حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٠ لسنة ١٥ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٠ لسنة ١٥ دستورية
– – – ١ – – –
قرار وزير المالية قد صدر فى ١٩٨٣ / ٨ / ٢٤ ، ونشر فى الوقائع المصرية فى ١٩٨٣ / ١١ / ٨ ، منسحباً إلى السلع التى أفرج عنها برسم المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد ، والمحددة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٦٩٥ لسنة ١٩٨٣ ، وسارياً إعتباراً من تاريخ العمل بهذا القرار فى ١٩٨٣ / ٧ / ٢٦ ، فلا يكون قرار وزير المالية إلا رجعى الأثر . كذلك فإن سريان قرار رئيس مجلس الوزراء إعتباراً من تاريخ صدوره ، وقبل نشره فى الجريدة الرسمية ، يفيد إنطواءه على أثر رجعى فى شأن يتعلق بضريبة كان ينبغى أن تتصل أحكامها بالمخاطبين بها من خلال إعلامهم بحقيقتها ، ونوع السلع التى تشملها ، توقياً لمداهمتهم بها .
– – – ٢ – – –
إن المادة ١١٩ من الدستور تقضى فى فقرتها الأولى بأن إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون ، ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون . وتنص فقراتها الثانية على أنه لا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون . إن مفاد نص المادة ١١٩ المشار إليها ، أن الدستور ــ وتقديراً من جهته لخطورة الآثار التى ترتبها الضريبة العامة ، وبوجه خاص من زاوية جذبها لعوامل الإنتاج أو طردها أو تقييد تدفقها ، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش ــ قد مايز بينها وبين غيرها من الفرائض المالية ، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى يبينها القانون .
– – – ٣ – – –
الضريبة العامة هى التى يكون مناطها سريانها ، وترتيبها لدينها فى ذمة مموليها ، مرتبطاً بالواقعة المنشئة لها فى أية بقعة يسعها النطاق الإقليمى للدولة ، وبغض النظر عن تقسيماتها الادارية أو فواصلها الجغرافية ، فلا ينحصر المخاطبون بها فى دائرة بذاتها من إقليمها ، وإنما يعتبر إقليمها ــ بكامل الأجزاء التى يشتمل عليها ــ نطاقاً لها مستلزماً سريانها بالقوة ذاتها فى أية جهة منه ، كافلاً تكافؤ المخاطبين بها ــ على إمتداده ــ فى مجال الخضوع لها .
– – – ٤ – – –
الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من الدستور فى مجال سريانها على غير الضريبة العامة ، نص خاص فى مجال تطبيقها ، يخول السلطة التشريعية أن تفوض رئيس الجمهورية أو أية سلطة إدارية أخرى فى فرضها ، ودون أن تتقيد فى ممارستها لهذا التفويض بغير الشروط والأوضاع التى إتصل التفويض بها وفقاً للقانون المحدد لها ، بما مؤداه أن التفويض المقرر بهذه الفقرة ، لا يكون مقيداً بالضوابط التى حددتها المادة ١٠٨ من الدستور لجواز تفويض رئيس الجمهورية ــ دون غيره ــ فى مباشرة بعض مظاهر الولاية التشريعية بصفة إستثنائية ، وعند الضرورة . وإنما شأن التفويض المقرر بالفقرة الثانية من المادة ١١٩ المشار إليها ، شأن التفويض المقرر بنص المادة ٦٦ من الدستور التى تخول المشرع أن يعهد إلى السلطة التنفيذية ــ ممثلة فى أحد فروعها ــ بأن تحدد بنفسها بعض ملامح التجريم وعقوباتها ، فكلاهما نص خاص أورده الدستور متضمناً تقييد العام ، فلا يكون دائراً فى إطاره .
– – – ٥ – – –
السلطة التنفيذية تتقيد دوماً فى مجال ممارستها لاختصاص فوض إليها ، بشروط هذا التفويض وحدوده ، وكان تقرير أثر رجعى للقواعد القانونية جميعها ــ سواء فى ذلك ما تقره السلطة التشريعية منها أو ما يصدر عن السلطة التنفيذية ــ لا يجوز أن يفترض بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلائق القانونية ، وما يلابسها ــ فى الأعم من الأحوال ــ من إخلال بالحقوق وباستقرار التعامل ، وكان ذلك مؤداه أن كل تفويض يخول السلطة التنفيذية إصدار القواعد القانونية التى يقتضيها تنظيم موضوع معين ، لا يجوز أن يفسر على نحو يمنحها الاختصاص بتقرير رجعيتها دون سند من نصوص التفويض ذاتها ، فقد صار لازماً إبطال الأثر الرجعى لنصوص قانونية أصدرتها السلطة التنفيذية بناء على تفويض لا يخولها ــ بالنصوص التى تضمنها ــ هذا الاختصاص .
A statutory grant of legislative rulemaking authority will not, as a general matter, be understood to encompass the power to promulgate retroactive rules unless that power is conveyed by the legislator in express terms .
( Bowen, secretary of health and human services v. georgetown universty hospital. Decided december ١٢, ١٩٨٨ )
– – – ٦ – – –
السلطة التنفيذية تتقيد دوماً فى مجال ممارستها لاختصاص فوض إليها ، بشروط هذا التفويض وحدوده ، وكان تقرير أثر رجعى للقواعد القانونية جميعها ــ سواء فى ذلك ما تقره السلطة التشريعية منها أو ما يصدر عن السلطة التنفيذية ــ لا يجوز أن يفترض بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلائق القانونية ، وما يلابسها ــ فى الأعم من الأحوال ــ من إخلال بالحقوق وباستقرار التعامل ، وكان ذلك مؤداه أن كل تفويض يخول السلطة التنفيذية إصدار القواعد القانونية التى يقتضيها تنظيم موضوع معين ، لا يجوز أن يفسر على نحو يمنحها الاختصاص بتقرير رجعيتها دون سند من نصوص التفويض ذاتها ، فقد صار لازماً إبطال الأثر الرجعى لنصوص قانونية أصدرتها السلطة التنفيذية بناء على تفويض لا يخولها ــ بالنصوص التى تضمنها ــ هذا الاختصاص .
A statutory grant of legislative rulemaking authority will not, as a general matter, be understood to encompass the power to promulgate retroactive rules unless that power is conveyed by the legislator in express terms .
( Bowen, secretary of health and human services v. georgetown universty hospital. Decided december ١٢, ١٩٨٨ )
– – – ٧ – – –
السلطة التنفيذية تتقيد دوماً فى مجال ممارستها لاختصاص فوض إليها ، بشروط هذا التفويض وحدوده ، وكان تقرير أثر رجعى للقواعد القانونية جميعها ــ سواء فى ذلك ما تقره السلطة التشريعية منها أو ما يصدر عن السلطة التنفيذية ــ لا يجوز أن يفترض بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلائق القانونية ، وما يلابسها ــ فى الأعم من الأحوال ــ من إخلال بالحقوق وباستقرار التعامل ، وكان ذلك مؤداه أن كل تفويض يخول السلطة التنفيذية إصدار القواعد القانونية التى يقتضيها تنظيم موضوع معين ، لا يجوز أن يفسر على نحو يمنحها الاختصاص بتقرير رجعيتها دون سند من نصوص التفويض ذاتها ، فقد صار لازماً إبطال الأثر الرجعى لنصوص قانونية أصدرتها السلطة التنفيذية بناء على تفويض لا يخولها ــ بالنصوص التى تضمنها ــ هذا الاختصاص .
A statutory grant of legislative rulemaking authority will not, as a general matter, be understood to encompass the power to promulgate retroactive rules unless that power is conveyed by the legislator in express terms .
( Bowen, secretary of health and human services v. georgetown universty hospital. Decided december ١٢, ١٩٨٨ )
– – – ٨ – – –
قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه كلما كان التنظيم القانونى للضريبة منسحباً بأثره الرجعى إلى صور من التعامل إكتمل تكوينها قبل العمل به ، وكان المكلفون بأدائها قد تعذر عليهم توقعها قبل نفاذ تصرفاتهم هذه فيما بين أطرافها ، وإنما باغتهم بها السلطة التى فرضتها ، فإن إقتضاءها منهم يكون منافياً لعدالتها الاجتماعية ، وهى أساس نظامها وفقاً لنص المادة ٣٨ من الدستور .
– – – ٩ – – –
بنيان كل ضريبة ــ سواء فى ذلك تلك التى يكون زمامها بيد السلطة التشريعية ، أو التى تعهد بفرضها إلى السلطة التنفيذية ــ إنما يتناول عناصرها التى لا تقوم بدونها ، ويندرج تحتها على الأخص أسس تقدير وعائها ومبلغها والمكلفون أصلاً بأدائها ، والمسئولون عن توريدها ، وقواعد ربطها وتحصيلها ، وغير ذلك مما يتصل بمقوماتها ، وكان إعمال النصوص القانونية التى تنظمها إعتباراً من تاريخ صدورها ، مؤداه سريانها فى شأن المخاطبين بها قبل إتصالها بعلمهم ، ومداهمتهم بها قبل إحاطتهم بأسس فرضها ونطاقها ، وذلك بالرغم من خطورة الاثار التى تقارنها ، وعلى الأخص فى مجال تداول الأموال وتنظيم حركتها ، فقد غدا لازماً أن يكون العمل بالضريبة مرتبطاً بذيوع أحكامها من خلال نشرها ، فلا يكون أمرها مجهلاً خافياً على أحد ، بل متضمناً إخطاراً كافياً بحقيقتها وأبعادها ، ليتم التعامل بكل صوره على مقتضاها .
– – – ١٠ – – –
القرار بقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٧٢ فى شأن نظام المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد ، وإن فوض السلطة التنفيذية بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ١٦ منه ، فى إخضاع بعض البضائع والمواد الأجنبية ــ التى حددتها فقرتها الأولى ــ للضريبة الجمركية المتعلقة بها ، وكان هذا التفويض لا يتضمن تخويل هذه السلطة إخضاع هذه البضائع أو المواد لأية ضريبة بأثر رجعى ، وكان قرار رئيس مجلس الوزراء ، وكذلك قرار وزير المالية المحالان إلى هذه المحكمة للفصل فى دستوريتهما ، قد عمل باولهما إعتباراً من تاريخ صدوره ، وبثانيهما إعتباراً من تاريخ سريان أولهما ، فإن هذين القرارين يكونان قد تضمنا أثراً رجعياً فى شأن المخاطبين بهما ، مصادماً لتوقعهم المشروع فى مجال بضائع ومواد تم التعامل فيها قبل علمهم بالضريبة التى تقرر فرضها عليها ، إستثناء من أصل إعفائها منها المقررة بالفقرة الأولى من المادة ١٦ من قانون تنظيم هذه المنطقة ، فلا يكون هذان القراران ــ وبقدر ما تضمناه من أثر رجعى لأحكامهما فى شأن الضريبة الجمركية التى تتصل بهما ــ إلا مناقضين لمبدأ خضوع الدولة للقانون المقرر بنص المادة ٦٥ من الدستور .
– – – ١١ – – –
الضريبة التى يكون أداؤها واجباً قانوناً على ما تقضى به المادة ٦١ من الدستور ، هى التى تتوافر شرائط إقتضائها وفقاً لأحكام الدستور ، فإن هى نبذتها سواء من خلال موجباتها أو أسسها ، أو عن طريق تطبيقها قبل إتصالها بالمخاطبين بها ، كان فرضها تحميلاً لأموالهم بعبئها بما يرتد سلباً عليها بقدر مبلغها ، إخلالاً بالحماية التى كفلها الدستور فى مجال صون الأموال جميعها من كل عدوان ينال منها .
– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة والأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ٢٨١ لسنة ١٩٩١ مدنى كلى بورسعيد ضد وزير المالية بصفته وآخرين طالبا الحكم ببراءة ذمته من مبلغ ٠٠٥ر١١٧٧٥ جنيها طلبته الجهة الإدارية منه باعتباره فروق رسوم مشمول الشهادة رقم ٣٧٩ ج قسيمة رقم ٩٥٥٧٦٠ ، مع تعويضه بمبلغ مماثل لمواجهة الأضرار التى ألحقها به تابعو هذه الجهة ذاتها ، وذلك تأسيسا على أنه كان قد استورد بضائع من إيطاليا عبارة عن نجف وأباليك عادية وكلوبات زجاج ومعدن عادى مطلى بلون ذهبى ، وقد قام الفنيون بفحصها ، وحرروا عنها بيانا بمشمولها ونوعياتها، بما يفيد تطابقها والإقرار الجمركى المدون بشأنها ، ثم سدد عن تلك البضائع رسومها . بيد أنه فوجئ بطلب دفع مبالغ إضافية بزعم أنها فروق رسوم مستحقة عنها ، وأقام دعواه تلك بطلب الحكم ببراءة ذمته منها . وإذ قضت محكمة أول درجة برفض دعوى المدعى ، فقد طعن استئنافيا فى حكمها برقم ٣٥٢ لسنة ٤٣ قضائية مدنى بورسعيد ، وذلك أمام محكمة استئناف الاسماعيلية مأمورية استئناف بورسعيد ، طالبا الحكم بإلغاء الحكم المستأنف ، والقضاء مجددا بالطلبات الموضوعية عينها التى سبق أن أبداها أمام محكمة أول درجة . وقد خلص قضاء محكمة الاستئناف إلى الحكم بقبول الطعن وقبل الفصل فى الموضوع بوقف نظره ، وبإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل فى مدى دستورية قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٩٦٥ لسنة ١٩٨٣، وكذلك قرار وزير المالية رقم ٢١٨ لسنة ١٩٨٣ ، وأبقت الفصل فى المصروفات ، وكان سندها فى ذلك أن الأصل فى القوانين هو خلوها من الأثر الرجعى ؛ وأن قرار رئيس مجلس الوزراء الذى عمل به اعتبارا من تاريخ صدوره فى ٩٢ / ٧ / ١٩٨٣ ، قد أخضع للضريبة الجمركية سلعا أعفاها القانون المنظم لمنطقة بورسعيد الحرة من أدائها ؛ متضمنا بذلك تعديلا لقانون قائم ، وتقريرا لأثر رجعى غير مقترن بالعرض على السلطة التشريعية كى تقره بأغلبية أعضائها ؛ ومن ثم تكون شبهة مخالفته للدستور قائمة، وهو مايسرى كذلك على قرار وزير المالية الصادر تنفيذا لقرار رئيس مجلس الوزراء . وحيث إن القانون رقم ٤٢ لسنة ١٩٧٦ فى شأن تحويل مدينة بورسعيد إلى منطقة حرة ؛ قد نص فى مادته الأولى على أن تتخذ الإجراءات اللازمة لهذا التحويل اعتبارا من أول يناير ١٩٧٦ ؛ وعلى أن يفوض رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون لتنظيم جميع المسائل المتعلقة بنظام منطقة بورسعيد الحرة ، وقواعد الإقامة بها وتنظيم التعامل بداخلها ، وغير ذلك من القواعد والنظم الجمركية والنقدية وغيرها . ثم صدر بنظام هذه المنطقة ، قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٢١ لسنة ١٩٧٧ الذى نص فى الفقرة الأولى من مادته السادسة عشر، على ألا تخضع البضائع والمواد الأجنبية التى تخصص لاستهلاكها داخل المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد ؛ وكذلك تلك التى تخصص لاستخدام المقيمين بها ، للضرائب الجمركية والضرائب والرسوم المتعلقة بها ؛ وفى فقرتها الثانية على أنه يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء – بناء على اقتراح وزير المالية – إخضاع بعض البضائع والمواد سالفة الذكر للضرائب الجمركية والضرائب والرسوم المتعلقة بها . وحيث إنه إعمالا للتفويض المقرر بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ٦١ من القرار بقانون رقم ٢١ لسنة ١٩٧٧ ، أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار ٦٩٥ لسنة ١٩٨٣ الذى قضى فى مادته الأولى بأن تخضع للضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها ، السلع التى حددها ، والتى ترد برسم المنطقة الحرة لمدينة بور سعيد طبقا للمادة ٦١ من القانون رقم ٢١ لسنة ١٩٧٧ المشار إليه ، ومن بينها منتجات الكريستال والمورانو والنجف والكريستال والكوبال المذهب . ونصت مادته الثانية على أن ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ، وأن يعمل به من تاريخ صدوره ، على أن يصدر وزير المالية القرارات اللازمة لتنفيذه . وإنفاذا لنص المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه – وقد نشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ ٤ / ٨ / ١٩٨٣، وعمل به اعتبارا من تاريخ صدوره فى ٦٢ / ٧ / ١٩٨٣ – أصدر وزير المالية القرار رقم ٢١٨ لسنة ١٩٨٣ بشأن القواعد التنفيذية لقرار رئيس مجلس الوزراء . وقد نصت المادتان الأولى والسادسة من قرار وزير المالية على أن تخضع للضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم [ ما أفرج عنه برسم المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد من السلع المحددة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٦٩٥ لسنة ١٩٨٣ المشار إليه اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القرار فى ٦٢ / ٧ / ١٩٨٣ ] وعلى أن ينشر هذا القرارفى الوقائع المصرية ، وعلى الجهات المختصة تنفيذه . وحيث إن قرار وزير المالية المتقدم البيان ، قد صدر فى ٤٢ / ٨ / ١٩٨٣ ، ونشر فى الوقائع المصرية فى ٨ / ١١ / ١٩٨٣؛ منسحبا إلى السلع التى أفرج عنها برسم المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد ، والمحددة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٦٩٥ لسنة ١٩٨٣ المشار إليه ، وساريا اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القرار فى ٦٢ / ٧ / ١٩٨٣ ؛ فلايكون قرار وزير المالية إلا رجعى الأثر . كذلك فإن سريان قرار رئيس مجلس الوزراء اعتبارا من تاريخ صدوره ، وقبل نشره فى الجريدة الرسمية ، يفيد انطواءه على أثر رجعى فى شأن يتعلق بضريبة كان ينبغى أن تتصل أحكامها بالمخاطبين بها من خلال إعلامهم بحقيقتها ، ونوع السلع التى تشملها، توقيا لمداهمتهم بها . وحيث إن المادة ١١٩ من الدستور تقضى فى فقرتها الأولى بأن إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لايكون إلا بقانون ، ولايعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون . وتنص فقرتها الثانية على أنه لايجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون . وحيث إن مفاد نص المادة ١١٩ المشار إليها ، أن الدستور – وتقديرا من جهته لخطورة الآثار التى ترتبها الضريبة العامة ، وبوجه خاص من زاوية جذبها لعوامل الإنتاج أو طردها أو تقييد تدفقها ، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش – قد مايز بينها وبين غيرها من الفرائض المالية ، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى يبينها القانون . وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك ، على أن الضريبة العامة هى التى يكون مناط سريانها ، وترتيبها لدينها فى ذمة مموليها ، مرتبطا بالواقعة المنشئة لها فى أية بقعة يسعها النطاق الإقليمى للدولة ، وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية أو فواصلها الجغرافية ، فلاينحصر المخاطبون بها فى دائرة بذاتها من إقليمها ، وإنما يُعتبر إقليمها – بكامل الأجزاء التى يشتمل عليها – نطاقا لها مستلزما سريانها بالقوة ذاتها فى أية جهة منه ، كافلا تكافؤ المخاطبين بها – على امتداده – فى مجال الخضوع لها . وحيث إن الفقرة الأولى من المادة ٦١ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٢١ لسنة ١٩٧٧، تتضمن أصلا عاما فى شأن البضائع والمواد الأجنبية التى تخصص لاستهلاكها داخل المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد ، وكذلك تلك التى تخصص لاستخدام المقيمين بها ، مؤداه إعفاؤها من الخضوع للضرائب الجمركية المتعلقة بها ؛ وكانت الفقرة الثانية من المادة ٦١ المشار إليها ، تفوض رئيس مجلس الوزراء – واستثناء من هذا الأصل – فى إخضاع بعض هذه البضائع والمواد للضرائب الجمركية التى ترتبط بها ، فإن فقرتى هذه المادة ، تكونان متحدتين محلا ، لتعلقهما بالسلع عينها التى يقتصر تداولها على استهلاكها داخل المنطقة الحرة ببورسعيد ، أو استخدامها من قبل المقيمين بها . وإعفاؤها بقانون من الضريبة الجمركية المتعلقة بها ، وكذلك إخضاع بعض فئاتها لهذه الضريبة عملا بالتفويض المخول لرئيس مجلس الوزراء ، مؤداه أن إسقاط الأعباء المالية التى تقارنها عنها أو تحميلها بها ، مرتبط بالحدود الجغرافية للمنطقة الحرة لمدينة بورسعيد ، وأن المخاطبين بها منحصرون فى هذه الدائرة وحدها ، فلاتكون المكوس التى أعفاها القانون منها أو فرضتها السلطة التنفيذية عليها ، إلاصورة من الأعباء المحلية التى عنتها الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من الدستور ، والتى يكفى لفرضها أن يكون فى حدود القانون . وحيث إنه متى كان ذلك ؛ وكانت الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من الدستورفى مجال سريانها على غير الضريبة العامة ، نص خاص فى مجال تطبيقها ، يخول السلطة التشريعية أن تفوض رئيس الجمهورية أو أية سلطة إدارية أخرى فى فرضها ، ودون أن تتقيد فى ممارستها لهذا التفويض بغير الشروط والأوضاع التى اتصل التفويض بها وفقا للقانون المحدد لها ؛ فإن التفويض المقرر بهذه الفقرة ، لايكون مقيدا بالضوابط التى حددتها المادة ١٠٨ من الدستور لجواز تفويض رئيس الجمهورية – دون غيره – فى مباشرة بعض مظاهر الولاية التشريعية بصفة استثنائية ، وعند الضرورة . وإنما شأن التفويض المقرر بالفقرة الثانية من المادة ١١٩ المشار إليها ، شأن التفويض المقرر بنص المادة ٦٦ من الدستور التى تخول المشرع أن يعهد إلى السلطة التنفيذية – ممثلة فى أحد فروعها – بأن تحدد بنفسها بعض ملامح التجريم وعقوباتها ، فكلاهما نص خاص أورده الدستور متضمنا تقييد العام ، فلايكون دائرا فى إطاره . وحيث إن السلطة التنفيذية تتقيد دوما فى مجال ممارستها لاختصاص فُوِّض إليها ، بشروط هذا التفويض وحدوده ؛ وكان تقرير أثر رجعى للقواعد القانونية جميعها – سواء فى ذلك ماتقره السلطة التشريعية منها أو مايصدر عن السلطة التنفيذية – لايجوز أن يفترض بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلائق القانونية ، ومايلابسها – فى الأعم من الأحوال – من إخلال بالحقوق وباستقرار التعامل ؛ وكان ذلك مؤداه أن كل تفويض يخول السلطة التنفيذية إصدار القواعد القانونية التى يقتضيها تنظيم موضوع معين ، لايجوز أن يفسر على نحو يمنحها الاختصاص بتقرير رجعيتها دون سند من نصوص التفويض ذاتها ؛ فقد صار لازما إبطال الأثر الرجعى لنصوص قانونية أصدرتها السلطة التنفيذية بناء على تفويض لايخولها – بالنصوص التى تضمنها – هذا الاختصاص . A statutory grant of legislative rulemaking authority will not, as a general matter, be understood to encompass the power to promulgate retroactive rules unless that power is conveyed by the legislator in express terms . [ Bowen, secretary of health and human services v . georgetown university hospital . Decided december ١٢ , ٨٨٩١ ] . وحيث إن الضرائب التى طلب المدعى إبراءه منها ، تتعلق جميعها ببضائع أفرج عنها بعد ورودها إلى المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد برسمها ؛ وكانت هذه البضائع معفاة أصلا من الخضوع للضرائب وغيرها من المكوس المتعلقة بها ، فلايتم التعامل فيها بنقل ملكيتها إلى آخرين إلا من منظور سريان أصل إعفائها من هذه الأعباء عليها ؛ وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه كلما كان التنظيم القانونى للضريبة منسحبا بأثره الرجعى إلى صور من التعامل اكتمل تكوينها قبل العمل به ؛ وكان المكلفون بأدائها قد تعذر عليهم توقعها قبل نفاذ تصرفاتهم هذه فيما بين أطرافها ، وإنما باغتتهم بها السلطة التى فرضتها ؛ فإن اقتضاءها منهم يكون منافيا لعدالتها الاجتماعية ، وهى أساس نظامها وفقا لنص المادة ٨٣ من الدستور . وحيث إن بنيان كل ضريبة – سواء فى ذلك تلك التى يكون زمامها بيد السلطة التشريعية ، أو التى تعهد بفرضها إلى السلطة التنفيذية – إنما يتناول عناصرها التى لاتقوم بدونها ، ويندرج تحتها على الأخص أسس تقدير وعائها ومبلغها والمكلفون أصلا بأدائها ، والمسئولين عن توريدها ، وقواعد ربطها وتحصيلها ، وغير ذلك مما يتصل بمقوماتها ؛ وكان إعمال النصوص القانونية التى تنظمها اعتبارا من تاريخ صدورها ، مؤداه سريانها فى شأن المخاطبين بها قبل اتصالها بعلمهم ، ومداهمتهم بها قبل إحاطتهم بأسس فرضها ونطاقها ، وذلك بالرغم من خطورة الآثار التى تقارنها ، وعلى الأخص فى مجال تداول الأموال وتنظيم حركتها ؛ فقد غدا لازما أن يكون العمل بالضريبة مرتبطا بذيوع أحكامها من خلال نشرها ، فلايكون أمرها مجهلا خافيا على أحد ، بل متضمنا إخطارا كافيا بحقيقتها وأبعادها ، ليتم التعامل بكل صوره على مقتضاها . وحيث إن القرار بقانون رقم ٢١ لسنة ١٩٧٢ فى شأن نظام المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد ، وإن فوض السلطة التنفيذية بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ٦١ منه ، فى إخضاع بعض البضائع والمواد الأجنبية – التى حددتها فقرتها الأولى – للضريبة الجمركية المتعلقة بها ؛ وكان هذا التفويض لايتضمن تخويل هذه السلطة إخضاع هذه البضائع أو المواد لأية ضريبة بأثر رجعى ؛ وكان قرار رئيس مجلس الوزراء ، وكذلك قرار وزير المالية المحالان إلى هذه المحكمة للفصل فى دستوريتهما ، قد عمل بأولهما اعتبارا من تاريخ صدوره ، وبثانيهما اعتبارا من تاريخ سريان أولهما ، فإن هذين القرارين يكونان قد تضمنا أثرا رجعيا فى شأن المخاطبين بهما ؛ مصادما لتوقعهم المشروع فى مجال بضائع ومواد تم التعامل فيها قبل علمهم بالضريبة التى تقرر فرضها عليها ، استثناء من أصل إعفائها منها المقرر بالفقرة الأولى من المادة ٦١ من قانون تنظيم هذه المنطقة ؛ فلايكون هذان القراران – وبقدر ماتضمناه من أثر رجعى لأحكامهما فى شأن الضريبة الجمركية التى تتصل بهما – إلا مناقضين لمبدأ خضوع الدولة للقانون المقرر بنص المادة ٥٦ من الدستور . وحيث إن الضريبة التى يكون أداؤها واجبا قانونا على ماتقضى به المادة ١٦ من الدستور ، هى التى تتوافر شرائط اقتضائها وفقا لأحكام الدستور ، فإن هى نبذتها سواء من خلال موجباتها أو أسسها ، أو عن طريق تطبيقها قبل اتصالها بالمخاطبين بها ، كان فرضها تحميلا لأموالهم بعبئها بما يرتد سلبا عليها بقدر مبلغها ، إخلالا بالحماية التى كفلها الدستور فى مجال صون الأموال جميعها من كل عدوان ينال منها . وحيث إنه متى كان ذلك ، يكون القراران المحالان إلى هذه المحكمة مخالفين – فيما تضمناه من أثر رجعى – للمواد ٢٣و٤٣و٨٣و١٦و٥٦ من الدستور .