حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٠ لسنة ١٧ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٠ لسنة ١٧ دستورية
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت ٢ مارس سنة ١٩٩٦ الموافق ١٢ شوال سنة ١٤١٦هـ·
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبوالعينين ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض. أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٣٠ لسنة ١٧ قضائية دستورية .
المقامة من
السيد / مصطفى كامل مراد
ضد
السيد / رئيس جمهورية مصر العربية
وبصفته أيضا عضو مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية
السيد / رئيس الجمهورية العربية السورية
وبصفته أيضا عضو مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية
السيد / رئيس دولة ليبيا
وبصفته أيضا عضو مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية
السيد / رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات
فى الثالث والعشرين من إبريل سنة ١٩٩٥، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالبا الحكم بعدم دستورية القانون رقم ١٤٣ لسنة ١٩٨٤ بانسحاب جمهورية مصر العربية من اتحاد الجمهوريات العربية ·
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى ، وطلبت احتياطيا الحكم بعدم قبولها·
وقدم المدعى مذكرة برده على الدفوع التى أبدتها هيئة قضايا الدولة ·
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها·
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم·
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة ·
وحيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام أمام محكمة جنوب القاهرة ، الدعوى رقم ١٢٣٧٢ لسنة ١٩٩١ طالباً إلزام المدعى عليهم الثلاثة الأول بأن يؤدوا إليه المكافأة التى يستحقها كعضو بمجلس الأمة الاتحادى فى اتحاد الجمهوريات العربية وغيرها من المزايا المقررة قانوناً بصفته هذه، وذلك اعتباراً من أول اكتوبر سنة ١٩٨٤، مع الاستمرار فى أداء المكافأة والمزايا المشار إليها إلى أن يُحَل مجلس الأمة الاتحادى ، فتنتهى عضويته فيه، أو يُحَل الاتحاد المنشأ بين الجمهوريات الثلاث، مع إلزام المدعى عليهم المذكورين بتعويضه بمبلغ مليون جنيه عما لحقه من أضرار نتيجة توقفهم عن دفع مستحقاته المشار إليها· وإذ قضت محكمة جنوب القاهرة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر تلك الدعوى ، فقد طعن فى حكمها بالاستئناف رقم ١٠٢١٠ لسنة ١١٠ قضائية ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية القانون رقم ١٤٣ لسنة ١٩٨٤ بانسحاب جمهورية مصر العربية من اتحاد الجمهوريات العربية ، فقدرت محكمة استئناف القاهرة جدية دفعه، وخولته رفع الدعوى الدستورية ، فأقامها·
وحيث إن البين من القانون رقم ١٤٣ لسنة ١٩٨٤ بانسحاب جمهورية مصر العربية من اتحاد الجمهوريات العربية ، أنه نص فى مادته الأولى على أن يعلن انسحاب جمهورية مصر العربية من اتفاق إقامة اتحاد الجمهوريات العربية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية العربية الليبية والجمهورية العربية السورية الموقع فى بنغازى فى ١٧ إبريل سنة ١٩٧١؛ وفى مادته الثانية على أن يصدر رئيس الجمهورية قراراً ينظم عمل الشركات الاتحاديه وفروعها العاملة فى جمهورية مصر العربية والمنشأة فى إطار الاتحاد لحين البت فى وضعها النهائى ؛ وفى مادته الثالثة على أن يتولى وزير المالية اتخاذ
الإجراءات
الخاصة بإنهاء كافة التعاقدات المتعلقة بمقر الاتحاد وموظفيه فى القاهرة ؛ وكان مؤدى هذه النصوص جميعها أمرين : – أولهما: انسحاب مصر من اتقاق إنشاء اتحاد الجمهوريات العربية ، وانهاؤها بإرادتها المنفردة لالتزاماتها المترتبة على هذا الاتفاق، ثانيهما: تسويتها للآثار المترتبة على انسحابها فى مجال علاقتها بالشركات الاتحادية وفروعها العاملة فى جمهورية مصر العربية والتعاقدات الخاصة بمقر الاتحاد والعاملين به، وذلك فى الحدود التى بينتها المادتان الثانية والثالثة من هذا القانون·
وحيث إن المدعى ذهب إلى القول بأن الأحكام الأساسية لاتحاد الجمهوريات العربية لا يجوز تعديلها إلا بعد الموافقة الإجماعية لمجلس رئاسة الاتحاد، وعرض التعديل فى استفتاء شعبى يظفر بالأغلبية فى كل جمهورية من الجمهوريات الأعضاء فى هذا الاتحاد· وبغير اجتماع هذه الشروط يكون انسحاب مصر من الاتحاد ممتنعا، ومخالفا لنص المادة ١٥ من الأحكام الأساسية لذلك الاتحاد التى لا تعد قانونا اتحاديا، بل تندرج فى إطار النصوص الدستورية ذاتها، فتكون لها قوتها لتسمو على غيرها من النصوص، وهو ما يبدو – وعلى ما قرره المدعى – واضحا من زاويتين: أولاهما: شكلية ؛ تتمثل فى إقرار الأحكام الأساسية لاتحاد الجمهويات العربية من خلال استفتاء شعبى خلع عليها – وبالنظر إلى الجهة التى صدر عنها ممثلة فى الشعب – قوة النصوص الدستوية ذاتها · وثانيتهما: موضوعية ، ذلك أن تلك الأحكام الأساسية – وبالنظر إلى موضوعها – تعد دستوراً، إذ تحدد للدولة الاتحادية ملامح بنيانها وخصائص مؤسساتها ووظائفها، وحقوق مواطنيها وحرياتهم· ومن هاتين الزاويتين ينعقد للمحكمة الدستورية العليا دون غيرها اختصاص الفصل فى التعارض بين القانون المطعون فيه، والأحكام الأساسية لاتحاد الجمهوريات العربية المدعى مخالفتها، لتحدد – على ضوء هذا التعارض – المسائل الدستورية التى تدعى للفصل فيها·
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت أصليا بعدم اختصاص
المحكمة الدستورية العليا
بنظر الدعوى الماثلة ، مستندة فى ذلك إلى دعامتين: أولاهما: أن الرقابة على الشرعية الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة ، مناطها مخالفة نص قانونى لأحكام دستور جمهورية مصر العربية ، ولا شأن لها بالتالى بالتعارض المدعى به بين القانون المطعون فيه، والأحكام الأساسية لاتحاد الجمهوريات العربية التى ووفق عليها فى بنغازى فى ١٧ إبريل سنة ١٩٧١، ذلك أن المحكمة الدستورية الاتحادية وحدها – وعملاً بنص المادة ٤٨ من دستور اتحاد الجمهوريات العربية – هى التى تفصل فى الطعون التى تقدم إليها فى شأن مدى مطابقة قوانين الجمهوريات لدستور الاتحاد وقوانينه· ثانيتهما: أن القانون المطعون فيه يعتبر من أعمال السيادة التى لا يجوز للقضاء النظر فيها بطريق مباشر أو غير مباشر · يؤيد ذلك ما ورد بتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون العربية ومكتبى كل من لجنتى العلاقات الخارجية والشئون الدستورية بمجلس الشعب عن مشروع القانون المطعون فيه، من أن هذا الاتحاد قام أصلا من أجل توحيد الأمة العربية ، وحشد طاقاتها، لتكون قادرة على النضال من أجل تحقيق أهدافها، فى إطار تكتل دولى يُعينها على النهوض بمسئولياتها وصراعها مع الاستعمار والصهيونيه، وأن انسحاب مصر من اتفاق إنشاء هذا الاتحاد، مرده قيام بعض دوله بأعمال تخريبية فى مصر، قرنتها بحملاتها الإعلامية تشويها لكل عمل وطنى ، وهو ما يعتبر إخلا لا منها بالتزاماتها الدولية الناشئة عن هذا الاتفاق، مما يجعل تنفيذها مستحيلاً، ويُبْطِل الأغراض التى توخاها الاتحاد، فضلا عن أن قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية فيما بين الدول الأطراف فيه، يعنى تغييراً فى الظروف يبرر إنهاءه، ضمانا لأمن مصر وكيانها، وحفاظاً على هيبتها وسيادتها·
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت كذلك هذه الدعوى – واحتياطيا – بعدم قبولها، تأسيساً على أن صحيفتها خلت من بيان النصوص الدستورية المدعى مخالفتها وأوجه المخالفة ، وهى بيانات جوهرية تطلبتها المادة ٣٠ من قانون
المحكمة الدستورية العليا
لتؤكد للدعوى الدستورية جديتها، وتُبَين موضوعها حتى يحيط ذوو الشأن فيها بمختلف جوانبها ويتمكنون على ضوء أبعادها من إبداء ملاحظاتهم ورد ودهم وتعقيباتهم بشأنها·
وحيث إن البت فى اختصاص
المحكمة الدستورية العليا
ولائيا بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على بحث شرائط قبولها أو الخوض فى موضوعها، وتواجهه هذه المحكمة من تلقاء نفسها، إذ لا يتصور أن تفصل فى شرائط اتصال الدعوى بها وفقا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، قبل تثبتها من أن النزاع موضوعها مما يدخل فى ولايتها ؛ وكان من المقرر كذلك أن تحقيقها لولايتها بنظر دعوى بذاتها، قد يقتضيها أن تتناول المصلحة فيها، بل وأن تعرض لموضوعها، بقدر ما يكون ذلك لازما لتحديد ما إذا كان الطعن المطروح عليها داخلا فى نطاق ولايتها، أم واقعا فيما وراء تخومها ·
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع؛ وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق المدعى فى اقتضاء المكافأة التى يطلبها بوصفه عضواً فى مجلس الأمة الاتحادى ، وإلى ان يتم حل اتحاد الجمهوريات العربية أو يُحَل مجلس الأمة الاتحادى ؛ وكان ما تضمنه القانون المطعون فيه من إعلان انسحاب جمهورية مصر العربية من هذا الاتحاد، مؤداه زوال عضويتها فيه، وانقضاء التزاماتها الناشئة عنه أو المترتبة عليه، فإن نص المادة الأولى من هذا القانون، تكون وحدها مدار الطعن بعدم الدستورية ، وهى كذلك موضوع الخصومة الدستورية الماثلة ·
وحيث إن اتفاق إقامة اتحاد الجمهوريات العربية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية العربية الليبية والجمهورية العربية السورية ، والموقع فى بنغازى بتاريخ ١٧ إبريل سنة ١٩٧١، قد تضمن إعلان قيام هذا الاتحاد باعتباره القاعدة الصلبة للنضال العربى ، وأحد الروافد العامة لحركة التحرر العالمية ، والرد العملى والطبيعى على كل مؤامرات الاستعمار والصهيونية التى تدبر ضد الأمة العربية لضمان تخلفها وتبعيتها؛ وكان هذا الإعلان قد اقترن ببيان الأحكام الأساسية التى يقوم عليها هذا الاتحاد، بما فى ذلك تحديد المسائل التى يختص بها، والمؤسسات التى تهيمن على شئونه وتُصَرفها، فإن هذا الاتفاق يتمحض عن معاهدة دولية ، ذلك أن عبارة المعاهدة الدولية لا تعدو أن تكون مصطلحاً عاماً Generic term يمتد إلى كل أشكال الاتفاق الدولى فيما بين دولتين أو أكثر إذا دون هذا الاتفاق سواء فى وثيقة واحدة أو أكثر، وأيا كان نطاق المسائل التى ينظمها، أو موضوعها، ومن ثم يندرج تحتها ما يتصل بمفهومها من صور هذا الاتفاق سواء كان عهداً، أو ميثاقاً، أو إعلاناً، أو بروتوكولا، أو نظاماً، أو تبادلاً لمذكرتين·
وحيث إن إبداء إحدى الدول لتحفظاتها فى شأن معاهدة دولية تكون طرفاً فيها، وإن كان لا يعطل سريانها، بل يقتصر التحفظ على حكم وارد بها بقصد استبعاده أو تعديل مضمونه فى مجال تطبيقه بالنسبة إليها، إلا أن انسحابها من معاهدة ترتبط بها، يعنى أنها لم تعد ملتزمة بها فى مجموع أحكامها، فلا تتقيد بأيها، ذلك أن إعلانها الانسحاب منها ليس إجراء موقفا لنفاذها قبلها Suspension of its operation ، ولا هو تعديل لبعض نصوصها، بل ينحل إنهاء لوجودها فى علاقتها بها، فلا يحتج عليها بالأحكام التى تضمنتها، بل تتنصل تماماً منها، مالم يكن ممكناً رد التزاماتها – فى هذا الشأن – إلى قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولى العام التى لا تجوز مخالفتها Jus cogens ، كتلك القواعد التى تتعلق بعدم جواز اللجوء إلى استخدام القوة فى علائق الدول بعضها ببعض، وحظر ارتكابها لجرائم دولية ، كإبادتها لعنصر بعينه، أو تعاملها فى الأشخاص سواء من خلال استرقاقهم أو دفعهم إلى البغاء أو الفجور، إذ تظل الدولة المنسحبة ملتزمة بمثل هذه القواعد – لا بناء على المعاهدة التى قررتها – بل إعما لا للقواعد الآمرة فى القانون الدولى Peremtory norms of general international law التى لا يجوز تعديلها باتفاق لا حق·
وحيث إنه سواء كان الانسحاب من المعاهده جائزاً بنص صريح فيها، أو مستفاداً ضمناً من أحكامها، وسواء كان إجراؤه موافقاً لقواعد القانون الدولى أو منافيا لها، فان الانسحاب – وباعتباره تصرفاً قانونياً منفرداً يصدر عن إحدى الدول لدواع ترتئيها – يظل واقعا فى إطار إدارتها لعلاقاتها الخارجية ، من خلال توجيهها لروابطها مع غيرها من الدول، لتتحلل منها فى مجال اتصالها بمعاهدة دولية كانت طرفا فيها، وهو ما يتعلق بمسئوليتها الدولية عند قيام موجبها · بما مؤداه أن انسحاب جمهورية مصر العربية – بالنص المطعون فيه – من معاهدة تكوين اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة ، يعنى انحلالها بالنسبه إليها · وإذ كان الرؤساء الثلاثه الذين أقاموا هذا الاتحاد، قد عهدوا إلى لجنة ثلاثية بوضع مشروع دستور لتنظيمه فى إطار من الأحكام الأساسيه التى أقروها فيما بينهم، فان زوال معاهدة تكوين الاتحاد فى العلاقه بين جمهورية مصر العربية وكل من سوريا وليبيا، يدل بالضرورة على سقوط ذلك الدستور فى نطاق روابطها بهاتين الدولتين·
وحيث إن الرقابة القضائية على الدستورية التى تباشرها
المحكمة الدستورية العليا
، مناطها تعارض النصوص القانونية المطعون عليها مع الأحكام التى تضمنها دستور جمهورية مصر العربية باعتباره وثيقة يقتصر سريانها على نطاقها الإقليمى ، ولا يمتد مجال تطبيقها لغيرها من الدول؛ وكان اتحاد الجمهوريات العربية قد توخى أصلا دعم الترابط والتكامل بين دول ثلاث هى مصر وسوريا وليبيا، ليكون نواة لوحدة عربية أشمل وأداتها الرئيسية فى معركة التحرير؛ وكان تضافر جهودها على هذا النحو، قد اقتضاها تكوين جبهة سياسية فيما بينها تكفل تفاعلها وتوحيد منطلقاتها وخلق مناخ ملائم تسيطر عليه روح التحرير والإيثار من أجل إذابة الحواجز والفوارق الإقليمية بين هذه الدول ؛ متى كان ذلك، فإن ذلك الاتحاد، يعتبر إطاراً لحركتها فى حدود الأحكام الاساسية التى قام عليها، ليمتد تطبيقها إلى أقاليمها الثلاثة جميعها، وتظل لهذه الأحكام الأساسية ذاتيتها ولو تم إقرارها من خلال استفتاء شعبى ، أو كان لها – من زاوية محتواها الموضوعى – خصائص القواعد الدستورية وملامحها · ولايجوز بالتالى إقحامها – وبفرض استمرار نفاذها – فى نطاق دستور جمهورية مصر العربية ، ذلك أن اتحاد وثيقتين فى طريقة إصدارهما، أو انطوائهما معاً على قواعد دستورية ، لايدمجهما فى بعض، ولا يحيلهما إلى وثيقة واحدة تتعدد أجزاؤها، كلما كان لكل منهما إقليم يتعلق به مجال تطبيقها، وكان لإحداهما مقاصد تغاير أخراهما وتستقل بها تماماً عنها · بل إن البين من هاتين الوثيقتين أنهما صادرتان عن سلطتين تأسيسيتين مختلفتين، وأن إحداهما تنظم دولة مركبة ، وأخراهما تتناول دولة بسيطة ، وهو ما ينعكس بالضرورة على جوهر الأحكام التى احتوتها كل منهما · متى كان ذلك، وكانت الأحكام الأساسية لاتحاد الجمهوريات العربية – وعلى ماتقدم – لا تعتبر جزءاً من دستور جمهورية مصر العربية ، فان الفصل فيما إذا كان القانون المطعون فيه – محدداً مجالاً على ضوء نطاق الطعن والمصلحة فيه – قد خالفها، هو مما يخرج عن اختصاص
المحكمة الدستورية العليا
· ولا محل بعدئذ للخوض فى شروط اتصال الدعوى الماثلة بالمحكمة وفقاً بالأوضاع التى نص عليها قانونها، ذلك أن تحققها من توافر هذه الشروط أو تخلفها فى الدعوى الدستورية المطروحة عليها، يفترض أن تكون المسائل الدستورية التى تثيرها، مما تمتد إليها ولايتها·
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة·