حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٢٠ لسنة ٢١ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٢٠ لسنة ٢١ دستورية
تاريخ النشر : ٠٨ – ٠٨ – ٢٠١٧
منطوق الحكم : عدم قبول دستورية
مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم قبول دعوى طلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب .
الحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثلاثين من يوليو سنة ٢٠١٧م، الموافق السابع من ذى القعدة سنة ١٤٣٨هـ .
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق – رئيس المحكمة .
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار – نواب رئيس المحكمة .
وحضور السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل – رئيس هيئة المفوضين .
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع – أمين السر .
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٢٢٠ لسنة ٢١ قضائية “دستورية” .
المقامة من
١ – فايزة صادق عبد الرحمن .
٢ – سوزان يوسف الطحاوى .
٣ – شهيرة شكرى يوسف الطحاوى .
ضـد
١ – رئيس الجمهورية .
٢ – رئيس مجلس الوزراء .
٣ – وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقارى .
٤ – وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تصفية الحراسات .
٥ – صلاح يوسف الطحاوى .
الإجراءات
بتاريخ ١٣ نوفمبر سنة ١٩٩٩، أودعت المدعيات صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بإثبات ترك المدعيات للخصومة .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعيات كن قد أقمن الدعوى رقم ١٦٧٦ لسنة ٩٨ مدنى حكومة، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع وآخرين، بطلب الحكم بوقف إجراءات المزاد العلنى المحدد له الساعة الحادية عشرة صباح يوم ٢١ / ٤ / ١٩٩٨ والأيام التالية بالنادى المصرى القاهرى وكافة الإجراءات التى اتخذت أو تتخذ فى شأن الأرض المعلن عنها بسنورس محافظة الفيوم أمام المحكمة والبالغ مساحتها ١٠٢ متر مربع، والقضاء بأحقية المدعية الثانية للشقة رقم ١٢ بالعقار رقم ١ / أ شارع عصام الدالى، المؤجرة لها بموجب قد الإيجار المؤرخ ١ / ١ / ١٩٧١، وإلزامهم بتسليمها الشقة خالية من أى شواغل أو أشخاص بموجب محضر الجرد، وأحقية المدعية الأولى لقطعة الأرض موضوع العقد المؤرخ ٢٧ / ١١ / ١٩٨٢ والبالغ مساحتها ١٤ سهمًا، بما يعادل ١٠٢ متر بناحية سنورس محافظة الفيوم موضوع الدعوى رقم ١٣٩٥٠ لسنة ١٩٨٧ مدنى كلى جنوب القاهرة، مع إلزامهم بتسليمها خالية ممن يشغلها سواء أشخاص أو أشياء، ومحو وشطب أى قيود أو تسجيلات اتخذت أو تتخذ على تلك الأرض، وأحقية المدعية الثالثة بصفتها وارثة للمرحوم شكرى يوسف الطحاوى للأطيان الزراعية البالغ مساحتها (٨) أفدنة و(١٠) قراريط و(٢١) سهمًا الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وبالعقد المشهر رقم ٥٠٠ لسنة ١٩٨٣ شهر عقارى الفيوم، وتسليمها تلك القطعة خالية مما يشغلها من أشخاص أو أشياء، وشطب ومحو أى قيود أو تسجيلات وردت عليها، وذلك كله على سند من أن المدعى العام الاشتراكى كان قد اتخذ الإجراءات التحفظية على أموال المدعى عليه الخامس، وذلك بموجب القرار رقم ٤٤ لسنة ١٩٨٤، وقد استطالت تلك الإجراءات إلى الأعيان سالفة البيان، نظرًا لصلة القربى التى تربطهم بالخاضع المذكور، لكونه زوجًا للمدعية الأولى وشقيقًا للمدعية الثانية وعمًّا للمدعية الثالثة، ورغم أن المدعية الثانية هى المستأجرة للشقة الكائنة بالدور الأول بالعقار رقم (١ / أ) شارع عصام الدالى – قسم الدقى، وذلك بموجب العقد المؤرخ ١ / ١ / ١٩٧١، والثابت التاريخ فى ٢٥ / ٧ / ١٩٨٢، من السيد / فوزى ميخائيل حنا، وقامت بتسلم الشقة المذكورة وأعدتها لاستخدامها فيما أعدت من أجله، واستمر وضع يدها عليها حتى تم الاستيلاء عليها باعتبارها من الأعيان الخاصة بالمدعى عليه الخامس، رغم استقلالها بها دون غيرها، كما أن المدعية الأولى هى المالكة لقطعة الأرض الكائنة بناحية سنورس محافظة الفيوم، والبالغ مساحتها ١٤ سهمًا بما يعادل ١٠٢ متر مربع، بالشراء من السيد / محسن مصطفى أبو زيد طنطاوى، بموجب العقد العرفى المؤرخ ٢٧ / ١١ / ١٩٨٢، محل الدعوى رقم ١٣٩٥٠ لسنة ١٩٨٧ مدنى كلى جنوب القاهرة، التى قضى فيها بانتداب مكتب خبراء وزارة العدل، الذى قدم تقريرًا انتهى إلى عدم وجود خلاف بين أطراف الدعوى على أرض النزاع، وأنها آلت إلى البائع بالميراث عن والده بموجب شروط القسمة المؤرخة ٢٣ / ٥ / ١٩٨٩ المحررة بين ورثة المرحوم أبو زيد طنطاوى، الذى آلت إليه ملكيتها ميراثًا عن والده صاحب التكليف، كما أقر المدعى عليه الرابع ورئيس جهاز تصفية الحراسات بصحة التصرف الصادر لها بموجب عقد البيع سالف الذكر، فضلاً عن أن الأطيان الزراعية البالغ مساحتها (٨) أفدنة و(١٠) قراريط و(٢١) سهمًا، الكائنة بناحية فانوس مركز طامية محافظة الفيوم، مكلفة باسم أحمد عبد السميع، وقام مورث المدعية الثالثة بشرائها بموجب عقد البيع المسجل رقم ٥٠٠ لسنة ١٩٨٣ شهر عقارى الفيوم، هذا وقد قضت محكمة القيم بتاريخ ٩ / ٦ / ١٩٨٤ بفرض الحراسة على أموال المدعى عليه الخامس، الذى طعن على هذا الحكم أمام محكمة القيم العليا ثم تنازل عن طعنه، وقضت المحكمة بإثبات تنازله، وبجلسة ٣ / ٣ / ١٩٩٠ قضت محكمة القيم فى الدعوى قم ١٣ لسنة ١٤ق حراسات بمصادرة أموال المذكور المفروضة عليها الحراسة لصالح الشعب، وقد طعن المدعى عليه الخامس والمدعيتان الأولى والثانية ومورث المدعية الثالثة على هذا الحكم، كما أقامت المدعية الثانية ومورث المدعية الثالثة الدعويين رقمى ٣٥، ٣٧ لسنة ٩ق قيم مدنى أمام محكمة القيم، طعنًا على قرار المدعى العام الاشتراكى رقم ٤٤ لسنة ١٩٨٤ فيما تضمنه من إدراج الأعيان المملوكة لهم ضمن المركز المالى للخاضع، وبجلسة ٢ / ٦ / ١٩٩٠ قضت المحكمة بعدم الاعتداد بقرار المدعى العام الاشتراكى المشار إليه بالنسبة للأعيان المبينة بصحيفة الدعويين، عدا المحل التجارى الكائن بالعقار رقم ٨٥ شارع الجيزة قسم الدقى، وبطلان كافة إجراءات التحفظ التى اتخذت بشأن تلك الأعيان، وبأحقية المدعية الثانية للأعيان المبينة بصحيفة دعواها عدا المحل التجارى سالف الذكر، وأحقية مورث المدعية الثالثة للأعيان المبينة بصحيفة الدعوى، وإلزام المدعى العام الاشتراكى بتسليمها لهم، وقد طعن المدعى العام الاشتراكى على هذا الحكم أمام محكمة القيم العليا بالطعنين رقمى ٤٢، ٧٠ لسنة ١٠ق عليا مدنى، وطعنت المدعية الثانية على هذا الحكم بالطعن رقم ٦٥ لسنة ١٠ق عليا مدنى، وأقامت الدعوى رقم ١٢٥ لسنة ١ق قيم، طلبًا للحكم باستبعاد الشقة الكائنة بالعقار رقم ١ / أ شارع عصام الدالى من المركز المالى للخاضع، كما أقامت المدعية الأولى الدعوى رقم ١٥٩ لسنة ١٠ق قيم، بطلب استبعاد مساحة ١٤ سهمًا شائعة فى مساحة ١١ قيراطًا بناحية سنورس، والسيارة رقم ٦١٢٦٠ ملاكى جيزة والمشغولات الذهبية الموضحة بمحضر التحفظ والمضبوطة بمسكنها من المركز المالى للخاضع، وبتاريخ ٢ / ٢ / ١٩٩١ قضت محكمة القيم فى الدعوى رقم ١٥٩ لسنة ١٠ق برفضها، وفى الدعوى رقم ١٢٥ لسنة ١٠ق بعدم قبولها، وقد طعنت المدعيتان الأولى والثانية على هذا الحكم بالطعن رقم ١٤ لسنة ١١ق عليا مدنى أمام محكمة القيم العليا، التى قضت بضم الطعون أرقام ٤١، ٤٢ لسنة ١٠ق عليا جنائى، ٤٢، ٦٥، ٧٠ لسنة ١٠، ١٤ لسنة ١١ق عليا مدنى، وبجلسة ٩ / ٤ / ١٩٩٤ قضت المحكمة بقبول الطعنين رقمى ٤١، ٤٢ لسنة ١٠ق عليا شكلاً، وفى موضوعهما، وموضوع الطعون المدنية المنضمة: أولاً: برفض الطعن رقم ٦٥ لسنة ١٠ق عليا، وثانيًا: برفض الطعن رقم ١٤ لسنة ١١ق عليا بخصوص الحكم الصادر فى الدعوى رقم ١٢٥ لسنة ١٠ق قيم، وبتعديل الحكم المطعون فيه الصادر فى الدعوى رقم ١٥٩ لسنة ١٠ق قيم باستبعاد السيارة رقم ٦١٢٦٠ ملاكى جيزة والمصوغات الذهبية المملوكة للطاعنة فايزة صادق عبد الرحمن، ثالثًا: بإلغاء الحكم رقم ٣٧ لسنة ٩ق قيم وفى الموضوع برفض دعوى المطعون ضده، رابعًا: بتعديل الحكم رقم ٣٥ لسنة ٩ق قيم باستبعاد السيارة رقم ٢٢٦٧ ملاكى جيزة، وإلغاء الحكم فيما عدا ذلك، خامسًا: بتأييد الحكمين المطعون فيهما بمقتضى الطعنين رقمى ٤١، ٤٢ لسنة ١٠ق عليا، مع استبعاد ما سبق استبعاده من أموال . وإذ ارتأت المدعيات أن حكم محكمة القيم المتقدم قد ركن فى قضائه إلى الشبهات، فقد أقمن دعواهن المشار إليها، بطلباتهن المتقدمة، وقد عدلت المدعيتان الأولى والثالثة طلباتهما فى الدعوى إلى إلزام وزير المالية ورئيس جهاز تصفية الحراسات بصفتيهما بأن يؤديا للمدعية الأولى مبلغ ٩٩٩٦٠ جنيهًا، وللمدعية الثالثة مبلغ ١٢٦٧٩٦ جنيهًا، قيمة المبالغ الراسى به المزاد العلنى المتضمن بيع الأعيان المشار إليها محل التداعى، تأسيسًا على أن الجهة الإدارية رغم إقامتهما الدعوى المشار إليها استمرت فى إجراءات البيع بالمزاد العلنى للأعيان المملوكة لهما، وتم البيع بتاريخ ٢١ / ٤ / ١٩٩٨، ١٧ / ٣ / ١٩٩٩، وأنهما يستحقان بذلك قيمة المبلغ الراسى به المزاد، وأثناء نظر الدعوى دفعت المدعيان بعدم دستورية نصر الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت لهن برفع الدعوى الدستورية، أقمن الدعوى المعروضة، وبجلسة ١٣ / ٥ / ٢٠٠٠ قضت محكمة الجيزة الابتدائية بعدم قبول الدعوى، وذلك لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون، وعينته المادة (٣٤) من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠، وقد طعنت المدعيان على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ٩٠٩٣ لسنة ١١٧ق، وبجلسة ٢٧ / ٩ / ٢٠٠٠ قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف ليكون بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم بجلسة ٩ / ٤ / ١٩٩٤ فى الطعون أرقام ١٤ لسنة ١١ق قيم عليا مدنى، ٧٠ لسنة ١٠ق عليا، ٤١, ٤٢ لسنة ١٠ق عليا جنائي, ٦٥ لسنة ١٠ق عليا, وقد طعنت المدعيات على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم ٥٩٧٤ لسنة ٧٠ق مدنى، الذى لم يحدد لنظره جلسة بعد .
وحيث إنه عن طلب هيئة قضايا الدولة إثبات ترك المدعيات للخصومة، وإذ لم يثبت من الأوراق إقرار المدعيات بتركهن الخصومة فى الدعوى المعروضة، أو تنازلهم عن الدفع بعدم الدستورية، فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب .
وحيث إن الحاضر عن المدعيات قدم مذكرة أثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين طلب فيها الحكم بعدم دستورية نص المادتين (١٩، ٢٠) من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٧١ المشار إليه، والقواعد المرتبطة به من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠، وكان من المقرر أنه لا يجوز إبداء طلبات جديدة أو إضافية أمام هيئة المفوضين، كما أن الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعيات أمام محكمة الموضوع قد اقتصر على نص الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ سالف الذكر، وهو ما انصب عليه تقدير محكمة الموضوع لجدية هذا الدفع وتصريحها برفع الدعوى الدستورية، ولم يشمل ذلك النصوص التى أثارها الحاضر عن المدعيات أمام هيئة المفوضين بمذكرته المار ذكرها، الأمر الذى تنحل معه تلك الطلبات إلى دعوى دستورية أصلية أقيمت بالمخالفة لنص المادة (٢٩ / ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها .
وحيث إن المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب تنص على أن “لا تشمل الحراسة إلا الأموال التى فى ملك الخاضع فعلاً فى تاريخ فرضها ولا تمتد إلى ما يؤول إليه من أموال بعد ذلك التاريخ .
وكذلك لا تشمل الحراسة أى مال تصرف فيه الخاضع إلى الغير ولو لم يكن قد سجل متى كان هذا التصرف قد نفذ أو كان ثابت التاريخ قبل منع التصرف فى المال .
ويجوز للمحكمة أيضًا أن تفرض الحراسة على أى مال يكون فى الواقع تحت سيطرة الشخص الخاضع للحراسة، ولو كان على اسم زوجه أو أولاده القصر أو البالغين أو غير هؤلاء إذا كان الخاضع هو مصدر ذلك المال” .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفاد نص المادة (٤٩) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون، أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائى – عدا النصوص الضريبية – يكون له أثر رجعى ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التى اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره فى الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط به قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى بات أو بانقضاء مدة تقادم، قبل صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا .
لما كان ذلك، وكان الثابت أن محكمة القيم قد أصدرت حكمها بجلسة ٩ / ٦ / ١٩٨٤ بفرض الحراسة على أموال المدعى عليه الخامس، قد طعن على الحكم أمام محكمة القيم العليا، ثم تنازل عن طعنه، وقضت المحكمة بإثبات تنازله، وصار هذا الحكم باتًا، وبناءً عليه أصدرت محكمة القيم حكمها بجلسة ٣ / ٣ / ١٩٩٠ فى الدعوى رقم ١٣ لسنة ١٤ق حراسات، بمصادرة أموال المدعى عليه الخامس الخاضع للحراسة لصالح الشعب، ومن بينها الأعيان محل النزاع الموضوعى باعتبارها ضمن مركزه المالى، فضلاً عن أن محكمة القيم العليا بحكمها الصادر بجلسة ٩ / ٤ / ١٩٩٤ فى الطعون أرقام ٤٢، ٤١ لسنة ١٠ق قيم عليا جنائى، ٤٢، ٦٥، ٧٠ لسنة ١٠، ١٤ لسنة ١١ق قيم عليا مدنى، قد حسمت النزاع حول مدى دخول تلك الأعيان ضمن المركز المالى للخاضع المدعى عليه الخامس، ومدى سلامة ما اتخذ فى شأنها من إجراءات فرض الحراسة والمصادرة لصالح الشعب، وأصبح هذا الحكم باتًا، بما مؤداه أن القضاء فى المسألة الدستورية المتعلقة بنص الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ المشار إليه، المطعون فيه، لن يكون ذا أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعى، بعد أن استقرت المراكز القانونية للخصوم فيه بحكم قضائى بات، بما يحول دون إعمال أى أثر لهذا القضاء عليه، احترامًا لحجية الأمر المقضى المقررة لهذه الأحكام، التى حرص الدستور على توكيدها فى المادة (١٠٠) منه، لتنتفى بذلك المصلحة الشخصية المباشرة فى الطعن على هذا النص، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى .
وحيث إنه متى كانت ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فلا تثريب على محكمة الموضوع إذ استمرت فى نظر الدعوى، وأصدرت فيها قضاءها المتقدم .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعيات المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثلاثين من يوليو سنة ٢٠١٧م، الموافق السابع من ذى القعدة سنة ١٤٣٨هـ .
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق – رئيس المحكمة .
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار – نواب رئيس المحكمة .
وحضور السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل – رئيس هيئة المفوضين .
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع – أمين السر .
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٢٢٠ لسنة ٢١ قضائية “دستورية” .
المقامة من
١ – فايزة صادق عبد الرحمن .
٢ – سوزان يوسف الطحاوى .
٣ – شهيرة شكرى يوسف الطحاوى .
ضـد
١ – رئيس الجمهورية .
٢ – رئيس مجلس الوزراء .
٣ – وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقارى .
٤ – وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تصفية الحراسات .
٥ – صلاح يوسف الطحاوى .
الإجراءات
بتاريخ ١٣ نوفمبر سنة ١٩٩٩، أودعت المدعيات صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بإثبات ترك المدعيات للخصومة .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعيات كن قد أقمن الدعوى رقم ١٦٧٦ لسنة ٩٨ مدنى حكومة، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع وآخرين، بطلب الحكم بوقف إجراءات المزاد العلنى المحدد له الساعة الحادية عشرة صباح يوم ٢١ / ٤ / ١٩٩٨ والأيام التالية بالنادى المصرى القاهرى وكافة الإجراءات التى اتخذت أو تتخذ فى شأن الأرض المعلن عنها بسنورس محافظة الفيوم أمام المحكمة والبالغ مساحتها ١٠٢ متر مربع، والقضاء بأحقية المدعية الثانية للشقة رقم ١٢ بالعقار رقم ١ / أ شارع عصام الدالى، المؤجرة لها بموجب قد الإيجار المؤرخ ١ / ١ / ١٩٧١، وإلزامهم بتسليمها الشقة خالية من أى شواغل أو أشخاص بموجب محضر الجرد، وأحقية المدعية الأولى لقطعة الأرض موضوع العقد المؤرخ ٢٧ / ١١ / ١٩٨٢ والبالغ مساحتها ١٤ سهمًا، بما يعادل ١٠٢ متر بناحية سنورس محافظة الفيوم موضوع الدعوى رقم ١٣٩٥٠ لسنة ١٩٨٧ مدنى كلى جنوب القاهرة، مع إلزامهم بتسليمها خالية ممن يشغلها سواء أشخاص أو أشياء، ومحو وشطب أى قيود أو تسجيلات اتخذت أو تتخذ على تلك الأرض، وأحقية المدعية الثالثة بصفتها وارثة للمرحوم شكرى يوسف الطحاوى للأطيان الزراعية البالغ مساحتها (٨) أفدنة و(١٠) قراريط و(٢١) سهمًا الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وبالعقد المشهر رقم ٥٠٠ لسنة ١٩٨٣ شهر عقارى الفيوم، وتسليمها تلك القطعة خالية مما يشغلها من أشخاص أو أشياء، وشطب ومحو أى قيود أو تسجيلات وردت عليها، وذلك كله على سند من أن المدعى العام الاشتراكى كان قد اتخذ الإجراءات التحفظية على أموال المدعى عليه الخامس، وذلك بموجب القرار رقم ٤٤ لسنة ١٩٨٤، وقد استطالت تلك الإجراءات إلى الأعيان سالفة البيان، نظرًا لصلة القربى التى تربطهم بالخاضع المذكور، لكونه زوجًا للمدعية الأولى وشقيقًا للمدعية الثانية وعمًّا للمدعية الثالثة، ورغم أن المدعية الثانية هى المستأجرة للشقة الكائنة بالدور الأول بالعقار رقم (١ / أ) شارع عصام الدالى – قسم الدقى، وذلك بموجب العقد المؤرخ ١ / ١ / ١٩٧١، والثابت التاريخ فى ٢٥ / ٧ / ١٩٨٢، من السيد / فوزى ميخائيل حنا، وقامت بتسلم الشقة المذكورة وأعدتها لاستخدامها فيما أعدت من أجله، واستمر وضع يدها عليها حتى تم الاستيلاء عليها باعتبارها من الأعيان الخاصة بالمدعى عليه الخامس، رغم استقلالها بها دون غيرها، كما أن المدعية الأولى هى المالكة لقطعة الأرض الكائنة بناحية سنورس محافظة الفيوم، والبالغ مساحتها ١٤ سهمًا بما يعادل ١٠٢ متر مربع، بالشراء من السيد / محسن مصطفى أبو زيد طنطاوى، بموجب العقد العرفى المؤرخ ٢٧ / ١١ / ١٩٨٢، محل الدعوى رقم ١٣٩٥٠ لسنة ١٩٨٧ مدنى كلى جنوب القاهرة، التى قضى فيها بانتداب مكتب خبراء وزارة العدل، الذى قدم تقريرًا انتهى إلى عدم وجود خلاف بين أطراف الدعوى على أرض النزاع، وأنها آلت إلى البائع بالميراث عن والده بموجب شروط القسمة المؤرخة ٢٣ / ٥ / ١٩٨٩ المحررة بين ورثة المرحوم أبو زيد طنطاوى، الذى آلت إليه ملكيتها ميراثًا عن والده صاحب التكليف، كما أقر المدعى عليه الرابع ورئيس جهاز تصفية الحراسات بصحة التصرف الصادر لها بموجب عقد البيع سالف الذكر، فضلاً عن أن الأطيان الزراعية البالغ مساحتها (٨) أفدنة و(١٠) قراريط و(٢١) سهمًا، الكائنة بناحية فانوس مركز طامية محافظة الفيوم، مكلفة باسم أحمد عبد السميع، وقام مورث المدعية الثالثة بشرائها بموجب عقد البيع المسجل رقم ٥٠٠ لسنة ١٩٨٣ شهر عقارى الفيوم، هذا وقد قضت محكمة القيم بتاريخ ٩ / ٦ / ١٩٨٤ بفرض الحراسة على أموال المدعى عليه الخامس، الذى طعن على هذا الحكم أمام محكمة القيم العليا ثم تنازل عن طعنه، وقضت المحكمة بإثبات تنازله، وبجلسة ٣ / ٣ / ١٩٩٠ قضت محكمة القيم فى الدعوى قم ١٣ لسنة ١٤ق حراسات بمصادرة أموال المذكور المفروضة عليها الحراسة لصالح الشعب، وقد طعن المدعى عليه الخامس والمدعيتان الأولى والثانية ومورث المدعية الثالثة على هذا الحكم، كما أقامت المدعية الثانية ومورث المدعية الثالثة الدعويين رقمى ٣٥، ٣٧ لسنة ٩ق قيم مدنى أمام محكمة القيم، طعنًا على قرار المدعى العام الاشتراكى رقم ٤٤ لسنة ١٩٨٤ فيما تضمنه من إدراج الأعيان المملوكة لهم ضمن المركز المالى للخاضع، وبجلسة ٢ / ٦ / ١٩٩٠ قضت المحكمة بعدم الاعتداد بقرار المدعى العام الاشتراكى المشار إليه بالنسبة للأعيان المبينة بصحيفة الدعويين، عدا المحل التجارى الكائن بالعقار رقم ٨٥ شارع الجيزة قسم الدقى، وبطلان كافة إجراءات التحفظ التى اتخذت بشأن تلك الأعيان، وبأحقية المدعية الثانية للأعيان المبينة بصحيفة دعواها عدا المحل التجارى سالف الذكر، وأحقية مورث المدعية الثالثة للأعيان المبينة بصحيفة الدعوى، وإلزام المدعى العام الاشتراكى بتسليمها لهم، وقد طعن المدعى العام الاشتراكى على هذا الحكم أمام محكمة القيم العليا بالطعنين رقمى ٤٢، ٧٠ لسنة ١٠ق عليا مدنى، وطعنت المدعية الثانية على هذا الحكم بالطعن رقم ٦٥ لسنة ١٠ق عليا مدنى، وأقامت الدعوى رقم ١٢٥ لسنة ١ق قيم، طلبًا للحكم باستبعاد الشقة الكائنة بالعقار رقم ١ / أ شارع عصام الدالى من المركز المالى للخاضع، كما أقامت المدعية الأولى الدعوى رقم ١٥٩ لسنة ١٠ق قيم، بطلب استبعاد مساحة ١٤ سهمًا شائعة فى مساحة ١١ قيراطًا بناحية سنورس، والسيارة رقم ٦١٢٦٠ ملاكى جيزة والمشغولات الذهبية الموضحة بمحضر التحفظ والمضبوطة بمسكنها من المركز المالى للخاضع، وبتاريخ ٢ / ٢ / ١٩٩١ قضت محكمة القيم فى الدعوى رقم ١٥٩ لسنة ١٠ق برفضها، وفى الدعوى رقم ١٢٥ لسنة ١٠ق بعدم قبولها، وقد طعنت المدعيتان الأولى والثانية على هذا الحكم بالطعن رقم ١٤ لسنة ١١ق عليا مدنى أمام محكمة القيم العليا، التى قضت بضم الطعون أرقام ٤١، ٤٢ لسنة ١٠ق عليا جنائى، ٤٢، ٦٥، ٧٠ لسنة ١٠، ١٤ لسنة ١١ق عليا مدنى، وبجلسة ٩ / ٤ / ١٩٩٤ قضت المحكمة بقبول الطعنين رقمى ٤١، ٤٢ لسنة ١٠ق عليا شكلاً، وفى موضوعهما، وموضوع الطعون المدنية المنضمة: أولاً: برفض الطعن رقم ٦٥ لسنة ١٠ق عليا، وثانيًا: برفض الطعن رقم ١٤ لسنة ١١ق عليا بخصوص الحكم الصادر فى الدعوى رقم ١٢٥ لسنة ١٠ق قيم، وبتعديل الحكم المطعون فيه الصادر فى الدعوى رقم ١٥٩ لسنة ١٠ق قيم باستبعاد السيارة رقم ٦١٢٦٠ ملاكى جيزة والمصوغات الذهبية المملوكة للطاعنة فايزة صادق عبد الرحمن، ثالثًا: بإلغاء الحكم رقم ٣٧ لسنة ٩ق قيم وفى الموضوع برفض دعوى المطعون ضده، رابعًا: بتعديل الحكم رقم ٣٥ لسنة ٩ق قيم باستبعاد السيارة رقم ٢٢٦٧ ملاكى جيزة، وإلغاء الحكم فيما عدا ذلك، خامسًا: بتأييد الحكمين المطعون فيهما بمقتضى الطعنين رقمى ٤١، ٤٢ لسنة ١٠ق عليا، مع استبعاد ما سبق استبعاده من أموال . وإذ ارتأت المدعيات أن حكم محكمة القيم المتقدم قد ركن فى قضائه إلى الشبهات، فقد أقمن دعواهن المشار إليها، بطلباتهن المتقدمة، وقد عدلت المدعيتان الأولى والثالثة طلباتهما فى الدعوى إلى إلزام وزير المالية ورئيس جهاز تصفية الحراسات بصفتيهما بأن يؤديا للمدعية الأولى مبلغ ٩٩٩٦٠ جنيهًا، وللمدعية الثالثة مبلغ ١٢٦٧٩٦ جنيهًا، قيمة المبالغ الراسى به المزاد العلنى المتضمن بيع الأعيان المشار إليها محل التداعى، تأسيسًا على أن الجهة الإدارية رغم إقامتهما الدعوى المشار إليها استمرت فى إجراءات البيع بالمزاد العلنى للأعيان المملوكة لهما، وتم البيع بتاريخ ٢١ / ٤ / ١٩٩٨، ١٧ / ٣ / ١٩٩٩، وأنهما يستحقان بذلك قيمة المبلغ الراسى به المزاد، وأثناء نظر الدعوى دفعت المدعيان بعدم دستورية نصر الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت لهن برفع الدعوى الدستورية، أقمن الدعوى المعروضة، وبجلسة ١٣ / ٥ / ٢٠٠٠ قضت محكمة الجيزة الابتدائية بعدم قبول الدعوى، وذلك لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون، وعينته المادة (٣٤) من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠، وقد طعنت المدعيان على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ٩٠٩٣ لسنة ١١٧ق، وبجلسة ٢٧ / ٩ / ٢٠٠٠ قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف ليكون بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم بجلسة ٩ / ٤ / ١٩٩٤ فى الطعون أرقام ١٤ لسنة ١١ق قيم عليا مدنى، ٧٠ لسنة ١٠ق عليا، ٤١, ٤٢ لسنة ١٠ق عليا جنائي, ٦٥ لسنة ١٠ق عليا, وقد طعنت المدعيات على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم ٥٩٧٤ لسنة ٧٠ق مدنى، الذى لم يحدد لنظره جلسة بعد .
وحيث إنه عن طلب هيئة قضايا الدولة إثبات ترك المدعيات للخصومة، وإذ لم يثبت من الأوراق إقرار المدعيات بتركهن الخصومة فى الدعوى المعروضة، أو تنازلهم عن الدفع بعدم الدستورية، فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب .
وحيث إن الحاضر عن المدعيات قدم مذكرة أثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين طلب فيها الحكم بعدم دستورية نص المادتين (١٩، ٢٠) من القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٧١ المشار إليه، والقواعد المرتبطة به من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٨٠، وكان من المقرر أنه لا يجوز إبداء طلبات جديدة أو إضافية أمام هيئة المفوضين، كما أن الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعيات أمام محكمة الموضوع قد اقتصر على نص الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ سالف الذكر، وهو ما انصب عليه تقدير محكمة الموضوع لجدية هذا الدفع وتصريحها برفع الدعوى الدستورية، ولم يشمل ذلك النصوص التى أثارها الحاضر عن المدعيات أمام هيئة المفوضين بمذكرته المار ذكرها، الأمر الذى تنحل معه تلك الطلبات إلى دعوى دستورية أصلية أقيمت بالمخالفة لنص المادة (٢٩ / ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها .
وحيث إن المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب تنص على أن “لا تشمل الحراسة إلا الأموال التى فى ملك الخاضع فعلاً فى تاريخ فرضها ولا تمتد إلى ما يؤول إليه من أموال بعد ذلك التاريخ .
وكذلك لا تشمل الحراسة أى مال تصرف فيه الخاضع إلى الغير ولو لم يكن قد سجل متى كان هذا التصرف قد نفذ أو كان ثابت التاريخ قبل منع التصرف فى المال .
ويجوز للمحكمة أيضًا أن تفرض الحراسة على أى مال يكون فى الواقع تحت سيطرة الشخص الخاضع للحراسة، ولو كان على اسم زوجه أو أولاده القصر أو البالغين أو غير هؤلاء إذا كان الخاضع هو مصدر ذلك المال” .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفاد نص المادة (٤٩) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون، أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائى – عدا النصوص الضريبية – يكون له أثر رجعى ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التى اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره فى الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط به قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى بات أو بانقضاء مدة تقادم، قبل صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا .
لما كان ذلك، وكان الثابت أن محكمة القيم قد أصدرت حكمها بجلسة ٩ / ٦ / ١٩٨٤ بفرض الحراسة على أموال المدعى عليه الخامس، قد طعن على الحكم أمام محكمة القيم العليا، ثم تنازل عن طعنه، وقضت المحكمة بإثبات تنازله، وصار هذا الحكم باتًا، وبناءً عليه أصدرت محكمة القيم حكمها بجلسة ٣ / ٣ / ١٩٩٠ فى الدعوى رقم ١٣ لسنة ١٤ق حراسات، بمصادرة أموال المدعى عليه الخامس الخاضع للحراسة لصالح الشعب، ومن بينها الأعيان محل النزاع الموضوعى باعتبارها ضمن مركزه المالى، فضلاً عن أن محكمة القيم العليا بحكمها الصادر بجلسة ٩ / ٤ / ١٩٩٤ فى الطعون أرقام ٤٢، ٤١ لسنة ١٠ق قيم عليا جنائى، ٤٢، ٦٥، ٧٠ لسنة ١٠، ١٤ لسنة ١١ق قيم عليا مدنى، قد حسمت النزاع حول مدى دخول تلك الأعيان ضمن المركز المالى للخاضع المدعى عليه الخامس، ومدى سلامة ما اتخذ فى شأنها من إجراءات فرض الحراسة والمصادرة لصالح الشعب، وأصبح هذا الحكم باتًا، بما مؤداه أن القضاء فى المسألة الدستورية المتعلقة بنص الفقرة الثالثة من المادة (١٨) من القانون رقم ٣٤ لسنة ١٩٧١ المشار إليه، المطعون فيه، لن يكون ذا أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعى، بعد أن استقرت المراكز القانونية للخصوم فيه بحكم قضائى بات، بما يحول دون إعمال أى أثر لهذا القضاء عليه، احترامًا لحجية الأمر المقضى المقررة لهذه الأحكام، التى حرص الدستور على توكيدها فى المادة (١٠٠) منه، لتنتفى بذلك المصلحة الشخصية المباشرة فى الطعن على هذا النص، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى .
وحيث إنه متى كانت ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فلا تثريب على محكمة الموضوع إذ استمرت فى نظر الدعوى، وأصدرت فيها قضاءها المتقدم .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعيات المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .