حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٠٤ لسنة ٢١ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٠٤ لسنة ٢١ دستورية
تاريخ النشر : ١٥ – ٠٥ – ٢٠١٠
منطوق الحكم : عدم قبول دستورية
مضمون الحكم : عدم دستورية نص المادة (١٣١) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ ، وما يرتبط بها من نصوص ، وسقوط قرار وزير المالية رقم ١٠٨ لسنة ١٩٨٣ المشار إليه المعدل بالقرارين رقمى ١٨٣ لسنة ١٩٨٤ و٨٠ لسنة ١٩٨٨ .
الحكم
المحكمة الدستورية العليابالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من مايو سنة ٢٠١٠ م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة ١٤٣١ هـ.
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان – رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / محمد عبد القادر عبد الله ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى ورجب عبد الحكيم سليم – نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى – رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن – أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٢٠٤ لسنة ٢١ القضائية “دستورية” المحالة من محكمة استئناف القاهرة “دائرة ٥٩ مدنى” بحكمها الصادر بجلسة ٨ / ٩ / ١٩٩٩ فى الاستئناف رقم ٢٥٦٨ لسنة ١١٦ القضائية
المقامة من:
السيد / خالد محمد عبد المنعم المغربى.
ضد:
١ – السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك.
٢ – السيد وزير الداخلية.
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من شهر أكتوبر سنة ١٩٩٩، وردت إلى المحكمة الدستورية العليا أوراق الدعوى رقم ٢٥٦٨ لسنة ١١٦ القضائية، تنفيذًا للحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة ٥٩ مدنى) بتاريخ ٨ / ٩ / ١٩٩٩ بوقف الاستئناف وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية قرار وزير المالية رقم ١٠٨ لسنة ١٩٨٣ فى شأن توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيم بيع المضبوطات والأشياء المصادرة فى الجرائم والمخالفات الجمركية وضرائب الاستهلاك المعدل بالقرارين رقم ١٨٣ لسنة ١٩٨٤ و٨٠ لسنة ١٩٨٨
وقدم المدعى مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم بعدم دستورية نص المادة (١٣١) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣، وما يرتبط بها من نصوص، وسقوط قرار وزير المالية رقم ١٠٨ لسنة ١٩٨٣ المشار إليه المعدل بالقرارين رقمى ١٨٣ لسنة ١٩٨٤ و ٨٠ لسنة ١٩٨٨
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة، واحتياطيًا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من حكم الإحالة، وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ١٣٨٨ لسنة ١٩٩٤ مدنى كلى جنوب القاهرة طلبًا للحكم بإلزام المدعى عليه الأول أن يؤدى إليه مبلغ مليون جنيه مع الفوائد اعتبارًا من ٥ / ٨ / ١٩٨٣. وقد عدل المدعى من طلباته أثناء نظر الدعوى طالبًا إلزام الجهة المدعى عليها أن ترد إليه مبلغ ٥٣٨٩٠٣ جنيهات هى ما تم تحصيله منه دون وجه حق مع الفوائد القانونية اعتبارًا من ١٤ / ٨ / ١٩٩٣ وحتى تاريخ السداد، بالإضافة إلى مبلغ نصف مليون جنيه تعويضًا مدنيًا عما لحقه من أضرار. واستند المدعى فى ذلك إلى أنه كان قد استورد فى غضون شهر يونيه سنة ١٩٩٣ رسالة مستلزمات مصنوعات جلدية باعتماد مفتوح بوزن مقداره ١٦٥٠٠ كجم، وعند وصول الرسالة تبين أن وزنها الفعلى ٧٢٠٠ كجم فقط، وهو ما أكدته الشركة المصدرة، وعلى الرغم من أنه قدم إلى مصلحة الجمارك المستندات المؤيدة لذلك، إلا أن المختصين بالمصلحة لم يعتدوا بهذه المسندات وافترضوا أنه قام بتهريب فارق الوزن، ورفضوا الإفراج عن الرسالة حتى يسدد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عنه. وإذ رفض ذلك، فقد تمت إحالته إلى إدارة مكافحة التهرب الضريبى، وجرى استدعاؤه وتفتيش مقر عمله بتاريخ ٤ / ٨ / ١٩٩٣، والاستيلاء على ما وجد به من مستندات ومبالغ نقدية كبيرة، واتهامه بالتهرب الضريبى مما اضطره مكرهًا إلى التصالح مع مصلحة الضرائب وسداد المبالغ الكبيرة المطلوبة للإفراج عن الرسالة. ومع ذلك، فقد تمت إحالته إلى النيابة العامة بتاريخ ٧ / ٩ / ١٩٩٣ لرفع الدعوى الجنائية ضده، فقدمته النيابة العامة إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم ١٣٨ لسنة ١٩٩٣ شئون المالية، والتى قضت فيها المحكمة بجلسة ٤ / ١٢ / ١٩٩٣ بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح، مما دعاه لرفع دعواه أمام القضاء لاسترداد ما تم تحصيله منه بدون وجه الحق مع الفوائد القانونية والتعويض. وبجلسة ٣٠ / ١٢ / ١٩٩٨ حكمت المحكمة برفض الدعوى. وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء، فقد طعن عليه بالاستئناف رقم ٢٥٦٨ لسنة ١١٦ القضائية أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة ٥٩ مدنى) طالبًا الحكم أصليًا بإلغاء الحكم المستأنف، والحكم له بطلباته الأصلية، واحتياطيًا الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وقائع الإكراه موضوع الدعوى. وبجلسة ٨ / ٩ / ١٩٩٩ تراءى للمحكمة أن قرار وزير المالية رقم ١٠٨ لسنة ١٩٨٣ المشار إليه المعدل بالقرارين رقمى ١٨٣ لسنة ١٩٨٤ و ٨٠ لسنة ١٩٨٨، وقد اختص القائمون على الضبط بالجانب الأكبر من حصيلة مبالغ التعويضات والغرامات وقيم بيع المضبوطات والأشياء المصادرة دون أن يدخلها فى خزانة الدولة لتكون ضمن مواردها العامة، فإنه يكون مشويًا بشبهة عدم الدستورية. ومن ثم، فقد قضت بوقف الاستئناف، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية.
وحيث إنه عن الطلب الذى تضمنته مذكرة المدعى التى أودعها قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ ١٤ / ١١ / ١٩٩٩ للحكم بعدم دستورية نص المادة (١٣١) من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ وما يرتبط به من نصوص، فإن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن ولايتها فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً قانونيًا طبقًا للأوضاع المقررة فى المادتين (٢٧، ٢٩) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ اللتين رسمتا سبل التداعى فى شأن الدعاوى الدستورية، وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التى تقدم إلى المحكمة مباشرة طعنًا فى دستورية التشريعات، ولما كان ذلك، وكان الطلب السابق لم يتصل بالمحكمة اتصالاً قانونيًا يستنهض ولايتها لتفصل فيه، وينحل فى حقيقته إلى دعوى أصلية وطعنًا مباشرًا على هذه النصوص، فإنه يتعين القضاء بعدم قبوله.
وحيث إنه تبعًا لذلك فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد – على ما ورد بقرار الإحالة. بقرار ويزر المالية رقم ١٠٨ لسنة ١٩٨٣ المشار إليه معدلاً بالقرارين رقمى ١٨٣ لسنة ١٩٨٤ و٨٠ لسنة ١٩٨٨؛ ومن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، الأول: أن يقوم الدليل على ضررًا واقعيًا قد لحق بالمدعى، والثانى: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، والمحكمة الدستورية العليا وحدها هى التى تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعوى المقامة أمامها، أو المحالة إليها للتثبت من شروط قبولها. ولا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل فى دستورية النصوص التى ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعى، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكانت أحكام القرار المحال تتناول بالتنظيم أوضاع توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيمة بيع المضبوطات والأشياء المصادرة فى الجرائم والمخالفات الجمركية وضرائب الاستهلاك، ولا شأن لها بموضوع الدعوى الموضوعية التى يطلب فيها المدعى استرداد ما تم تحصيله منه مع الفوائد والتعويض عن ذلك، فإن قضاء هذا المحكمة فى مدى دستورية أحكام ذلك القرار لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعى، مما تنتفى معه المصلحة فى الطعن عليه، وهو ما يلزم معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.