حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٥٠ لسنة ٤ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٥٠ لسنة ٤ دستورية
تاريخ النشر : ١٥ – ٠٦ – ١٩٨٩

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية المادتين (٢٣٨)، (٢٤٤) من قانون العقوبات والمادة (٢٢٠) من قانون الإجراءات الجنائية.

الحكم

– – – ١ – – –
لما كان من المقرر أن العقاب على إرتكاب جريمة إنما يكون وفقاً للنصوص السارية فى تاريخ حدوثها ، فإن نطاق الطعن بعدم الدستورية يتحدد بالنسبة للمادتين “٢٣٨” ، “٢٤٤” من قانون العقوبات بنصهما المعمول به فى تاريخ الواقعة الجنائية ما دام لم يتم تعديلها بعد ذلك على وجه أصلح للمتهم .

– – – ٢ – – –
إلزام المشرع بإتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع – بعد تعديل المادة الثانية من الدستور بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التى تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام بحيث إذا إنطوى أى منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله ، أى فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال ، و من ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا التقيد ، و هذا هو مناط الرقابة الدستورية . و كان مبنى الطعن هو مخالفة المادتين “٢٣٨” ، “٢٤٤” من قانون العقوبات و المادة “٢٢٠” من قانون الإجراءات الجنائية للمادة الثانية من الدستور ، و كان القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ – و المتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه ، و كان نطاق الطعن قد تحدد بالمادتين “٢٣٨” ، “٢٤٤” من قانون العقوبات بنصهما فى تاريخ الواقعة الجنائية سنة ١٩٧٨ و هو تاريخ سابق على تعديل المادة الثانية من الدستور و بالمادة “٢٢٠” من قانون الإجراءات الجنائية التى لم يجر تعديلها بعد هذا التعديل للدستور ، و من ثم فإن النعى على هذه المواد بمخالفتها حكم المادة الثانية من الدستور – و أيا كان وجه الرأى فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون فى غير محله .

– – – ٣ – – –
إلزام المشرع بإتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع – بعد تعديل المادة الثانية من الدستور بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التى تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام بحيث إذا إنطوى أى منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله ، أى فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال ، و من ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا التقيد ، و هذا هو مناط الرقابة الدستورية . و كان مبنى الطعن هو مخالفة المادتين “٢٣٨” ، “٢٤٤” من قانون العقوبات و المادة “٢٢٠” من قانون الإجراءات الجنائية للمادة الثانية من الدستور ، و كان القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ – و المتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه ، و كان نطاق الطعن قد تحدد بالمادتين “٢٣٨” ، “٢٤٤” من قانون العقوبات بنصهما فى تاريخ الواقعة الجنائية سنة ١٩٧٨ و هو تاريخ سابق على تعديل المادة الثانية من الدستور و بالمادة “٢٢٠” من قانون الإجراءات الجنائية التى لم يجر تعديلها بعد هذا التعديل للدستور ، و من ثم فإن النعى على هذه المواد بمخالفتها حكم المادة الثانية من الدستور – و أيا كان وجه الرأى فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون فى غير محله .

[الطعن رقم ١٥٠ – لسنــة ٤ ق – تاريخ الجلسة ٢٧ / ٠٥ / ١٩٨٩ – مكتب فني ٤ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٢٤٨ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة. حيث أن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامة أسندت للمدعى عليهما الأول والثاني أنهما في يوم ٢٦ ديسمبر ١٩٧٨ – تسبباً بخطئهما في إحداث وفاة ثلاثة عشر شخصاً وإصابة ثمانية وثلاثين شخصاً وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم إحترازهما وعدم مراعاتهما القوانين واللوائح وطلبت عقابهما بالمادتين ٢٣٨ / ١، ٣و ٢٤٤ / ١، ٣ من قانون العقوبات، وأثناء تداول الدعوى أمام محكمة جنح البدرشين إدعى ورثة بعض المجني عليهم مدنياً طالبين الحكم بتعويض مؤقت، وإذ تراءى لمحكمة جنح البدرشين الجزئية عدم دستورية المادتين ٢٣٨، ٢٤٤ من قانون العقوبات والمادة ٢٢٠ من قانون الإجراءات الجنائية فقد أحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية هذه المواد، إستناداً إلى أن المادتين ٢٣٨، ٢٤٤ من قانون العقوبات تنصان على عقوبتي الحبس والغرامة أو إحداهما لمن يتسبب خطأ في موت أو جرح شخص نتيجة إهماله أو رعونته أو عدم إحترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإنطوتا بذلك على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت طبقاً للمادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وذلك بإعتبار أن الدية تجب فى القتل الخطأ وأن الأرث يجب في إصابة ما دون النفس خطأ، كما أن المادة ٢٢٠ من قانون الإجراءات الجنائية التي أجازت رفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة تتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وإذ كان من المقرر أن العقاب على إرتكاب جريمة إنما يكون وفقاً للنصوص السارية في تاريخ حدوثها، فإن نطاق الطعن يتحدد بالنسبة للمادتين ٢٣٨ ، ٢٤٤ من قانون العقوبات بنصهما المعمول به في تاريخ الواقعة الجنائية ما دام أنه لم يتم تعديلهما بعد ذلك على وجه أصلح للمتهم، ويتحدد هذا النطاق أيضاً بالمادة ٢٢٠ من قانون الإجراءات الجنائية. وحيث أن المادة ٢٣٨ من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧ والمعدلة بالقانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٦٢ تنص على أن ” من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم إحترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند إرتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة مع تمكنه من ذلك، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين”. وحيث أن المادة ٢٤٤ من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٦٢ وقبل تعديلها بالقانون رقم ٢٩ لسنة ١٩٨٢، تنص على أنه: “من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم إحترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند إرتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك، وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين”. وحيث أن المادة ٢٢٠ من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠ بتاريخ ٣ سبتمبر سنة ١٩٥١ تنص على إنه: “يجوز رفع الدعوى المدنية، مهما بلغت قيمتها، بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية”. وحيث أنه يبين من تعديل الدستور الذي تم بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ أن المادة الثانية منه أصبحت تنص على : “الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع”، بعد أن كانت تنص عند صدور الدستور في ١١ سبتمبر سنة ١٩٧١ على أن “الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع”. وحيث أنه لما كان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن إلزام المشرع بإتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع – بعد تعديل المادة الثانية من الدستور على نحو ما سلف – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه هذا الإلزام بحيث إذا إنطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، ومن ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا القيد، وهذا هو مناط الرقابة الدستورية. وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن هو مخالفة المادتين ٢٣٨ و٢٤٤ من قانون العقوبات والمادة ٢٢٠ من قانون الإجراءات الجنائية للمادة الثانية من الدستور، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ – والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكان نطاق الطعن قد تحدد بالمادتين ٢٣٨، ٢٤٤ من قانون العقوبات بنصهما في تاريخ الواقعة الجنائية سنة ١٩٧٨ وهو تاريخ سابق على تعديل المادة الثانية من الدستور وبالمادة ٢٢٠ من قانون الإجراءات الجنائية التي لم يجر تعديلها بعد هذا التعديل للدستور، ومن ثم فإن النعي على هذه المواد بمخالفتها حكم المادة الثانية من الدستور – وأيا كان وجه الرأي في تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون في غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى. “لهذه الأسباب” حكمت المحكمة برفض الدعوى.

زر الذهاب إلى الأعلى