حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٤ لسنة ٧ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٤ لسنة ٧ دستورية
– – – ١ – – –
إن المادة الخامسة من الدستور – المعدلة بتاريخ ٢٢ من مايو سنة ١٩٨٠ – تنص على أن ” يقوم النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب و ذلك فى إطار المقومات و المبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور. و ينظم القانون الأحزاب السياسية ” ، و قد تحقق بهذا التعديل تغيير جذرى فى إحدى ركائز النظام السياسى فى الدولة . و بموجب هذا التعديل يكون الدستور قد إستعاض عن التنظيم الشعبى الوحيد ممثلا فى الإتحاد الإشتراكى العربى بنظام تعدد الأحزاب و ذلك تعميقاً للنظام الديمقراطى الذى أقام عليه الدستور البنيان السياسى للدولة بما نص عليه فى مادته الأولى من أن ” جمهورية مصر العربية دولة نظامها إشتراكى ديمقراطى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة ……. ” و بما ردده فى كثير من مواده ، من أحكام و مبادئ تحدد مفهوم الديمقراطية التى أرساها و تشكل معالم المجتمع الذى ينشده سواء ما إتصل منها بتوكيد السيادة الشعبية – و هى جوهر الديمقراطية – أو بكفالة الحقوق و الحريات العامة – و هى هدفها – أو بالإشتراك فى ممارسة السلطة – و هى وسيلتها – كما جاء ذلك التعديل إنطلاقاً من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلاً على الحرية و إنها تتطلب – لضمان إنفاذ محتواها – تعدداً حزبياً ، بل هى تحتم هذا التعدد كضرورة لازمة لتكوين الإرادة الشعبية و تحديد السياسة القومية تحديداً حراً واعياً .
– – – ٢ – – –
إن الدستور إذ نص على تعدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسى فى الدولة، فإنه يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها و ضمان حق الإنضمام إليها ، إلا أنه لم يشأ أن يطلق الحرية الحزبية إطلاقاً لا سبيل معه إلى تنظيمها ، و إنما أراد حسبما نصت على ذلك المادة “٥” منه – أن يكون التعدد الحزبى دائراً فى إطار المقومات و المبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور . كما جعل جانب التنظيم التشريعى فيه أمراً مباحاً ، إذ عهد إلى القانون تنظيم الأحزاب السياسية ، على أن يقف التدخل التشريعى – بناء على هذا التفويض – عند حد التنظيم الذى ينبغى ألا يتضمن نقضاً للحرية الحزبية أو إنقاصاً منها ، و أن يلتزم بالحدود و الضوابط التى نص عليها الدستور ، فإن جاوزه إلى حد إهدار الحرية ذاتها أو النيل منها أو خرج على القواعد و الضوابط التى نص عليها الدستور ، وقع القانون – فيما تجاوز فيه دائرة التنظيم مخالفاً للدستور .
– – – ٣ – – –
إن الأحزاب السياسية و هى جماعات منظمة تعنى أساساً بالعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين بقصد المشاركة فى مسئوليات الحكم لتحقيق برامجها التى تستهدف الإسهام فى تحقيق التقدم السياسى و الإجتماعى و الإقتصادى للبلاد ، و هى أهداف و غايات كبرى تتعلق بصالح الوطن و المواطنين ، تتلاقى عندها الأحزاب السياسية الوطنية جميعها أو تتحاذى فى بعض مناحيها ، الأمر الذى يجعل التشابه أو التقارب بين الأحزاب السياسية فى هذه الأهداف أمراً وارداً .
– – – ٤ – – –
إن قانون الأحزاب السياسية فى البند ثانياً من مادته الرابعة لم يشترط أن يقع التميز الظاهر فى مبادئ و أهداف الحزب كشرط لتأسيسه أو إستمراره و ذلك بقصد إفساح المجال لحرية تكوينها ، بل جاء الشرط مقصوراً على برنامج الحزب و سياساته أو أساليبه التى يسعى بها لتحقيق مبادئه و أهدافه ضماناً للجدية و حتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده ، و أن يكون فى وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسى ببرامج و سياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطنى و دعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لإختلاف البرامج و الإتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و توسعه لنطاق المفاضلة بينها و إختيار أصلح الحلول و أنسبها . لما كان ذلك ، و كان إشتراط تميز برنامج الحزب و سياساته و أساليبه فى تحقيق مبادئه و أهدافه تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى مما يدخل فى نطاق التنظيم التشريعى الذى عهد به الدستور إلى القانون ، و قد ورد النص عليه فى البند ” ثانياً ” من المادة الرابعة من قانون الأحزاب عاماً مجرداً لينطبق حكمه على جميع الأحزاب السياسية التى صدر القانون منظماً لها ، دون أن يميز فى مجال تطبيقه بين حزب و آخر ، سواء عند نشوء الحزب أو كشرط لإستمراره ، الأمر الذى يتحقق به مبدأ تكافؤ الفرص و مبدأ المساواة لدى القانون اللذان قررهما الدستور فى المادتين “٨” ، “٤٠” منه ، و من ثم يكون النعى على نص البند المذكور مخالفته هاتين المادتين على غير أساس سليم متعيناً رفضه .
– – – ٥ – – –
إن قانون الأحزاب السياسية فى البند ثانياً من مادته الرابعة لم يشترط أن يقع التميز الظاهر فى مبادئ و أهداف الحزب كشرط لتأسيسه أو إستمراره و ذلك بقصد إفساح المجال لحرية تكوينها ، بل جاء الشرط مقصوراً على برنامج الحزب و سياساته أو أساليبه التى يسعى بها لتحقيق مبادئه و أهدافه ضماناً للجدية و حتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده ، و أن يكون فى وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسى ببرامج و سياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطنى و دعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لإختلاف البرامج و الإتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و توسعه لنطاق المفاضلة بينها و إختيار أصلح الحلول و أنسبها . لما كان ذلك ، و كان إشتراط تميز برنامج الحزب و سياساته و أساليبه فى تحقيق مبادئه و أهدافه تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى مما يدخل فى نطاق التنظيم التشريعى الذى عهد به الدستور إلى القانون ، و قد ورد النص عليه فى البند ” ثانياً ” من المادة الرابعة من قانون الأحزاب عاماً مجرداً لينطبق حكمه على جميع الأحزاب السياسية التى صدر القانون منظماً لها ، دون أن يميز فى مجال تطبيقه بين حزب و آخر ، سواء عند نشوء الحزب أو كشرط لإستمراره ، الأمر الذى يتحقق به مبدأ تكافؤ الفرص و مبدأ المساواة لدى القانون اللذان قررهما الدستور فى المادتين “٨” ، “٤٠” منه ، و من ثم يكون النعى على نص البند المذكور مخالفته هاتين المادتين على غير أساس سليم متعيناً رفضه .
– – – ٦ – – –
إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة ١٩٢٣ على تقرير الحريات و الحقوق العامة فى صلبها قصداً من الشارع الدستورى أن يكون لهذه الحريات و الحقوق قوة الدستور و سموه على القوانين العادية و حتى يكون النص عليها فى الدستور قيداً على المشرع العادى فيما يسنه من قواعد و أحكام ، فتارة يقرر الدستور الحرية العامة و يبيح للمشرع العادى تنظيمها لبيان حدود الحرية و كيفية ممارستها من غير نقص أو إنتقاص منها ، و طوراً يطلق الحرية العامة إطلاقاً يستعصى على التقييد و التنظيم . فإذا خرج المشرع فيما يضعه من تشريعات على هذا الضمان الدستورى ، بأن قيد حرية وردت فى الدستور مطلقة ، أو إهدار أو إنتقص من حرية تحت ستار التنظيم الجائز دستورياً ، وقع عمله التشريعى مشوباً بعيب مخالفة الدستور .
– – – ٧ – – –
أن حرية الرأى هى من الحريات الأساسية التى تحتمها طبيعة النظام الديمقراطى و تعد ركيزة لكل حكم ديمقراطى سليم ، إذ يقوم هذا النظام فى جوهره على مبدأ أن ” السيادة للشعب وحده ، و هو مصدر السلطات ” و هو ما أكده الدستور القائم بالنص عليه فى المادة “٣” منه ، و قررت مضمونه الدساتير المصرية السابقة عليه بدءاً بدستور سنة ١٩٢٣ ، ذلك أن مبدأ السيادة الشعبية يقتضى أن يكون للشعب – ممثلاً فى نوابه أعضاء السلطة التشريعية – الكلمة الحرة فيما يعرض عليه من شئون عامة ، و أن يكون للشعب أيضاً بأحزابه و نقاباته و أفراده رقابة شعبية فعالة يمارسها بالرأى الحر و النقد البناء لما تجريه السلطة الحاكمة من أعمال و تصرفات .
– – – ٨ – – –
إن حرية الرأى تعتبر بمثابة الحرية الأصل التى يتفرع عنها الكثير من الحريات و الحقوق العامة الفكرية و الثقافية و غيرها ، و تعد المدخل الحقيقى لممارستها ممارسة جدية، كحق النقد ، و حرية الصحافة و الطباعة و النشر ، و حرية البحث العلمى و الإبداع الأدبى و الفنى و الثقافى ، و حق الإجتماع للتشاور و تبادل الآراء، و حق مخاطبة السلطات العامة.
– – – ٩ – – –
إن حرية الرأى ضرورة لازمة لمباشرة الحقوق السياسية و إمكان المساهمة بهذه الحقوق العامة فى الحياة السياسية مساهمة فعالة كحق تكوين الأحزاب السياسية ، و حق الإنضمام إليها ، و حق الإنتخاب و الترشيح ، و إبداء الرأى فى الإستفتاء ، بل إن قانون الأحزاب السياسية – و قد صدر فى سنة ١٩٧٧ قبل تعديل المادة “٥” من الدستور سنة ١٩٨٠ بالنص فيها على نظام تعدد الأحزاب – حين أراد واضعوا هذا القانون إقامته على أساس من الدستور ، قد إرتكنوا – على ما يبين من مذكرته الإيضاحية و تقرير اللجنة التشريعية عنه – إلى بعض الحريات و الحقوق العامة المقررة فى الدستور ، و منها حرية الرأى و العقيدة السياسية بإعتبار أن حق تكوين الأحزاب يعد حقاً دستورياً متفرعاً عنها و مترتباً عليها ، و إستناداً إلى أن النظم الديمقراطية تقوم على أساس التسليم بقيام الأحزاب السياسية بإعتبارها ضرورة واقعية للتعبير عن إختلاف الرأى الذى تحتمه طبيعتها الديمقراطية و لو لم ينص الدستور صراحة على حرية تكوين الأحزاب السياسية و تنظيمها .
– – – ١٠ – – –
إن حرية الرأى إذ تعد من الدعامات الأساسية التى تقوم عليها النظم الديمقراطية الحرة ، فقد غدت من الآصول الدستورية الثابتة فى كل بلد ديمقراطى متحضر ، و حرصت على توكيدها الدساتير المصرية المتعاقبة و قررها الدستور القائم بالنص فى المادة “٤٧” منه على أن ” حرية الرأى مكفولة ، و لكل إنسان التعبير عن رأيه و نشره بالقول أو بالكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون . و النقد الذاتى و النقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى ” . و لئن كان الدستور قد كفل بهذا النص ” حرية التعبير عن الرأى ” بمدلوله الذى جاء عاما مطلقا ليشمل الرأى فى مختلف المجالات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية ، فإنه مع ذلك قد خص حرية الآراء السياسية برعاية أوفى لما لها من إرتباط وثيق بالحياة السياسية و بسير النظام الديمقراطى فى طريقه الصحيح ، ذلك إن الضمانات التى قررها الدستور بشأن حرية الصحافة و إستقلالها فى أداء رسالتها و حظر الرقابة عليها أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإدارى – حسبما نصت على ذلك المواد “٤٨” ، “٢٠٦” ، “٢٠٧” ، “٢٠٨” من الدستور – إنما تستهدف أساساً كفالة حرية الآراء السياسية بإعتبار أن حرية الصحافة هى السياج لحرية الرأى و الفكر .
– – – ١١ – – –
إن حرية التعبير عن الرأى لا يقتصر أثرها على صاحب الرأى وحده ، بل يتعداه إلى غيره و إلى المجتمع ، و من ثم لم يطلق الدستور هذه الحرية ، و إنما ، أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد و الضوابط التى تبين كيفية ممارسة الحرية بما يكفل صونها فى إطارها المشروع دون أن تتجاوزه إلى الإضرار بالغير أو بالمجتمع .
– – – ١٢ – – –
لئن كان من المقرر طبقاً لقواعد القانون الدولى العام ، أن المعاهدات الدولية التى يتم إبرامها و التصديق عليها و إستيفاء الإجراءات المقررة لنفاذها لها قوتها الملزمة لأطرافها، و أن على الدول المتعاقدة إحترام تعهداتها المقررة بمقتضاها. طالما ظلت المعاهدة قائمة و نافذة ، إلا أن ذلك لا يضفى على المعاهدة حصانة تمنع المواطنين من مناقشتها و نقدها و إبداء رأيهم فيها ، ذلك إن حرية التعبير عن الرأى – بما تشمله من إباحة النقد – هى حرية عامة دستورية مقررة بنص المادة “٤٧” من الدستور ، لكل مواطن أن يمارسها فى حدودها المشروعة ، يؤكد ذلك إن الدستور كفل فى المادة “٦٢” منه للمواطن حقوقاً عامة سياسية . و إعتبر مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارسة تلك الحقوق واجباً وطنياً ، و من هذه الحقوق حق إبداء الرأى فى الإستفتاء ، و إذ كان الرأى يحتمل القبول و الرفض، فإن هذا النص الدستورى يكون قد أقر للمواطن بحريته التامة فى الموافقة أو عدم الموافقة على ما يجرى عليه الإستفتاء من أمور ، و جاء مؤكداً لحريته فى التعبير عن رأيه فيما يعرض عليه من مسائل أو يدور حوله من أحداث على النحو الذى ترتاح إليه نفسه و يطمئن إليه وجدانه ، و من ثم لا يجوز أن يكون إستعمال المواطن لحرية عامة كفلها الدستور هى حريته فى التعبير عن رأيه سبباً فى حرمانه من حق أو حرية عامة أخرى قررها الدستور .
– – – ١٣ – – –
مؤدى النص فى البند ” سابعاً ” من المادة “٤” من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ الخاص بنظام الأحزاب السياسية فيما تضمنه من إشتراط ” ألا يكون بين مؤسسى الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوى أو المشاركة فى الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو إتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل التى وافق عليها الشعب فى الإستفتاء بتاريخ ٢٠ أبريل سنة ١٩٧٩ ” ، هو حرمان فئة من المواطنين من حقهم فى تكوين الأحزاب الساسية حرماناً أبدياً و هو حق كفله الدستور حسبما يدل عليه لزوماً نص المادة “٥” منه ، و قد رتب النص المطعون عليه – فى شق منه – هذا الحرمان على أخذ هؤلاء الأشخاص بآرائهم التى تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل ، فإن هذا النص يكون قد إنطوى على إخلال بحريتهم فى التعبير عن الرأى و حرمانهم حرماناً مطلقاً و مؤيداً من حق تكوين الأحزاب السياسية بما يؤدى إلى مصادرة هذا الحق و إهداره و يشكل بالتالى مخالفة للمادتين “٥” ، “٤٧” من الدستور .
– – – الإجراءات – – –
بتاريخ ٢١ يوليه سنة ١٩٨٥، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم ٧٧٧ لسنة ٣٠ قضائية عليا، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى” في ٤ مايو سنة ١٩٨٥ بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية البندين (ثانياً) و(سابعاً) من المادة الرابعة من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ الخاص بنظام الأحزاب السياسية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
– – – المحكمة – – –
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث أن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد تقدم – عن نفسه وبصفته وكيلاً عن ستين عضواً مؤسساً – إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية في ١١ أغسطس سنة ١٩٨٣ بإخطار كتابي عن تأسيس حزب ………………………… مرفقاً به المستندات التي يتطلبها القانون. وبتاريخ ١٨ ديسمبر سنة ١٩٨٣ أصدرت اللجنة قراراً مسبباً بالاعتراض على تأسيس الحزب، فطعن المدعى على هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى” بالطعن رقم ٧٧٧ لسنة ٣٠ قضائية طالباً الحكم بإلغائه. وأثناء نظر الطعن أضافت الحكومة سببين جديدين للاعتراض على تأسيس الحزب، مبناهما أن حزب ……………….. ليس متميزاً في برنامجه وسياساته تميزاً ظاهراً عن حزب …………………….. وإن الطاعن قام بالتوقيع على أحد البيانات التي تضمنت دعوة إلى تحبيذ وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام مع إسرائيل، الأمر الذي ينتفي معه الشرطان الواردان في البندين (ثانياً) و(سابعاً) من المادة الرابعة من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ الخاص بنظام الأحزاب السياسية، وإذ تراءى للمحكمة الإدارية العليا عدم دستورية هذين البندين، فقد قضت في ٤ مايو سنة ١٩٨٥ بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستوريتهما.
وحيث أن المادة الرابعة من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ الخاص بنظام الأحزاب السياسية تنص على أنه “يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي:
(أولاً) ………………………………..
(ثانياً) تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
(ثالثاً) ……………………………….
(رابعاً) ………………………………
(خامساً) …………………………….
(سادساً) عدم انتماء أي من مؤسسي أو قيادات الحزب أو ارتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو جماعات معادية أو مناهضة للمبادئ المنصوص عليها في البند (أولاً) من هذه المادة أو في المادة ٣ من هذا القانون أو في المادة الأولى من القانون رقم ٣٣ لسنة ١٩٧٨ (بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي) المشار إليه أو للمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء على معاهدة السلام وإعادة تنظيم الدولة بتاريخ ٢٠ أبريل سنة ١٩٧٩.
(سابعاً) ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند السابق.
وحيث أن مبنى النعي على البند (ثانياً) من المادة الرابعة من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ المشار إليه، أن البند المذكور إذ اشترط لتأسيس الحزب السياسي أو استمراره التميز الظاهر في برنامج الحزب وسياساته أو أسالبيه عن الأحزاب الأخرى مع أن الشروط التي حددتها المادة الرابعة من القانون المشار إليه لتأسيس الأحزاب السياسية هي من الإفاضة والشمول على نحو يجعل “التشابه بين مبادئها وبرامجها وأساليبها أمراً وارداً”، فإن هذا البند المطعون عليه يكون قد انطوى على إخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة وتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص في تأسيس الأحزاب السياسية لما يؤدي إليه من إباحته للبعض وحظره على البعض الآخر بالمخالفة للمادتين ٨، ٤٠ من الدستور.
وحيث أن المادة الخامسة من الدستور – المعدلة بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ – تنص على ان “يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية” وقد تحقق بهذا التعديل تغيير جذري في إحدى ركائز النظام السياسي في الدولة، ذلك أن هذه المادة كانت تنص قبل تعديلها على أن “الاتحاد الاشتراكي العربي هو التنظيم السياسي الذي يمثل بتنظيماته القائمة على أساس مبدأ الديمقراطية تحالف قوى الشعب العاملة من الفلاحين والعمال والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية ………………………..”.
وبموجب هذا التعديل يكون الدستور قد استعاض عن التنظيم الشعبي الوحيد ممثلاً في الاتحاد الاشتراكي العربي بنظام تعدد الأحزاب وذلك تعميقاً للنظام الديمقراطي الذي أقام عليه الدستور البنيان السياسي للدولة بما نص عليه في مادته الأولى من أن “جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة …………………” وبما ردده في كثير من مواده من أحكام ومبادئ تحدد مفهوم الديمقراطية التي أرساها وتشكل معالم المجتمع الذي ينشده سواء ما اتصل منها بتوكيد السيادة الشعبية – وهي جوهر الديمقراطية – أوبكفالة الحقوق والحريات العامة – وهي هدفها – أو بالاشتراك في ممارسة السلطة – وهي وسيلتها – كما جاء ذلك التعديل انطلاقاً من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلاً على الحرية وأنها تتطلب – لضمان إنفاذ محتواها – تعدداً حزبياً، بل هي تحتم هذا التعدد كضرورة لازمة لتكوين الإرادة الشعبية وتحديد السياسة القومية تحديداً حراً واعياً.
وحيث أن الدستور إذ نص في مادته الخامسة على تعدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسي في الدولة، فإنه يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها وضمان حق الانضمام إليها، إلا أنه لم يشأ أن يطلق الحرية الحزبية إطلاقاً لا سبيل معه إلى تنظيمها، وإنما أراد – حسبما نصت على ذلك المادة الخامسة منه – أن يكون التعدد الحزبي دائراً في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، كما جعل جانب التنظيم التشريعي فيه أمراً مباحاً، إذ عهد إلى القانون تنظيم الأحزاب السياسية، على أن يقف التدخل التشريعي – بناء على هذا التفويض – عند حد التنظيم الذي ينبغي ألا يتضمن نقصاً للحرية الحزبية أو انتقاصاً منها وأن يلتزم بالحدود والضوابط التي نص عليها الدستور، فإن جاوزه إلى حد إهدار الحرية ذاتها أو النيل منها أو خرج على القواعد والضوابط التي نص عليها الدستور، وقع القانون – فيما تجاوز فيه دائرة التنظيم – مخالفاً للدستور.
وحيث أن الأحزاب السياسية وهي جماعات منظمة تعني أساساً بالعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين بقصد المشاركة في مسئوليات الحكم لتحقيق برامجها التي تستهدف الإسهام في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وهي أهداف وغايات كبرى تتعلق بصالح الوطن والمواطنين، تتلاقى عندها الأحزاب السياسية الوطنية جميعها أو تتحاذى في بعض مناحيها الأمر الذي يجعل التشابه أو التقارب بين الأحزاب السياسية في هذه الأهداف أمراً وارداً، ومن ثم لم يشترط البند ثانياً من المادة الرابعة من قانون الأحزاب المشار إليه أن يقع التميز الظاهر في مبادئ وأهداف الحزب كشرط لتأسيسه أو استمراره وذلك بقصد إفساح المجال لحرية تكوينها، بل جاء الشرط مقصوراً على برنامج الحزب وسياساته وأساليبه التي يسعى بها لتحقيق مبادئه وأهدافه ضماناً للجدية حتى يكون للحزب قاعدة جماهرية حقيقية تسانده وأن يكون في وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها. لما كان ذلك وكان اشتراط تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق مبادئه وأهدافه تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى مما يدخل في نطاق التنظيم التشريعي الذي عهد به الدستور إلى القانون، وقد ورد النص عليه في البند (ثانياً) من المادة الرابعة من قانون الأحزاب عاماً مجرداً لينطبق حكمه على جميع الأحزاب السياسية التي صدر القانون منظماً لها، دون أن يميز في مجال تطبيقه بين حزب وآخر، سواء عند نشوء الحزب أو كشرط لاستمراره الأمر الذي يتحقق به مبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة لدى القانون اللذان قررهما الدستور في المادتين ٨، ٤٠، منه، ومن ثم يكون النعي على نص البند المذكور مخالفته هاتين المادتين على غير أساس سليم متعيناً رفضه.
وحيث أن النعي على نص البند (سابعاً) من المادة الرابعة من قانون الأحزاب المشار إليه، يقوم على أن البند المذكور إذ اشترط ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء بتاريخ ٢٠ أبريل سنة ١٩٧٩، يكون هذا البند قد انطوى على مصادرة لحرية الرأي بالمخالفة للمادة ٤٧ من الدستور.
وحيث أن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة ١٩٢٣ على تقرير الحريات والحقوق العامة في صلبها قصداً من الشارع الدستوري أن يكون لهذه الحريات والحقوق قوة الدستور وسموه على القوانين العادية وحتى يكون النص عليها في الدستور قيداً على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام، فتارة يقرر الدستور الحرية العامة ويبيح للمشرع العادي تنظيمها لبيان حدود الحرية وكيفية ممارستها من غير نقص أو انتقاص منها، وطوراً يطلق الحرية العامة إطلاقاً يستعصي على التقييد والتنظيم فإذا خرج المشرع فيما يضعه من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، بأن قيد حرية وردت في الدستور مطلقة، أو أهدر أو انتقص من حرية تحت ستار التنظيم الجائز دستورياً، وقع عمله التشريعي مشوباً بعيب مخالفة الدستور.
وحيث أن حرية الرأي هي من الحريات الأساسية التي تحتمها طبيعة النظام الديمقراطي وتعد ركيزة لكل حكم ديمقراطي سليم، إذ يقوم هذا النظام في جوهره على مبدأ أن “السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات”، وهو ما أكده الدستور القائم بالنص عليه في المادة الثالثة منه، وقررت مضمونه الدساتير المصرية السابقة عليه بدءاً بدستور سنة ١٩٢٣، ولا شك أن مبدأ السيادة الشعبية يقتضي أن يكون للشعب – ممثلاً في نوابه أعضاء السلطة التشريعية – الكلمة الحرة فيما يعرض عليه من شئون عامة، وأن يكون للشعب أيضاً بأحزابه ونقاباته وأفراده رقابة شعبية فعالة يمارسها بالرأي الحر والنقد البناء لما تجريه السلطة الحاكمة من أعمال وتصرفات وفضلاً عن ذلك فإن حرية الرأي تعتبر بمثابة الحرية الأصل التي يتفرع عنها الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها وتعد المدخل الحقيقي لممارستها ممارسة جدية، كحق النقد، وحرية الصحافة والطباعة والنشر، وحرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي، وحق الاجتماع للتشاور وتبادل الآراء، وحق مخاطبة السلطات العامة، كما تعد حرية الرأي ضرورة لازمة لمباشرة الحقوق السياسية وإمكان المساهمة بهذه الحقوق العامة في الحياة السياسية مساهمة فعالة كحق تكوين الأحزاب السياسية وحق الانضمام إليها وحق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء، بل إن قانون الأحزاب السياسية – وقد صدر في سنة ١٩٧٧ قبل تعديل المادة الخامسة من الدستور سنة ١٩٨٠ بالنص فيها على نظام تعدد الأحزاب – حين أراد واضعو القانون المشار إليه أن يقيموا هذا القانون على أساس من الدستور، قد ارتكنوا – على ما يبين من مذكرته الإيضاحية وتقرير اللجنة التشريعية عنه – إلى بعض الحريات والحقوق العامة المقررة في الدستور، ومنها حرية الرأي والعقيدة السياسية باعتبار أن حق تكوين الأحزاب يعد حقاً دستورياً متفرعاً عنها ومترتباً عليها، واستناداً إلى أن النظم الديمقراطية تقوم على أساس التسليم بقيام الأحزاب السياسية باعتبارها ضرورة واقعية للتعبير عن اختلاف الرأي الذي تحتمه طبيعتها الديمقراطية ولو لم ينص الدستور صراحة على حرية تكوين الأحزاب السياسية وتنظيمها، وإذ كانت حرية الرأي تعد من الدعامات الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحرة على ما سلف بيانه، فقد غدت من الأصول الدستورية الثابتة في كل بلد ديمقراطي متحضر وحرصت على توكيدها الدساتير المصرية المتعاقبة، وقررها الدستور القائم بالنص في المادة ٤٧ منه على أن “حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو بالكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني”، ولئن كان الدستور قد كفل بهذا النص “حرية التعبير عن الرأي” بمدلوله الذي جاء عاماً مطلقاً ليشمل الرأي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإنه مع ذلك قد خص حرية الآراء السياسية برعاية أوفى لما لها من ارتباط وثيق بالحياة السياسية وبسير النظام الديمقراطي في طريقه الصحيح، ذلك أن الضمانات التي قررها الدستور بشأن حرية الصحافة واستقلالها في أداء رسالتها وحظر الرقابة عليها أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري – حسبما نصت على ذلك المواد ٤٨، ٢٠٦، ٢٠٧، ٢٠٨ من الدستور – إنما تستهدف أساساً كفالة حرية الآراء السياسية باعتبار أن حرية الصحافة هي السياج لحرية الرأي والفكر.
وحيث أنه، لما كان حرية التعبير عن الرأي لا يقتصر أثرها على صاحب الرأي وحده، بل يتعداه إلى غيره وإلى المجتمع، ومن ثم لم يطلق الدستور هذه الحرية، وإنما أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد والضوابط التي تبين كيفية ممارسة الحرية بما يكفل صونها في إطارها المشروع دون أن تجاوزه إلى الإضرار بالغير أو بالمجتمع.
وحيث أنه وإن كان من المقرر طبقاً لقواعد القانون الدولي العام، إن المعاهدات الدولية التي يتم إبرامها والتصديق عليها واستيفاء الإجراءات المقررة لنفاذها لها قوتها الملزمة لأطرافها، وأن على الدول المتعاقدة احترام تعهداتها المقررة بمقتضاها طالما ظلت المعاهدة قائمة ونافذة، إلا أن ذلك لا يضفى على المعاهدة حصانة تمنع المواطنين من مناقشتها ونقدها وإبداء رأيهم فيها، ذلك أن حرية التعبير عن الرأي – بما تشمله من إباحة النقد – هي حرية عامة دستورية مقررة بنص المادة ٤٧ من الدستور، لكل مواطن أن يمارسها في حدودها المشروعة، يؤكد ذلك أن الدستور كفل في المادة ٦٢ منه للمواطن حقوقاً عامة سياسية واعتبر مساهمته في الحياة العامة عن طريق ممارسة تلك الحقوق واجباً وطنياً، ومن هذه الحقوق، حق إبداء الرأي في الاستفتاء، وإذ كان الرأي يحتمل القبول والرفض، فإن هذا النص الدستوري يكون قد أقر للمواطن بحريته التامة في الموافقة أو عدم الموافقة على ما يجري عليه الاستفتاء من أمور، وجاء مؤكداً لحريته في التعبير عن رأيه فيما يعرض عليه من مسائل أو يدور حوله من أحداث على النحو الذي ترتاح إليه نفسه ويطمئن إليه وجدانه، ومن ثم لا يجوز أن يكون استعمال المواطن لحرية عامة كفلها الدستور، هي حريته في التعبير عن رأيه سبباً في حرمانه من حق أو حرية عامة أخرى قررها الدستور.
لما كان ذلك وكان البند (سابعاً) من المادة الرابعة من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ الخاص بنظام الأحزاب السياسية فيما تضمنه من اشتراط “ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي وافق عليها – الشعب في الاستفتاء بتاريخ ٢٠ أبريل سنة ١٩٧٩”، مؤداه حرمان فئة من المواطنين من حقهم في تكوين الأحزاب السياسية حرماناً أبدياً وهو حق كفله الدستور حسبما يدل عليه لزوماً نص المادة الخامسة منه، وقد رتب النص المطعون عليه – في شق منه – هذا الحرمان على أخذ هؤلاء الأشخاص بآرائهم التي تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل سالفة الذكر، فإن هذا النص يكون قد انطوى على إخلال بحريتهم في التعبير عن الرأي وحرمانهم مطلقاً ومؤبداً من حق تكوين الأحزاب السياسية بما يؤدي إلى مصادرة هذا الحق وإهداره ويشكل بالتالي مخالفة للمادتين ٥، ٤٧ من الدستور.
وحيث أنه لما تقدم، يتعين الحكم برفض الطعن بعدم دستورية نص البند (ثانياً) من المادة الرابعة من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ الخاص بنظام الأحزاب السياسية، وبعدم دستورية البند (سابعاً) من المادة الرابعة من القانون المشار إليه فيما تضمنه من اشتراط ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء بتاريخ ٢٠ أبريل سنة ١٩٧٩.