حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٨ لسنة ١٢ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٨ لسنة ١٢ دستورية
تاريخ النشر : ٠٣ – ١٢ – ١٩٩٢

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : بشأن رفض دعوى طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة الاخيرة من المادة ٣٥ من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقاري.

الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت يوم ٧ نوفمبر سنة ١٩٩٢ الموافق ١٢ جمادي الاولي سنة ١٤١٣ هــ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : الدكتور / محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف والدكتور / عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين اعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد خيرى طه عبد المطلب رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيده بجدول المحكمة الدستورية رقم ١٨ لسنة ١٢ قضائية دستورية
المقامة من

١ – السيد / محمد فرج ابراهيم
٢ – السيده / الطاف السيد سعد

ضد
١ – السيد / رئيس الجمهورية
٢ – السيد / رئيس الوزراء
٣ – السيد / وزير العدل
الإجراءات

بتاريخ ٧ إبريل سنة ١٩٩٠ أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة بطلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (٣٥) من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ المعدل بالقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٧٦.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتى دفاع طلبت فيهما الحكم بعدم قبول الدعوى أو رفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
حيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعيين كانا قد تقدما بالطلب رقم ٦٧٩ لسنة ١٩٨٦ إلى مأمورية الرمل بالإسكندرية وذلك لتسجيل عقد بيع صادر لهما عن كامل أرض وبناء العقار رقم ٩ شارع الإيمان سيدى جابر. وتحصلا على أسبقية برقم ٢٣٩ بتاريخ ١٠ / ٢ / ١٩٨٧. بيد أن الشهر العقارى اسقط هذه الأسبقية مما حدا بهما إلى تقديم طلب شهر مؤقت قيد برقم ٢٠١٥ لسنة ١٩٨٧ إعما لاً لنص المادة (٣٥) من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقارى ، وإذ أوجب هذا القانون على أمين مكتب الشهر –فى هذه الحالة – إعطاء المحرر رقماً مؤقتاً وأن يرفع الأمر إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الإبتدائية التى يقع المكتب فى دائرتها، فقد عرض الأمين الأمر على هذا القاضى بعريضة تم قيدها برقم ٣٧ لسنة ١٩٨٨، فأصدر قراره بإلغاء الرقم المؤقت للشهر والتأشير بذلك فى دفتر الشهر. وقد تظلم المدعيان فى هذا القرار أمام محكمة الإسكندرية الإبتدائية عملاً بنص المادة (١٧٩) من قانون المرافعات وقيد تظلمهما برقم ٤٦ لسنة ١٩٨٨ مدنى الإسكندرية الإبتدائية . وإذ دفعا بعدم دستورية ما قررته المادة (٣٥) من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ من نهائية القرار الصادر عن قاضى الأمور الوقتية ، وكانت محكمة الموضوع قد حددت للمدعيين أجلاً لرفع الدعوى الدستورية بعد تقديرها لجدية الدفع، فقد أقاما الدعوى الماثلة .
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها بعد إن قضاء الميعاد الذى ضربته لذلك محكمة الموضوع.
وحيث إن مؤدى نص المادة (٢٩) من قانون هذه المحكمة أن الدعوى الدستورية لا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم دستورية نص تشريعى تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا برفعها خلال الأجل الذى حددته لذلك بما لا يجاوز ثلاثة أشهر، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن هذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيابه المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية ب
الإجراءات
التى رسمها وفى الموعد الذى حدده، وكان الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة ٨ / ١ / ١٩٩٠ أن محكمة الموضوع التى أثير أمامها الدفع بعدم دستورية نص المادة (٣٥) من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقارى ، قررت فى هذه الجلسة ذاتها تأجيل نظر الدعوى المطروحة أمامها لجلسة ٩ / ٤ / ١٩٩٠ ليرفع المدعيان قبل انعقادها دعواهما بعدم دستورية النص التشريعى المطعون عليه، وكان المدعيان قد قاما بإيداع صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب
المحكمة الدستورية العليا
بتاريخ ٧ / ٤ / ١٩٩٠ أى قبل انقضاء الأجل الذى حددته محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية ، فإن قالة تجاوز المدعيين لهذا الميعاد تكون فاقدة لأساسها الأمر الذى يتعين معه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (٣٥) من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقارى المعدل بالقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٧٦ تنص على أنه لمن أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجهاً له، ولمن تقرر سقوط أسبقية طلبه بسبب ذلك، أن يتقدم بالمحرر ذاته أو بالمحرر مصحوباً بالقائمة على حسب الأحوال وذلك خلال عشرة أيام من وقت إبلاغ قرار الاستيفاء أو السقوط إليه ويطلب إلى أمين المكتب اعطاء هذا المحرر أو القائمة رقماً وقتياً بعد أداء الرسم وتوثيق المحرر أو التصديق على التوقيعات فيه أن كان من المحررات العرفية وبعد إيداع كفالة قدرها نصف فى المائة من قيمة الإلتزام الذى يتضمنه المحرر على ألا يزيد مقدار هذه الكفالة على عشرة جنيهات ويجب أن تبين فى الطلب الأسباب التى يستند إليها الطالب وفى هذه الحالة يجب على أمين المكتب إعطاء المحرر أو القائمة رقماً وقتياً فى دفتر الشهر المشار إليه فى المادة (٣١) ودفاتر الفهارس وأن يرفع الأمر إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الإبتدائية التى يقع المكتب فى دائرتها. ويصدر القاضى بعد سماع إيضاحات صاحب الشأن ومكتب الشهر العقارى قراراً مسبباً خلال أسبوع من رفع الأمر إليه بإبقاء الرقم الوقتى بصفة دائمة أو بإلغائه تبعاً لتحقق أو تخلف الشروط التى يتطلب القانون توافرها لشهر المحرر أو القائمة . ويكون القرار الصادر فى هذا الشأن نهائياً، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لنص المادة (٣٥) المشار إليها بعد تعديلها أن المشرع عدل الفقرتين الثالثة والرابعة منها بما يوجب على القاضى سماع إيضاحات صاحب الشأن للوقوف على الأسانيد التى يبنى عليها تظلمه وكذلك إيضاحات مكتب الشهر العقارى المختص بما يتيح له الإلمام بجميع جوانب الموضوع المطروح وليجئ قراره سليماً، وأنه حرصاً على مصالح أصحاب الشأن التى تستدعى إتاحة الوقت الكافى للقاضى للدراسة والفحص قبل إصدار قراره، ورغبة فى إنهاء إجراءات هذه المنازعة فى أقرب وقت استقراراً للحقوق، فقد رؤى للتوفيق بين الاعتبارين أن يصدر القاضى قراراً مسبباً خلال أسبوع من رفع الأمر إليه.
وحيث إن المدعيين ينعيان على نص المادة (٣٥) المشار إليها أنها تقرر نهائية القرار الذى يصدر عن قاضى الأمور الوقتية فى منازعة قوامها ابقاء الرقم الوقتى للشهر بصفة دائمة أو إلغائه، وأنه إذ كان القاضى لا يفصل فى تلك المنازعة فصلاً قضائياً، بل فى حدود السلطة الولائية التى خولها له المشرع فى شأن إصدار الأوامر على العرائض والتى نظم قانون المرافعات أحكامها، وكفل من خلالها حق التظلم منها، فإن نهائية القرار الصادر عن قاضى الأمور الوقتية وفقاً لنص تلك المادة ينطوى على مصادرة لحق المدعيين فى التقاضى وحرمانهما من اللجوء إلى قاضيهما الطبيعى بالمخالفة لنص المادة (٦٨) من الدستور، فضلاً عن إخلال هذه النهائية بمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه فى المادة (٤٠) من الدستور وذلك بتحصينها قراراً غير قضائى وتمييزها فى هذا المجال بين المخاطبين بنص المادة (٣٥) وبين غيرهم.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن طبيعة الأوامر على العرائض تقتضى المفاجأة والمباغتة ، وهى تصدر عن القاضى فى حدود سلطته الولائية ولا تستند إلى سلطته القضائية ، وبالتالى لا تراعى فى شأنها القواعد التى رسمها القانون فى مجال رفع الدعاوى وتحقيقها والفصل فيها، وإنما تقرر هذه الأوامر إجراءً وقتياً لا تفصل بموجبه فى موضوع الحق المتنازع عليه، ولا تحسم الخصومة المتلعقة به، وهى بالنظر إلى طبيعتها تصدر فى غيبة الخصوم، وبغير إعلان المدعى عليه أو إطلاعه على مستندات خصمه أو تمكينه من دحض إدعاءاته وليس لازماً تسبيبها إلا إذا صدر الأمر خلافاً لأمر سابق. ولأن الإجراء الذى يتخذه القاضى بمناسبتها لا يعدو أن يكون إجراءً وقتياً أو تحفظياً، فإن هذه الأوامر لا تحوز الحجية التى يستنفد بها سلطته، بل تجوز له مخالفتها بأمر جديد، متى كان ذلك وكان القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقارى يتوخى أساساً تهيئة علم الكافة بما وقع من تصرفات على العقارات التى يتعاملون فيها وفقاً لقواعد ميسرة بعيدة عن التعقيد لا ينوء بعبئها من يطلبون شهر محرراتهم أو تحملهم ما لا يطيقون، وكان الأصل المقرر وفقاً لنص المادتين (٢٠، ٢١) من هذا القانون هو أن تتم إجراءات الشهر فى جميع الأحوال بناء على طلب كل ذى شأن أو من يقوم مقامه، وأن تقدم طلبات الشهر – على النموذج المعد لذلك – إلى المأمورية التى يقع العقار فى دائرة اختصاصاتها، مشتملة كذلك على البيانات المنصوص عليها فى المادة (٢٢) من القانون، وجميعها لازمة لإجراء الشهر، ومن ثم نص القانون فى المادة (٢٧) منه على أن تعيد المأمورية إلى طالب الشهر نسخة من طلبه مؤشراً عليها برأيها فى قبول إجراء الشهر أو ببيان ما يتعين أن يستوفيه فيه. وقد تقرر المأمورية سقوط أسبقية الطلب جزاء وفاقا على اهمال مقدمه استكمال ما نقص من بياناته أو الأوراق التى تؤيدها خلال أجل معين بما مؤداه: إنتفاء حقه فى التقدم على من يلونه فى طلباتهم إذ لا يجوز لهؤلاء أن يتحملوا تبعة تقصيره، متى كان ذلك وكان القانون قد نظم فى المادة (٣٥) منه الكيفية التى يتظلم بها من أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجها له، وكذلك من تقرر سقوط أسبقية طلبه بناء على تخلفه، فلم تخوله هذه المادة حق الطعن المباشر فى قرار استيفاء البيان أو إسقاط الأسبقية ، وإنما أقام المشرع من جهة القضاء مرجعاً للتظلم منه بطريق غير مباشر، ذلك أن المنازعة التى يثيرها تطبيق نص المادة (٣٥) من قانون تنظيم الشهر العقارى لا ينهض سبباً إلا بعد قيام جهة الشهر بإبلاغ من تقدم إليها لشهر محرره بضرورة إستيفاء بيان معين أو بسقوط أسبقية طلبه بناء على إدعائها عدم استكماله، فإن هو سعى إلى التظلم من هذا القرار كان عليه أن يطلب من أمين مكتب الشهر إعطاء المحرر رقماً مؤقتاً ليعرض هذا الأمين على قاضى الأمور الوقتية أمر إبقاء الرقم الوقتى أو إلغائه، فإذا قدر قاضى الأمور الوقتية إبقاء هذا الرقم تعين التأشير بذلك فى دفتر الفهارس ودفتر الشهر واستكمال ما يكون متبقياً من إجراءاته، أما إذا كان القرار بإلغاء الرقم الوقتى ، وجب أن تصادر بقوة القانون الكفالة التى حددتها المادة (٣٥) وأن يرد المحرر ذاته لصاحبه بعد التأشير عليه بمضمون القرار وتاريخه، وفى كل حال يكون قرار قاضى الأمور الوقتية فاصلاً فى موضوع المنازعة المطروحة عليه محدداً ما آل إليه مصيرها على ما تنص عليه المادة (٣٦) من القانون، وهو يعد قرار يتعين أن يكون مسبباً، كما قرر المشرع أن يكون نهائياً وأن يصدر فى إطار الموازنة التى أجراها بين ضرورة إنهاء هذه المنازعة بالسرعة الكافية استقراراً للحقوق من ناحية ، وما تقتضيه دراستها وفحصها قبل صدور القرار المتعلق بها من إتاحة الوقت الكافى للإطاحة بعناصرها المختلفة من ناحية أخرى ، ومن جهة أخرى دل المشرع بنص المادة (٣٥) المشار إليها على أن قاضى الأمور الوقتية إذ يفصل فى المنازعة المتعلقة بإبقاء الرقم الوقتى بصفة نهائية أو إلغائه، فإن تقديره جواز شهر المحرر أو القائمة ليس منفلتاً من أية قاعدة قانونية يتقيد بها، بل مرد الأمر فى هذا التقدير إلى توافر الشروط التى يتطلبها القانون لشهر المحرر أو القائمة أو تخلفها، وبعد سماعه وجهة نظر المتظلم وإيضاحاته وقوفاً منه على حقيقة الأسانيد التى أقام عليها تظلمه، ودون إخلال حق مكتب الشهر العقارى المختص فى أن يدلى كذلك أمامه بوجهة نظره موضحاً موقفه، ومن ثم تتمحض هذه المنازعة عن خصومة قضائية أسند المشرع الفصل فيها إلى قاضى الأمور الوقتية ليحسم بصفة نهائية – وعلى ضوء توافر الشروط التى يتطلبها القانون لشهر المحرر أو تخلفها – خلافاً بين طرفين فى إطار من الضمانات الرئيسية للتقاضى كفل بها المشرع أن يكون القاضى ملماً بكافة جوانب الموضوع المعروض عليه وألا يفصل فيه إلا بعد أن تتهيأ له سبل دراستها وفحصها وبعد وقوفه على وجهة نظر كل من الخصمين اللذين يدور بينهما النزاع حول إبقاء الرقم الوقتى بصفة نهائية أو إلغائه. والقرار الذى يصدر عن قاضى الأمور الوقتية فى هذا النطاق ليس إلا قراراً قضائياً حاسماً للخصومة محدداً به وفقاً للقانون خاتمتها، وهو بعد قرار يتعين أن يكون مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها كى يكون له مأخذه من الأوراق وحكم القانون، وإذ حظر المشرع الطعن فى هذا القرار الذى لا يعدو أن يكون حكماً بمعنى الكلمة ، فقد دل بذلك على اتجاه إرادته إلى قصر التقاضى فى المسائل التى فصل فيها هذا الحكم على درجة واحدة ، وهو ما يستقل المشرع بتقديره فى إطار سلطته فى مجال تنظيم الحقوق وبمراعاة ما يقتضيه الصالح العام. ومن ثم تكون قالة مخالفة نص المادة (٦٨) من الدستور على غير أساس. وغير سديد كذلك ما نعاه المدعيان من مخالفة نص المادة (٣٥) من قانون تنظيم الشهر العقارى – فيما تضمنته من عدم جواز الطعن فى قرار قاضى الأمور الوقتية بإبقاء الرقم الوقتى أو إلغائه – لمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه فى المادة (٤٠) من الدستور، ذلك أن مبدأ المساواة فى الحقوق بين المواطنين لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ، ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة (٤٠) من الدستور بما مؤداه: أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص التشريعى منطوياً على تمييز يعتبر مصادماً لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقياً ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها. فإن التمييز يكون تحكمياً وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية ، ومجافياً من ثم لنص المادة (٤٠) من الدستور المشار إليها، إذ كان ذلك، وكان المشرع قد أفرد تنظيماً قضائياً لحسم النزاع الذى قد يثور بين الشهر العقارى وأصحاب الحقوق حول مدى توافر الشروط التى يتطلبها القانون فى مجال شهر محرراتهم أو تخلفها، محدداً قواعده وإجراءاته وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، وكان قصر هذا التنظيم عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة ممثلة فى سرعة إنهاء المنازعة الدائرة بين أطرافها دون إخلال بما تقتضيه دراستها وفحصها من تهيئة الأسس الكافية للفصل فيها، فإن القواعد التى يقوم عليها هذا التنظيم تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية المشروعة ومؤديه إليها بما لا مخالفة فيه لمبدأ المساواة أمام القانون.
وحيث إن النص المطعون عليه فى الدعوى الراهنة لا ينطوى على مخالفة لأى حكم فى الدستور من أوجه أخرى .
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعيين المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

زر الذهاب إلى الأعلى