حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٠ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٠ دستورية
– – – ١ – – –
إن البين من تقصى التنظيم التشريعى للضريبة على الأرض الفضاء أن المشرع أخضع الأراضى الفضاء المستغلة و المستعملة للضريبة على العقارات المبنية منذ فترة طويلة، و كانت المادة الأولى من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ تسوى فى حكم الخضوع لضريبة بين العقارات المبنية و الأراضى المستغلة أو المستعملة ، أما الأراضى الفضاء غير المستغلة أو المستعملة و التى لا تدر دخلاً فلم تكن تخضع لأية ضريبة حتى أصدر المشرع القانون رقم ٣٥ لسنة ١٩٧٨ معدلاً بعض أحكام القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٦ بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الإقتصادى ، و مضيفاً إليع بعض النصوص من بينها المادة ٣ مكرراً التى تنص فقرتها الأولى على أن ” تفرض على الأراضى الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن فى المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه و مجار و كهرباء ، و التى لا تخضع للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية ، ضريبة سنوية مقدارها ٢% من قيمة الأرض الفضاء ” . كما تنص هذه المادة فى فقرتها الثانية على أن يتم تحديد قيمة الأرض الفضاء الخاضعة لأحكام هذا القانون على أساس القيمة الواردة بالعقود المسجلة ، فإذا لم توجد عقود مسجلة ، فيتم تحديد هذه القيمة على أساس تقدير مصلحة الضرائب لعناصر التركة إذا كان من بين عناصرها أرض فضاء ، و ذلك ما لم تنقض على التسجيل أو التقدير خمس سنوات على إستحقاق الضريبة المنصوص عليها فى هذا القانون ، على أن تزاد قيمة الأرض بواقع سبعة فى المائة سنوياً من أول السنة التالية لتاريخ التسجيل أو التقدير حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على إستحقاق الضريبة . و فى الحالات التى لا تسرى عليها أحكام الفقرة السابقة يكون تقدير قيمة الأرض الفضاء وفقاً لثمن المثل فى عام ١٩٧٤ مع زيادة سنوية مقدارها سبعة فى المائة منذ ذلك التاريخ حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على إستحقاق الضريبة ، و تضمنت باقى النصوص المضافة ، الأحكام الأخرى المتعلقة بهذه الضريبة سواء فيما يتعلق بحصر الأراضى الخاضعة لها ، و موعد و ضمانات أدائها ، و أيلولة حصيلتها إلى صندوق تمويل مشروعات الإسكان الإقتصادى ، و أحوال وقف إستحقاقها
– – – ٢ – – –
إن البين من تقصى التنظيم التشريعى للضريبة على الأرض الفضاء أن المشرع أخضع الأراضى الفضاء المستغلة و المستعملة للضريبة على العقارات المبنية منذ فترة طويلة، و كانت المادة الأولى من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ تسوى فى حكم الخضوع لضريبة بين العقارات المبنية و الأراضى المستغلة أو المستعملة ، أما الأراضى الفضاء غير المستغلة أو المستعملة و التى لا تدر دخلاً فلم تكن تخضع لأية ضريبة حتى أصدر المشرع القانون رقم ٣٥ لسنة ١٩٧٨ معدلاً بعض أحكام القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٦ بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الإقتصادى ، و مضيفاً إليع بعض النصوص من بينها المادة ٣ مكرراً التى تنص فقرتها الأولى على أن ” تفرض على الأراضى الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن فى المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه و مجار و كهرباء ، و التى لا تخضع للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية ، ضريبة سنوية مقدارها ٢% من قيمة الأرض الفضاء ” . كما تنص هذه المادة فى فقرتها الثانية على أن يتم تحديد قيمة الأرض الفضاء الخاضعة لأحكام هذا القانون على أساس القيمة الواردة بالعقود المسجلة ، فإذا لم توجد عقود مسجلة ، فيتم تحديد هذه القيمة على أساس تقدير مصلحة الضرائب لعناصر التركة إذا كان من بين عناصرها أرض فضاء ، و ذلك ما لم تنقض على التسجيل أو التقدير خمس سنوات على إستحقاق الضريبة المنصوص عليها فى هذا القانون ، على أن تزاد قيمة الأرض بواقع سبعة فى المائة سنوياً من أول السنة التالية لتاريخ التسجيل أو التقدير حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على إستحقاق الضريبة . و فى الحالات التى لا تسرى عليها أحكام الفقرة السابقة يكون تقدير قيمة الأرض الفضاء وفقاً لثمن المثل فى عام ١٩٧٤ مع زيادة سنوية مقدارها سبعة فى المائة منذ ذلك التاريخ حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على إستحقاق الضريبة ، و تضمنت باقى النصوص المضافة ، الأحكام الأخرى المتعلقة بهذه الضريبة سواء فيما يتعلق بحصر الأراضى الخاضعة لها ، و موعد و ضمانات أدائها ، و أيلولة حصيلتها إلى صندوق تمويل مشروعات الإسكان الإقتصادى ، و أحوال وقف إستحقاقها
– – – ٣ – – –
بتاريخ ١٥ مارس سنة ١٩٨٤ نشر بالجريدة الرسمية القانون رقم ١٣ لسنة ١٩٨٤ مستبدلاً بنص المادتين ٣ مكرراً ، ٣ مكرراً ٢ نصين جديدين . وقد ورد النص الجديد للمادة ٣ مكرراً بذات ألفاظ و عبارات و أحكام النص السابق ، إذ ينحصر ما طرأ على هذا النص وفقاً لما نشر فى الجريدة الرسمية فى إيراده كلمة ” بجميع ” قبل عبارة ” المرافق العامة الأساسية من مياه و مجار و كهرباء ” ، و ليس ذلك إلا توكيداً لما كان مسلماً فى ظل العمل بالنص السابق ، و هو إشتراط إتصال المنطقة الكائنة بها الأرض الفضاء الخاضعة للضريبة بالمرافق العامة الأساسية الثلاثة المشار إليها . و من ثم فلا يتسنى – و الحالة هذه – إعتبار نص الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً سالفة البيان مغايراً فى حكمه لما كان عليه الأمر قبل تعديلها بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٨٤ المشار إليه ، و بالتالى تنبسط الدعوى الدستورية الماثلة لتشمل الطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً قبل و بعد تعديلها بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٨٤
– – – ٤ – – –
المستفاد من التنظيم التشريعى سالف البيان أن الضريبة على الأرض الفضاء ضريبة مباشرة على رأس مال لا يغل دخلاً ، يتمثل فى الأرض الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن فى المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه و مجار و كهرباء و التى لا تخضع للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية ، و أنها ضريبة دورية متجددة تستحق سنوياً طالما لم تتغير طبيعتها بالبناء عليها أو بزراعتها ، فتخضع بذلك لضريبة أخرى . كما يبين كذلك من التنظيم التشريعى سالف البيان ، أن وعاء الضريبة على الأرض الفضاء لا يقتصر على القيمة الأصلية للأرض الفضاء حسبما وردت فى عقد شرائها المشهر ، أو فى تقدير مصلحة الضرائب لها ضمن عناصر التركة ، أو وفقاً لثمن مثلها فى سنة ١٩٧٤ حسب الأحوال ، و إنما يشمل الوعاء زيادة إفترض المشرع تحققها فى قيمة هذه الأراضى قدرها بنسبة ٧% سنوياً حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على إستحقاق الضريبة . و هذه الزيادة المفترضة تسرى على جميع الأراضى الخاضعة للضريبة بغض النظر عن مساحتها أو موقعها أو صقعها أو تعدد ملاكها و شيوع أنصبتهم . هذا بالإضافة إلى أن الضريبة لا يقتصر فرضها على الأرض الفضاء التى توافرت لها شروط الخضوع للضريبة عند العمل بالقانون الذى فرضها ، و إنما تسرى أيضاً على الأراضى الفضاء التى تتوافر لها تلك الشروط بعد العمل بذلك القانون إعتباراً من أول يناير التالى لإنقضاء سنة على تاريخ خضوعه لأحكامه . كذلك فإن الزيادة السنوية التى إفترضها المشرع فى قيمة الأرض الفضاء ، تؤدى إلى زيادة وعاء الضريبة مما يفضى بدوره إلى إرتفاع قيمة الضريبة السنوية المستحقة . إذ كانت الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً بفرضها ضريبة سنوية على الأرض الفضاء بواقع ٢% من قيمتها – مرتبطة بالمادة ٣ مكرراً “٢” المتعلقة بضوابط تحديد تلك القيمة بإعتبارها وعاء للضريبة ، فإنه لا يجوز – فى مجال الفصل فى الدستورية – أن ينفك أحد النصين عن الآخر
– – – ٥ – – –
المستفاد من التنظيم التشريعى سالف البيان أن الضريبة على الأرض الفضاء ضريبة مباشرة على رأس مال لا يغل دخلاً ، يتمثل فى الأرض الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن فى المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه و مجار و كهرباء و التى لا تخضع للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية ، و أنها ضريبة دورية متجددة تستحق سنوياً طالما لم تتغير طبيعتها بالبناء عليها أو بزراعتها ، فتخضع بذلك لضريبة أخرى . كما يبين كذلك من التنظيم التشريعى سالف البيان ، أن وعاء الضريبة على الأرض الفضاء لا يقتصر على القيمة الأصلية للأرض الفضاء حسبما وردت فى عقد شرائها المشهر ، أو فى تقدير مصلحة الضرائب لها ضمن عناصر التركة ، أو وفقاً لثمن مثلها فى سنة ١٩٧٤ حسب الأحوال ، و إنما يشمل الوعاء زيادة إفترض المشرع تحققها فى قيمة هذه الأراضى قدرها بنسبة ٧% سنوياً حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على إستحقاق الضريبة . و هذه الزيادة المفترضة تسرى على جميع الأراضى الخاضعة للضريبة بغض النظر عن مساحتها أو موقعها أو صقعها أو تعدد ملاكها و شيوع أنصبتهم . هذا بالإضافة إلى أن الضريبة لا يقتصر فرضها على الأرض الفضاء التى توافرت لها شروط الخضوع للضريبة عند العمل بالقانون الذى فرضها ، و إنما تسرى أيضاً على الأراضى الفضاء التى تتوافر لها تلك الشروط بعد العمل بذلك القانون إعتباراً من أول يناير التالى لإنقضاء سنة على تاريخ خضوعه لأحكامه . كذلك فإن الزيادة السنوية التى إفترضها المشرع فى قيمة الأرض الفضاء ، تؤدى إلى زيادة وعاء الضريبة مما يفضى بدوره إلى إرتفاع قيمة الضريبة السنوية المستحقة . إذ كانت الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً بفرضها ضريبة سنوية على الأرض الفضاء بواقع ٢% من قيمتها – مرتبطة بالمادة ٣ مكرراً “٢” المتعلقة بضوابط تحديد تلك القيمة بإعتبارها وعاء للضريبة ، فإنه لا يجوز – فى مجال الفصل فى الدستورية – أن ينفك أحد النصين عن الآخر
– – – ٦ – – –
إن الأصل فى الضريبة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بما لها من سيادة ، و قد إرتبط فرض الضرائب من الناحية التاريخية بوجود المجالس التشريعية لما ينطوى عليه تقديرها من تحميل المكلفين بها أعباء مالية تقتطع من ثرواتهم مما يتعين معه فرضها بموازين دقيقة و لضرورة تقتضيها ، لذلك نص الدستور – فى المادة ١١٩ – على أن إنشاء الضرائب العامة و تعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون ، و لا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون . و يقع فرض الضريبة مخالفاً للدستور كلما كان معدلاً و أحوال فرضها و تحديد وعائها مناقضاً للأسس الموضوعية التى ينبغى أن تقوم عليها ، و مجاوزاً للأغراض المقصودة منها
– – – ٧ – – –
حرص الدستور فى مادته الرابعة و الثلاثين على صون الملكية الخاصة ، و المتمثلة – وفقاً لمادته الثانية و الثلاثين – فى رأس المال غير المستغل ، فكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الإستثناء ، و فى الحدود و بالقيود التى أوردها ، بإعتبار أنها – فى الأصل – مترتبة على الجهد الخاص الذى بذله الفرد ، و بوصفها حافزه إلى الإنطلاق و التقدم ، إذ يختص دون غيره بالأموال التى يملكها ، و بتهيئتها للإنتفاع المفيد بها لتعود إليه ثمارها . هذا بالإضافة إلى أن الأموال التى يرد عليها حق الملكية ، تعد من مصادر الثروة القومية التى لا يجوز التفريط فيها . و إذ كانت الملكية فى إطار النظم الوضعية الحديثة لم تعد حقاً مطلقاً مستعصياً على التنظيم التشريعى ، فقد غدا سائغاً تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الإجتماعية التى يتحدد نطاقها و مرماهما بمراعاة الموازنة التى يجريها المشرع – فى ضوء أحكام الدستور – بين المصلحة الخاصة للمالك و الصالح العام للمجتمع ، ذلك أن القيود التى تفرضها الوظيفة الإجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقه ، لا تعتبر مقصودة لذاتها ، و إنما غايتها تحقيق الخير المشترك للفرد و الجماعة
– – – ٨ – – –
إنه و إن صح أن تتخذ الضريبة وسيلة لتوزيع أعباء النفقات العامة على المواطنين وفقاً لأسس عادلة ، إلا أنه لا يجوز أن تفرض الضريبة ، و يحدد وعاؤها ، بما يؤدى إلى زوال رأس المال المفروضة عليه كلية أو الإنتقاص منه بدرجة جسيمة ، فما لذلك الغرض شرعت الضريبة ، و ما قصد الدستور أن تؤدى فى نهاية مطافها إلى أن يفقد المواطن رأس المال المحمل بعبئها أو جانباً جسيماً منه ليؤول الأمر إلى زوال وعائها كلية أو إطراد تقليصه ، و من ثم كان الدخل – و باعتباره من طبيعة متجددة و دورية – هو الذى يشكل – على إختلاف مصادره – الوعاء الأساسى للضريبة ، إذ هو التعبير الرئيسى عن المقدرة التكليفية للممول ، بينما يشكل رأس المال وعاء ضرائبياً تكميلياً فلا يلجأ المشرع إلى فرض الضريبة عليه إلا إستثناء ، و لمرة واحدة ، أو لفترة محددة ، بحيث لا تنال الضريبة من وعائها بأكمله أو تمتص معظم جوانبه
– – – ٩ – – –
فرض ضريبة على رأس المال لا يغل دخلاً ، و بطريقة دورية متجددة ، و لفترة غير محددة ، مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه ، ينطوى على عدوان على الملكية بالمخالفة لنص المادة ٣٤ من الدستور ، كما يناقض مفهوم العدالة الإجتماعية الذى نصت المادة ٣٨ من الدستور على قيام النظام الضريبى على أساسه ، و هو ما يوجب القضاء بعدم دستورية النصين المطعون عليهما
– – – ١٠ – – –
إذ ترتبط الأحكام الأخرى للتنظيم التشريعى لضريبة الأرض الفضاء ، إرتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة بالنصين التشريعين المطعون عليهما فى الدعوى الماثلة ، فإن القضاء بعدم دستوريتهما ، يترتب عليه لزوماً سقوط الأحكام المرتبطة بهما
– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام أمام محكمة القضاء الإدارى الدعوى رقم ٤٩٥٧ لسنة ٣٦ قضائية طالبا الحكم بإلغاء القرار الصادر فى ١٧ يونيو سنة ١٩٨٢ من لجنة المراجعة عن شياخة الحوتية بمأمورية الضرائب العقارية بالدقى محافظة الجيزة، والمتضمن تحديد الضريبة السنوية على الأرض الفضاء التى يملكها بواقع ٢٦٥ر٣٦٣ جنيه اعتباراً من سنة ١٩٨٠ بالإضافة إلى غرامة قدرها ٨١٦ر٩٠ جنيه. وإذ قضت محكمة القضاء الإدارى برفض دعواه، فقد طعن فى هذا الحكم بالطعن رقم ٩٨ لسنة ٣٢ قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا، التى تراءى لها بحكمها الصادر بجلسة ٧ نوفمبر سنة ١٩٨٧ عدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً، والمادة ٣ مكرراً (٢) المضافتين للقانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٦ بالقانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧٨، على سند من أن خضوع الأرض الفضاء التى لا تغل دخلاً لضريبة سنوية مستمرة بواقع ٢% من قيمتها، وزيادة هذه القيمة بمقدار ٧% سنوياً حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة، يؤدى بالضرورة إلى أن تستغرق الضريبة قيمة الأرض الفضاء ذاتها فى وقت غير بعيد، وهو ما يعنى فى الحقيقة مصادرتها بالمخالفة للمادة ٣٦ من الدستور، ويقع مخالفا كذلك للمادة ٣٨ من الدستور التى تقيم النظام الضريبى على أساس العدالة الاجتماعية، فقضت بإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية النصين سالفى الذكر. وحيث إن البين من تقصى التنظيم التشريعى للضريبة على الأرض الفضاء أن المشرع أخضع الأراضى الفضاء المستغلة والمستعملة للضريبة على العقارات المبنية منذ فترة طويلة، وكانت المادة الأولى من القانون رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٤ تسوى فى حكم الخضوع للضريبة بين العقارات المبنية والأراضى الفضاء المستغلة أو المستعملة. أما الأراضى الفضاء غير المستغلة أو المستعملة والتى لا تدر دخلاً فلم تكن تخضع لأية ضريبة حتى أصدر المشرع القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧٨ معدلاً بعض أحكام القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٦ بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادى ومضيفا إليه بعض النصوص من بينها المادة ٣ مكرراً التى تنص فقرتها الاولى على أن “تفرض على الأراضى الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن فى المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه ومجار وكهرباء، والتى لا تخضع للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية، ضريبة سنوية مقدارها ٢% من قيمة الأرض الفضاء” والمادة ٣ مكرراً (٢) التى تنص على أن “يتم تحديد قيمة الأرض الفضاء الخاضعة لأحكام هذا القانون على أساس القيمة الواردة بالعقود المسجلة، وإذا لم توجد عقود مسجلة، فيتم تحديد هذه القيمة على أساس تقدير مصلحة الضرائب لعناصر التركة إذا كان من بين عناصرها أرض فضاء، وذلك ما لم تنقض على التسجيل أو التقدير خمس سنوات على استحقاق الضريبة المنصوص عليها فى هذا القانون، على أن تزاد قيمة الأرض بواقع ٧% سنوياً من أول السنة التالية لتاريخ التسجيل أو التقدير حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة، وفى الحالات التى لا تسرى عليها أحكام الفقرة السابقة يكون تقدير قيمة الأرض الفضاء وفقاً لثمن المثل فى عام ١٩٧٤ مع زيادة سنوية مقدارها ٧% منذ ذلك التاريخ حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة”. وتضمنت باقى النصوص المضافة الأحكام الأخرى المتعلقة بهذه الضريبة سواء فيما يتعلق بحصر الأراضى الخاضعة لها، وموعد وضمانات أدائها، وأيلولة حصيلتها إلى صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادى، وأحوال وقف استحقاقها. وبتاريخ ١٥ مارس سنة ١٩٨٤ نشر بالجريدة الرسمية القانون رقم ١٣ لسنة ١٩٨٤ مستبدلاً بنص المادتين ٣ مكرراً ٢ نصين جديدين، وإن كان الثابت ان النص الجديد للمادة ٣ مكرراً قد ورد بذات ألفاظ وعبارات وأحكام النص السابق إذ ينحصر ما طرأ على النص الجديد فى إيراده كلمة “بجميع” قبل عبارة “المرافق العامة الأساسية من مياه ومجار وكهرباء”، لمجرد تأكيد أمر ثابت من قبل فى ظل العمل بالنص السابق وهو اشتراط اتصال المنطقة الكائنة بها الأرض الفضاء الخاضعة للضريبة بالمرافق العامة الأساسية الثلاثة المشار إليها، ومن ثم فلا يتسنى – والحالة هذه – اعتبار نصى الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً سالفة البيان مغايراً فى حكمه لما كان عليه قبل تعديلها بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٨٤ المشار إليه. وبالتالى فإن الدعوى الدستورية الماثلة تنبسط لتشمل الطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً قبل وبعد تعديلها بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٨٤. وحيث إنه يستفاد من التنظيم التشريعى سالف البيان أن الضريبة على الأرض الفضاء ضريبة مباشرة على رأس مال لا يغل دخلاً، يتمثل فى الأرض الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن فى المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه ومجار وكهرباء والتى لا تخضع لأى من الضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية، وأنها ضريبة دورية متجددة تستحق سنويا طالما لم تتغير طبيعتها بالبناء عليها أو بزراعتها فتخضع بذلك لضريبة أخرى. كما يبين كذلك من التنظيم التشريعى سالف البيان، أن وعاء الضريبة على الأرض الفضاء لا يقتصر على القيمة الأصلية للأرض الفضاء حسبما وردت فى عقد شرائها المشهر أو فى تقدير مصلحة الضرائب لها ضمن عناصر التركة أو وفقاً لثمن مثلها فى سنة ١٩٧٤ حسب الأحوال، وإنما يشمل الوعاء زيادة افترض المشرع تحققها فى قيمة هذه الأرض قدرها بنسبة ٧% سنوياً حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة. وهذه الزيادة المفترضة تسرى على جميع الأراضى الخاضعة للضريبة بغض النظر عن مساحتها أو موقعها أو صقعها. وان الضريبة لا يقتصر فرضها على الأرض الفضاء التى توافرت لها شروط الخضوع للضريبة عند العمل بالقانون الذى فرضها، وإنما تسرى أيضا على الأرض الفضاء التى توافرت لها تلك الشروط بعد العمل بذلك القانون اعتباراً من أول يناير التالى لانقضاء سنة على تاريخ خضوعها لأحكامه. هذا فضلاً عن أن الزيادة السنوية التى افترضها المشرع فى قيمة الأرض الفضاء تؤدى إلى زيادة وعاء الضريبة مما يفضى بدوره إلى ارتفاع قيمة الضريبة السنوية المستحقة، وأن الضريبة المشار إليها تسرى على الأرض الفضاء أيا كانت مساحتها ولو كانت ملكيتها شائعة بين عدة ملاك. وحيث إن الفقرة الأولى من المادة ٣ مكرراً بفرضها ضريبة سنوية على الأرض الفضاء بواقع ٢% من قيمتها، والمادة ٣ مكرراً (٢) بوضعها ضوابط تحديد تلك القيمة باعتبارها وعاء للضريبة، فإنه لا يتسنى – فى مقام الفصل فى الدستورية – أن ينفك أحد النصين عن الآخر، وهو ما حدا بمحكمة الموضوع إلى إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية، للفصل فى دستورية النصين معاً. وحيث إن الأصل فى الضريبة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بمالها من سيادة، وقد ارتبط فرض الضرائب من الناحية التاريخية بوجود المجالس التشريعية لما ينطوى عليه من تحميل المكلفين بها أعباء مالية تقتطع من ثرواتهم مما يتعين معه تقريرها بموازين دقيقة ولضرورة تقتضيها، لذلك نص الدستور – فى المادة ١١٩ – على أن “إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون، ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون”؛ وكان فرض الضريبة يقع مخالفاً للدستور كلما كان معدلها وأحوال فرضها وتحديد وعائها مناقضا للأسس الموضوعية التى ينبغى أن تقوم عليها، مجاوزاً للأغراض المقصودة منها ولو كان الغرض من فرضها زيادة موارد الدولة لمقابلة مصلحة مشروعة. وحيث إن الدستور قد حرص فى مادته الرابعة والثلاثين على النص على صون الملكية الخاصة والمتمثلة – وفقاً لمادته الثانية والثلاثين – فى رأس المال غير المستغل، فكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردها، باعتبار أنها – فى الأصل – ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذى بذله الفرد، وبوصفها حافزاً له على الانطلاق والتقدم، فيختص دون غيره بالأموال التى يملكها وتهيئتها للانتفاع المفيد بما لتعود إليه ثمارها. هذا بالإضافة إلى أن الأموال التى يرد عليها حق الملكية تعد من مصادر الثروة القومية التى لا يجوز التفريط فيها. وإذ كانت الملكية فى إطار النظم الوضعية الحديثة – لم تعد حقا مطلقا يستعصى على التنظيم التشريعى، فقد غدا سائغاً تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية التى يتحدد نطاقها ومرماها بمراعاة الموازنة التى يجريها المشرع – فى ضوء أحكام الدستور – بين المصلحة الخاصة للمالك والصالح العام للمجتمع، ذلك أن القيود التى تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحدة من إطلاقه، لا تعتبر مقصودة لذاتها وإنما غايتها تحقيق الخير المشترك للفرد والجماعة. متى كان ذلك فإنه وإن صح أن تتخذ الضريبة وسيلة لتوزيع أعباء النفقات العامة على المواطنين وفقاً للأسس عادلة، إلا أنه لا يجوز أن تفرض الضريبة ويحدد وعاؤها بما يؤدى إلى زوال رأس المال المفروضة عليه كلية أو الانتقاص منه بدرجة جسيمة، فما لذلك الغرض شرعت الضريبة، وما قصد الدستور أن تؤدى فى نهاية مطافها إلى أن يفقد المواطن رأس المال المحمل بعبئها ليؤول تنفيذها فى النهاية إلى فقدان وعائها أو الانتقاص الجسيم منه. ومن أجل ذلك كان الدخل – باعتباره من طبيعة متجددة ودورية – هو الذى يشكل – على اختلاف مصادره – الوعاء الأساسى الرئيسى للضريبة، إذ هو التعبير الرئيس عن المقدرة التكليفية للممول، بينما يشكل رأس المال وعاء تكميليا للضرائب لا يلجأ المشرع إلى فرض الضريبة عليه إلا استثناء ولمرة واحدة أو لفترة محددة بحيث لا تؤدى الضريبة بوعائها كليا أو تمتص جانباً جسيماً منه. وقد يرى المشرع أحياناً فرض ضريبة على رأس مال يغل دخلاً ويراعى أن يتم الوفاء بهذه الضريبة من دخل رأس المال الخاضع للضريبة. أما فرض ضريبة على رأس مال لا يغل دخلاً وبطريقة دورية متجددة، ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه، فإنه ينطوى على عدوان على الملكية بالمخالفة لنص المادة ٣٤ من الدستور، كما يناقض مفهوم العدالة الاجتماعية الذى نصت المادة ٣٨ من الدستور على قيام النظام الضريبى على أساسه وهو ما يوجب القضاء بعدم دستورية النصين المطعون عليهما. وحيث إنه بالنسبة لباقى أحكام التنظيم التشريعى لضريبة الأرض الفضاء، فإنها إذ ترتبط ارتباطا وثيقاً لا يقبل التجزئة بالنصين المطعون عليهما فى الدعوى الماثلة ومن ثم يترتب لزوماً على القضاء بعدم دستوريتهما سقوط الأحكام المشار إليها، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة ٣ مكرراً تحدد الجهات التى لا تخضع الأراضى الفضاء المملوكة لها لهذه الضريبة. وتنظم المادة ٣ مكرراً (٣) مواعيد أداء تلك الضريبة. وتبين المادة ٣ مكرراً (٢) كيفية حصر الأراضى الخاضعة للضريبة، وتحظر المادة ٣ مكرراً (٤) صرف تراخيص البناء أو البناء أو إقامة مبان على هذه الأراضى أو شهر التصرفات التى تتناولها إلا بعد تقديم ما يفيد سداد الضريبة. وتقضى المادة ٣ مكرراً (٥) بوقف استحقاق الضريبة متى تم البناء على الأرض أو شغل وربط بالضريبة على العقارات المبنية أو خضعت للضريبة على الأرض الزارعية، كما ينص البند (٤) من المادة ٣٦ من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩ والمعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٨١ على أن تكون حصيلة هذه الضريبة مورداً من موارد الحساب الخاص بتمويل مشروعات الإسكان الاقتصادى والذى ينشأ بكل محافظة، ومن ثم تسقط النصوص سالفة الذكر ترتيبها على القضاء بعدم دستورية النصين المطعون عليهما فى الدعوى الراهنة.