حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١ دستورية
تاريخ النشر : ٠٤ – ٠٦ – ١٩٨١

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة: أولاً: بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ فيما نصت عليه من أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقاً لأحكام قانون الطوارئ إلي ملكية الدولة. ثانياً: بعدم دستورية المادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة بالقانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ فيما نصت عليه من تعيين حد أقصي لما يرد إلي الأشخاص الذين شملتهم الحراسة وأسرهم.

الحكم

برياسة احمد ممدوح عطية رئيس المحكمة وحضور فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن اعضاء ومحمد ابو العنين المفوض واحمد على فضل الله أمين السر .

– – – ١ – – –
ما يثيره المدعون بشأن مخالفة الأوامر الصادرة بفرض الحراسة لأحكام قانون الطوارئ يتعلق بقضاء المشروعية و يخرج عن مجال رقابة الدستورية و بالتالى عن نطاق الدعوى الماثلة، الذى تحدد بالطعن فى دستورية النص على أيلولة أموال و ممتلكات من فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة و على تحديد ما يرد إليهم و إلى أسرهم منها، و هو طعن منبت الصلة بما ينتهى إليه القضاء المختص بشأن مشروعية أوامر فرض الحراسة أو عدم مشروعيتها.

– – – ٢ – – –
مؤدى نص المادتين الأولى و الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ و مواد القانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ أن أيلولة أموال و ممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة تقررت بمقتضى المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤، و إستمرت بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم ٩٣٠ لسنة ١٩٦٧ بالنسبة للخاضعين الأصليين، و للخاضعين بالتبعية فيما آل إليهم من أموال و ممتلكات عن طريق الخاضع الأصلى، و أن القانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ إقتصر على تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على هؤلاء الأشخاص فإستحدث أحكاماً تسوى بها كل حالة، دون أن يتضمن أى تعديل فى الأساس الذى قام عليه القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ و هو أيلولة أموالهم و ممتلكاتهم إلى ملكية الدولة.

– – – ٣ – – –
حرصت جميع الدساتير المصرية المتعاقبة على تأكيد حماية الملكية الخاصة و عدم المساس بها إلا على سبيل الإستثناء و فى الحدود و بالقيود التى أوردتها، فنصت المادة الخامسة من دستور سنة ١٩٥٨ على أن الملكية الخاصة مصونة و لا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة و مقابل تعويض وفقاً للقانون، و هو ما رددته المادة ١٦ من دستور سنة ١٩٦٤ و المادة ٣٤ من دستور سنة ١٩٦٤ و المادة ٣٤ من دستور سنة ١٩٧١، كما لم تجز المادة ٣٥ من دستور سنة ١٩٧١ التأميم إلا لإعتبارات الصالح العام و بقانون و مقابل تعويض.

– – – ٤ – – –
أيلولة أموال و ممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة طبقاً للمادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ لا تعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة الذى لا يرد إلا على عقارات معينة بذاتها فى حين شملت الأيلولة إلى ملكية الدولة أموال و ممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما فيها من منقولات، و لم تتبع فى شأنها الإجراءات التى نصت عليها القوانين المنظمة لنزع الملكية و التى يترتب على عدم مراعاتها إعتبار الإجراء غصباً لا يعتد به و لا ينقل الملكية إلى الدولة.

– – – ٥ – – –
لا تعتبر أيلولة أموال و ممتلكات هؤلاء الأشخاص إلى ملكية الدولة تأميماً، ذلك أنها تفتقر إلى أهم ما يتميز به التأميم و هو إنتقال المال المؤمم إلى ملكية الشعب لتسيطر عليه الدولة بعيداً عن مجال الملكية الخاصة بحيث تكون إدارته لصالح الجماعة، بينما إمتدت الحراسة – و بالتالى الأيلولة إلى ملكية الدولة – إلى كافة أموال و ممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما تشمله من مقتنيات شخصية يستحيل تصور إدارتها لصالح الجماعة، كما أن المادة الرابعة من ذات القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ تنص على تسليم الأراضى الزراعية التى آلت ملكيتها إلى الدولة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى لإدارتها “………. حتى يتم توزيعها وفقاً لأحكام القانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢” بشأن الإصلاح الزراعى، و بالتالى فإن مآل هذه الأراضى أن تعود إلى الملكية الخاصة لمن توزع عليهم و لا تبقى فى ملكية الشعب لتحقق إدارتها ما يستهدفه التأميم من صالح عام.

– – – ٦ – – –
لما كانت أيلولة أموال و ممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة لا تعد من قبيل نزع الملكية أو التأميم، فإنها تشكل إعتداء على الملكية الخاصة و مصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة ٣٤ من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة، و المادة ٣٦ منه التى تحظر المصادرة العامة و لا تجيز المادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.

– – – ٧ – – –
القول بأن القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ و القانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم و ممتلكاتهم، و أن تقدير هذا التعويض يعد من الملاءمات السياسية التى يستقل بها المشرع، لا يحول دون إخضاع هذين التشريعين للرقابة الدستورية لأن كلا منهما قد تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور و وضع لحمايتها ضوابط و قواعد محددة.

– – – ٨ – – –
القانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ إذ عدل من أحكام كل من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ التى كانت تقضى بتحديد مبلغ جزافى بحد أقصى مقداره ثلاثون ألف جنيه يؤدى إلى جميع من فرضت عليهم الحراسة بسندات على الدولة لمدة خمسة عشر عاما، و القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٧٢ الذى نص على أيلولة هذه السندات إلى بنك ناصر الإجتماعى مقابل معاشات يحددها وزير المالية و يستحقها هؤلاء الخاضعون، و إستبدل بها أحكاماً تسوى بها أوضاعهم برد بعض أموالهم عيناً أو ثمن ما تم بيعه منها و ذلك فى حدود مبلغ ثلاثين ألف جنيه للفرد و مائة ألف جنيه للأسرة، فإنه يكون بما نص عليه من تعيين حد أقصى لما يرد من كافة الأموال و الممتلكات التى فرضت عليها الحراسة قد إنطوى على مخالفة لأحكام دستور سنة ١٩٧١ الذى لا يجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية طبقاً للمادة ٣٧ منه، الأمر الذى يتضمن بدوره مساساً بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة ٣٤ من الدستور سالفة البيان.

[الطعن رقم ٥ – لسنــة ١ ق – تاريخ الجلسة ١٦ / ٠٥ / ١٩٨١ – مكتب فني ١ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ١٩٥ – تم قبول هذا الطعن]

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم ٩٩٢ لسنة ٢٨ ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالبين الحكم بإلغاء أمر رئيس الجمهورية رقم ١٣٨ لسنة ١٩٦١ بفرض الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم ، وتسليمهم كافة هذه الأموال والممتلكات ، وذلك تأسيساً على أن القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ بشأن حالة الطوارئ لا يجيز فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين. وإذ طلبت الحكومة رفض الدعوى استناداً إلى أن الحراسة قد رفعت عن أموال وممتلكات المدعين بموجب القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ وتم تعويضهم عنها وفقاً لأحكامه ثم أعيدت تسوية أوضاعهم طبقاً للقانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ ، فقد دفع المدعون بعدم دستورية هذين التشريعين. وبتاريخ ٢٠ أبريل سنة ١٩٧٦ حكمت المحكمة بوقف الدعوى حتى يرفع المدعون دعواهم الدستورية ، فأقاموا الدعوى الماثلة . وحيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية كل من المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ والمادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ لأسباب حاصلها أنه بالإضافة إلى أن قانون الطوارئ لا يجيز فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين ، فان ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ من أيلولة أموال وممتلكات هؤلاء الأشخاص إلى ملكية الدولة بغير تعويض – عدا مبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات تؤدى إليهم بسندات على الدولة لمدة خمس عشرة سنة – تعتبر مصادرة لها بالمخالفة لما تقضى به المادة الخامسة من دستور سنة ١٩٥٨ المؤقت الذى صدر هذا التشريع فى ظله من أن الملكية الخاصة مصونة ، كما أن ما قضت به المادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة من تحديد ما يرد من أموال وممتلكات من خضعوا للحراسة بما قيمته ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة ينطوى على مصادرة لما يجاوز هذا المقدار ، ويخالف ما تقضى به المواد ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ من دستور سنة ١٩٧١ التى تكفل صون الملكية الخاصة ولا تجيز التأميم إلا بشروط محددة وتحظر المصادرة الخاصة بغير حكم قضائى . وحيث إن إدارة قضايا الحكومة طلبت رفض الدعوى تأسيساً على أن المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ قد عدلت تعديلاً ضمنياً بالقانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ الذى أعاد تحديد مقدار التعويض وكيفية أدائه ، وأن نعى المدعين ينصب فى واقعة على ما تضمنته المادتان المطعون بعدم دستوريتهما من تحديد لمقدار التعويض ، وهو أمر يتعلق بملاءمات سياسية يستقل المشرع بتقديرها ولا تمتد إليها رقابة هذه المحكمة . وحيث إن ما يثيره المدعون بشأن مخالفة الأوامر الصادرة بفرض الحراسة لأحكام قانون الطوارئ يتعلق بقضاء المشروعية ويخرج عن مجال رقابة الدستورية وبالتالى عن نطاق الدعوى الماثلة، الذى تحدد بالطعن فى دستورية النص على أيلولة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة وعلى تحديد ما يرد إليهم وإلى أسرهم منها، وهو طعن منبت الصلة بما ينتهى إليه القضاء المختص بشأن مشروعية أوامر الحراسة أو عدم مشروعيتها. وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص تنص على أن” ترفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقا لأحكام قانون الطوارئ”. وتنص المادة الثانية منه على أن “تؤول إلى الدولة ملكية الأموال والممتلكات المشار إليها فى المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالى قدره ٣٠ الف جنيه، مالم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة. على أنه إذا كانت الحراسة قد فرضت على الشخص وعلى عائلته بالتبعيه له ، فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة بما لا يجاوز قدر التعويض الاجمالى السابق بيانه…. ويؤدى التعويض بسندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة ٤% سنوياً …..” . وتنص المادة الأولى من القانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ باصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أن “تسوى طبقاً لأحكام القانون المرافق الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استنادا إلى القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ بشأن حالة الطوارئ”، وتؤكد المادة الأولى من قانون تسوية هذه الأوضاع إنتهاء جميع التدابير المتعلقة بالحراسة، ثم تردد الفقرة الأولى من المادة الثانية منه الحكم الخاص باستثناء الخاضعين بالتبعية من أحكام القانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ بالنسبة لما آل إليهم عن غير طريق الخاضع الأصلى، وهو ما كان ينص عليه قرار رئيس الجمهورية رقم ٩٣٠ لسنة ١٩٦٧، وتنص فقرتها الثانية على أن يرد عينا ماقيمته ثلاثون ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة إذا كانت هذه الأموال والممتلكات قد آلت إلى هؤلاء الخاضعين بالتبعية عن طريق الخاضع الأصلى، وتحدد المادة الثالثة مقدار ما يتم التخلى عنه من عناصر الذمم المالية للأشخاص الطبيعيين الذين شملتهم الحراسة بصفة أصلية أو تبعية بما لايزيد على ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة، كما تنص المادة الرابعة منه على أنه”إذا كانت الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة مملوكة جميعها للخاضع الأصلى وكان صافى ذمته المالية يزيد على ثلاثين ألف جنيه رد إليه القدر الزائد عينا بما لا يجاوز ثلاثين ألف جنيه لكل فرد من أفراد أسرته وفى حدود مائة ألف جنيه للأسرة….. ويسرى حكم الفقرة السابقة إذا كان ما سلم لكل فرد من أفراد الأسرة طبقا للمادتين السابقتين يقل عن ثلاثين ألف جنيه للفرد ولايجاوز مائة ألف جنيه للأسرة……”. وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة قد تقررت بمقتضى المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤، واستمرت بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم ٩٣٠ لسنة ١٩٦٧ بالنسبة للخاضعين الأصليين، وللخاضعين بالتبعية فيما آل إليهم من أموال وممتلكات عن طريق الخاضع الأصلى، وأن القانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ اقتصر على تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على هؤلاء الأشخاص فاستحدث أحكاما تسوى بها كل حالة ، دون أن يتضمن أى تعديل فى الأساس الذى قام عليه القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ وهو أيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى ملكية الدولة. وحيث إن جميع الدساتير المصرية المتعاقبة حرصت على تأكيد حماية الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردتها، فنصت المادة الخامسة من دستور سنة ١٩٥٨ على أن الملكية الخاصة مصونه ولاتنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون، وهو ما رددته المادة ١٦ من دستور سنة ١٩٦٤ والمادة ٣٤ من دستور سنة ١٩٨١، كما لم تجز المادة ٣٥ من دستور سنة ١٩٧١ التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض. ولما كانت أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة طبقاً للمادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ لاتعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة الذى لايرد إلا على عقارات معينة بذاتها فى حين شملت الأيلولة إلى ملكية الدولة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما فيها من منقولات، ولم تتبع فى شأنها الاجراءات التى نصت عليها القوانين المنظمة لنزع الملكية والتى يترتب على عدم مراعاتها اعتبار الاجراء غصبا لا يعتد به ولاينقل الملكية إلى الدولة ، وكانت هذه الأيلولة لاتعتبر تأميماً ذلك أنها تفتقر إلى أهم ما يتميز به التأميم وهو انتقال المال المؤمم إلى ملكية الشعب لتسيطر عليه الدولة بعيدا عن مجال الملكية الخاصة بحيث تكون إدارته لصالح الجماعة ، بينما امتدت الحراسة – وبالتالى الأيلولة إلى ملكية الدولة – إلى كافة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما تشمله من مقتنيات شخصية يستحيل تصور إدارتها لصالح الجماعة، كما أن المادة الرابعة من ذات القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ تنص على تسليم الأراضى الزراعية التى آلت ملكيتها إلى الدولة إلى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى لادارتها”………. حتى يتم توزيعها وفقا لأحكام القانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢” بشأن الاصلاح الزراعى، وبالتالى فإن مآل هذه الأراضى أن تعود إلى الملكية الخاصة لمن توزع عليهم ولا تبقى فى ملكية الشعب لتحقق ادارتها ما يستهدفه التأميم من صالح عام. لما كان ذلك فان أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة التى تقررت أول الأمر بالقرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ على ما سلف بيانه، تشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة ٣٤ من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة، والمادة ٣٦ منه التى تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى. لما كان ما تقدم وكان لا يحاج بأن القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ والقانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ المشار إليهما قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم وممتلكاتهم، وأن تقدير هذا التعويض يعد من الملاءمات السياسية التى يستقل بها المشرع، ذلك ان كلا من هذين التشريعين قد تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة، الأمر الذى يحتم إخضاعهما لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية، وكان القانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ إذ عدل من أحكام كل من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ التى كانت تقضى بتحديد مبلغ جزافى بحد أقصى مقداره ثلاثون ألف جنيه يؤدى إلى جميع من فرضت عليهم الحراسة بسندات على الدولة لمدة خمسة عشر عاما، والقانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٧٢ الذى نص على أيلولة هذه السندات إلى بنك ناصر الاجتماعى مقابل معاشات يحددها وزير المالية ويستحقها هؤلاء الخاضعون، واستبدل بها أحكاما تسوى بها أوضاعهم جرد بعض أموالهم عينا أو ثمن ما تم بيعه منها وذلك فى حدود مبلغ ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة، فانه يكون بما نص عليه من تعيين حد أقصى لما يرد من كافة الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة قد انطوى على مخالفة لأحكام دستور سنة ١٩٧١ الذى لا يجيز تحديد حد أقصى ألا بالنسبة للملكية الزراعية طبقا للمادة ٣٧ منه الأمر الذى يتضمن بدوره مساسا بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة ٣٤ من الدستور سالف البيان. وحيث انه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية المادتين المطعون عليهما. لهذه الأسباب حكمت المحكمة : أولا: بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٤ فيما نصت عليه من أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقا لأحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة. ثانيا: بعدم دستورية المادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم ٦٩ لسنة ١٩٧٤ فيما نصت عليه من تعيين حد أقصى لما يرد إلى الأشخاص الذين شملتهم الحراسة وأسرهم. وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماه.

زر الذهاب إلى الأعلى