حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦١ لسنة ١٢ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦١ لسنة ١٢ دستورية
تاريخ النشر : ٣٠ – ٠٥ – ١٩٩٦

منطوق الحكم : اعتبار الخصومة منتهية

مضمون الحكم : بشأن اعتبار الخصومة منتهية في دعوى طلب الحكم بعدم دستورية بعض الفقرات من المواد ٢ و ٣٨ من قانون ضريبة الاستهلاك رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١

الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت ١٨ مايو سنة ١٩٩٦ م الموافق ٣٠ ذو الحجة سنة ١٤١٦هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد عبد القادر عبد الله أعضاء
وحضور السيد المستشار / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٦١ لسنة ١٢ قضائية دستورية
المقامة من

الدكتور / محمود عادل محمد فؤاد
ضد
١ – السيد رئيس مجلس الوزراء
٢ – السيد وزير المالية

الإجراءات

بتاريخ ١٦ يونيه سنة ١٩٩٠ أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية ، والفقرة الثالثة من المادة ٣٨ من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١. وكذلك قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٦٠ لسنة ١٩٨٢.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى ، وإلا فبرفضها موضوعاً.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد قدم للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم ٤٣٠ لسنة ١٩٨٩ جنح النزهة ، بتهمة التهرب من أداء الضريبة على الاستهلاك المستحقة عليه عن الأدوية المبينة الوصف بالأوراق، والتى لم يقدم فى شأنها إقراره عن المخزون السلعى الموجود لديه منها، وعدم توريد الضريبة المقررة عليها خلال المواعيد المحددة قانوناً. وطلبت النيابة العامة عقابه بمقتضى المواد ١و ٢ و ٣ و ٤ و٤ مكرر و٩ و ١٧ و ٥٣ و ٥٤ / ١ و٥٤ مكرراً من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ المعدل بالقانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٢، وكذلك البند ١٢٣ من الجدول المرفق بقرار رئيس الجمهورية رقم ٣٦٠ لسنة ١٩٨٢، والمادة ١ من القرار رقم ٢٩٩ مكرر لسنة ١٩٨١، وبجلسة ٢٥ / ٥ / ١٩٨٩ قضى بإحالة القضية المشار إليها إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية للاختصاص، فقيدت أمامها برقم ٣٥٤٤ لسنة ١٩٨٩ جنح، ودفع المدعى أثناء نظرها – بعدم دستورية القانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية ، فقد صرحت للمدعى بإقامة دعواه الدستورية ، فأقام الدعوى الماثلة ، ثم قررت بجلسة ١ / ١٢ / ١٩٩٠ وقف الدعوى الموضوعية لحين الفصل فى الدعوى الدستورية الراهنة .
وحيث إن قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ قد ألغى بمقتضى المادة الثانية من قانون إصدار قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١؛ وكان نفاذ هذا القانون من تاريخ العمل به. لا يخل جريان الآثار التى رتبها القانون السابق عليه خلال الفترة التى ظل فيها قائماً، ذلك أن الأصل فى القاعدة القانونية هو سريانها اعتباراً من تاريخ العمل بها على الوقائع التى تمت فى ظلها وحتى إلغائها، فإذا أحل المشرع محلها قاعدة جديدة تعين تطبيقها اعتباراً من تاريخ نفاذها، وإهمال القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد مجال إعمال كل من القاعدتين من حيث الزمان، فما نشأ مكتملاً من المراكز القانونية – وجوداً وأثراً – فى ظل القاعدة القديمة ، يظل محكوماً بها وحدها.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، متى كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٦٠ لسنة ١٩٨٢ قد عدل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك مضيفاً بمقتضى الجدول (أ) المرفق به سلعاً جديدة إلى تلك التى أخضعها هذا القانون للضريبة محدداً قرين كل منها فئتها الضريبية، ومستنداً فى ذلك إلى الفقرة الثانية من المادة الثانية من ذلك القانون، وكان هذا القرار قد طبق خلال فترة نفاذه على المدعى فى الدعوى الراهنة، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليه، تتمثل فيما استحق عليه من دين هذه الضريبة التى اتهم بالتهرب من أدائها، إذ كان ذلك، فإن مصلحته فى الدعوى الدستورية – ويقدر اتصالها بالطعن على تلك الفقرة وكذلك بالقرار المشار إليه – تكون قائمة .
وحيث إن المدعى ينعى على الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك وكذلك القرار رقم ٣٦٠ لسنة ١٩٨٢ الصادر عن رئيس الجمهورية – إعمالاً لها – بتعديل الجدول المرافق لقانون هذه الضريبة ، أنها جميعاً تناقض حكم المادة (١١٩) من الدستور التى تنص على أن إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون، ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، بما مؤداه عدم جواز فرضها بقرار من رئيس الجمهورية ، ولو أقرتها السلطة التشريعية فيما بعد عند عرضها عليها، ذلك أن هذا الإقرار لا يطهرها مما اعتراها من عوار، ولا يزيل مثالبها الدستورية .
وحيث إن
المحكمة الدستورية العليا
سبق أن تناولت هذه المسألة الدستورية عينها بحكمها الصادر فى ٣ / ٢ / ١٩٩٦ فى القضية رقم ١٨ لسنة ٨ قضائية دستورية والذى قضى بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ فيما قررته من تخويل رئيس الجمهورية سلطة تعديل جدول الضريبة المرافق لهذا القانون وبسقوط ما تضمنته هذه الفقرة والفقرة الثالثة من تلك المادة من أحكام أخرى وكذلك بسقوط قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٦٠ لسنة ١٩٨٢ المشار إليه، وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية فى ١٧ / ٢ / ١٩٩٦.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه فى الدعوى المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الكافة ، وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة ، وهى حجية تعتبر بذاتها قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً، إذ كان ذلك، فإن الخصومة – فى هذا الشق من الدعوى الدستورية الماثلة – تكون منتهية بعد أن حسمتها
المحكمة الدستورية العليا
بحكمها المتقدم.
وحيث إن المدعى ينعى كذلك على الفقرة الثانية من المادة (٣٨) من قانون الضريبة على الاستهلاك، إخلالها بنص المادة الثانية من الدستور، التى تلزم المشرع بالتقيد بمبادئ الشريعة الإسلامية فيما يقره من القواعد القانونية ، وتأسيساً على أن ما قررته هذه الفقرة من استحقاق المصلحة تعويضاً يعادل أعلى سعر فائدة معلن فى البنك المركزى عن رصيد دين الضريبة المتأخر سداده، وبقدر فترة التأخير، إنما يتمحض عن ربا من هى عنه شرعاً بنصوص قرآنية صريحة وصحيح السنة النبوية الشريفة .
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (٣٨) المشار إليها، تنص على أن فى حالة عدم سداد الضريبة فى الموعد المحدد تستحق المصلحة تعويضاً يعادل أعلى سعر فائدة معلن فى البنك المركزى عن رصيد المبلغ المتأخر سداده، وذلك عن فترة التأخير، وللمصلحة تحصيل التعويض مع الضريبة وبنفس إجراءاتها، وذلك كله دون إخلال بالمساءلة الجنائية ؛ وكانت الضريبة محل الدعوى الموضوعية قد فرضت على المدعى فى شأن الأدوية التى يتجر فيها وذلك استناداً إلى قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٦٠ لسنة ١٩٨٢، والذى أضاف الأدوية – بمقتضى البند رقم ١٢٣ من الجدول (أ) المرفق به – إلى السلع التى أخضعها قانون الضريبة على الاستهلاك للضريبة ، وكان قضاء
المحكمة الدستورية العليا
– فى الدعوى رقم ١٨ لسنة ٨ قضائية دستورية آنف البيان – قد أبطل ذلك القرار برمته، إن الضريبة المتنازع فيها تغدو عدماً، ويسقط – بالتالى الالتزام بأدائها، وكذلك ما كان مستحقاً من فائدة عن التأخير فى سدادها لتزول بذلك مصلحته فى الطعن على الفقرة الثانية من المادة (٣٨) من قانون الضريبة على الاستهلاك آنفة البيان.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى