حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٢ لسنة ١٥ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٢ لسنة ١٥ دستورية
تاريخ النشر : ١٥ – ٠٤ – ٢٠١٢

منطوق الحكم : عدم قبول دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم قبول طلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة ( أ ) من البند التاسع من المادة (٤٧) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، التى حلت محل المادة (٥٤ / ٤) من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١.

الحكم

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من ابريل سنة ٢٠١٢م، الموافق التاسع من جماد الأول سنة ١٤٣٣هـ.
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور / حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش وتهانى محمد الجبالى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٢٢ لسنة ١٥ قضائية “دستورية”.

المقامة من:

السيد / على محمد عبد الكريم السيد.

ضـد:

١ – السيد رئيس مجلس الوزراء.
٢ – السيد وزير العدل.
٣ – السيد النائب العام.
٤ – السيد وزير المالية.

الإجراءات

بتاريخ السابع من شهر يونيه سنة ١٩٩٣، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا فى ختامها الحكم بعدم دستورية نص الفقرة ( أ ) من البند التاسع من المادة (٤٧) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، التى حلت محل المادة (٥٤ / ٤) من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم؛ أصليًا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أنه بتاريخ ٢٥ / ١ / ١٩٩١، قامت مأمورية الضرائب على الاستهلاك بالتفتيش على محل تجارة المدعى بميدان الأربعين، وأسفر التفتيش عن ضبط كمية من الدخان الخام وزنها ١٧٥ كيلو جرامًا، وكمية أخرى من التمباك وزنها ١٤٠ كيلو جرامًا، وقد أثبت المدعى – وفقًا للمستندات المقدمة منه – سداد ضريبة الاستهلاك على كمية الدخان الخام المستحقة عليه، فيما عدا فروق ضريبية تمثل قيمة الزيادة وفقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم ٣٢ لسنة ١٩٩١ بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك المشار إليه، إلا أنه لم يثبت سداد الضريبة المستحقة عن كمية التمباك المستحقة عليه طبقًا للبند رقم (١٠) من الجدول المذكور، فأحالته النيابة العامة إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم ٤٦٥٣ لسنة ١٩٩٢ جنح الأربعين، متهمة إياه بأنه بتاريخ ٢٥ / ١ / ١٩٩١، تهرب من أداء ضريبة الاستهلاك بأن حاز السلع المبينة بالمحضر والخاضعة للضريبة بقصد التجارة دون أن تكون مصحوبة بمستندات تفيد سداد الضريبة المستحقة، وطلبت عقابه بالمواد (١ و٢ و٣ و٤ و٥ و٦ و٧ و٨ و٩ و٣٨ و٤٥ و٥٤ / ٤) من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ المعدل بالقانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٢، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنح الأربعين بجلسة ١٠ / ٤ / ١٩٩٣، دفع المدعى بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (٥٤) من القانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، ونص البند ( أ ) من الفقرة (٩) من المادة (٤٧) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، فقررت محكمة الموضوع حجز الدعوى للحكم بجلسة ٨ / ٥ / ١٩٩٣، وفيها قررت إعادة الدعوى للمرافعة بجلسة ١٢ / ٦ / ١٩٩٣، ليقدم المدعى ما يفيد الطعن بعدم الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ولايتها فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة فى المادة (٢٩) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى للفصل فى المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعى، وقدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ورخصت له برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهريًا من أشكال التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية.
متى كان ما تقدم، وكان المدعى قد دفع بجلسة ١٠ / ٤ / ١٩٩٣، بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (٥٤) من القانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ ونص البند ( أ ) من الفقرة (٩) من المادة (٤٧) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١. وطلب أجلاً لتقديم ما يفيد الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (٥٤) المشار إليها، فقررت محكمة الموضوع حجز الدعوى للحكم بجلسة ٨ / ٥ / ١٩٩٣، وصرحت بتقديم مذكرات فى أسبوع لمن يشاء، فقدم المدعى مذكرة أكد فيها دفعه بعدم دستورية نص تلك الفقرة وتعديلها على النحو السالف البيان، وبهذه الجلسة الأخيرة قررت محكمة الموضوع إعادة الدعوى للمرافعة بجلسة ١٢ / ٦ / ١٩٩٣ ليقدم المدعى ما يفيد الطعن بعدم الدستورية على مواد القانون المنوه عنها بمذكرة دفاع المدعى، مما مؤداه أن محكمة الموضوع قدرت جدية الدفع بعدم دستورية كل من نص الفقرة الرابعة من المادة (٥٤) من القانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ ونص البند ( أ ) من الفقرة (٩) من المادة (٤٧) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، وصرحت للمدعى – تبعًا لذلك – بإقامة دعواه الدستورية، فأقامها طعنًا على هذين النصين على النحو المشار إليه، ومن ثم تنهض الدعوى الماثلة مستوفية شروط اتصالها بالمحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن المادة (٥٤) من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ – قبل إلغاء هذا القانون بمقتضى المادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ – كانت تنص على أن “يُعتبر فى حكم التهرب من الضريبة ويُعاقب عليه بذات العقوبات المنصوص عليها فى المادة (٥٣):
١ – ……………
٤ – حيازة السلع الخاضعة للضريبة سواء كانت محلية أو مستوردة بغرض التجارة دون أن تكون مصحوبة بمستندات أو ملصقات أو أختام تفيد سداد الضريبة المستحقة عليها ………..”.
وحيث إن المادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ تنص على أن “يُلغى القانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون الضريبة على الاستهلاك، كما يُلغى كل ما يتعارض مع أحكام هذا القانون”.
وحيث إن المادة (٤٧) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، تنص على أن “تسرى أحكام هذا القانون على السلع المبينة فى الجدول رقم (١) المرافق، وذلك فيما لا يتعارض مع الأحكام الواردة بهذا الجدول والأحكام الآتية: ١ – ………………………
٩ – مع عدم الإخلال بحالات التهرب الواردة بالمادة (٤٤) من هذا القانون، يُعد تهربًا بالنسبة لهذه السلع يُعاقب عليه بالعقوبات المقررة بتلك المادة، الحالات الآتية:
( أ ) حيازة السلع الخاضعة للضريبة بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة، ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت فى حيازته هذه السلع المستندات الدالة على سداد الضريبة………..”. وقد تضمن الجدول رقم (١) المرافق لهذا القانون إدراج التمباك ضمن السلع الخاضعة للضريبة. وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠ بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ – قبل القضاء بعدم دستورية هذا القرار بمقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة ٢٣ / ١١ / ١٩٩٦ فى القضية رقم ١٦ لسنة ١٦ قضائية “دستورية” – كان ينص فى مادته الأولى على تعديل الجدول المذكور بإضافة “التمباك المستورد” إلى السلع الخاضعة للضريبة.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٢ لسنة ١٩٩١ بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، والمعمول به اعتبارًا من ٢٥ / ١ / ١٩٩١، قد نص كذلك على تعديل الجدول المذكور بإضافة “التمباك المستورد” إلى بنود المسلسل رقم (١٠) الخاضعة للضريبة.
وحيث إن قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ قد تم إلغاؤه بمقتضى المادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات – على ما سلف بيانه – وكانت المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين؛ أولهما: أن يقيم المدعى – فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه – الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلاً، ثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه. ومن المقرر أن شرط المصلحة منفصل دومًا عن توافق النص التشريعى الطعين مع أحكام الدستور أو مخالفته لها، استنادًا إلى أن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضوع الدعوى الدستورية، فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها، كما اطرد قضاء هذه المحكمة على أنه لا يكفى توافر المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل قائمة حتى الفصل فيها.
وحيث إن رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية تدور حول مدى صحة الاتهام المنسوب من النيابة العامة إلى المدعى بارتكابه واقعة التهرب من سداد الضريبة، طبقًا لنص الفقرة (٤) من المادة (٥٤) من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، وذلك فيما يتعلق بسلعة “التمباك المستورد” التى وردت ضمن السلع الخاضعة للضريبة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٢ لسنة ١٩٩١ بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك المشار إليه، واعتبرت هذه السلعة – وفقًا لهذا التعديل – من بين السلع التى تعتبر حيازتها فى حكم التهريب إذا لم تكن مصحوبة بمستندات أو ملصقات أو أختام تفيد سداد الضريبة المستحقة عليها، إعمالاً لنص الفقرة (٤) المشار إليها، التى يرتبط بها قرار رئيس الجمهورية المشار إليه ارتباطًا لا يقبل التجزئة. وكان هذا القرار قد نُشر بالجريدة الرسمية بالعدد ٤ تابع ( أ ) بتاريخ ٢٤ / ١ / ١٩٩١، ونصت مادته الثانية على أن يُعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، أى اعتبارًا من ٢٥ / ١ / ١٩٩١، وهو ذاته تاريخ ارتكاب الواقعة المنسوب إلى المدعى ارتكابها. وكانت المادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ قد نصت على أن “”يُلغى القانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون الضريبة على الاستهلاك، كما يُلغى كل ما يتعارض مع أحكام هذا القانون”. وكان من المقرر – وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان كل من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، وقرار رئيس الجمهورية رقم ٣٢ لسنة ١٩٩١ بتعديل الجدول المرافق لهذا القانون، قد تم إلغاؤهما بالمادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، وهو القانون المعمول به – طبقًا للمادة الخامسة من مواد إصداره – اعتبارًا من ٣ / ٥ / ١٩٩١، قبل نفاذ الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ ٣٠ مارس سنة ٢٠١١ بعدة سنوات، ومن ثم فإنه لا يمكن الاحتكام إلى ما ورد بأحكام ذلك الإعلان الدستورى فيما يتعلق بالنصوص التشريعية المطعون عليها، وإنما يتعين الاحتكام بشأنها إلى ما ورد بدستور سنة ١٩٧١، الذى صدر القانون المشتمل على النصوص المطعون عليها فى ظل العمل بأحكامه، وتم العمل بتلك النصوص إلى أن تم إلغاؤها، خلال مدة سريان ذلك الدستور.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المدعى قد أحيل للمحاكمة الجنائية بموجب نص الفقرة (٤) من المادة (٥٤) من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، وذلك فيما يتعلق بسلعة “التمباك المستورد” التى وردت ضمن السلع الخاضعة للضريبة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٢ لسنة ١٩٩١ بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك المشار إليه، وأيًا كان تقدير محكمة الموضوع لمدى إفادته من أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، باعتباره القانون الأصلح له، فإنه وقد نصت المادة الثانية من مواد إصدار هذا القانون الأخير على إلغاء قانون الضريبة على الاستهلاك – على النحو السالف بيانه – فإن مؤدى ذلك الإلغاء إنهاء تجريم الفعل المنسوب للمدعى ارتكابه والذى أحيل بسببه للمحاكمة الجنائية، – وتبعًا لذلك – زوال ما كان له من آثار فى حق المدعى فى ضوء ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة إعمالاً لأحكام المادتين ٦٦، ١٨٧ من دستور سنة ١٩٧١؛ إذ تنص أولاهما على أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون الذى ينص عليها، وتقضى ثانيتهما بأن الأصل فى أحكام القوانين هو سريانها اعتبارًا من تاريخ العمل بها، ولا أثر لها فيما وقع قبلها إلا بنص خاص تقره أغلبية أعضاء السلطة التشريعية فى مجموعهم، مما مؤداه أن كل قانون جديد يمحو التجريم عن الأفعال التى أثمها القانون القديم، إنما ينشىء للمتهم مركزًا قانونيًا جديدًا ويقوض – من خلال رد هذه الأفعال إلى دائرة المشروعية – مركزًا سابقًا، وذلك دون الخوض فيما إذا كان الفعل المنسوب للمدعى ارتكابه – بفرض صحته – ما زال معاقبًا عليه وفقًا لأحكام قانونية أخرى تخرج عن نطاق الدعوى الماثلة، التى غدت – بإلغاء النصوص التشريعية المطعون عليها – مفتقدة لشرط المصلحة الشخصية المباشرة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة فى الدعوى الماثلة قد انبنى على إنهاء تجريم الفعل المنسوب للمدعى ارتكابه والذى أحيل بسببه للمحاكمة الجنائية؛ مما يُعد تطبيقًا مباشرًا للقواعد الدستورية التى تناولتها على النحو المتقدم، فإن حكمها هذا – وفقًا لما جرى عليه قضاؤها – يكون متمتعًا بالحجية المطلقة التى أسبغها المشرع على أحكامها الصادرة فى المسائل الدستورية، وملزمًا – تبعًا لذلك – الناس كافة وكل سلطة فى الدولة، بما فى ذلك جهات القضاء على اختلافها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى