حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦ لسنة ١٦ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦ لسنة ١٦ دستورية
تاريخ النشر : ٢٥ – ١٢ – ١٩٩٦

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠ بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وعبد المجيد فياض أعضاء وحنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين وحمدى أنور صابر أمين السر .

– – – ١ – – –
المصلحة الشخصية المباشرة ــ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ــ مناطها أن يكون ثمة إرتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع ، إذ كان ذلك ، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠ قد عدل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك ، مستبدلاً بالبنود الواردة بالمسلسل رقم (١٠) من هذا الجدول البنود المبينة فى الكشف المرفق به ، ومستنداً فى ذلك إلى الفقرة الثانية من المادة الثانية من ذلك القانون ، وكان هذا القرار قد طبق خلال فترة نفاذه على المدعى فى الدعوى الراهنة ، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليه ، تتمثل فيما إستحق عليه من دين هذه الضريبة التى اتهم بالتهرب من أدائها . إذ كان ذلك ، فإن مصلحته فى الدعوى الدستورية ــ وبقدر إتصالها بالطعن على القرار المشار إليه ــ تكون قائمة .

– – – ٢ – – –
المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بحكمها الصادر فى ١٩٩٦ / ٢ / ٢٣ فى القضية رقم ١٨ لسنة ٨ قضائية ” دستورية ” بعدم دستورية ” نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ فيما قررته من تخويل رئيس الجمهورية سلطة تعديل جدول الضريبة المرافق لهذا القانون ، وبسقوط ما تضمنته هذه الفقرة وكذلك الفقرة الثالثة من تلك المادة من أحكام أخرى . وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية فى ١٩٩٦ / ٢ / ١٧ .وحيث إن قضاء هذه المحكمة ــ فيما فصل فيه فى الدعوى المتقدمة ــ إنما يحوز حجية مطلقة تعتبر بذاتها قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً أو تعقيباً من أية جهة أيا كان وزنها أو موضعها ، فإن الخصومة فى الشق من الدعوى الدستورية الماثلة تكون منتهية ، بعد أن حسمتها المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم .

– – – ٣ – – –
الدستور ــ وفق ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا ــ قد مايز بنص المادة ١١٩ ، بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها ، ذلك أن الضريبة العامة لا يفرضها أو يعدلها أو يلغيها إلا القانون ، أما غيرها من الفرائض المالية فيكفى لتقريرها أن يكون واقعاً فى حدود القانون ، تقديراً من الدستور لخطورة الضريبة العامة بالنظر إلى إتصالها بمصالح القطاع الأعرض من المواطنين . ومن ثم نص الدستور على ضرورة أن يكون القانون مصدراً مباشراً للضريبة العامة ، لينظم رابطها محيطاً بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متوخياً تقديراً موضوعياً ومتوازناً لأسس فرضها على ضوء معايير تكفل عدالتها إجتماعياً .

– – – ٤ – – –
قرار رئيس الجمهورية المطعون عليه فى النزاع الماثل ، لا يعتبر من قبيل اللوائح التنفيذية التى تفصل ما ورد إجمالاً بالقانون ، بما ليس فيه تعديل من الأحكام التى إنتظمها أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها ، وكان تعديل رئيس الجمهورية للجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك ــ إستناداً لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون التى قضى بعدم دستوريتها ــ إنما يحور من بنيان الضريبة التى فرضها القانون ويغير من أحكامها من خلال تعديل نطاقها وقواعد سريانها ، فإن القرار المطعون عليه الصادر عن رئيس الجمهورية ، يكون باطلاً بعد أن قام محمولاً عن تفويض مخالف للدستور .

– – – ٥ – – –
إقرار السلطة التشريعية للضريبة العامة على الاستهلاك التى فرضها رئيس الجمهورية بمقتضى القرار المطعون فيه ــ على خلاف أحكام الدستور ــ لا يزيل عوارها ، ولا يحيلها إلى عمل مشروع دستورياً ، ولا يدخل تشريعها فى عداد القوانين التى تقرها السلطة التشريعية ، مقيدة فى شأن إقتراحها وإقرارها وإصدارها ، بالأحكام المنصوص عليها فى الدستور .

[الطعن رقم ١٦ – لسنــة ١٦ ق – تاريخ الجلسة ٢٣ / ١١ / ١٩٩٦ – مكتب فني ٨ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ١٨٨ – تم قبول هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. وحيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد قدم للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم ٧٢٦٤ لسنة ١٩٩١ جنح النزهة، بتهمة أنه فى يوم ٢٨ / ٦ / ١٩٩٠ بدائرة قسم النزهة، تهرب من أداء الضريبة على الاستهلاك المستحقة على الدخان المبين وصفا وقدرا بالأوراق، وذلك بأن قام بسحبه من أماكن إنتاجه دون سداد الضريبة المستحقة عليه، وطلبت النيابة العامة عقابة بمقتضى المواد ٤، ٥٣، ٥٤ مكرراً من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ المعدل بالقانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٢، وكذلك بالبند رقم ٥٤ / ب ٢ من الجدول المرفق بقرار رئيس الجمهورية رقم ٣٦٠ لسنة ١٩٨٢ . وإذ قضت محكمة جنح النزهة بتغريم المدعى مبلغ خمسمائة جنيه والمصادرة مع إلزامه بأن يؤدى لمصلحة الضرائب مبلغ ١٢٣٦ جنيها قيمة الضرائب المستحقة عليه، وتعويضا يوازى ثلاثة أمثال هذه القيمة، فقد طعن المدعى على هذا الحكم بالاستئناف رقم ٥٩٥٤ لسنة ١٩٩٣ أمام محكمة الجنح المستأنفة “شمال القاهرة”، ودفع المدعى – أثناء نظر الاستئناف – بعدم دستورية نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة ٢ من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، وكذلك أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠ . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية، فقد صرحت للمدعى برفع دعواه الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة إبان أجلها المحدد. وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، إذ كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠ قد عدل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك، مستبدلا بالبنود الواردة بالمسلسل رقم (١٠) من هذا الجدول البنود المبينة فى الكشف المرفق به، ومستندا فى ذلك إلى الفقرة الثانية من المادة الثانية من ذلك القانون، وكان هذا القرار قد طبق خلال فترة نفاذه على المدعى فى الدعوى الراهنة، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليه، تتمثل فيما استحق عليه من دين هذه الضريبة التى اتهم بالتهرب من أدائها . إذ كان ذلك، فإن مصلحته فى الدعوى الدستورية – وبقدر اتصالها بالطعن على القرار المشار إليه – تكون قائمة. وحيث إن المدعى ينعى على الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك وكذلك القرار رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠ الصادر عن رئيس الجمهورية – إعمالا لها – بتعديل الجدول المرافق لقانون هذه الضريبة، إنها جميعا تناقض حكم المادة ١١٩ من الدستور التى تنص على أن إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاءها لايكون إلا بقانون، ولايعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، بما مؤداه عدم جواز فرضها بقرار من رئيس الجمهورية، ولو أقرتها السلطة التشريعية فيما بعد عند عرضها عليها، ذلك أن هذا الإقرار لايطهرها مما اعتراها من عوار، ولايزيل عنها مثالبها الدستورية . وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بحكمها الصادر فى ٢٣ / ٢ / ١٩٩٦ فى القضية رقم ١٨ لسنة ٨ قضائية “دستورية” بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ فيما قررته من تخويل رئيس الجمهورية سلطة تعديل جدول الضريبة المرافق لهذا القانون، وبسقوط ما تضمنته هذه الفقرة وكذلك الفقرة الثالثة من تلك المادة من أحكام أخرى، وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية فى ١٧ / ٢ / ١٩٩٦. وحيث إن قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه فى الدعوى المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة تعتبر بذاتها قولا فصلاً لايقبل تأويلاً أو تعقيبا من أية جهة أيا كان وزنها أو موضعها، فإن الخصومة فى هذا الشق من الدعوى الدستورية الماثلة تكون منتهية، بعد أن حسمتها المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم. وحيث إن رئيس الجمهورية، كان مخولا بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك، إخضاع سلع جديدة لها أو زيادة فئاتها على السلع التى اشتمل عليها الجدول المرافق لقانونها، ومن ثم أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠ بتعديل الجدول المرافق لقانون هذه الضريبة، بأن نص فى مادته الأولى على “يستبدل بالبنود الواردة بالمسلسل رقم (١٠) من الجدول المرافق لهذا القانون، البنود المبينة فى الكشف المرفق بهذا القرار” ومن بينها السلعة محل التداعى. وحيث إن الدستور – وفق ماجرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – قد مايز بنص المادة ١١٩، بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها، ذلك أن الضريبة العامة لايفرضها أو يعدلها أو يلغيها إلا القانون، أما غيرها من الفرائض المالية فيكفى لتقريرها أن يكون واقعا فى حدود القانون، تقديرا من الدستور لخطورة الضريبة العامة بالنظر إلى اتصالها بمصالح القطاع الأعرض من المواطنين . ومن ثم نص الدستور على ضرورة أن يكون القانون مصدرا مباشرا للضريبة العامة، لينظم رابطها محيطا بها فى إطار من قواعد القانون العام متوخيا تقديرا موضوعيا ومتوازنا لأسس فرضها على ضوء معايير تكفل عدالتها اجتماعيا. وحيث إن قرار رئيس الجمهورية المطعون عليه فى النزاع الماثل، لايعتبر من قبيل اللوائح التنفيذية التى تفصل ماورد إجمالا بالقانون، بما ليس فيه تعديل من الأحكام التى انتظمها أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها ؛ وكان تعديل رئيس الجمهورية للجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك – استنادا لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون التى قضى بعدم دستوريتها – إنما يحور من بنيان الضريبة التى فرضها القانون ويغير من أحكامها من خلال تعديل نطاقها وقواعد سريانها، فإن القرار المطعون عليه الصادر عن رئيس الجمهورية، يكون باطلا بعد أن قام محمولا عن تفويض مخالف للدستور. وحيث إن إقرار السلطة التشريعية للضريبة العامة على الاستهلاك التى فرضها رئيس الجمهورية بمقتضى القرار المطعون فيه – على خلاف أحكام الدستور – لايزيل عوارها، ولايحيلها إلى عمل مشروع دستوريا، ولايدخل تشريعها فى عداد القوانين التى تقرها السلطة التشريعية، مقيدة فى شأن اقتراحها وإقرارها وإصدارها، بالأحكام المنصوص عليها فى الدستور. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٠٩ لسنة ١٩٩٠بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى