حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٤ لسنة ٢١ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٤ لسنة ٢١ دستورية
وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه
وحضور السيد المستشار / سعيد مرعي عمرو (رئيس هيئة المفوضين)
وحضور السيد / ناصر أمام محمد حسن (أمين السر)
– – – ١ – – –
لما كان المقرر، وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا، هو سريان القاعدة القانونية على الوقائع التي تقع في ظلها، اعتبارا من تاريخ العمل بها وحتى إلغائها، وكانت مدة خدمة المدعين العسكرية – بفرض أحقيتهما في حسابها مضاعفة في معاشيهما – والتي هى عنصر من عناصر حساب هذا المعاش، قد بدأت بالنسبة لهما، واكتملت بالنسبة للمدعي الأول، في ظل أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ المطعون على المادة (٧٢) ( فقرة أولى ) منه بعدم الدستورية، فإن مصلحة المدعين تكون قد توافرت في إقامة دعواهم الدستورية بالطعن على النص المشار إليه، وكذا على المادة (٦ / أ) من ذات القرار بقانون، بحكم ارتباطه بالنص الأول برباط لا يقبل التجزئة، وبهما معا يتحدد نطاق الطعن الماثل.
– – – ٢ – – –
المحكمة العليا – والتي تحاج المحكمة الدستورية العليا بقضائها – قضت بجلسة ١٣ / ٤ / ١٩٧٤ في القضية رقم ٣ لسنة ٤ قضائية “دستورية” أولا: بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (٦٩) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤……. فيما نصت عليه من اعتبار قرارات اللجنة المنصوص عليها في المادة المذكورة نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن. ثانيا: بعدم دستورية المادة (١١٧) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه”، فاصلة بذلك فيما أصاب نصي هذا القرار بقانون من عوار موضوعي يتعلق بإخلالهما بحق التقاضي، وبمبدأ المساواة، وهو فصل في الأحكام الموضوعية للقرار بقانون المشار إليه ينطوي بذاته على قضاء قاطع باستيفاء القرار لأوضاعه الشكلية، وبقيام حالة الضرورة التي ألجأت رئيس الجمهورية لإصداره، بما لا يجوز معه معاودة النظر في شأن توافر هذه الحالة.
– – – ٣ – – –
مقتضي أحكام المواد( ١ و ٣ و ٤ و ٧ و ١٧ و ٦٤ و ٦٥) من الدستور، على ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة، هو أن تكفل الدولة لمواطنيها القدر اللازم من الخدمات التأمينية، تسليما بأن مظلة التأمين الاجتماعي، هى التي تهيئ لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة اللائقة به كإنسان، فإذا توجه المشرع في القانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ إلى الاستزادة من هذه الخدمات لفئة من العاملين لها مركز قانوني خاص يتسم بانضباط مدد خدمتهم المدنية المؤمن عنها، بأن نص في المواد الطعينة على إضافة ضمائم معينة إلى المدد التي قضيت في زمن الحرب للضباط وضباط الصف والجنود الاحتياط من العاملين بالحكومة والقطاع العام في حساب معاشاتهم، فإنه بتوسعته من نطاق الحماية التأمينية المقررة لفئة من المواطنين، يكون قد أهتدى بأحكام الدستور نصا وروحا دون مساس بالحماية التأمينية المقررة لغيرهم، فوقع عمله في دائرة مبدأ التضامن الاجتماعي، بما لا يخالف نظام الدولة أو الأساس الاقتصادي لها.
– – – ٤ – – –
ولئن كان التماثل بين المراكز القانونية هو – على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – مناط إعمال مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، إلا أن المركز القانوني للعاملين بالحكومة والقطاع العام يغاير المركز القانوني للعاملين بالقطاع الخاص، وكذا غير المرتبطين أصلا بعمل، أو من يعملون لحسابهم الخاص، وهي مغايرة ترتد في جوهرها إلى الطبائع المتباينة لعلاقات العمل، سيما من حيث إمكانية ضبطها، أو إلى انعدام هذه العلاقات أصلا، إذ كان ذلك، فإن إفراد المشرع العاملين بالحكومة والقطاع العام بمعاملة تأمينية تتعلق بحساب مدد الحرب مضاعفة في معاشاتهم، لا يكون إخلالا بمبدأ المساواة أو بمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليهما في المادتين (٨ و ٤٠) من الدستور.
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة . حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعيين كانا قد أقاما الدعوى رقم ١١٥ لسنة ١٩٩٧ عمال كلى المحلة الكبرى، طالبين الحكم بأحقيتهما فى حساب مدة خدمتهما الإلزامية والاحتياطية بالقوات المسلحة مضاعفة فى حساب معاشيهما، قولاً بأنهما كانا يعملان بالجمعية التعاونية للصناعات المنزلية بالمحلة اعتباراً من ١ / ١٠ / ١٩٦٩ و١ / ١ / ١٩٦٩ على التوالى، وأن أولهما أدى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية بالقوات المسلحة فى المدة من ٥ / ٥ / ١٩٧٠ إلى ١ / ٧ / ١٩٧٥، أما الثانى فقد أداها فى المدة من ٧ / ٦ / ١٩٧٤ حتى ١ / ١ / ١٩٧٦، وإذ انتهت خدمتهما المدنية فى ١٥ / ٣ / ١٩٩٧ وأن لهما أن مدة خدمتهما العسكرية بشقيها لم تحسب مضاعفة فى معاشهما، بالرغم من قضائها فى زمن الحرب، فقد تظلما إلى لجنة فحص المنازعات بمنطقة الغربية للتأمين الاجتماعى التى رفضت تظلمهما تأسيساً على أنهما من عمال القطاع الخاص الذين لا تحسب لهم مدد الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية التى قضيت فى زمن الحرب مضاعفة فى المعاش، مما دعاهما إلى إقامة تلك الدعوى بطلباتهما سالفة الذكر، وأثناء نظرها دفعا بعدم دستورية نص المادة (٧٢) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ فى شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقاما الدعوى الماثلة. وحيث إن النص المطعون فيه يجرى على النحو التالى : ” تضاف الضمائم ومدد الخدمة الإضافية المنصوص عليها بالمادتين (٦ و٧) من هذا القانون إلى مدد خدمة الضباط وضباط الصف والجنود الاحتياط من الموظفين العموميين فى حساب معاشاتهم أو مكافآتهم عند تقاعدهم نهائياً من خدمة الحكومة والقطاع العام. وتخطر إدارة كاتم أسرار حربية وإدارة السجلات المختصة سنوياً الوزارات والمصالح والهيئات والمؤسسات عن مدد الخدمة طبقاً لأحوال استدعاء وخدمة هؤلاء الأفراد “. وتنص المادة (٦) المحال عليها على أن : ” تضاف الضمائم الآتية إلى مدة الخدمة الحقيقية عند حساب المعاش أو المكافأة : ( أ ) مدة مساوية لمدة الخدمة فى زمن الحرب وتحدد مدة الحرب بقرار من رئيس الجمهورية ويحدد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أفراد القوات المسلحة الذين يكونون قد اشتركوا فى الأعمال الحربية . (ب ) ………………………………………… (ج ) ………………………………………… ” . ونفاذا لهذا النص، نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم ٨٠٧ لسنة ١٩٧١ على أن تعتبر الخدمة بالقوات المسلحة خدمة حرب اعتباراً من ٥ يونيه سنة ١٩٦٧ بالنسبة لجميع أفراد القوات المسلحة المعاملين بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه، كما نص فى مادته الثانية على أن يتحدد تاريخ انتهاء مدة الحرب بقرار يصدر من رئيس الجمهورية، وقد أنهى قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٦ لسنة ١٩٨٦ العمل بقراره السابق اعتباراً من ١ / ١ / ١٩٨٦. ومفاد هذه النصوص مجتمعة، أن إضافة مدة مساوية لمدة الخدمة فى ظل القرار بقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه رهن بتوافر شروط ثلاثة هى: (الأول) أن يكون طالب الضم من الضباط أو ضباط الصف أو الجنود الاحتياط. (الثانى) أن يكون من العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام، بما لازمه أن تكون المدة المطلوب ضمها قد قضيت أثناء خدمته المدنية، فلا عداد بما يسبقها أو يلحقها. وتتولى إدارة كاتم أسرار حربية بالنسبة للضباط وإدارة السجلات العسكرية بالنسبة لباقى الأفراد إخطار جهات عملهم بها سنوياً. (الثالث) أن تكون الخدمة قد قضيت فى المدة من ٥ يونية سنة ١٩٦٧ وحتى انتهاء العمل بالقرار بقانون سالف الذكر. وحيث إنه عن مصلحة المدعيين فى الدعوى الراهنة، باعتبارها شرطاً لازماً لقبول الدعوى الدستورية، فإنه لما كان المقرر، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، هو سريان القاعدة القانونية على الوقائع التى تقع فى ظلها، اعتباراً من تاريخ العمل بها وحتى إلغائها، وكانت مدة خدمة المدعيين العسكرية بفرض أحقيتهما فى حسابها مضاعفة فى معاشيهما والتى هى عنصر من عناصر حساب هذا المعاش، قد بدأت بالنسبة لهما، واكتملت بالنسبة للمدعى الأول، فى ظل أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ المطعون على المادة (٧٢) (فقرة أولى) منه بعدم الدستورية، فإن مصلحة المدعيين تكون قد توافرت فى إقامة دعواهما الدستورية بالطعن على النص المشار إليه، وكذا على نص المادة (٦ / أ) من ذات القرار بقانون، بحكم ارتباطه بالنص الأول برباط لا يقبل التجزئة، وبهما معاً يتحدد نطاق الطعن الماثل. وحيث إن من بين ما ينعاه المدعيان على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ المطعون فيه صدوره فى غير حالة ضرورة تستوجب استخدام رئيس الجمهورية لهذه المكنة الدستورية، إذ لم تكن هناك مخاطر تلوح نذرها أو تشخص الأضرار التى تواكبها، وأن هذا العيب “الموضوعى ” فى تقديرهما ينبغى قياسه بمقياس المادة (١٤٧) من الدستور الحالى. وحيث إن هذا النعى مردود بأن المحكمة العليا والتى تحاج هذه المحكمة بقضائها قضت بجلسة ١٣ / ٤ / ١٩٧٤ فى القضية رقم ٣ لسنة ٤ قضائية دستورية “أولاً : بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (٦٩) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ …… فيما نصت عليه من اعتبار قرارات اللجنة المنصوص عليها فى المادة المذكورة نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن. ثانياً : بعدم دستورية المادة (١١٧) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه “. فاصلة بذلك فيما أصاب نصى هذا القرار بقانون من عوار موضوعى يتعلق بإخلالهما بحق التقاضى، وبمبدأ المساواة، وهو فصل فى الأحكام الموضوعية للقرار بقانون المشار إليه ينطوى بذاته على قضاء قاطع باستيفاء القرار لأوضاعه الشكلية، وبقيام حالة الضرورة التى ألجأت رئيس الجمهورية لإصداره، بما لا يجوز معه معاودة النظر فى شأن توافر هذه الحالة. وحيث إن المدعيين ينعيان كذلك على النصوص المطعون فيها مخالفتها لأحكام المواد (١ و٣ و٤ و٧ و١٧ و٢٣ و٦٤ و٦٥) من الدستور، قولاً بأن المعاش يعد من دعامات التأمين الاجتماعى، وإذا كانت هذه النصوص قد سعت حثيثاً إلى ضمان حد أدنى من الحياة الكريمة لمن بلغوا سن المعاش من العاملين بالحكومة والقطاع العام إلا أن حكمها لم يعمم على جميع فئات العاملين، وقعد عن تحقيق الأهداف التى تغياها الدستور فى مؤاده تلك. وحيث إن هذا النعى بدوره مردود، ذلك أن مقتضى أحكام المواد (١ و٣ و٤ و٧ و١٧ و٦٤ و٦٥) من الدستور، وعلى ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة، هو أن تكفل الدولة لمواطنيها القدر اللازم من الخدمات التأمينية، تسليماً بأن مظلة التأمين الاجتماعى، هى التى تهيئ لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة اللائقة به كإنسان، فإذا توجه المشرع فى القانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٦٤ إلى الاستزادة من هذه الخدمات لفئة من العاملين لها مركز قانونى خاص يتسم بانضباط مدد خدمتهم المدنية المؤمن عنها؛ بأن نص فى المواد الطعينة على إضافة ضمائم معينة إلى المدد التى قضيت فى زمن الحرب للضباط وضباط الصف والجنود الاحتياط من العاملين بالحكومة والقطاع العام فى حساب معاشاتهم، فإنه بتوسعته من نطاق الحماية التأمينية المقررة لفئة من المواطنين، يكون قد اهتدى بأحكام الدستور نصاً وروحاً دون مساس بالحماية التأمينية المقررة لغيرهم، فوقع عمله فى دائرة مبدأ التضامن الاجتماعى، وبما لا يخالف نظام الدولة أو الأساس الاقتصادى لها. وحيث إن المدعيين ينعيان أخيراً على النصوص الطعينة مفارقتها فى المعاملة بين العاملين بالحكومة والقطاع العام من ناحية، والعاملين بالقطاع الخاص من ناحية أخرى؛ قولاً منهما بتماثل المراكز القانونية بين الفئتين، بما يمثل فى تقديرهما إخلالاً بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص. وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك إنه ولئن كان التماثل بين المراكز القانونية هو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة مناط إعمال مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، إلا أن المركز القانونى للعاملين بالحكومة والقطاع العام يغاير المركز القانونى للعاملين بالقطاع الخاص، وكذا غير المرتبطين أصلاً بعمل، أو من يعملون لحسابهم الخاص، وهى مغايرة ترتد فى جوهرها إلى الطبائع المتباينة لعلاقات العمل، سيما من حيث إمكان ضبطها، أو إلى انعدام هذه العلاقات أصلاً، إذ كان ذلك، فإن إفراد المشرع العاملين بالحكومة والقطاع العام بمعاملة تأمينية تتعلق بحساب مدد الحرب مضاعفة فى معاشاتهم، لا يُكَّوِن إخلالاً بمبدأ المساواة أو بمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليهما فى المادتين (٨، ٤٠) من الدستور. ولما تقدم، يغدو متعيناً القضاء برفض الدعوى. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعيين المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة