حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٤ لسنة ١٢ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٤ لسنة ١٢ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت أول يناير ١٩٩٤ الموافق ١٩ رجب سنة ١٤١٤ هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض أعضاء
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما المفوض
وحضور السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
:
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٢٤ لسنة ١٢ قضائية دستورية
المقامة من
السيد / صلاح عبدالله خليل الدامى
ضد
١ – السيد رئيس الجمهورية
٢ – السيد رئيس الوزراء
٣ – السيد رئيس مجلس الشعب
الاجراءات
بتاريخ ١٨ إبريل سنة ١٩٩٠ أودع المدعى صحيفة هذه الدعوي قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم بعدم دستورية القانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ بشأن المشردين والمشتبه فيهم .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها .
وبعد تحضرالدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة اصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق ، والمداولة .
حيث ان الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى فى القضية رقم ٩ لسنة ١٩٨٨ جنح اشتباه سنورس بوصفه مرتكبا لجريمة اشتباه معاقباً عليها بالمواد ٥ / ١ ، ٦، ٨ ، ٩ ، ١٦ من المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ بشأن المتشردين والمشتبه فيهم، واذ ادانته محكمة جنح اشتباه سنورس بوضعه تحت مراقبة الشرطه لمدة ستة أشهر، وكان قد طعن على حكمها هذا بطريق المعارضة التى نظرت بجلسة ٤ / ٣ / ١٩٩٠ وفيها دفع بعدم دستورية نصوص المواد ٥ ، ٦ ، ٨ ، ٩ ، ٦ ١ من المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ المشار اليه ، وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية دفعه ، وصرحت له باتخاذ
اجراءات الطعن
بعدم الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث انه فى خصوص ما تضمنه الشق الاول من الدعوى الماثلة من الطعن بعدم دستورية المادتين ٥ ، ٦ من المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ بشأن المشردين والمشتبه فيهم، فإنه اذ خلص قضاء هذه المحكمة فى الدعوى رقم ٣ لسنة ١٠ قضائية دستورية إلى عدم دستورية المادة الخامسة منه وكذلك إلي سقوط أحكام المواد المرتبطة بها وهي المواد ٦ ، ١٣ ، ١٥ وكان هذا الحكم قد نشر في الجريدة الرسمية فى ١٤ يناير سنة ١٩٩٣ ، وكان قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه في الدعوى المتقدمه – يحوز حجية مطلقه تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو اعادة طرحه من جديد علي هذه المحكمة لراجعته ، ذلك ان الخصومه في الدعوى الدستورية – وهى بطبيعتها من الدعاوي العينية – ان ما توجه إلى النصوص التشريعية المدعي مخالفتها للدستور، ولا يعتبر قضاء المحكمة باستيفاء النص التشريعى لاوضاعة الشكلية التى يتطلبها الدستور أو خروجه عليها أو بتوافقه مع الاحكام الموضوعية في الدستور أو مروقه منها ، منصرفاً إلى من كان طرفاً فى الدعوى التي صدر فيها دون غيره بل متعدياً إلى الاغيار جميعهم ، ومنسحباً إلى كل سلطة فى الدولة بما يردها من التحلل منه أو مجاوزه مضمونه ، متي كان ذلك فإن مصلحة المدعى محددة في نطاق الطعن علي المادتين ٥، ٦ من المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ المشار اليه – تكون قد انتفت لبلوغه الغايه التي توخاها من مناعيه عليهما بما يتعين معه اعتبار الخصومة منتهيه في هذا الشق.
وحيث ان ما ينعاه المدعي علي المواد ٨، ٩، ١٦ من المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ المشار اليه – من مخالفتها للدستور وخروجها علي احكامه – مردود بما جري به قضاء هذه المحكمة من ان المصلحة الشخصية المباشرة المعتبره شرطا لقبول الدعوي الدستورية، لا تعتبر متحققه بالضروره بناء علي مجرد مخالفه النص التشريعي المطعون عليه للدستور، بل يتعين ان يكون هذا النص – بتطبيقه علي المدعي – قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور علي نحو الحق به ضررا مباشرا ، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوي الدستورية مرتبطا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية ، وليس بهذه المسألة ذاتها منظورا اليها بصفه مجردة ، ولا يجوز بالتالي الطعن علي النص التشريعي الا يعد توافر شرطين اوليين يحددان معا مفهوم المصلحة الشخصية المباشره ولا يتداخل احدهما مع الآخر او يندمج فيه ، وان كان استقلال كل منهما عن غيره لا ينفي تكاملهما ، ويدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة ان تباشر رقابتها علي دستورية النصوص التشريعية ، اولهما ان يقيم المدعي – وفي حدود الصفه التي اختصم بها النص التشريعي المطعون عليه – الدليل علي ان ضررا واقعيا اقتصاديا او غيره – قد لحق به ، ويتعين ان يكون هذا الضرر مباشرا مستقلا بعناصره ممكنا ادراكه ومواجهته بالترضيه القضائية ،ذلك ان اسناد الرقابة الدستورية الي هذه المحكمة لا يتوخي الفصل في خصومه تكون المصلحة بشأنها نظرية كتلك التي تتغيا تقرير حكم الدستور مجردا في موضوع معين لا غراض اكاديمية او ايدولوجيه ، او دفاعا عن قيم مثالية يرجي تثبيتها ، او كنوع من التعبيرفي الفراغ عن وجهه نظر شخصيه، او لتوكيد مبدأ سيادة القانون في مواجهه صور من الاخلال بمضمونه لا صلة للطاعن بها ، أو لارساء مفهوم معين فى شأن مسألة لم يترتب عليها ضرر بالطاعن ولو كانت تثير اهتماماً عاماً، وانما قصد المشرع بهذه الرقابة التى تقوم عليها
المحكمة الدستورية العليا
أن تقدم من خلالها الترضية التى تقتضيها احكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التى كفلها، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئاً لمواجهة اضرار واقعية بغية ردها وتصفيه آثارها القانونيه ، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطه بدفعها، وثانيهما ان يكون مرد الأمر فى هذا الضرر الى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببيه بينها تحتم ان يكون الضرر المدعى به ناشئاً من هذا النص مترتباً عليه ، فاذا لم يكن النص التشريعى المطعون عليه قد طبق على المدعى اصلاً، أو كان من غير الخاطبين باحكامه ، أو كان قد افاد من مزاياه، أو كان الاخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود اليه ، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك ان ابطال النص التشريعى في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى ايه فائده عمليه يمكن ان يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفضها، متى كان ما تقدم ، وكان المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ المشار اليه قد ضم بين دفتيه احكام المواد ٨ ، ٩ ، ١٦ المطعون عليها باعتبارها من القواعد العامة التى لا يقتصر سريانها على جريمة الاشتباه، بل تحكمها هى وجريمة التشرد في آن واحد معاً ، وكان مؤدى قضاء
المحكمة الدستورية العليا
فى الدعوى رقم ٣ لسنة ٠ ١ قضائية دستورية فيما خلص اليه من تقرير عدم دستورية وسقوط النصوص المنظمه لجريمة الاشتباه سواء في ذلك تلك التى انشأتها أو المرتبطه بها أن القواعد العامة المشار اليها التي كانت تنظم هاتين الجريمتين ، لم يعد ممكناً اعمالها في مجال احداهما هى جريمة الاشتباه بعد ان لم تعد لها قائمه بزوال وجودها قانوناً ، ومن ثم اضحى تطبيقها – وايا كان وجه الرأى فى دستوريتها – من حصراً فى جريمة التشرد لا يمتد لسواها – ، متى كان ذلك ، فإن الفصل فى مطابقة أحكام المواد ٨ ، ٩ ، ١٦ من المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥المشار اليه للدستور أو مناهضتها لقواعده ، لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعيه، اذ لا يعتبر هذا الفصل لازماً للبت في ايه مسألة كلية أو فرعية تعتبر قواما لها او تكون متصلة بها ، ومن ثم تكون المصلحة فى الطعن علي هذه النصوص منتفية
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة ، والزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.