حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ٢ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ٢ دستورية
تاريخ النشر : ١٩ – ٠٥ – ١٩٨٣

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٦١ بتأميم بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنته من النص علي أن تكون قرارات لجان التقويم “نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن”.

الحكم

برياسة فاروق سيف النصر رئيس المحكمة وحضور فتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى ومحمد عبد الخالق النادى ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة أعضاء ومحمد ابراهيم أبو العنين المفوض وأحمد على فضل الله أمين السر .

– – – ١ – – –
إن المشرع لم يسبغ على لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون ١١٧ لسنة ١٩٦١ – ولاية الفصل فى خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لإجراءات و ضمانات معينة و إنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التى تتخذ شكل شركات مساهمة و تقويم رؤوس أموال المنشآت التى لم تتخذ هذا الشكل ، لتقدير أصولها و خصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذى قد يستحق قانوناً لأصحابها مقابل تأميمها دون أن يفرض على تلك اللجان إخطار ذوى الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم و تقديم أسانيدهم و تحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدره من قرارات إلى غير ذلك من الإجراءات القضائية التى تتحقق بها ضمانات التقاضى ، و من ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية و تعتبر قراراتها قرارات إدارية و ليست قرارات قضائية . و لا يغير من ذلك ما ذهبت إليه الحكومة من أن تشكيل هذه اللجان برئاسة أحد المستشارين يضفى على أعمالها الصفة القضائية و يوفر منذ البداية الرقابة القضائية عليها بما يغنى عن الرقابة اللاحقة بالطعن فيها ، ذلك أن مجرد مشاركة أحد رجال القضاء فى تلك اللجان – التى يغلب على تشكيلها العنصر الإدارى – لا يخلع بذاته عليها الصفة القضائية طالما أن المشرع لم يخولها سلطة الفصل فى خصومة ، و ما دامت لا تتبع فى مباشرة عملها إجراءات لها سمات إجراءات التقاضى و ضماناته على نحو ما تقدم.

– – – ٢ – – –
إن المادة ٦٨ من الدستور تنص على أن ” التقاضى حق مصون و مكفول للناس كافة و لكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعى . . . و يحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ” و ظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، و قد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة و ذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية و حسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى هذه القرارات ، و قد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد و ذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم و لا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق بإعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها و التمتع بها و رد العدوان عليها .

– – – ٣ – – –
إن الدساتير سالفة الذكر قد تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القوانين سواء ، و أنهم متساوون فى الحقوق و الواجبات العامة ، كما ورد فى الدستور القائم هذا النص فى المادة ٤٠ منه . و لما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه – و هو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها – ينطوى على إهدار مبدأ المساواة بينهم و بين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق .

– – – ٤ – – –
أن المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٦١ إذ نصت على أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – قرارات نهائية و غير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن و هى قرارات إدارية على ما سلف بيانه – تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء و إنطوت على مصادرة لحق التقاضى و إخلال بمبدأ الساواة بين المواطنين فى هذا الحق بما يخالف المادتين ٤٠ و ٦٨ من الدستور .

– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة. حيث إن الطلب استوفى أوضاعه القانونية. وحيث إن رئيس مجلس الوزراء طلب تفسير النصوص المتعلقة بتقييم دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية لبيان ما إذا كان يعتبر مؤهلا عاليا أم إنه من المؤهلات فوق المتوسطة، حسما لما ثار من خلاف فى التطبيق حول تقييم هذا المؤهل، وأورد فى المذكرات المرفقة بكتابه إلى وزير العدل فى هذا الصدد ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم ٣٧١ لسنة ١٩٥٣ بشأن المعادلات الدراسية، والمادة الثالثة والبند (٢١) من المادة الرابعة من المرسوم الصادر فى ٦ أغسطس سنة ١٩٥٣، كما عرض إلى ما تضمنه فى هذا الشأن كل من القانون رقم ٨٣ لسنة ١٩٧٣ بتسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية والقانون رقم ١١ لسنة ١٩٧٥ باصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام. وحيث إنه يبين من تقصى التشريعات المتعاقبة التى نظمت تقييم دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية أن وزير المعارف العمومية أصدر فى ١٧ نوفمبر سنة ١٩٤٦ القرار الوزارى رقم ٧٠٦٦ لسنة ١٩٤٦ بشأن اعادة تنظيم الدراسات التكميلية لخريجى مدارس التجارة المتوسطة متضمنا انشاء دراسات تجارية تكميلية لخريجى مدارس التجارة المتوسطة اعتباراً من العام الدراسى ١٩٤٦ – ١٩٤٧، ثم أرسل فى ٧ نوفمبر سنة ١٩٤٩ كتابا إلى وزير المالية أوضح فيه أنه بناء على المذكرة التى رفعها المعهد العالى للعلوم المالية والتجارية الذى نظم هذه الدراسات ووضع لها المناهج على اعتبار أنها دراسات عالية وأشرف عليها، فقد قررت الوزارة بقرارها المذكور اعتبار مؤهل من جاز هذه الدراسات معادلا للدبلوم الذى كان يمنحه المعهد العالى للتجارة، وانتهى إلى طلب اتخاذ الاجراءات اللازمة نحو اقرار اعتبار هذا الدبلوم من الدبلومات العالية يعين الحاصل عليها فى الدرجة السادسة المخفضة بمرتب عشرة جنيهات ونصف، وإذ عرض الأمر على مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ ٨ أكتوبر سنة ١٩٥٠ وافق على ما طلبته وزارة المعارف العمومية فى هذا الشأن. غير أن المجلس أصدر بتاريخ أول يوليو سنة ١٩٥١ قرارا عدل به عن قراره السابق وقرر منح الحاصلين على هذا المؤهل الدرجة السابعة بمرتب شهرى مقداره عشرة جنيهات، إلا أنه مالبث أن عاد فى ٢، ٩ديسمبر سنة ١٩٥١ إلى تأكيد قراره الأول بمنحهم الدرجة السادسة براتب مقداره عشرة جنيهات ونصف شهرياً. وفى ٢٢ يوليو سنة ١٩٥٣ صدر القانون رقم ٣٧١ لسنة ١٩٥٣ الخاص بالمعادلات الدراسية ونص فى المادة الأولى منه على أنه ” استثناء من أحكام القانون رقم ٢١٠ لسنة ١٩٥١ بشأن نظام موظفى الدولة، يعتبر حملة المؤهلات المحددة فى الجدول المرافق لهذا القانون، فى الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقا لهذا الجدول. وتحدد أقدمية كل منهم فى تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخا، مع مراعاة الأقدميات النسبية الاعتبارية المشار إليها فى المادتين ٦، ٧ من هذا القانون بالنسبة لحملة المؤهلات المحددة بهما..” وقد جاء بالبند ٣٣ من الجدول المرافق المشار إليه أن دبلوم التجارة التكميلية العالية قدر له عشرة جنيهات ونصف فى الدرجة السادسة. كما نصت المادة الثانية منه على أن “لا يسرى حكم المادة السابقة الا على الموظفين الذين عينوا قبل أول يوليو سنة ١٩٥٢ وكانوا قد حصلوا على المؤهلات المشار إليها فى المادة السابقة قبل ذلك التاريخ أيضا، وبشرط أن يكونوا موجودين بالفعل فى خدمة الحكومة وقت نفاذ هذا القانون”. وحيث إن مفاد ما تقدم أن دبلوم التجارة التكميلية العالية انشئ فى ١٧ نوفمبر سنة ١٩٤٦ بقرار وزير المعارف رقم ٧٠٦٦ لسنة ١٩٤٦، ثم أقر مجلس الوزراء بتاريخ ٨ أكتوبر سنة ١٩٥٠ تقييم وزارة المعارف له تقييما علميا باعتباره دبلوما عاليا، كما أن قرارات المجلس الصادرة فى ٢، ٩ ديسمبر سنة ١٩٥٠ قدرته تقديرا ماليا بمنح حملته الدرجة السادسة بمرتب شهرى مقداره عشرة جنيهات ونصف، وإذ صدر قانون المعادلات الدراسية بعد ذلك لتصفية الأوضاع السابقة عليه فى شأن معادلات الدارسة بعد ذلك لتصفية الأوضاع السابقة عليه فى شأن معادلات الشهادات الدراسية، أقر بدوره هذا التقدير المالى وحل بذلك محل قرارات مجلس الوزراء المشار إليها. ولما كانت قوانين موظفى الدولة السارية آنذاك تعتبر الدرجة السادسة درجة بداية التعيين فى الكادر العالى، وتجعل منها درجة ترقية فحسب فى الكادر المتوسط، وكانت هذه القوانين تشترط للتعيين فى تلك الدرجة الحصول على دبلوم عال أو درجة جامعية، فإن مقتضى ذلك أن قرارات مجلس الوزراء ومن بعدها قانون المعادلات الدراسية قد أقرت اعتبار دبلوم التجارة التكميلية العالية مؤهلا عاليا. ولاينال من ذلك خفض بداية مرتب الدرجة السادسة بالنسبة لحملته، أو منح حاملى الشهادات العالية والمؤهلات الجامعية أقدمية اعتبارية بالنسبة للحاصلين على هذا الدبلوم، لأن خفض الراتب أو التمييز فى الأقدمية لا ينفى أن درجة بداية التعيين – التى ترتبط بالتقييم المالى لهذا المؤهل – هى الدرجة السادسة الواردة فى الكادر العالى والمقررة للمؤهلات العالية. لما كان ذلك، وكان لايحاج بأن هذا المؤهل لم يرد بين الشهادات والمؤهلات التى نصت المادة الثالثة من المرسوم الصادر من بعد فى ٦ أغسطس سنة ١٩٥٣ على صلاحية أصحابها فى التقدم للترشيح لوظائف الكادر الادارى والفنى العالى، فى حين أن البند (٢١) من المادة الرابعة من ذلك المرسوم اعتمد هذا المؤهل للترشيح لوظائف الدرجة السابعة الفنية بالكادر الفنى المتوسط، ذلك أن المشرع عاد واصدر القرار الجمهورى رقم ٢٠٢٢ لسنة ١٩٦٤ الذى نص على أن تنقل إلى الكادر العالى (الفنى والادارى) جميع الدرجات السادسة فما فوقها فى الكادر المتوسط (الفنى والكتابى) التى يشغلها موظفون حصلوا حتى نهاية سنة ١٩٥٧ على مؤهلات دراسية قدر لها الدرجة السادسة قبل العمل بمرسوم ٦ أغسطس سنة ١٩٥٣ ، ثم أصدر القانون رقم ٨٣ لسنة ١٩٧٣ بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدارسية ونص فى مادته الأولى على أن تسرى أحكامه على العاملين المدنيين بالجهاز الادارى للدولة والهيئات العامة الحاصلين على المؤهلات المحددة فى الجدول المرفق به – ومنها مؤهل التجارة التكميلية العالية – ولم تسو حالاتهم طبقا لأحكام القانون رقم ٣٧١ لسنة ١٩٥٣ الخاص بالمعادلات الدراسية بسب عدم توفر كل أو بعض الشروط المنصوص عليها فى المادة الثانية منه السابق الاشارة إليها، كما نص فى مادته الثانية على أن يمنح العاملون المنصوص عليهم فى المادة الأولى منه الدرجة والماهية المحددة فى الجدول المرفق بالقانون رقم ٣٧١ لسنة ١٩٥٣ سالف الذكر وذلك من تاريخ تعيينهم أو حصولهم على المؤهل أيهما أقرب وأن تتدرج مرتباتهم وترقياتهم واقدمياتهم على هذا الأساس، وسوى بذلك بين من عين من حملة دبلوم التجارة التكميلية العالية فى الدرجة السادسة براتب شهرى مقدارة عشرة جنيهات ونصف فى ظل قانون المعادلات الدراسية وبين من عين منهم فى الدرجة السابعة بالكادر الفنى المتوسط طبقا لمرسوم ٦ أغسطس سنة ١٩٥٣ فرفع هؤلاء إلى درجة أولئك على النحو السالف بيانه، وذلك – وكما جاء بمذكرته الايضاحية – “رغبة غى إزالة التفرقة واعمالا للمساواة بين من يحملون ذات المؤهل الدراسى الواحد” وهو مايكشف بوضوح عن اتجاه المشرع منذ سنة ١٩٦٤ إلى اقرار الوضع السابق لحملة هذا المؤهل فى ظل قانون المعادلات الدراسية رقم ٣٧١ لسنة ١٩٥٣، ورغبته فى إزالة كل أثر لمرسوم ٦ أغسطس سنة ١٩٥٣ فى شأن تقييم هذا المؤهل، وبالتالى استمرار اعتباره مؤهلا عاليا. لما كان ماتقدم، وكان القانون رقم ١١ لسنة ١٩٧٥ باصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام قد نص فى الفقرة (أ) من المادة الثانية منه على أنه لا يجوز أن يترتب على تطبيق أحكام هذا القانون المسا بالتقييم المالى للشهادات الدراسية المدنية والعسكرية طبقا للتشريعات الصادرة قبل نشر هذا القانون ما لم يكن تطبيق احكامه أفضل للعامل، فإن مؤدى ذلك وجوب الاعتداد بتقييم دبلوم التجارة التكميلية العالية طبقا لأحكام قانون المعادلات الدراسية رقم ٣٧١ لسنة ١٩٥٣ وللقانون رقم ٨٣ لسنة ١٩٧٣ المشار إليهما – والصادرين قبل نشر القانون رقم ١١ لسنة ١٩٧٥ – باعتباره من المؤهلات العالية على ما سلف بيانه لهذه الأسباب وبعد الاطلاع على المادة الأولى من القانون رقم ٣٧١ لسنة ١٩٥٣ الخاص بالمعادلات الدراسية. وعلى المادتين الأولى والثانية من القانون رقم ٨٣ لسنة ١٩٧٣ بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية. وعلى الفقرة (أ) من المادة الثانية من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٧٥ باصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام. قررت المحكمة أن المشرع يعتبر دبلوم التجارة التكميلية العالية من المؤهلات العالية.

زر الذهاب إلى الأعلى