حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٨ لسنة ٢١ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٨ لسنة ٢١ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السابع من يونيه سنة ٢٠٠٩ م، الموافق الرابع عشر من جمادى الآخرة سنة ١٤٣٠ هــ .
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٤٨ لسنة ٢١ قضائية دستورية .
المقامة من
السيد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مضارب الدقهلية
ضد
١ – السيد رئيس الجمهورية .
٢ – السيد رئيس مجلس الوزراء .
٣ – السيد رئيس مجلس الشعب .
٤ – السيد وزير المالية .
٥ – السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .
الإجراءات
بتاريخ الحادى عشر من شهر مارس سنة ١٩٩٩ ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، بطلب الحكم بعدم دستورية المادة (١١) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ .
وقدمت الشركة المدعية مذكرة صممت فيها على طلباتها .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً برفضها .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة حيث قدمت الشركة المدعية مذكرة أخرى بجلسة ٣ / ٥ / ٢٠٠٩ ، أضافت فيها إلى طلبها الأصلى ، طلب الحكم بعدم دستورية المادتين ( ٢ و٦ ) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ . كما طلبت فيها الحكم بإبطال ما قضت به الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض بجلسة ١٧ / ٣ / ٢٠٠٨ ، فى الطعن رقم ٨٥٢٩ لسنة ٧٥ القضائية ، من خضوع جميع السلع الرأس مالية والمعدات والأدوات المستوردة من الخارج للضريبة على المبيعات سواء أكانت سلعاً رأس مالية أم استهلاكية ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فى الدعوى بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم ٥٥٨٤ لسنة ١٩٩٧ مدنى كلى أمام محكمة المن صورة الابتدائية ضد المدعى عليهما الرابع والخامس ، ومدير الشئون الفنية والإعفاءات بقطاع جمارك الإسكندرية ، طلباً للحكم بإلزام هم أن يسددوا لها متضامنين مبلغ ٩٩ر٧٥٢٥١٨ جنيهاً ، التى قامت بسدادها بدون وجه حق ، وتمثل نسبة ٢٥% من ضريبة مبيعات عن رسالتين واردتين لحسابها خلال عامى ١٩٩١ و١٩٩٢ ، بناء على موافقتين استيراديتين صدرتا بتاريخ ٣٠ / ٤ و١١ / ١٠ / ١٩٩٠ ، وتحويان معدات إنتاجية لمصنع المكرونة ومضرب الأرز التابعين لها . وقد أوضحت الشركة أنها قد اضطرت إلى السداد حتى تتمكن من الإفراج عن المعدات ، على الرغم من أن الموافقتين الاستيراديتين المشار إليهما قد صدرتا قبل صدور قانون الضريبة العامة على المبيعات سنة ١٩٩١ ، فضلاً عن أن المعدات المستوردة قد وردت لخدمة مشروعين استثماريين وليس بهدف البيع أو الاتجار ، وبالتالى ، لا يستحق عنها ضريبة مبيعات . وبجلسة ٢٦ / ٨ / ١٩٩٨ ، قضت محكمة المن صورة الابتدائية بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى ، وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص . وقد قيدت الدعوى ، بعد الإحالة ، برقم ٦٦٦٧ لسنة ١٩٩٨ مدنى كلى الإسكندرية ، وأثناء تداولها دفع المدعى ، بجلسة ٢٨ / ١٠ / ١٩٩٨ بعدم دستورية المادة (١١) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ ، وبعد أن قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم ، قررت إعادتها للمرافعة بجلسة ٦ / ١ / ١٩٩٩ ، وفيها منحت المدعى أجلاً لجلسة ٢٤ / ٣ / ١٩٩٩ ليقدم ما يفيد إقامة الدعوى الدستورية ، فأقام المدعى الدعوى المعروضة
وحيث إنه عن الطعن بعدم دستورية المادتين ( ٢ و٦ ) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ المشار إليه ، فقد استقر قضاء
المحكمة الدستورية العليا
على أن اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها وفقاً للأوضاع وفى الميعاد المنصوص عليه فى المادة (٢٩) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ يعد من الأمور المتصلة بالنظام العام ، باعتبارها جميعاً من الأشكال الجوهرية التى تغيابها المشرع مصلحة عامة ، حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية ب
الإجراءات
التى رسمها ، وفى الميعاد الذى حدده متى كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية كانت قد قصرت دفعها بعدم الدستورية على المادة (١١) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ المشار إليه دون المادتين ( ٢ و٦ ) منه ، وهو ذات ما اقتصر عليه تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع والتصريح بإقامة الدعوى الدستورية . ومن ثم ، يكون ما أبدته الشركة المدعية من طلبات جديدة فى مذكرة دفاعها ليشمل المادتين السابقتين من قبيل إقامة دعوى دستورية أصلية فى شأنهما ، بالمخالفة للأوضاع المقررة التى استلزمها قانون
المحكمة الدستورية العليا
للتداعى فى المسائل الدستورية ، مما يتعين معه عدم قبول هذا الشق من الطلبات .
وحيث إن ما أثارته الشركة المدعية فى شأن إبطال حكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض الصادر بجلسة ١٧ / ٣ / ٢٠٠٨ فى الطعن رقم ٨٥٢٩ لسنة ٧٥ ينحل فى حقيقته طعناً مباشراً فى ذلك الحكم ، الأمر الذى يخرج عن ولاية
المحكمة الدستورية العليا
وعلى ما استقر عليه قضاؤها باعتبار أنها لا تعتبر جهة طعن فى الأحكام الصادرة عن جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، وإنما هى جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون إنشائها ، ولا تمتد ولايتها إلى مراقبة سلامة تطبيق محكمة الموضوع للقانون ؛ وهو ما يقتضى كذلك عدم قبول الدعوى فى ذاك الشق من الطلبات .
وحيث إن المقرر فى قضاء
المحكمة الدستورية العليا
أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، بما مؤداه أن تفصل
المحكمة الدستورية العليا
فى الخصومة من جوانبها العملية ، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة ، وهو ما يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ، ويرسم تخوم ولايتها ، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى ، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم ، سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً . ويتعين دوما أن يكون الضرر من فصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلا بالعناصر التى يقوم عليها، ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية ، عائداً فى مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعاً، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية ، عما كان عليه قبلها.
وحيث إن المقرر أيضاً فى قضاء هذه المحكمة ، أن الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها فى حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عنه إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعاً.
وحيث إن نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات تعتبر كلاً واحداً، يكمل بعضها البعض ويتعين أن تفسر عباراته بما يمنع أى تعارض بينها، إذ أن الأصل فى النصوص القانونية التى تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها وتتحد توجهاتها ليكون نسيجا متآلفاً . ولما كان نص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩٩ سالف الذكر تنص على أن ( تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص…..) – فإن تعيين هذا الالتزام الضريبى لا يستقيم منهجا إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام: كما هية المكلف، وما هية المستورد، وهو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوباً لدلالات الألفاظ حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من ذات القانون، حيث عرفت ( المكلف ) بأنه الشخص الطبيعى أو المعنوى المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجا صناعياً، أو تاجرا أو مؤديا لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه فى هذا القانون، وكذلك كل مستورد لسلعة أو خدمة خاضعة للضريبة بغرض الاتجار مهما كان حجم معاملاته . كما عرفت المستورد بأنه كل شخص طبيعى أو معنوى يقوم ياستيراد سلع صناعية أو خدمات من الخارج خاضعة للضريبة بغرض الاتجار – الأمر الذى يتضح معه بجلاء اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار لضريبة المبيعات المقررة وفقاً لهذا القانون، وقد ربط دوماً فى نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده . متى كان ذلك ، وكانت الشركة المدعية تهدف بدعواها الموضوعية إعفاءها من الخضوع للضريبة العامة على المبيعات على المعدات الإنتاجية التى استوردتها لمصنع المكرونة ومضرب الأرز التابعين لها ، فإن التطبيق السليم لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ يكون محققاً للشركة المدعية بغيتها من دعواها الموضوعية ، ولا يكون لها مصلحة فى الطعن على النصوص الطعينة بحسبان أن الضرر المدعى به ليس مرده إلى تلك النصوص ، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها، ومن ثم ، فإن الشركة المدعية يمكنها بلوغ طلباتها الموضوعية من خلال نجاحها فى إثبات الغرض من استيراد المواد المجلوبة من الخارج – وذلك شأنها أمام محكمة الموضوع – دون حاجة إلى التعرض للنص من الوجهة الدستورية ، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة فى الدعوى الماثلة ، ويتعين القضاء بعدم قبولها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.