حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٢ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٢ دستورية
تاريخ النشر : ١٤ – ١٠ – ١٩٩٣

منطوق الحكم : عدم قبول دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم قبول دعوى بالنسبة إلي الطعن علي نصوص البندين (أ) من الفقرة الأولي من المادة ٣٤ والسابع من فقرتها الثانية، والفقرة الأولي من المادة ٤٢، والمادة ٤٤ من القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩، وبرفض الدعوى بالنسبة إلي الطعن علي نص الفقرتين الأولي والثانية من المادة ٤٠، والبند ٩٢ من القسم الثاني من الجدول رقم (١) الملحق بالقرار بقانون المشار إليه.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلىمحمود منصور أعضاء وعادل عمر شريف رئيس هيئة المفوضين ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
أدخل القانون رقم ١٢٢ لسنه ١٩٨٩ تعديلا جوهريا على بعض أحكام القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنه ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها وإذ انصب الدفع بعدم الدستورية الذى أثاره المدعى أمام محكمة الموضوع، على أحكام القانون رقم١٢٢ لسنه ١٩٨٩ دون غيرها، وكان المقرر أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لأزما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك، وكانت الجريمة التى نسبتها النيابة العامة إلى المدعى، هى إحرازه بقصد الإتجار – وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وباعتباره عائدا – جوهرا مخدرا مع استعمال القوة والعنف مع بعض الموطنين العموميين القائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة للمدعى فى الدعوى الماثلة، إنما تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها ، دون غيرها من أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنه ١٩٨٩ التى لا صلة لها بها ، كتلك المتعلقة بإنتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها، أو صنعها، أو زرع نباتاتها أو إحرازها بقصد التعاطى ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى الراهنة بالبند أ من الفقرة الأولى من المادة ٣٤ والبند السابع من فقرتها الثانية ، وبالفقرتين الأولى والثانية من المادة ٤٠ والفقرة الأولى من المادة ٤٢، والمادة ٤٤ والبند رقم ٩١ من القسم الثانى من الجدول رقم “١” الملحق بالقرار بقانون رقم ١٨٢ لسنه ١٩٦٠ المشار إليه ، وذلك دون المواد ١،٢،٧ / ١، ٢٧ / ١ والفقرة الثانية من البند “د” من الجدول الثالث، التى وإن تضمنها قرار الأتهام فى الدعوى الموضوعية ، وكانت تتعلق بالجريمة المنسوب إلى المدعى اقترافها، إلا أن القانون رقم ١٢٢ لسنه ١٩٨٩ لم يتناولها بالتعديل، وبالتالى لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليها، فلا تمتد إليها فى الدعوى الماثلة ولاية المحكمة الدستورية العليا التى تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المنصوص عليها فى المادة ٢٩ / ب من قانونها .

– – – ٢ – – –
أدخل القانون رقم ١٢٢ لسنه ١٩٨٩ تعديلا جوهريا على بعض أحكام القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنه ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها وإذ انصب الدفع بعدم الدستورية الذى أثاره المدعى أمام محكمة الموضوع، على أحكام القانون رقم١٢٢ لسنه ١٩٨٩ دون غيرها، وكان المقرر أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لأزما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك، وكانت الجريمة التى نسبتها النيابة العامة إلى المدعى، هى إحرازه بقصد الإتجار – وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وباعتباره عائدا – جوهرا مخدرا مع استعمال القوة والعنف مع بعض الموطنين العموميين القائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة للمدعى فى الدعوى الماثلة، إنما تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها ، دون غيرها من أحكام القانون رقم ١٢٢ لسنه ١٩٨٩ التى لا صلة لها بها ، كتلك المتعلقة بإنتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها، أو صنعها، أو زرع نباتاتها أو إحرازها بقصد التعاطى ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى الراهنة بالبند أ من الفقرة الأولى من المادة ٣٤ والبند السابع من فقرتها الثانية ، وبالفقرتين الأولى والثانية من المادة ٤٠ والفقرة الأولى من المادة ٤٢، والمادة ٤٤ والبند رقم ٩١ من القسم الثانى من الجدول رقم “١” الملحق بالقرار بقانون رقم ١٨٢ لسنه ١٩٦٠ المشار إليه ، وذلك دون المواد ١،٢،٧ / ١، ٢٧ / ١ والفقرة الثانية من البند “د” من الجدول الثالث، التى وإن تضمنها قرار الأتهام فى الدعوى الموضوعية ، وكانت تتعلق بالجريمة المنسوب إلى المدعى اقترافها، إلا أن القانون رقم ١٢٢ لسنه ١٩٨٩ لم يتناولها بالتعديل، وبالتالى لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليها، فلا تمتد إليها فى الدعوى الماثلة ولاية المحكمة الدستورية العليا التى تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المنصوص عليها فى المادة ٢٩ / ب من قانونها .

– – – ٣ – – –
الثابت من الأوراق – وفقا لما ورد فى تحقيقات النيابة العامة وقيدها ووصفها للتهمة فى الدعوى الموضوعية، أن المتهم قاوم ضابطى الشرطة القائمين بتنفيذ إذن النيابة بتفتيشه محاولا التعدى عليهما بإشهار سلاح أبيض فى وجهيهما ن دون أن ينجم عن ذلك إلحاق عاهة مستديمة بهما، وليس المتهم كذلك من رجال السلطة القائمين على حفظ الأمن، ولا هو قام بأختطاف أحد من هؤلاء أو من أصوله أو فروعه، ومن ثم تقوم للمدعى مصلحة فى الطعن بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة ٤٠ من القرار بقانون رقم ١٨٢ لسنه ١٩٦٠ المشار إليه، عدا ما ورد فى فقرتها الثانية من أنه ” إذا نشأت عن التعدى أو المقاومة عاهة مستديمة يستحيل برؤها ،___ أو كان الجانى من رجال السلطة المنوط بهم المحافظة على الامن ، أو اذا قام الجانى بخطف أو احتجاز أى من القائمين على تنفيذ هذا القانون هو أو زوجه أو أحد من أصوله أو فروعة “كما تتوفر للمدعى المصلحة الشخصية المباشرة فى الطعن بعدم دستورية البند ٩٢ من القسم الثانى من الجدول رقم “١” المشار إليه ،والذى يتضمن تعريفا بالجوهر المخدر الذى ضبط محرزا له .

– – – ٤ – – –
سبق أن تناولت هذه المحكمة النصوص المطعون عليها فى الدعوى الماثلة عدا نص المادة ١ / ٤٠ – ٢ والبند رقم ٩٢ من القسم الثانى من الجدول رقم “١”، وأصدرت فى شأنها أحكامها بجلسة ٧ ديسمبر سنه ١٩٩١ فى الدعاوى أرقام ٤٤و٤٥ , ٩٥ لسنه ١٢ قضائية ” دستورية ” وكذلك حكمها الصادر بجلسة ١٦ مايو سنه ١٩٩٢ فى الدعوى رقم ٥٠ لسنه ١٢ قضائية ” دستورية ” منتهية إلى موافقة النصوص المطعون عليها – فى تلك الدعاوى – لاحكام الدستور وقد نشرت هذه الاحكام بالجريدة الرسمية تباعا بتاريخ ١٩ ديسمبر سنه ١٩٩١، ٧ مايو سنه ١٩٩٢، ٤ يونيو سنه ١٩٩٢ إذ كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه فى الدعاوى المشار إليها آنفا – إنما يحوز حجية مطلقة تحول بذاتها دون المجادلة فيه ، أو إعادة طرحة من جديد على هذه المحكمة لمراجعته ذلك أن الخصومة فى الدعاوى الدستورية – وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية – انما توجه إلى النصوص التشريعية المدعى مخالفتها الدستور، ولا يعتبر قضاء المحكمة بأستيفاء أو مخالفة النص التشريعى للأوضاع الشكلية التى يتطلبهاالدستور، أو باتفاق هذا النص مع الأحكام الموضوعية فى الدستور أو الأنحراف عنها، منصرفا فحسب إلى الخصوم فى الدعوى التى صدر فيها، بل متعديا إلى الكافة، ومنسحبا إلى كل سلطة فى الدولة بما يردهم جميعا عن التحلل منه أو مجاوزة مضمونه، متى كان ذلك، فان المصلحة فى الدعوى الماثلة – فى شقها الخاص بالطعن على نصوص المواد ١ / ٣٤ – أ،٧ / ٢ و١ / ٤٢ و ٤٤، تكون قد انتفت، ويتعين الحكم بعدم قبولها فى هذا الشق .

– – – ٥ – – –
النصوص المطعون عليها قد حلت محل النصوص المقابلة لها، والتى كان يتضمنها القرار بقانون المشار إليه وقد عمل بالنصوص الجديدة اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشرها بالجريدة الرسمية ومن ثم تكون ملغية لما يقابلها من أحكام تضمنها التشريع السابق، وتقوم مستقلة عنها، ذلك أن الأصل فى النصوص التشريعية هو سريانها بأثر مباشر من تاريخ العمل بها، ما لم يلغها المشرع بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض والتشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع متى كان ذلك، وكانت النصوص البديلة التى أحلها المشرع بالقانون رقم ١٢٢ لسنه ١٩٨٩ – ومنها النصوص المطعون عليها – محل النصوص السابقة عليها – كتنظيم جديد لموضوعها – هى التى جرى تطبيقها – واعتبارا من تاريخ العمل بها – فى شأن الواقعة الإجرامية المنسوبة إلى المدعى، فإن أى عوار يكون قد شاب النصوص الملغاة، يظل مقصورا عليها، ولا يمتد بالتالى إلى النصوص المطعون عليها فى الدعوى الراهنة .

– – – ٦ – – –
إذ كان قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى ٣٧ لسنه ٩ قضائية ” دستورية “، قاطع فى أن بطلان تكوين مجلس الشعب، لا يستتبع لزوما إسقاط القوانين التى أقرها ولا يمس الإجراءات التى اتخذها حتى تاريخ نشر ذلك الحكم فى الجريدة الرسمية، بل تظل جميعها محمولة على أصلها من الصحة، وتبقى نافذة مرتبة آثارها إلى أن تقرر الجهة المختصة دستوريا إلغاءها أو تعديلها، أو تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نصوصها التشريعية، إن كان لذلك ثمة وجه آخر غير ما بنى عليه هذا الحكم، وكان ما ينعاه المدعى من عدم دستورية النصوص المطعون عليها فى الدعوى الراهنة، ترتيبا على قاله انتفاء الصفة النيابة عن خمسة وسبعين من اعضاء مجلس الشعب الذى أقرها، وزوال صفتهم – بالتالى – فى التعبير عن الإرادة الشعبية، مؤداه أن المجلس النيابى الذى كان يضمهم – وبفرض صحة الاستناد إلى الأحكام التى أصدرتها فى شأنهم جهة القضاء الإدارى – قد أضحى باطل التكوين، وكانت هذه النتيجة عينها، هى التى خلصت إليها هذه المحكمة وقررتها بالنسبة إلى مجلس ذاته فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم ٣٧ لسنه ٩ قضائية دستورية السالف الإشارة إليها، بما يحول دون تقرير بطلان جديد فى شأن مجلس نيابى دمغته هذه المحكمة من قبل بالبطلان، ذلك ان البطلان لا يتنوع بتنوع المخالفة الدستورية التى تؤدى إليه، ولا تتمايز أوجهه فيما بينها، بل تتحد جميعها فى كونها مفضية إلى بطلان من نوع واحد، سواء فى طبيعته أو درجته أو مداه ومن ثم لا يجوز الاستناد إلى ما يثيره المدعى فى منعاه لتقرير بطلان على بطلان، ولا أن يعتبر نعيه وجها جديدا مغايرا – فى محصلته النهائية – للوجه الذى قام عليه قضاء هذه المحكمة فى الدعوى رقم ٣٧ لسنه ٩ قضائية المشار إليها، إذ لا يتغيا المدعى – فى حقيقة الأمر – إبطال مجلس نيابى لا زال قائما، وانما إسباغ بطلان مبتدأ على مجلس نيابى سبق أن كشفت المحكمة الدستورية العليا عن أنه مشكل بالمخالفة للدستور وبالتالى باطل التكوين بأثر رجعى يرتد إلى اللحظة التى ولد سابقة فى وجودها من حيث الزمان، على هذه اللحظة ذاتها، ومن ثم يصبح هذا الوجه من النعى غير قائم على أساس .

زر الذهاب إلى الأعلى