حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٣ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٣ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت ٦ يونية سنة ١٩٩٢م، الموافق ٥ ذو الحجة ١٤١٢ ه.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد ابراهيم أبو العينين
وعضوية السادة المستشارين: محمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد الواحد أعضاء
وحضور السيد المستشار / السيد عبد الحميد عمارة رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٥ لسنة ١٣ قضائية دستورية
المقامة من
السيد / كمال السيد أحمد
ضد
السيد رئيس الجمهورية
السيد رئيس مجلس الوزراء
السيد رئيس مجلس الشعب
السيد وزير العدل
السيد وزير الداخلية
السيد المستشار النائب العام
الإجراءات
بتاريخ ٩ يناير سنة ١٩٩١ أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المعدل للقرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة اتهمت المدعى بأنه فى يوم ٩ سبتمبر سنة ١٩٩٠ بدائرة قسم باب شرقى محافظة الاسكندرية أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدراً حشيشاً فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالته إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم ٢٩ لسنة ١٩٩٠ جنايات مخدرات باب شرقى ( ٨٥١ لسنة ١٩٩٠ كلى مخدرات) طالبة معاقبته بالمواد ١ ، ٢ ، ٧ / ١ ، ٣٤ / ١ – أ ، ٤٢ / ١ من القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩، والبند رقم ٥٧ من القسم الثانى من الجدول رقم (١) الملحق بالقرار بقانون المشار إليه، وبجلسة ١٠ ديسمبر سنة ١٩٩٠ دفع الحاضر عن المتهم بعدم دستورية القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩، فقررت محكمة جنايات الاسكندرية تأجيل نظر القضية إلى جلسة ١٢ يناير سنة ١٩٩١وصرحت له بإتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩، فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن البين من استقراء أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ الذى صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليه بعدم الدستورية ، أنه أدخل تعديلاً جوهرياً على بعض أحكام القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، وذلك بأن استعاض عن بعض مواده بنصوص أخرى، فضلاً عن إضافة نصوص جديدة إليه، وإحلال جدول جديد يتضمن تعريفاً بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة محل الجدول رقم (١) الملحق بهذا القرار بقانون.
وحيث إن الدفع بعدم الدستورية الذى أثاره المدعى أمام محكمة الموضوع وقدرت جديته قد أنصب على أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ دون غيرها، وكان المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكانت الجريمة التى نسبتها النيابة العامة إلى المدعى هى أحرازه بقصد الاتجار – وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً – جوهراً مخدراً حشيشا فإن المصلحة الشخصية والمباشرة للمدعى فى الدعوى الماثلة إنما تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها دون غيرها من أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ التى لا صلة لها بها، كتلك المتعلقة بانتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها أو فصلها أو صنعها أو زرع نباتاتها أو احرازها بقصد التعاطى ، ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى الراهنة بالطعن على البند أ من الفقرة الأولى من المادة (٣٤) ، والفقرة الأولى من المادة (٤٢) والبند رقم ٥٧ من القسم الثانى من الجدول رقم (١) المشار إليه، وذلك دون المواد ١ ، ٢ ، ٧ / ١ التى وان تضمنها قرار الاتهام فى الدعوى الموضوعية وكانت متعلقة بالجريمة المنسوب إلى المدعى اقترافها، إلا أن القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ لم يتناولها بالتعديل، وبالتالى لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليها، فلا تمتد إليها – فى الدعوى الماثلة – ولاية
المحكمة الدستورية العليا
التى لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقا للأوضاع المنصوص عليها فى المادة ٢٩ / ب من قانونها.
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص سالفة البيان بطلانها من الناحية الشكلية بمقولة أن القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المشار إليه أدخلها كتعديل على القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ الذى أصدره رئيس الجمهورية اعمالا لنص المادة (٥٣) من الدستور المؤقت الصادر سنة ١٩٥٨ التى توجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات وفقا لحكمها على مجلس الأمة فور انعقاده لاقرارها أو الاعتراض عليها، وهو ما لم يتحقق بالنسبة إلى ذلك القرار بقانون، بما يؤدى إلى بطلانه ومن ثم بطلان القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ المعدل لبعض أحكامه والذى يدور وجودا وعدما وصحة وبطلانا مع القانون الأصلى، كما ينعى على النصوص المطعون عليها مخالفتها أحكام المواد ٨٦ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ١٠٧ من الدستور لبطلان تكوين المجلس النيابى الذى أقرها ترتيبا على عدم تنفيذ الأحكام الصادرة من جهة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ ثم بالغاء قرار لجنة اعداد نتيجة الانتخابات وقرار وزير الداخلية باعلان نتيجة انتخابات هذا المجلس، فيما تضمناه من عدم اعلان فوز المحكوم لصالحهم – وعددهم على حد قول المدعى خمسة وسبعين – ليفقد المجلس بذلك ولايته التشريعية التى افترض الدستور لجواز ممارستها أن تكون عضوية أعضاء المجلس ثابتة وفقا لأحكامه.
وحيث إن هذه المطاعن جميعها سبق أن تناولتها هذه المحكمة بالنسبة إلى ذات النصوص المطعون عليها فى الدعوى الماثلة ، وأصدرت المحكمة فى شأنها حكمها بجلسة ٧ ديسمبر سنة ١٩٩١ فى الدعوى رقم ٤٥ لسنة ١٢ قضائية دستورية منتهية إلى رفضها وإلى موافقة النصوص المطعون عليها لأحكام الدستور، وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بتاريخ ١٩ ديسمبر سنة ١٩٩١.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه فى الدعوى المتقدم بيانها – إنما يحوز حجية مطلقة تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته، ذلك أن الخصومة فى الدعوى الدستورية – وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية – انما توجه إلى النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور، ولا يعتبر قضاء المحكمة باستيفاء النص التشريعى لأوضاعه الشكلية التى يتطلبها الدستور أو بتوافقه أو بتعارضه مع الاحكام الموضوعية فى الدستور منصرفا فحسب الى الخصوم فى الدعوى التى صدر فيها بل متعديا إلى الكافة ومنسحبا إلى كل سلطة فى الدولة بما يردها عن التحلل منه أو مجاوزة مضمونه، ومتى كان ذلك فإن المصلحة فى الدعوى الماثلة تكون قد انتفت مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .