حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٩ لسنة ١٤ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٩ لسنة ١٤ دستورية
– – – ١ – – –
ان المحكمة الدستورية العليا ـ وقبل تعرضها للمطاعين المثارة فى الدعوى الدستورية الماثلة ـ يعنيها أن تؤكد أن قادة وجنود هذا النصر العظيم فى أكتوبر ـ وبوجه خاص من أداروا حربها أعدادا وتطويراً، إقداما والتحاماً، بذلا وفداء عزما وتصميماً، جرأة واقتدارا اندفاعاً واقتحاماً، عزة واملاً، نضالاً بالدماء وارواء بالعرق والدموع لا يهنون ولا يتخاذلون ولا يمارون، شرعتهم الحق موئلا، وعقيدتهم النضال إصراراً جميعهم من هذه الأمة العظيمة فى أعماق قلبها، أعادوا أليها أشرافها وضياء وجهها رفعوا بإيمانهم هامتها وما تفرقوا وأقاموا لبأسها دعائم من قوة النيران ، أحاطوا بنبضهم أمتهم مصر، الرائدة، الباقية خلدا، ما زاغ بصرهم عنها وما تولى، فكانوا معها، وبها، وإرادة لا تلين ولا تقهر، تقتلع من الحياة أعداءها، وترد إليها ينابيعها، لتظل للحرية آفاقها، ولتعلو راياتهم فوق كل الجباه .
– – – ٢ – – –
إدراج اسم المدعى بين المشمولين بالتكريم، أو تصدره لهم، وحصوله بالتالي على الحقوق المالية التى فصلها القرار بقانون المطعون فيه _ وهى محل دعواه الموضوعية يفترض أن يظل هذا القرار بقانون قائما فيما نص عليه بشأنها، وكان ما قرره وكيل المدعى من أن مصلحة المدعى كما تتحقق على النحو المتقدم، فإنها تتوافر كذلك، وإذا ما أبطلت المحكمة الدستورية العليا هذا القرار بقانون، حتى لا يفيد من النصوص القانونية التى تشمل عليها، من أساسها ولا يقيم بنيانها، ذلك أن الحكم بعدم دستورية هذا القرار بقانون فى مجمل أحكامه، يعنى تجريدها من قوة نفوذها، وزوال الآثار القانونية التى رتبتها، لتؤول عدما فلا تولد حقا لأحد، ولا يقوم بها مركز قانوني لا للمدعى ولا لغيره، ولتفقد الحقوق المالية _ محل دعواه الموضوعية _ دعامتها بل عن اتصال دعواه الموضوعية بالنصوص المطعون عليها شرط لقبول دعواه الدستورية على ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من ان المصلحة الشخصية المباشرة فى تلك الدعوى مناطها ارتباطها بالمصلحة القائمة فى النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية، مؤثرا فى موضوع النزاع المتصل بها والمطروح على محكمة الموضوع .
– – – ٣ – – –
البين من إحكام القرار المطعون فيه، وكذلك ما جاء بصدده بتقرير لجنه الأمن القومي والتى تعرض لهما المحكمة الدستورية اللازمة للفصل فى اختصاصها _ أن ما توخاه هذا القرار بقانون هو أن يكون التكريم مقصورا على عدد محدود من قادة حرب أكتوبر، يتولون بنص مادته الثانية تقديم المشورة فى الشئون العسكرية ذات الأهمية الخاصة التي يطلب منهم إبداء الرأي فيها، وذلك طوال حياتهم، ودون أن يكون تكليفهم بذلك مؤديا إلى شغلهم لوظائف محددة داخل الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة، ليظل الباب مفتوحا أمام غيرهم ممن يستحقون الترقى إلى وظائف القيادة بذات القدرة والكفاءة التى توفرت لمن سبقهم من قادة حرب أكتوبر الباقية فى ذاكرة التاريخ أبدأ .
وما تقدم يعنى، أن عددا غير قليل ممن خططوا لحرب أكتوبر وأداروها، وكانوا من كبار قادتها _ كقواد الجيوش وقواد الفرق _ لم يشملهم بقانون المطعون فيه، وغنما اقتصر التكريم على عدد محدود من بينهم، ” رمزا لجموعهم ” ليعهد إليهم دون غيرهم بالمهام التى حددتها المادة التى حددتها المادة الثانية من القرار المشار إليه، وهى مهام مدارها مشورة يقدمونها عند طلبها _ فى مجال الشئون العسكرية الهامة التي تمرسوا فيها وكانوا من خبرائها ولا يعتبر قصرها عليهم ملقيا بظلال من الريبة على من عداهم، أو نافيا لأهليتهم، أو إنكارا لجدارتهم أو تميزهم .
– – – ٤ – – –
إدراج اسم المدعى بين هؤلاء الذين شملتهم المادة الأولى من القرار بقانون المطعون فيه أو على رأسهم، لا يستقيم إلا من أحد مدخلين أو وفقا لأحد معيارين أولهما : أن يكون هذا القرار بقانون _ محددا نطاقا على ضوء الأغراض التى سعى إلى تحقيقها _ منصرفا إلى عدد محدود من القاعدة، وتنظيم جميعا دائرة واحدة، تكون أقدمية الرتبة العسكرية إطارا لها وعندئذ يكون الأقدام هو ألاحق بالتقرير، ولو لم يكن هو الجدر بما أداه من جلائل العمال إبان تلك الحرب، ثانيهما : إن يكون هذا القرار بقانون، مبجلا لكل القادة الذين كان دورهم فى العمليات الحربية ظاهرا، بأن كان بلاؤهم فى التخطيط لها، أو إعدادها، أو تنفيذها مشهودا وعندئذ يكون الأجدر هو الحق بالتقدير، ولو لم يكن هو الأقدم .
– – – ٥ – – –
المعيار الأول لا تظاهره إحكام القرار بقانون المطعون فيه، وذلك من جهتين، اولاهما ان ما توخاه القرار بقانون حقا وقصد إليه عملا، هو أن يكون تعظيم عدد من قادة تلك الحرب رمزا لتقدير كل من قام بدور رائد فيها بما مؤداه أن انحصار التكريم فى عدد محدود من بينهم، لا يعنى أن من عداهم كانوا أقل شأنا أو جهدا، ثانيهما : أن كل تكريم يفترض تقييما موضوعيا يدور حول أعمال بذاتها يكون هو محوارها و يتعين بالتالى أن يكون الأساس فيه مقاييس قوامها ما أداه نفر من القادة من أعمال تشهد بتميزهم وتؤكد نفوقهم من دون الآخرين وهو ما يقتضي وزن أعمالهم، وترتيبهم فيما بينهم على ضوئها، ولا يتصور _ من ثم _ أن يكون مناط التقدير عائدا إلى أقدمية الدرجة منظورا إليها استقلالا عن أية عوامل تتداخل معها أو تقرن بها، إذ لا شان لا قدميتهم تلك بإقدامهم أو تضحياتهم، وهو ما أكده تقرير لجنة الأمن القرمى والتعبئة القومية، حين أبان عن أن من شملهم التقدير كانوا عونا لمصر فى تحقيق نصرها العظيم من خلال مبادأتهم، وقدراتهم على إدارة العمليات الحربية الحديثة واتخاذ قراراتها السليمة بكفاءة نادرة مع تحملهم لكامل مسئولياتها، وفقا لتطوراتها ولم يكن معيار التقييم بالتالى شكليا أو جامدا .
– – – ٦ – – –
موضوعية التقييم حى وحدها التى تمكن أن يتحقق بها التكافؤ بين المراكز القانونية المتماثلة وهى وحدها التى يتصور أن يكفل المشرع من خلالها نوعا من المساواة القانونية بين المتماثلين جهدا وعرقا غير أن إعمال المحكمة الدستورية العليا للمقاييس الموضوعية التى يتحدد وفقا لضوابطها من يكون أهلا للتقدير _ زمن ومن ثم الحصول على الحقوق المالية التى نص عليها القرار بقانون المطعون علية _ يفترض أمرين، أولهما : إن يتناول التقييم كل أعمال التي كان لها شأن هام فى العمليات الحربية سواء فى مجال الإعداد لها أو إدارتها أو تنفيذها، وهو ما يخرج عن المجال الطبيعى لذلك القرار بقانون إذ توخى ألا يكون التقييم منصرفا إلى هؤلاء فى مجموعهم، ولا محيطا بغايتهم، بل رمزيا منحصرا فى عدد محدود من بينهم ثانيهما : أن يكون القرار المطعون فيه مفصلا للعناصر التى تقوم عليها هذه المقاييس الموضوعية، وان يكون بيد المحكمة الدستورية العليا الوسائل القضائية التى توازن بها بين هذه الأعمال على ضوء تلك المقاييس لتحدد وفقا لضوابط الأحق والجدر بالتقدير ويؤيد ذلك أن التكافؤ فى المراكز القانونية _ وهو مناط الحماية التى كفلها مبدا المساواة أمام القانون _ يفترض أحادها فى العناصر التى تكونها، فإذا كانت تلك العناصر جميعها، دائرة _ ابتداء وانتهاء _ حول مسار العمليات الحربية، ونتائجها، وقدر إسهام كل من القادة فيها، فإن زمام تقديرها يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا .
– – – ٧ – – –
موضوعية التقييم حى وحدها التى تمكن أن يتحقق بها التكافؤ بين المراكز القانونية المتماثلة وهى وحدها التى يتصور أن يكفل المشرع من خلالها نوعا من المساواة القانونية بين المتماثلين جهدا وعرقا غير أن إعمال المحكمة الدستورية العليا للمقاييس الموضوعية التى يتحدد وفقا لضوابطها من يكون أهلا للتقدير _ زمن ومن ثم الحصول على الحقوق المالية التى نص عليها القرار بقانون المطعون علية _ يفترض أمرين، أولهما : إن يتناول التقييم كل أعمال التي كان لها شأن هام فى العمليات الحربية سواء فى مجال الإعداد لها أو إدارتها أو تنفيذها، وهو ما يخرج عن المجال الطبيعى لذلك القرار بقانون إذ توخى ألا يكون التقييم منصرفا إلى هؤلاء فى مجموعهم، ولا محيطا بغايتهم، بل رمزيا منحصرا فى عدد محدود من بينهم ثانيهما : أن يكون القرار المطعون فيه مفصلا للعناصر التى تقوم عليها هذه المقاييس الموضوعية، وان يكون بيد المحكمة الدستورية العليا الوسائل القضائية التى توازن بها بين هذه الأعمال على ضوء تلك المقاييس لتحدد وفقا لضوابط الأحق والجدر بالتقدير ويؤيد ذلك أن التكافؤ فى المراكز القانونية _ وهو مناط الحماية التى كفلها مبدا المساواة أمام القانون _ يفترض أحادها فى العناصر التى تكونها، فإذا كانت تلك العناصر جميعها، دائرة _ ابتداء وانتهاء _ حول مسار العمليات الحربية، ونتائجها، وقدر إسهام كل من القادة فيها، فإن زمام تقديرها يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا .
– – – ٨ – – –
موضوعية التقييم حى وحدها التى تمكن أن يتحقق بها التكافؤ بين المراكز القانونية المتماثلة وهى وحدها التى يتصور أن يكفل المشرع من خلالها نوعا من المساواة القانونية بين المتماثلين جهدا وعرقا غير أن إعمال المحكمة الدستورية العليا للمقاييس الموضوعية التى يتحدد وفقا لضوابطها من يكون أهلا للتقدير _ زمن ومن ثم الحصول على الحقوق المالية التى نص عليها القرار بقانون المطعون علية _ يفترض أمرين، أولهما : إن يتناول التقييم كل أعمال التي كان لها شأن هام فى العمليات الحربية سواء فى مجال الإعداد لها أو إدارتها أو تنفيذها، وهو ما يخرج عن المجال الطبيعى لذلك القرار بقانون إذ توخى ألا يكون التقييم منصرفا إلى هؤلاء فى مجموعهم، ولا محيطا بغايتهم، بل رمزيا منحصرا فى عدد محدود من بينهم ثانيهما : أن يكون القرار المطعون فيه مفصلا للعناصر التى تقوم عليها هذه المقاييس الموضوعية، وان يكون بيد المحكمة الدستورية العليا الوسائل القضائية التى توازن بها بين هذه الأعمال على ضوء تلك المقاييس لتحدد وفقا لضوابط الأحق والجدر بالتقدير ويؤيد ذلك أن التكافؤ فى المراكز القانونية _ وهو مناط الحماية التى كفلها مبدا المساواة أمام القانون _ يفترض أحادها فى العناصر التى تكونها، فإذا كانت تلك العناصر جميعها، دائرة _ ابتداء وانتهاء _ حول مسار العمليات الحربية، ونتائجها، وقدر إسهام كل من القادة فيها، فإن زمام تقديرها يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا .
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . حيث إن الوقائع حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام أمام محكمة جنوب القاهرة دعواه الموضوعية رقم ١٢٨٣٠ لسنة ١٩٨٣ مختصما فيها المدعى عليهما الأول والثالث فى الدعوى الراهنة ، طالبا الحكم عليهما متضامنين بتقرير ” حقوقه الناشئة عن انتهاء خدمته وإلزامهما بأداء هذه الحقوق إليه ” وقال شرحا لتلك الدعوى أنه عين فى ١٦ مايو سنة ١٩٧١ رئيسا لهيئة أركان حرب القوات المسلحة ، وقامت الهيئة برئاسته بالتخطيط والإعداد لحرب اكتوبر سنة ١٩٧٣ ، ورقى إلى رتبة الفريق فى ٥ يناير سنة ١٩٧٢ ، ونال فى ١٩ فبراير سنة ١٩٧٤ وإبان عمله سفيرا لمصر فى المملكة المتحدة وسام نجمة الشرف اعتبارا من يوم السادس من أكتوبر سنة ١٩٧٣ تقديرا لما قام به من إعداد وتخطيط للعمليات الحربية . واستمر يعمل سفيرا بوزارة الخارجية إلى أن أعفى من منصبه . وبتاريخ ٢٥ يونيو سنة ١٩٧٨ ، قامت وزارة الدفاع بتسوية معاشه اعتبارا من هذا التاريخ دون أن تخطره ببيانات حقوقه التأمينية ، وقامت بتحويل دفعات مالية إلى حسابه بالبنك الأهلى المصرى بمصرالجديدة ، ثم أوقفت تحويلاتها اعتبارا من الثامن من يونيو سنة ١٩٨١ لصدور قرار من المدعى العام الاشتراكى بالتحفظ على أمواله ، رغم أن أمواله التى حكم قضاء القيم بفرض الحراسة عليها لم تتضمن المعاش المستحق له ، وأضاف قائلا إنه ، إذ يستحق فضلا عن المعاش كامل ماهيات ومرتبات ومخصصات رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة لمدى حياته واعتبارا من تاريخ انتهاء خدمته فى ٢٥ يونيو سنة ١٩٧٨ تنفيذاً للقرار بقانون رقم ٣٥ لسنة ١٩٧٩ الذى صدر تكريما لقادة حرب أكتوبر، فإنه يقيم دعواه الموضوعية بالطلبات المشار إليها آنفا . وأثناء نظر النزاع الموضوعى ، دفع بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه ، وصرحت له بالطعن بعدم الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة . وحيث إن المدعى ينعي على القرار بقانون رقم ٥ ٣ لسنة ١٩٧٩ بشأن تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب اكتوبر ، والاستفادة من الخبرات النادرة للأحياء منهم ، مخالفته لنصوص المواد ٢ ، ٨ ، ٩ ، ١٢ ، ١٣ ، ٤٠ من الدستور ، وذلك فيما تضمنه هذا القرار بقانون من إسقاط اسمه من قائمة مرؤوسيه قادة حرب اكتوبر الذين تم تكريمهم ، رغم حصوله على وسام نجمة الشرف بعد انتهاء العمليات الحربية تقديرا لامتيازه فى مجالها تخطيطا وإعدادا وتنفيذاً . وبذلك يكون ذلك القرار بقانون قد ألبس الحق وهو اسم الله تعالى بالباطل ، إذ حرم من قاتل ومهد ودبر وأعد عدة القتال متقدما على غيره، من الحقوق التى كفلها لسواه ممن هم أقل منه عملاً . وأخل بذلك بمبدأ المساواة أمام القانون ، وبتكافؤ الفرص بينه وبين جميع مرؤوسيه الذين شمهلم التكريم ، وإن كان هو الأحق منهم . وليس من الإسلام فى شئ ، ولامن العدل ، ولا من الشريعة الإسلامية فى مبادئها العظيمة ، ولا من الأخلاق أو الوطنية ، ولامن حق العمل ، ولامن الطابع الأصيل للأسرة المصرية ، ولا من قيمها وتقاليدها وآدابها وتراثها ، أن تسقط السلطتان التشريعية والتنفيذية تقديرهما للمدعى ، وأن تتغافلا عن امتيازه فى التخطيط للعمليات الحربية وإدارتها وتنفيذها . وحيث إن المحكمة الدستورية العليا وقبل تعرضها للمطاعن المثارة في الدعوى الدستورية الماثلة يعنيها أن تؤكد أن قادة وجنود هذا النصر العظيم فى اكتوبر وبوجه خاص من أداروا حربها إعدادا وتطويراً ، إقداما والتحاماً ، بذلا وفداءً ، عزماً وتصميماً ، جرأةً واقتداراً، اندفاعا واقتحاما ، عزة وأملا ، نضالا بالدماء وإرواء بالعرق والدموع . لايهنون ولا يتخاذلون ولايمارون ، شرعتهم الحق موئلاً ، وعقيدتهم النضال إصراراً . جميعهم من هذه الأمة العظيمة فى أعماق قلبها ، أعادوا إليها إشراقها وضياء وجهها ٠ رفعوا بإيمانهم هامتها وما تفرقوا . وأقاموا لبأسها دعائم من قوة النيران . أحاطوا بنبضهم أمتهم مصر ، الرائدة أبداً ، الباقية خلداً ، مازاغ بصرهم عنها وماتولى ، فكانوا معها ، وبها ، إرادة لاتلين ولاتقهر ، تقتلع من الحياة أعداءها وترد إليها ينابيعها ، لتظل للحرية آفاقها ولتعلو راياتها فوق كل الجباه . وحيث إن ادراج اسم المدعى بين المشمولين بالتكريم أو تصدره لهم ، وحصوله بالتالى على الحقوق المالية التى فصلها القرار بقانون المطعون فيه وهى محل دعواه الموضوعية يفترض أن يظل هذا القرار بقانون قائما فيما نص عليه بشأنها ، وكان ما قرره وكيل المدعى من أن مصلحة المدعى كما تتحق على النحو المتقدم ، فإنها تتوافر كذلك إذا ما أبطلت المحكمة الدستورية العليا هذا القرار بقانون حتى لايفيد من النصوص القانونية التى اشتمل عليها ، من كانوا دونه رتبة وجهدا ، مردود بأن ذلك منه يهدم دعواه الموضوعية من أساسها ولايقيم بنيانها ، ذلك أن الحكم بعدم دستورية هذا القرار بقانون فى مجمل أحكامه، يعنى تجريدها من قوة نفاذها ، وزوال الآثار القانونية التى رتبتها ، لتؤول عدما . فلا تولد حقاً لأحد ، ولا يقوم بها مركز قانونى لاللمدعى ولا لغيره ، ولتفقد الحقوق المالية – محل دعواه الموضوعية – دعامتها . بل إن اتصال دعواه الموضوعيه بالنصوص المطعون عليها ، شرط لقبول دعواه الدستورية على ماجرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن المصلحة الشخصية المباشرة فى تلك الدعوى مناطها ارتباطها ، بالمصلحة القائمة فى النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية مؤثراً فى موضوع النزاع المتصل بها والمطروح على محكمة الموضوع . وحيث إن البين من أحكام القرار بقانون المطعون فيه ، وكذلك ما جاء بصدده بتقرير لجنة الأمن القومي – والتى تعرض لهما المحكمة الدستورية العليا بالقدر اللازم للفصل فى اختصاصها – أن ما توخاه هذا القرار بقانون ، هو أن يكون التكريم مقصورا علي عدد محدود من قادة حرب اكتوبر ، يتولون بنص مادته الثانية تقديم المشورة فى الشئون العسكرية ذات الأهمية الخاصة التى يطلب منهم إبداء الرأى فيها ، وذلك طوال حياتهم ، ودون أن يكون تكليفهم بذلك مؤديا إلى شغلهم لوظائف محددة داخل الهيكل التنظيمى للقوات المسلحة ، ليظل الباب مفتوحاً أمام غيرهم ممن يستحقون الترقى إلى وظائف القيادة بذات القدرة والكفاءة التى توفرت لمن سبقهم من قادة حرب أكتوبر الباقية فى ذاكرة التاريخ أبداً . وحيث إن ما تقدم يعنى ، أن عددا غير قليل ممن خططوا لحرب أكتوبر وأداروها ، وكانوا من كبار قادتها – كقواد الجيوش وقواد الفرق – لم يشملهم القرار بقانون المطعون منه، وإنما اقتصر التكريم على عدد محدود من بينهم ، << رمزا لجموعهم >> ، ليعهد إليهم دون غيرهم بالمهام التى حددتها المادة الثانية من القرار بقانون المشارإليه ، وهى مهام مدارها مشورة يقدمونها – عند طلبها – فى مجال الشئون العسكرية الهامة التى تمرسوا فيها، وكانوا من خبرائها . ولا يعتبر قصرها عليهم ملقيا بظلال من الريبة على من عداهم ، أو نافيا لأهليتهم ، أو إنكاراً لجدارتهم أو تميزهم . وحيث إن إدراج اسم المدعى بين هؤلاء الذين شملتهم المادة الأولى من القرار بقانون المطعون فيه أو على رأسهم ، لايستقيم إلا من أحد مدخلين أو وفقا لأحد معيارين ، أولهما : أن يكون هذا القرار بقانون – محدداً نطاقا على ضوء الأغراض التى سعى إلى تحقيقها – منصرفاً إلي عدد محدود من القادة تنتظمهم جميعا دائرة واحدة تكون أقدمية الرتبة العسكرية إطارا لها . وعندئذ يكون الأقدم هو الأحق بالتقدير ، ولو لم يكن هو الأجدر بما أداه من جلائل الأعمال إبان تلك الحرب ، ثانيهما : أن يكون هذا القرار بقانون مُبجلاً لكل القادة الذين كان دورهم فى العمليات الحربية ظاهراً ، بأن كان بلاؤهم في التخطيط لها أو إعدادها أو تنفيذها مشهودا . وعندئذ يكون الأجدر هو الأحق بالتقدير، ولو لم يكن هو الأقدم . وحيث إن المعيار الأول لا تظاهره أحكام القرار بقانون المطعون منه ، وذلك من جهتين، أولاهما : أن ما توخاه هذا القرار بقانون حقا وقصد إليه عملا ، هو أن يكون تعظيم عدد من قادة تلك الحرب ، رمزا لتقدير كل من قام بدور رائد فيها . بما مؤداه أن انحصار التكريم فى عدد محدود من بينهم ، لا يعنى أن من عداهم كانوا أقل شأنا أو جهدا ، ثانيهما : أن كل تكريم يفترض تقييما موضوعيا يدور حول أعمال بذاتها يكون هو محورها . ويتعين بالتالي أن يكون الأساس فيه مقاييس واقعية قوامها ما أداه نفر من القادة من أعمال تشهد بتميزهم وتؤكد تفوقهم من دون الأخرين . وهو ما يقتضى وزن أعمالهم وترتيبهم فيما بينهم على ضوئها ، ولايتصور – من ثم – أن يكون مناط التقدير عائدا إلى أقدمية الدرجة الوظيفية منظوراً إليها استقلالاً عن أية عوامل تتداخل معها أو تقترن بها ، إذ لاشأن لاقدميتهم تلك بإقدامهم أو تضحياتهم ، وهو ما أكده تقرير لجنة الأمن القومي والتعبئة القومية حين أبان عن أن من شملهم التقدير كانوا عونا لمصر فى تحقيق نصرها العظيم من خلال مبادأتهم وقدرتهم على إدارة العمليات الحربية الحديثة واتخاذ قراراتها السليمة بكفاءة نادرة مع تحملهم لكامل مسئولياتها وفقا لتطوراتها . ولم يكن معيار التقييم بالتالى شكليا أو جامداً ٠ وحيث إن موضوعية التقييم هى وحدها التى يمكن أن يتحقق بها التكافؤ بين المراكز القانونية المتماثلة . وهي وحدها التى يتصور أن يكفل المشرع من خلالهانوعاً من المساواة القانونية بين المتماثلين جهدا وعرقاً . غير أن إعمال المحكمة الدستورية العليا للمقاييس الموضوعية التى يتحدد وفقا لضوابطها من يكون أهلا للتقدير ومن ثم الحصول على الحقوق المالية التي نص عليها القرار بقانون المطعون عليه يفترض أمرين ، أولهما : أن يتناول التقييم كل الأعمال التي كان لها شأن هام في العمليات الحربية سواء فى مجال الإعداد لها أو إدارتها أو تنفيذها ، وهو ما يخرج عن المجال الطبيعى لذلك القرار بقانون . إذ توخى ألا يكون التقييم منصرفاً إلى هؤلاء فى مجموعهم ، ولا محيطاً بغالبيتهم، بل رمزيا منحصراً فى عدد محدود من بينهم . ثانيهما : أن يكون القرار بقانون المطعون فيه، مفصلا للعناصر التى تقوم عليها هذه المقاييس الموضوعية ، وأن يكون بيد المحكمة الدستورية العليا الوسائل القضائية التي توازن بها بين هذه الأعمال على ضوء تلك المقاييس لتحدد وفقا لضوابطها الأحق والأجدر بالتقدير . يؤيد ذلك أن التكافؤ فى المراكز القانونية وهو مناط الحماية التي كفلها مبدأ المساواة أمام القانون يفترض اتحادها في العناصر التى تكونها ، فإذا كانت تلك العناصر جميعها دائرة ابتداء وانتهاء حول مسار العمليات الحربية ، ونتائجها ، وقدرإسهام كل من القادة فيها ، فإن زمام تقديرها يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى .