حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٥٦ لسنة ١٨ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٥٦ لسنة ١٨ دستورية
تاريخ النشر : ١٨ – ٠٦ – ١٩٩٨

منطوق الحكم : عدم اختصاص

مضمون الحكم : بشأن عدم الاختصاص بنظر دعوى طلب الحكم بعدم دستورية المادة ١٤ من لائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول

الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت ٦ يونيو سنة ١٩٩٨ الموافق ١١ صفر سنة ١٤١٩ هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور.
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ١٥٦ لسنة ١٨ قضائية دستورية
المقامة من

١ – السيد / محمد إبراهيم حسن المحلاوي
٢ – السيد / فتوح أحمد عبد العال مكى
٣ – السيد / حمدي محمد بهجت عبد العزيز
٤ – السيد / عباس عبد اللطيف فوده
٥ – السيد / حسن إبراهيم فهمي
٦ – السيد / حامد محمد سالم
٧ – السيد / عبد المجيد عبد النبي سالم شاهين
٨ – السيد / فاروق محمد عفيفي محمد
٩ – السيد / محمد عبده محمد الشيمى
١٠ – السيد / عبد الرحمن إبراهيم زيد
ضد
١ – السيد الدكتور / وزير البترول
٢ – السيد المهندس / رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول
٣ – السيد / رئيس مجلس إدارة صندوق الإسكان والخدمات الاجتماعية للعاملين بقطاع البترول
٤ – السيد المهندس / رئيس مجلس إدارة شركة الجمعية التعاونية للبترول
٥ – السيد الدكتور / رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات

فى الحادى والثلاثين من ديسمبر سنة ١٩٩٦، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلبا للحكم بعدم دستورية المادة ١٤ من لائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول التى أقرها مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول بتاريخ ٢٢ / ٧ / ١٩٩٣ والمصدق عليها من وزير البترول.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا ضد المدعى عليهم عدا الأخير، الدعوى رقم ١٩٣ لسنة ١٩٩٥ عمال كلى جنوب القاهرة ابتغاء الحكم أصليا ببطلان نص المادة ١٤ من لائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول التى أصدرتها الهيئة المصرية العامة للبترول فى ٢٢ / ٧ / ١٩٩٣ • واحتياطيا بعدم الاعتداد بما قضت به من عدم جواز الجمع بين المكافأت التى قررتها هذه اللائحة ، ومكافأة النظام الخاص التى أنشأتها لائحة الشركة المدعى عليها الرابعة الصادرة سنة ١٩٦٠؛ مع ما يترتب على ذلك من آثار فى حقهم.
وقالوا شرحا لها أنهم التحقوا بخدمة شركة الجمعية التعاونية للبترول قبل ١ / ٤ / ١٩٦٤؛ وطبقا للائحة هذه الشركة الصادرة سنة ١٩٦٠ يستحقون عند انتهاء خدمتهم مكافأة الميزة الأفضل؛ وأنه بتاريخ ٢٢ / ٧ / ١٩٩٣ أصدرت الهيئة المصرية العامة للبترول، لائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول والتى أنشأت لهؤلاء العاملين – ومن بينهم العاملون بشركة الجمعية التعاونية للبترول – نظام مكافأة نهاية خدمة من دفعة واحدة .
بيد أن المادة ١٤ من تلك اللائحة نصت على عدم جواز الجمع بين هذه المكافأة و أى مكافأة أو مكافآت أخرى مقررة بموجب أنظمة خاصة داخل قطاع البترول، إلا فى حدود الفرق بين قيم كل منها؛ بما يؤول إلى حرمانهم من كل أو بعض المكافأة المقررة بلائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول.
وبتاريخ ٢٠ / ١٢ / ١٩٩٥ قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى ، فاستأنف المدعون حكمها برقم ٢٨٢ لسنة ١١٣ قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة • وأثناء نظر الاستئناف دفع المدعون بعدم دستورية نص المادة ١٤ من اللائحة المشار إليها لمخالفته أحكام المواد ٨، ٦، ٤٠ من الدستور. وبعد تقديرها جدية دفعهم، أذنت للمدعين برفع الدعوى الدستورية ؛ فأقاموا الدعوى الماثلة .
وحيث إن طلب الحاضر عن المدعى عليهم الحكم بانقطاع سير الخصومة ترتيبا على وفاة المدعى عليه الأول، مردود أولا بأن من المقرر عملا بالمادتين ٣٩ و ٤٠ من قانون
المحكمة الدستورية العليا
، أن هيئة المفوضين بها تستكمل تحضير موضوع النزاع المعروض عليها، بمجرد إيداعها تقريراً تحدد فيه المسائل الدستورية والقانونية المثارة فيه، ورأيها بشأنها؛ وكان ما توخاه قانون هذه المحكمة من ألا يحدد رئيسها جلسة لنظر الدعوى أو الطلب قبل أن تتولى هيئة المفوضين بها تحضيره، هو أن تستجلى بنفسها مختلف العناصر التى تقوم عليها الخصومة القضائية ، وأن تمحص أوراقها وأدلتها، وأن تكافئ بين أطرافها فى مجال فرص الدفاع التى تتيحها وفقا للقانون، فلا يكون النزاع بعد انتهائها من تحضيره إلا مهيأ للفصل فيه.
ومردود ثانيا : بأن قانون
المحكمة الدستورية العليا
يفترض مضيها فى نظر النزاع المعروض عليها بعد إيداع هيئة المفوضين لتقريرها على ضوء ما هو قائم من الأوراق المتصلة بالنزاع، فجعل الأصل – وعلى ما تقضى به المادة ٤٤ من قانون هذه المحكمة – هو أن تحكم فى الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة ؛ ولم يجز لها أن تأذن بالمرافعة الشفوية إلا لضرورة تقدرها؛ ولا أن ترخص للخصوم أو لهيئة المفوضين بتكميل مذكراتهم إلا استثناء؛ كاشفا بذلك عن استكمال الخصومة القضائية لمقوماتها بمجرد الانتهاء من تحضيرها، وعلى الأخص فى المسائل الدستورية التى تتسم بعينيتها باعتبار أن مدارها هو الفصل فى اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو مخالفتها لأحكامه.
ومردود ثالثا: بأن المدعى عليه الأول كان ماثلا عن طريق موكله أثناء تحضير النزاع أمام هيئة المفوضين، ويفترض فيه أنه عرض عليها وجهة نظره بكامل أبعادها.
وحيث إن البين من الأوراق؛ أن صندوق الإسكان والخدمات الاجتماعية للعاملين بقطاع البترول؛ قد عرض على مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول؛ لائحة أعدها – فى نطاق اختصاصاته الواردة بقرار وزير البترول رقم ٤٠١ لسنة ١٩٨٤ – باسم << لائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول >> – فأقرها المجلس بجلسته المعقودة فى ٢٢ / ٧ / ١٩٩٣؛ وصدق عليها وزير البترول.
وقد نصت المادة الأولى من هذه اللائحة ، على أن يقوم الصندوق المشار إليه بتمويل نظام لصرف مكافأة نهاية خدمة العاملين بقطاع البترول على النحو الموضح تفصيلا بها • ونصت فى البند الثانى من مادتها الثالثة على أن يقصد بقطاع البترول – فى تطبيق أحكامها – الهيئة المصرية العامة للبترول وشركات القطاع العام للبترول، ومن يشترك فى هذا النظام من شركات القطاع المشترك للبترول.
وحددت المادتان الرابعة والخامسة نطاق سريان تلك اللائحة من حيث الزمان والأشخاص. وبينت المادة الثامنة مصادر تمويل هذا النظام. ثم أوضحت المادتان العاشرة والحادية عشرة منها أحوال استحقاق المكافأة وقيمتها فى كل حالة • ونصت المادة الرابعة عشرة – المطعون عليها – على أنه : << لايجوز الجمع بين هذه المكافأة وأى مكافأة أو مكافآت أخرى مقررة بموجب أنظمة خاصة داخل قطاع البترول ……. وفى حالة ما إذا كانت مستحقات العامل من تلك المكافآت أقل مما هو مقرر بموجب هذا النظام، فإنه يستحق الفرق بين القيمتين >>.
وحيث إن من المقرر قانونا؛ أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى ؛ هى التى تعطيها وصفها الحق؛ وتكييفها القانونى الصحيح؛ وذلك على ضوء طلبات رافعها؛ وبعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها، دون تقيد بمبانيها • متى كان ذلك؛ وكانت حقيقة طلبات المدعين تتمثل فى الحكم بعدم دستورية ما نصت عليه المادة ١٤ من لائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للبترول بتاريخ ٢٢ / ٧ / ١٩٩٣ من عدم جواز الجمع بين قيمة مكافأة نهاية الخدمة التى أنشأتها؛ وبين قيمة المكافآت المقررة بموجب أنظمة خاصة داخل قطاع البترول إلا فى حدود الفرق بين القيمتين، وذلك فى مجال تطبيق هذا النص على العاملين بشركة الجمعية التعاونية للبترول؛ تأسيسا على مخالفته لأحكام المواد ٨، ٢٦، ٤٠ من الدستور؛ فإن دعواهم – فى هذا النطاق – تنحل إلى طعن بعدم دستورية ذلك النص.
وحيث إن المدعى عليهم دفعوا بعدم اختصاص
المحكمة الدستورية العليا
ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن اللائحة التى يندرج النص المطعون عليه فيها، لا تعد من قبيل القوانين واللوائح فى مفهوم المادة ٢٥ من قانون هذه المحكمة .
وحيث إن الدستور قد عهد – بنص مادته الخامسة والسبعين بعد المائة – إلى
المحكمة الدستورية العليا
دون غيرها بمهمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون. وبناء على هذا التفويض، أصدر المشرع قانون هذه المحكمة ، مبينا اختصاصاتها؛ محددا ما يدخل فى ولايتها حصرا. فخولها – فى المادة ٢٥ – اختصاصا منفردا بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح؛ مانعا أى جهة قضائية من مزاحمتها فيه؛ مفصلا فى المادتين ٢٧، ٢٩ – طرائق هذه الرقابة وكيفيتها؛ وذلك ضمانا منه لمركزية الرقابة على الشرعية الدستورية ؛ وصولا من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور؛ بما يكفل تكاملها وتجانسها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة ، قد جرى على أن اختصاصها فى شأن الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية ، ينحصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها، فلا تنبسط ولايتها – فى هذا المجال – إلا على القانون بمعناه الموضوعى باعتباره منصرفا إلى النصوص التشريعية التى تتولد عنها مراكز عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى أصدرتها السلطة التنفيذية فى حدود الصلاحيات التى ناطها الدستور بها؛ وتنقبض – بالتالى – عما سواها.
وحيث إن التنظيم التشريعى للجمعية التعاونية للبترول – على ضوء أحكام المواد ١، ٣، ٦ من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٦٣ فى شأن تحويل الجمعية التعاونية للبترول بالقاهرة إلي شركة مساهمة – يدل على أن الجمعية التعاونية للبترول قد غدت شركة مساهمة أطلق عليها أسم <<الجمعية التعاونية للبترول>> تتبع المؤسسة المصرية العامة للبترول – التى حلت محلها الهيئة المصرية العامة للبترول – ويصدر بنظامها الأساسى قرار من مجلس إدارتها؛ ويكون لحامل كل سهم من أسهم الجمعية سهم من أسهم الشركة الجديدة بنفس قيمته الأسمية ، وعلى أن تحل هذه الشركة محل الجمعية السابقة فى حقوقها والتزاماتها.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة ؛ أن كل لائحة يتحدد تكييفها القانونى بمجال سريانها؛ فكل ما كان هذا المجال متصلا مباشرة بمنطقة القانون الخاص؛ انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التى أصدرتها شخصا من أشخاص القانون العام؛ ولا تعتبر بالتالى تشريعا بالمعنى الموضوعى مما تمتد إليه الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية .
متى كان ذلك؛ وكان النزاع الراهن يتعلق ببعض العاملين بإحدى الشركات التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول؛ وكانت المادة ١٤ – المطعون عليها؛ واردة بلائحة أصدرها مجلس إدارة هذه الهيئة منظما بها أحوال وشروط استحقاق مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول؛ ومن بينهم العاملون بالجمعية التعاونية للبترول؛ وقواعد الجمع بينها وبين مكافأة الميزة الأفضل المقررة لهؤلاء العاملين بموجب نظام الشركة التى يتبعونها؛ لا ليخرجها من دائرة القانون الخاص، ويدخلها فى منطقة القانون العام؛ وإنما ليحدد لعلاقتهم بالصندوق المهيمن على تمويل تلك المكافأة وصرفها، ضوابطها؛ بما لا ينافى طبيعة أعما لهم، وعلاقتهم بأربابها • ولا يعنى امتداد مظلة هذا الصندوق إلى العاملين بقطاع البترول كافة ؛ وهم طوائف شتى ، تتنوع تبعيتهم بين الهيئة المصرية العامة للبترول؛ وما بين شركات القطاع العام للبترول وغيرها؛ أن تنماع الحدود الفاصلة ما بين تلك الجمعية وهذه الهيئة ، فلا تزال لكل منهما شخصيتها القانونية ، ودائرة نشاطها، ونظامها القانونى الخاص بها، وفى نطاق الدائرة التى تعمل بها اللائحة – التى اندرج تحتها نص المادة ١٤ المطعون عليه – يتحدد وصفها القانونى • وهى فى مجال انطباقها على العاملين بالجمعية التعاونية للبترول؛ لا تعدو أن تكون تنظيما لشأن يتعلق بميزة مقررة لهم عند انتهاء خدمتهم؛ لا تشريعا بالمعنى الموضوعى ؛ ومن ثم تنحسر عن الرقابة على دستوريتها، ولاية هذه المحكمة .
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ؛ وبمصادرة الكفالة ؛ وألزمت المدعين المصروفات؛ ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى