حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٩ لسنة ٨ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٩ لسنة ٨ دستورية
تاريخ النشر : ٠٧ – ٠٥ – ١٩٩٢

منطوق الحكم : عدم قبول دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم قبول دعوى بالنسبة إلي الطعن علي نصوص المواد ٦٣، ٦٤، ١٦٢، ٢٣٢ من قانون الإجراءات الجنائية، وبرفضها بالنسبة إلي الطعن علي نص الفقرة الأولي من المادة ٢١٠ من القانون ذاته، فيما تضمنه من عدم تخويل المدعي بالحقوق المدنية حق الطعن فى أمر النيابة العامة بان لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر فى تهمة موجهة إلي موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط الجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسبها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم ابو العينين ومحمد ولى الدين جلال وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد الواحد وعبد المجيد فياض أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
إن ولاية المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا بإتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة فى قانونها ، و إن نطاق الدعوى الدستورية التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع ، و فى الحدود التى تقدر فيها جديته . إذا كان ذلك ، و كان المدعى قد دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ ، ٢١٠ من قانون الإجراءات الجنائية ، فصرحت له برفع الدعوى بعدم دستورية تلك المواد ، مضيفة إليها المادة ٢٣٢ من القانون ذاته دون دفع مسبق بعدم دستوريتها ، فإن الطعن بعدم دستورية هذه المادة الأخيرة يكون مجاوزا النطاق الذى تتحدد به المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها ، بما مؤداه انتفاء إتصال الدعوى الماثلة – فى شقها الخاص بالطعن على المادة ٢٣٢ من قانون الإجراءات الجنائية – بالمحكمة الدستورية العليا ، إتصالا مطابقا للأوضاع التى رسمها قانونها ، و التى لا يجوز الخروج عليها بوصفها ضوابط جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة كى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية وفقاً للقواعد التى حددها ، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها . و ليس سائغا القول بأن المادة ٢٣٢ المشار إليها و التى أضافتها محكمة الموضوع إلى المواد التى دفع المدعى أمامها بعدم دستوريتها ، تعتبر محالة منها مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا ، ذلك أن البند “أ” من المادة ٢٩ من قانون هذه المحكمة ، و إن خول محكمة الموضوع أن تحيل من جانبها النصوص التشريعية التى تقوم لديها شبهة قوية على مخالفتها أحكام الدستور ، و يكون الفصل فى دستوريتها لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها المطروحة عليها ، إلا أن مباشرة محكمة الموضوع لهذا الاختصاص يقتضيها أن تصدر بالإحالة حكماً بمعنى الكلمة ، يكون قاطعاً فى دلالته على إنعقاد إرادتها على أن تعرض بنفسها المسألة على المحكمة الدستورية العليا ، و أن يكون قضاؤها بالإحالة متضمنا تحديدا كافيا للنصوص التشريعية المطعون عليها ، و نصوص الدستور المدعى مخالفتها ، و الأوجه التى تقوم عليها هذه المخالفة ، و هو ما لم يتحقق فى هذه الدعوى .

– – – ٢ – – –
المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية ، و مناطها أن يكون ثمة إرتباط بينها و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع .

– – – ٣ – – –
من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعى المطعون عليه الدستور ، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررا مباشرا، و بذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية ، و ليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة ، و بالتالى لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين أوليين يحددان معا مفهومها ، و لا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه ، و إن كان إستقلال كل منهما عن الآخر لا ينفى تكاملهما ، و بدونهما مجتمعين لا يجوز للمحكمة الدستورية العليا أن تباشر رقابتها على دستورية النصوص التشريعية ، أولهما : أن يقيم المدعى – و فى حدود الصفة التى إختصم بها بالنص التشريعى المطعون عليه – الدليل على أن ضررا واقعيا – اقتصاديا أو غيره – قد لحق به ، و يتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا ، مستقلا بعناصره ، ممكنا إدراكه و مواجهته بالترضية القضائية ، و ليس ضررا متوهما أو نظريا أو مجهلا ، ذلك أن اسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل فى خصومة قضائية تكون فيها المصلحة نظرية صرفة كتلك التى تتوخى تقرير حكم الدستور مجردا فى موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيدلوجية ، أو دفاعا عن قيم مثالية يرجى تثبيتها ، أو كنوع من التعبير فى الفراغ عن وجهة نظر شخصية ، أو لتوكيد مبدأ سيادة القانون فى مواجهة صور من الإخلال بمضمونه لا صلة للطاعن بها ، أو لإرساء مفهوم فى شأن مسألة لم يترتب عليها ضرر بالطاعن و لو كانت تثير اهتماما عاما ، و إنما قصد المشرع بهذه الرقابة أن تقدم المحكمة من خلالها الترضية التى تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التى كفلها، و من ثم تكون هذه الرقابة موطئا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها و تصفية أثارها القانونية ، و لا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها ، ثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الصدد إلى النص التشريعى المطعون عليه ، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئا عن هذا النص و مترتبا عليه ، فإذا لم يكن النص التشريعى قد طبق على المدعى أصلا ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه ، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبل رفعها .

– – – ٤ – – –
من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعى المطعون عليه الدستور ، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررا مباشرا، و بذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية ، و ليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة ، و بالتالى لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين أوليين يحددان معا مفهومها ، و لا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه ، و إن كان إستقلال كل منهما عن الآخر لا ينفى تكاملهما ، و بدونهما مجتمعين لا يجوز للمحكمة الدستورية العليا أن تباشر رقابتها على دستورية النصوص التشريعية ، أولهما : أن يقيم المدعى – و فى حدود الصفة التى إختصم بها بالنص التشريعى المطعون عليه – الدليل على أن ضررا واقعيا – اقتصاديا أو غيره – قد لحق به ، و يتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا ، مستقلا بعناصره ، ممكنا إدراكه و مواجهته بالترضية القضائية ، و ليس ضررا متوهما أو نظريا أو مجهلا ، ذلك أن اسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل فى خصومة قضائية تكون فيها المصلحة نظرية صرفة كتلك التى تتوخى تقرير حكم الدستور مجردا فى موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيدلوجية ، أو دفاعا عن قيم مثالية يرجى تثبيتها ، أو كنوع من التعبير فى الفراغ عن وجهة نظر شخصية ، أو لتوكيد مبدأ سيادة القانون فى مواجهة صور من الإخلال بمضمونه لا صلة للطاعن بها ، أو لإرساء مفهوم فى شأن مسألة لم يترتب عليها ضرر بالطاعن و لو كانت تثير اهتماما عاما ، و إنما قصد المشرع بهذه الرقابة أن تقدم المحكمة من خلالها الترضية التى تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التى كفلها، و من ثم تكون هذه الرقابة موطئا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها و تصفية أثارها القانونية ، و لا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها ، ثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الصدد إلى النص التشريعى المطعون عليه ، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئا عن هذا النص و مترتبا عليه ، فإذا لم يكن النص التشريعى قد طبق على المدعى أصلا ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه ، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبل رفعها .

– – – ٥ – – –
إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يبرز بإعتباره محددا لفكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية ، و مبلورا نطاق المسألة الدستورية التى تدعى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها ، و مؤكدا ضرورة أن تكون المنفعة التى يقررها القانون هى محصلتها النهائية، و منفصلا دوما عن مطابقة النص التشريعى المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه .

– – – ٦ – – –
لما كان المدعى – بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية أثناء تحقيق أجرته النيابة العامة – قد طعن فى القرار الصادر عنها بحفظ شكواه إداريا ، و كان هذا القرار لا يعدو أن يكون تصرفا قضائيا من جانبها فى التحقيق الابتدائى الذى أجرته متضمنا انهاءه ، وقوفا بالدعوى الجنائية عند هذه المرحلة لإنتفاء مقتضيات رفعها – بحالتها – إلى القضاء، فإن ذلك القرار ، و إعمالا لنص المادة ٢٠٩ من قانون الإجراءات الجنائية ، ينحل إلى أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يكون بذاته مانعا من العودة إلى التحقيق الابتدائى إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل إنتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ، و إذ طعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الأمر أمام محكمة الجنايات منعقدة فى غرفة المشورة ، و كانت الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية – التى تخول المدعى بالحقوق المدنية الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لأقامة ما لم يكن صادرا فى تهمة موجهة ضد أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أو أحد رجال الضبط لجريمة إرتكبها أثناء تأدية وظيفته أو بسببها من غير الجرائم المشار إليها فى المادة ١٢٣ عقوبات – هى التى تحول بذاتها بين المدعى بالحقوق المدنية و بين الطعن فى قرار أصدرته النيابة العامة فى شأن إتهام موجه إلى خبير يشغل وظيفة عامة بمقولة إرتكابه جريمة أثناء تأديته لواجباتها ، و كان الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعى أمام المحكمة منعقدة فى غرفة المشورة يتوخى فى حقيقة مرماه إسقاط حكم الفقرة الأولى سالفة البيان بوصفها عاتقا يحول دون إنفتاح طريق الطعن أمامه فى القرار الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى الإطار المتقدم ، فإن مصلحته الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية الماثلة تنحصر فى الطعن على هذه الفقرة وحدها و ذلك دون المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ من قانون الإجراءات الجنائية التى ليس لخها من صلة بطلباته أمام غرفة المشورة ، و التى يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن عليها .

– – – ٧ – – –
لما كان المدعى – بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية أثناء تحقيق أجرته النيابة العامة – قد طعن فى القرار الصادر عنها بحفظ شكواه إداريا ، و كان هذا القرار لا يعدو أن يكون تصرفا قضائيا من جانبها فى التحقيق الابتدائى الذى أجرته متضمنا انهاءه ، وقوفا بالدعوى الجنائية عند هذه المرحلة لإنتفاء مقتضيات رفعها – بحالتها – إلى القضاء، فإن ذلك القرار ، و إعمالا لنص المادة ٢٠٩ من قانون الإجراءات الجنائية ، ينحل إلى أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يكون بذاته مانعا من العودة إلى التحقيق الابتدائى إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل إنتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ، و إذ طعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الأمر أمام محكمة الجنايات منعقدة فى غرفة المشورة ، و كانت الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية – التى تخول المدعى بالحقوق المدنية الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لأقامة ما لم يكن صادرا فى تهمة موجهة ضد أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أو أحد رجال الضبط لجريمة إرتكبها أثناء تأدية وظيفته أو بسببها من غير الجرائم المشار إليها فى المادة ١٢٣ عقوبات – هى التى تحول بذاتها بين المدعى بالحقوق المدنية و بين الطعن فى قرار أصدرته النيابة العامة فى شأن إتهام موجه إلى خبير يشغل وظيفة عامة بمقولة إرتكابه جريمة أثناء تأديته لواجباتها ، و كان الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعى أمام المحكمة منعقدة فى غرفة المشورة يتوخى فى حقيقة مرماه إسقاط حكم الفقرة الأولى سالفة البيان بوصفها عاتقا يحول دون إنفتاح طريق الطعن أمامه فى القرار الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى الإطار المتقدم ، فإن مصلحته الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية الماثلة تنحصر فى الطعن على هذه الفقرة وحدها و ذلك دون المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ من قانون الإجراءات الجنائية التى ليس لخها من صلة بطلباته أمام غرفة المشورة ، و التى يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن عليها .

– – – ٨ – – –
مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعنى أن تعامل فئاتهم – على ما بينها من تباين فى مراكزها القانونية – معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها ، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ، و لا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة ٤٠ المشار إليها بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكميا ، و أساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودا لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع التى تحقيقها من وراء هذا التنظيم ، فإذا كان النص المطعون عليه – بما إنطوى عليه من تمييز – مصادما لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيا ربطه بها ، أو اعتباره مدخلا إليها ، فإن التمييز يكون تحكميا ، و غير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية ، و من ثم مجافيا لنص المادة ٤٠ من الدستور .

– – – ٩ – – –
إدعاء من لحقه ضرر من الجريمة بالحقوق المدنية أثناء تحقيق تجريه النيابة العامة لجبر الأضرار الناجمة عن جريمة إرتكبها أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ، قد يحمل فى ثناياه إتهاما كيديا بسبب منفعة ضيعها أحد العاملين بالدولة على المدعى بالحقوق المدنية ، أو لقيام من اتهمه من هؤلاء بعمل أضر به و إن كان تنفيذا لحكم القانون أو لإشباع شهوة الإنتقام لضغائن شخصية أو إذكاء لنزعة النيل من الآخرين تطاولا على سمعتهم . لما كان ذلك ، و كان المشرع قد وازن بين حق المدعى بالحقوق المدنية فى الإدعاء المباشر – و هو حق ورد على خلاف الأصل الذى قررته المادة ٧٠ من الدستور التى لا تجيز إقامة الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الأحوال التى يحددها القانون – و بين ما تقتضيه إشاعة الإطمئنان بين القائمين بالعمل العام بثا للثقة فى نفوسهم ، بما يكفل قيامهم بأعباء الوظيفة أو الخدمة العامة ، دون تردد أو وجل يعوق الآداء الأكمل لواجباتها أو يدفعهم إلى التنصل من أعبائها توقيا لمسئوليتهم عنها ، بما يثنيهم فى النهاية عن تحمل تبعاتها ، و يعطل قدرتهم على إتخاذ القرار الملائم ، فأقر – فى إطار هذه الموازنة – نص المادة ٢٣٢ إجراءات جنائية مستبعدا بموجبها الإدعاء المباشر فى مجال الجرائم التى يرتكبها الموظفون أو المستخدمون العامون أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بسببها عدا الجرائم المنصوص عليها فى المادة ١٢٣ من قانون العقوبات ، مؤكدا بهذا الإستبعاد ما قررته المذكرة الإيضاحية – للقانون رقم ١٢١ لسنة ١٩٥٦ – فى شأن هذا القيد من أن النصوص العقابية تعامل الموظفين و المستخدمين العامين فى شأن التجريم على نحو مغاير لغيرهم ، سواء بتغليظ العقوبة عليهم لحملهم على الوفاء بواجباتهم التى حملتهم بها ، أو بأفرادهم بجرائم و عقوبات يختصون بها دون غيرهم ، متى كان ذلك ، و كان المشرع قد دل بالأحكام السابق بيانها على أن تخويل المدعى بالحقوق المدنية الحق فى ملاحقة هؤلاء جنائيا عن طريق الإدعاء المباشر بناء على دوافع واهية تكون المخاصمة فى إطارها شططا ، إنما يلحق بالمصلحة العامة أضرارا بليغة، و كان نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية المطعون عليه بحظره الطعن فى قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى تهمة موجهة إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين لجريمة وقعت منه ، أثناء تأديته وظيفته أو بسببها ، قد إلتزم إتجاه رد غائله العدوان عن هؤلاء فى مواجهة صور من إساءة إستعمال الحق فى التعويض عن الأضرار الناشئة عن الجريمة كوسيلة لملاحقة جنائية تقوم على أدلة متخاذلة ، أو يكون باعثها تلك النزعة الطبيعية – عند البعض – إلى التجريح ، و من ثم فإن المشرع يكون قد رجح بالنص التشريعى المطعون عليه مصلحة أولى فى تقديره بالاعتبار ، هى تلك التى يمليها الآداء الأقوم للوظيفة العامة دون تردد يقعد بشاغليها عن الوفاء بأمانة المسئولية المرتبطة بها ، و توقيا لخور يوهن عزائمهم ، و يصرفهم عن النهوض بأعبائها . متى كان ذلك ، فإن النص التشريعى المطعون عليه يكون قد توخى – و على ما تقدم – حماية الوظيفة العامة من مخاطر إتهام موجه إلى شاغلها لا يقوم على أساس سواء من ناحية الواقع أو القانون ، و هى بعد حماية لا تعنى أن قانون الإجراءات الجنائية قد أسقط عن الموظفين أو المستخدمين العامين الحق فى ملاحقتهم لمحاسبتهم أمام القضاء عن الجرائم التى وقعت منهم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، ذلك أن الحق فى إقامة الدعوى الجنائية قبلهم فى شأن هذه الجرائم لا زال قائما كلما كانت الأدلة على وقوعها بأركانها التى عينها القانون و على نسبتها إلى فاعلها كافية ، و إن كان زمام رفعها معقودا للنائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة ، و ذلك بالنظر إلى ضرورة تقدير التهمة و أدلتها وفق مقاييس دقيقة تصون للوظيفة العامة حرمتها و تكفل السير المنتظم لها فى إطار المصلحة العامة و نزولا على موجباتها ، و بذلك تكون الواقعة محل الإتهام الجنائى ، و ما أسفر عنه التحقيق بشأنها ، و حكم القانون المتعلق بها ، هى العناصر الموضوعية التى يتحدد على ضوئها مسار الدعوى الجنائية ، أما وقوفا بها عند مرحلة التحقيق الإبتدائى بإصدار النيابة العامة أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، و إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة بنظرها على ضوء ما توافر من الأدلة المعززة للإتهام .

– – – ١٠ – – –
إدعاء من لحقه ضرر من الجريمة بالحقوق المدنية أثناء تحقيق تجريه النيابة العامة لجبر الأضرار الناجمة عن جريمة إرتكبها أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ، قد يحمل فى ثناياه إتهاما كيديا بسبب منفعة ضيعها أحد العاملين بالدولة على المدعى بالحقوق المدنية ، أو لقيام من اتهمه من هؤلاء بعمل أضر به و إن كان تنفيذا لحكم القانون أو لإشباع شهوة الإنتقام لضغائن شخصية أو إذكاء لنزعة النيل من الآخرين تطاولا على سمعتهم . لما كان ذلك ، و كان المشرع قد وازن بين حق المدعى بالحقوق المدنية فى الإدعاء المباشر – و هو حق ورد على خلاف الأصل الذى قررته المادة ٧٠ من الدستور التى لا تجيز إقامة الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الأحوال التى يحددها القانون – و بين ما تقتضيه إشاعة الإطمئنان بين القائمين بالعمل العام بثا للثقة فى نفوسهم ، بما يكفل قيامهم بأعباء الوظيفة أو الخدمة العامة ، دون تردد أو وجل يعوق الآداء الأكمل لواجباتها أو يدفعهم إلى التنصل من أعبائها توقيا لمسئوليتهم عنها ، بما يثنيهم فى النهاية عن تحمل تبعاتها ، و يعطل قدرتهم على إتخاذ القرار الملائم ، فأقر – فى إطار هذه الموازنة – نص المادة ٢٣٢ إجراءات جنائية مستبعدا بموجبها الإدعاء المباشر فى مجال الجرائم التى يرتكبها الموظفون أو المستخدمون العامون أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بسببها عدا الجرائم المنصوص عليها فى المادة ١٢٣ من قانون العقوبات ، مؤكدا بهذا الإستبعاد ما قررته المذكرة الإيضاحية – للقانون رقم ١٢١ لسنة ١٩٥٦ – فى شأن هذا القيد من أن النصوص العقابية تعامل الموظفين و المستخدمين العامين فى شأن التجريم على نحو مغاير لغيرهم ، سواء بتغليظ العقوبة عليهم لحملهم على الوفاء بواجباتهم التى حملتهم بها ، أو بأفرادهم بجرائم و عقوبات يختصون بها دون غيرهم ، متى كان ذلك ، و كان المشرع قد دل بالأحكام السابق بيانها على أن تخويل المدعى بالحقوق المدنية الحق فى ملاحقة هؤلاء جنائيا عن طريق الإدعاء المباشر بناء على دوافع واهية تكون المخاصمة فى إطارها شططا ، إنما يلحق بالمصلحة العامة أضرارا بليغة، و كان نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية المطعون عليه بحظره الطعن فى قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى تهمة موجهة إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين لجريمة وقعت منه ، أثناء تأديته وظيفته أو بسببها ، قد إلتزم إتجاه رد غائله العدوان عن هؤلاء فى مواجهة صور من إساءة إستعمال الحق فى التعويض عن الأضرار الناشئة عن الجريمة كوسيلة لملاحقة جنائية تقوم على أدلة متخاذلة ، أو يكون باعثها تلك النزعة الطبيعية – عند البعض – إلى التجريح ، و من ثم فإن المشرع يكون قد رجح بالنص التشريعى المطعون عليه مصلحة أولى فى تقديره بالاعتبار ، هى تلك التى يمليها الآداء الأقوم للوظيفة العامة دون تردد يقعد بشاغليها عن الوفاء بأمانة المسئولية المرتبطة بها ، و توقيا لخور يوهن عزائمهم ، و يصرفهم عن النهوض بأعبائها . متى كان ذلك ، فإن النص التشريعى المطعون عليه يكون قد توخى – و على ما تقدم – حماية الوظيفة العامة من مخاطر إتهام موجه إلى شاغلها لا يقوم على أساس سواء من ناحية الواقع أو القانون ، و هى بعد حماية لا تعنى أن قانون الإجراءات الجنائية قد أسقط عن الموظفين أو المستخدمين العامين الحق فى ملاحقتهم لمحاسبتهم أمام القضاء عن الجرائم التى وقعت منهم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، ذلك أن الحق فى إقامة الدعوى الجنائية قبلهم فى شأن هذه الجرائم لا زال قائما كلما كانت الأدلة على وقوعها بأركانها التى عينها القانون و على نسبتها إلى فاعلها كافية ، و إن كان زمام رفعها معقودا للنائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة ، و ذلك بالنظر إلى ضرورة تقدير التهمة و أدلتها وفق مقاييس دقيقة تصون للوظيفة العامة حرمتها و تكفل السير المنتظم لها فى إطار المصلحة العامة و نزولا على موجباتها ، و بذلك تكون الواقعة محل الإتهام الجنائى ، و ما أسفر عنه التحقيق بشأنها ، و حكم القانون المتعلق بها ، هى العناصر الموضوعية التى يتحدد على ضوئها مسار الدعوى الجنائية ، أما وقوفا بها عند مرحلة التحقيق الإبتدائى بإصدار النيابة العامة أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، و إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة بنظرها على ضوء ما توافر من الأدلة المعززة للإتهام .

– – – ١١ – – –
إدعاء من لحقه ضرر من الجريمة بالحقوق المدنية أثناء تحقيق تجريه النيابة العامة لجبر الأضرار الناجمة عن جريمة إرتكبها أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ، قد يحمل فى ثناياه إتهاما كيديا بسبب منفعة ضيعها أحد العاملين بالدولة على المدعى بالحقوق المدنية ، أو لقيام من اتهمه من هؤلاء بعمل أضر به و إن كان تنفيذا لحكم القانون أو لإشباع شهوة الإنتقام لضغائن شخصية أو إذكاء لنزعة النيل من الآخرين تطاولا على سمعتهم . لما كان ذلك ، و كان المشرع قد وازن بين حق المدعى بالحقوق المدنية فى الإدعاء المباشر – و هو حق ورد على خلاف الأصل الذى قررته المادة ٧٠ من الدستور التى لا تجيز إقامة الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الأحوال التى يحددها القانون – و بين ما تقتضيه إشاعة الإطمئنان بين القائمين بالعمل العام بثا للثقة فى نفوسهم ، بما يكفل قيامهم بأعباء الوظيفة أو الخدمة العامة ، دون تردد أو وجل يعوق الآداء الأكمل لواجباتها أو يدفعهم إلى التنصل من أعبائها توقيا لمسئوليتهم عنها ، بما يثنيهم فى النهاية عن تحمل تبعاتها ، و يعطل قدرتهم على إتخاذ القرار الملائم ، فأقر – فى إطار هذه الموازنة – نص المادة ٢٣٢ إجراءات جنائية مستبعدا بموجبها الإدعاء المباشر فى مجال الجرائم التى يرتكبها الموظفون أو المستخدمون العامون أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بسببها عدا الجرائم المنصوص عليها فى المادة ١٢٣ من قانون العقوبات ، مؤكدا بهذا الإستبعاد ما قررته المذكرة الإيضاحية – للقانون رقم ١٢١ لسنة ١٩٥٦ – فى شأن هذا القيد من أن النصوص العقابية تعامل الموظفين و المستخدمين العامين فى شأن التجريم على نحو مغاير لغيرهم ، سواء بتغليظ العقوبة عليهم لحملهم على الوفاء بواجباتهم التى حملتهم بها ، أو بأفرادهم بجرائم و عقوبات يختصون بها دون غيرهم ، متى كان ذلك ، و كان المشرع قد دل بالأحكام السابق بيانها على أن تخويل المدعى بالحقوق المدنية الحق فى ملاحقة هؤلاء جنائيا عن طريق الإدعاء المباشر بناء على دوافع واهية تكون المخاصمة فى إطارها شططا ، إنما يلحق بالمصلحة العامة أضرارا بليغة، و كان نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية المطعون عليه بحظره الطعن فى قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى تهمة موجهة إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين لجريمة وقعت منه ، أثناء تأديته وظيفته أو بسببها ، قد إلتزم إتجاه رد غائله العدوان عن هؤلاء فى مواجهة صور من إساءة إستعمال الحق فى التعويض عن الأضرار الناشئة عن الجريمة كوسيلة لملاحقة جنائية تقوم على أدلة متخاذلة ، أو يكون باعثها تلك النزعة الطبيعية – عند البعض – إلى التجريح ، و من ثم فإن المشرع يكون قد رجح بالنص التشريعى المطعون عليه مصلحة أولى فى تقديره بالاعتبار ، هى تلك التى يمليها الآداء الأقوم للوظيفة العامة دون تردد يقعد بشاغليها عن الوفاء بأمانة المسئولية المرتبطة بها ، و توقيا لخور يوهن عزائمهم ، و يصرفهم عن النهوض بأعبائها . متى كان ذلك ، فإن النص التشريعى المطعون عليه يكون قد توخى – و على ما تقدم – حماية الوظيفة العامة من مخاطر إتهام موجه إلى شاغلها لا يقوم على أساس سواء من ناحية الواقع أو القانون ، و هى بعد حماية لا تعنى أن قانون الإجراءات الجنائية قد أسقط عن الموظفين أو المستخدمين العامين الحق فى ملاحقتهم لمحاسبتهم أمام القضاء عن الجرائم التى وقعت منهم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، ذلك أن الحق فى إقامة الدعوى الجنائية قبلهم فى شأن هذه الجرائم لا زال قائما كلما كانت الأدلة على وقوعها بأركانها التى عينها القانون و على نسبتها إلى فاعلها كافية ، و إن كان زمام رفعها معقودا للنائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة ، و ذلك بالنظر إلى ضرورة تقدير التهمة و أدلتها وفق مقاييس دقيقة تصون للوظيفة العامة حرمتها و تكفل السير المنتظم لها فى إطار المصلحة العامة و نزولا على موجباتها ، و بذلك تكون الواقعة محل الإتهام الجنائى ، و ما أسفر عنه التحقيق بشأنها ، و حكم القانون المتعلق بها ، هى العناصر الموضوعية التى يتحدد على ضوئها مسار الدعوى الجنائية ، أما وقوفا بها عند مرحلة التحقيق الإبتدائى بإصدار النيابة العامة أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، و إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة بنظرها على ضوء ما توافر من الأدلة المعززة للإتهام .

– – – ١٢ – – –
إن النص فى الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية على حظر طعن المدعى بالحقوق المدنية فى قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى تهمة موجهة إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين لجريمة وقعت منه أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها – المطعون عليه – لا يتوخى تمييز بعض المتهمين أو المذنبين على بعض ، و إنما تحقيق غاية بعينها تتمثل فى صدون الآداء الأفضل للوظيفة العامة من خلال توفير ضمانة لازمة تكفل لمن يقوم بأعبائها أن يوزن الإتهام الموجه إليه بمقاييس دقيقة لا يكون معها العمل العام موطئا لشهوة التشهير بسمعته أو الإزدراء بقدره دون أدلة كافية تظاهر الإتهام و ترجحه ، و من ثم يكون النص التشريعى المطعون عليه محققا لمصلحة عامة مرتكنا فى بلوغها إلى أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزا بين المخاطبين بأحكامه المتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليه ، و بالتالى تكون قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون فاقدة لأساسها ، حرية بالرفض .

– – – ١٣ – – –
النعى على نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية بأن إستبعاده الجرائم التى تقع من الموظفين و المستخدمين العامين أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها من نطاق أوامر النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الجائز للمدعى بالحقوق المدنية الطعن فيها يناقض المادة ٣ من الدستور التى تعقد السيادة للشعب وحده ، و المادة ٦٤ منه التى تجعل من سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة ، و المادة ٦٥ منه التى تحتم خضوع الدولة للقانون – مردود بأن الأصل فى النصوص الدستورية بأنها تؤخذ بإعتبارها متكاملة و أن المعانى التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطة فيما بينها بما يرد عنها التناقض أو التنافر ، و كان الدستور بعد أن نص فى المادة ٣ منه على أن السيادة للشعب وحده ، حتم أن تكون ممارستها و حمايتها على الوجه المبين فى الدستور ، بما مؤداه أن أحكامه هى التى تحدد قواعد مباشرتها و تبين تخومها ، و كان الدستور قد خول المحكوم له – و بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية – الحق فى الإدعاء المباشر فى حالة بذاتها هى جريمة الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها المنصوص عليها فى المادة ٧٢ منه ، و فوض المشرع فيما عداها – و على ما تنص عليه المادة ٧٠ – فى تحديد الأحوال التى تقام فيها الدعوى الجنائية عن غير طريق الجهة القضائية ، و يندرج تحتها الحق فى الإدعاء المباشر ، و كان المشرع فى إطار هذا التفويض و إلتزاما بأبعاده ، قد إستبعد من نطاق الإدعاء المباشر أى جناية أو جنحة يكون الإتهام بإرتكابها أثناء تأدية الوظيفة العامة أو بسببها موجها إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين و ذلك لضمان الآداء الأفضل للوظيفة العامة ، على ما تقدم ، و كان النص التشريعى المطعون عليه متعلقا بجرائم الوظيفة العامة واقعا فى إطارها ، مستلهما الإعتبارات عينها التى قرر المشرع من أجلها إستبعاد الإدعاء المباشر فى مجال الجرائم الوظيفية و دون ما إهدار للحق فى إحالتها إلى القضاء المختص بنظرها عن طريق النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة إذا ما كانت الأدلة على وقوع الجريمة و على نسبتها إلى المتهم كافية ، و كان حظر الطعن الذى تضمنه النص التشريعى المطعون عليه متعلقا بقرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية صدر عن النيابة العامة على ضوء تحقيقاتها ، و كان هذا القرار قضائيا بمعنى الكلمة ، فإن حظر الطعن فيه يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، بما لا مخالفة فيه لأحكام المواد ٣ ، ٦٤ ، ٦٥ من الدستور .

– – – ١٤ – – –
النعى على نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية بأن إستبعاده الجرائم التى تقع من الموظفين و المستخدمين العامين أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها من نطاق أوامر النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الجائز للمدعى بالحقوق المدنية الطعن فيها يناقض المادة ٣ من الدستور التى تعقد السيادة للشعب وحده ، و المادة ٦٤ منه التى تجعل من سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة ، و المادة ٦٥ منه التى تحتم خضوع الدولة للقانون – مردود بأن الأصل فى النصوص الدستورية بأنها تؤخذ بإعتبارها متكاملة و أن المعانى التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطة فيما بينها بما يرد عنها التناقض أو التنافر ، و كان الدستور بعد أن نص فى المادة ٣ منه على أن السيادة للشعب وحده ، حتم أن تكون ممارستها و حمايتها على الوجه المبين فى الدستور ، بما مؤداه أن أحكامه هى التى تحدد قواعد مباشرتها و تبين تخومها ، و كان الدستور قد خول المحكوم له – و بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية – الحق فى الإدعاء المباشر فى حالة بذاتها هى جريمة الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها المنصوص عليها فى المادة ٧٢ منه ، و فوض المشرع فيما عداها – و على ما تنص عليه المادة ٧٠ – فى تحديد الأحوال التى تقام فيها الدعوى الجنائية عن غير طريق الجهة القضائية ، و يندرج تحتها الحق فى الإدعاء المباشر ، و كان المشرع فى إطار هذا التفويض و إلتزاما بأبعاده ، قد إستبعد من نطاق الإدعاء المباشر أى جناية أو جنحة يكون الإتهام بإرتكابها أثناء تأدية الوظيفة العامة أو بسببها موجها إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين و ذلك لضمان الآداء الأفضل للوظيفة العامة ، على ما تقدم ، و كان النص التشريعى المطعون عليه متعلقا بجرائم الوظيفة العامة واقعا فى إطارها ، مستلهما الإعتبارات عينها التى قرر المشرع من أجلها إستبعاد الإدعاء المباشر فى مجال الجرائم الوظيفية و دون ما إهدار للحق فى إحالتها إلى القضاء المختص بنظرها عن طريق النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة إذا ما كانت الأدلة على وقوع الجريمة و على نسبتها إلى المتهم كافية ، و كان حظر الطعن الذى تضمنه النص التشريعى المطعون عليه متعلقا بقرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية صدر عن النيابة العامة على ضوء تحقيقاتها ، و كان هذا القرار قضائيا بمعنى الكلمة ، فإن حظر الطعن فيه يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، بما لا مخالفة فيه لأحكام المواد ٣ ، ٦٤ ، ٦٥ من الدستور .

– – – ١٥ – – –
النعى على نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية بأن حظره طعن المدعى بالحقوق المدنية فى أوامر النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى جرائم الموظفين و المستخدمين العامين أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، يخل بالحق فى التقاضى إذ يحول دون المضرور و اللجوء إلى قاضيه الطبيعى لطلب التعويض من المسئول عن الفعل الضار فضلا عن القصاص منه – مردود ، بأن المشرع و إن خول من لحقه ضرر من الجريمة أن يدعى بحقوق مدنية أثناء إجراء التحقيق ، إلا أن اللجوء إلى القضاء الجنائى للفصل فى الحقوق المدنية لا يعدو أن يكون إستثناء من أصل إختصاص القضاء المدنى بنظر الدعوى المتعلقة بها ، و من ثم كانت الدعوى المدنية المنظورة أمام القضاء الجنائى تابعة للدعوى الجنائية ، و كان المدعى بالحقوق المدنية بالخيار بين ولوج أحد الطريقين المدنى أو الجنائى إذا كان كلاهما مفتوحا أمامه ، فإذا إنغلق الطريق الإستثنائى بالنسبة إليه ، ظل حقه فى طلب تعويض الأضرار الناشئة عن الجريمة قائما أمام القضاء المدنى ، بوصفه حقا أصيلا – لا إستثنائيا – بما مؤداه أن الأصل هو أن يكون الفصل فى الدعوى المدنية بيد هذا القضاء بوصفه قاضيها الطبيعى ، و من ثم لا يكون النص التشريعى المطعون عليه قد حال دون لجوء المدعى بالحقوق المدنية إليه لجبر الضرر الذى لحقه من الجريمة التى إرتكبها أحد الموظفين أو المستخدمين العامين ، ذلك أن الطريق إلى إقتضاء الحقوق المدنية أمام قاضيها الطبيعى يظل مفتوحا و لا يسقط حقه فيه إلا بسقوط الحق فى الدعوى التى تقام لطلبها . أما عن الإدعاء بحرمان المدعى بالحقوق المدنية من القصاص من هؤلاء لجريمة وقعت منهم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، فمردود بأن الحق فى الإدعاء المباشر ليس إلا إستثناء من أصل رفع الدعوى الجنائية بأمر من جهة قضائية ، و قد أغلق المشرع – فى حدود سلطته التقديرية و لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة – هذا الطريق فى مجال الجرائم الوظيفية و دون ما إهدار للحق فى ملاحقة مرتكبيها جنائيا وفق مقاييس موضوعية و على ضوء الأدلة التى تعزز الإتهام و ترجحه . إذ كان ما تقدم ، فإن النص التشريعى المطعون عليه لا يكون قد أخل بالحق فى الفصل فى الحقوق المدنية لجبر الضرر الناشئ عن الجريمة الوظيفية أو إهدار الحق فى القصاص من مرتكبها الأمر الذى يعتبر معه هذا النعى برمته على غير أساس .

– – – ١٦ – – –
النعى على نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية بأن حظره طعن المدعى بالحقوق المدنية فى أوامر النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى جرائم الموظفين و المستخدمين العامين أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، يخل بالحق فى التقاضى إذ يحول دون المضرور و اللجوء إلى قاضيه الطبيعى لطلب التعويض من المسئول عن الفعل الضار فضلا عن القصاص منه – مردود ، بأن المشرع و إن خول من لحقه ضرر من الجريمة أن يدعى بحقوق مدنية أثناء إجراء التحقيق ، إلا أن اللجوء إلى القضاء الجنائى للفصل فى الحقوق المدنية لا يعدو أن يكون إستثناء من أصل إختصاص القضاء المدنى بنظر الدعوى المتعلقة بها ، و من ثم كانت الدعوى المدنية المنظورة أمام القضاء الجنائى تابعة للدعوى الجنائية ، و كان المدعى بالحقوق المدنية بالخيار بين ولوج أحد الطريقين المدنى أو الجنائى إذا كان كلاهما مفتوحا أمامه ، فإذا إنغلق الطريق الإستثنائى بالنسبة إليه ، ظل حقه فى طلب تعويض الأضرار الناشئة عن الجريمة قائما أمام القضاء المدنى ، بوصفه حقا أصيلا – لا إستثنائيا – بما مؤداه أن الأصل هو أن يكون الفصل فى الدعوى المدنية بيد هذا القضاء بوصفه قاضيها الطبيعى ، و من ثم لا يكون النص التشريعى المطعون عليه قد حال دون لجوء المدعى بالحقوق المدنية إليه لجبر الضرر الذى لحقه من الجريمة التى إرتكبها أحد الموظفين أو المستخدمين العامين ، ذلك أن الطريق إلى إقتضاء الحقوق المدنية أمام قاضيها الطبيعى يظل مفتوحا و لا يسقط حقه فيه إلا بسقوط الحق فى الدعوى التى تقام لطلبها . أما عن الإدعاء بحرمان المدعى بالحقوق المدنية من القصاص من هؤلاء لجريمة وقعت منهم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، فمردود بأن الحق فى الإدعاء المباشر ليس إلا إستثناء من أصل رفع الدعوى الجنائية بأمر من جهة قضائية ، و قد أغلق المشرع – فى حدود سلطته التقديرية و لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة – هذا الطريق فى مجال الجرائم الوظيفية و دون ما إهدار للحق فى ملاحقة مرتكبيها جنائيا وفق مقاييس موضوعية و على ضوء الأدلة التى تعزز الإتهام و ترجحه . إذ كان ما تقدم ، فإن النص التشريعى المطعون عليه لا يكون قد أخل بالحق فى الفصل فى الحقوق المدنية لجبر الضرر الناشئ عن الجريمة الوظيفية أو إهدار الحق فى القصاص من مرتكبها الأمر الذى يعتبر معه هذا النعى برمته على غير أساس .

– – – ١٧ – – –
النعى على نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية بأنه إذ إستبعد جرائم الموظفين و المستخدمين العامين أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها من نطاق أوامر النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية التى يجوز للمدعى بالحقوق المدنية الطعن فيها ، فقد حصن قراراً صدر عن النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالمخالفة لنص المادة ٦٨ من الدستور – مردود بأن ما قررته هذه المادة من عدم جواز النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، لا ينسحب إلى القرارات القضائية ، و يندرج تحتها الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر عن النيابة العامة على ضوء التحقيق الذى أجرته ، إذ يعتبر قراراً قضائياً بمعنى الكلمة و يجوز بالتالى حظر الطعن فيه فى نطاق المسائل التى فصل فيها .

[الطعن رقم ١٩ – لسنــة ٨ ق – تاريخ الجلسة ١٨ / ٠٤ / ١٩٩٢ – مكتب فني ٥ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٢٦٢ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام ضد وزير الثقافة الدعوى رقم ٤١٣٣ لسنة ١٩٨٣ مستعجل القاهرة طالباً الحكم بصفة مستعجلة بندب الخبير المختص لإثبات حالة أفلام الماستر فيديو التى قام تابعو الوزير بمحو تسجيلاتها ، وتقدير قيمة ما أصابه من ضرر من جراء ذلك ، فأصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى ٧ نوفمبر سنة ١٩٨٣ حكماً تمهيدياً بندب خبير مختص فى المرئيات والصوتيان لمعاينة الأفلام المشار إليها وإثبات حالتها وتقدير قيمتها مسجلة وخالية وقيمة الضرر الناجم عن محوها ، وكلفت المدعى إيداع أمانة قدرها مائة جنيه أتعاباً للخبير ، فقام المدعى بذلك ، إلا أن مكتب خبراء جنوب القاهرة أخطأ بتكليفه أحد خبراء الجدول من المهندسين المعماريين بمباشرة المأمورية التى فصلها الحكم التمهيدى ، وقد اعترض المدعى على قيام هذا المهندس بالمأمورية لعدم خبرته فى مجال الصوتيات والمرئيات ، إلا أنه مضى فى مباشرتها وقام بقبض الأمانة ، فتقدم المدعى بشكوى اتهم فيها ذلك المهندس باختلاس المال العام والاستيلاء عليه وانتحال صفة الخبير ذى الحق فى اقتضاء الأمانة ، ومن ثم ارتكابه الجرائم المنصوص عليها فى المواد ١١٢ ، ١١٣ ، ٢١١ من قانون العقوبات ، وقامت النيابة العامة بتحقيق هذه الشكوى بسماع أقوال وكيل المدعى الذى ادعى مدنياً مطالباً إلزام المشكو ضده بتعويضه مؤقتاً بما مقداره واحد وخمسون جنيهاً . وإذ أصدرت النيابة العامة قرارها بحفظ الأوراق وقيدها بدفتر الشكاوى الإدارية برقم ٥٦٦٤ لسنة ١٩٨٥ إدارى عابدين ، فقد تظلم الشاكى – بصفته مدعياً بالحقوق المدنية – من هذا القرار ، ونظر تظلمه أمام محكمة جنيايات القاهرة منعقدة فى غرفة المشورة ، حيث دفع بجلسة ١٥ يونية ١٩٨٦ بعدم دستورية المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ ، ٢١٠ من قانون الإجراءات الجنائية ، فصرحت باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المواد المشار إليها والمادة ٢٣٢ من قانون الإجراءات الجنائية ، فأقام دعواه الماثلة . وحيث إن ولاية هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية – وعلى ما جرى به قضاؤها – لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة فى قانونها ، وكان نطاق الدعوى الدستورية التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع ، وفى الحدود التى تقدر فيها جديته ، وكان المدعى – فى الدعوى الماثلة – قد دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ ، ٢١٠ من قانون الإجراءات الجنائية ، فصرحت له برفع الدعوى بعدم دستورية تلك المواد مضيفة إليها المادة ٢٣٢ من القانون ذاته دون دفع مسبق بعدم دستوريتها ، فإن الطعن بعدم دستورية هذه المادة الأخيرة يكون مجاوزاً النطاق الذى تتحدد به المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها ، بما مؤداه انتفاء اتصال الدعوى الماثلة – فى شقها الخاص بالطعن على المادة ٢٣٢ من قانون الإجراءات الجنائية – بالمحكمة الدستورية العليا ، اتصالاً مطابقاً للأوضاع التى رسمها قانونها ، والتى لا يجوز الخروج عليها بوصفها ضوابط جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة كى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية وفقاً للقواعد التى حددها ، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها ، وليس سائغاً القول بأن المادة ٢٣٢ المشار إليها والتى أضافتها محكمة الموضوع إلى المواد التى دفع المدعى أمامها بعدم دستوريتها ، تعتبر محالة منها مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا ، ذلك أن البند (أ) من المادة ٢٩ من قانون هذه المحكمة وإن خول محكمة الموضوع أن تحيل من جانبها النصوص التشريعية التى تقوم لديها شبهة قوية على مخالفتها أحكام الدستور ، ويكون الفصل فى دستوريتها لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة عليها ، إلا أن مباشرة محكمة الموضوع لهذا الاختصاص يقتضيها أن تصدر بالإحالة حكماً بمعنى الكلمة يكون قاطعاً فى دلالته على انعقاد إرادتها على أن تعرض بنفسها المسألة الدستورية على المحكمة الدستورية العليا ، وأن يكون قضاؤها بالإحالة متضمناً تحديداً كافياً للنصوص التشريعية المطعون عليها ونصوص الدستور المدعى مخالفتها والأوجه التى تقوم عليها هذه المخالفة ، وهو ما لم يتحقق فى الدعوى الماثلة . وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية ، وإن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، وكان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعى المطعون عليه للدستور ، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً ، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطاً بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية ، وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظوراً إليها بصفة مجردة ، وبالتالى لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين أوليين يحددان معاً مفهومها ، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه ، وإن كان استقلال كل منهما عن الآخر لا ينفى تكاملهما ، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية النصوص التشريعية ، أولهما أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون عليه – الدليل على أن ضرراً واقعياً – اقتصادياً أو غيره – قد لحق به ، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشراً ، مستقلاً بعناصره ، ممكناً إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية ، وليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً ، ذلك أن إسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل فى خصومة قضائية تكون فيها المصلحة نظرية صرفة كتلك التى تتوخى تقرير حكم الدستور مجرداً فى موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيدلوجية أو دفاعاً عن قيم مثالية يرجى تثبيتها ، أو كنوع من التعبير فى الفراغ عن وجهة نظر شخصية ، أو لتوكيد مبدأ سيادة القانون فى مواجهة صور من الإخلال بمضمونه لا صلة للطاعن بها ، أو لإرساء مفهوم معين فى شأن مسألة لم يترتب عليها ضرر بالطاعن ولو كانت تثير اهتماماً عاماً ، وإنما قصد المشرع بهذه الرقابة أن تقدم المحكمة من خلالها الترضية التى تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التى كفلها ، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئاً لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية ، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها ، ثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه ، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئاً عن هذا النص ومترتباً عليه ، فإذا لم يكن النص التشريعى قد طبق على المدعى أصلاً ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه ، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه ، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لم يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبل رفعها . وحيث إنه بالبناء على ما تقدم ، يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره محدداً لفكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية ، ومبلوراً نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها ، ومؤكداً ضرورة أن تكون المنفعة التى يقررها القانون هى محصلتها النهائية ، ومنفصلاً دوماً عن مطابقة النص التشريعى المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه . وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان المدعى – بوصفه مدعياً بالحقوق المدنية أثناء تحقيق أجرته النيابة العامة – قد طعن فى القرار الصادر عنها بحفظ شكواه إدارياً ، وكان هذا القرار لا يعدو أن يكون تصرفاً قضائياً من جانبها فى التحقيق الابتدائى الذى أجرته متضمناً إنهاءه وقوفاً بالدعوى الجنائية عند هذه المرحلة لانتفاء مقتضيات رفعها – بحالتها – إلى القضاء ، فإن ذلك القرار ، وإعمالاً لنص المادة ٢٠٩ من قانون الإجراءات الجنائية ينحل إلى أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يكون بذاته مانعاً من العودة إلى التحقيق الابتدائى إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ، وإذ طعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الأمر أمام محكمة الجنايات منعقدة فى غرفة المشورة ، وكانت الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ إجراءات جنائية معدلة بالقانون ٣٧٣ لسنة ١٩٧٢ – التى تخول المدعى بالحقوق المدنية الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى ما لم يكن صادراً فى تهمة موجهة ضد أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أو أحد رجال الضبط لجريمة ارتكبها أثناء تأدية وظيفته أو بسببها من غير الجرائم المشار إليها فى المادة ١٢٣ عقوبات – هى التى تحول بذاتها بين المدعى بالحقوق المدنية وبين الطعن فى قرار أصدرته النيابة العامة فى شأن اتهام موجه إلى خبير يشغل وظيفة عامة بمقولة ارتكابه جريمة أثناء تأديته لواجباتها وكان الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعى أمام المحكمة منعقدة فى غرفة المشورة يتوخى فى حقيقة مرماه إسقاط حكم الفقرة الأولى سالفة البيان بوصفها عائقاً يحول دون انفتاح طريق الطعن أمامه فى القرار الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى الإطار المتقدم ، فإن مصلحته الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية الماثلة تنحصر فى الطعن على هذه الفقرة وحدها وذلك دون المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ من قانون الإجراءات الجنائية التى ليس لها من صلة بطلباته أمام غرفة المشورة ؟ ذلك أن المادة ٦٣ بفقراتها الأربع لا شأن لها بقرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية صدر عن النيابة العامة على ضوء التحقيق الابتدائى الذى أجرته وأساس ذلك أنها تنظم اختصاص النيابة العامة فى مجال تصرفها فى التهمة وفق ما أسفرت عنه أعمال الاستدلال ، وهى أعمال لابد أن يعقبها بدء التحقيق الابتدائى إذا كانت الجريمة جناية ، أما المادة ٦٤ فتحدد الأحوال التى يجوز فيها للنيابة العامة أن تطلب من رئيس المحكمة الابتدائية ندب أحد قضاتها لمباشرة التحقيق فى جناية أو جنحة ، ولا صلة لها بالتالى بمصلحة المدعى بالحقوق المدنية فى دعواه الموضوعية التى يطعن فيها على قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر عنها بعد مباشرتها التحقيق بنفسها ، والأمر كذلك بالنسبة إلى المادة ١٦٢ لأن حكمها خاص بحدود حق المدعى بالحقوق المدنية فى الطعن – استئنافياً – على الأمر الصادر من قاضى التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن على المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ من قانون الإجراءات الجنائية . وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكانت مصلحة المدعى – فى الدعوى الماثلة – تنحصر فى الطعن على الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنته من حرمان المدعى بالحقوق المدنية من الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوة الجنائية إذا تعلق بتهمة موجهة إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أو أحد رجال الضبط لجريمة ارتكبها أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها فى المادة ١٢٣ من قانون العقوبات ، فقد غدا محتوماً إخضاع هذه الفقرة لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية . وحيث إن المدعى ينعى على الفقرة المشار إليها مخالفتها لمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليها فى المادة ٤٠ من الدستور بمقولة أن ما سعى إليه النص المطعون عليه من تأمين شاغل الوظيفة العامة أو القائم بالخدمة العامة من شرور الإدعاء عليه ، وضمان جدية الاتهام الموجه إليه ، لا يقتضى إفراده بحصانة غير مقررة بالنسبة إلى غيره من المواطنين ، ذلك أن المتهمين والمجرمين يخضعون لمبدأ المساواة فلا يجوز تمييزهم إذا كانوا من الموظفين أو القائمين بخدمة عامة على غيرهم من أفراد الشعب مخدومهم . وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعنى أن تعامل فئاتهم – على ما بينها من تباين فى مراكزهم القانونية – معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة ٤٠ المشار إليها ، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً ، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصوداً لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم ، فإذا كان النص المطعون عليه – بما انطوى عليه من تمييز – مصادماً لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقياً ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها ، فإن التمييز يكون تحكمياً وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية ، ومن ثم مجافياً لنص المادة ٤٠ من الدستور . وحيث إنه إذ كان ذلك ، وكان ادعاء من لحقه ضرر من الجريمة بالحقوق المدنية أثناء تحقيق تجريه النيابة العامة لجبر الأضرار الناجمة عن جريمة ارتكبها أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ، قد يحمل فى ثناياه اتهاماً كيدياً بسبب منفعة ضيعها أحد العاملين بالدولة على المدعى بالحقوق المدنية ، أو لقيام من اتهمه من هؤلاء بعمل أضر به وإن كان تنفيذاً لحكم القانون ، أو لإشباع شهوة الانتقام لضغائن شخصية أو إذكاء لنزعة النيل من الآخرين تطاولاً على سمعتهم ، وكان المشرع قد وازن بين حق المدعى بالحقوق المدنية فى الادعاء المباشر – وهو حق ورد على خلاف الأصل الذى قررته المادة ٧٠ من الدستور التى لا تجيز إقامة الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الأحوال التى يحددها القانون – وبين ما تقتضيه إشاعة الاطمئنان بين القائمين بالعمل العام بثاً للثقة فى نفوسهم بما يكفل قيامهم بأعباء الوظيفة أو الخدمة العامة ، دون تردد أو وجل يعوق الأداء الأكمل لواجباتها أو يدفعهم إلى التنصل من أعبائها توقياً لمسئوليتهم عنها ، بما يثنيهم فى النهاية عن تحمل تبعاتها ويعطل قدرتهم على اتخاذ القرار الملائم ، فاقر – فى إطار هذه الموازنة – نص المادة ٢٣٢ إجراءات جنائية مستبعداً بموجبها الادعاء المباشر فى مجال الجرائم التى يرتكبها الموظفون أو المستخدمون العامون أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بسببها عدا الجرائم المنصوص عليها فى المادة ١٢٣ من قانون العقوبات ، مؤكداً بهذا الاستبعاد ما قررته المذكرة الإيضاحية – للقانون رقم ١٢١ لسنة ١٩٥٦ – فى شأن هذا القيد من أن النصوص العقابية تعامل الموظفين والمستخدمين العامين فى شأن التجريم على نحو مغاير لغيرهم سواء بتغليظ العقوبة عليهم لحملهم على الوفاء بواجباتهم التى حملتهم بها ، أو بإفرادهم بجرائم وعقوبات يختصون بها دون غيرهم ، متى كان ذلك ، وكان المشرع قد دل بالأحكام السابق بيانها على أن تخويل المدعى بالحقوق المدنية الحق فى ملاحقة هؤلاء جنائياً عن طريق الادعاء المباشر بناء على دوافع واهية تكون المخاصمة فى إطارها شططاً إنما يلحق بالمصلحة العامة أضراراً بليغة وكان النص التشريعى المطعون فيه يحظره الطعن فى قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى تهمة موجهة إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين لجريمة وقعت منه ، أثناء تأديته وظيفته أو بسببها ، قد التزم اتجاه رد غائلة العدوان عن هؤلاء فى مواجهة صور من إساءة استعمال الحق فى التعويض عن الأضرار الناشئة عن الجريمة كوسيلة لملاحقة جنائية تقوم على أدلة متخاذلة أو يكون باعثها تلك النزعة الطبيعية – عند البعض – إلى التجريح ، فإن المشرع يكون قد رجح بالنص التشريعى المطعون عليه مصلحة أولى فى تقديره بالاعتبار هى تلك التى يمليها الأداء الأقوم للوظيفة العامة دون تردد يقعد بشاغليها عن الوفاء بأمانة المسئولية المرتبطة بها ، وتوقياً لخور يوهن عزائمهم ، ويصرفهم عن النهوض بأعبائها ، متى كان ذلك ، فإن النص التشريعى المطعون عليه يكون قد توخى – وعلى ما تقدم – حماية الوظيفة العامة من مخاطر اتهام موجه إلى شاغلها لا يقوم على أساس سواء من ناحية الواقع أو القانون ، وهى بعد حماية لا تعنى أن قانون الإجراءات الجنائية قد أسقط عن الموظفين أو المستخدمين العامين الحق فى ملاحقتهم لمحاسبتهم أمام القضاء عن الجرائم التى وقعت منهم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، ذلك أن الحق فى إقامة الدعوى الجنائية قبلهم فى شأن هذه الجرائم لازال قائماً كلما كانت الأدلة على وقوعها بأركانها التى عينها القانون وعلى نسبتها إلى فاعلها كافية ، وإن كان زمام رفعها معقوداً للنائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة ، وذلك بالنظر إلى ضرورة تقدير التهمة وأدلتهما وفق مقاييس دقيقة تصون للوظيفة العامة حرمتها وتكفل السير المنتظم لها فى إطار المصلحة العامة ونزولاً على موجباتها ، وبذلك تكون الواقعة محل الاتهام الجنائى وما أسفر عنه التحقيق بشأنها وحكم القانون المتعلق بها هى العناصر الموضوعية التى يتحدد على ضوئها مسار الدعوى الجنائية ، إما وقوفاً بها عند مرحلة التحقيق الابتدائى بإصدار النيابة العامة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، وإما بإحالتها إلى المحكمة المختصة بنظرها على ضوء ما توافر من الأدلة المعززة للاتهام . وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان النص المطعون عليه قد حظر الطعن فى قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى الإطار المتقدم بيانه ، لا بقصد تمييز بعض المتهمين أو المذنبين على بعض ، وإنما لتحقيق غاية بعينها تتمثل فى صون الأداء الأفضل للوظيفة العامة من خلال توفير ضمانة لازمة تكفل لمن يقوم بأعبائها أن يوزن الاتهام إليه بمقاييس دقيقة لا يكون معها العمل العام موطئاً لشهوة التشهير بسمعته أو الازدراء بقدره دون أدلة كافية تظاهر الاتهام وترجحه ، فإن النص التشريعى المطعون عليه يكون محققاً لمصلحة عامة مرتكناً فى بلوغها إلى أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بأحكامه المتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليه ، ومن ثم تكون قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون فاقدة لأساسها حرية بالرفض . وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه مخالفته المواد ٣ ، ٦٤ ، ٦٥ من الدستور ، بمقولة أن الدولة هى جماع مؤسساتها التى تضم الموظفين والمستخدمين العامين كافة ، وأنه إذ نص الدستور فى المادة ٦٤ على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة ، وقرر فى المادة ٦٥ خضوع الدولة للقانون ، فإن النص التشريعى المطعون عليه إذ حال بين المدعى بالحقوق المدنية والطعن فى قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى تهمة موجهة إلى موظف أو مستخدم عام لجريمة وقعت منه أثناء تأديته وظيفته او بسببها ، يكون قد جاء مصادماً لهاتين المادتين ومخالفا كذلك للمادة ٣ من الدستور التى تعقد السيادة للشعب وحده . وحيث إن هذا النعى مردود بأن الأصل فى النصوص الدستورية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنها تؤخذ باعتبارها متكاملة وأن المعانى التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطة فيما بينها بما يرد عنها التناقض أو التنافر ، وكان الدستور بعد ان نص فى المادة ٣ على ان السيادة للشعب وحده ، حتم أن تكون ممارستها وحمايتها على الوجه المبين فى الدستور ، بما مؤداه أن أحكامه هى التى تحدد قواعد مباشرتها وتبين تخومها وكان الدستور قد خول المحكوم له – وبوصفه مدعياً بالحقوق المدنية – الحق فى الادعاء المباشر فى حالة بذاتها هى جريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها المنصوص عليها فى المادة ٧٢منه ، وفرض المشرع فيما عداها – وعلى ما تنص عليه المادة ٧٠ – لتحديد الأحوال التى تقام فيها الدعوى الجنائية عن غير طريق الجهة القضائية ويندرج تحتها الحق فى الادعاء المباشر ، وكان المشرع فى إطار هذا التفويض والتزاماً بأبعاده قد استبعد من نطاق الادعاء المباشر أى جناية أو جنحة يكون الاتهام بارتكابها أثناء تأدية الوظيفة العامة او بسببها موجها إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين وذلك لضمان الأداء الأفضل للوظيفة العامة على ما تقدم ، وكان النص التشريعى المطعون عليه متعلقاً بجرائم الوظيفة العامة واقعاً فى إطارها مستلهماً الاعتبارات عينها التى قرر المشرع من أجلها استبعاد الادعاء المباشر فى مجال الجرائم الوظيفية ودون ما إهدار للحق فى إحالتها إلى القضاء المختص بنظرها عن طريق النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة إذا ما كانت الأدلة على وقوع الجريمة وعلى نسبتها إلى المتهم كافية ، وكان حظر الطعن الذى تضمنه النص التشريعى المطعون عليه متعلقاً بقرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية صدر عن النيابة العامة على ضوء تحقيقاتها ، وكان هذا القرار قضائياً بمعنى الكلمة ، فإن حظر الطعن فيه يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، بما لا مخالفة فيه لأحكام المواد ٣ ، ٦٤ ، ٦٥ من الدستور . وحيث إن المدعى ينعى على النص التشريعى المطعون عليه إخلاله بالحق فى التقاضى إذ منع المضرور من الجريمة التى ارتكبها موظف أو مستخدم عام أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ، من اللجوء إلى قاضيه الطبيعى لطلب التعويض من المسئول عن الفعل الضار فضلاً عن القصاص منه . وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن المشرع وإن خول من لحقه ضرر من الجريمة أن يدعى بحقوق مدنية أثناء إجراء التحقيق ، إلا أن اللجوء إلى القضاء الجنائى للفصل فى الحقوق المدنية لا يعدو أن يكون استثناء من أصل اختصاص القضاء المدنى بنظر الدعوى المتعلقة بها ، ومن ثم كانت الدعوى المدنية المنظورة أمام القضاء الجنائى تابعة للدعوى الجنائية ، وكان المدعى بالحقوق المدنية بالخيار بين ولوج أحد الطرفين المدنى أو الجنائى إذا كان كلاهما مفتوحاً أمامه ، فإذا انغلق الطريق الاستثنائى بالنسبة إليه ، ظل حقه فى طلب تعويض الأضرار الناشئة عن الجريمة قائماً أمام القضاء المدنى ، بوصفه حقاً أصيلاً – لا استثنائياً – بما مؤداه أن الأصل هو أن يكون الفصل فى الدعوى المدنية بيد هذا القضاء بوصفه قاضيها الطبيعى ، ومن ثم لا يكون النص التشريعى المطعون عليه قد حال دون لجوء المدعى بالحقوق المدنية إليه لجبر الضرر الذى لحقه من الجريمة التى ارتكبها احد الموظفين أو المستخدمين العامين ، ذلك أن الطريق إلى اقتضاء الحقوق المدنية أمام قاضيها الطبيعى يظل مفتوحاً ولا يسقط حقه فيه إلا بسقوط الحق فى الدعوى التى تقام لطلبها . وحيث إنه عن الادعاء بحرمان المدعى بالحقوق المدنية من القصاص من هؤلاء لجريمة وقعت منهم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ، فمردود بأن الحق فى الادعاء المباشر ليس إلا استثناء من أصل رفع الدعوى الجنائية بأمر من جهة قضائية ، وقد أغلق المشرع – فى حدود سلطته التقديرية ولاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة على ما سلف بيانه – هذا الطريق فى مجال الجرائم الوظيفية ودون ما إهدار للحق فى ملاحقة مرتكبيها جنائياً وفق مقاييس موضوعية وعلى ضوء الأدلة التى تعزز الاتهام وترجحه ، إذ كان ما تقدم ، فإن النص التشريعى المطعون عليه لا يكون قد اخل بالحق فى الفصل فى الحقوق المدنية لجبر الضرر الناشئ عن الجريمة الوظيفية أو أهدر الحق فى القصاص من مرتكبها الأمر الذى يعتبر معه هذا النعى برمته على غير أساس . وحيث إن ما ينعاه المدعى على النص التشريعى المطعون عليه من انه حصن قراراً صدر عن النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالمخالفة لنص المادة ٦٨ من الدستور ، مردود بأن ما قررته هذه المادة من عدم جواز النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، لا ينسحب إلى القرارات القضائية ، ويندرج تحتها الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر عن النيابة العامة على ضوء التحقيق الذى أجرته ، إذ يعتبر قراراً قضائياً بمعنى الكلمة ويجوز بالتالى حظر الطعن فيه فى نطاق المسائل التى فصل فيها . وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان النص المطعون عليه لا يخالف من أوجه أخرى أى حكم من أحكام الدستور ، فإنه يتعين والحالة هذه رفض الدعوى بالنسبة إلى الطعن على الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ من قانون الإجراءات الجنائية . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن على نصوص المواد ٦٣ ، ٦٤ ، ١٦٢ ، ٢٣٢ من قانون الإجراءات الجنائية ، وبرفضها بالنسبة إلى الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة ٢١٠ من القانون ذاته ، فيما تضمنه من عدم تخويل المدعى بالحقوق المدنية حق الطعن فى أمر النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر فى تهمة موجهة إلى موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأديته وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها فى المادة ١٢٣ من قانون العقوبات ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

زر الذهاب إلى الأعلى