حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٣ لسنة ١٥ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٣ لسنة ١٥ دستورية
– – – ١ – – –
تنص المادة ١٨ من القانون رقم ٤٨ لسنه ١٩٧٧ بأنشاء بنك فيصل الإسلامى _ المطعون عليها _ على أن يفصل مجلس الإدارة بأغلبية أعضائه بصفته محكما ارتضاه الطرفان فى كل نزاع ينشأ بين أى مساهم فى البنك وبين مساهم آخر، سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وذلك بشرط أن يكون النزاع ناشئا عن صفته كمساهم فى البنك، ولا يتقيد مجلس الإدارة فى هذا الشأن بقواعد المرافعات المدنية والتجارية عدا ما يتعلق منها بالضمانات والمبادىء الأساسية للتقاضى أما إذا كان النزاع بين البنك وبين أحد المستثمرين أو المساهمين أو بين البنك والحكومة أو احد الأشخاص الاعتبارية العامة، وأن إحدى شركات القطاع العام أو الخاص، أو الأفراد، فتفصل فيه نهائيا هيئة من المحكمين معفاة من قواعد الإجراءات، عدا ما يتعلق بالضمانات والمبادىء الأساسية للتقاضى .
وفى هذه الحالة تشكل هيئة التحكيم من محكم يختاره محكم يختاره كل طرف من طرفى النزاع، وذلك خلال ثلاثين يوما استلام أحد طرفى النزاع طلب إحالة المنازعة إلى التحكيم من الطرف الآخر ثم يختار الحكمان حكما مرجحا خلال الخمسة عشر يوما التالية لتعيين آخرهما ويختار الثلاثة أحدهم لرئاسة هيئة التحكم خلال الأسبوع التالى لاختيار الحكم المرجح ويعتبر اختيار كل طرف لمحكمة قبولا لحكم المحكمين، واعتباره نهائيا .
وفى حالة نكول أحد الطرفين عن اختيار محكمة، أو فى حالة عدم الاتفاق على اختيار الحكم المرجح أو رئيس هيئة التحكيم فى المدد المحددة فى الفقرة السابقة يعرض الأمر على هيئة الرقابة الشرعية لتختار الحكم أو الحكم المرجح أو الرئيس حسب الأحوال .
ويكون حكم التحكيم فى جميع الأحوال نهائيا، وملزما للطرفين، وقابلا للتنفيذ شأن الحكام النهائية وتوضع عليه الصيغة التنفيذية وفقا للإجراءات المنصوص عليها فى باب التحكيم فى قانون المرافعات .
– – – ٢ – – –
إذ كان المدعى عليه الأول، قد دفع بعدم قبول الدعوى الماثلة بقولة إغفال صحيفتها بيان أوجه مخالفة النص التشريعى المطعون عليه للدستورية، وإخلالها بالتالى بنص المادة ٣٠ من قانون المحكمة الدستورية العليا، وكان التعارض بين نصين فى دائرة بذاتها ، قد يكون منبئا _ من خلال مقابلتهما ببعض _ عن نطاق تصادمهما، ودالا بالتالى على مضمون المخالفة الدستورية التى يكفى لتحديدها وفقا لقانون المحكمة الدستورية العليا، أن يكون تعيينها ممكنا متى كان ذلك، وكان المدعى قد نعى على النص المطعون فيه ، مخالفة للمادة ٦٨ من الدستور التى تكفل لكل إنسان حق التقاضى من خلال عرض دعواه على قاضيها الطبيعى وكان النص المطعون فيه ، قد حجب عن هذا القاضى ولاية نظر المسائل محل التحكيم، وعهد بها قسرا إلى محكمين يتولون الفصل فيها بعد أن أقصاه عنها فإنه بذلك يكون محددا للدوائر التى يناقض فيها حكم المادة ٦٨ من الدستور، وكاشفا بالتالىعن وجه المخالفة الدستورية التى قيل بإغفال تعيينها .
– – – ٣ – – –
المصلحة الشخصية المباشرة _ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية _ مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرا فى الفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع ولا يعدو النص المطعون فيه، أن يكون مبلورا لقاعدة آمرة لا يجوز تجاهلها او إسقاطها وبها فرض المشرع – وفى الحدود التى بينها _ التحكيم جبرا على علائق بذواتها ليكون هذا النوع من التحكيم ملزما، وملزما ومستندا فى مصدره المباشر إلى نص القانون، فلا يستعاض عنه اللجوء إلى القضاء ولا يغير من طبيعته هذه أو يمسخها قاله أن بنك فيصل الإسلامى قد درج على أن يبرم مع عملائه عقودا تحيل إلى التحكيم فى شأن المنازعات المتعلقة بتنفيذها، وذلك أن هذه العقود _ بفرض قيامها إنما تردد القاعدة الآمرة التزاما بنصها وامتثالا لحكمها، فلا تجبها تلك العقود أو العقود أو تنحيها، بل يتعين إعمالها دوما ولو خلا عقد منها متى كان ذلك، ومكان من المقرر أن للمتدخل انضماما إلى أحد الخصوم أن يتمسك بالدفوع وأوجه الدفاع التى كان لهذا الخصم أن يبديها، وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق شركة كريم للمقاولات فى أن تستعيد أمانة التحكيم التى كانت قد دفعتها تأسيسا على ادعائها انقضاء التحكيم بفوات الميعاد المحدد للفصل فى المسائل التى تشمل عليها وكان حقها فى أن ترد إليها أمانتها هذه، يقوم كذلك إذا ما ابطل التحكيم بالصورة التى أفرغها المشرع فيه _ كأثر للحكم فى النزاع الموضوعى، ومرتبطا بأبعاده .
– – – ٤ – – –
البين من المادة ١٨ من قانون بنك فيصل الإسلامى، أن فقرتها الأولى تخول مجلس إدارة هذا البنك _ وباعتباره محكما _ الفصل فيما قد يثور بين البنك والمساهمين فيه من نزاع، وبصفتهم هذه وذلك خلافا لفقرتها الثانية التى يدور الطعن حولها لتوسلها بالتحكيم أسلوبا وحيدا لفض ما يثور من نزاع بين البنك وعملائه، وذلك سواء أكانوا من المستثمرين أو من الجهات الحكومية أو شركات القطاع العام أو الخاص أو الأفراد متى كان ذلك، وكان لا شأن للمدعى بالفقرة الأولى من المادة ١٨ الآنف بيانها، فإن مصلحته الشخصية والمباشرة تنحصر فى الطعن بعدم دستورية فقرتها الثانية دون غيرها .
– – – ٥ – – –
الأصل فى التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما، أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل هذا المحكم فى ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالأة، مجردا من التحامل، وقاطعا لدابر الخصومة فى جوانبها التى أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضى الرئيسية ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم إجباريا يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذا لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، وذلك سواء كان موضوع التحكم نزاعا قائما أو محتملا، ذلك أن التحكيم مصدره الاتفاق، وإذ يحدد طرفاه _ وفقا لأحكامه نطاق الحقوق المتنازع عليها بينهما، أو المسائل الخلافية التى يمكن أن تعرض لهما وإليه ترتد السلطة الكاملة التى يباشرها المحكمون عند البت فيها وهما يستمدان من اتفاقهما على التحكيم، التزامهما بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه تنفيذا كاملا وفقا لفحواه فإذا لم يكن القرار الصادر فى نزاع معين بين طرفين، منهيا للخصومة بينهما، أو كان عاريا عن القوة الإلتزامية، أو كان إنفاذه رهن وسائل غير قضائية، فإن هذا القرار لا يكون عملا تحكيميا .
– – – ٦ – – –
التحكيم بذلك يختلف عن أعمال الخبرة، ذلك أن قوامها ليس قرارا ملزما، بل مناطها آراء يحوز اطراحها أو تجزئتها والتعديل فيها كما يخرج التحكيم كذلك عن مهام التوفيق بين وجهات نظر يعارض بعضها البعض، وإذ هو تسوية ودية لا تحوز التوصية الصادرة فى شأنها قوة الأمر المقضى، بل يكون معلقا إنفاذها على قبول أطرافها فلا تتقيد بها إلا بشرط انضمامها طواعية إليها ومن ثم يؤول التحكيم إلى وسيلة فنية لها طبيعة قضائية، غايتها الفصل فى تنزاع محدد، مبناه علاقة محل اهتمام من أطرافها، وقوامها اتفاق خاص يستمد المحكمون سلطاتهم منه، ولا يتولونها بالتالى بإسناد من الدولة .
– – – ٧ – – –
لئن نظم قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم ٦٠ لسنه ١٩٧١ صورا بذاتها كان التحكيم فيها إجباريا، هى تلك التى تقوم بين الدولة – بتنظيماتها المختلفة _ وبين وحداتها الاقتصادية ،إلا أن النزاع بين هذه الجهات لا يثور بين أشخاص اعتبارية تتناقض مصالحها أو تتعارض توجهاتها ، إذ تعمل جميعها باعتبار أن ثمار نشاطها عائدة – فى منتهاها _ إلى المرافق العامة التى تقوم الدولة على تسييرها، وتكفل انتظامها وتطويرها لضمان وفائها بالأغراض التى ترمى إلى إشباعها ولا كذلك الأمر إذا كان أحد الأشخاص الطبيعيين طرفا فى ذلك النزاع، إذ لا يجوز أن تدخل فى هذا النوع من التحكيم _ وعلى ما كان ينص عليه هذا القانون ذاته _ إلا بقبوله .
– – – ٨ – – –
تبلور الطبيعة الرضائية للتحكيم، تطورا تاريخيا ظل التحكم على امتداد عملا إراديا، فقد كان الأصل فى التحكيم أن يكون تاليا لنزاع بين طرفين يلجآن إليه، إما لآن المحكمة محل ثقتهما، أو لأن السلطة التى يملكها قبلهما كانت توفر لنزاعهما حلا ملائما وكان ينظر إلى المحكم بالتالى باعتباره صديقا موثوقا فيه أو رجلا حكيما أو مهيبا بيد أن هذه الصورة التقليدية _ ومع احتفاظها بأهميتها حتى يومنا هذا _ جاوزها التطور الراهن فى العلائق التجارية والصناعية، لتقوم إلى جانبها صورة الأكثر شيوعا _ لا يعود إلى اتفاق بين طرفين قام بينهما نزاع حول موضوع نحدد، ولكنها تتمثل فى شرط بالتحكيم يقبل الطرفان بمقتضاه الركون إليه لمواجهة نزاع محتمل قد يثور بينهما ولم يعد المحكم فى إطار هذا التطور، مجرد شخص تم اختياره لعلائق يرتبط بها مع الطرفين المتنازعين وإنما غدا التحكيم تنظيما مهنيا تقوم عليه أحيانا جهة تحكيم دائمة تكون أقدر على تقديم خدماتها إلى رجال الصناعة والتجارة بل إن نطاق المسائل التى يشملها التحكيم متباينا ومعقدا ولم يعد مقصورا على تفسير العقود أو الفصل فيما إذا كان تنفيذها متراخيا
أو مشوبا بسوء النية أو مخالفا من أوجه أخرى _ للقانون، وغير ذلك من المسائل الخلافية ذات الطبيعة القانونية البحتة، بل توخى التحكيم إلى جانبها _ وعلى نحو متزايد _ إنماء التجارة الدولية عن طريق مواجهة نوع من المسائل التى لا يمكن عرضها على القضاء، أو التى يكون طرحها عليه غير مكتمل، او تعديل أحكام تضمنها العقد أصلا، لتطويعها على ضوء الظروف الجديدة التى لا بستها، وإن ظل الاتفاق دائما وباعتباره تصرفا قانونيا وليد الإرادة ناشئا عنها منبسطا على أعمال التحكيم، سواء فى صورتها التقليدية، أو فى أبعادها الجديدة، ليكون مدخلا إليها، وطريقا وحيدا لها .
– – – ٩ – – –
من المقرر أنه سواء كان التحكيم مستمدا من اتفاق بين طرفين أبرماه بعد قيام النزاع بينهما، أم كان ترقبهما لنزاع محتمل قد حملهما على أن يضمنا عقدا من العقود بينهما، أم كان ترقبهما لنزاع محتمل قد حملهما على أن يضمنا عقدا من العقود التى التزما بتنفيذها، شرطا يخولهما الاعتصام به، فإن التحكيم لا يستكمل مداه بمجرد الاتفاق عليه وإنما يتعين التمييز _ فى نطاق التحكيم _ بين مراحل ثلاث تتصل حلقاتها وتتكامل، بما مؤداه تضامنها فيما بينها، وعدم جواز فصلها عن بعضها البعض، وغلا كان التحكيم مجاوزا إرادة الطرفين المتخاصمين متنكبا مقاصدهما . ذلك أن اولى مراحل التحكيم يمثلها الاتفاق عليه، وهى مدار وجوده، وبدونها لا ينشأ أصلا، ولا يتصور أن يتم مع تخلفها وليس جائزا بالتالى أن يقوم المشرع بعمل يناقض طبيعتها، بأن يفرض التحكيم قسرا على أشخاص لا يسعون إليه، ويأبون الدخول فيه وارتكاز التحكيم على الاتفاق، مؤداه اتجاه إرادة المحتكمين وانصرافها إلى ولوج هذا الطريق دون سواه، وامتناع إحلال إرادة المشرع محل هذا الاتفاق . فاتفاق التحكيم إذن هو الأصل فيه، والقاعدة التى يرتكز عليها بيد أن هذا الاتفاق وإن هذا الاتفاق وإن احاط بالتحكيم فى مرحلته الأولى وكان مهيمنا عليها، إلا ان دور الإرادة يتضاءل، ويرتد متراجعا فى مرحلته الوسطى ، وهى مرحلة التداعى التى يدخل بها التحكيم فى عداد العمال القضائية، والتى يبدو عمل المحكمين من خلالها مؤثرا فيها . ذلك ان بدايتها تتمثل فى تكوين هيئة التحكيم عن طريق اختيار أعضائها، ثم قبول المحكمين لمهمتهم وادائهم لها فى إطار من الأستقلال والحيدة وعلى ضوء القواعد الموضوعية والإجرائية التى يقررونها، إذا اغفل الطرفان المتنازعان بيانها لتمتد سلطتهم إلى الأمر بالتدابير الوقتية والتحفظية التى يقتضيها النزاع، وبمراعاة أن جوهر ولايتهم يرتبط بضمان المتكافئة التى يتمكن الطرفان من خلالها من تعديل طلباتهما وعرض أدلتهما الواقعية والقانونية، وإبداء دفوعهما، لتصل مهمتهم إلى نهايتها بقرار يصدر عنهم يكون حكما فاصلا فى الخصومة بتمامها، ولا يحول دونهم وتفسير ما يكون قد وقع فى منطوق هذا القرار من غموض، او تصحيح ما يكون عالقا به من الأخطاء المادية البحتة .
ولئن صح القول بأن إصدار هيئة التحكيم لقرارها الفاصل فى النزاع على النحو المتقدم، وإن كان منهيا لولايتها، مانعا لها من العودة إلى نظر الموضوع الذى كان معروضا عليها، إلا أن الطرفين المتنازعين لا يبلغان ما رميا إليه من التحكيم إلا بتنفيذ القرار الصادر فيه وتلك مهمة لا شأن لإرادة هذين الطرفين بها بل تتولاها أصلا الدولة التى يقع التنفيذ فى إقليمها إذ تقوم محاكمها بفرض نوع من الرقابة على ذلك القرار، غايتها بوجه خاص ضمان أن يكون غير مناقض للنظام العام فى بلدها، صادرا وفق اتفاق تحكيم لا مطعن على صحته ونفاذه وبالتطبيق للقواعد التى تضمنها، وفى حدود المسائل الخلافية التى تشمل عليها . وتلك هى المرحلة التى تضمنها، وفى حدود المسائل الخلافية التى أشتمل عليها . وتلك هى المرحلة الثالثة للتحكيم التى تتمثل فى أجتناء الفائدة المقصودة منه ، والتى يتعلق بها الهدف من التحكيم ويدور حولها، وبدونها يكون عبثا .
– – – ١٠ – – –
إن الشريعة العامة للتحكيم فى المواد المدنية والتجارية _ المعمول بها فى جمهورية مصر العريبة وفقا لأحكام قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٢٧ لسنه ٩٩٤ ، والتى يفصح عنها كذلك ما جاء بمضبطة الجلسة الحادية والخمسين لمجلس الشعب المعقودة فى ٢٠ من يناير ١٩٩٤ أبان دور الانعقاد العادى الرابع التشريعى السادس _ قوامها أن التحكيم فى المسائل التى يجوز فيها الصلح ، وليد الاتفاق، سواء أكان تحكيما داخليا، أم دوليا، أم مدنيا أم تجاريا، وأن المحتكميبن يجوز أن يكونوا من أشخاص القانون الخاص أو العام كذلك يؤكد هذا القانون، ان التراضى على التحكم والقول به، هو المدخل إليه ، ولاية هيئة التحكيم ، وأمتناع مضيها فى النزاع المعروض عليها، إذا قام الدليل أمامها على انعدام أو سقوط أو بطلان انفاق التحكيم، او مجاوزة الموضوع محل بحثها لنطاق المسائل التى تشمل عليها ثانيهما : ما تنص على المادتان ٤و ١٠ من هذا القانون، من أن التحكيم _ فى تطبيق أحكامه _ فى تطبيق أحكام _ ينصرف عليه المادتان ٤ و ١٠ من هذا القانون، من أن التحكيم _ فى تطبيق أحكامه – ينصرف إلى التحكيم الذى يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة، وذلك سواء كانت الجهة التى اتفق الطرفان على توليتها إجراءات التحكيم، منظمة أو مركزا دائما أو لم تكن كذلك، وسواء كان اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع أم لاحقا لوجوده، وسواء كان هذا الاتفاق قائما بذاته، أم ورد فى عقد معين ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد فى العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم،إذا كانت الإحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزاء من العقد بل إن المادة ٢٢ من هذه القانون صريحة فى نصها، على أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى، وأن بطلان العقد الذى أدمج هذا الشرط فيه ، او زوال العقد بالفسخ أو الإنهاء ، ليس بذى أثر على شرط التحكيم الذى يتضمنه، إذا كان هذا الشرط صحيحا فى ذاته .
– – – ١١ – – –
لا تنافى الاحكام التى اتى بها قانون التحكيم آنف البيان، التنظيم المقارن بل يظاهرها، ويقوم إلى جوارها، ولا سيما بالنسبة إلى ما كان من صوره دوليا . مرجعها بوجه خاص إلى القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى الذى اعتمدته لجنه الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولى ٢١ يونيو ١٩٨٥ فقد نص هذا القانون على أن المنازعات الناشئة عن علاقة قانونية محددة بين طرفين، او التى يمكن أن تتوالد عنها، يجوز بناء على اتفاق إحالتها إلى محكمين سواء أكان اتفاق التحكيم فى صورة شرط تحكيم وارد فى عقد، أم فى شكل اتفاق منفصل وتعتبر الإحالة فى عقد ما إلى وثيقة تشتمل على شرط تحكيم بمثابة اتفاق تحكيم إذا كان هذا العقد مكتوبا، وكانت الإحالة كاشفة بدلالتها عن أن هذا الشرط جزء من العقد .
وانبثاق التحكيم عن الأتفاق باعتباره مصدر وجوده، هو القاعدة مصدروجودة هو القاعدة التى تبنتها الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجارية الدولى [٢١ أبريل ١٩٦١ ] ، وذلك فيما نصت عليه من سريان أحكامها فى شان كل اتفاق يتغيا تسوية نزاع قائم أو محتمل يرتبط بالتجارة الدولية، ويكون مبرما بين أشخاص طبيعيين أو اعتباريين يقيمون على وجه الاعتياد وقت هذا الاتفاق باحدى الدول المتعاقدة أو تتخذ مقرا لها فيها . ويقصد باتفاق التحكيم فى تطبيق احكام هذه الاتفاقية _ كل شرط بالتحكيم يكون مدرجا فى عقد، وكذلك كل اتفاق قائم بذاته يلجأ الطرفان بمقتضاه إلى التحكيم، على أن يكون كلاهما موقعا عليه منهما، او متضمنا فى رسائلها أو برقياتهما، او غير ذلك من وسائل الاتصال بينهما .
وهذه القاعدة ذاتها هى التى رددتها اتفاقية نيويورك [ ١٠ يونيو ١٩٥٨ ] التى أقرها مؤتمرالأمم المتحدة لقانون التجارة الدولى فى شان تقييد الدول _ كل فى نطاق إقليمها، وفى مجال اعترافها بقرارات المحكمين وتنفيذها _ بالأتفاق الكتاب الذى يتعهد الأطراف فيه يعرض نزاعاتهم _ ما كان منها قائما أو محتملا _ على التحكيم، ذلك كلما كان موضوعها مما يجوز التحكيم فيه، وبشرط نشوئها عن علاقة قانونية محددة، ولو لم يكن العقد مصدرا لها .
وأصداء هذه القاعدة تعكسها كذلك، الاتفاقية المبرمة فيما بين الدول الأعضاء فى منظمة الدولى الأمريكية [ ٣٠ يناير ١٩٧٥ ] بإعلانها صحة كل اتفاق يتعهد بمقتضاه طرفان أو اكثر التى يبينها أطراف النزاع ، ما لم يفوضوا فى ذلك طرفا ثالثا . كذلك تلتزم بالأحكام السالف بيانها، الاتفاقية المبرمة فى شان تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى . ” ١٧ مارس ١٩٦٥” La Convention pour Le reglement des Differends Relatif aux Investissements entre Etats et Ressortissants d,autres Etats .
– – – ١٢ – – –
كذلك تقرر القوانين الوطنية فى عدد من الدول، أن الاتفاق مصدر للتحكيم فقد عقد المرافعات المدنية الفرنسى عده عدة فصول ضمنها كتابه الرابع منظما بها شرط التحكيم واتفاق التحكيم ومحددا القواعد التى تجمعهما، مقررا بموجبها أن شرط التحكيم هو كل اتفاق يتعهد بمقتضاه الأطراف فى عقد، بعرض نزاعاتهم التى يمكن أن تتولد عنه ، على التحكيم . ويجب أن يكون هذا الشرط مدونا فى العقد الأصلى ، أو فى وثيقة يحيل هذا الشرط إليها ،وإلا كان باطلا . ويبطل هذا الشرط كذلك، إذا خلا من بيان أشخاص المحكمين أو أغفل تعيينهم بأوصافهم ويعنى بطلان شرط التحكيم أن يعتبر كما لو كان غير مدون . ويجوز باتفاق مستقل ، أن يحيل طرفان نزاعا قائما بينهما إلى محكم أو أكثر للفصل فيه ولو كان عين النزاع منظورا بالفعل أمام جهة قضاء وكلما كان الفصل فى النزاع موكولا إلى محكمين وفقا لاتفاق تحكيم، فإن عرضة على جهة قضاء، يلزمها أن تقرر عدم اختصاصها بنظره ويكون الأمر كذلك الأمر كذلك ولو كان هذا النزاع لا يزال غير معوض على المحكمين ، ما لم يكن اتفاق التحكيم ظاهر البطلان وإذا عارض أحد الطرفين المتنازعين فى اصل الولاية التى يباشرها الحكم أو فى مداها ، كان لهذا المحكم أن يفصل فى صحة إسنادها إليه ، وكذلك فى نطاقها .
كذلك عدل القانون رقم ٥٩ لسنه ١٩٩٣ الصادر فى رومانيا – بعد زوال التأثير الشيوعى من تنظيماتها القانونية _ أحكام الباب السابع من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، متبنيا نظاما للتحكيم يخول الأشخاص الذين يملكون مباشرة كامل حقوقهم، حرية الدخول فيه لتسوية نزاعاتهم المتعلقة بحقوقهم المالية باستثناء تلك المسائل التى لا يجوز التعامل فيها، ومقررا كذلك أن التحكيم لا يتم إلا بمقتضى أتفاق يدوى كتابة، وأن هذا الاتفاق إما أن يكون تفاهما قائما بذاته بين طرفين لمواجهة نزاع شجر بينهما بالفعل comprom ise وإما أن يكون متخذا شكل شرط بالتحكم compromissory Clause مندمجا فى عقد نافذ بين أن يتناول هذا الشرط تخويل المحكمين فض ما قد يثور بينهما مستقبلا من نزاع يكون ناشئا عن ذلك العقد أو مرتبطا به ، ويعتبر اتفاق التحكيم مانعا من مباشرة جهة القضاء لاختصاصها بنظر المسائل التى احالها ذلك الاتفاق إلى التحكيم ويكون لأعضاء هيئة التحكيم السلطة الكاملة التى يحددون من خلالها ما يدخل فى اختصاصهم من المسائل ، وذلك بقرار لا يجوز الطعن فيه إلا وفق الأحكام المنصوص عليها فى المادة ٣٦٤ من هذا القانون .
– – – ١٣ – – –
تؤكد النصوص القانونية جميعها ،أن التحكيم وفقا لأحكامها لا يكون إلا عملا إراديا ، وان الطرفين المتنازعين إذ يبرمان بينهما اتفاق تحكيم، ويركنان برضائهما إليه لحل خلافاتهما، ما كان منها قائما عند إبرام هذا الاتفاق أو ما يتولد منها بعده، إنما يتوخيان عرض موضوع محدد من قبلهما على هيئة من المحكمين تتولى _ بإرادتها _ الفصل فيه بما يكفل إنهاء نزاعهم بطريقة ميسرة فى اجراءاتها وتكلفتها وزمنها، ليكون التحكيم بذلك نظاماً بديلاً عن القضاء، فلا يجتمعا يؤيد ذلك أن الآثار التى يرتبها اتفاق التحكيم من نوعين، آثار إيجابية قوامها إنفاذ هذا الاتفاق من خلال عرض المسائل التى يشتمل عليها على محكمين، وأن يبذل الطرفان المتنازعان جهدهما من أجل تعيينهم وتسهيل أدائهم لواجباتهم والامتناع عن عرقلتها وآثار سلبية جوهرها أن اتفاق التحكيم يعزل جهة القضاء ويمنعها من الفصل فى المسائل التى أحيلت إلى المحكمين بل إن الاتجاه السائد اليوم يخولهم عند إنكار ولايتهم، تقرير الاختصاص بما يدخل فى نطاقها La Competence de leur ompetence ، وإن كان ذلك لا يحول بين جهة القضاء وبين أن تفرض رقابتها _ فى الحدود التى يبينها القانون _ على قراراتهم التى تنتهى بها الخصومة كلها، سواء فى مجال الفصل فى ادعاء بطلانها، أو بمناسبة عرضها عليها لضمان التقيد بها .
– – – ١٤ – – –
ما ذهب إليه المدعى الأول من أن النص المطعون فيه لبس تحكيما إجباريا بل هو التحكيم من طبيعة قضائية تولى المشرع تنظيمه عملا بالسلطة التى يباشرها بمقتضى المادة ١٦٧ من الدستور التى تخوله توزيع الولاية القضائية بين الهيئات التى اختصها بمباشرتها، دون عزل بعض المنازعات عنها، وبغير إخلال بالقواعد التى أتى بها الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية، والتى حلت محلها الحكام التى تضمنها قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٢٧ لسنه ١٩٩٤ ، مردود بأن ما قصد إليه الدستور بنص المادة ١٦٧ التى فوض بها المشرع فى تحديد الهيئات القضائية وتقرير اختصاصاتها، هو أن يعهد إليه دون غيره، بأمر تنظيم شئون العدالة من خلال توزيع الولاية القضائية بين الهيئات التى يعينها، تحديدا لقسط كل منها أو لنصيبها فيها، بما يحول دون تنازعها فيما بينها، أو إقتحام إحداهما فيما تتولاه غيرها من المهام، وبما يكفل دوما عدم عزلها جميعا عن نظر خصومة بعينها . ولا كذلك التحكيم إذا تم باتفاق بين طرفين، ذلك أن مؤداه عزل المحاكم جميعها عن نظرعن نظر المسائل التى يتناولها استثناء من خضوعها أصلا لها وعلى أساس أن المحكمين يستمدون _ عند الفصل تضمنها الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات قبل ابدالها بقانون التحكيم الصادر بالقانون رقم ٢٧ لسنه ١٩٩٤، ولا فيما قرره هذا القانون من قواعد، ما يدل على التحكيم يمكن أن يكون إجباريا ، بل تفصح جميعها عن أن قبول المحتكمين للتحيكم، شرط لجوازه باعتباره طريقا استثنائيا لفض النزاع بين طرفين بغير أتباع طرق التقاضى المتعددة ، ودون تقيد بكامل ضماناتها .
– – – ١٥ – – –
إن سيادة الدستورية _ بمعنى تصدره القواعد جميعها _ ليس مناطها عناصر مادية قوامها مضمون الأحكام التى احتواها، والتى تنظيم بوجه خاص تبادل السلطة وتوزيعها والرقابة عليها، بما فى ذلك العلائق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكيفية مباشرتهما لوظائفهما، وظلائفهما، ونطاق الحقوق التى يمارسها المواطنون، وكذلك الحريات التى يتمتعون بها، ذلك أن الدستور _ محددا بالمعنى السابق على ضوء القواعد التى أنتظمها _ هو الدستور منظورا إليه من زاوية مادية بحتة La Constitution au sens materiel وهى زاوية لا شأن لها بعلو القواعد الدستورية وإخضاع غيرها من القواعد القانونية لمقتضاها وإنما تكون للدستور السيادة، حين تهيمن قواعده على التنظيم القانونى فى الدولة لتحتل ذراه ولا يكون ذلك إلا إذا نظرنا إليه من زاوية شكلية La Constitution au sens formel لا تتقيد بمضمون القواعد التى فصلها، وإنما يكون الاعتبار الأول فيها عائدا أولا إلى تدوينها، وثانيا إلى صدورها عن الجهة التى انعقد لها زمام تأسيسها L,organe Constituant والتى تعلو – بحكم موقعها من السلطتين التشريعية والتنفيذية _ عليهما معا، وإذ هما من خلقها وينبثقان بالتالى عنها، ويلتزمان دوما بالقيود التى فرضتها ، وبمراعاة أن القواعد التى صاغتها هذه الجهة _ وأفرغتها فى الوثيقة الدستورية _ لا يجوز تعديلها أو إلغاؤها إلا وفق الأشكال والأنماط الإجرائية التى حددتها بشرط أن تكون فى مجموعها أكثر تعقيدا من تلك التى تنزل عليها السلطة التشريعية إذا عن لها تعديل أو إلغاء القوانين التى أقرتها . ودون ذلك تفقد الوثيقة الدستورية التى تمنحها على الإطلاق الموقع الاسمى La Primaute, Absolue والتى لا تنفصم الشرعية الدستورية عنها فى مختلف تطبيقاتها، باعتبار أن التدرج فى القواعد القانونية يعكس لزوما ترتيبا تصاعديا بين الهيئات التى أقرتها أو أصدرتها .
– – – ١٦ – – –
كفل الدستور لكل مواطن _ بنص مادته الثامنة والستين – حق الالتجاء إلى قاضية الطبيعى مخولا إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاضى يكون بالنظر إلى طبيعتها، وعلى ضوء مختلف العناصر التى لابستها، مهيئا دون غيره بالفصل فيها وكان الأصل هو اختصاص جهة القضاء العام بنظر المنازعات جميعها الا ما استثنى مكنها بنص خاص، وكان من المقررأن انتفاء اختصاص المحاكم بالفصل فى المسائل التى تناولها اتفاق التحكيم، مرده ان هذا الاتفاق يعنيها من نظرهافلا تكون لها ولاية بشأنها بعد ان حجبها عنها ذلك الاتفاق، وكان النص التشريعى المطعون عليه _ بالتحديد السالف بيانه _ بفرض التحكيم قسرا فى العلاقة القانونية القائمة بين طرفين لا يعدوا أن يكون أحدهما مصرفا يقوم _ وفقا لقانون إنشائه _ بجمع الأعمال المصرفية والمالية والتجارية واعمال الاستثمار، وثانيهما من يتعاملون معه من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، وكان هذا النوع من التحكيم منافيا للأصل فيه باعتبار أن التحكيم لا يتولد إلا عن الإدارة الحرة، ولا يتصور إجراؤه تسلطا أو إكراها، فإن شأن التحكيم المقرر بالنص التشريعى المطعون فيه، شأن كل تحكيم أقيم دون اتفاق، أو بناء على الاتفاق لا يستنهض ولاية التحكيم إذ لا يعدو التحكيم _ فى هذه الصور جميعها _ أن يكون حملا عليه، منعدما وجودا من زاوية دستورية، فلا تتعلق به بالتالى ولاية الفصل فى الأنزعة أيا كان موضوعها بمات مؤداه أن أختصاص هيئة التحكيم التى أحدثها النص المطعون عليه، بنظر المنازعات التى أدخلها جبرا فى ولايتها، يكون منتحلا ومنطويات بالضرورة على حرمان المتداعين من اللجوء – فى واقعة النزاع الماثل _ إلى محاكم القانون العام بوصفها قاضيها الطبيعى، فيقع _ من ثم _ مخالفة لنص المادة ٦٨ من الدستور .
– – – ١٧ – – –
البين من المادة ١٨ من القانون رقم ٤٨ لسنه ١٩٧٧ المشار إليه، أن فقراتها الثالثة والرابعة والخامسة، وكذلك مات ورد بفقرتها السادسة والسابعة متعلقا بهيئة التحكيم المنصوص عليها فى الفقرة الثانية _ المطعون عليها _ تكون فى مجموعها وحدة لا تقل التجزئة، وإذ يستحيل عزل بعضها عن بعض، ولا يتصور أن يكون لها وجود إذا حكم بعدم دستورية الفقرة الثانية المطعون عليها فإن ذلك الحكم يكون مستتبعا لزوما سقوط الفقرات المشار إليها جميعها
بعد الاطلاع علي الأوراق ، والمداولة ٠ حيث إن الوقائع على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن شركة كريم للمقاولات والتجارة والتى يرأس المدعى مجلس إدارتها كانت قد أقامت ضد البنك المدعي عليه ، الدعوي رقم ٤٦٠ لسنة ١٩٩٣ مدني كلي الإسكندرية طالبة استرداد أمانة التحكيم التى سبق أن دفعتها للبنك ٠ وبجلسة ٦ مارس سنة ١٩٩٣، تدخل المدعى بصفته الشخصية منضما إلي الشركة ، ودفع بعدم دستورية المادة ١٨ من القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٧ بإنشاء بنك فيصل الإسلامى ، المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٤٢ لسنة ١٩٨١ فى شأن تسوية الأوضاع بين البنوك العاملة في مصر، فقررت محكمة الموضوع تأجيل نظر الدعوى إلي جلسة ١٠ أبريل سنة ١٩٩٣ وذلك ليقدم المدعى ما يفيد الطعن بعدم دستورية المادة المشارإليها ، فأقام دعواه الماثلة ٠ وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ ينص فى المادة ٣٠ منه ، علي أنه ” يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلي المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقا لحكم المادة السابقة ، بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته ، والنص الدستورى المدعي بمخالفته ، وأوجه المخالفة .” وحيث أن المدعي عليه الأول دفع بعدم قبول الدعوى الماثلة بمقولة إغفال صحيفتها بيان أوجه مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور ، وإخلالها بالتالى بنص المادة ٣٠ المشار إليها ٠ وحيث إن هذا الدفع مردود بأن التعارض بين نصين فى دائرة بذاتها ، قد يكون منبئا – من خلال مقابلتهما ببعض – عن نطاق تصادمهما ، ودالاً بالتالى على مضمون المخالفة الدستورية التى يكفى لتحديدها وفقا لقانون المحكمة الدستورية العليا، أن يكون تعيينها ممكنا.متى كان ذلك ، وكان المدعي قد نعي على النص المطعون فيه ، مخالفته للمادة ٦٨ من الدستور التي تكفل لكل إنسان حق التقاضي من خلال عرض دعواه على قاضيها الطبيعى ، وكان النص محل الطعن إذ حجب عن هذا القاضى ولاية نظر المسائل محل التحكيم ، وعهد بها قسراً إلى محكمين يتولون الفصل فيها بعد أن أقصاه عنها ، فإنه بذلك يكون محدداً للدائرة التى يناقض فيها حكم المادة ٦٨ من الدستور ، وكاشفا بالتالي عن وجه المخالفة الدستورية التى قيل بإغفال تعيينها . وحيث إن كلا من هيئة قضايا الدولة والمدعي عليه الأول ، قد نفيا توافرالمصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في الطعن بعدم دستورية نص المادة ١٨ المشار إليها ، ذلك أن شركة كريم للمقاولات والتجارة تقيم نزاعها الموضوعي علي أن انقضاءالتحكيم تبعا لفوات المدة المحددة للفصل في المسائل التي اشتمل عليها ، يخولها الحق في استرداد الأمانه التي كانت قد دفعتها . ولاكذلك النص المطعون فيه ، إذ لايتعلق بالأحوال التى يكون فيهاالتحكيم منقضيا ، وإنما اختط التحكيم طريقا لفض المنازعات التي قد تثور بين بنك فيصل الإسلامي وعملائه . هذا فضلا عن أن المدعي ليس مخاطبا بالنص المطعون فيه ، ولم ينله ضررخاص من جراء تطبيقه ٠ وحيث إن المادة ١٨ المطعون عليها تنص علي أن << يفصل مجلس الإدارة بأغلبية أعضائه بصفته محكما ارتضاه الطرفان في كل نزاع ينشأ بين أى مساهم في البنك وبين مساهم آخر سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا ، وذلك بشرط أن يكون النزاع ناشئا عن صفته كمساهم في البنك ، ولا يتقيد مجلس الإدارة في هذا الشأن بقواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية عدا ما يتعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضى ٠ أما إذا كان النزاع بين البنك وبين أحد المستثمرين أو المساهمين أو بين البنك والحكومة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو إحدى شركات القطاع العام أو الخاص أو الأفراد ، فتفصل فيه نهائياً هيئة من المحكمين معفاة من قواعد الإجراءات ، عدا ما يتعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضى ٠ وفى هذه الحالة تشكل هيئة التحكيم من مٌحكم يختاره كل طرف من طرفي النزاع وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ استلام أحد طرفي النزاع طلب إحالة المنازعة إلي التحكيم من الطرف الآخر ٠ ثم يختار الحكمان حكما مرجحا خلال الخمسة عشر يوما التالية لتعيين آخرهما ٠ ويختار الثلاثة أحدهم لرئاسة هيئة التحكيم خلال الأسبوع التالى لاختيارالحكم المرجح ٠ ويعتبر اختيار كل طرف لمحكمه ، قبولا لحكم المحكمين واعتباره نهائيا ٠ وفى حالة نكول أحد الطرفين عن اختيار مُحَكمّه ، أو في حالة عدم الاتفاق علي اختيار الحكم المرجح أو رئيس هيئة التحكيم في المدد المحدده فى الفقرة السابقة ، يعرض الأمر على هيئة الرقابة الشرعية لتختار الحكم أو الحكم المرجح أو الرئيس حسب الأحوال ٠ وتجتمع هيئة التحكيم في مقر البنك الرئيسى ، وتضع نظام الإجراءات التى تتبعها لنظر النزاع وفى إصدار قرارها ٠ ويجب أن يتضمن هذا القرار بيان طريقة تنفيذه وتحديد الطرف الذى يتحمل بمصاريف التحكيم ، ويودع قرار هيئة التحكيم الأمانة العامة لمجلس إدارة البنك ٠ ويكون حكم التحكيم في جميع الأحوال نهائيا وملزما للطرفين وقابلا للتنفيذ ، شأنه شأن الأحكام النهائية ٠ وتوضع عليه الصيغة التنفيذية وفقا للإجراءات المنصوص عليها في باب التحكيم فى قانون المرافعات ٠ وفى جميع الأحوال تخضع قرارات مجلس الإدارة ، وأحكام هيئة التحكيم ، الصادرة طبقا لهذه المادة ، لأحكام الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون المرافعات المدنية والتجارية >> ٠ وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوي الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرا في الفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها ، والمطروحة علي محكمة الموضوع ٠ ولايعدوالنص المطعون فيه أن يكون مبلوراً لقاعدة آمرة لايجوز تجاهلها أوإسقاطها ٠ وبها فرض المشرع وفى الحدود التي بينها التحكيم جبرا على علائق بذواتها ، ليكون هذا النوع من التحكيم ملزما ، ومستنداً فى مصدره المباشر إلي نص القانون ، فلا يستعاض عنه باللجوء إلى القضاء ٠ ولا يغيرمن طبيعته هذه أو يمسخها ، قالة أن بنك فيصل الإسلامى قد درج على أن يبرم مع عملائه عقودا تحيل إلي التحكيم فى شأن المنازعات المتعلقة بتنفيذها ، ذلك أن هذه العقود بفرض قيامها إنما تردد القاعدة الآمره التزاما بنصها وامتثالاً لحكمها ، فلا تجبها تلك العقود أو تُنحيها ، بل يتعين إعمالها دوما ولو خلا عقد منها ٠ متى كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمتدخل انضماما إلي أحد الخصوم أن يتمسك بالدفوع وأوجه الدفاع التي كان لهذا الخصم أن يبديها ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق شركة كريم للمقاولات فى أن تستعيد أمانة التحكيم التى كانت قد دفعتها تأسيسا على ادعائها انقضاء التحكيم بفوات الميعاد المحدد للفصل فى المسائل التى اشتمل عليها، وكان حقها في أن ترد إليها أمانتها هذه ، يقوم كذلك إذا ما أبطل التحكيم بالصورة التى أفرغها المشرع فيه كأثرللحكم بعدم دستوريته ، فإن الفصل فى المسألة الدستورية يكون مؤثرا فى النزاع الموضوعي ، ومرتبطا بأبعاده ٠ وحيث إن البين من المادة ٨١ المشار إليها ، أن فقرتها الأولي تخول مجلس إدارة بنك فيصل الإسلامى وبإعتباره محكما الفصل فيما قد يثور بين المساهمين فيه من نزاع ، وبصفتهم هذه ٠ وذلك خلافا لفقرتها الثانية التي يدورالطعن حولها لتوسلها بالتحكيم اسلوبا وحيداً لفض ما يثور من نزاع بين البنك وعملائه وذلك سواء أكانوا من المستثمرين أومن الجهات الحكومية أو شركات القطاع العام أو الخاص أو الأفراد ٠ متى كان ذلك ، وكان لاشأن للمدعي بالفقرة الأولى من المادة ٨١ الآنف بيانها ، فإن مصلحته الشخصية والمباشرة، تنحصرفى الطعن بعدم دستورية فقرتها الثانية دون غيرها ٠ وحيث إن الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين علي مُحَكَّم من الأغيار يُعيَّن باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ، ليفصل هذاالمحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالأة ، مجرداً من التحامل ، وقاطعا لدابرالخصومة في جوانبها التى أحالها الطرفان إليه ، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية ٠ ولا يجوزبحال أن يكون التحكيم إجباريا يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذا لقاعدة قانونية آمرة لايجوز الاتفاق علي خلافها ، وذلك سواء كان موضوع التحكيم نزاعا قائما أو محتملا ، ذلك أن التحكيم مصدره الاتفاق ، إذ يحدد طرفاه وفقا لأحكامه نطاق الحقوق المتنازع عليها بينهما ، أو المسائل الخلافيه التي يمكن أن تَعْرِض لهما ، وإليه ترتد السلطة الكاملة التي يباشرها المحكمون عند البت فيها ٠ وهما يستمدان من اتفاقهما علي التحكيم ، التزامهما بالنزول على القرار الصادر فيه ، وتنفيذه تنفيذاً كاملا وفقا لفحواه ٠ فإذا لم يكن القرار الصادر في نزاع معين بين طرفين ، منهيا للخصومة بينهما ، أوكان عاريا عن القوة الإلزامية ، أو كان إنفاذه رهن وسائل غير قضائية ، فإن هذا القرار لا يكون عملا تحكيميا ٠ وحيث إن التحكيم بذلك يختلف عن أعمال الخبرة ، ذلك أن قوامها ليس قرارا ملزما ، بل مناطها آراء يجوزأطراحها أو تجزئتها والتعديل فيها ٠ كما يخرج التحكيم كذلك عن مهام التوفيق بين وجهات نظر يعارض بعضها البعض ، إذ هو تسوية ودية لاتحوزالتوصية الصادرة في شأنها قوة الأمر المقضى ، بل يكون معلقاَ إنفاذها على قبول أطرافها ، فلا تتقيد بها إلا بشرط انضمامها طواعية إليها ٠ومن ثم يئول التحكيم إلي وسيلة فنيه لهاطبيعة قضائية ، غايتها الفصل في نزاع محدد مبناه علاقة محل اهتمام من أطرافها ، وركيزته اتفاق خاص يستمد المحكمون منه سلطاتهم ، ولايتولون مهامهم بالتالي بإسناد من الدولة ٠ وحيث إنه وإن كان قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم ٠٦ لسنة ١٧٩١ قد نظم صٌوراً بذاتها كان التحكيم فيها إجباريا ، هى تلك التي تقوم بين الدولة – بتنظيماتها المختلفة – وبين وحداتها الاقتصادية ، إلا أن النزاع بين هذه الجهات لايثور بين أشخاص اعتبارية تتناقض مصالحها أو تتعارض توجهاتها ، إذ تعمل جميعها باعتبار أن ثمار نشاطها عائدة – فى منتهاها – إلى المرافق العامة التي تقوم الدولة علي تسييرها ، وتكفل انتظامها وتطويرها لضمان وفائها بالأغراض التي ترمى إلي إشباعها ٠ ولا كذلك الأمرإذا كان أحد الأشخاص الطبيعيين طرفا فى ذلك النزاع ، إذ لايجوز أن يدخل في هذا النوع من التحكيم – وعلي ما كان ينص عليه هذا القانون ذاته – إلا بقبوله ٠ وحيث إن الطبيعة الرضائية للتحكيم تبلورتطوراً تاريخيا ظل التحكيم علي امتداده عملا إراديا، فقد كان الأصل في التحكيم أن يكون تاليالنزاع بين طرفين يلجئان إليه إما لأن المحكم محل ثقتهما ، أو لأن السلطة التى يملكها قبلهما كانت توفر لنزاعهما حلا ملائما ٠ وكان ينظرإلي المحكم بالتالى باعتباره صديقا موثوقا فيه ، أو رجلا حكيما أو مهيبا ٠ بيد أن هذه الصورة التقليدية – ومع احتفاظها بأهميتها حتي يومنا هذا جاوزها التطور الراهن فى العلائق التجارية والصناعية ، لتقوم إلي جانبها صورة مختلفة عنها تستقل بذاتيتها ، ذلك أن التحكيم اليوم – فى صوره الأكثر شيوعا – لايعود إلي اتفاق بين طرفين قام بينهما نزاع حول موضوع محدد ، ولكنها تتمثل فى شرط بالتحكيم يقبل الطرفان بمقتضاه الركون إليه لمواجهة نزاع محتمل قد يثور بينهما ٠ ولم يعد المحكم فى إطار هذا التطور ، مجرد شخص تم اختياره لعلائق يرتبط بها مع الطرفين المتنازعين ٠ وإنما غدا التحكيم تنظيما مهنيا تقوم عليه أحيانا جهة تحكيم دائمة تكون أقدرعلي تقديم خدماتها إلى رجال الصناعة والتجارة ٠ بل إن نطاق المسائل التى يشملها التحكيم بات متباينا ومعقداً ، ولم يعد مقصورا علي تفسير العقود أو الفصل فيما إذا كان تنفيذها متراخيا أو مشوبا بسوء النية أو مخالفا – من أوجه اخرى – للقانون ، وغيرذلك من المسائل الخلافية ذات الطبيعة القانونية البحتة ، بل توخى التحكيم إلي جانبها – وعلى نحو متزايد – إنماء التجارة الدولية عن طريق مواجهة نوع من المسائل التي لايمكن عرضها علي القضاء ، أو التي يكون طرحها عليه غير ملائم ، كتلك التي تتناول في موضوعها ملء فراغ فى عقد غير مكتمل أو تعديل أحكام تضمنها العقد أصلا لتطويعها على ضوء الظروف الجديدة التى لابستها ، وإن ظل الاتفاق دائما وباعتباره تصرفا قانونيا وليد الإرادة ناشئا عنها منبسطا علي أعمال التحكيم ، سواء فى صورتها التقليدية ، أو في أبعادها الجديدة ، ليكون مدخلا إليها وطريقا وحيدا لها ٠ وحيث إن من المقرر أنه سواء كان التحكيم مستمدا من اتفاق بين طرفين أبرماه بعد قيام النزاع بينهما ، أم كان ترقبهما لنزاع محتمل قد حملهما علي أن يضمنا عقدا من العقود التى التزما بتنفيذها ، شرطا يخولهما الإعتصام به ، فإن التحكيم لا يستكمل مداه بمجرد الاتفاق عليه ٠ وإنما يتعين التمييز فى نطاق التحكيم بين مراحل ثلاث تتصل حلقاتها وتتكامل ، بما مؤداه تضاممها فيما بينها ، وعدم جواز فصلها عن بعضها البعض ،وإلا كان التحكيم مجاوزا إرادة الطرفين المتخاصمين متنكبا مقاصدهما ٠ ذلك أن أولي مراحل التحكيم يمثلها الاتفاق عليه ، وهي مدار وجوده ، وبدونها لاينشأ أصلا ، ولايتصور أن يتم مع تخلفها ٠ وليس جائزا بالتالي أن يقوم المشرع بعمل يناقض طبيعتها ، بأن يفرض التحكيم قسراَ علي أشخاص لايسعون إليه ، ويأبون الدخول فيه ٠ وارتكاز التحكيم علي الاتفاق ، مؤداه اتجاه إرادة المحتكمين وانصرافها إلي ولوج هذا الطريق دون سواه ، وامتناع إحلال إرادة المشرع محل هذا الاتفاق ٠ فاتفاق التحكيم إذن هو الأصل فيه ، والقاعدة التي يرتكز عليها ٠ بيد أن هذا الاتفاق وإن أحاط بالتحكيم فى مرحلته الأولى وكان مهيمنا عليها ، إلا أن دورالإرادة يتضاءل ويرتد متراجعا في مرحلته الوسطي ، وهى مرحلة التداعي التي يدخل بها التحكيم فى عداد الأعمال القضائية ، والتي يبدو عمل المحكمين من خلالها مؤثراً فيها ٠ ذلك أن بدايتها تتمثل في تكوين هيئة التحكيم عن طريق اختيار أعضائها ، ثم قبول المحكمين لمهمتهم وأدائهم لها في إطار من الاستقلال والحيدة ، وعلى ضوء القواعد الموضوعية والإجرائية التى يقررونها إذا أغفل الطرفان المتنازعان بيانها ، لتمتد سلطتهم إلي الأمر بالتدابير الوقتية والتحفظية التى يقتضيها النزاع ، وبمراعاة أن جوهرولايتهم يرتبط بضمان الفرص المتكافئة التي يتمكن الطرفان من خلالها من تعديل طلباتهما ، وعرض أدلتهما الواقعية والقانونية ، وإبداء دفوعهما ، لتصل مهمتهم إلي نهايتها بقرار يصدر عنهم يكون حكماً فاصلا فى الخصومة بتمامها ، ولايحول دونهم وتفسير ما يكون قد وقع في منطوق هذا القرار من غموض ، أو تصحيح ما يكون عالقا به من الأخطاء المادية البحتة ٠ وحيث إن إصدار هيئة التحكيم لقرارها الفاصل فى النزاع علي النحو المتقدم ، وإن كان منهيا لولايتها مانعا لها من العودة إلى نظر الموضوع الذى كان معروضا عليها ، إلا أن الطرفين المتنازعين لايبلغان ما رميا إليه من التحكيم إلا بتنفيذ القرارالصادر فيه ٠ وتلك مهمة لاشأن لإرادة هذين الطرفين بها ، بل تتولاها أصلا الدولة التي يقع التنفيذ في إقليمها ٠إذ تقوم محاكمها بفرض نوع من الرقابة علي ذلك القرار ، غايتها بوجه خاص ضمان أن يكون غير مناقض للنظام العام فى بلدها ، صادراً وفق اتفاق تحكيم لامطعن علي صحته ونفاذه ، وبالتطبيق للقواعد التى تضمنها، وفي حدود المسائل الخلافية التي اشتمل عليها ٠ وتلك هي المرحلة الثالثة للتحكيم التى تتمثل في اجتناء الفائدة المقصودة منه ، والتي يتعلق بها الهدف من التحكيم ويدورحولها ، وبدونها يكون عبثا ٠ وحيث إن الشريعة العامة للتحكيم في المواد المدنية والتجارية المعمول بها فى جمهورية مصر العربية وفقا لأحكام قانون التحكيم في المواد ا لمدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٩٤ ، والتي يفصح عنها كذلك ماجاء بمضبطة الجلسة الحادية والخمسين لمجلس الشعب المعقودة في ٠٢ من يناير ١٩٩٤ إبان دور الانعقاد العادي الرابع للفصل التشريعي السادس قوامها أن التحكيم فى المسائل التي يجوز فيها الصلح وليد الاتفاق ، سواء أكان تحكيما داخليا ، أم دوليا ، مدنيا ، أم تجاريا ، وأن المحتكمين يجوز أن يكونوا من اشخاص القانون الخاص أو العام ٠ كذلك يؤكد هذا القانون ، أن التراضى على التحكيم والقبول به ، هوالمدخل إليه ، وذلك من جهتين : أولاهما ما تفيده المادة ٢٢ من هذا القانون ضمنا من انتفاء ولاية هيئة التحكيم وامتناع مضيها فى النزاع المعروض عليها ، إذ ا قام الدليل أمامها على انعدام أوسقوط أوبطلان اتفاق التحكيم ، أو مجاوزة الموضوع محل بحثها لنطاق المسائل التي اشتمل عليها ٠ ثانيهما ما تنص عليه المادتان ٤ ، ٠١ من هذا القانون ، من أن التحكيم فى تطبيق أحكامه ينصرف إلي التحكيم الذى يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة وذلك سواء كانت الجهة التي اتفق الطرفان علي توليتها إجراءات التحكيم ، منظمة أو مركزا دائما أولم تكن كذلك ، وسواء كان اتفاق التحكيم سابقا علي قيام النزاع أم لاحقا لوجوده ، وسواء كان هذا الاتفاق قائما بذاته ، أم ورد فى عقد معين ٠ ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد فى العقد إلي وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبارهذا الشرط جزءاً من العقد ٠ بل إن المادة ٢٢ من هذا القانون صريحة فى نصها على أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى ، وأن بطلان العقد الذى أدمج هذا الشرط فيه ، أو زوال هذا العقد بالفسخ أو الإنهاء ، ليس بذى أثرعلي شرط التحكيم الذى يتضمنه ، إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته ٠ وحيث إن الأحكام التي أتي بها قانون التحكيم سالف البيان ، لاينافيها التنظيم المقارن ، بل يظاهرها ويقوم إلى جوارها ولاسيما بالنسبة إلى ما كان من صوره دوليا ، ومرجعها بوجه خاص إلى القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى الذى اعتمدته لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي في ١٢ يونيو ١٩٨٥ فقد نص هذا القانون على أن المنازعات الناشئة عن علاقة قانونية محددة بين طرفين ، أو التي يمكن أن تتولد عنها ، يجوز بناء على اتفاق إحالتها إلى محكمين سواء أكان اتفاق التحكيم فى صورة شرط تحكيم وارد فى عقد أم فى شكل اتفاق منفصل ٠ وتعتبر الإحالة فى عقدما إلى وثيقة تشتمل علي شرط تحكيم ، بمثابة اتفاق تحكيم إذا كان هذا العقد مكتوبا ، وكانت الإحالة كاشفة بدلالتها عن أن هذا الشرط جزء من العقد ٠ وانبثاق التحكيم عن الاتفاق باعتباره مصدر وجوده ، هو القاعدة التي تبنتها الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجارى الدولى (١٢ أبريل ١٩٦١) وذلك فيما نصت عليه من سريان أحكامها فى شأن كل اتفاق يتغيا تسوية نزاع قائم أومحتمل يرتبط بالتجارة الدولية ، ويكون مبرما بين أشخاص طبيعيين أو اعتباريين يقيمون علي وجه الاعتياد وقت هذا الاتفاق بإحدى الدول المتعاقدة أوتتخذ مقرا لها فيها ٠ ويقصد باتفاق التحكيم فى تطبيق أحكام هذه الاتفاقية كل شرط بالتحكيم يكون مدرجاَ فى عقد ، وكذلك كل اتفاق قائم بذاته يلجأ الطرفان بمقتضاه إلى التحكيم ، على أن يكون كلاهما موقعا عليه منهما أو متضمنا فى رسائلها أوبرقياتهما أوغير ذلك من وسائل الاتصال بينهما ٠ وهذه القاعدة ذاتها هي التي رددتها اتفاقية نيويورك (١٠ يونيو ١٩٥٨ ) التي أقرها مؤتمرالأمم المتحدة لقانون التجارة الدولى فى شأن تقيد الدول كل فى نطاق إقليمها وفي مجال اعترافها بقرارات المحكمين وتنفيذها بالاتفاق الكتابى الذى يتعهد الأطراف فيه بعرض نزاعاتهم ما كان منها قائما أو محتملا على التحكيم ، وذلك كلما كان موضوعها مما يحوز التحكيم فيه ، وبشرط نشوئها عن علاقة قانونية محددة ، ولولم يكن العقد مصدراً لها ٠ وأصداء هذه القاعدة تعكسها كذلك ، الاتفاقية المبرمة فيما بين الدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية ( ٠٣ يناير ١٩٧٥ ) بإعلانها صحة كل اتفاق يتعهد بمقتضاه طرفان أو أكثربعرض نزاعاتهم الحالية أوما يظهرمستقبلا منها على محكمين ، يعينون بالكيفية التى يبينها أطراف النزاع ، ما لم يفوضوا فى ذلك طرفا ثالثا ٠ كذلك تلتزم بالأحكام السالف بيانها ، الاتفاقية المبرمة فى شأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى ٠( ٧١ مارس ٥٦٩١)La convention pour le reglement des differends relatifs aux investissement entre Etats et ressortissants d autres Etats وحيث إن القوانين الوطنية في عدد من الدول ، تقرر كذلك أن الاتفاق مصدر للتحكيم ٠ فقد عقد قانون المرافعات المدنية الفرنسي عدة فصول ضمنها كتابه الرابع منظما بها شرط التحكيم واتفاق التحكيم ، ومحددا القواعد التى تجمعهما ، ومقرراً بموجبها أن شرط التحكيم هو كل اتفاق يتعهد بمقتضاه الأطراف في عقد بعرض نزاعاتهم التي يمكن أن تتولد عنه ، علي التحكيم ٠ ويجب أن يكون هذا الشرط مدونا في العقد الأصلي ، أو في وثيقة يحيل هذا الشرط إليها ، وإلا كان باطلا ٠ ويبطل هذا الشرط كذلك إذا خلا من بيان أشخاص المحكمين أو أغفل تعيينهم بأوصافهم ٠ ويعني بطلان شرط التحكيم أن يعتبر كما لو كان غيرمدون ٠ ويجوز باتفاق مستقل ، أن يحيل طرفان نزاعا قائما بينهما إلي محكم أوأكثر للفصل فيه ، ولو كان عين النزاع منظورا بالفعل أمام جهة قضاء ٠وكلما كان الفصل في النزاع موكولا إلي محكمين وفقا لاتفاق تحكيم ، فإن عرضه علي جهة قضاء ،يلزمها أن تقررعدم اختصاصها بنظره ٠ويكون الأمركذلك ولو كان هذا النزاع لايزال غيرمعروض علي المحكمين ، مالم يكن اتفاق التحكيم ظاهرالبطلان٠ واذا عارض أحد الطرفين المتنازعين في أصل الولاية التي يباشرها المحكم أو في مداها ، كأن لهذا المحكم أن يفصل في صحة إسنادها إليه ، وكذلك في نطاقها ٠ كذلك عدل القانون رقم ٩٥ لسنة ٣٩٩١الصادر فى رومانيا بعد زوال التأثير الشيوعي من تنظيماتها القانونية أحكام الباب السابع من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ، متبنيا نظاما للتحكيم يخول الأشخاص الذين يملكون مباشرة كامل حقوقهم ، حرية الدخول فيه لتسوية نزاعاتهم المتعلقة بحقوقهم المالية باستثناء تلك المسائل التى لايجوز التعامل فيها ، ومقررا كذلك أن التحكيم لايتم إلا بمقتضى اتفاق يدون كتابة ، وأن هذا الاتفاق إما ان يكون تفاهما قائما بذاته بين طرفين لمواجهة نزاع شجر بينهما بالفعل Compromise وإما أن يكون متخذا شكل شرط بالتحكيم Compromissory Clause مندمجا فى عقد نافذ بين الطرفين المتنازعين ، ويستقل فى صحته عن العقد الذى يتضمنه ، على أن يتناول هذا الشرط تخويل المحكمين فض ما قد يثور بينهما مستقبلاً من نزاع يكون ناشئا عن ذلك العقد أو مرتبطا به ٠ ويعتبر اتفاق التحكيم مانعا من مباشرة جهة القضاء لاختصاصها بنظر المسائل التى أحالها ذلك الاتفاق إلى التحكيم ٠ ويكون لأعضاء هيئة التحكيم السلطة الكاملة التى يحددون من خلالها مايدخل فى اختصاصهم من المسائل ، وذلك بقرار لايجوز الطعن فيه إلا وفق الأحكام المنصوص عليها فى الماده ٣٦٤ من هذا القانون ٠ وحيث إن النصوص القانونية السالف بيانها تؤكد جميعها أن التحكيم وفقا لأحكامها لايكون إلا عملا إراديا ، وأن الطرفين المتنازعين إذ يبرمان فيما بينهما اتفاق تحكيم ، ويركنان برضائهما إليه لحل خلافاتهما ، ماكان منها قائما عند إبرام هذا الاتفاق أو مايتولد منها بعده ، إنما يتوخيان عرض موضوع محدد من قبلهما على هيئة من المحكمين تتولى بإرادتهما الفصل فيه بما يكفل إنهاء نزاعهم بطريقه ميسرة فى إجراءاتها وتكلفتها وزمنها ، ليكون التحكيم بذلك نظاما بديلا عن القضاء ، فلا يجتمعان • يؤيد ذلك أن الآثار التى يرتبها اتفاق التحكيم من نوعين ، آثار إيجابية قوامها إنفاذ هذا الاتفاق من خلال عرض المسائل التى يشتمل عليها على محكمين ، وأن يبذل الطرفان المتنازعان جهدهما من أجل تعيينهم وتسهيل أدائهم لواجباتهم والامتناع عن عرقلتها ٠وآثار سلبية جوهرها أن اتفاق التحكيم يعزل جهة القضاء ويمنعها من الفصل فى المسائل التى أحيلت إلى المحكمين ٠ بل إن الاتجاه السائد اليوم يخولهم عند إنكار ولايتهم ، تقرير الإختصاص بما يدخل فى نطاقها la Competence de leur Competence ، وإن كان ذلك لايحول بين جهة القضاء وبين أن تفرض رقابتها – فى الحدود التى يبينها القانون – على قراراتهم التي تنتهي بها الخصومة كلها ، سواء فى مجال الفصل فى ادعاء بطلانها ، أو بمناسبة عرضها عليها لضمان التقيد بها ٠ وحيث إنه لاينال مما تقدم ، ماذهب إليه المدعى عليه الأول من أن النص المطعون فيه ليس تحكيما إجباريا ، بل هو تحكيم من طبيعة قضائية تولى المشرع تنظيمه عملا بالسلطة التى يباشرها بمقتضى المادة ١٦٧ من الدستور ، التى عهدت إليه بتوزيع الولاية القضائية بين الهيئات التى اختصها بمباشرتها دون عزل بعض المنازعات عنها ، وبغير إخلال بالقواعد التى أتى بها الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، والتى حلت محلها الأحكام التى تضمنها قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٩٤ ٠ وحيث إن هذا الزعم مردود بأن ماقصد إليه الدستور بنص المادة ١٦٧ منه التى فوض بهاالمشرع فى تحديد الهيئات القضائية وتقرير اختصاصاتها ، هو أن يعهد إليه دون غيره ، بأمرتنظيم شئون العدالة من خلال توزيع الولاية القضائية بين الهيئات التي يعينها ، تحديد لقسط كل منها أولنصيبها فيها ، بما يحول دون تنازعها فيما بينها أو إقحام إحداها فيما تتولاه غيرها من المهام ، وبما يكفل دوما عدم عزلهاجميعا عن نظر خصومه بعينها ٠ ولاكذلك التحكيم إذا تم باتفاق بين طرفين ، ذلك أن مؤداه عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التى يتناولها استثناءً من خضوعها أصلا لها ٠ وعلي أساس أن المحكمين يستمدون عند الفصل فيها ولايتهم من هذا الاتفاق باعتباره مصدراً لها ٠كذلك ليس فى القواعد التى تضمنها الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات قبل إبدالها بقانون التحكيم الصادر بالقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٩٤ ، ولا فيما قرره هذا القانون من قواعد ، مايدل على أن التحكيم يمكن أن يكون إجباريا ، بل تفصح جميعها عن أن قبول المحتكمين للتحكيم شرط لجوازه باعتباره طريقا استثنائيا لفض النزاع بين طرفين بغير اتباع طرق التقاضى المعتاده ، ودون تقيد بكامل ضماناتها ٠ وحيث إن سيادة الدستور – بمعنى تَصٌّدره القواعد القانونية جميعها – ليس مناطها عناصر مادية قوامها مضمون الأحكام التى احتواها ، والتى تنظم بوجه خاص تبادل السلطة وتوزيعها والرقابة عليها ، بما فى ذلك العلائق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وكيفية مباشرتهما لوظائفهما ، ونطاق الحقوق التى يمارسها المواطنون ، وكذلك الحريات التى يتمتعون بها ، ذلك أن الدستور – محددا بالمعنى السابق على ضوء القواعد التى انتظمها – هو الدستور منظوراً إليه من زاويه مادية بحتة La Constitution au sens material وهى زاوية لاشأن لها بعلو القواعد الدستورية وإخضاع غيرها من القواعد القانونية لمقتضاها ٠ وإنما تكون للدستور السيادة ، حين تهيمن قواعده على التنظيم القانونى فى الدولة لتحتل ذراه ٠ ولايكون ذلك إلا إذا نظرنا إليه من زاويه شكلية La Constitution au sens formel لاتتقيد بمضمون القواعد التى فصلها ، وإنما يكون الاعتبار الأول فيها عائداً أولا إلى تدوينها ، وثانياً إلى صدورها عن الجهه التى انعقد لها زمام تأسيسها L`organ Constituant والتى تعلو – بحكم موقعها من السلطتين التشريعية والتنفيذية – عليهما معا ، إذ هما من خلقها وينبثقان بالتالي عنها ، يلتزمان دوما بالقيود التى فرضتها ، وبمراعاة أن القواعد التى صاغتها هذه الجهة وأفرعتها في الوثيقة الدستورية لايجوز تعديلها أوإلغاؤها إلا وفق الأشكال والأنماط الإجرائية التى حددتها ، بشرط أن تكون فى مجموعها أكثر تعقيداً من تلك التى تنزل عليها السلطة التشريعية إذا عن لها تعديل أو إلغاء القوانين التى اقرتها ٠ ودون ذلك تفقد الوثيقة الدستورية أولويتها التى تمنحها على الإطلاق الموقع الأسمى La Primaute` Absolue والتى لاتنفصم الشرعية الدستورية عنها فى مختلف تطبيقاتها ، باعتبار ان التدرج فى القواعد القانونية يعكس لزوما ترتيبا تصاعديا فيما بين الهيئات التى أقرتها أو أصدرتها ٠ وحيث إن الدستور قد كفل لكل مواطن بنص مادته الثامنه والستين حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي مخولا إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعتها ، وعلي ضوء مختلف العناصر التى لابستها ، مهيئا دون غيره للفصل فيها ، وكان الأصل هو اختصاص جهة القضاء العام بنظر المنازعات جميعها الا ما استثنى منها بنص خاص ، وكان من المقرر أن انتفاء اختصاص المحاكم بالفصل فى المسائل التى تناولها اتفاق التحكيم ، مرده أن هذا الاتفاق يمنعها من نظرها ، فلا تكون لها ولاية بشأنها بعد أن حجبها عنها ذلك الاتفاق ، وكان النص التشريعى المطعون عليه – بالتحديد السالف بيانه يفرض التحكيم قسرا فى العلاقة القانونية القائمة بين طرفين لايعدو أن يكون أحدهما مصرفا يقوم وفقا لقانون إنشائه بجميع الأعمال المصرفية والمالية والتجارية وأعما ل الاستثمار، وثانيهما من يتعاملون معه من الأشخاص الطبيعيين أوالاعتباريين ، وكان هذا النوع من التحكيم منافيا للأصل فيه باعتبارأن التحكيم لايتولد إلاعن الإرادة الحره ولايتصور إجراؤه تسلطا أو إكراها ، فإن شأن التحكيم المقرر بالنص التشريعى المطعون فيه ، شأن كل تحكيم أُقيم دون اتفاق ، أو بناء على اتفاق لايستنهض ولاية التحكيم ٠ إذ لايعدو التحكيم – فى هذه الصور جميعها – أن يكون حملاً عليه ، منعدما وجودا من زاوية دستورية ، فلا تتعلق به بالتالى ولاية الفصل فى الأنزعة أيا كان موضوعها٠ بما مؤداه أن اختصاص هيئة التحكيم التى أحدثها النص المطعون عليه بنظر المنازعات التى أدخلها جبرا فى ولايتها، يكون منتحلا، ومنطويا بالضرورة على حرمان المتداعين من اللجوء – فى واقعة النزاع الماثل – إلى محاكم القانون العام بوصفها قاضيها الطبيعى ، فيقع من ثم مخالفا لنص الماده ٨٦ من الدستور ٠ وحيث إن البين من المادة ٨١ من القانون رقم ٨٤ لسنة ٧٧٩١ المشار إليه أن فقراتها الثالثة والرابعة والخامسة ، وكذلك ماورد بفقرتيها السادسة والسابعه متعلقا بهيئة التحكيم المنصوص عليها فى الفقرة الثانية – المطعون عليها – تكون فى مجموعها وحدة لاتقبل التجزئه ، إذ يستحيل عزل بعضها عن بعض ، ولايتصور ان يكون لها وجود إذا حكم بعدم دستورية الفقرة الثانية المطعون عليها ، فإن ذلك الحكم يكون مستتبعا لزوما سقوط الفقرات المشار إليها جميعها ٠ فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة ١٨ من القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٧ بإنشاء بنك فيصل الإسلامى ، وبسقوط فقراتها الثالثة والرابعة والخامسة وكذلك ماورد بفقرتيها السادسة والسابعة متعلقا بهيئة التحكيم المنصوص عليها فى الفقر