حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٨ لسنة ١٨ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٨ لسنة ١٨ دستورية
تاريخ النشر : ٢٦ – ٠٦ – ١٩٩٧

منطوق الحكم : عدم قبول دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم قبول دعوى فى طلب الحكم بعدم دستورية نص المادة ٢٠ من المرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المدل بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ وذلك فيما تضمنه من إمتداد حق حضانة النساء إلى اللاتي لازلن على عصمة أزواجهن.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله أعضاء وحنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين وحمدى أنور صابر أمين السر .

– – – ١ – – –
إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية ، وليس من معطياتها النظرية ، أو تصوراتها المجردة . وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ، ويرسم تخوم ولايتها ، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى ، وبالقدر اللازم للفصل فيها . ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم ضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم ، سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم ، أم كان قد وقع فعلاً . ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام ، ولا أن تكون نافذة يعرضون منها ألواناً من الصراع بعيداً عن مصالحهم الشخصية المباشرة ، أو شكلاً للحوار حول حقائق علمية يطرحونها لإثباتها أو نفيها ، أو طريقاً للدفاع عن مصالح بذواتها لا شأن للنص المطعون عليه بها . بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها ــ التى كثيراً ما تؤثر فى حياة الأفراد وحرماتهم وحرياتهم وأموالهم ــ بما يكفل فعاليتها . وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة ، فلا تقبل عليها إندفاعاً ، ولا تعرض عنها تراخياً . ولا تقتحم بممارستها حدوداً تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية . بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذاً أخيراً ونهائياً ، وأن تدور وجوداً وعدماً مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها ، ويكون ممكناً إدراكها ، لتكون لها ذاتيتها . ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهماً أو منتحلاً أو مجرداً in abstracto أو يقوم على الإفتراض أو التخمين ولازم ذلك ، أن يقوم الدليل جلياً على إتصال الأضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه ، وأن يسعى المضرور لدفعها عنه ، لا ليؤمن بدعواه الدستورية ــ وكأصل عام ــ حقوق الآخرين ومصالحهم ، بل ليكفل إنفاذ تلك الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه in Concreto .

– – – ٢ – – –
إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية ، وليس من معطياتها النظرية ، أو تصوراتها المجردة . وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ، ويرسم تخوم ولايتها ، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى ، وبالقدر اللازم للفصل فيها . ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم ضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم ، سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم ، أم كان قد وقع فعلاً . ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام ، ولا أن تكون نافذة يعرضون منها ألواناً من الصراع بعيداً عن مصالحهم الشخصية المباشرة ، أو شكلاً للحوار حول حقائق علمية يطرحونها لإثباتها أو نفيها ، أو طريقاً للدفاع عن مصالح بذواتها لا شأن للنص المطعون عليه بها . بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها ــ التى كثيراً ما تؤثر فى حياة الأفراد وحرماتهم وحرياتهم وأموالهم ــ بما يكفل فعاليتها . وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة ، فلا تقبل عليها إندفاعاً ، ولا تعرض عنها تراخياً . ولا تقتحم بممارستها حدوداً تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية . بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذاً أخيراً ونهائياً ، وأن تدور وجوداً وعدماً مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها ، ويكون ممكناً إدراكها ، لتكون لها ذاتيتها . ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهماً أو منتحلاً أو مجرداً in abstracto أو يقوم على الإفتراض أو التخمين ولازم ذلك ، أن يقوم الدليل جلياً على إتصال الأضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه ، وأن يسعى المضرور لدفعها عنه ، لا ليؤمن بدعواه الدستورية ــ وكأصل عام ــ حقوق الآخرين ومصالحهم ، بل ليكفل إنفاذ تلك الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه in Concreto .

– – – ٣ – – –
إختصاص تفسير النصوص القانونية تتولاه أصلاً المحاكم على تباين أنواعها ودرجاتها . ولا تباشر المحكمة الدستورية العليا هذا الاختصاص دون غيرها من جهات القضاء إلا فى إحدى صور ثلاث :
أولاها : أن يكون هذا التفسير بمناسبة فصلها فى دستورية نصوص قانونية وفقاً للمادتين ٢٧ و ٢٩ من قانونها ، ذلك أن الرقابة على الشرعية الدستورية التى تباشرها هذه المحكمة وحدها ، تقتضيها إبتداء أن تحدد للنصوص القانونية المطعون عليها مضامينها ومراميها قبل أن تقابلها بأحكام الدستور تحرياً لتطابقها معها أو خروجها عليها ، فلا يكون تحديدها لنطاق النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور ــ سواء فى معناها أو مغزاها ــ إلا عملاً مبدئياً سابقاً بالضرورة على خوضها فى مناعيها .
ثانيتها : أن يكون هذا التفسير مرتبطاً إرتباطاً حتمياً بمباشرة هذه المحكمة لولايتها فى مجال الفصل فى تنازع الاختصاص أو فض التناقض بين الأحكام وفقاً لقانونها .
ثالثتها : أن يكون التفسير الصادر عنها تشريعياً ، مقدماً طلبه إليها من وزير العدل ــ وفقاً للمادتين ٢٦ و ٣٣ من قانونها ــ بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء ، أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية .

– – – ٤ – – –
مراعاة أمرين فى التفسير التشريعى : ١ــ أن يكون للنصوص القانونية المراد تفسيرها ، أهمية جوهرية ــ لا ثانوية أو عرضية ــ تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التى تنتظمها ووزن المصالح المرتبطة بها ، فإذا كان دورها فى تشكيل العلائق الاجتماعية موضوعها ، محدوداً ، فلا يجوز تفسيرها . بما مؤداه أن النصوص القانونية التى لا تنحصر آفاقها ، بل يكون مداها مترامياً ، هى وحدها التى يجوز تفسيرها إذا صدر بها قانون أو قرار بقانون ، لينحسر هذا الاختصاص عما دونها شكلاً وموضوعاً . ٢ــ أن تكون هذه النصوص ــ فوق أهميتها ــ قد أثار تطبيقها خلافاً حاداً بين من يقومون بإعمال أحكامها ، سواء بالنظر إلى مضمونها أو الآثار التى ترتبها . ويقتضى ذلك أن يكون خلافهم حولها حاداً مستعصياً على التوفيق ، متصلاً بتلك النصوص فى مجال إنفاذها ، نابذاً وحدة القاعدة القانونية فى شأن يتعلق بمعناها ودلالتها ، مفصياً إلى تعدد تأويلاتها ، وتباين المعايير التى تنتقل بها من صورتها اللفظية إلى جوانبها التطبيقية ، لتؤول عملاً { De Facto } إلى التمييز فيما بين المخاطبين بحكمها ، فلا يعاملون جميعهم وفق مقاييس موحدة ، بل تتعدد تطبيقاتها ، بما يخل بالمساواة القانونية { De jure } التى كفلها الدستور بين من تماثلت مراكزهم القانونية .

[الطعن رقم ١٨ – لسنــة ١٨ ق – تاريخ الجلسة ١٤ / ٠٦ / ١٩٩٧ – مكتب فني ٨ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٦٨٤ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليها الثانية، كانت قد أقامت ضد المدعى الدعوي رقم ٤٠ لسنة ١٩٩٥ أحوال شخصية نفس بندر أول طنطا بطلب الحكم بضم ابنها منه “حسن” إلي حضانتها، وذلك تأسيسا على أنها زوجته بصحيح العقد الشرعى المؤرخ ٣٠ / ١ / ١٩٨٧، وأنه إذ كان صغيرها المذكور لازال فى سن حضانة النساء ويحتاج إلى خدمتهن، وكانت والدته هى المقدمة علي سائر الحاضنات عملا بنص المادة ٢٠ من المرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ خاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، والمعدل بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥، فإن تسليمها ابنها هذا يكون متعينا . وبجلسة ٢٣ / ١ / ١٩٩٦ – المحددة لنظر تلك الدعوى – دفع المدعي في الدعوى الماثلة – بعدم دستورية نص المادة ٢٠ المشار إليها . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوي الماثلة . وحيث إن المادة ٢٠ من المرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ خاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية، تقضى بما يأتى : – << ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن اثنتى عشرة سنة، ويجوز للقاضى بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج فى يد الحاضنة دون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحته تقتضى ذلك. ولكل من الأبوين الحق فى رؤية الصغير أو الصغيرة ٠ وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين . وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقا، نظمها القاضى على أن تتم فى مكان لايضر بالصغير أو الصغيرة نفسيا . ولاينفذ حكم الرؤية قهرا، ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضى فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضى بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها . ويثبت الحق فى الحضانة للأم ثم المحارم من النساء …………. >> . وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه مخالفته لنص المادة الثانية من الدستور التى تجعل مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، مستندا فى ذلك إلى أن المتأمل لعبارات هذا النص، يجد أنها تكلمت عن حق حضانة النساء ومدة الحضانة وانتهائها، إلا أنها أغفلت أن توضح ما إذا كان هذا الحق مقصوراً على النساء المطلقات، أم يشملهن مع غيرهن من اللاتى فى عصمة أزواجهن، وأن هذا الإغفال أدى إلى غموض فى تطبيق النص المطعون فيه وتعدد تأويلاته وتضارب الأحكام فيما بينها حيث أكد بعضها – وعلى خلاف أحكام الشريعة الإسلامية – أحقية الزوجة التى على العصمة فى ضم صغيرها إليها . وغموض حكم النص المطعون فيه على هذا النحو يخرج به عن نطاق الشرعية الدستورية، فالأئمة الأربعة يتحدثون عن حق حضانة النساء المطلقات دون غيرهن . والقول بثبوتها لغير المطلقة، فيه مكافأة لها عن عصيانها طاعة زوجها، فلاتقر فى بيتها، والأحكام الشرعية لايجوز القياس عليها أو التوسع فى تفسيرها، وإلا بعدت عن مقاصد الشريعة الإسلامية . وحيث إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة . وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها . ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم ضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً . ولايتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام، ولا أن تكون نافذة يعرضون منها ألواناً من الصراع بعيداً عن مصالحهم الشخصية المباشرة، أو شكلاً للحوار حول حقائق علمية يطرحونها لإثباتها أو نفيها، أو طريقاً للدفاع عن مصالح بذواتها لاشأن للنص المطعون عليه بها . بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها – التى كثيراً ماتؤثر فى حياة الأفراد وحرماتهم وحرياتهم وأموالهم – بما يكفل فعاليتها. وشرط ذلك إعمالها عن بصر وبصيرة، فلا تقبل عليها اندفاعا، ولاتعرض عنها تراخيا . ولاتقتحم بممارستها حدوداً تقع فى دائرة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية . بل يتعين أن تكون رقابتها ملاذاً أخيراً ونهائيا، وأن تدور وجوداً وعدماً مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها، ويكون ممكناً إدراكها، لتكون لها ذاتيتها. ومن ثم يخرج من نطاقها مايكون من الضرر متوهما أو منتحلاً أو مجرداً in abstracto أو يقوم على الافتراض أو التخمين ولازم ذلك، أن يقوم الدليل جليا على اتصال الأضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه، وأن يسعى المضرور لدفعها عنه، لا ليؤمن بدعواه الدستورية – وكأصل عام – حقوق الآخرين ومصالحهم، بل ليكفل إنفاذ تلك الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه in Concreto . وحيث إنه من البين من الأوراق، أن حكما نهائيا قد صدر بتاريخ ٨ / ٥ / ١٩٩٦ فى الاستئناف رقم ٢٦ لسنة ٤٦ قضائية أحوال شخصية نفس طنطا بتطليق المدعى عليها الثانية من المدعى طلقة بائنة، فإن الفصل فى منعاه – وقد قام على أن حضانة النساء لاتثبت إلا للمطلقات منهن – وأيا كان وجه الرأى فيه – لايكون منتجا . ولاتعدو مصلحة المدعى بالتالى أن تكون مجرد مصلحة نظرية لايجوز أن تحمل الدعوى الدستورية عليها، ولاأن تقوم بها، بل يكون الحكم بعدم قبولها لازما . وحيث إن طلب المدعى تفسير النص المطعون عليه لبيان صحيح حكم القانون بصدده، مردود بأن اختصاص تفسير النصوص القانونية تتولاه أصلا المحاكم على تباين أنواعها ودرجاتها . ولاتباشر المحكمة الدستورية العليا هذا الاختصاص دون غيرها من جهات القضاء إلا فى إحدى صور ثلاث : أولاها: أن يكون هذا التفسير بمناسبة فصلها فى دستورية نصوص قانونية وفقا للمادتين ٢٧ و ٢٩ من قانونها، ذلك أن الرقابة على الشرعية الدستورية التى تباشرها هذه المحكمة وحدها، تقتضيها ابتداء أن تحدد للنصوص القانونية المطعون عليها مضامينها ومراميها قبل أن تقابلها بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها أو خروجها عليها، فلايكون تحديدها لنطاق النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور – سواء فى معناها أو مغزاها – إلا عملا مبدئيا سابقا بالضرورة على خوضها فى مناعيها . ثانيتها: أن يكون هذا التفسير مرتبطا ارتباطا حتميا بمباشرة هذه المحكمة لولايتها في مجال الفصل في تنازع الاختصاص أو فض التناقض بين الأحكام وفقا لقانونها . ثالثتها: أن يكون التفسير الصادر عنها تشريعيا، مقدما طلبه إليها من وزير العدل – وفقا للمادتين ٢٦ و ٣٣ من قانونها – بناء على طلب رئيس مجلس الوزاء، أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية ؛ وبمراعاة أمرين : – (أولهما) أن يكون للنصوص القانونية المراد تفسيرها، أهمية جوهرية – لا ثانوية أو عرضية – تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التى تنتظمها ووزن المصالح المرتبطة بها، فإذا كان دورها فى تشكيل العلائق الاجتماعية موضوعها، محدوداً، فلا يجوز تفسيرها . بما مؤداه أن النصوص القانونية التى لاتنحصر آفاقها، بل يكون مداها مترامياً، هى وحدها التى يجوز تفسيرها إذا صدر بها قانون أو قرار بقانون، لينحسر هذا الاختصاص عما دونها شكلاً وموضوعاً . (وثانيهما) أن تكون هذه النصوص – فوق أهميتها – قد أثار تطبيقها خلافاً بين من يقومون بإعمال أحكامها، سواء بالنظر إلى مضمونها أو الآثار التى ترتبها . ويقتضى ذلك أن يكون خلافهم حولها حاداً مستعصياً على التوفيق، متصلا بتلك النصوص فى مجال إنفاذها، نابذاً وحدة القاعدة القانونية فى شأن يتعلق بمعناها ودلالتها، مُفْضِياً إلى تعدد تأويلاتها، وتباين المعايير التى تنتقل بها من صورتها اللفظية إلى جوانبها التطبيقية، لتؤول عملا [De Facto] إلى التمييز فيما بين المخاطبين بحكمها، فلا يعاملون جميعهم وفق مقاييس موحدة، بل تتعدد تطبيقاتها، بما يخل بالمساواة القانونية [De Jure] التى كفلها الدستور بين من تماثلت مراكزهم القانونية . وحيث إنه متى كان ماتقدم ؛ وكان طلب التفسير المطروح على المحكمة، لا هو بتفسير تشريعى يصدر عنها وفق الأحكام المنصوص عليها فى المادتين ٢٦ و ٣٣ من قانونها؛ ولابتفسير يقتضيه الفصل فى مسائل دستورية بمعنى الكلمة تتولاه وفقا للمادتين ٢٧ و ٢٩ من هذا القانون ؛ ولا بتفسير يرتبط بفصلها في تنازع الاختصاص أو تناقض الأحكام علي ماتقضي به المواد ٢٥ و ٣١ و ٣٢ من ذلك القانون، فإن هذا الطلب يكون غير مقبول. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

زر الذهاب إلى الأعلى