حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣ لسنة ٨ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣ لسنة ٨ دستورية
تاريخ النشر : ٢٠ – ٠٢ – ١٩٩٢

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية المادة ١١١ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ فيما تضمنته من عدم جواز الطعن فى القرار الصادر من مجلس الصلاحية.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم ومحمد على عبد الواحد وعبد المجيد فياض وماهر البحيرى أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
ضمانات الدعوى التأديبية ، منها ما هو خاص بها لتعلقة بطبيعتها و انصرافها إلى الدعوى التأديبية دون سواها ، يفيد بالضرورة عدم انسحابها إلى دعوى الصلاحية التى لا تختلط بالدعوى التأديبية و لا تعد فرعاً منها ، ذلك أن قانون السلطة القضائية قصد إلى المغايرة بين نظامين لكل منهما مجال يعمل فيه ، هما المساءلة التأديبية التى فصل أحكامها فى المواد ٩٩ إلى ١١٠ من هذا القانون ، و نظام الصلاحية لولاية القضاء الذى أفرد له المادة ١١١ لينظم موضوعها ، و إذ غاير المشرع بين هذين النظامين فى الخصائص و الآثار ، فإن تطابقهما من كل الوجوه يغدو أمراً مستحيلاً ، و إلا فقد أحدهما مغزاه ، و لكان متعيناً دمجها معاً فى نظام واحد يكون بذاته نافياً لاستقلال كل منهما عن الآخر .

– – – ٢ – – –
الأصل فى الدعوى التأديبية أنها لا تقام إلا عن تهمة محددة تظاهرها الأدلة المؤيدة لها ، و من ثم يتعين أن تكون اقامتها – و على ما تنص عليه المادة ٩٩ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ – بناء على تحقيق جنائى أو ادارى، يتولاه أحد نواب رئيس محكمة النقض أو رئيس محكمة استئناف يندبه وزير العدل بالنسبة إلى المستشارين ، أو مستشار من ادارة التفتيش القضائى بالنسبة إلى الرؤساء بالمحاكم الإبتدائية و قضاتها ، و بالتالى يكون التحقيق الجنائى أو الإدارى الذى يتم اجراؤه قبل اقامة الدعوى التأديبية وفقاً لنص المادة ٩٩ المشار إليها ، ضمانة جوهرية غايتها الإستيثاق مما إذا كانت الوقائع المنسوبة إلى القاضى لها معينها من الأوراق ، و ترقى بما لها من خصائص إلى مرتبة التهمة المحددة التى يجوز أن تقام الدعوى التأديبية عنها . و إستصحاباً لطبيعة الدعوى التأديبية ، نص قانون السلطة القضائية فى المادة ١٠٠ منه على أن تكون عريضتها مشتملة على بيان بالتهمة ، و الأدلة المؤيدة لها ، باعتبار أن الدعوى التأديبية لا يجوز رفعها إلا عن واقعة بذاتها أو وقائع محددة عناصرها تفصيلاً ، بوصفها محل المؤاخذة المسلكية ، و لأن اسنادها إلى شخص بذاته يتطلب أن يكون على بينة منها بما ينفى التجهيل بها ، و تلك هى الغاية التى استهدفتها كذلك المادة ١٠٢ من القانون المشار إليه ، و ذلك بايجابها أن تكون الدعوة الموجهة إلى القاضى للمثول أمام مجلس التأديب متضمنة بياناً كافياً لموضوع الدعوى لأدلة الإتهام المؤيدة لوقوع الجريمة التأديبية، و ذلك إذا رأى هذا المجلس وجهاً للسير فى إجراءات المحاكمة عن جميع التهم أو بعضها، و الأمر على نقيض ذلك فى مجال دعوى الصلاحية المغايرة فى الأساس الذى تقوم عليه للدعوى التأديبية ، و لا تعتبر بالتالى من طبيعتها أو تندرج تحت مفهومها ، ذلك أن دعوى الصلاحية لا تقوم فى الأصل على تهمة محددة جرى اسنادها إلى القاضى ، و أن صح الارتكان إلى الحكم الصادر فى شأنها لتقييم حالته على ضوء الشروط التى يتطلبها المشرع فيمن يولى القضاء ، و من بينهما أن يكون شاغل الوظيقة القضائية محمود السيرة حسن السمعة ، و هو شرط لا ينفك عنه ، بل يلازمه دوماً ما بقى قائماً باعبائها ، بحيث إذا انتفت صلاحيته للاستمرار فيها ، تعين بقرار من مجلس الصلاحية إحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى بعيداً عن العمل القضائى ، و ليس لازماً أن تكون عناصر الواقعة الواحدة مؤيدة فى كل جزئياتها بالأدلة المثبتة بها ، و إنما يجوز أن يؤسس مجلس الصلاحية قراره على ما يتولد من الإنطباع عن أفعال أتاها القاضى ، و تناقلتها ألسن الناس فى محيط اجتماعى معين ، و استقر أمرها فى وجدانهم كحقيقة تزعزع الثقة فيه و تنال من اعتباره ، و بالتالى لا يرتبط قرار مجلس الصلاحية لزوماً بواقعة معينة ، بل يقوم عمل المجلس فى جوهره على تتقييم لحالة القاضى فى مجموعها من حيث صلاحيته للاستمرار فى وظيفته القضائية ، و تنحل دعوى الصلاحية بالتالى إلى دعوى أهلية يراعى عند الفصل فيها الإعتداد بالعناصر المختلفة التى تتصل بهذا التقييم حتى ما كان منها متعلقاً بحقبة ماضية ، ذلك أن الأمر المعتبر فى تقدير حالة القاضى هو النهج الذى احتذاه طريقاً ثابتاً فى مظاهر سلوكه المختلفة ، و من ثم لا يتقيد تقدير مجلس الصلاحية للقيم التى التزمها بفترة معينة دون أخرى ، و لا بواقعة دون غيرها ، و إنما يقلب البصر فى الصورة المتكاملة لسمعته و سيرته ، و ما استقر فى شأنها بطريق التواتر ماضياً و حاضراً ، ذلك أن عمل القاضى لا يقاس بغيره من الموظفين العامين ، و لا هو يؤاخذ بالضوابط المعمول بها فى شأن واجباتهم الوظيفية ، و إنما يتعين أن تكون مقاييس سلوكه أكثر صرامة و أشد حزماً ، نأياً بالعمل القضائى عن أن تحيطه الشبهات ، أو تكتنفه مواطن الريب التى تلقى بذاتها ظلالاً قاتمة على حيدته و نزاهته ، و تتضاءل معها أو تنعدم الثقة فى القائمين عليه بما يستوجب الحكم بإنتفاء صلاحية القاضى بولاية القضاء و ابعاده عن محيط العمل القضائى إذا ما انزلق إلى افعال كان ينبغى عليه أن يتجنبها صونا لهيبة الوظيفة القضائية ، و توكيداً لسمو شأنها ، و توقياً للتعريض بها إذا لابستها عوامل تنتقص من كرامتها ، أو داخلتها المآخذ التى لا يطمأن معها إلى الإلتزام بقيمها الرفيعة .

– – – ٣ – – –
الأصل فى الدعوى التأديبية أنها لا تقام إلا عن تهمة محددة تظاهرها الأدلة المؤيدة لها ، و من ثم يتعين أن تكون اقامتها – و على ما تنص عليه المادة ٩٩ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ – بناء على تحقيق جنائى أو ادارى، يتولاه أحد نواب رئيس محكمة النقض أو رئيس محكمة استئناف يندبه وزير العدل بالنسبة إلى المستشارين ، أو مستشار من ادارة التفتيش القضائى بالنسبة إلى الرؤساء بالمحاكم الإبتدائية و قضاتها ، و بالتالى يكون التحقيق الجنائى أو الإدارى الذى يتم اجراؤه قبل اقامة الدعوى التأديبية وفقاً لنص المادة ٩٩ المشار إليها ، ضمانة جوهرية غايتها الإستيثاق مما إذا كانت الوقائع المنسوبة إلى القاضى لها معينها من الأوراق ، و ترقى بما لها من خصائص إلى مرتبة التهمة المحددة التى يجوز أن تقام الدعوى التأديبية عنها . و إستصحاباً لطبيعة الدعوى التأديبية ، نص قانون السلطة القضائية فى المادة ١٠٠ منه على أن تكون عريضتها مشتملة على بيان بالتهمة ، و الأدلة المؤيدة لها ، باعتبار أن الدعوى التأديبية لا يجوز رفعها إلا عن واقعة بذاتها أو وقائع محددة عناصرها تفصيلاً ، بوصفها محل المؤاخذة المسلكية ، و لأن اسنادها إلى شخص بذاته يتطلب أن يكون على بينة منها بما ينفى التجهيل بها ، و تلك هى الغاية التى استهدفتها كذلك المادة ١٠٢ من القانون المشار إليه ، و ذلك بايجابها أن تكون الدعوة الموجهة إلى القاضى للمثول أمام مجلس التأديب متضمنة بياناً كافياً لموضوع الدعوى لأدلة الإتهام المؤيدة لوقوع الجريمة التأديبية، و ذلك إذا رأى هذا المجلس وجهاً للسير فى إجراءات المحاكمة عن جميع التهم أو بعضها، و الأمر على نقيض ذلك فى مجال دعوى الصلاحية المغايرة فى الأساس الذى تقوم عليه للدعوى التأديبية ، و لا تعتبر بالتالى من طبيعتها أو تندرج تحت مفهومها ، ذلك أن دعوى الصلاحية لا تقوم فى الأصل على تهمة محددة جرى اسنادها إلى القاضى ، و أن صح الارتكان إلى الحكم الصادر فى شأنها لتقييم حالته على ضوء الشروط التى يتطلبها المشرع فيمن يولى القضاء ، و من بينهما أن يكون شاغل الوظيقة القضائية محمود السيرة حسن السمعة ، و هو شرط لا ينفك عنه ، بل يلازمه دوماً ما بقى قائماً باعبائها ، بحيث إذا انتفت صلاحيته للاستمرار فيها ، تعين بقرار من مجلس الصلاحية إحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى بعيداً عن العمل القضائى ، و ليس لازماً أن تكون عناصر الواقعة الواحدة مؤيدة فى كل جزئياتها بالأدلة المثبتة بها ، و إنما يجوز أن يؤسس مجلس الصلاحية قراره على ما يتولد من الإنطباع عن أفعال أتاها القاضى ، و تناقلتها ألسن الناس فى محيط اجتماعى معين ، و استقر أمرها فى وجدانهم كحقيقة تزعزع الثقة فيه و تنال من اعتباره ، و بالتالى لا يرتبط قرار مجلس الصلاحية لزوماً بواقعة معينة ، بل يقوم عمل المجلس فى جوهره على تتقييم لحالة القاضى فى مجموعها من حيث صلاحيته للاستمرار فى وظيفته القضائية ، و تنحل دعوى الصلاحية بالتالى إلى دعوى أهلية يراعى عند الفصل فيها الإعتداد بالعناصر المختلفة التى تتصل بهذا التقييم حتى ما كان منها متعلقاً بحقبة ماضية ، ذلك أن الأمر المعتبر فى تقدير حالة القاضى هو النهج الذى احتذاه طريقاً ثابتاً فى مظاهر سلوكه المختلفة ، و من ثم لا يتقيد تقدير مجلس الصلاحية للقيم التى التزمها بفترة معينة دون أخرى ، و لا بواقعة دون غيرها ، و إنما يقلب البصر فى الصورة المتكاملة لسمعته و سيرته ، و ما استقر فى شأنها بطريق التواتر ماضياً و حاضراً ، ذلك أن عمل القاضى لا يقاس بغيره من الموظفين العامين ، و لا هو يؤاخذ بالضوابط المعمول بها فى شأن واجباتهم الوظيفية ، و إنما يتعين أن تكون مقاييس سلوكه أكثر صرامة و أشد حزماً ، نأياً بالعمل القضائى عن أن تحيطه الشبهات ، أو تكتنفه مواطن الريب التى تلقى بذاتها ظلالاً قاتمة على حيدته و نزاهته ، و تتضاءل معها أو تنعدم الثقة فى القائمين عليه بما يستوجب الحكم بإنتفاء صلاحية القاضى بولاية القضاء و ابعاده عن محيط العمل القضائى إذا ما انزلق إلى افعال كان ينبغى عليه أن يتجنبها صونا لهيبة الوظيفة القضائية ، و توكيداً لسمو شأنها ، و توقياً للتعريض بها إذا لابستها عوامل تنتقص من كرامتها ، أو داخلتها المآخذ التى لا يطمأن معها إلى الإلتزام بقيمها الرفيعة .

– – – ٤ – – –
الأصل فى الدعوى التأديبية أنها لا تقام إلا عن تهمة محددة تظاهرها الأدلة المؤيدة لها ، و من ثم يتعين أن تكون اقامتها – و على ما تنص عليه المادة ٩٩ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ – بناء على تحقيق جنائى أو ادارى، يتولاه أحد نواب رئيس محكمة النقض أو رئيس محكمة استئناف يندبه وزير العدل بالنسبة إلى المستشارين ، أو مستشار من ادارة التفتيش القضائى بالنسبة إلى الرؤساء بالمحاكم الإبتدائية و قضاتها ، و بالتالى يكون التحقيق الجنائى أو الإدارى الذى يتم اجراؤه قبل اقامة الدعوى التأديبية وفقاً لنص المادة ٩٩ المشار إليها ، ضمانة جوهرية غايتها الإستيثاق مما إذا كانت الوقائع المنسوبة إلى القاضى لها معينها من الأوراق ، و ترقى بما لها من خصائص إلى مرتبة التهمة المحددة التى يجوز أن تقام الدعوى التأديبية عنها . و إستصحاباً لطبيعة الدعوى التأديبية ، نص قانون السلطة القضائية فى المادة ١٠٠ منه على أن تكون عريضتها مشتملة على بيان بالتهمة ، و الأدلة المؤيدة لها ، باعتبار أن الدعوى التأديبية لا يجوز رفعها إلا عن واقعة بذاتها أو وقائع محددة عناصرها تفصيلاً ، بوصفها محل المؤاخذة المسلكية ، و لأن اسنادها إلى شخص بذاته يتطلب أن يكون على بينة منها بما ينفى التجهيل بها ، و تلك هى الغاية التى استهدفتها كذلك المادة ١٠٢ من القانون المشار إليه ، و ذلك بايجابها أن تكون الدعوة الموجهة إلى القاضى للمثول أمام مجلس التأديب متضمنة بياناً كافياً لموضوع الدعوى لأدلة الإتهام المؤيدة لوقوع الجريمة التأديبية، و ذلك إذا رأى هذا المجلس وجهاً للسير فى إجراءات المحاكمة عن جميع التهم أو بعضها، و الأمر على نقيض ذلك فى مجال دعوى الصلاحية المغايرة فى الأساس الذى تقوم عليه للدعوى التأديبية ، و لا تعتبر بالتالى من طبيعتها أو تندرج تحت مفهومها ، ذلك أن دعوى الصلاحية لا تقوم فى الأصل على تهمة محددة جرى اسنادها إلى القاضى ، و أن صح الارتكان إلى الحكم الصادر فى شأنها لتقييم حالته على ضوء الشروط التى يتطلبها المشرع فيمن يولى القضاء ، و من بينهما أن يكون شاغل الوظيقة القضائية محمود السيرة حسن السمعة ، و هو شرط لا ينفك عنه ، بل يلازمه دوماً ما بقى قائماً باعبائها ، بحيث إذا انتفت صلاحيته للاستمرار فيها ، تعين بقرار من مجلس الصلاحية إحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى بعيداً عن العمل القضائى ، و ليس لازماً أن تكون عناصر الواقعة الواحدة مؤيدة فى كل جزئياتها بالأدلة المثبتة بها ، و إنما يجوز أن يؤسس مجلس الصلاحية قراره على ما يتولد من الإنطباع عن أفعال أتاها القاضى ، و تناقلتها ألسن الناس فى محيط اجتماعى معين ، و استقر أمرها فى وجدانهم كحقيقة تزعزع الثقة فيه و تنال من اعتباره ، و بالتالى لا يرتبط قرار مجلس الصلاحية لزوماً بواقعة معينة ، بل يقوم عمل المجلس فى جوهره على تتقييم لحالة القاضى فى مجموعها من حيث صلاحيته للاستمرار فى وظيفته القضائية ، و تنحل دعوى الصلاحية بالتالى إلى دعوى أهلية يراعى عند الفصل فيها الإعتداد بالعناصر المختلفة التى تتصل بهذا التقييم حتى ما كان منها متعلقاً بحقبة ماضية ، ذلك أن الأمر المعتبر فى تقدير حالة القاضى هو النهج الذى احتذاه طريقاً ثابتاً فى مظاهر سلوكه المختلفة ، و من ثم لا يتقيد تقدير مجلس الصلاحية للقيم التى التزمها بفترة معينة دون أخرى ، و لا بواقعة دون غيرها ، و إنما يقلب البصر فى الصورة المتكاملة لسمعته و سيرته ، و ما استقر فى شأنها بطريق التواتر ماضياً و حاضراً ، ذلك أن عمل القاضى لا يقاس بغيره من الموظفين العامين ، و لا هو يؤاخذ بالضوابط المعمول بها فى شأن واجباتهم الوظيفية ، و إنما يتعين أن تكون مقاييس سلوكه أكثر صرامة و أشد حزماً ، نأياً بالعمل القضائى عن أن تحيطه الشبهات ، أو تكتنفه مواطن الريب التى تلقى بذاتها ظلالاً قاتمة على حيدته و نزاهته ، و تتضاءل معها أو تنعدم الثقة فى القائمين عليه بما يستوجب الحكم بإنتفاء صلاحية القاضى بولاية القضاء و ابعاده عن محيط العمل القضائى إذا ما انزلق إلى افعال كان ينبغى عليه أن يتجنبها صونا لهيبة الوظيفة القضائية ، و توكيداً لسمو شأنها ، و توقياً للتعريض بها إذا لابستها عوامل تنتقص من كرامتها ، أو داخلتها المآخذ التى لا يطمأن معها إلى الإلتزام بقيمها الرفيعة .

– – – ٥ – – –
لما كان المشرع قد ناط بالمجلس المنصوص عليه فى المادة ٩٨ من قانون السلطة القضائية ، الفصل فى دعوى الصلاحية بمراعاة الأحكام التى خصها بها بمقتضى المادة ١١١ من هذا القانون ، و فى اطار الضمانات الجوهرية المنصوص عليها فى المواد ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٧ منه ، و كان مؤدى النصوص المتقدمة مجتمعة – أن الإختصاص بالفصل فى دعوى الصلاحية موكول إلى سبعة من رجال القضاء هم بطبيعة مراكزهم و أقدمياتهم على القمة من مدارج التنظيم القضائى ، و بالتالى أكثر خبرة و دراية بأوضاع السلطة القضائية و شئون القائمين عليها ، و أعمق فهماً للمقاييس الصارمة التى يتعين أن يؤدى العمل القضائى فى اطارها ، و أنفذ إلى الضوابط الكامنة فى طبيعة الوظيفة القضائية ، و ما يرتبط بها من القيم الرفيعة التى ترد عنها كل تخرص أو شبهة تنال منها ، و من ثم يكون مجلس الصلاحية – و على ضوء تلك الحقائق – مهيأ أكثر من غيره للفصل فى نزاع قد يؤول إلى ابعاد القاضى عن تولى مهام الوظيفة القضائية و هو نزاع يتصل مباشرة بالشروط التى يتطلبها القانون فيمن يولى القضاء ، و المعتبرة من الشئون المتصلة بجوهر الوظيفة القضائية ، لارتباطها بالقائمين عليها ، و كيفية النهوض بمتطلباتها . إذ كان ذلك ، و كان المشرع – اعمالاً للتفويض المخول له بمقتضى المادة ١٦٧ من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية و إختصاصاتها و تنظيم طريقة تشكيلها – قد أسند الفصل فى دعوى الصلاحية إلى قضاة من بين رجال السلطة القضائية يكونون أكثر احاطة بها، و أقدر على مواجهتها بحكم مواقعهم العليا فى التنظيم القضائى، هم هؤلاء الذين يتكون منهم مجلس الصلاحية ، فإن إقامة هذا المجلس على شئون تلك الدعوى لا يتضمن خروجا على نص المادة ٦٨ من الدستور ، إذ هو قاضيها الطبيعى بالنسبة إلى من يحالون إليه من رجال السلطة القضائية لما أثير حولهم من أمور تمس السلطة القضائية فى صميمها و تعتبر من دخائلها .

– – – ٦ – – –
إن المشرع قد أفرد مجلس الصلاحية بتنظيم خاص عهد إليه بمقتضاه ولاية الفصل ” بصفة قضائية ” فى الدعوى المتعلقة بها . و تتحدد ملامح هذا التنظيم فى تشكيل مجلس الصلاحية بأكملة من عناصر قضائية ، و قيامه دون غيره على شئون دعوى الصلاحية ، و هيمنته على اجراءاتها إذا ما قرر السير فيها ، فإذا بان له من الاطلاع على أوراقها أن موجبات رفعها إليه منتفية ، غض النظر عنها غير مقيد فى ذلك بطلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة غير قضائية المرفوع إليه من وزير العدل ، إذ لا ينال هذا الطلب – و به تقام دعوى الصلاحية – من السلطة المطلقة التى يملكها المجلس بصدده بلا معقب عليه من أى جهة . و كلما رأى مجلس الصلاحية محلاً للسير فى إجراءاتها ، اعتبر ذلك افتتاحاً للخصومة يؤذن بالبدء فى تحقيق موضوعها . و فى سبيل ذلك اختص المشرع مجلس الصلاحية فى أن يعهد إلى أحد أعضائه باجراء ما يراه لازما من أعمال للتحقيق التى يستظهر بها وجه الحقيقة ، أو تلقى ضوءا على بعض جوانبها ، انطلاقا من أن التحقيق الذى تجريه المحكمة أو الهيئة القضائية التى خولها المشرع سلطة الحكم فى الدعوى هو الذى يكفل التوصل إلى الحقيقة الراجحة التى يقيم عليها الحكم قضاءه . و بلوغا لهذه الغاية خول المشرع مجلس الصلاحية ، وكذلك من يندبه لأعمال التحقيق ، حق استدعاء الشهود لسماع أقوالهم إذ كان من شأنها ايضاح بعض الوقائع التى غمض أمرها ، و تجلية وجه الخفاء فيها ، مزودا فى ذلك بالسلطة المخولة لمحاكم الجنح كذلك فإن الأصل فى الإجراءات التى يتخذها المجلس هو أنها تتم فى مواجهة القاضى المرفوعة عليه الدعوى ، فلا يجوز للمجلس أن يحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة اعلانه . و لئن نص القانون على أن يدعو مجلس الصلاحية العضو المحال إليه للحضور أمامه بميعاد ثلاثة أيام – و هو ميعاد قصير نسبيبا – إلا أن ذلك لا يخل بحقه فى الدفاع عن وجه نظره و ابدائها كاملة أمام المجلس ، سواء استجاب إلى الدعوى الموجهة إليه و حضر بشخصة لدحض الوقائع المنسوبة إليه ، أم فوض فى الدفاع عنه أحد رجال القضاء من غير مستشارى محكمة النقض ، بما مؤداه ضمان حقه فى الدفاع بالأصالة أو بالوكالة ، شفاهة أو كتابة ، و توكيدا لهذه الضمانة ذاتها ، حرص المشرع على أن يخول مجلس الصلاحية الحق فى أن يطلب من العضو المحال إليه الحضور بشخصه إذا قدر ضرورة ذلك لإستيضاح بعض النقاط المثارة فى الدعوى ، أو التى تتصل بها كى يكون الحكم فيها صادراً عن بصر و بصيرة دالاً على أنه أحاط بجوانبها المختلفة . . و تعزيزاً لضمانة الدفاع ، لا يجوز لمجلس الصلاحية أن يفصل فى الدعوى المتعلقة بها بعد سماع أقوال النيابة العامة و دفاع العضو المرفوعة عليه الدعوى ، على أن يكون هذه العضو آخر من يتكلم ، بما يعنيه ذلك من ضمان حقه فى الرد تعقيباً على كل واقعة نسبتها إليه النيابة العامة أو كشفت عنها الأوراق ، و تفنيداً لأقول الشهود توصلاً إلى اطراحها . كذلك فإن ما قرره المشرع من عدم جواز الحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة اعلانه بمثل ضمانة المقصد بها – بالاضافة إلى مواجهته بكل ما قدم ضده من الأدلة – أن يقف مجلس الصلاحية على حقيقة الأمر فى شأن صلاحيته للعمل القضائى ، و هو ما يفيد لزماً تقصيه لكل واقعة جرى اسنادها إليه كى ينزلها المنزله التى يستحقها ، و يكون عقيدته على ضوء ما ينتهى إليه بشأنها ، و من ثم فإن قالة الإخلال بحق المدعى فى الدفاع الذى كفل الدستور أصله بالفقرة الأولى من المادة ٦٩ منه – لا يكون لها محل . و على ضوء الأحكام السالف بيانها تتمحض دعوى الصلاحية عن خصومة قضائية أسند المشرع الفصل فيها إلى مجلس الصلاحية المشكل من عناصر قضائية صرفة ، و ذلك باعتباره جهة قضاء تباشر بصفة دائمة اختصاصاتها المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية طبقاً للمادة ١١١ منه ، و ضمن اطار من الضمانات الرئيسية للتقاضى التى كفلها المشرع للعضو المرفوعة عليه الدعوى ، و أخصها تكليفه للحضور أمام هذا المجلس لمواجهة ما أسند إليه ، و تمكينه من إبداء دفاعه و سماعه أقواله و تحقيقها ، و مقابلتها بطلبات النيابة العامة و أقوال الشهود ليتخذ مجلس الصلاحية على ضوء جماع العناصر المطروحة فى الدعوى قرارا قضائيا حاسما للخصومة محددا به وفقا للقانون خاتمتها ، سواء برفض الدعوى أو بإبعاد العضو عن محيط العمل القضائى ، و فى كل ذلك يتعين أن يكون هذا القرار القضائى مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها كى يكون له مأخذه من الأوراق و حكم القانون . و إذ حظر المشرع الطعن فى هذا القرار الذى لا يعدو أن يكون حكما بمعنى الكلمة ، فقد دل بذلك على اتجاه ارادته إلى قصر التقاضى فى المسائل التى فصل فيها هذا الحكم على درجة واحدة ، و هو ما يستقل المشرع بتقديره فى اطار سلطته فى مجال تنظيم الحقوق و بمراعاة ما يقتضيه الصالح العام .

– – – ٧ – – –
إن المشرع قد أفرد مجلس الصلاحية بتنظيم خاص عهد إليه بمقتضاه ولاية الفصل ” بصفة قضائية ” فى الدعوى المتعلقة بها . و تتحدد ملامح هذا التنظيم فى تشكيل مجلس الصلاحية بأكملة من عناصر قضائية ، و قيامه دون غيره على شئون دعوى الصلاحية ، و هيمنته على اجراءاتها إذا ما قرر السير فيها ، فإذا بان له من الاطلاع على أوراقها أن موجبات رفعها إليه منتفية ، غض النظر عنها غير مقيد فى ذلك بطلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة غير قضائية المرفوع إليه من وزير العدل ، إذ لا ينال هذا الطلب – و به تقام دعوى الصلاحية – من السلطة المطلقة التى يملكها المجلس بصدده بلا معقب عليه من أى جهة . و كلما رأى مجلس الصلاحية محلاً للسير فى إجراءاتها ، اعتبر ذلك افتتاحاً للخصومة يؤذن بالبدء فى تحقيق موضوعها . و فى سبيل ذلك اختص المشرع مجلس الصلاحية فى أن يعهد إلى أحد أعضائه باجراء ما يراه لازما من أعمال للتحقيق التى يستظهر بها وجه الحقيقة ، أو تلقى ضوءا على بعض جوانبها ، انطلاقا من أن التحقيق الذى تجريه المحكمة أو الهيئة القضائية التى خولها المشرع سلطة الحكم فى الدعوى هو الذى يكفل التوصل إلى الحقيقة الراجحة التى يقيم عليها الحكم قضاءه . و بلوغا لهذه الغاية خول المشرع مجلس الصلاحية ، وكذلك من يندبه لأعمال التحقيق ، حق استدعاء الشهود لسماع أقوالهم إذ كان من شأنها ايضاح بعض الوقائع التى غمض أمرها ، و تجلية وجه الخفاء فيها ، مزودا فى ذلك بالسلطة المخولة لمحاكم الجنح كذلك فإن الأصل فى الإجراءات التى يتخذها المجلس هو أنها تتم فى مواجهة القاضى المرفوعة عليه الدعوى ، فلا يجوز للمجلس أن يحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة اعلانه . و لئن نص القانون على أن يدعو مجلس الصلاحية العضو المحال إليه للحضور أمامه بميعاد ثلاثة أيام – و هو ميعاد قصير نسبيبا – إلا أن ذلك لا يخل بحقه فى الدفاع عن وجه نظره و ابدائها كاملة أمام المجلس ، سواء استجاب إلى الدعوى الموجهة إليه و حضر بشخصة لدحض الوقائع المنسوبة إليه ، أم فوض فى الدفاع عنه أحد رجال القضاء من غير مستشارى محكمة النقض ، بما مؤداه ضمان حقه فى الدفاع بالأصالة أو بالوكالة ، شفاهة أو كتابة ، و توكيدا لهذه الضمانة ذاتها ، حرص المشرع على أن يخول مجلس الصلاحية الحق فى أن يطلب من العضو المحال إليه الحضور بشخصه إذا قدر ضرورة ذلك لإستيضاح بعض النقاط المثارة فى الدعوى ، أو التى تتصل بها كى يكون الحكم فيها صادراً عن بصر و بصيرة دالاً على أنه أحاط بجوانبها المختلفة . . و تعزيزاً لضمانة الدفاع ، لا يجوز لمجلس الصلاحية أن يفصل فى الدعوى المتعلقة بها بعد سماع أقوال النيابة العامة و دفاع العضو المرفوعة عليه الدعوى ، على أن يكون هذه العضو آخر من يتكلم ، بما يعنيه ذلك من ضمان حقه فى الرد تعقيباً على كل واقعة نسبتها إليه النيابة العامة أو كشفت عنها الأوراق ، و تفنيداً لأقول الشهود توصلاً إلى اطراحها . كذلك فإن ما قرره المشرع من عدم جواز الحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة اعلانه بمثل ضمانة المقصد بها – بالاضافة إلى مواجهته بكل ما قدم ضده من الأدلة – أن يقف مجلس الصلاحية على حقيقة الأمر فى شأن صلاحيته للعمل القضائى ، و هو ما يفيد لزماً تقصيه لكل واقعة جرى اسنادها إليه كى ينزلها المنزله التى يستحقها ، و يكون عقيدته على ضوء ما ينتهى إليه بشأنها ، و من ثم فإن قالة الإخلال بحق المدعى فى الدفاع الذى كفل الدستور أصله بالفقرة الأولى من المادة ٦٩ منه – لا يكون لها محل . و على ضوء الأحكام السالف بيانها تتمحض دعوى الصلاحية عن خصومة قضائية أسند المشرع الفصل فيها إلى مجلس الصلاحية المشكل من عناصر قضائية صرفة ، و ذلك باعتباره جهة قضاء تباشر بصفة دائمة اختصاصاتها المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية طبقاً للمادة ١١١ منه ، و ضمن اطار من الضمانات الرئيسية للتقاضى التى كفلها المشرع للعضو المرفوعة عليه الدعوى ، و أخصها تكليفه للحضور أمام هذا المجلس لمواجهة ما أسند إليه ، و تمكينه من إبداء دفاعه و سماعه أقواله و تحقيقها ، و مقابلتها بطلبات النيابة العامة و أقوال الشهود ليتخذ مجلس الصلاحية على ضوء جماع العناصر المطروحة فى الدعوى قرارا قضائيا حاسما للخصومة محددا به وفقا للقانون خاتمتها ، سواء برفض الدعوى أو بإبعاد العضو عن محيط العمل القضائى ، و فى كل ذلك يتعين أن يكون هذا القرار القضائى مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها كى يكون له مأخذه من الأوراق و حكم القانون . و إذ حظر المشرع الطعن فى هذا القرار الذى لا يعدو أن يكون حكما بمعنى الكلمة ، فقد دل بذلك على اتجاه ارادته إلى قصر التقاضى فى المسائل التى فصل فيها هذا الحكم على درجة واحدة ، و هو ما يستقل المشرع بتقديره فى اطار سلطته فى مجال تنظيم الحقوق و بمراعاة ما يقتضيه الصالح العام .

– – – ٨ – – –
إن المشرع قد أفرد مجلس الصلاحية بتنظيم خاص عهد إليه بمقتضاه ولاية الفصل ” بصفة قضائية ” فى الدعوى المتعلقة بها . و تتحدد ملامح هذا التنظيم فى تشكيل مجلس الصلاحية بأكملة من عناصر قضائية ، و قيامه دون غيره على شئون دعوى الصلاحية ، و هيمنته على اجراءاتها إذا ما قرر السير فيها ، فإذا بان له من الاطلاع على أوراقها أن موجبات رفعها إليه منتفية ، غض النظر عنها غير مقيد فى ذلك بطلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة غير قضائية المرفوع إليه من وزير العدل ، إذ لا ينال هذا الطلب – و به تقام دعوى الصلاحية – من السلطة المطلقة التى يملكها المجلس بصدده بلا معقب عليه من أى جهة . و كلما رأى مجلس الصلاحية محلاً للسير فى إجراءاتها ، اعتبر ذلك افتتاحاً للخصومة يؤذن بالبدء فى تحقيق موضوعها . و فى سبيل ذلك اختص المشرع مجلس الصلاحية فى أن يعهد إلى أحد أعضائه باجراء ما يراه لازما من أعمال للتحقيق التى يستظهر بها وجه الحقيقة ، أو تلقى ضوءا على بعض جوانبها ، انطلاقا من أن التحقيق الذى تجريه المحكمة أو الهيئة القضائية التى خولها المشرع سلطة الحكم فى الدعوى هو الذى يكفل التوصل إلى الحقيقة الراجحة التى يقيم عليها الحكم قضاءه . و بلوغا لهذه الغاية خول المشرع مجلس الصلاحية ، وكذلك من يندبه لأعمال التحقيق ، حق استدعاء الشهود لسماع أقوالهم إذ كان من شأنها ايضاح بعض الوقائع التى غمض أمرها ، و تجلية وجه الخفاء فيها ، مزودا فى ذلك بالسلطة المخولة لمحاكم الجنح كذلك فإن الأصل فى الإجراءات التى يتخذها المجلس هو أنها تتم فى مواجهة القاضى المرفوعة عليه الدعوى ، فلا يجوز للمجلس أن يحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة اعلانه . و لئن نص القانون على أن يدعو مجلس الصلاحية العضو المحال إليه للحضور أمامه بميعاد ثلاثة أيام – و هو ميعاد قصير نسبيبا – إلا أن ذلك لا يخل بحقه فى الدفاع عن وجه نظره و ابدائها كاملة أمام المجلس ، سواء استجاب إلى الدعوى الموجهة إليه و حضر بشخصة لدحض الوقائع المنسوبة إليه ، أم فوض فى الدفاع عنه أحد رجال القضاء من غير مستشارى محكمة النقض ، بما مؤداه ضمان حقه فى الدفاع بالأصالة أو بالوكالة ، شفاهة أو كتابة ، و توكيدا لهذه الضمانة ذاتها ، حرص المشرع على أن يخول مجلس الصلاحية الحق فى أن يطلب من العضو المحال إليه الحضور بشخصه إذا قدر ضرورة ذلك لإستيضاح بعض النقاط المثارة فى الدعوى ، أو التى تتصل بها كى يكون الحكم فيها صادراً عن بصر و بصيرة دالاً على أنه أحاط بجوانبها المختلفة . . و تعزيزاً لضمانة الدفاع ، لا يجوز لمجلس الصلاحية أن يفصل فى الدعوى المتعلقة بها بعد سماع أقوال النيابة العامة و دفاع العضو المرفوعة عليه الدعوى ، على أن يكون هذه العضو آخر من يتكلم ، بما يعنيه ذلك من ضمان حقه فى الرد تعقيباً على كل واقعة نسبتها إليه النيابة العامة أو كشفت عنها الأوراق ، و تفنيداً لأقول الشهود توصلاً إلى اطراحها . كذلك فإن ما قرره المشرع من عدم جواز الحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة اعلانه بمثل ضمانة المقصد بها – بالاضافة إلى مواجهته بكل ما قدم ضده من الأدلة – أن يقف مجلس الصلاحية على حقيقة الأمر فى شأن صلاحيته للعمل القضائى ، و هو ما يفيد لزماً تقصيه لكل واقعة جرى اسنادها إليه كى ينزلها المنزله التى يستحقها ، و يكون عقيدته على ضوء ما ينتهى إليه بشأنها ، و من ثم فإن قالة الإخلال بحق المدعى فى الدفاع الذى كفل الدستور أصله بالفقرة الأولى من المادة ٦٩ منه – لا يكون لها محل . و على ضوء الأحكام السالف بيانها تتمحض دعوى الصلاحية عن خصومة قضائية أسند المشرع الفصل فيها إلى مجلس الصلاحية المشكل من عناصر قضائية صرفة ، و ذلك باعتباره جهة قضاء تباشر بصفة دائمة اختصاصاتها المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية طبقاً للمادة ١١١ منه ، و ضمن اطار من الضمانات الرئيسية للتقاضى التى كفلها المشرع للعضو المرفوعة عليه الدعوى ، و أخصها تكليفه للحضور أمام هذا المجلس لمواجهة ما أسند إليه ، و تمكينه من إبداء دفاعه و سماعه أقواله و تحقيقها ، و مقابلتها بطلبات النيابة العامة و أقوال الشهود ليتخذ مجلس الصلاحية على ضوء جماع العناصر المطروحة فى الدعوى قرارا قضائيا حاسما للخصومة محددا به وفقا للقانون خاتمتها ، سواء برفض الدعوى أو بإبعاد العضو عن محيط العمل القضائى ، و فى كل ذلك يتعين أن يكون هذا القرار القضائى مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها كى يكون له مأخذه من الأوراق و حكم القانون . و إذ حظر المشرع الطعن فى هذا القرار الذى لا يعدو أن يكون حكما بمعنى الكلمة ، فقد دل بذلك على اتجاه ارادته إلى قصر التقاضى فى المسائل التى فصل فيها هذا الحكم على درجة واحدة ، و هو ما يستقل المشرع بتقديره فى اطار سلطته فى مجال تنظيم الحقوق و بمراعاة ما يقتضيه الصالح العام .

– – – ٩ – – –
مبدأ المساواة فى الحقوق بين المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التميز جميعها ، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ، و لا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور ، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكيما ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصوداً لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها اطارا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم ، فإذا كان النص التشريعى المطعون عليه – بما أنطوى عليه من التمييز – مصادما لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيا رابطه أو اعتباره مدخلا إليها ، فإن التمييز يكون تحكيماً ، و غير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية و مجافياً لنص المادة ٤٠ المشار إليها .

– – – ١٠ – – –
فرد قانون السلطة القضائية دعوى الصلاحية بذلك التنظيم الخاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقبيم فى مجال تطبيقها تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها من رجال السلطة القضائية المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها ، و كان قصر هذا التنظيم عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة صوناً للوظيفة القضائية ، و توكيداً لما ينبغى أن يتوافر من الثقة فى القائمين عليها ، و تلك جميعها مصالح مشروعة يعتبر هذا التنظيم مرتبطاً بها و محققاً لها ، فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون بينهم و بين غيرهم من المواطنين ، تكون فاقدة لأساسها حرية بالرفض.

[الطعن رقم ٣ – لسنــة ٨ ق – تاريخ الجلسة ٠١ / ٠٢ / ١٩٩٢ – مكتب فني ٥ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ١٤٢ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن مجلس الصلاحية كان قد قضى فى الدعوى رقم ٢ لسنة ١٩٨٤ بنقل المدعى إلى وظيفة غير قضائية وذلك إعمالاً للمادة ١١١ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ المعدل بالقانون رقم ٣٥ لسنة ١٩٨٤ . فطعن على هذا القرار أمام الدائرة المدنية بمحكمة النقض – دائرة طلبات رجال القضاء – حيث قيد طلبه برقم ٤٣ لسنة ٥٤ ق ” رجال قضاء ” وأثناء نظر هذه الدائرة لذلك الطلب بجلسة ٥ نوفمبر سنة ١٩٨٥ دفع بعدم دستورية المادة ١١١ من قانون السلطة القضائية المشار إليه . وإذ ارتآت الدائرة جدية الدفع ، وقررت تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة ١١ فبراير سنة ١٩٨٦ فيرفع المدعى الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة . وحيث إن المدعى ينعى على المادة ١١١ المطعون عليها مخالفتها للدستور من عدة أوجه أولها : أن ما يصدر عن مجلس الصلاحية فصلاً فى الطلب المقدم إليه بشأن زوال صلاحية القاضى لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية لا يعد حكماً إذ لا تتوافر فيه خصائص القرار القضائى بعد أن جرد قانون السلطة القضائية دعوى الصلاحية من عدد من الضمانات الأساسية التى كفلها فى مجال الدعوى التأديبية ، هى تلك المنصوص عليها فى المواد ٩٩ و ١٠٠ و ١٠٢ منه . وإذ حظر النص المطعون فيه الطعن فى القرار الصادر عن مجلس الصلاحية – وهو لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً – فقد أخل بحكم الفقرة الثانية من المادة ٦٨ من الدستور التى لا تجيز إسباغ الحصانة المانعة من الخضوع لرقابة القضاء على الأعمال والقرارات الإدارية على اختلافها . ثانيها : أن ضمانة الدفاع التى كفلتها الفقرة الأولى من المادة ٦٩ من الدستور غير متحققة فى النص المطعون فيه إذ أخل بمقوماتها . ثالثها : أن تقرير صلاحية القضاة للاستمرار فى وظائفهم القضائية أو نفى هذه الصلاحية عنهم مسألة وثيقة الصلة بشئونهم التى كان ينبغى أن تقوم عليها الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض بوصفها قاضيهم الطبيعى وفقاً للفقرة الأولى من المادة ٦٨ من الدستور .الأمر الذى ينطوى على التمييز – فى مجال اللجوء إليه – بينهم وبين غيرهم من المواطنين بالمخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور . وحيث إن من بين ما ينعاه المدعى فى الدعوى الماثلة على مجلس الصلاحية المنصوص عليه فى المادة ٩٨ من قانون السلطة القضائية ، أن قراره بنقل القاضى إلى وظيفة غير قضائية أو بإحالته إلى المعاش لا يعتبر قراراً قضائياً ما لم يكن الإطار الذى يعمل فيه هذا المجلس مشتملاً على ضمانات الدعوى التأديبية المنصوص عليها فى المواد ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠٢ من هذا القانون . وحيث إن هذا النعى مردود بأن من ضمانات الدعوى التأديبية ما هو خاص بها لتعلقه بطبيعتها . وانصرافها إلى الدعوى التأديبية دون سواها يفيد بالضرورة عدم انسحابها إلى دعوى الصلاحية التى لا تختلط بالدعوى التأديبية ولا تُعد فرعاً منها ، ذلك أن قانون السلطة القضائية قصد إلى المغايرة بين نظامين لكل منهما مجال يعمل فيه ، هما المساءلة التأديبية التى فصل أحكامها فى المواد من ٩٩ إلى ١١٠ من هذا القانون ، ونظام الصلاحية لولاية القضاء الذى أفرد له المادة ١١١ لينظم موضوعها ، وإذ غاير المشرع بين هذين النظامين فى الخصائص والآثار ، فإن تطابقهما من كل الوجوه يغدو أمراً مستحيلاً ، وإلا فقد أحدهما مغزاه ، ولكان متعيناً دمجهما معاً فى نظام واحد يكون بذاته نافياً لاستقلال كل منهما عن الآخر . وحيث إن الأصل فى الدعوى التأديبية أنها لا تقام إلا عن تهمة محددة تظاهرها الأدلة المؤيدة لها ، ومن ثم يتعين أن تكون إقامتها – وعلى ما تنص عليه المادة ٩٩ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ بناء على تحقيق جنائى أو إدارى ، يتولاه أحد نواب رئيس محكمة النقض أو رئيس محكمة استئناف يندبه وزير العدل بالنسبة إلى المستشارين أو مستشار من إدارة التفتيش القضائى بالنسبة إلى الرؤساء بالمحاكم الابتدائية وقضاتها ، وبالتالى يكون التحقيق الجنائى أو الإدارى الذى يتم إجراؤه قبل إقامة الدعوى التأديبية وفقاً لنص المادة ٩٩ المشار إليها ضمانة جوهرية غايتها الاستيثاق مما إذا كانت الوقائع المنسوبة إلى القاضى لها معينها من الأوراق ، وترقى بما لها من خصائص إلى مرتبة التهمة المحددة التى يجوز أن تقام الدعوى التأديبية عنها . وحيث إنه استصحاباً لطبيعة الدعوى التأديبية ، نص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ فى المادة ١٠٠ منه على أن تكون عريضتها مشتملة على بيان بالتهمة والأدلة المؤيدة لها باعتبار أن الدعوى التأديبية لا يجوز رفعها إلا عن واقعة بذاتها أو وقائع محددة عناصرها تفصيلاً بوصفها محل المؤاخذة المسلكية ، ولأن إسنادها إلى شخص بذاته يتطلب أن يكون على بينة منها بما ينفى التجهيل بها ، وتلك هى الغاية التى استهدفتها كذلك المادة ١٠٢ من القرار بقانون المشار إليه ، وذلك بإيجابها أن تكون الدعوة الموجهة إلى القاضى للمثول أمام مجلس التأديب متضمنة بياناً كافياً لموضوع الدعوى ولأدلة الاتهام المؤيدة لوقوع الجريمة التأديبية ، وذلك إذا رأى هذا المجلس وجهاً للسير فى إجراءات المحاكمة عن جميع التهم أو بعضها ، والأمر على نقيض ذلك فى مجال دعوى الصلاحية المغايرة فى الأساس الذى تقوم عليه الدعوى التأديبية ، ولا تعتبر بالتالى من طبيعتها أو تندرج تحت مفهومها ، ذلك أن دعوى الصلاحية لا تقوم فى الأصل على تهمة محددة جرى إسنادها إلى القاضى ، وإن صح الارتكان إلى الحكم الصادر فى شأنها لتقييم حالته على ضوء الشروط التى يتطلبها المشرع فيمن يولى القضاء ، ومن بينها أن يكون شاغل الوظيفة القضائية محمود السيرة حسن السمعة ، وهو شرط لا ينفك عنه بل يلازمه دوماً ما بقى قائماً بأعبائها بحيث إذا انتفت صلاحيته للاستمرار فيها ، تعين بقرار من مجلس الصلاحية إحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى بعيداً عن العمل القضائى ، وليس لازماً أن تكون عناصر الواقعة الواحدة مؤيدة فى كل جزئياتها بالأدلة المثبتة بها ، وإنما يجوز أن يؤسس مجلس الصلاحية قراره على ما يتولد من الانطباع عن أفعال أتاها القاضى وتناقلتها ألسن الناس فى محيط اجتماعى معين ، واستقر أمرها فى وجدانهم كحقيقة تزعزع الثقة فيه وتنال من اعتباره ، وبالتالى لا يرتبط قرار مجلس الصلاحية لزوماً بواقعة معينة ، بل يقوم عمل المجلس فى جوهره على تقييم لحالة القاضى فى مجموعها من حيث صلاحيته للاستمرار فى وظيفته القضائية ، وتنحل دعوى الصلاحية بالتالى إلى دعوى أهلية يراعى عند الفصل فيها الاعتداد بالعناصر المختلفة التى تتصل بهذا التقييم حتى ما كان منها متعلقاً بحقبة ماضية ، ذلك أن الأمر المعتبر فى تقدير حالة القاضى هو النهج الذى احتذاه طريقاً ثابتاً فى مظاهر سلوكه المختلفة ، ومن ثم لا يتقيد تقدير مجلس الصلاحية للقيم التى التزمها بفترة معينة دون أخرى ، ولا بواقعة دون غيرها ، وإنما يقلب البصر فى الصورة المتكاملة لسمعته وسيرته ، وما استقر فى شأنها بطريق التواتر ماضياً وحاضراً ، ذلك أن عمل القاضى لا يقاس بغيره من الموظفين العامين ، ولا هو يؤاخذ بالضوابط المعمول بها فى شأن واجباتهم الوظيفية ، وإنما يتعين أن تكون مقاييس سلوكه أكثر صرامة وأشد حزماً نأياً بالعمل القضائى عن أن تحيطه الشبهات أو تكتنفه مواطن الريب التى تلقى بذاتها ظلالاً قاتمة على حيدته ونزاهته ، وتتضاءل معها أو تنعدم الثقة فى القائمين عليه بما يستوجب الحكم بانتفاء صلاحية القاضى لولاية القضاء وإبعاده عن محيط العمل القضائى إذا ما انزلق إلى أفعال كان ينبغى عليه أن يتجنبها صوناً لهيبة الوظيفة القضائية ، وتوكيداً لسمو شأنها ، وتوقياً للتعريض بها إذا لابستها عوامل تنتقص من كرامتها ، أو داخلتها المآخذ التى لا يطمأن معها إلى الالتزام بقيمها الرفيعة . وحيث إن قانون السلطة القضائية نظم فى المادة ١١١ منه الأحكام المتعلقة بدعوى الصلاحية ، فنص فى فقرتها الأولى على أنه إذا ظهر فى أى وقت أن القاضى فقد أسباب الصلاحية لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية ، يرفع طلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه ، أو بناء على طلب رئيس المحكمة إلى المجلس المشار إليه فى المادة ٩٨ منه ، ولهذا المجلس إذا رأى محلاً للسير فى الإجراءات أن يندب عند الاقتضاء أحد أعضائه لإجراء ما يلزم من التحقيقات ، ويدعو المجلس القاضى للحضور أمامه بميعاد ثلاثة أيام ، كما تنص فقرتها الثانية على أنه ” بعد سماع طلبات ممثل النيابة العامة ودفاع القاضى أو من ينوب عنه يصدر المجلس حكمه مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها ، إما بقبول الطلب وإحالة القاضى إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية ، وإما برفضه الطلب . وتسرى على هذا الطلب – وعملاً بالفقرة الثالثة من المادة ١١١ المشار إليها – أحكام المواد ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ١٠٧ من هذا القانون . وحيث إن البين مما تقدم ، أن المشرع ناط بالمجلس المنصوص عليه فى المادة ٩٨ من قانون السلطة القضائية ، الفصل فى دعوى الصلاحية بمراعاة الأحكام التى خصها بها بمقتضى المادة ١١١ المشار إليها وفى إطار الضمانات الجوهرية المنصوص عليها فى المواد ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٧ من هذا القانون . وحيث إن مؤدى النصوص المتقدمة مجتمعة – أن الاختصاص بالفصل فى دعوى الصلاحية موكول إلى سبعة من رجال القضاء هم بطبيعة مراكزهم وأقدمياتهم على القمة من مدارج التنظيم القضائى ، وبالتالى أكثر خبرة ودراية بأوضاع السلطة القضائية وشئون القائمين عليها ، وأعمق فهماً للمقاييس الصارمة التى يتعين أن يؤدى العمل القضائى فى إطارها ، وأنفذ إلى الضوابط الكامنة فى طبيعة الوظيفة القضائية وما يرتبط بها من القيم الرفيعة التى ترد عنها كل تحرض أو شبهة تنال منها ، ومن ثم يكون مجلس الصلاحية – وعلى ضوء تلك الحقائق – مهيأ أكثر من غيره للفصل فى نزاع قد يؤول إلى إبعاد القاضى عن تولى مهام الوظيفة القضائية ، وهو نزاع يتصل مباشرة بالشروط التى يتطلبها القانون فيمن يتولى القضاء ، والمعتبرة من الشئون المتصلة بجوهر الوظيفة القضائية لارتباطها بالقائمين عليها ، وكيفية النهوض بمتطلباتها ، إذ كان ذلك وكان المشرع _ إعمالاً للتفويض المخول له بمقتضى المادة ١٦٧ من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها قد اسند الفصل فى دعوى الصلاحية إلى قضاة من بين رجال السلطة القضائية يكونون أكثر إحاطة بها ، واقدر على مواجهتها بحكم مواقعهم العليا فى التنظيم القضائى هم هؤلاء الذين يتكون منهم مجلس الصلاحية ، فإن إقامة هذا المجلس على شئون تلك الدعوى لا يتضمن خروجاً على نص المادة ٦٨ من الدستور إذ هو قاضيها الطبيعى بالنسبة إلى من يحالون إليه من رجال السلطة القضائية لما أثير حولهم من أمور تمس السلطة القضائية فى صميمها وتعتبر من دخائلها . وحيث إن المشرع افرد مجلس الصلاحية بتنظيم خاص عهد إليه بمقتضاه ولاية الفصل ” بصفة قضائية ” فى الدعوى المتعلقة بها وتتحدد ملامح هذا التنظيم فى تشكيل مجلس الصلاحية بأكمله من عناصر قضائية ، وقيامه دون غيره على شئون دعوى الصلاحية ، وهيمنته على إجراءاتها إذ ما قرر السير فيها ، فإذا بان له من الاطلاع على أوراقها أن موجبات رفعها إليه منتفية ، غض النظر غير مقيد فى ذلك بطلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة غير قضائية المرفوع إليه من وزير العدل ، إذ لا ينال هذا الطلب – وبه تقام دعوى الصلاحية – من السلطة المطلقة التى يملكها المجلس بصددها بلا معقب عليه من أى جهة ، وكلما رأى مجلس الصلاحية محلاً للسير فى إجراءاتها ، اعتبر ذلك افتتاحاً للخصومة يؤذن بالبدء فى تحقيق موضوعها . وفى سبيل ذلك اختص المشرع مجلس الصلاحية بالحق فى أن يعهد إلى أحد أعضائه بإجراء ما يراه لازماً من أعمال التحقيق التى يستظهر بها وجه الحقيقة أو تلقى ضوءاً على بعض جوانبها انطلاقاً من أن التحقيق الذى تجريه المحكمة أو الهيئة القضائية التى خولها المشرع سلطة الحكم فى الدعوى هو الذى يكفل التوصل إلى الحقيقة الراجحة التى يقيم عليها الحكم قضاءه ، وبلوغاً لهذه الغاية خول المشرع مجلس الصلاحية وكذلك من يندبه لأعمال التحقيق حق استدعاء الشهود لسماع أقوالهم إذا كان من شأنها إيضاح بعض الوقائع التى غمض أمرها ، وتجليه وجه الخفاء فيها مزوداً فى ذلك بالسلطة المخولة لمحاكم الجنح . كذلك فإن الأصل فى الإجراءات التى يتخذها المجلس هو أنها تتم فى مواجهة القاضى المرفوعة عليه الدعوى فلا يجوز للمجلس أن يحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة إعلانه . ولئن نص القانون على أن يدعو مجلس الصلاحية العضو المحال إليه للحضور أمامه بميعاد ثلاثة أيام – وهو ميعاد قصير نسبياً – إلا أن ذلك لا يخل بحقه فى الدفاع عن وجهة نظره وإبدائها كاملة أمام المجلس سواء استجاب إلى الدعوة الموجهة إليه وحضر بشخصه لدحض الوقائع المنسوبة إليه أم فوض فى الدفاع عنه أحد رجال القضاء من غير مستشارى محكمة النقض بما مؤداه ضمان حقه فى الدفاع بالأصالة أو الوكالة ، شفاهة أو كتابة وتوكيداً لهذه الضمانة ذاتها ، حرص المشرع على ان يخول مجلس الصلاحية الحق فى ان يطلب من العضو المحال إليه الحضور بشخصه إذا قدر ضرورة ذلك لاستيضاح بعض النقاط المثارة فى الدعوى أو التى تتصل بها كى يكون الحكم فيها صادراً عن بصر وبصيرة دالاً على انه أحاط بجوانبها المختلفة ، وتعزيزاً لضمانة الدفاع ، لا يجوز لمجلس الصلاحية أن يفصل فى الدعوى المتعلقة بها إلا بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع العضو المرفوعة عليه الدعوى ، على ان يكون هذا العضو آخر من يتكلم بما يعنيه ذلك من ضمان حقه فى الرد تعقيباً على كل واقعه نسبتها إليه النيابة العامة أو كشفت عنها الأوراق ، وتنفيذاً لأقوال الشهود توصلاً إلى إطراحها . كذلك فإن ما قرره المشرع من عدم جواز الحكم فى غيبته إلا بعد التحقق من صحة إعلانه يمثل ضمانة قصد بها – بالإضافة إلى مواجهته بكل ما قدم ضده من الأدلة – أن يقف مجلس الصلاحية على حقيقة الأمر فى شأن صلاحيته للعمل القضائى ، وهو ما يفيد لزوماً تقصيه لكل واقعة جرى إسنادها إليه كى ينزلها المنزلة التى يستحقها ، ويكون عقيدته على ضوء ما ينتهى إليه بشأنها ، ومن ثم فإن قالة الإخلال بحق المدعى فى الدفاع – الذى كفل الدستور أصله بالفقرة الأولى من المادة ٦٩ منه – لا يكون لها محل . وحيث إنه على ضوء الأحكام السالف بيانها تتمحض دعوى الصلاحية عن خصومة قضائية اسند المشرع الفصل فيها إلى مجلس الصلاحية المشكل من عناصر قضائية صرفة ، وذلك باعتباره جهة قضاء تباشر بصفة دائمة اختصاصاتها المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية طبقاً للمادة ١١١ منه ، وضمن إطار من الضمانات الرئيسية للتقاضى التى كفلها المشرع للعضو المرفوعة عليه الدعوى ، وأخصها تكليفه الحضور أمام هذا المجلس لمواجهة ما اسند إليه ، وتمكينه من إبداء دفاعه وسماع أقواله وتحقيقها ومقابلتها بطلبات النيابة العامة وأقوال الشهود ليتخذ مجلس الصلاحية على ضوء جماع العناصر المطروحة فى الدعوى قراراً قضائياً حاسماً للخصومة محدداً به وفقاً للقانون خاتمتها سواء برفض الدعوى أو بإبعاد العضو عن محيط العمل القضائى ، وفى كل ذلك يتعين أن يكون هذا القرار القضائى مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها كى يكون له مأخذه من الأوراق وحكم القانون . وإذ حظر المشرع الطعن فى هذا القرار الذى لا يعدو أن يكون حكماً بمعنى الكلمة ، فقد دل بذلك على اتجاه إرادته إلى قصر التقاضى فى المسائل التى فصل فيها هذا الحكم على درجة واحدة ، وهو ما يستقل المشرع بتقديره فى إطار سلطته فى مجال تنظيم الحقوق وبمراعاة ما يقتضيه الصالح العام . وحيث إن ما ينعاه المدعى من خلال النص المطعون فيه بالمادة ٤٠ من الدستور مردود بأن مبدأ المساواة فى الحقوق بين المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها ، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة ٤٠ المشار إليها بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصوداً لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم ، فإذا كان النص التشريعى المطعون عليه – بما أنطوى عليه من التمييز – مصادماً لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقياً ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها ، فإن التمييز يكون تحكمياً وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية ومجافياً لنص المادة ٤٠ من الدستور . إذ كان ذلك ، وكان قانون السلطة القضائية قد افرد دعوى الصلاحية بذلك التنظيم الخاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها من رجال السلطة القضائية المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها ، وكان قصر هذا التنظيم عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة صوناً للوظيفة القضائية ، وتوكيداً لما ينبغى أن يتوافر من الثقة فى القائمين عليها ، وتلك جميعها مصالح مشروعة يعتبر هذا التنظيم مرتبطاً بها ومحققاً لها ، فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون تكون فاقدة لأساسها حرية بالرفض . وحيث إن النص المطعون فيه ، لا يتعارض مع أى حكم من أحكام الدستور من أوجه أخرى . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

زر الذهاب إلى الأعلى