حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٤٤ لسنة ٢١ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٤٤ لسنة ٢١ دستورية
تاريخ النشر : ١٠ – ١٢ – ٢٠١٨
منطوق الحكم : رفض دستورية
مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (٥٧) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم ١١١ لسنة ١٩٨٠ وبسقوط المواد (١٧) ، (٢٣ فقرة ج) ، (٣٥) من هذا القانون فيما قررته من عقوبات مرتبطة بالمادة (٥٧) المشار إليها .
الحكم
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة ٢٠١٨م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة ١٤٤٠ هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو وحاتم حمد بجاتو
والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السرأصدرت الحكم الآتي:
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ١٤٤ لسنة ٢١ قضائية ” دستورية ” .
المقامة من:
البنك الأهلى المصرى
ضد
١ – رئيس الجمهورية
٢ – رئيس مجلس الوزراء
٣ – وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
الإجراءات
بتاريخ السابع من أغسطس سنة ١٩٩٩، أودع بنك المهندس صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (٥٧) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم ١١١ لسنة ١٩٨٠، وبسقوط المواد (١٧)، (٢٣فقرة ج)، (٣٥) من هذا القانون، فيما قررته من عقوبات مرتبطة بالمادة (٥٧) المشار إليها .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أنه بموجب نموذج رقم (٣) ضريبة دمغة، طالبت مأمورية ضرائب الاستثمار بالقاهرة البنك المدعى، بأداء مبلغ مقداره (٢٥ر١٧١٣٢٢ جنيهًا، ٣٦٠٠٠ ليرة إيطالية، ٥٥ر٣٦ دولارًا) ضريبة دمغة نوعية ونسبية، ورسم تنمية موارد، عن طلبات فتح حسابات، وحسابات جارية مصرفية، وحسابات جارية مكشوفة، وطلبات ودائع، وحسابات مصرفية ودائع، واعتمادات ائتمانية، وطلبات إصدار خطابات الضمان، ويومية الخزينة وذلك عن المدة من أول يناير سنة ١٩٨٦ إلى ٣١ ديسمبر سنة ١٩٨٨ . لم يرتض البنك المدعى هذا التقدير؛ فطعن عليه أمام لجنـة طعون ضرائب القاهرة، وقُيد الطعن برقم ٣٨ لسنة ١٩٩٤، وقد أصدرت اللجنة قـرارها بتعديل بنود المطالبة إلى ٢٦١٥٥,١٠ جنيهًا، وإعادة بنود طلبات إصدار خطابات الضمان، وأصل خطابات الضمان، وصور خطابات الضمان إلى المأمورية لإعادة الفحص . وإذ لم يلق ذلك القرار قبول المدعى، فقد أقام الدعوى رقم ١٣٠ لسنة ١٩٩٥ كلى ضرائب، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ابتغاء القضاء له ببطلان إخطاره بالنمـوذج (٣) ضريبـة دمغة، وإلغـاء قرار اللجنة المار ذكره، والحكم مجددًا بإلغاء المطالبة رقم ٣٧٤ فى ١٣ / ١ / ١٩٩٢ بمبلغ ٢٦١٥٥,١٠ جنيهًا . وفى الآن ذاته أقام المدعى عليه الثالث أمام المحكمة ذاتها الدعوى رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٩٥ كلى ضرائب، بطلب إلغاء قرار اللجنة سالف الذكر، وإخضاع تسهيلات إصدار خطابات الضمان لضريبة الدمغة النسبية بمبلغ ١٢٥٠٧٢,٦٥ جنيهًا و٣٦٠٠٠ ليرة و٣٦,٢٥ دولارًا، وقررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وبجلسة ١٨ / ٥ / ١٩٩٩، قدَّم الحاضر عن المدعى مذكرة بدفاعه، ضمّنها دفعًا بعدم دستورية نص المادة (٥٧) من قانـون ضريبة الدمغـة الصـادر بالقانون رقم ١١١ لسنة ١٩٨٠ وتعديلاته، فيما قرره من ضريبة دمغة نسبية على المحررات والأعمال والأموال الواردة بها، فقررت المحكمة حجز الدعويين للحكم لجلسة ٢٠ / ٧ / ١٩٩٩، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لجلسة ٣١ / ٨ / ١٩٩٩، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة .
وحيث إن الثابت من الأوراق أن بنك المهندس قد تم دمجه فى البنك الأهلى المصرى، الأمر الذى يترتب عليه زوال شخصية بنك المهندس، واعتبار البنك الدامج خلفًا عامًا للبنك المندمج، وحلوله محله حلولاً قانونيًّا فيما له وما عليه من حقوق والتزامات، وصيرورته الخصم الحقيقى فى شأن تلك الحقوق والالتزامات، وهو ما يسرى فى حق البنك الأهلى المصرى كبنك دامج فى الحالة المعروضة .
وحيث إن المادة (٥٧) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم ١١١ لسنة ١٩٨٠ تنص على أن “تُستحق الضريبة النسبية على الأعمال والمحررات المصرفية على الوجه الآتى:
(١) فتح الاعتماد:
خمسة فى الألف على عقود وعمليات فتح الاعتماد وكذلك على تجديدها بشرط ألا يكون الاعتماد مغطى نقدًا بالكامل، فإذا غُطى بعضه نقدًا فُرضت الضريبة على ما لم يُغَط .
وإذا زادت مدة العقد أو العملية أو مدة التجديد على سنة وجب أداء الضريبة ذاتها عن كل سنة إضافية أو كسورها .
وبالنسبة للاعتماد غير محدد القيمة تحسب الضريبة على أكبر رصيد مدين يصله الاعتماد خلال مده نفاذه .
(٢) عقود تحويل الأموال أو النزول عنها:
ثلاثة فى الألف بحد أدنى ستون مليمًا .
ولا تخضع لهذه الضريبة أوامر النقل فى المصارف والأوراق التى تصدر تنفيذًا لها .
(٣) السُلف والقروض والإقرار بالدين:
– واحد فى الألف عن كل مبلغ يزيد على مائة جنيه ولا يجاوز مائتى جنيه .
– ثلاثة فى الألف عن كل مبلغ يزيد على مائتى جنيه ولا يجاوز عشرة آلاف جنيه .
– أربعة فى الألف عن كل مبلغ يزيد على عشرة آلاف جنيه .
وتُعفى من الضريبة الودائع الآجلة بكافة أنواعها فى المصارف وهيئة البريد” .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أن مصلحة الضرائب طالبت المدعى بضريبة الدمغة النسبية عن الحسـابات الجاريـة المكشوفة، والاعتمادات الائتمانية، والقروض، والأجزاء غير المغطاة من خطابات الضمان، في الفترة من أول يناير سنة ١٩٨٦ حتى ٣١ ديسمبر سنة ١٩٨٨، وكانت الأعمال والمحرارات المصرفية، مارة البيان، ما فتئت خاضعة لضريبة الدمغة النسبية إعمالًا لأحكام المادة (٥٧) المطعون على نصها، ومن ثم تتوافر المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن على نص المادة (٥٧) سالفة البيان، بحسبان القضاء فى دستورية هذا النص سيكون ذا أثر مباشر، وانعكاس أكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها . ولا ينال مما تقدم استبدال نص المادة (٥٧) المطعون عليها بالقانون رقم ٢٢٤ لسنة ١٩٨٩ بتعديل بعض أحكام ضريبة الدمغة المشار إليه، وذلك لما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة من أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليهم، ذلك أن الأصل فى القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التى تتم فى ظلها حتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة، وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من هاتين القاعدتين، فما نشأ مكتملاً فى ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعًا لحكمها وحدها .
وحيث إن المقرر أيضًا، فى قضاء هذه المحكمة أن حمايتها للدستور إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه لما كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور الذى صدر النص المطعون فيه فى ظل العمل بأحكامه، مادام أن هذا النص قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدل به نص آخر به خلال فترة سريان ذلك الدستور . إذ كان ما تقدم، فإن المحكمة الدستورية العليا تباشر رقابتها على النص المطعون فيه فى ضوء أحكام دستور سنة ١٩٧١، الذى تم العمل بالنص المطعون فيه، إلى أن تم استبداله، خلال مدة سريانه .
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه أن ضريبة الدمغة النسبية الواردة به، لا ترد على محل، كونها فى حقيقتها محض رسم لا ضريبة، ومن ثم تعين أن يقابلها خدمة حكومية، وأن يقدر مقدارها بما يتناسب والخدمة المؤداة، وهو ما لا يتحقق فى النص المطعون عليه، فضلاً عن أن محلها ليس إيرادًا دوريًّا منتظمًا، ولا دخلاً مطّردًا متجددًا، مما ينتفى معه دستورية فرضها، وأضاف المدعى أن هذه الضريبة، فى حقيقتهـا، تفرض على رأس مال لا يغل أو ينتج دخلاً، مما تنحل معه عدوانًا على الحق فى الملكية الخاصة، بما يخالف نصوص المواد (٣، ٢٣، ٣٤، ٣٨، ٣٩، ١١٩، ١٢٠) من دستور سنة ١٩٧١ .
وحيث إن المقرر – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها إسهامًا من جهتهم فى أعبائها وتكاليفها العامة . وهم يدفعونها لها بصفة نهائية، ودون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها . ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطًا بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام – وعوضًا عن تكلفته – وإن لم يكن بمقدارها . متى كان ذلك، وكانت أحكام هذه المحكمة قد اطردت على أن ضريبة الدمغة النسبية هى ضريبة عامة وليست رسمًا، وهى بعد ضريبة لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تمتد إليها دون سواها، ويتحدد المخاطبون بها فى إطار هذه الدائرة وحدها، بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتداد النطاق الإقليمى للدولة – وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية – مرتبًا لدينها فى ذمة الممول، مما مؤداه: تكافؤ الممولين فى الخضوع لها دون تمييز، وسريانها بالتالى – وبالقوة ذاتها – كلما توافـر مناطها فى أية جهة داخل الحدود الإقليمية للدولة؛ ومن ثم فلا مسوغ للمحاجاة بأن الضريبة المطعون عليها رسم لا يقابله خدمـة مباشرة تؤديهـا الدولة لمن فرضت عليه، ولا بأن مقدارها لا يتحدد بما يتناسـب مع خدمة مؤداة، ويضحى هذا النعى من المدعى لا محل له .
وحيث إنه عن نعى المدعى أن النص المطعون فيه يمثل عدوانًا على الملكية الخاصة وذلك بفرضه الضريبة على رأس المال، وليس على إيراد دورى منتظم، ولا دخل متجدد، فإنه مردود: ذلك أن المقرر أن الضريبـة هى فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة مساهمة منه فى التكاليف والأعباء والخدمات العامة ، وقد نظم دستور سنة ١٩٧١ أحكامها العامة وأهدافها وحدد السلطة التى تملك تقريرها أو الإعفاء منها، فنص فى المادة (٣٨) منه على أن: “يقوم النظام الضريبى على العدالـة الاجتماعية ” . وفى المادة (٦١) على أن “أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقًا للقانون” وفى المـادة (١١٩) على أن “إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون . ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون” . ومفاد ذلك أن البناء الدستورى للضريبة قوامه إن لكل ضريبة وعاء يتمثل فى المال المحمل بعبئها، والذى يمثل من الضريبة قاعدتها التى يتحدد مقدارها أو مبلغها أو دينها مرتبطًا بها، باعتباره منسوبًا إليها . لما كان ذلك، وكان الشق من العمليات البنكية المفروض عليها ضريبة الدمغة النسبية، والتى تتحمل البنوك والمصارف بعبئها، هى محض عمليات وأنشطة مصرفية تجارية، تباشرها تلك البنوك والمصارف لتدر عوائد عليها تتمخض أرباحًا، وهى أرباح متحققة، حتمًا، بحسب مآلات هذه العمليات والأنشطة؛ كما أن سعر ضريبة الدمغة لا يمثل غلوًّا يستغرق الوعاء، ومن ثم يكون ما نعاه المدعى من أن ضريبة الدمغة النسبية إنما فرضت على رأسمال ثابت لا إيراد متجدد، لا يصادف صحيح القانون مفتقدًا للسند، مما لا يجوز معه الادعـاء بأن الضريبة فى ذاتها – متى استوفت أوضاعها الدستورية – يمكن أن تشكل عدوانًا على الملكية الخاصة .
وحيث إن دستور سنة ١٩٧١ وإن قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها كالمواد (٤، ٢٣، ٣٨، ٥٣، ٥٧)، فقد خلا فى الوقت ذاته من تحديد لمعناه، إلا أن مفهوم العدل سواءً بمبناه أو أبعاده يتعين أن يكون محددًا من منظور اجتماعى، باعتبار أن العدل يتغيا التعبير عن تلك القيم الاجتماعية التى لا تنفصل الجماعة فى حركتها عنها، والتى تبلور مقاييسهـا في شأن ما يُعتبر حقًّا لديها، فلا يكون العدل مفهومًا مطلقًا ثابتًا باطّراد، بل مرنًا ومتغيرًا وفقًا لمعايير الضمير الاجتماعى ومستوياتها، وهو بذلك لا يعدو أن يكون نهجًا متواصلاً منبسطًا على أشكال من الحياة تتعدد ألوانها، وازنًا بالقسط تلك الأعباء التى يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهم عدوانًا، بل تطبيقها فيما بينهم إنصافًا، وإلا صار القانون منهيًا للتوافق فى مجال تنفيذه، وغدا إلغاؤه لازمًا .
وحيث إن الأعباء التى يجوز فرضها على المواطنين سواءً كان بنيانها ضريبة أو رسمًا أو تكليفًا آخر، هى التى نظمها الدستور بنص المادة (١١٩) منه، وكانت المادة (٣٨) من الدستور، وإن خص بها النظام الضريبى متطلبًا أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتواه، وغاية يتوخاها، فلا تنفصل عنها النصوص القانونية التى يقيم المشرع عليها النظم الضريبية على اختلافها، إلا أن الضريبة بكل صورها، تمثل في جوهرها عبئًا ماليًّا على المكلفين بها، شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (١١٩) من الدستور، ويتعين بالتالى وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمنًا عليها بمختلف صوره، محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها . ولما كان ذلك؛ وكانت الضريبة المطعون عليها، لا تناقض الأسس الموضوعية لفرض الضريبة، ولا تجاوز أغراضها، ولا تحيف بنسبتها على الدخل المفروضة عليه، ولا ترهقه عسفًا، أو تمحيه بددًا، لا تناقض مبدأ العدالة الاجتماعية، منضبطة بأحكام الدستور، ومن ثم فإن النص المطعون فيه لا يكون قد خالف نصوص المواد (٣، ٢٣، ٣٤، ٣٨، ٣٩، ١١٩، ١٢٠) من دستور سنة ١٩٧١ .
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أى نص آخر فى دستور سنة ١٩٧١، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى .
وحيث إنه عن طلب سقوط المواد (١٧، ٢٣، ٣٥) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، فإن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن السقوط لا يعد طلبًا مستقلاًّ بعدم الدستورية، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التى تملكها المحكمة الدستورية العليا بمناسبة قضائها فى الطلبات الأصلية المطروحة عليها، ويتصل بالنصوص القانونية التى ترتبط بها ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء برفض الدعوى بالنسبة للطعن على نص المادة (٥٧) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، فإن هذا الطلب يكون حقيقًا بالالتفات عنه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .