانع لما يعد أرضا زراعية وما لا يعد كذلك، وانما أورد هذا التفسير التشريعى حالات – ليست على سبيل الحصر – أخرجها من الأراضى الزراعية المنصوص عليها فى المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ والقرار بقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ المشار إليهما واعتبر هذه الحالات – متى توافرت عناصرها – من أراضى البناء التى لا يشملها الحد الأقصى للملكية الزراعية وترك – فى غير هذه الحالات – تحديد ما إذا كانت الأرض زراعية أم لا – عند النزاع – إلى الجهة القضائية المختصة لتستظهر طبيعتها وفقا للظروف والملابسات التى تحيط بها، لما كان ذلك فان هذا المسلك من قرار التفسير التشريعى سالف الذكر لا يكون متعارضا مع نص المادة ٣٧ من الدستور وبالتالى لم يخرج عن مبدأ أن “الملكية االخاصة مصونة” الذى قررته المادة ٣٤ من الدستور وانما يندرج هذا المسلك ضمن ملاءمات التشريع التى تنأى عن الرقابة الدستورية باعتبار أنها من إطلاقات السلطة التقديرية للمشرع العادى على ما سلف بيانه. وحيث أنه لما تقدم يكون النعى بعدم دستورية النصين المطعون فيهما على غير أساس الأمر الذى يتعين معه رفض الدعوى.

زر الذهاب إلى الأعلى