حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٦ لسنة ١٨ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٦ لسنة ١٨ دستورية
– – – ١ – – –
المصلحة الشخصية المباشرة ــ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ــ مناطها توافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية التى تدعى هذه المحكمة لإصدار حكمها فيها ، لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها ، وكان المدعى قد طعن أصلاً على قرار وزير الإدارة المحلية رقم ٢٣٩ لسنة ١٩٧١ مدعياً أنه لم ينشر ، وكانت المادة الرابعة من مواد إصدار قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩ ، تحيل إلى هذا القرار ، وتجيز لمجلس الوزراء تعديل الرسوم المحلية المنصوص عليها فيه من خلال زيادة فئاتها ، وكان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٨٧٠ لسنة ١٩٩٠ قد عدل بالزيادة من مقدارها ، فإن مصلحة المدعى الشخصية والمباشرة ، تمتد إلى القرار الأصلى المطعون عليه ، وإلى كل قرار آخر صدر بناء عليه ، وكان مرتبطاً به إرتباطاً لا يقبل التجزئة .
– – – ٢ – – –
الدولة القانونية ــ وعلى ما تنص عليه المادة ٦٥ من الدستور ــ هى التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها ــ أيا كانت وظائفها أو غايتها ــ بقواعد قانونية تعلو عليها ، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها ، فلا تتحلل منها ، ذلك أن سلطاتها هذه ــ وأيا كان القائمون عليها ــ لا تعتبر إمتيازاً شخصياً لمن يتولونها ، ولا هى من صنعهم ، بل أسستها إرادة الجماهير فى تجمعاتها على إمتداد الوطن ، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها . ومن ثم تكون هذه القواعد قيداً على كل أعمالها وتصرفاتها ، فلا تأتيها إلا فى الحدود التى رسمها الدستور ، وبما يرعى مصالح مجتمعها . إن مضمون القاعدة القانونية التى تعتبر إطاراً للدولة القانونية ، تسمو عليها وتقيدها ، إنما يتحدد ــ من منظور المفاهيم الديموقراطية التى يقوم نظام الحكم عليها على ما تقضى به المواد ١ و ٣ و ٤ من الدستور ــ على ضوء المعايير التى إلتزمتها الدول الديموقراطية فى ممارستها لسلطاتها ، وإستقر العمل فيما بينها على إنتهاجها باطراد فى مجتمعاتها ، فلا يكون الخضوع لها إلا ضماناً لحقوق مواطنيها وحرياتهم ، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائزة تنال من محتواها أو تعطل جوهرها .
– – – ٣ – – –
الدولة القانونية ــ وعلى ما تنص عليه المادة ٦٥ من الدستور ــ هى التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها ــ أيا كانت وظائفها أو غايتها ــ بقواعد قانونية تعلو عليها ، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها ، فلا تتحلل منها ، ذلك أن سلطاتها هذه ــ وأيا كان القائمون عليها ــ لا تعتبر إمتيازاً شخصياً لمن يتولونها ، ولا هى من صنعهم ، بل أسستها إرادة الجماهير فى تجمعاتها على إمتداد الوطن ، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها . ومن ثم تكون هذه القواعد قيداً على كل أعمالها وتصرفاتها ، فلا تأتيها إلا فى الحدود التى رسمها الدستور ، وبما يرعى مصالح مجتمعها . إن مضمون القاعدة القانونية التى تعتبر إطاراً للدولة القانونية ، تسمو عليها وتقيدها ، إنما يتحدد ــ من منظور المفاهيم الديموقراطية التى يقوم نظام الحكم عليها على ما تقضى به المواد ١ و ٣ و ٤ من الدستور ــ على ضوء المعايير التى إلتزمتها الدول الديموقراطية فى ممارستها لسلطاتها ، وإستقر العمل فيما بينها على إنتهاجها باطراد فى مجتمعاتها ، فلا يكون الخضوع لها إلا ضماناً لحقوق مواطنيها وحرياتهم ، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائزة تنال من محتواها أو تعطل جوهرها .
– – – ٤ – – –
إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها ، يعتبر شرطاً لإثباتهم بمحتواها ، وكان نفاذها بالتالى يفترض إعلانها من خلال نشرها ، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها ، وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معاً وتتكاملان ــ وإن كان تحقق ثانيتهما معلق على وقوع أولاهما ــ هما نشرها وإنقضاء المدة التى حددها المشرع لبدء العمل بها ، فإذا لم تتتابعا على هذا النحو ، وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية ــ سواء تضمنها قانون أو لائحة ــ لا يجوز إعتبارها كذلك ، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التى تمايز بينها وبين القواعد الخلقية ، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءاً منها ، فلا تستكمل مقوماتها بفواتها . ذلك أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها وإتصالها بمن يعنيهم أمرها ، وإمتناع القول بالجهل بها ، وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ونطاقها ، حائلاً دون تنصلهم منها ، ولو لم يكن عملهم بها قد صار يقينياً ، أو كان إدراكهم لمضمونها واهياً ، وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها ــ وهم من الأغيار فى مجال تطبيقها ــ متضمناً إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور ، دون التقيد بالوسائل القانونية التى حدد تخومها وفصل أوضاعها ، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التى لا تنشر ، لا تتضمن إخطاراً كافياً بمضمونها ولا بشرط تطبيقها ، فلا تتكامل مقوماتها التى إعتبر الدستور تحققها شرطاً لجةاز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على إختلافها ، وعلى ما إتصل منها بصون الحرية الشخصية ، والحق فى الملكية .
– – – ٥ – – –
إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها ، يعتبر شرطاً لإثباتهم بمحتواها ، وكان نفاذها بالتالى يفترض إعلانها من خلال نشرها ، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها ، وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معاً وتتكاملان ــ وإن كان تحقق ثانيتهما معلق على وقوع أولاهما ــ هما نشرها وإنقضاء المدة التى حددها المشرع لبدء العمل بها ، فإذا لم تتتابعا على هذا النحو ، وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية ــ سواء تضمنها قانون أو لائحة ــ لا يجوز إعتبارها كذلك ، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التى تمايز بينها وبين القواعد الخلقية ، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءاً منها ، فلا تستكمل مقوماتها بفواتها . ذلك أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها وإتصالها بمن يعنيهم أمرها ، وإمتناع القول بالجهل بها ، وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ونطاقها ، حائلاً دون تنصلهم منها ، ولو لم يكن عملهم بها قد صار يقينياً ، أو كان إدراكهم لمضمونها واهياً ، وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها ــ وهم من الأغيار فى مجال تطبيقها ــ متضمناً إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور ، دون التقيد بالوسائل القانونية التى حدد تخومها وفصل أوضاعها ، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التى لا تنشر ، لا تتضمن إخطاراً كافياً بمضمونها ولا بشرط تطبيقها ، فلا تتكامل مقوماتها التى إعتبر الدستور تحققها شرطاً لجةاز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على إختلافها ، وعلى ما إتصل منها بصون الحرية الشخصية ، والحق فى الملكية .
– – – ٦ – – –
إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها ، يعتبر شرطاً لإثباتهم بمحتواها ، وكان نفاذها بالتالى يفترض إعلانها من خلال نشرها ، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها ، وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معاً وتتكاملان ــ وإن كان تحقق ثانيتهما معلق على وقوع أولاهما ــ هما نشرها وإنقضاء المدة التى حددها المشرع لبدء العمل بها ، فإذا لم تتتابعا على هذا النحو ، وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية ــ سواء تضمنها قانون أو لائحة ــ لا يجوز إعتبارها كذلك ، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التى تمايز بينها وبين القواعد الخلقية ، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءاً منها ، فلا تستكمل مقوماتها بفواتها . ذلك أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها وإتصالها بمن يعنيهم أمرها ، وإمتناع القول بالجهل بها ، وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ونطاقها ، حائلاً دون تنصلهم منها ، ولو لم يكن عملهم بها قد صار يقينياً ، أو كان إدراكهم لمضمونها واهياً ، وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها ــ وهم من الأغيار فى مجال تطبيقها ــ متضمناً إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور ، دون التقيد بالوسائل القانونية التى حدد تخومها وفصل أوضاعها ، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التى لا تنشر ، لا تتضمن إخطاراً كافياً بمضمونها ولا بشرط تطبيقها ، فلا تتكامل مقوماتها التى إعتبر الدستور تحققها شرطاً لجةاز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على إختلافها ، وعلى ما إتصل منها بصون الحرية الشخصية ، والحق فى الملكية .
– – – ٧ – – –
المقرر أن كل قاعدة قانونية لا تكتمل فى شأنها الأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور فيها ، كتلك المتعلقة باقتراحها وإقرارها وإصدارها وشروط نفاذها ، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك ، فلا يستقيم بنيانها ، وكان تطبيقها فى شأن المشمولين بحكمها ــ مع إفتقارها لقوالبها الشكلية ــ لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التى لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها ، بعيداً عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيداً على كل تصرفاتها وأعمالها ، فإن تطبيق القرار المطعون فيه قبل نشره ، يزيل عن القواعد القانونية التى تضمنها ، صفتها الإلزامية ، فلا يكون لها قانوناً من وجود .
– – – ٨ – – –
الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية ، تستنهضها تلك النصوص التى جرى تطبيقها فى شأن المخاطبين بها سواء قارنتها عندئذ أو زايلتها قوة نفاذها . إذ يعتبر إخضاعهم لها ، تدخلاً فعلياً Actual interference فى شئونهم ، ملحقاً ضرراً بادياً ، أو محتملاً بمصالحهم ، فلا تكون الأضرار التى أحدثتها تصوراً نظرياً .
– – – ٩ – – –
الدعوى الدستورية لا تقيمها خصومة لا تزال عناصرها فى دور التطور ، فلا يكون نضجها مكتملاً Ripeness ولا شأن لها كذلك بنزاع صار الفصل فيه عقيماً مجرداً من كل فائدة Mootness . ولا يجوز بالتالى أن تتعلق الخصومة الدستورية بنصوص قانونية كان تطبيقها متراخياً ، فلم يحن بعد أوان إعمالها Pre – inforcement Allegations ، ولا بنصوص قانونية طال إهمالها بما يفيد إرادة التخلى عنها بعد نشرها . فإذا كان فرضها لحمل المخاطبين بها على إلتزامها ، واقعاً قبل نشرها ، أخل سريانها فى شأنهم بالحقوق والمراكز القانونية التى مستها ، فلا يكون رد العدوان عليها عملاً مخالفاً للدستور .
– – – ١٠ – – –
الدعوى الدستورية لا تقيمها خصومة لا تزال عناصرها فى دور التطور ، فلا يكون نضجها مكتملاً Ripeness ولا شأن لها كذلك بنزاع صار الفصل فيه عقيماً مجرداً من كل فائدة Mootness . ولا يجوز بالتالى أن تتعلق الخصومة الدستورية بنصوص قانونية كان تطبيقها متراخياً ، فلم يحن بعد أوان إعمالها Pre – inforcement Allegations ، ولا بنصوص قانونية طال إهمالها بما يفيد إرادة التخلى عنها بعد نشرها . فإذا كان فرضها لحمل المخاطبين بها على إلتزامها ، واقعاً قبل نشرها ، أخل سريانها فى شأنهم بالحقوق والمراكز القانونية التى مستها ، فلا يكون رد العدوان عليها عملاً مخالفاً للدستور .
– – – ١١ – – –
الدعوى الدستورية لا تقيمها خصومة لا تزال عناصرها فى دور التطور ، فلا يكون نضجها مكتملاً Ripeness ولا شأن لها كذلك بنزاع صار الفصل فيه عقيماً مجرداً من كل فائدة Mootness . ولا يجوز بالتالى أن تتعلق الخصومة الدستورية بنصوص قانونية كان تطبيقها متراخياً ، فلم يحن بعد أوان إعمالها Pre – inforcement Allegations ، ولا بنصوص قانونية طال إهمالها بما يفيد إرادة التخلى عنها بعد نشرها . فإذا كان فرضها لحمل المخاطبين بها على إلتزامها ، واقعاً قبل نشرها ، أخل سريانها فى شأنهم بالحقوق والمراكز القانونية التى مستها ، فلا يكون رد العدوان عليها عملاً مخالفاً للدستور .
– – – ١٢ – – –
مؤدى المبادئ السابقة : مخالفة القرار المطعون فيه لنص المادتين ٦٤ ، ٦٥ من الدستور .
– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الوحدة المحلية لمدينة ومركز دسوق، كانت قد أوقعت حجزا إداريا على ممتلكات المدعية – الشركة العربية لحليج الأقطان بمحلج دسوق – وذلك استيفاء لمبلغ ٣٧ر٤٤٤٦٠ جنيها يمثل رسوما محلية استحقتها هذه الوحدة على إنتاج المدعية من القطن الشعر والبذرة عملا بقرار وزير الإدارة المحلية رقم ٢٣٩ لسنة ١٩٧١ بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية ؛ مما حملها على أن تقيم الدعوى رقم ٥٠٤ لسنة ١٩٩٣ مدنى كلى دسوق، طالبة فى صحيفتها الحكم بعدم الاعتداد بالحجز الموقع عليها بتاريخ ١٦ / ٨ / ١٩٩٣، واعتباره كأن لم يكن، مع إلزام المدعى عليهم من الرابع إلى السابع بصفتهم بالرسوم المحجوز من أجلها . وقد قضى فى هذه الدعوى بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وإحالتها إلى محكمة دسوق الجزئية، وقيدت لديها برقم ٥٥٤ لسنة ١٩٩٤ مدنى جزئى دسوق . وأثناء نظرها، دفعت المدعية بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية المشار إليه، وصرحت محكمة الموضوع لها باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقامتها . وحيث إن المدعية تذهب إلى أن قرار وزير الإدارة المحلية رقم ٢٣٩ لسنة ١٩٧١ المشار إليه، كان سند الجهة الإدارية فى طلبها الرسوم المحجوز من أجلها، إلا أن هذا القرار لم ينشر فى الجريدة الرسمية ولا فى الوقائع المصرية، بالمخالفة لنص المادة ١٨٨ من الدستور التى تقضى بأن تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها . ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت لذلك ميعادا آخر . وأضافت المدعية إلى ماتقدم قولها، بأن إغفال نشر القرارالمطعون فيه، مؤداه ألا يكون نافذا،وامتناع سريانه على المخاطبين بأحكامه باعتبارهم أغيارا بالنسبة إليه، ولايجوز بالتالى تحميلها بأعباء مالية لم تدخلها فى حسابها، ولم تحصلها من شركات تجارة وتصدير الأقطان التى تفيد من خدماتها . وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها توافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية التى تٌدعى هذه المحكمة لإصدار حكمها فيها، لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكان المدعى قد طعن أصلا على قرار وزير الإدارة المحلية رقم ٢٣٩ لسنة ١٩٧١ مدعيا أنه لم ينشر؛ وكانت المادة الرابعة من مواد إصدار قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩، تحيل إلى هذا القرار، وتجيز لمجلس الوزراء تعديل الرسوم المحلية المنصوص عليها فيه من خلال زيادة فئاتها؛ وكان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٨٧٠ لسنة ١٩٩٠ قد عدل بالزيادة من مقدارها، فإن مصلحة المدعى الشخصية والمباشرة، تمتد إلى القرار الأصلى المطعون عليه، وإلى كل قرار آخر صدر بناء عليه، وكان مرتبطا به ارتباطا لا يقبل التجزئة . وحيث إن الدولة القانونية – وعلى ما تنص عليه المادة ٦٥ من الدستور – هى التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها – أيا كانت وظائفها أو غاياتها – بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه – وأيا كان القائمون عليها – لاتعتبر امتيازا شخصيا لمن يتولونها، ولا هى من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير فى تجمعاتها على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد آمرة لايجوز النزول عنها. ومن ثم تكون هذه القواعد قيدا على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا فى الحدود التى رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها . وحيث إن مضمون القاعدة القانونية التى تعتبر إطارا للدولة القانونية، تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد – من منظور المفاهيم الديموقراطية التى يقوم نظام الحكم عليها على ماتقضى به المواد ١و٣و٤ من الدستور – على ضوء المعايير التى التزمتها الدول الديموقراطية فى ممارستها لسلطاتها، واستقر العمل فيما بينها على انتهاجها باطراد فى مجتمعاتها، فلايكون الخضوع لها إلا ضمانا لحقوق مواطنيها وحرياتهم، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائرة تنال من محتواها أو تعطل جوهرها . وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها، يعتبر شرطا لإنبائهم بمحتواها؛ وكان نفاذها بالتالى يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها ؛ وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معا وتتكاملان – وإن كان تحقق ثانيتهما معلق على وقوع أولاهما – هما نشرها وانقضاء المدة التى حددها المشرع لبدء العمل بها ؛ فإذا لم تتتابعا على هذا النحو، وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية – سواء تضمنها قانون أو لائحة – لايجوز اعتبارها كذلك، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التى تمايز بينها وبين القواعد الخلقية، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءا منها، فلاتستكمل مقوماتها بفواتها . وحيث إن ماتقدم مؤداه، أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها ؛ وكان هذا النشر يعتبر كافلا وقوفهم على ماهيتها ونطاقها، حائلا دون تنصلهم منها، ولولم يكن علمهم بها قد صار يقينيا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيا ؛ وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها – وهم من الأغيار فى مجال تطبيقها – متضمنا إخلالابحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور، دون التقيد بالوسائل القانونية التى حدد تخومها وفصَّل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التى لاتنشر، لاتتضمن إخطارا كافيا بمضمونها ولابشروط تطبيقها، فلاتتكامل مقوماتها التى اعتبر الدستور تحققها شرطا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على اختلافها . وعلى الأخص مااتصل منها بصون الحرية الشخصية، والحق فى الملكية . وحيث إن من المقرر أن كل قاعدة قانونية لا تكتمل فى شأنها الأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها وإقرارها وإصدارها وشروط نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك، فلا يستقيم بنيانها؛ وكان تطبيقها فى شأن المشمولين بحكمها – مع افتقارها لقوالبها الشكلية – لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التى لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدا على كل تصرفاتها وأعمالها، فإن تطبيق القرار المطعون فيه قبل نشره، يزيل عن القواعد القانونية التى تضمنها، صفتها الإلزامية، فلا يكون لها قانونا من وجود . وحيث إن القول بأن القواعد القانونية التى لانفاذ لها، لاتضر بأحد لامتناع تطبيقها، مردود أولا : بأن الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية، تستنهضها تلك النصوص التى جرى تطبيقها فى شأن المخاطبين بها سواء قارنتها عندئذ أو زايلتها قوة نفاذها، إذ يعتبر إخضاعهم لها، تدخلا فعليا Interference Actual فى شئونهم، ملحقا ضررا باديا، أو محتملا بمصالحهم، فلاتكون الأضرار التى أحدثتها تصورا نظريا . ومردود ثانيا: بأن الدعوى الدستورية لاتقيمها خصومة لاتزال عناصرها فى دور التطور، فلايكون نضجها مكتملا Ripeness ولاشأن لها كذلك بنزاع صار الفصل فيه عقيما مجردا من كل فائدةMootness . ولايجوز بالتالى أن تتعلق الخصومة الدستورية بنصوص قانونية كان تطبيقها متراخيا، فلم يحن بعد أوان إعمالها Pre – inforcement Allegations ؛ ولابنصوص قانونية طال إهمالها بما يفيد إرادة التخلى عنها بعد نشرها . فإذا كان فرضها لحمل المخاطبين بها على التزامها، واقعا قبل نشرها، أخل سريانها فى شأنهم بالحقوق والمراكز القانونية التى مستها، فلايكون رد العدوان عليها عملا مخالفا للدستور . وحيث إن مؤدى ما تقدم، مخالفة القرار المطعون فيه لنص المادتين ٦٤ و٦٥ من الدستور . وحيث إن المادة الرابعة من مواد إصدار قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩، تحيل إلى قرار وزير الإدارة المحلية رقم ٢٣٩ لسنة ١٩٧١ – المطعون فيه – من خلال فقرتين تقضى أولاهما بالعمل بالنصوص التى تضمنها فى شأن الموارد والرسوم المحلية، وذلك حتى تحدد هذه الموارد والرسوم طبقا للأحكام الواردة فى القانون المرافق؛ وتخول ثانيتهما مجلس الوزراء – بناء على عرض الوزير المختص بالإدارة المحلية – زيادة الرسوم المشار إليها بما لايجاوز مثلى فئاتها المنصوص عليها فى قرار وزير الإدارة المحلية المطعون عليه . وحيث إن رئيس مجلس الوزراء – واستنادا منه لهذا القراروللفقرة الثانية من المادة ٤ من مواد إصدار قانون نظام الإدارة المحلية – قد أصدر قراره رقم ٨٧٠ لسنة ١٩٩٠ متضمنا زيادة الرسوم المحلية التى تضمنها القرار المطعون فيه، دون أن يعنى ببيان أصلها حتى يمكن إسناد الزيادة إليها ؛ وكان ذلك مؤداه أن قانون نظام الإدارة المحلية وقرار مجلس الوزراء، وإن أحالا إلى النصوص التى تضمنها القرار المطعون فيه، إلا أن مضمونها ظل خافيا على المخاطبين بها لتجهيلهم بها . وحيث إن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية هذا القرار، مؤداه إبطال النصوص التى احتواها، وكذلك سقوط ماارتبط بها من أحكام لاتقبل التجزئة تضمنتها المادة الرابعة من مواد إصدار قانون نظام الإدارة المحلية وقرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليهما، لتعلقهما بمحل معدوم وجودا، فلا تقوم لهما به قائمة.