حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٣ لسنة ١٢ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٣ لسنة ١٢ دستورية
تاريخ النشر : ٢١ – ٠١ – ١٩٩٣

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولي من المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشان تحقيق العدالة الضريبية وذلك فيما قررته من سريان الضريبة علي الأرباح التجارية والصناعية علي التصرفات المشار إليها في الفقرة الأخيرة من البند ١ من المادة ٣٢ من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ الواقعة علي الأراضي داخل كردون المدينة المشهرة اعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٤.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر وحضور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وعبد المجيد فياض ومحمد علىسيف الدين أعضاء ومحمد خيرى طه عبد المطلب المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية، و مناطها أن يكون ثمة إرتباط بينها و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية و ذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، و كانت الفقرة الأولى من المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية هى ما جرى تطبيقه إبان فترة نفاذها على تصرف المدعيتين بالبيع فيما كانتا تملكانه من أرض داخل كردون المدينة – و هو ما لا خلاف عليه بين طرفى الدعوى – و ترتبت بمقتضاه آثار قانونية فى حقهما ممثلة فى إخضاع أرباحهما المقدرة عن تصرفيهما لسعر الضريبة على الأرباح التجارية و الصناعية طبقاً للفقرة الأخيرة من البند ١ من المادة ٣٢ من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ المعدل بالقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية. إذ كان ذلك، و كانت الفقرة الأولى من النص المطعون عليه تقضى بسريان هذا البند بأثر رجعى على التصرفات التى تم شهرها إعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٤، دون الضريبة المفروضة على التصرفات العقارية و التى سبق إستئداؤها منهما وفق سعرها المحدد فى الفقرة الثالثة من هذا البند، و ما نشأ عن ذلك من مديونيتهما بالفرق الزائد بين الضريبتين، و حدا بهما إلى الطعن فى ربط الضريبة على الأرباح التجارية و الصناعية و عناصرها عليهما أمام لجنة الطعن، ثم الطعن فى قرار هذه اللجنة بشأنها أمام محكمة الموضوع، فإقتصر نزاعهما الموضوعى بذلك على تلك الضريبة، و كان لا مصلحة للمدعيتين فى الطعن على الفقرة الرابعة من المادة ٥٦ لإنتفاء الصلة بين سائر أحكام القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ – و التى تقرر هذه الفقرة سريانها إعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٨ – و بين طلباتهما المطروحة فى دعواهما الموضوعية. إذ كان ذلك، فإن المسألة الدستورية المرتبطة بنزاعهما الموضوعى و المؤثرة فيه، إنما يتحدد إطارها و نطاقها فى نص الفقرة الأولى من المادة ٥٦، و ذلك فيما قررته من فرض ضريبة الأرباح التجارية و الصناعية على الأرباح الناتجة عن التصرفات العقارية الواقعة على الأراضى داخل كردون المدينة، السابق شهرها بدءاً من أول يناير سنة ١٩٧٤، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى فيما عدا هذا لشق منها.

– – – ٢ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الفصل فيما قد يدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعى و قاعدة موضوعية فى الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء فى موضوعها منطوياً لزوماً على إستيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور، و مانعاً من العودة إلى بحثها، ذلك أن العيوب الشلكية – و بالنظر إلى طبيعتها – لا يتصور أن يكون بحثها تالياً للخوض فى المطاعن الموضوعية، و لكنها تتقدمها، و يتعين على هذه المحكمة بالتالى أن تتحراها بلوغاً لغاية الأمر فيها، و لو كان نطاق الطعن المعروض عليها محدداً فى إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. و من ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دوماً. إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأية مطاعن موضوعية، و الأمر على نقيض ذلك حين يكون الطعن منحصراً فى المطاعن الشكلية. إذ يكون قرار المحكمة بشأنها متعلقاً بها وحدها. و لا يعتبر حكمها برفض هذه المطاعن مطهراً للنصوص المطعون عليها من مثالبها الموضوعية، أو مانعا كل ذى مصلحة من طرحها على المحكمة وفقاً لقانونها. و أياً كانت المطاعن الموجهة إلى النصوص التشريعية، فإن قضاء المحكمة فى شأنها – و فى الحدود المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الدولة بتنظيماتها المختلفة و بالنسبة إلى الكافة، و هى حجية لا يجوز إهدارها أو المساس بها، و تحول بذاتها دون إعادة عرض النزاع محلها من جديد على هذه المحكمة.

– – – ٣ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الفصل فيما قد يدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعى و قاعدة موضوعية فى الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء فى موضوعها منطوياً لزوماً على إستيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور، و مانعاً من العودة إلى بحثها، ذلك أن العيوب الشلكية – و بالنظر إلى طبيعتها – لا يتصور أن يكون بحثها تالياً للخوض فى المطاعن الموضوعية، و لكنها تتقدمها، و يتعين على هذه المحكمة بالتالى أن تتحراها بلوغاً لغاية الأمر فيها، و لو كان نطاق الطعن المعروض عليها محدداً فى إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. و من ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دوماً. إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأية مطاعن موضوعية، و الأمر على نقيض ذلك حين يكون الطعن منحصراً فى المطاعن الشكلية. إذ يكون قرار المحكمة بشأنها متعلقاً بها وحدها. و لا يعتبر حكمها برفض هذه المطاعن مطهراً للنصوص المطعون عليها من مثالبها الموضوعية، أو مانعا كل ذى مصلحة من طرحها على المحكمة وفقاً لقانونها. و أياً كانت المطاعن الموجهة إلى النصوص التشريعية، فإن قضاء المحكمة فى شأنها – و فى الحدود المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الدولة بتنظيماتها المختلفة و بالنسبة إلى الكافة، و هى حجية لا يجوز إهدارها أو المساس بها، و تحول بذاتها دون إعادة عرض النزاع محلها من جديد على هذه المحكمة.

– – – ٤ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الفصل فيما قد يدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعى و قاعدة موضوعية فى الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء فى موضوعها منطوياً لزوماً على إستيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور، و مانعاً من العودة إلى بحثها، ذلك أن العيوب الشلكية – و بالنظر إلى طبيعتها – لا يتصور أن يكون بحثها تالياً للخوض فى المطاعن الموضوعية، و لكنها تتقدمها، و يتعين على هذه المحكمة بالتالى أن تتحراها بلوغاً لغاية الأمر فيها، و لو كان نطاق الطعن المعروض عليها محدداً فى إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. و من ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دوماً. إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأية مطاعن موضوعية، و الأمر على نقيض ذلك حين يكون الطعن منحصراً فى المطاعن الشكلية. إذ يكون قرار المحكمة بشأنها متعلقاً بها وحدها. و لا يعتبر حكمها برفض هذه المطاعن مطهراً للنصوص المطعون عليها من مثالبها الموضوعية، أو مانعا كل ذى مصلحة من طرحها على المحكمة وفقاً لقانونها. و أياً كانت المطاعن الموجهة إلى النصوص التشريعية، فإن قضاء المحكمة فى شأنها – و فى الحدود المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الدولة بتنظيماتها المختلفة و بالنسبة إلى الكافة، و هى حجية لا يجوز إهدارها أو المساس بها، و تحول بذاتها دون إعادة عرض النزاع محلها من جديد على هذه المحكمة.

– – – ٥ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الفصل فيما قد يدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعى و قاعدة موضوعية فى الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء فى موضوعها منطوياً لزوماً على إستيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور، و مانعاً من العودة إلى بحثها، ذلك أن العيوب الشلكية – و بالنظر إلى طبيعتها – لا يتصور أن يكون بحثها تالياً للخوض فى المطاعن الموضوعية، و لكنها تتقدمها، و يتعين على هذه المحكمة بالتالى أن تتحراها بلوغاً لغاية الأمر فيها، و لو كان نطاق الطعن المعروض عليها محدداً فى إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. و من ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دوماً. إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأية مطاعن موضوعية، و الأمر على نقيض ذلك حين يكون الطعن منحصراً فى المطاعن الشكلية. إذ يكون قرار المحكمة بشأنها متعلقاً بها وحدها. و لا يعتبر حكمها برفض هذه المطاعن مطهراً للنصوص المطعون عليها من مثالبها الموضوعية، أو مانعا كل ذى مصلحة من طرحها على المحكمة وفقاً لقانونها. و أياً كانت المطاعن الموجهة إلى النصوص التشريعية، فإن قضاء المحكمة فى شأنها – و فى الحدود المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الدولة بتنظيماتها المختلفة و بالنسبة إلى الكافة، و هى حجية لا يجوز إهدارها أو المساس بها، و تحول بذاتها دون إعادة عرض النزاع محلها من جديد على هذه المحكمة.

– – – ٦ – – –
العيوب الشكلية – على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – هى تلك التى يكون مبناها مخالفة نص تشريعى للأوضاع الإجرائية التى تطلبها الدستور سواء فى ذلك ما كان منها متعلقاً بإقتراح النصوص التشريعية أو إقرارها أو إصدارها حال إنعقاد السلطة التشريعية، أو ما كان منها متصلاً بالشروط التى يتطلبها الدستور لممارسة رئيس الجمهورية الإختصاص بإصدارها فى غيبة السلطة التشريعية أو بتفويض منها.

– – – ٧ – – –
قالة إنتفاء الأغلبية الخاصة التى تطلبها الدستور فى المادة ١٨٧ منه لإقرار رجعية الآثار التى رتبتها المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية – و هو النص التشريعى المطعون فيه – لا تعدو أن يكون نعياً متعلقاً بمطاعن شكلية صرفه، مقصوراً عليها. و إذ خلص قضاء هذه المحكمة الصادر ٦ بتاريخ ٦ من يونية سنة ١٩٨٧ فى الدعوى رقم ٥١ لسنة ٦ قضائية “دستورية” إلى رفض هذا الوجه من النعى على أساس توافر الأغلبية الخاصة التى قيل بتخلفها بالنسبة إلى النص المطعون فيه، فإن هذا القضاء لا يطهر النص التشريعى المطعون عليه مما قد يكون عالقاً به من مثالب موضوعية، و لا يعتبر مانعاً كل ذى مصلحة من طرحها على هذه المحكمة وفقاً لقانونها.

– – – ٨ – – –
إستيفاء النص التشريعى المطعون عليه للشكلية التى تطلبها الدستور لإقرار القوانين رجعية الأثر على ما سلف بيانه، لا يعصمه من الخضوع للرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين و اللوائح، و ذلك كلما كان هذا النص – فى محتواه الموضوعى – منطوياً على إهدار لحق من الحقوق التى كفلها الدستور أو يفرض قيوداً عليه تؤدى إلى الإنتقاص منه. ذلك أن الدستور يتميز بطبيعة خاصة تضفى عليه السيادة و السمو بحسبانه كفيل الحريات و موئلها، و عماد الحياة الدستورية و أساس نظامها، فحق لقواعده – بالتالى – أن تستوى على القمة من البنيان القانونى للدولة، و أن تلتزم الدولة بالخضوع لأحكامه فى تشريعها و قضائها و فى مجال مباشرتها لسلطتها التنفيذية. و فى نطاق هذا الإلتزام و بمراعاة حدوده، لا يكفى لتقرير دستورية نص تشريعى معين أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التى يتطلبها الدستور، بل يتعين فوق هذا أن يكون فى محتواه ملتئماً مع قواعد الدستور الموضوعية التى تعكس مضامينها القيم و المثل التى بلورتها الإرادة الشعبية، و كذلك الأسس التى تنتظم الجماعة و ضوابط حركتها.

– – – ٩ – – –
إستيفاء النص التشريعى المطعون عليه للشكلية التى تطلبها الدستور لإقرار القوانين رجعية الأثر على ما سلف بيانه، لا يعصمه من الخضوع للرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين و اللوائح، و ذلك كلما كان هذا النص – فى محتواه الموضوعى – منطوياً على إهدار لحق من الحقوق التى كفلها الدستور أو يفرض قيوداً عليه تؤدى إلى الإنتقاص منه. ذلك أن الدستور يتميز بطبيعة خاصة تضفى عليه السيادة و السمو بحسبانه كفيل الحريات و موئلها، و عماد الحياة الدستورية و أساس نظامها، فحق لقواعده – بالتالى – أن تستوى على القمة من البنيان القانونى للدولة، و أن تلتزم الدولة بالخضوع لأحكامه فى تشريعها و قضائها و فى مجال مباشرتها لسلطتها التنفيذية. و فى نطاق هذا الإلتزام و بمراعاة حدوده، لا يكفى لتقرير دستورية نص تشريعى معين أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التى يتطلبها الدستور، بل يتعين فوق هذا أن يكون فى محتواه ملتئماً مع قواعد الدستور الموضوعية التى تعكس مضامينها القيم و المثل التى بلورتها الإرادة الشعبية، و كذلك الأسس التى تنتظم الجماعة و ضوابط حركتها.

– – – ١٠ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية، و مناطها أن يكون ثمة إرتباط بينها و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، و ذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، و كانت الفقرة الأولى من المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية هى التى جرى تطبيقها أبان فترة نفاذها، على تصرف المدعيتين بالبيع فيما كانتا تملكانه من أرض داخل كردون المدينة و ترتبت بمقتضاها آثار قانونية فى حقهما. ممثلة فى إخضاع أرباحهما عنهما للضريبة على الأرباح التجارية و الصناعية بأثر رجعى – و هى موضوع منازعاتهما أمام محكمة الموضوع – متى كان ذلك، فإن إطار و نطاق المسألة الدستورية المرتبطة بهذا النزاع الموضوعى، ينحصر فى نص الفقرة الأولى من هذه المادة و ذلك فيما قررته من فرض الضريبة على الأرباح التجارية و الصناعية بالنسبة للتصرفات الواقعة على الأراضى داخل كردون المدينة السابق شهرها إعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٤.

– – – ١١ – – –
من المقرر أن القوانين الضريبية لا تعتبر بطبيعتها قوانين جزائية تقرر عقوبة جنائية، و لا هى تعدل من الآثار التى ترتبها العقود فيما بين أطرافها، و لكنها وسيلة تلجأ إليها الدولة محققة بها قدراً من التناسب بين أعبائها المالية ممثلة فى التكاليف الكلية لنفقاتها، و بين ما ينبغى أن يؤديه إليها هؤلاء الذين يستفيدون أكثر من غيرهم من خدماتها، و حق عليهم بالتالى أن يتحملوا جانباً من أعباء الدولة و نصيبا من تبعاتها. و إذ كان المواطنون جميعهم معاملين على قدم المساواة فى مجال أداء الفريضة الضريبية التى يلتزمون بها، و ليس لأحد حصانة تعفيه من أدائها إلا فى الأحوال التى يبينها القانون، و وفق ضوابط موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بها، فإن رجعية قانون الضريبة لا تدل فى ذاتها – و بالضرورة – على مخالفة حكمها للدستور. و هو ما قررته المادة ١٨٧ منه بإيجازتها الرجعية فى غير المواد الجنائية بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب فى مجموعهم. و لئن كان الأصل هو ألا يلجأ المشرع لتقرير رجعية الضريبة إلا إذا أملتها مصلحة إجتماعية لها وزنها، و ذلك بالنظر إلى الآثار الخطيرة التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية، و ما يلابسها بوجه خاص فى أغلب الأحوال و أعمها من إخلال بالإستقرار و إهدار للثقة المشروعة فى العامل و مساس بالحقوق، و كان من المقرر كذلك أن توزيع الأعباء المالية للدولة توزيعاً منصفاً من خلال الضريبة، عملية بالغة التعقيد تكتنفها مخاطر عديدة مترامية فى مداها، إلا أن ممارسة السلطة التشريعية لولايتها فى هذا النطاق لا يجوز إنكارها، أو غل يدها عنها. بل يتعين أن يتوافر لهذه السلطة المرونة الكافية عند مراجعتها لقوانين ضريبية سابقة على ضوء ما أسفر عنه تطبيقها، و إنطلاقاً من ضرورة مواجهة الأعباء المتزايدة التى تتحملها الدولة فى مجال نهوضها بالمرافق العامة، و بمراعاة عدم الإخلال بالمراكز القانونية المتماثلة. إذ لا يجوز بحال أن يميز قانون الضريبة – فى غاياته أو آثاره – بين المخاطبين بالضريبة على غير أسس موضوعية، و إلا كان هذا التمييز تحكمياً و منهياً عنه بنص المادة ٤٠ من الدستور.

– – – ١٢ – – –
الضريبة فى بواعثها هى مما يستقل المشرع بتقديره، إلا أن رجعية الضريبة ينال منها – و من زاوية دستورية – أن تركن الدولة فى تقريرها إلى مصلحة غير مشروعة، أو أن تتوخى – من خلال الأغراض التى تعمل الضريبة على بلوغها – تحقيق مصلحة مشروعة، و لكن النصوص التشريعية التى تدخل بها المشرع لإشباعها لا تربطها بها صلة منطقية. و يتحقق ذلك بوجه خاص كلما كان معدل الضريبة و أحوال فرضها مناقضاً للأسس الموضوعية التى ينبغى أن تقوم عليها، إذ يعتبر تقريرها عندئذ مخالفاً للدستور و لو كان الغرض من فرضها زيادة موارد الدولة المقابلة مصلحة مشروعة كتلك المتعلقة بمواجهة معونة البطالة. بما مؤداه أنه كلما كان فرض الضريبة رجعية الأثر يقوم على رابطة منطقية بين الضريبة و مصلحة مشروعة تسعى إليها الدولة و ترمى إلى بلوغها من وراء تقرير هذه الرجعية، فإن الرجعية تكون جائزة من الناحية الدستورية. و لازم ذلك أنه فى مجال تقدير المصلحة المشروعة التى تقوم عليها الضريبة رجعية الأثر، يتعين أن يكون مفهوماً أن السلطة التى تملكها الإدارة المالية بمناسبة تعديل أسس الضريبة القديمة و إعادة توزيع عبئها، لا يجوز إنكارها، و ذلك كلما كان هذا التعديل يعيد – و لو بأثر رجعى – الموازين الدقيقة إلى ضريبة دل العمل – من خلال تطبيقها – على أنها غير عادلة.

– – – ١٣ – – –
إنه فى مجال تقييم المصلحة المشروعة التى يركن إليها قانون الضريبة الجديدة التى فرضها المشرع بمناسبة أعمال قانونية أبرمها المكلفون بها قبل صدوره، ليس كافياً لإنتفاء هذه المصلحة أن يكون تحقق الواقعة المنشئة لهذه الضريبة سابقاً على صدور قانونها. إلا لا يعدو سريان هذا القانون عليها أن يكون هو الأثر الرجعى بعينه – و هو جائز طبقاً للدستور وفق ما سلف بيانه – و إنما يتعين لتقرير زوال المصلحة المشروعة بالنسبة إلى ضريبة تتناول بأثرها الرجعى تصرفات قانونية ناقلة للملكية إكتمل تكوينها و نفاذها قبل صدور قانون الضريبة الجديد، أن يكون المكلفون بأدائها قد إستحال عليهم بوجه عام – بالنظر إلى طبيعتها أو مبلغها – توقعها حين خرج المال من ذمتهم بصفة نهائية، و ذلك بنقلهم ملكيته إلى الغير وفقاً للقانون. إذ يناقض فرض الضريبة فى هذه الأحوال مفهوم العدالة الإجتماعية الذى يقوم عليه النظام الضريبى على ما تقضى به المادة ٣٨ من الدستور، بإعتبار أن العدالة الإجتماعية ينافيها أن يعدل المشرع أسس ضريبة قائمة قدر الممولون تبعة تصرفاتهم القانونية المبرمة عند سريانها على ضوء أحكامها، و ذلك كلما قام الدليل على أن الظروف المحيطة بالضريبة الجديدة التى قرر المشرع سريانها بأثر رجعى لتحكمهم فى تصرفاتهم القانونية السابقة عليها، النافذة قبل تقريرها، و التى لا يمكن الرجوع فيها، كانت غير ماثلة فى تقديرهم عند تعاملهم فى إطار الضريبة القديمة، و ما كان بوسعهم عقلا توقعها. و آية ذلك أنه لو كان بإمكان أحد من هؤلاء أن يكون على بينة منها، لأدخلها فى إعتباره عند تصرفه فى ماله، أو إختار إبقاء هذا المال فى ذمته توقياً لأية مخاطر ضريبية لا يأمن عواقبها.

– – – ١٤ – – –
إذ كان الأثر الرجعى الذى تضمنه النص التشريعى المطعون فيه – و على ما أورده تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة و الموازنة و مكتب اللجنة الإقتصادية بمجلس الشعب عنه – قد تقرر بعد أن قدر المشرع ملاحقة ما إعتبره ثراء مفاجئاً حققه ممولو الضريبة المفروضة بموجبه من خلال تصرفاتهم العقارية بعد العمل بسياسة الإنفتاح الإقتصادى بدءاً من أواخر سنة ١٩٧٣ و ما صاحبها من زيادة فى أثمان العقارات، و لم تكن أرباحهم وقتئذ خاضعة لأية ضريبة نوعية و لا للضريبة العامة على الإيراد بالتالى. إذ كان ذلك، و كان التقرير برجعية الضريبة المشار إليها على ضوء هذا الإفتراض، مؤداه قيام موجبه فى حق الممولين جميعاً على حد سواء، و أنهم توقعوا هذه الضريبة قبل أربع سنوات من فرضها و أدخلوها فى حسابهم بمناسبة تصرفاتهم العقارية السابقة عليها، و هو إفتراض لا دليل عليه، و لا تظاهره أية مصلحة إجتماعية، إذ تعوق الضريبة رجعية الأثر – على النحو الذى جرى به النص التشريعى المطعون فيه – تداول الأموال، و تخل بالثقة المشروعة فى التعامل، و يجاوز مبلغها – محدداً على ضوء سعرها الجديد – الحدود المنطقية لتوقعاتهم فى إطار الضريبة القديمة، و هو ما حدا بالمشرع إلى إلغاء الضريبة الجديدة بعد فترة وجيزة من فرضها، و من ثم يكون النص التشريعى المطعون فيه مجافياً لمفهوم العدالة الإجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى، و مخالفاً بالتالى لنص المادة ٣٨ من الدستور.

– – – الإجراءات – – –
بتاريخ ٥ من أبريل سنة ١٩٩٠ أودعت المدعيتان قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالبتين الحكم – بعد تصحيح ما ورد فيها من خطأ مادي في مذكرة

– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيتين تصرفتا بالبيع في أرض مملوكة لهما إلى آخرين بموجب عقدين متتاليين أشهر أولهما بتاريخ ١٢ من مارس سنة ١٩٧٨ والثاني بتاريخ ٢٨ من أغسطس سنة ١٩٨٠، وسددتا لمصلحة الشهر العقاري ما استحق عنهما من الضريبة المفروضة على التصرفات العقارية، وذلك طبقاً لأحكام الفقرة الثالثة من البند ١ من المادة ٣٢ من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ المعدلة بالقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية والتي حددت سعر هذه الضريبة بمثل الرسم النسبي المقرر في القانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ في شأن رسوم التوثيق والشهر.
ثم قامت مصلحة الضرائب – واستناداً منها على حكم الفقرة الأخيرة من البند المشار إليه – بإخضاع أرباحهما الناتجة عن ذات التصرفين للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وأخطرتهما بعناصر ربط هذه الضريبة على النموذج المقرر لها، وبالتالي إدخال ما قدر لهما من أرباح عنهما ضمن وعاء الضريبة العامة على الإيراد المستحقة عليهما. طعنت المدعيتان في هذا الربط وعناصره أمام لجنة الطعن – المشكلة وفق أحكام القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ بشأن فرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل – والتي أصدرت قرارها في طعنهما بتاريخ ٩ من يوليو سنة ١٩٨٩ بتخفيض تقدير المصلحة لصافي أرباحهما عن نشاطهما في بيع الأراضي إلى المبلغ المبين في منطوقه، إلا أن المدعيتين طعنتا على هذا القرار بالدعوى رقم ٢٩٣ لسنة ١٩٨٩ كلي الجيزة، طبقاً لأحكام المادتين ٥٤، ٥٤ مكرراً من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ المشار إليه.
وأثناء نظر الدعوى دفعت المدعيتان بعدم دستورية نص المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ فيما قرره من سريان حكم البند ١ من المادة ٣٢ من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ – بعد تعديلها بالمادة الثانية منه – بأثر رجعي. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت لهما في الحكم الصادر منها في الدعوى بتاريخ ٢ من مارس سنة ١٩٩٠ بإقامة دعواهما الدستورية، فأقامتا الدعوى الماثلة.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة على أساس أن قضاء هذه المحكمة – في الدعوى رقم ٥١ لسنة ٦ ق “دستورية” – سبق أن انتهى إلى رفض الدعوى بعدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه، بما يمتنع معه – إزاء ما له من حجية مطلقة حاسمة لما أثير في شأن دستوريته من خصومة – نظر أي طعن لاحق بشأنه.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الفصل فيما قد يدعي به أمامها من تعارض بين نص تشريعي وقاعدة موضوعية في الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء في موضوعها منطوياً لزوماً على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور ومانعاً من العودة إلى بحثها، ذلك أن العيوب الشكلية – وبالنظر إلى طبيعتها – لا يتصور أن يكون بحثها تالياً للخوض في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على هذه المحكمة بالتالي أن تتحراها بلوغاً لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها محدداً في إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. ومن ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دوماً إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأية مطاعن موضوعية. والأمر على نقيض ذلك حين يكون الطعن منحصراً في المطاعن الشكلية، إذ يكون قرار المحكمة بشأنها متعلقاً بها وحدها، ولا يعتبر حكمها برفض هذه المطاعن مطهراً للنصوص المطعون عليها من مثالبها الموضوعية، أو مانعاً كل ذي مصلحة من طرحها على المحكمة وفقاً لقانونها. وأيا كانت المطاعن الموجهة إلى النصوص التشريعية، فإن قضاء المحكمة في شأنها – وفي الإطار السالف بيانه – إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة سلطات الدولة جميعها وبالنسبة إلى الكافة، وهي حجية لا يجوز إهدارها، أو المساس بها، وتحول بذاتها دون إعادة عرض النزاع محلها من جديد على المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت العيوب الشكلية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي تلك التي يكون مبناها مخالفة نص تشريعي للأوضاع الإجرائية التي تطلبها الدستور سواء في ذلك ما كان منها متعلقاً باقتراح النصوص التشريعية أو إقرارها أو إصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية، أو ما كان منها متصلاً بالشروط التي يتطلبها الدستور لممارسة رئيس الجمهورية الاختصاص بإصدارها في غيبة السلطة التشريعية أو بتفويض منها، وكان وجه النعي في القضية رقم ٥١ لسنة ٦ ق “دستورية” يقوم على قالة انتفاء الأغلبية الخاصة التي تطلبها الدستور في المادة ١٨٧ منه لإقرار نص المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية – وهو النص التشريعي المطعون فيه – باعتباره متضمناً أثراً رجعياً، وكان قضاء هذه المحكمة الصادر في القضية رقم ٥١ لسنة ٦ قضائية المشار إليها بتاريخ ٦ من يونيو سنة ١٩٨٧ قد خلص إلى رفضها لما ثبت لديها من توافر هذه الأغلبية التي قام وجه النعي على تخلفها بالنسبة إلى النص المطعون فيه. متى كان ذلك فإن قضاء هذه المحكمة في شأن ذلك الوجه من النعي يكون متعلقاً بمطاعن شكلية صرفة، مقصوراً عليها، ولا يفيد – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تطهير النص التشريعي المطعون عليه مما قد يكون عالقاً به من مثالب موضوعية، أو مانعاً كل ذي مصلحة من طرحها على هذه المحكمة وفقاً لقانونها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان استيفاء النص التشريعي المطعون عليه للشكلية التي تطلبها الدستور لإقرار القوانين رجعية الأثر على ما سلف بيانه، لا يعصمه من الخضوع للرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح، وذلك كلما كان هذا النص – في محتواه الموضوعي – منطوياً على إهدار لحق من الحقوق التي كفلها الدستور أو يفرض قيوداً عليه تؤدي إلى الانتقاص منه.
ذلك أن الدستور يتميز بطبيعة خاصة تضفي عليه السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها، وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها، فحق لقواعده – بالتالي – أن تستوي على القمة من البنيان القانوني للدولة وأن تلتزم الدولة بالخضوع لأحكامه في تشريعها وقضائها وفي مجال مباشرتها لسلطتها التنفيذية. وفي نطاق هذا الالتزام وبمراعاة حدوده لا يكفي لتقرير دستورية نص تشريعي معين أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور، بل يتعين فوق هذا أن يكون في محتواه ملتئماً مع قواعد الدستور الموضوعية التي تعكس مضامينها القيم والمثل التي بلورتها الإرادة الشعبية، وكذلك الأسس التي تنتظم الجماعة وضوابط حركتها، متى كان ذلك فإنه يتعين الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح الصناعية والتجارية وعلى كسب العمل، قد نص في المادة ٣٢ منه – بعد تعديلها بالقانون رقم ٧٨ لسنة ١٩٧٣ – على أن تسري ضريبة الأرباح التجارية والصناعية على أرباح:
١ – الأشخاص والشركات، الناتجة عن التصرف في العقارات المبنية أو المعدة للبناء سواء أنصب التصرف عليها بحالتها أو بعد إقامة منشآت عليها وسواء شمل التصرف العقار كله أو أجزاء منه وذلك إذا صدر التصرف من الممول لأكثر من مرة واحدة خلال عشر سنوات، سواء في ذات العقار أو في أكثر من عقار واحد.
ويستثنى من ذلك تصرف الوارث في العقارات الآيلة إليه من مورثه بحالتها عند الميراث، والتصرف بين الأصول والفروع.
٢ – ………………….. ٣ – …………………. ٤ – …………………..
وبمقتضى المادة الثانية من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ – بشأن تحقيق العدالة الضريبية – استعاض المشرع عن البند ١ من المادة ٣٢ السالف بيانه ببند جديد نصه الآتي: –
مادة ٣٢ (١): التصرف في العقارات المبنية أو الأراضي داخل كردون المدينة سواء أنصب التصرف عليها بحالتها أو بعد إقامة منشآت عليها وسواء شمل التصرف العقار كله أو أجزاء منه أو وحدة سكنية أو غيرها وسواء كانت إقامة المنشآت على أرض مملوكة للممول أو لغيره.
ويعتبر تصرفاً خاضعاً للضريبة تقرير حق انتفاع على العقار أو تأجيره لمدة تزيد على خمسين عاماً.
واستثناء من أحكام المادة ٣٧ يكون سعر الضريبة مثل الرسم النسبي المقرر في القانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ في شأن رسوم التوثيق والشهر، وعلى أن يسري الإعفاء والتخفيض المقرر بالقانون المذكور على هذه الضريبة.
……………………………………..
وإذا صدر التصرف من الممول لأكثر من مرة واحدة خلال عشر سنوات خضعت الأرباح الناتجة عن هذه التصرفات لضريبة الأرباح التجارية والصناعية بالسعر المقرر في المادة ٣٧، وفي هذه الحالة تخصم الضرائب المسددة لحسابه عن هذه التصرفات للشهر العقاري من ضريبة الأرباح التجارية والصناعية التي تستحق عليه.
وتنص المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ المشار إليه على ما يأتي: –
فقرة أولى: تسري أحكام البند ١ من المادة ٣٢ من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ – بعد تعديلها بمقتضى المادة الثانية – على التصرفات التي تم شهرها اعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٤ على أن تطبق على الإيرادات الناشئة عن هذه التصرفات الداخلة في وعاء الضريبة العامة على الإيراد وفق حكم المادة ٦ مكرراً من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٤٩ أسعار الضريبة العامة على الإيراد المقررة طبقاً لأحكام المادة الرابعة والعشرين من هذا القانون.
فقرة ثانية: ولا تسري الأحكام الجزائية إلا من تاريخ العمل بهذا القانون.
فقرة ثالثة: وتسري الأحكام الواردة بالفصل الرابع اعتباراً من تاريخ نشر هذا القانون.
فقرة رابعة: وفيما عدا ما تقدم تسري أحكام هذا القانون اعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٨.
وحيث إن الفقرتين الأولى والرابعة من المادة ٥٦ هما محل الطعن في الدعوى الماثلة، وكان القانون رقم ١٥٧ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون الضرائب على الدخل – وهو المعمول به حالياً – قد نص في مادته الثانية على أن يلغى العمل بأحكام القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٨٧ بشأن تحقيق العدالة الضريبية وذلك فيما عدا المواد ٢٥، ٢٦ فقرة أولى، ٢٩، ٣٠، ٣١ منه، ومتضمناً سريان أحكامه من تاريخ العمل به دون أن يسقط الآثار التي ترتبت قبله على النص التشريعي المطعون فيه، بما مؤداه بقاؤه نافذاً في نطاقه الزمني في شأن من كانوا يخضعون لحكمه منذ تاريخ العمل به وحتى إلغائه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة ٥٦ من القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية هي ما جرى تطبيقه إبان فترة نفاذها على تصرفي المدعيتين بالبيع فيما كانتا تملكانه من أرض داخل كردون المدينة – وهو ما لا خلاف عليه بين طرفي الدعوى – وترتبت بمقتضاه آثار قانونية في حقهما ممثلة في إخضاع أرباحهما المقدرة عن تصرفيهما لسعر الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية طبقاً للفقرة الأخيرة من البند ١ من المادة ٣٢ من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٣٩ المعدل بالقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ بشأن تحقيق العدالة الضريبية. إذ كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من النص المطعون عليه تقضي بسريان هذا البند بأثر رجعي على التصرفات التي تم شهرها اعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٤، دون الضريبة المفروضة على التصرفات العقارية والتي سبق استئداؤها منهما وفق سعرها المحدد في الفقرة الثالثة من هذا البند، وما نشأ عن ذلك من مديونيتهما بالفرق الزائد بين الضريبتين، وحدا بهما إلى الطعن في ربط الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وعناصرها عليهما أمام لجنة الطعن، ثم الطعن في قرار هذه اللجنة بشأنها أمام محكمة الموضوع، فاقتصر نزاعهما الموضوعي بذلك على تلك الضريبة، وكان لا مصلحة للمدعيتين في الطعن على الفقرة الرابعة من المادة ٥٦ لانتفاء الصلة بين سائر أحكام القانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٨ – والتي تقرر هذه الفقرة سريانها اعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٨ – وبين طلباتهما المطروحة في دعواهما الموضوعية. إذ كان ذلك، فإن المسألة الدستورية المرتبطة بنزاعهما الموضوعي والمؤثرة فيه، إنما يتحدد إطارها ونطاقها في نص الفقرة الأولى من المادة ٥٦، وذلك فيما قررته من فرض ضريبة الأرباح التجارية والصناعية على الأرباح الناتجة عن التصرفات العقارية الواقعة على الأراضي داخل كردون المدينة، السابق شهرها بدءاً من أول يناير سنة ١٩٧٤، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى فيما عدا هذا الشق منها.
وحيث إن من بين ما تنعاه المدعيتان على النص التشريعي المطعون فيه تعارضه مع حكم المادة ٣٨ من الدستور فيما قررته من قيام النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية إذ لا يحقق بأثره الرجعي هذه العدالة، مما حدا بالمشرع إلى إلغائه بموجب القانون رقم ١٥٧ لسنة ١٩٨١ بشأن الضريبة على الدخل، وكذلك مخالفته للمادة ١٨٧ من الدستور فيما رخصت به من أثر رجعي للقوانين – ما عدا القوانين الجنائية – بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب، إذ يلزم أن تقتضي مصلحة اجتماعية عليا تقرير الأثر الرجعي في التشريع، وهي غير متحققة في النص المطعون فيه. وأن القوانين الضريبية إذ هي لصيقة بالعقاب، ومخالفتها مؤثمة جنائياً، فإن طبيعتها تتأبى على الأثر الرجعي في جميع الأحوال، لا في مجرد إيقاع الجزاء الجنائي.
وحيث إن من المقرر أن القوانين الضريبية لا تعتبر بطبيعتها قوانين جزائية تقرر عقوبة جنائية، ولا هي تعدل من الآثار التي ترتبها العقود فيما بين أطرافها، ولكنها وسيلة تلجأ إليها الدولة محققة بها قدراً من التناسب بين أعبائها المالية ممثلة في التكاليف الكلية لنفقاتها، وبين ما ينبغي أن يؤديه إليها هؤلاء الذين يستفيدون أكثر من غيرهم من خدماتها. وحق عليهم بالتالي أن يتحملوا جانباً من أعباء الدولة ونصيباً من تبعاتها. وإذ كان المواطنون جميعهم معاملين على قدم من المساواة في مجال أداء الفريضة الضريبية التي يلتزمون بها، وليس لأحد حصانة تعفيه من أدائها إلا في الأحوال التي يبينها القانون، ووفق ضوابط موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بها، فإن رجعية قانون الضريبة لا تدل في ذاتها – وبالضرورة – على مخالفة حكمها للدستور، وهو ما قررته المادة ١٨٧ منه بإجازتها الرجعية في غير المواد الجنائية بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب في مجموعهم.
ولئن كان الأصل هو ألا يلجأ المشرع لتقرير رجعية الضريبة إلا إذا أملتها مصلحة اجتماعية لها وزنها، وذلك بالنظر إلى الآثار الخطيرة التي تحدثها الرجعية في محيط العلاقات القانونية، وما يلابسها بوجه خاص في أغلب الأحوال وأعمها من إخلال بالاستقرار، وإهدار للثقة المشروعة في التعامل ومساس بالحقوق، وكان من المقرر كذلك أن توزيع الأعباء المالية للدولة توزيعاً منصفاً من خلال الضريبة عملية بالغة التعقيد، تكتنفها مخاطر عديدة مترامية في مداها، إلا أن ممارسة السلطة التشريعية لولايتها في هذا النطاق لا يجوز إنكارها، أو غل يدها عنها. بل يتعين أن يتوافر لهذه السلطة المرونة الكافية عند مراجعتها لقوانين ضريبية سابقة على ضوء ما أسفر عنه تطبيقها، وانطلاقاً من ضرورة مواجهة الأعباء المتزايدة التي تتحملها الدولة في مجال نهوضها بالمرافق العامة، وبمراعاة عدم الإخلال بالمراكز القانونية المتماثلة، إذ لا يجوز بحال أن يميز قانون الضريبة – في غاياته أو آثاره – بين المخاطبين بالضريبة على غير أسس موضوعية، وإلا كان هذا التمييز تحكمياً ومنهياً عنه بنص المادة ٤٠ من الدستور.
وحيث إنه وإن صح القول بأن الضريبة في بواعثها هي ما يستقل المشرع بتقديره، إلا أن رجعية الضريبة ينال منها – ومن زاوية دستورية – أن تركن الدولة في تقريرها إلى مصلحة غير مشروعة، أو أن تتوخى – من خلال الأغراض التي تعمل الضريبة على بلوغها – تحقيق مصلحة مشروعة، ولكن النصوص التشريعية التي تدخل بها المشرع لإشباعها لا تربطها بها صلة منطقية. ويتحقق ذلك بوجه خاص كلما كان معدل الضريبة وأحوال فرضها مناقضاً للأسس الموضوعية التي ينبغي أن تقوم عليها، إذ يعتبر تقريرها عندئذ مخالفاً للدستور ولو كان الغرض من فرضها زيادة موارد الدولة لمقابلة مصلحة مشروعة كتلك المتعلقة بمواجهة معونة البطالة، بما مؤداه أنه كلما كان فرض الضريبة رجعية الأثر يقوم على رابطة منطقية بين الضريبة ومصلحة مشروعة تسعى إليها الدولة وترمي إلى بلوغها من وراء تقرير هذه الرجعية، فإن الرجعية تكون جائزة من الناحية الدستورية. ولازم ذلك أنه في مجال تقدير المصلحة المشروعة التي تقوم عليها الضريبة رجعية الأثر يتعين أن يكون مفهوماً أن السلطة التي تملكها الإدارة المالية بمناسبة تعديل أسس الضريبة القديمة وإعادة توزيع عبئها، لا يجوز إنكارها، وذلك كلما كان هذا التعديل يعيد – ولو بأثر رجعي – الموازين الدقيقة إلى ضريبة دل العمل من خلال تطبيقها على أنها غير عادلة.
وحيث إنه في مجال تقييم المصلحة المشروعة التي يركن إليها قانون الضريبة الجديدة التي فرضها المشرع بمناسبة أعمال قانونية أبرمها المكلفون بها قبل صدوره، ليس كافياً لانتفاء هذه المصلحة أن يكون تحقق الواقعة المنشئة لهذه الضريبة سابقاً على صدور قانونها. إذ لا يعدو سريان هذا القانون عليها أن يكون هو الأثر الرجعي بعينه – وهو جائز طبقاً للدستور وفق ما سبق بيانه – وإنما يتعين لتقرير زوال المصلحة المشروعة بالنسبة إلى ضريبة تتناول بأثرها الرجعي تصرفات ناقلة للملكية اكتمل تكوينها ونفاذها قبل صدور قانون الضريبة الجديد، أن يكون المكلفون بأدائها قد استحال عليهم بوجه عام – بالنظر إلى طبيعتها أو مبلغها – توقعها حين خرج المال من ذمتهم بصفة نهائية وذلك بنقلهم ملكيته إلى الغير وفقاً للقانون، إذ يناقض فرض الضريبة في هذه الأحوال مفهوم العدالة الاجتماعية الذي يقوم عليه النظام الضريبي على ما تقضي به المادة ٣٨ من الدستور، باعتبار أن العدالة الاجتماعية ينافيها أن يعدل المشرع أسس ضريبة قائمة قدر الممولون تبعة تصرفاتهم القانونية المبرمة عند سريانها على ضوء أحكامها، وذلك كلما قام الدليل على أن الظروف المحيطة بالضريبة الجديدة التي قرر المشرع سريانها بأثر رجعي في شأن تصرفاتهم القانونية السابقة عليها، النافذة قبل تقريرها، والتي لا يمكن الرجوع فيها، كانت غير ماثلة عند تعاملهم في إطار الضريبة القديمة وما كان بوسعهم عقلاً توقعها، وآية ذلك أنه لو كان بإمكان أحد من هؤلاء أن يكون على بينة منها، لأدخلها في اعتباره عند تصرفه في ماله، أو اختار إبقاء هذا المال في ذمته توقياً لأية مخاطر ضريبية لا يأمن عواقبها.
وحيث إنه إذا كان ما تقدم، وكان الأثر الرجعي الذي تضمنه النص التشريعي المطعون فيه – وعلى ما أوراه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة والموازنة ومكتب اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب عنه – قد تقرر بعد أن قدر المشرع ملاحقة ما اعتبره ثراء مفاجئاً حققه ممولو الضريبة المفروضة بموجبه من خلال تصرفاتهم العقارية بعد العمل بسياسة الانفتاح الاقتصادي بدءاً من أواخر سنة ١٩٧٣ وما صاحبها من زيادة في أثمان العقارات، ولم تكن أرباحهم وقتئذ خاضعة لأية ضريبة نوعية ولا للضريبة العامة على الإيراد بالتالي. إذ كان ذلك، وكان التقرير برجعية الضريبة المشار إليها على ضوء هذا الافتراض، مؤداه قيام موجبه في حق الممولين جميعاً على حد سواء، وأنهم توقعوا هذه الضريبة قبل أربع سنوات من فرضها، وأدخلوها في حسابهم بمناسبة تصرفاتهم العقارية السابقة عليها، وهو افتراض لا دليل عليه، ولا تظاهره أية مصلحة اجتماعية، إذ تعوق الضريبة رجعية الأثر – على النحو الذي جرى به النص التشريعي المطعون فيه – تداول الأموال وتخل بالثقة المشروعة في التعامل، ويجاوز مبلغها – محدداً على ضوء سعرها الجديد – الحدود المنطقية لتوقعاتهم في إطار الضريبة القديمة على الوجه الذي أسلفنا بيانه، وهو ما حدا بالمشرع إلى إلغاء الضريبة الجديدة بعد فترة وجيزة من فرضها، ومن ثم يكون النص التشريعي المطعون فيه مجافياً لمفهوم العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي، ومخالفاً بالتالي لنص المادة ٣٨ من الدستور.

زر الذهاب إلى الأعلى