حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٥ لسنة ١ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٥ لسنة ١ دستورية
تاريخ النشر : ٢٨ – ٠٥ – ١٩٨١

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية نص المادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم إستعمالها والإتجار فيها، وقرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ بتعديل الجداول الملحقة بذلك القانون.

الحكم

برياسة أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة وحضور فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله وفتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ وممدوح مصطفى حسن أعضاء ومحمد كمال محفوظ المفوض وسيد عبد البارى ابراهيم أمين السر .

– – – ١ – – –
تنص المادة ٦٦ من الدستور الحالى فى فقرتها الثانية على أنه “لا جريمة و لا عقوبة إلا بناء على قانون” و هى قاعدة دستورية وردت بذات العبارة فى جميع الدساتير المتعاقبة منذ دستور سنة ١٩٢٣ الذى نص عليها فى المادة السادسة منه. و يبين من الأعمال التحضيرية لدستور سنة ١٩٢٣ أن صياغة هذه المادة فى المشروع الذى أعدته اللجنة المكلفة بوضعه كانت تقضى بأنه “لا جريمة و لا عقوبة إلا بقانون” فعدلتها اللجنة الإستشارية التشريعية التى نقحت المشروع إلى “لا جريمة و لا عقوبة إلا بناء على قانون” و ذلك – و على ما جاء بتقريرها – “لأنه لا يصح وضع مبدأ يقرر أن لا جريمة و لا عقوبة إلا بقانون لأن العمل جرى فى التشريع على أن يتضمن القانون نفسه تفويضاً إلى السلطة المكلفة بين لوائح التنفيذ فى تحديد الجرائم و تقرير العقوبات، فالأصوب إذن أن يقال لا جريمة و لا عقوبة إلا بناء على قانون….”.
و لما كان من المقرر أن المشرع إذا أورد مصطلحاً معيناً فى نص ما لمعنى معين، وجب صرفه إلى هذا المعنى فى كل نص آخر يردد ذات المصطلح، و كان الدستور الحالى قد ردد فى المادة ٦٦ منه عبارة “بناء على قانون” – الواردة فى المادة السادسة من دستور سنة ١٩٢٣ و التى أفصحت أعماله التحضيرية عن المدلول المقصود بها – فى حين أنه إستعمل عبارة مغايرة فى نصوص أخرى إشترط فيها أن يتم تحديد أو تنظيم مسائل معينة “بقانون” مثل التأميم فى المادة ٣٥ و إنشاء الضرائب و تعديلها فى المادة ١١٩، فإن مؤدى ذلك أن المادة ٦٦ من الدستور تجيز أن يعهد القانون إلى السلطة التنفيذية بإصدار قرارات لائحية تحدد بها بعض جوانب التجريم أو العقاب، و ذلك لإعتبارات تقدرها سلطة التشريع و فى الحدود و بالشروط التى يعينها القانون الصادر منها.

– – – ٢ – – –
لما كان المشرع فى المادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ قد أعمل الرخصة المتاحة له بمقتضى المادة ٦٦ من الدستور و قصر ما ناطه بالوزير المختص على تعديل الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف و بالإضافة أو بتغيير النسب الورادة فيها، و ذلك تقديراً منه لما يتطلبه كشف و تحديد الجواهر المخدرة من خبرة فنية و مرونة فى إتخاذ القرار يمكن معها مواجهة التغيرات المتلاحقة فى مسمياتها و عناصرها تحقيقاً لصالح المجتمع، و كانت القرارات التى يصدرها الوزير المختص فى هذا الشأن لا يستند فى سلطة إصدارها إلى المادة ١٠٨ أو المادة ١٤٤ من الدستور بشأن اللوائح التفويضية أو اللوائح التنفيذية و إنما إلى المادة ٦٦ من الدستور، فإن النعى على المادة ٣٢ المشار إليها بعدم الدستورية يكون على غير أساس.

– – – ٣ – – –
النعى بمخالفة قرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ لمعاهدة المواد المخدرة بإعتبارها قانوناً – أياً ما كان وجه الرأى فى قيام هذه المخالفة – لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة قرار لقانون، و لا يشكل بذلك خروجاً على أحكام الدستور المنوط بهذه المحكمة صونها و حمايتها.

[الطعن رقم ١٥ – لسنــة ١ ق – تاريخ الجلسة ٠٩ / ٠٥ / ١٩٨١ – مكتب فني ١ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ١٨٨ – تم رفض هذا الطعن]

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد أقامت الدعوى الجنائية فى الجناية رقم ٢٢٦١ لسنة ١٩٧٦ كلى مخدرات القاهرة ضد المدعى بوصف أنه أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين “عقارى الموتولون والمندراكس” فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وطلبت عقابه وفقاً لأحكام القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ والبند (٩٤) من الجدول رقم (١) الملحق به والمستبدل بموجب قرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع المدعى بعدم دستورية المادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ وبعدم دستورية قرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ الصادر استناداً إلى تلك المادة ، وبجلسة ٢٩ ديسمبر سنة ١٩٧٧ قررت المحكمة تأجيل الدعوى حتى يرفع المدعى دعواه الدستورية فأقام الدعوى الماثلة . وحيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية المادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها استناداً إلى أن المادة الأولى منه تنص على أن تعتبر جواهر مخدرة فى تطبيق أحكامه المواد المبينة فى الجدول رقم (١) الملحق به ، وبذلك يكون هذا الجدول جزءاً مكملاً للقانون وتصبح له ذات قوته التشريعية. وإذ أجازت المادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المشار إليه للوزير المختص بقرار يصدره أن يعدل فى الجداول الملحقة به ، فانها تكون قد خالفت المادة ٦٦ من الدستور التى تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون ، ذلك أن التعديل بإضافة مادة جديدة إلى الجدول يجعل من حيازتها واحرازها والاتجار فيها فعلا مجرماً بعد أن كان مباحاً الأمر الذى لا يجوز اجراؤه بغير القانون تطبيقاً لهذه القاعدة الدستورية. ويستطرد المدعى إلى أنه لا مجال للقول بأن ما يصدره الوزير المختص من قرارات بتعديل الجداول تعد من اللوائح التفويضية أو التنفيذية التى يجيزها الدستور ، لأن التفويض التشريعى الذى نصت عليه المادة ١٠٨ مقصور على رئيس الجمهورية وذلك عند الضرورة وفى الأحوال الاستثنائية وبشروط محددة ، كما أن اللوائح التنفيذية للقوانين يجب ألا تتضمن تعديلاً لها طبقاً لما تقضى به المادة ١٤٤ من الدستور. وإذ صدر قرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ بتعديل الجداول الملحقة بالقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ استناداً إلى المادة ٣٢ منه التى تخالف المادة ٦٦ من الدستور ، فانه يكون بدوره غير دستورى ، بالإضافة إلى مخالفته معاهدة المواد المخدرة لعام ١٩٦١ التى أصبحت قانوناً من قوانين الدولة بالتصديق عليها . وحيث إن المادة ٦٦ من الدستور الحالى تنص فى فقرتها الثانية على أنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون” وهى قاعدة دستورية وردت بذات العبارة فى جميع الدساتير المتعاقبة منذ دستور سنة ١٩٢٣ الذى نص عليها فى المادة السادسة منه . وحيث إنه يبين من الأعمال التحضيرية لدستور سنة ١٩٢٣ أن صياغة هذه المادة فى المشروع الذى أعدته اللجنة المكلفة بوضعه كانت تقضى بأنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون” فعدلتها اللجنة الاستشارية التشريعية التى نقحت المشروع إلى “لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون” وذلك – وعلى ما جاء بتقريرها – “لأنه لا يصح وضع مبدأ يقرر أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون لأن العمل جرى فى التشريع على أن يتضمن القانون نفسه تفويضاً إلى السلطة المكلفة بسن لوائح التنفيذ فى تحديد الجرائم وتقرير العقوبات ، فالأصوب إذن أن يقال لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون ..” . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المشرع إذا أورد مصطلحاً معيناً فى نص ما لمعنى معين ، وجب صرفه إلى هذا المعنى فى كل نص آخر يردد ذات المصطلح ، وكان الدستور الحالى قد ردد فى المادة ٦٦ منه عبارة “بناءً على قانون” – الواردة فى المادة السادسة من دستور سنة ١٩٢٣ والتى أفصحت أعماله التحضيرية عن المدلول المقصود بها – فى حين أنه استعمل عبارة مغايرة فى نصوص أخرى اشترط فيها أن يتم تحديد أو تنظيم مسائل معينة “بقانون” مثل التأميم فى المادة ٣٥ وإنشاء الضرائب وتعديلها فى المادة ١١٩ ، فإن مؤدى ذلك أن المادة ٦٦ من الدستور تجيز أن يعهد القانون إلى السلطة التنفيذية بإصدار قرارات لائحية تحدد بها بعض جوانب التجريم أو العقاب ، وذلك لاعتبارات تقدرها سلطة التشريع وفى الحدود وبالشروط التى يعينها القانون الصادر منها . لما كان ما تقدم وكان المشرع فى المادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ قد أعمل هذه الرخصة المتاحة له بمقتضى المادة ٦٦ من الدستور وقصر ما ناطه بالوزير المختص على تعديل الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف وبالاضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها ، وذلك تقديراً منه لما يتطلبه كشف وتحديد الجواهر المخدرة من خبرة فنية ومرونة فى اتخاذ القرار يمكن معها مواجهة التغيرات المتلاحقة فى مسمياتها وعناصرها تحقيقاً لصالح المجتمع ، وكانت القرارات التى يصدرها الوزير المختص فى هذا الشأن لا تستند فى سلطة إصدارها إلى المادة ١٠٨ أو المادة ١٤٤ من الدستور بشأن اللوائح التفويضية أو اللوائح التنفيذية وإنما إلى المادة ٦٦ من الدستور على ما سلف بيانه، فان النعى على المادة ٣٢ المشار إليها بعدم الدستورية يكون على غير أساس . وحيث إنه وقد ثبت على ما تقدم أن المادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ تتفق وأحكام الدستور ، فان النعى على قرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ الصادر استناداً إليها بمخالفة المادة ٦٦ من الدستور يكون بدوره غير سديد ، أما النعى بمخالفة هذا القرار لمعاهدة المواد المخدرة باعتبارها قانوناً – أياً ما كان وجه الرأى فى قيام هذه المخالفة – فانه لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة قرار لقانون ، ولا يشكل بذلك خروجاً على أحكام الدستور المنوط بهذه المحكمة صونها وحمايتها ، مما يتعين معه الالتفات عنه . لهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ خمسين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

زر الذهاب إلى الأعلى