حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٦ لسنة ٩ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٦ لسنة ٩ دستورية
تاريخ النشر : ٠٢ – ٠٤ – ١٩٩٢

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ فى شان بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير ومحمد على عبد الواحد وماهر البحيرى أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
إن الدستور قد حرص على النص على صون الملكية الخاصة وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود وبالقيود التي أوردها، باعتبار أنها في الأصل ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذي بذله الفرد بكده وعرقه، وبوصفها حافز كل شخص إلى الانطلاق والتقدم، إذ يختص دون غيره بالأموال التي يملكها وتهيئة الانتفاع المفيد بها لتعود إليه ثمارها. وكانت الأموال التي يرد عليها حق الملكية تعد كذلك من مصادر الثروة القومية التي لا يجوز التفريط فيها أو استخدامها على وجه يعوق التنمية أو يعطل مصالح الجماعة، وكانت الملكية في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تعد حقاً مطلقاً، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التي يجريها المشرع ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية. متى كان ذلك، تعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مستهدياً بوجه خاص بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والجماعة.

– – – ٢ – – –
إن الدستور قد كفل في مادته الثانية والثلاثين حماية الملكية الخاصة التي لا تقوم في جوهرها على الإستغلال، وهو يرد انحرافها كلما كان استخدامها متعارضاً مع الخير العام للشعب، ويؤكد دعمها بشرط قيامها على أداء الوظيفة الإجتماعية التي يبين المشرع حدودها مراعياً أن تعمل في خدمة الإقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية. ولا مخالفة في ذلك كله لمبادئ الشريعة الإسلامية أو الأسس التي تقوم عليها، إذ الأصل فيها أن الأموال جميعها مضافة إلى الله تعالى، فهو الذي خلقها وإليه تعود، وقد عهد إلى عباده عمارة الأرض وهم مسئولون عما في أيديهم من الأموال بإعتبارهم مستخلفين فيها لقوله سبحانه وتعالى (وأنفقوا مما جعلناكم مستخلفين فيه)، ولم تعد الملكية بالتالي مجرد حق خالص لصاحبها ولا هي مزية في ذاتها تتحرر بموجبها من القيود، وإنما تتقيد بما لولي الأمر من سلطة في مجال تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية في نطاقها، وهى مقاصد ينافيها أن يكون إنفاق الأموال أو إدارتها متخذاً وجهة تناقض مصلحة الجماعة أو تخل بمصلحة للغير أولى بالإعتبار، ومن ثم جاز لولي الأمر رد الضرر البين الفاحش واختيار أهون الشرين – إذا تزاحما في مجال مباشرة المالك لسلطاته – لدفع أعظمهما. كذلك فإن العمل على دفع الضرر قدر الإمكان هو مما ينعقد لولي الأمر بشرط ألا يزال الضرر بمثله، ولا يسوغ بالتالي لمن اختص بمال معين بسبب سبق يده إليه أن يقوم على استخدامه متشحاً بنزعة أنانية قوامها الغلو في الفردية، وإنما ينبغي أن يكون لحق الملكية إطار محدد تتوازن فيه المصالح ولا تتناقض، ذلك أن الملكية خلافة، وهى بإعتبارها كذلك، تؤول إلى وظيفة اجتماعية تعكس بالقيود التي تفرضها على الملكية، الحدود المشروعة لممارسة سلطاتها، وهى حدود لا يجوز تجاوزها لأن المروق منها يخرج الملكية عن وضعها و يحسر الحماية المقررة لها.

– – – ٣ – – –
إن الوظيفة الإجتماعية لحق الملكية تبرز بوجه خاص في مجال الإسكان، ذلك أن كثرة من القيود تتزاحم في نطاق مباشرة المالك لسلطته في مجال استغلال ملكه، وهى قيود قصد بها في الأصل مواجهة الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن المهيأة للسكنى لمقابلة الزيادة في الطلب عليها، ولازم ذلك أن تدور هذه القيود – وأهمها الإمتداد القانوني لعقد الإيجار – وجوداً وعدماً مع علة تقريرها. لما كان ذلك، وكانت الضرورة تقدر بقدرها، وكان توافرها يعتبر مناطاً للحماية التي يقرر المشرع بموجبها امتداد عقد الإيجار بحكم القانون، وكان نص المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ المطعون عليه قد تناول بالتنظيم العلاقة الإيجارية في بعض جوانبها، موازناً بين المصالح المتنازعة لأطرافها، كاشفاً بمضمونه عن أن تقرير الأحكام الإستثنائية لعقد الإيجار رهن بقيام مبرراتها، وكان هذا النص قد صدر لتحقيق غاية بعينها هي تحقيق التوازن في العلاقة الإيجارية، ودل بعبارته وفحواه على أنه إذا قام مستأجر العين المؤجرة – في تاريخ لاحق لإبرامه عقد الإيجار المتعلق بها – عقاراً مملوكاً له تزيد وحداته السكنية على ثلاث، اقتضاه ذلك أن يشغل إحداها بدلاً من العين التي استأجرها، فإذا آثر البقاء فيها كان ذلك تحكماً وانتهازاً من جهته لا سبيل لدفعه عنه إلا إذا وفر لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية مكاناً بديلاً عنها في العقار الذي أقامه، على أن يكون هذا المكان ملائماً، وإلا تجاوز الأجرة التي يقتضيها مقابل منفعته مثل الأجرة المستحقة عن العين التي إستأجرها. تلك هي الأحكام التي تضمنها النص التشريعي المطعون عليه، ولا ينطوي إعمال المؤجر لها على عدوان من جانبه على ملكية المدعية للعقار الذي أقامته بعد استئجارها لعين في عقاره، ذلك أن بقاءها في العين المؤجرة إليها بعد انتهاء المدة الإتفاقية لعقدها، يفترض فيه استمرار حاجتها إليها بوصفها مكاناً يأويها هي وأسرتها. وعلى خلاف ذلك يأتي العدوان من جهتها هي بإقتران احتفاظها بالعين التي استأجرتها بإمتناعها عن أن توفر في عقارها مكاناً ملائماً بديلاً عنها لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية. ولو أنها كانت قد تخلت عن العين المؤجرة بعد انتفاء حاجتها إليها، لعاد إليها الحق كاملاً في استعمال عقارها واستغلاله بالطريقة التي تراها. وبذلك يكون النص المطعون عليه قد وازن بين مصلحتين مرجحاً ما إرتآه منهما أحق بالحماية بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور ومن بينها المادة الثانية منه التي يتعين بموجبها رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لضمان توافقها معها، ذلك أن النص المطعون عليه لا يعمد إلى التضحية الكاملة بحقوق المؤجر ولا يسقطها كلية من اعتباره متجاوزاً عن مصالحه المرتبطة بها، وإنما اعتد بها في الحدود التي قدرها، مؤكداً أن المضرة المدفوعة مقدمة على المنفعة المجلوبة، وأنه في إطار هذا الأصل لا يجوز للمستأجر بعد أن صار مالكاً لعقار تتعدد وحداته السكنية أن يظل محتفظاً بالعين التي استأجرها متسلطاً عليها رغم زوال الحاجة إليها دون أن يوفر في عقاره بديلاً عنها للأشخاص الذين عينهم المشرع وحددهم بأوصافهم، وذلك نوع من التوازن إرتآه المشرع محققاً للمصلحة العامة.

– – – ٤ – – –
إن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تبرز بوجه خاص في مجال الإسكان، ذلك أن كثرة من القيود تتزاحم في نطاق مباشرة المالك لسلطته في مجال استغلال ملكه، وهى قيود قصد بها في الأصل مواجهة الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن المهيأة للسكنى لمقابلة الزيادة في الطلب عليها، ولازم ذلك أن تدور هذه القيود – وأهمها الامتداد القانوني لعقد الإيجار – وجوداً وعدماً مع علة تقريرها. لما كان ذلك، وكانت الضرورة تقدر بقدرها، وكان توافرها يعتبر مناطاً للحماية التي يقرر المشرع بموجبها امتداد عقد الإيجار بحكم القانون، وكان نص المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ المطعون عليه قد تناول بالتنظيم العلاقة الإيجارية في بعض جوانبها، موازناً بين المصالح المتنازعة لأطرافها، كاشفاً بمضمونه عن أن تقرير الأحكام الاستثنائية لعقد الإيجار رهن بقيام مبرراتها، وكان هذا النص قد صدر لتحقيق غاية بعينها هي تحقيق التوازن في العلاقة الإيجارية، ودل بعبارته وفحواه على أنه إذا قام مستأجر العين المؤجرة – في تاريخ لاحق لإبرامه عقد الإيجار المتعلق بها – عقاراً مملوكاً له تزيد وحداته السكنية على ثلاث، اقتضاه ذلك أن يشغل إحداها بدلاً من العين التي استأجرها، فإذا آثر البقاء فيها كان ذلك تحكماً وانتهازاً من جهته لا سبيل لدفعه عنه إلا إذا وفر لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية مكاناً بديلاً عنها في العقار الذي أقامه، على أن يكون هذا المكان ملائماً، وإلا تجاوز الأجرة التي يقتضيها مقابل منفعته مثل الأجرة المستحقة عن العين التي أستأجرها. تلك هي الأحكام التي تضمنها النص التشريعي المطعون عليه، ولا ينطوي إعمال المؤجر لها على عدوان من جانبه على ملكية المدعية للعقار الذي أقامته بعد استئجارها لعين في عقاره، ذلك أن بقاءها في العين المؤجرة إليها بعد انتهاء المدة الاتفاقية لعقدها، يفترض فيه استمرار حاجتها إليها بوصفها مكاناً يأويها هي وأسرتها. وعلى خلاف ذلك يأتي العدوان من جهتها هي باقتران احتفاظها بالعين التي استأجرتها بامتناعها عن أن توفر في عقارها مكاناً ملائماً بديلاً عنها لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية. ولو أنها كانت قد تخلت عن العين المؤجرة بعد انتفاء حاجتها إليها، لعاد إليها الحق كاملاً في استعمال عقارها واستغلاله بالطريقة التي تراها. وبذلك يكون النص المطعون عليه قد وازن بين مصلحتين مرجحاً ما ارتآه منهما أحق بالحماية بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور ومن بينها المادة الثانية منه التي يتعين بموجبها رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لضمان توافقها معها، ذلك أن النص المطعون عليه لا يعمد إلى التضحية الكاملة بحقوق المؤجر ولا يسقطها كلية من اعتباره متجاوزاً عن مصالحه المرتبطة بها، وإنما اعتد بها في الحدود التي قدرها، مؤكداً أن المضرة المدفوعة مقدمة على المنفعة المجلوبة، وأنه في إطار هذا الأصل لا يجوز للمستأجر بعد أن صار مالكاً لعقار تتعدد وحداته السكنية أن يظل محتفظاً بالعين التي استأجرها متسلطاً عليها رغم زوال الحاجة إليها دون أن يوفر في عقاره بديلاً عنها للأشخاص الذين عينهم المشرع وحددهم بأوصافهم، وذلك نوع من التوازن ارتآه المشرع محققاً للمصلحة العامة.

– – – ٥ – – –
إن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تبرز بوجه خاص في مجال الإسكان، ذلك أن كثرة من القيود تتزاحم في نطاق مباشرة المالك لسلطته في مجال استغلال ملكه، وهى قيود قصد بها في الأصل مواجهة الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن المهيأة للسكنى لمقابلة الزيادة في الطلب عليها، ولازم ذلك أن تدور هذه القيود – وأهمها الامتداد القانوني لعقد الإيجار – وجوداً وعدماً مع علة تقريرها. لما كان ذلك، وكانت الضرورة تقدر بقدرها، وكان توافرها يعتبر مناطاً للحماية التي يقرر المشرع بموجبها امتداد عقد الإيجار بحكم القانون، وكان نص المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ المطعون عليه قد تناول بالتنظيم العلاقة الإيجارية في بعض جوانبها، موازناً بين المصالح المتنازعة لأطرافها، كاشفاً بمضمونه عن أن تقرير الأحكام الاستثنائية لعقد الإيجار رهن بقيام مبرراتها، وكان هذا النص قد صدر لتحقيق غاية بعينها هي تحقيق التوازن في العلاقة الإيجارية، ودل بعبارته وفحواه على أنه إذا قام مستأجر العين المؤجرة – في تاريخ لاحق لإبرامه عقد الإيجار المتعلق بها – عقاراً مملوكاً له تزيد وحداته السكنية على ثلاث، اقتضاه ذلك أن يشغل إحداها بدلاً من العين التي استأجرها، فإذا آثر البقاء فيها كان ذلك تحكماً وانتهازاً من جهته لا سبيل لدفعه عنه إلا إذا وفر لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية مكاناً بديلاً عنها في العقار الذي أقامه، على أن يكون هذا المكان ملائماً، وإلا تجاوز الأجرة التي يقتضيها مقابل منفعته مثل الأجرة المستحقة عن العين التي أستأجرها. تلك هي الأحكام التي تضمنها النص التشريعي المطعون عليه، ولا ينطوي إعمال المؤجر لها على عدوان من جانبه على ملكية المدعية للعقار الذي أقامته بعد استئجارها لعين في عقاره، ذلك أن بقاءها في العين المؤجرة إليها بعد انتهاء المدة الاتفاقية لعقدها، يفترض فيه استمرار حاجتها إليها بوصفها مكاناً يأويها هي وأسرتها. وعلى خلاف ذلك يأتي العدوان من جهتها هي باقتران احتفاظها بالعين التي استأجرتها بامتناعها عن أن توفر في عقارها مكاناً ملائماً بديلاً عنها لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية. ولو أنها كانت قد تخلت عن العين المؤجرة بعد انتفاء حاجتها إليها، لعاد إليها الحق كاملاً في استعمال عقارها واستغلاله بالطريقة التي تراها. وبذلك يكون النص المطعون عليه قد وازن بين مصلحتين مرجحاً ما ارتآه منهما أحق بالحماية بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور ومن بينها المادة الثانية منه التي يتعين بموجبها رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لضمان توافقها معها، ذلك أن النص المطعون عليه لا يعمد إلى التضحية الكاملة بحقوق المؤجر ولا يسقطها كلية من اعتباره متجاوزاً عن مصالحه المرتبطة بها، وإنما اعتد بها في الحدود التي قدرها، مؤكداً أن المضرة المدفوعة مقدمة على المنفعة المجلوبة، وأنه في إطار هذا الأصل لا يجوز للمستأجر بعد أن صار مالكاً لعقار تتعدد وحداته السكنية أن يظل محتفظاً بالعين التي استأجرها متسلطاً عليها رغم زوال الحاجة إليها دون أن يوفر في عقاره بديلاً عنها للأشخاص الذين عينهم المشرع وحددهم بأوصافهم، وذلك نوع من التوازن ارتآه المشرع محققاً للمصلحة العامة.

– – – ٦ – – –
نعي المدعية على نص المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ إخلاله بحرية التعاقد، بمقولة أنه يفرض عليها مستأجرين لعقارها ويحملها على التعاقد معهم، وأنه كذلك حدد الأجرة التي يدفعونها للوحدة التي أقامتها دون مراعاة لتكلفة المساكن الجديدة إذ جعلها مثلى الأجرة المستحقة عن المساكن المتهدمة بإيجاراتها الضئيلة – مردود بأن المآخذ التي نسبتها المدعية على هذا النحو إلى النص التشريعي المطعون فيه، مردها – وبفرض صحتها – إلى إختيارها البقاء في العين المؤجرة إضراراً بمالكها ولضآلة أجرتها رغم انتفاء حاجتها إليها. وكان الأصل هو أن يعتبر عقد إيجارها منتهياً بحكم القانون بمجرد إقامتها عقاراً مملوكاً لها. غير أن المشرع انتهاجاً من جانبه لسنة التدرج، خيرها بين التخلي نهائياً عن العين التي استأجرتها لصاحبها لتعود إليه سلطاته الكاملة المتفرعة عن حق الملكية، وبين مزاحمته في ملكه بإيثارها البقاء في هذه العين، لتتحمل بعدئذ القيود فرضها المشرع عليها بأن تمكن المؤجر أو بعض ذويه من اتخاذ مكان ملائم في عقارها سكناً، وليس ذلك إلا تنظيماً للحق في الملكية بما يكفل أداءها لوظيفتها الإجتماعية وبما لا مخالفة فيه للدستور. وما تنعاه المدعية على مقدار الأجرة التي تستحقها مردود كذلك بأن الحكم التشريعي المتعلق بها – والمطعون عليه – ما كان ليسري عليها لو أنها قنعت بالسكنى في عقارها منهية بذلك علاقتها الإيجارية السابقة. هذا بالإضافة إلى أن تدخل المشرع – في الأوضاع الإستثنائية – لتقرير ضوابط للأجرة بما لا ينزل بها عن الحدود التي تعتبر معها مقابلاً معقولاً لمنفعة العين المؤجرة هو مما يدخل في نطاق سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق بما لا يناقض الصالح العام.

– – – ٧ – – –
نعي المدعية على نص المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ إخلاله بحرية التعاقد، بمقولة أنه يفرض عليها مستأجرين لعقارها ويحملها على التعاقد معهم، وأنه كذلك حدد الأجرة التي يدفعونها للوحدة التي أقامتها دون مراعاة لتكلفة المساكن الجديدة إذ جعلها مثلى الأجرة المستحقة عن المساكن المتهدمة بإيجاراتها الضئيلة – مردود بأن المآخذ التي نسبتها المدعية على هذا النحو إلى النص التشريعي المطعون فيه، مردها – وبفرض صحتها – إلى اختيارها البقاء في العين المؤجرة إضراراً بمالكها ولضآلة أجرتها رغم انتفاء حاجتها إليها. وكان الأصل هو أن يعتبر عقد إيجارها منتهياً بحكم القانون بمجرد إقامتها عقاراً مملوكاً لها. غير أن المشرع انتهاجاً من جانبه لسنة التدرج، خيرها بين التخلي نهائياً عن العين التي استأجرتها لصاحبها لتعود إليه سلطاته الكاملة المتفرعة عن حق الملكية، وبين مزاحمته في ملكه بإيثارها البقاء في هذه العين، لتتحمل بعدئذ القيود فرضها المشرع عليها بأن تمكن المؤجر أو بعض ذويه من اتخاذ مكان ملائم في عقارها سكناً، وليس ذلك إلا تنظيماً للحق في الملكية بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية وبما لا مخالفة فيه للدستور. وما تنعاه المدعية على مقدار الأجرة التي تستحقها مردود كذلك بأن الحكم التشريعي المتعلق بها – والمطعون عليه – ما كان ليسري عليها لو أنها قنعت بالسكنى في عقارها منهية بذلك علاقتها الإيجارية السابقة. هذا بالإضافة إلى أن تدخل المشرع – في الأوضاع الاستثنائية – لتقرير ضوابط للأجرة بما لا ينزل بها عن الحدود التي تعتبر معها مقابلاً معقولاً لمنفعة العين المؤجرة هو مما يدخل في نطاق سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق بما لا يناقض الصالح العام.

– – – ٨ – – –
النعي بأن النص في المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ على تخيير المستأجر الذي يقيم عقاراً من أكثر من ثلاث وحدات بين التخلي عن العين التي يستأجرها أو توفيره لمالكها أو لبعض ذويه مسكناً بديلاً بعقاره، يعد إخلالاً بمبدأ المساواة أمام القانون، إذ وضع شروطاً غير عامة ولا مجردة حدد بها المراكز القانونية في واقعة النزاع، مردود بأن عموم القاعدة لا يعني انصرافها إلى جميع الموجودين على إقليم الدولة أو انبساطها على كل ما يصدر عنهم من أعمال، وإنما تتوافر للقاعدة القانونية مقومات بإنتفاء التخصيص، ويتحقق ذلك إذا سنها المشرع مجردة عن الإعتداد بشخص معين أو بواقعة بذاتها معينة تحديداً. وكان النص المطعون فيه – بالشروط التي حدد بها نطاقه ومجال تطبيقه – يتمحض عن قاعدة عامة مجردة لإنسحابه إلى أشخاص بأوصافهم وتعلقه بوقائع غير محددة بذواتها، وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ذلك الذي يكون تحكمياً، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبياً لها. وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها، فإذا كان النص التشريعي المطعون عليه – بما إنطوى عليه من التمييز – مصادماً لهذه الأغراض مجافياً لها بما يحول دون ربطه منطقياً بها أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن ذلك النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية، ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور. متى كان ذلك، وكان المشرع قد أفرد العلاقة الإيجارية محل النزاع الماثل بتنظيم خاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً من أي نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، وكان قصر هذا التنظيم عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة بإعتبار أن التوازن في العلاقة الإيجارية هو الغاية النهائية التي استهدفها التنظيم التشريعي المطعون عليه، وكانت القواعد التي يقوم عليها هذا التنظيم – وعلى ضوء دلالتها القاطعة – تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية ومؤدية إليها، فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة الأربعين من الدستور تكون فاقدة لأساسها.

– – – ٩ – – –
النعي بأن النص في المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ على تخيير المستأجر الذي يقيم عقاراً من أكثر من ثلاث وحدات بين التخلي عن العين التي يستأجرها أو توفيره لمالكها أو لبعض ذويه مسكناً بديلاً بعقاره، يعد إخلالاً بمبدأ المساواة أمام القانون، إذ وضع شروطاً غير عامة ولا مجردة حدد بها المراكز القانونية في واقعة النزاع، مردود بأن عموم القاعدة لا يعني انصرافها إلى جميع الموجودين على إقليم الدولة أو انبساطها على كل ما يصدر عنهم من أعمال، وإنما تتوافر للقاعدة القانونية مقومات بانتفاء التخصيص، ويتحقق ذلك إذا سنها المشرع مجردة عن الاعتداد بشخص معين أو بواقعة بذاتها معينة تحديداً. وكان النص المطعون فيه – بالشروط التي حدد بها نطاقه ومجال تطبيقه – يتمحض عن قاعدة عامة مجردة لانسحابه إلى أشخاص بأوصافهم وتعلقه بوقائع غير محددة بذواتها، وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ذلك الذي يكون تحكمياً، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبياً لها. وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها، فإذا كان النص التشريعي المطعون عليه – بما إنطوى عليه من التمييز – مصادماً لهذه الأغراض مجافياً لها بما يحول دون ربطه منطقياً بها أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن ذلك النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية، ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور. متى كان ذلك، وكان المشرع قد أفرد العلاقة الإيجارية محل النزاع الماثل بتنظيم خاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً من أي نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، وكان قصر هذا التنظيم عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة باعتبار أن التوازن في العلاقة الإيجارية هو الغاية النهائية التي استهدفها التنظيم التشريعي المطعون عليه، وكانت القواعد التي يقوم عليها هذا التنظيم – وعلى ضوء دلالتها القاطعة – تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية ومؤدية إليها، فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة الأربعين من الدستور تكون فاقدة لأساسها.

– – – ١٠ – – –
النعي بأن النص في المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ على تخيير المستأجر الذي يقيم عقاراً من أكثر من ثلاث وحدات بين التخلي عن العين التي يستأجرها أو توفيره لمالكها أو لبعض ذويه مسكناً بديلاً بعقاره، يعد إخلالاً بمبدأ المساواة أمام القانون، إذ وضع شروطاً غير عامة ولا مجردة حدد بها المراكز القانونية في واقعة النزاع، مردود بأن عموم القاعدة لا يعني انصرافها إلى جميع الموجودين على إقليم الدولة أو انبساطها على كل ما يصدر عنهم من أعمال، وإنما تتوافر للقاعدة القانونية مقومات بانتفاء التخصيص، ويتحقق ذلك إذا سنها المشرع مجردة عن الاعتداد بشخص معين أو بواقعة بذاتها معينة تحديداً. وكان النص المطعون فيه – بالشروط التي حدد بها نطاقه ومجال تطبيقه – يتمحض عن قاعدة عامة مجردة لانسحابه إلى أشخاص بأوصافهم وتعلقه بوقائع غير محددة بذواتها، وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ذلك الذي يكون تحكمياً، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبياً لها. وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها، فإذا كان النص التشريعي المطعون عليه – بما إنطوى عليه من التمييز – مصادماً لهذه الأغراض مجافياً لها بما يحول دون ربطه منطقياً بها أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن ذلك النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية، ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور. متى كان ذلك، وكان المشرع قد أفرد العلاقة الإيجارية محل النزاع الماثل بتنظيم خاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً من أي نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، وكان قصر هذا التنظيم عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة باعتبار أن التوازن في العلاقة الإيجارية هو الغاية النهائية التي استهدفها التنظيم التشريعي المطعون عليه، وكانت القواعد التي يقوم عليها هذا التنظيم – وعلى ضوء دلالتها القاطعة – تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية ومؤدية إليها، فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة الأربعين من الدستور تكون فاقدة لأساسها.

– – – ١١ – – –
نعى المدعية على نص المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ بأنه إذ يفرض على المستأجر الذي يقيم عقاراً من أكثر من ثلاث وحدات التخلي عن العين التي يستأجرها أو توفيره لمالكها أو بعض ذويه مسكناً بديلاً بعقاره، فإنه يكون مخالفاً للدستور في مادته الخمسين التي حظر بها منع المواطن من الإقامة في جهة معينة أو إلزامه بالإقامة في مكان معين، إلا في الأحوال المبينة في القانون قولاً منها بأن النص المطعون فيه يقيد حريتها في الإقامة في الجهة التي تختارها، ويحملها على عدم الإقامة في مسكنها الأصلي والسكنى في العقار الذي أقامته – مردود بأن الإقامة التي يعنيها الدستور في مادته الخمسين هي التي ينال تقييدها أو منعها من الحق في التنقل سواء بالإنتقاص منه أو إهداره، وهو حق كفل الله عز وجل أصله بقوله (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها)، وهو كذلك من الحقوق التي تتكامل بها الشخصية الإنسانية التي تعكس حمايتها التطور الذي قطعته البشرية نحو مثلها العليا على ما قررته ديباجة الدستور، ويعتبر من جهة أخرى متصلاً بالحرية الشخصية معززاً لصونها من العدوان، ومن ثم نص الدستور في مادته الحادية والأربعين على أنه فيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد … أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع. وتوكيداً لمضمون الحق في التنقل وتحديداً لأبعاده، اعتبره الدستور من الحقوق العامة التي يتعين ضمانها لكل مواطن. وفي إطار هذا الحق نص الدستور في مادته الحادية والخمسين على أنه لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها ولو كان ذلك تدبيراً احترازياً لمواجهة خطورة إجرامية. ولقد عنى الدستور كذلك في مادته الثانية والخمسين بأن ينظم بعض صوره حين كفل للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج وفقاً للقواعد التي يضعها المشرع في شأن شروط الهجرة وإجراءاتها. لما كان ذلك، وكان النص التشريعي المطعون فيه لا يتوخى تنظيم الإقامة بالمعنى المتقدم ولا شأن له بها، ولم يقصد إلى فرض قيود عليها، بل تغيا بأحكامه إقامة توازن كان مفقوداً في العلاقة الإيجارية قبل صدوره، وكان جوهر السلطة التقديرية التي يملكها المشرع إنما يتمثل في المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة المتصلة بالموضوع الذي تناوله بالتنظيم، وكان ما تثيره المدعية في هذا الوجه من مناعيها لا يعدو أن يكون تعقيباً من جانبها على ما إرتآه المشرع ملبياً للمصلحة العامة ومحققاً لمصلحة الغير الأولى بالإعتبار، فإن نعيها يكون حرياً بالرفض.

– – – ١٢ – – –
نعى المدعية على نص المادة ٢٢ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ بأنه إذ يفرض على المستأجر الذي يقيم عقاراً من أكثر من ثلاث وحدات التخلي عن العين التي يستأجرها أو توفيره لمالكها أو بعض ذويه مسكناً بديلاً بعقاره، فإنه يكون مخالفاً للدستور في مادته الخمسين التي حظر بها منع المواطن من الإقامة في جهة معينة أو إلزامه بالإقامة في مكان معين، إلا في الأحوال المبينة في القانون قولاً منها بأن النص المطعون فيه يقيد حريتها في الإقامة في الجهة التي تختارها، ويحملها على عدم الإقامة في مسكنها الأصلي والسكنى في العقار الذي أقامته – مردود بأن الإقامة التي يعنيها الدستور في مادته الخمسين هي التي ينال تقييدها أو منعها من الحق في التنقل سواء بالانتقاص منه أو إهداره، وهو حق كفل الله عز وجل أصله بقوله (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها)، وهو كذلك من الحقوق التي تتكامل بها الشخصية الإنسانية التي تعكس حمايتها التطور الذي قطعته البشرية نحو مثلها العليا على ما قررته ديباجة الدستور، ويعتبر من جهة أخرى متصلاً بالحرية الشخصية معززاً لصونها من العدوان، ومن ثم نص الدستور في مادته الحادية والأربعين على أنه فيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد … أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع. وتوكيداً لمضمون الحق في التنقل وتحديداً لأبعاده، اعتبره الدستور من الحقوق العامة التي يتعين ضمانها لكل مواطن. وفي إطار هذا الحق نص الدستور في مادته الحادية والخمسين على أنه لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها ولو كان ذلك تدبيراً احترازياً لمواجهة خطورة إجرامية. ولقد عنى الدستور كذلك في مادته الثانية والخمسين بأن ينظم بعض صوره حين كفل للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج وفقاً للقواعد التي يضعها المشرع في شأن شروط الهجرة وإجراءاتها. لما كان ذلك، وكان النص التشريعي المطعون فيه لا يتوخى تنظيم الإقامة بالمعنى المتقدم ولا شأن له بها، ولم يقصد إلى فرض قيود عليها، بل تغيا بأحكامه إقامة توازن كان مفقوداً في العلاقة الإيجارية قبل صدوره، وكان جوهر السلطة التقديرية التي يملكها المشرع إنما يتمثل في المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة المتصلة بالموضوع الذي تناوله بالتنظيم، وكان ما تثيره المدعية في هذا الوجه من مناعيها لا يعدو أن يكون تعقيباً من جانبها على ما ارتآه المشرع ملبياً للمصلحة العامة ومحققاً لمصلحة الغير الأولى بالاعتبار، فإن نعيها يكون حرياً بالرفض.

[الطعن رقم ٣٦ – لسنــة ٩ ق – تاريخ الجلسة ١٤ / ٠٣ / ١٩٩٢ – مكتب فني ٥ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٢٤٤ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليهم من الثانية إلى الرابع كانوا قد أقاموا الدعوى رقم ٣٣٥٧ لسنة ١٩٨٦ مدنى كلى المحلة ضد المدعية والمدعى عليه الخامس طالبين الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ أول يوليه سنة ١٩٦٣ عن الوحدة السكنية المبينة بالعقد وصحيفة الدعوى والتى قام مورثهم بتأجيرها إلى مورث المدعية والمدعى عليه الخامس ، تأسيساً على إقامة الأخيرين – وهما خلف المستأجر – فى عامى ١٩٨٤ و ١٩٨٥ مبنى مملوكاً لهما يتكون من أكثر من ثلاث وحدات ودون أن يوفرا لهم وحدة ملائمة بالمبنى الذى أقاماه . وحيث إن القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، ينص فى الفقرة الثانية من مادته الثانية والعشرين على انه ” إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات فى تاريخ لاحق لاستئجاره ، يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذى يستأجره ، أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذى إقامة ، بما لا يجاوز مثلى الأجرة المستحقة له عن الوحدة التى يستأجرها منه ” . وحيث إن المدعية تنعى على الفقرة الثانية من المادة الثانية والعشرين المشار إليها مخالفتها للمادة الثانية من الدستور باعتبار أن الملكية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية هى اختصاص حاجز يجوز للمالك بمقتضاه أن يباشر سلطته على الشئ الذى يملكه ليمنع غيره من استعماله ، هذا بالإضافة على مخالفة الفقرة الثانية المشار إليها لنص المادة الرابعة والثلاثين من الدستور لإخلالها بالحماية التى كفلها للملكية الخاصة ، وذلك بإلزامها المالك بتأجير إحدى وحدات العقار الذى يشيده – ولو كان هو وأسرته فى حاجة إليها – إلى أشخاص بعينهم – ولو كانوا غير أهل للجوار أو فى غير حاجة إلى الوحدة السكنية . وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن الدستور حرص على النص على صون الملكية الخاصة وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء ، وفى الحدود وبالقيود التى أوردها ، باعتبار أنها فى الأصل ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذى بذله الفرد بكده وعرقه وبوصفها حافز كل شخص إلا الانطلاق والتقدم ، إذ يختص دون غيره بالأموال التى يملكها وتهيئة الانتفاع المفيد بها لتعود إليه ثمارها . وكانت الأموال التى يرد عليها حق الملكية تعد كذلك من مصادر الثروة القومية التى لا يجوز التفريط فيها أو استخدامها على وجه يعوق التنمية أو يعطل مصالح الجماعة ، وكانت الملكية فى إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة ، لم تعد حقاً مطلقاً ولا هى عصية على التنظيم التشريعى ، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية ، والأغراض التى ينبغى توجيهها إليها ، وبمراعاة الموازنة التى يجريها المشرع ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية . متى كان ذلك ، تعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مستهدياً بوجه خاص بالقيم التى تنحاز إليها الجماعة فى مرحلة من مراحل تطورها ، وبمراعاة أن القيود التى تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها ، لا تعتبر مقصودة لذاتها بل غايتها خير الفرد والجماعة . ولقد كفل الدستور فى مادته الثانية والثلاثين حماية الملكية الخاصة التى لا تقوم فى جوهرها على الاستغلال ، وهو يرد انحرافها كلما كان استخدامها متعارضاً مع الخير العام للشعب ، ويؤكد دعمها بشرط قيامها على أداء الوظيفة الاجتماعية التى يبين المشرع حدودها مراعياً أن تعمل فى خدمة الاقتصاد القومى وفى إطار خطة التنمية . ولا مخالفة فى ذلك كله لمبادئ الشريعة الإسلامية أو الأسس التى تقوم عليها ، إذ الأصل أن الأموال جميعها مضافة إلى الله تعالى ، فهو الذى خلقها وإليه تعود ، وقد عهد إلى عباده عمارة الأرض وهم مسئولون عما فى أيديهم من الأموال باعتبارهم مستخلفين فيها لقوله سبحانه وتعالى ” وأنفقوا مما جعلناكم مستخلفين فيه ” ، ولم تعد الملكية بالتالى مجرد حق خالص لصاحبها ولا هى مزية فى ذاتها تتحرر بموجبها من القيود ، وإنما تتقيد بما لولى الأمر من سلطة فى مجال تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية فى نطاقها ، وهى مقاصد ينافيها أن يكون إنفاق الأموال او إدارتها متخذاً وجهة تناقض مصلحة الجماعة أو تخل بمصلحة الغير أولى بالاعتبار ، ومن ثم جاز لولى الأمر رد الضرر البين الفاحش واختيار أهون الشرين – إذا تزاحما فى مجال مباشرة المالك لسلطاته – لدفع أعظمهما . كذلك فإن العمل على دفع الضرر قدر الإمكان هو مما ينعقد لولى الأمر بشرط ألا يزال الضرر بمثله ، ولا يسوغ بالتالى لمن اختص بمال معين بسبب سبق يده إليه أن يقوم على استخدامه متشحاً بنزعة أنانية قوامها الغلو فى الفردية ، وإنما ينبغى أن يكون لحق الملكية إطار محدد تتوازن فيه المصالح ولا تتناقض ، ذلك أن الملكية خلافة ، وهى باعتبارها كذلك ، تؤول إلى وظيفة اجتماعية تعكس بالقيود التى تفرضها على الملكية ، الحدود المشروعة لممارسة سلطاتها ، وهى حدود لا يجوز تجاوزها لأن المروق منها يخرج الملكية عن وضعها ، ويحسر الحماية المقررة لها . وحيث إن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تبرز بوجه خاص فى مجال الإسكان ، ذلك أن كثرة من القيود تتزاحم فى نطاق مباشرة المالك لسلطته فى مجال استغلال ملكه ، وهى قيود قصد بها فى الأصل مواجهة الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن المهيأة للسكنى لمقابلة الزيادة فى الطلب عليها ، ولازم ذلك أن تدور هذه القيود – وأهمها الامتداد القانونى لعقد الإيجار – وجوداً وعدماً مع علة تقريرها . لما كان ذلك ، وكانت الضرورة تقدر بقدرها وكان توافرها يعتبر مناطاً للحماية التى يقرر المشرع بموجبها امتداد عقد الإيجار بحكم القانون ، وكان النص التشريعى المطعون عليه قد تناول بالتنظيم العلاقة الإيجارية فى بعض جوانبها ، موازناً بين المصالح المتنازعة لأطرافها ، كاشفاً بمضمونه عن أن تقرير الأحكام الاستثنائية لعقد الإيجار رهن بقيام مبرراتها ، وكان هذا النص قد صدر لتحقيق غاية بعينها هى تحقيق التوازن فى العلاقة الإيجارية ، ودل بعبارته وفحواه على انه إذا أقام مستأجر العين المؤجرة – فى تاريخ لاحق لإبرامه عقد الإيجار المتعلق بها – عقاراً مملوكاً له تزيد وحداته السكنية على ثلاث ، اقتضاه ذلك أن يشغل إحداها بدلاً من العين التى استأجرها ، فإذا آثر البقاء فيها كان ذلك تحكماً وانتهازاً من جهته لا سبيل لدفعه عنه إلا إذا وفر لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية مكاناً بديلاً عنها فى العقار الذى أقامه ، على أن يكون هذا المكان ملائماً ، وألا تجاوز الأجرة التى يقتضيها مقابل منفعته مثلى الأجرة المستحقة عن العين التى استأجرها . تلك هى الأحكام التى تضمنها النص التشريعى المطعون عليه ، ولا ينطوى إعمال المؤجر لها على عدوان من جانبه على ملكية المدعية للعقار الذى أقامته بعد استئجارها لعين فى عقاره ، ذلك أن بقاءها فى العين المؤجرة إليها بعد انتهاء المدة الاتفاقية لعقدها ، يفترض فيه استمرار حاجتها إليها بوصفها مكاناً يأويها هى وأسرتها . وعلى خلاف ذلك يأتى العدوان من جهتها هى باقتران احتفاظها بالعين التى استأجرتها بامتناعها عن أن توفر فى عقارها مكاناً ملائماً بديلاً عنها لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة الثانية . ولو أنها كانت قد تخلت عن العين المؤجرة بعد انتفاء حاجتها إليها ، لعاد إليها الحق كاملاً فى استعمال عقارها واستغلاله بالطريقة التى تراها . وبذلك يكون النص التشريعى المطعون عليه قد وازن بين مصلحتين مرجحاً ما ارتآه منهما أحق بالحماية بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور ومن بينها المادة الثانية منه التى يتعين بموجبها رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لضمان توافقها معها ، ذلك أن النص التشريعى المطعون عليه ، وعلى ما سلف البيان ، لا يعمد إلى التضيحة الكاملة بحقوق المؤجر ولا يسقطها كلية من اعتباره متجاوزاً عن مصالحه المرتبطة بها ، وإنما اعتد بها فى الحدود التى قدرها مؤكداً بالنص التشريعى المطعون عليه أن المضرة المدفوعة مقدمة على المنفعة المجلوبة ، وأنه فى إطار هذا الأصل لا يجوز للمستأجر بعد أن صار مالكاً لعقار تتعدد وحداته السكنية أن يظل محتفظاً بالعين التى استأجرها متسلطاً عليها رغم زوال الحاجة إليها دون أن يوفر فى عقاره بديلاً عنها للأشخاص الذى عينهم المشرع وحددهم بأوصافهم ، وذلك نوع من التوازن ارتآه المشرع محققاً للمصلحة العامة . وحيث إن المدعية تنعى كذلك على النص التشريعى المطعون فيه إخلاله بحرية التعاقد إذ فرض عليها مستأجرين لعقارها وحملها على التعاقد معهم ، كما حدد الأجرة التى يدفعونها دون مراعاة لتكلفة المساكن الجديدة إذ جعلها مثلى الأجرة المستحقة عن المساكن المتهدمة بإيجارتها الضئيلة . وحيث إن المآخذ التى نسبتها المدعية على هذا النحو إلى النص التشريعى المطعون فيه ، مردها – وبفرض صحتها – إلى اختيارها البقاء فى العين المؤجرة إضراراً بمالكها ولضآلة أجرتها رغم حاجتها إليها . وكان الأصل هو أن يعتبر عقد إيجارها منتهياً بحكم القانون بمجرد إقامتها عقاراً مملوكاً لها . غير أن المشرع انتهاجاً من جانبه لسنة التدرج ، خيرها بين التخلى نهائياً عن العين التى استأجرتها لصاحبها لتعود إلى سلطاته الكاملة المتفرعة عن حق الملكية ، وبين مزاحمته فى ملكه بإيثارها البقاء فى هذه العين ، لتتحمل بعدئذ القيود التى فرضها المشرع عليها بأن تمكن المؤجر أو بعض ذويه من اتخاذ مكان ملائم فى عقارها سكناً ، وليس ذلك إلا تنظيماً للحق فى الملكية بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية وبما لا مخالفة فيه للدستور . وما تنعاه المدعية على مقدار الأجرة التى تستحقها مردود كذلك بأن الحكم التشريعى المتعلق بها – والمطعون عليه – ما كان ليسرى عليها لو أنها قنعت بالسكنى فى عقارها منهية بذلك علاقاتها الإيجارية السابقة . هذا بالإضافة إلى ان تدخل المشرع – فى الأوضاع الاستثنائية – لتقرير ضوابط للأجرة بما لا ينزل بها عن الحدود التى تعتبر معها مقابلاً معقولاً لمنفعة العين المؤجرة هو مما يدخل فى نطاق سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق بما لا يناقض الصالح العام . وحيث إن المدعية تنعى على النص التشريعى المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة أمام القانون وذلك بأن وضع شروطاً غير عامة ولا مجردة حدد بها المراكز القانونية فى واقعة النزاع الماثل . وحيث إن هذا النعى مردود بأن عمود القاعدة لا يعنى انصرافها إلى جميع الموجودين على إقليم الدولة أو انبساطها على كل ما يصدر عنهم من أعمال ، وإنما تتوافر للقاعدة القانونية مقوماتها بانتفاء التخصيص ، ويتحقق ذلك إذا سنها المشرع مجردة عن الاعتداد بشخص معين أو بواقعة بذاتها معينه تحديداً . وكان النص المطعون فيه – بالشروط التى حدد بها نطاق ومجال تطبيقه – يتمحض عن قاعدة عامة مجردة لانسحابه إلى أشخاص بأوصافهم وتعلقه بوقائع غير محددة بذواتها ، وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها ، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصوداً لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبياً لها . وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التى يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها ، فإذا كان النص التشريعى المطعون عليه – بما انطوى عليه من التمييز – مصادماً لهذه الأغراض مجافياً لها بما يحول دون ربطه منطقياً بها أو اعتباره مدخلاً إليها ، فإن ذلك النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية ، ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة ٤٠ من الدستور . متى كان ذلك ، وكان المشرع قد أفرد العلاقة الإيجارية محل النزاع الماثل بتنظيم خاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها ، وكان قصر هذا التنظيم عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة باعتبار أن التوازن فى العلاقة الإيجارية هو الغاية النهائية التى استهدفها التنظيم التشريعى المطعون عليه ، وكانت القواعد التى يقوم عليها هذا التنظيم – وعلى ضوء دلالتها القاطعة – تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية ومؤدية إليها ، فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة الأربعين من الدستور تكون فاقدة لأساسها . وحيث إن المدعية تنعى كذلك على النص المطعون عليه مخالفته للدستور فى مادته الخمسين التى حظر بها منع المواطن من الإقامة فى جهة معينة أو إلزامه بالإقامة فى مكان معين ، إلا فى الأحوال المبينة فى القانون قولاً منها بأن النص المطعون فيه يقيد حريتها فى الإقامة فى الجهة التى تختارها ، ويحملها على عدم الإقامة فى مسكنها الأصلى والسكنى فى العقار الذى أقامته . وحيث إن هذا النعى مردود بأن الإقامة التى يعنيها الدستور فى مادته الخمسين هى التى ينال تقييدها أو منعها من الحق فى التنقل سواء بالانتقاص منه أو أهداره ، وهو حق كفل الله عز وجل أصله بقوله ” هو الذى جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا فى مناكبها ” وهو كذلك من الحقوق التى تتكامل بها الشخصية الإنسانية التى تعكس حمايتها التطور الذى قطعته البشرية نحو مثلها العليا على ما قررته ديباجة الدستور ، ويعتبر من جهة أخرى متصلاً بالحرية الشخصية معززاً لصونها من العدوان ، ومن ثم نص الدستور على مادته الحادية والأربعين على انه فيما عدا حالة التلبس ، لا يجوز القبض على أحد …. أو منعه من التنقل ، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع . وتوكيداً لمضمون الحق فى التنقل وتحديداً لأبعاده اعتبره الدستور من الحقوق العامة التى يتعين ضمانها لكل مواطن . وفى إطار هذا الحق نص الدستور فى مادته الحادية والخمسين على انه لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها ولو كان ذلك تدبيراً احترازياً لمواجهة خطورة إجرامية ولقد عنى الدستور كذلك فى مادته الثانية والخمسين بأن ينظم بعض صوره حين كفل للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج وفقاً للقواعد التى يضعها المشرع فى شأن شروط الهجرة وإجراءاتها . لما كان ذلك ، وكان النص التشريعى المطعون فيه لا يتوخى تنظيم الإقامة بالمعنى المتقدم ولا شأن له بها ، ولم يقصد إلى فرض قيود عليها ، بل تغيا بأحكامه إقامة توازن كان مفقوداً فى العلاقة الإيجارية قبل صدوره . وكان جوهر السلطة التقديرية التى يملكها المشرع إنما يتمثل فى المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة المتصلة بالموضوع الذى تناوله بالتنظيم ، وكان ما تثيره المدعية فى هذا الوجه من مناعيها لا يعدو أن يكون تعقيباً من جانبها على ما ارتآه المشرع ملبياً للمصلحة العامة ومحققاً لمصلحة الغير الأولى بالاعتبار ، فإن نعيها يكون حرياً بالرفض . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى ، ومصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية المصروفات ، ومبلغ مائة جنيه أتعاباً للمحاماة .

زر الذهاب إلى الأعلى