حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٤١ لسنة ٢١ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٤١ لسنة ٢١ دستورية

تاريخ النشر : ٠٨ – ٠١ – ٢٠١١

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية نص المادتين (٣، ٤) من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧، وبمصادرة الكفالة ، وإلزام المدعي بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

الحكم

برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى ومحمد عبد العزيز الشناوى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر- – – الإجراءات – – –
بتاريخ الثانى من أغسطس سنة ١٩٩٩ ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادتين ( ٣ ، ٤ ) من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ فيما جرى به نصهما من تقرير زيادة دورية على الأماكن الخاضعة للقانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال عشرة أيام ، قدمت خلالها هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم : أولا بعدم قبول الدعوى فيما يتعلق بالمادة الثالثة من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ بتعديل الفقرة الثانية من المادة ٢٩ من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٩٧ ، وثانيًا برفض الدعوى فيما يتعلق بالمادة الرابعة من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧- – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ ١ / ٧ / ١٩٩٤ استأجر المدعى من المدعى عليه الخامس حانوتًا بناحية نهطاى زفتى غربية ، لقاء أجرة شهرية مقدارها سبعون جنيهًا ، وبصدور القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ متضمنًا تقرير زيادة دورية على أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى ، امتنع المدعى عن سداد الزيادة المقررة رغم تكليفه بذلك ، فأقام المدعى عليه ضده الدعوى رقم ١٣١ لسنة ١٩٩٩ مساكن كلى ، أمام محكمة طنطا الابتدائية ، بطلب طرده من المحل المؤجر له . وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بجلسة ٦ / ٥ / ١٩٩٩ بعدم دستورية نص المادتين ( ٣ ، ٤ ) من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ . وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ بتعديل الفقرة الثانية من المادة (٢٩) من القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية تنص قبل تعديلها بالقانون رقم ١٤ لسنة ٢٠٠١ على أن ” تحدد الأجرة القانونية للعين المؤجرة لغير أغراض السكنى المحكومة بقوانين إيجار الأماكن بواقع :
ثمانية أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة قبل أول يناير ١٩٤٤.
وخمسة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من أول يناير ١٩٤٤ وحتى ٤ نوفمبر ١٩٦١ .
وأربعة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من ٥ نوفمبر ١٩٦١ وحتى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ .
وثلاثة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من ٧ أكتوبر ١٩٧٣ وحتى ٩ سبتمبر ١٩٧٧ .
ويسرى هذا التحديد اعتبارًا من موعد استحقاق الأجرة التالية لتاريخ نشر هذا القانون .
وتزداد الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من ١٠ سبتمبر ١٩٧٧ وحتى ٣٠ يناير ١٩٩٦ بنسبة ١٠% اعتبارًا من ذات الموعد .
ثم تستحق زيادة سنوية ، بصفة دورية ، فى نفس الموعد من الأعوام التالية بنسبة ١٠% من قيمة آخر أجرة قانونية لجميع الأماكن سالفة الذكر ” .
وتنص المادة الرابعة من القانون المذكور على أن ” تسرى أحكام هذا القانون على الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى ، التى يحكمها القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٧ المشار إليه والقانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما ، ولا تسرى أحكامه على الأماكن المذكورة التى يحكمها القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦ بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها ” .
وحيث إنه فيما يتعلق بالطعن على المادة الثالثة من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ السالف ذكرها ، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأنها ، وذلك بحكميها الصادر أولهما بجلسة ١١ / ٥ / ٢٠٠٣ فى القضية رقم ١٤ لسنة ٢١ قضائية ” دستورية ” ، المنشور فى الجريدة الرسمية بالعدد ٢٢ ( تابع ) بتاريخ ٢٩ / ٥ / ٢٠٠٣ ، الذى قضى برفض الدعوى المقامة طعنًا على الفقرة الأخيرة من هذه المادة . والصادر ثانيهما بجلسة ٦ / ٧ / ٢٠٠٣ فى القضية رقم ٩٨ لسنة ٢١ قضائية ” دستورية ” ، والمنشور فى الجريدة الرسمية بالعدد ٣٠ ( مكرر ) بتاريخ ٢٦ / ٧ / ٢٠٠٣ ، الذى قضى برفض الدعوى المقامة طعنًا على باقى فقرات المادة ذاتها . لما كان ذلك ، وكان مقتضى نص المادتين (٤٨ و٤٩) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ ، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة ، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، باعتباره قولا فصلا فى المسألة المقضى فيها ، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه ، أو إعادة طرحه عليها من جديد ، فإن الدعوى فى هذا الشق منها تكون غير مقبولة .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يقيد تدخلها فى الخصومة الدستورية ، فلا تفصل فى غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى . لما كان ذلك ، وكان المدعى يهدف من دعواه الدستورية إخراج الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى المحكومة بالقانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ المشار إليه من نطاق تطبيق القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ ، باعتبار أن أجرة هذه الأماكن يتم تحديدها بالاتفاق بين طرفى العقد ، وذلك حتى يتسنى له دفع مطالبة المدعى عليه الخامس له بزيادة الأجرة وفقًا لحكم المادة الثالثة من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ ، والتى يثور حولها النزاع فى الدعوى الموضوعية . ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة فى شقها الثانى يتحدد بما تضمنه نص المادة الرابعة من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ السالف ذكرها من سريان أحكام هذا القانون على الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى التى يحكمها القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ ، دون باقى أحكام النص المذكور .
وينعى المدعى على النص المطعون عليه ، محددًا نطاقًا على النحو المتقدم ، إخلاله بمبدأ التضامن الاجتماعى ، بتغليبه مصلحة المؤجر على مصلحة المستأجر ، بإفادة الأول من الزيادة المقررة على الأجرة القانونية رغم كونها محددة باتفاق الطرفين أصلا ، بما يؤدى إلى تصادم المصالح وإهدار إرادة المتعاقدين ، وهو ما يناقض مبدأ سلطان الإرادة ويهدم حرية الاختيار ويخل بالحرية الشخصية ، الأمر الذى يغدو معه النص المذكور مخالفًا للمواد ( ٧ ، ٤١ ، ٥٧ ) من الدستور .
وحيث إن هذا النعى فى جملته مردود أولا بأن القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ وإن خّول بخلاف قوانين إيجار الأماكن السابقة عليه كلا من المؤجر والمستأجر تحديد أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى بالاتفاق بينهما دون تدخل بقواعد آمرة فى هذا الشأن ، إلا أنه فيما خلا هذا البند ظل العقد محكومًا بقواعد آمرة قيدت حرية المؤجر فى جوانب كثيرة أخصها حقه فى إعادة تحديد الأجرة بعد انتهاء المدة المتفق عليها أو إنهاء العقد وإخلاء المستأجر لأى سبب عدا الأسباب المحددة حصرًا بالقانون .
ومردود ثانيًا بأن المشرع لم يهدف بالقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ مجرد زيادة أجرة الأماكن الخاضعة لأحكامه على النحو الوارد بالمادة الثالثة منه ، وإنما جاء هذا الحكم بالتبعية لما قرره بالمادتين الأولى والثانية من الامتداد القانونى لعقود إيجار هذه الأماكن إلى زوج وأقارب المستأجر الأصلى حتى الدرجة الثانية ، ضمانًا لاستمرار مورد رزقهم ومصدر عيشهم ، وتأكيدًا على تواصل أنشطة هذه الأماكن التجارية والصناعية والمهنية والحرفية ، مما يوفر استثمارًا أفضل للأموال المرصودة عليها ، ويحفظ المردود الاقتصادى العائد منها . ومن ثم فقد راعى المشرع فى الوقت ذاته ، عدم الإضرار بالمؤجرين ، وذلك بتقرير زيادة الأجرة القانونية للأماكن المشار إليها على النحو السالف بيانه ، بهدف تحقيق التوازن فى العلاقة الإيجارية ، والمساواة بين طرفيها ، حتى تقوم هذه العلاقة على أساس من التضامن الاجتماعى الذى يؤدى إلى وحدة الجماعة وتماسكها وتداخل مصالحها لا تصادمها .
ومردود ثالثًا بأن التشريعات الاستثنائية فى مجال الإيجار طابعها التأقيت مهما استطال أمدها ، وأنها لا تمثل حلا دائمًا ونهائيًا للمشكلات المترتبة على أزمة الإسكان ، بل يتعين دومًا على المشرع مراجعتها من أجل تحقيق التكافؤ بين أطراف العلاقة الإيجارية .
ومردود رابعًا بأنه وإن كانت حرية التعاقد هى قاعدة أساسية يقتضيها الدستور ، صونًا للحرية الشخصية التى تمتد حمايتها إلى إرادة الاختيار وسلطة اتخاذ القرار فى شأن إتمام أى تعاقد ، إلا أن إيراد المشرع لقاعدة آمرة تنال من حرية المتعاقدين يجد مشروعيته الدستورية إذا وجدت مصلحة مشروعة تبرر إيراد مثل هذه القاعدة الآمرة ، وهو ما توفر فى النص المطعون عليه حين قرر خضوع الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى التى يحكمها القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ لأحكام القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩٧ بما تضمنه من امتداد قانونى لعقد الإيجار ، قابَلَهُ بزيادة دورية فى الأجرة القانونية لهذه الأماكن تختلف باختلاف تاريخ إنشاء المبنى ، وذلك تحقيقًا للتوازن بين مصالح كل من طرفى العقد حسبما سلف البيان .
متى كان ما تقدم ، فإن النص محل الطعن الماثل لا يخالف أحكام المواد ( ٧ ، ٤١ ، ٥٧ ) من الدستور أو أى حكم آخر من أحكامه .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى