حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٣٢ لسنة ١٨ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٣٢ لسنة ١٨ دستورية
– – – ١ – – –
الولاية التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا فى شأن الرقابة القضائية على المشروعية الدستورية ، إنما تتعلق بالنصوص القانونية أيا كان محلها أو موضوعها أو نطاق تطبيقها أو السلطة التى أقرتها أو أصدرتها . وأن غايتها رد النصوص القانونية المطعون عليها إلى أحكام الدستور ، تثبتاً من إتفاقها أو تعارضها معها .
– – – ٢ – – –
المصلحة الشخصية والمباشرة ــ وهى شروط لقبول الدعوى الدستورية ــ مناطها أن تتوفر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها ، وكان البين من الأوراق ، أن المدعى عليه الثانى وباعتباره أحد العاملين بالشركة المدعية ــ كان قد أقام دعواه الموضوعية مستهدفاً بها الحكم بإلزامها بضم إعانة التهجير ــ التى تقررت لمن كانوا يعملون حتى ١٩٧٥ / ١٢ / ٣١ بمحافظات القناة ــ إلى مرتبه ، وذلك عملاً بأحكام القانونين رقمى ٩٨ لسنة ١٩٧٦ بشأن منح إعانات للعاملين المدنيين بسيناء وقطاع غزة ومدن القناة و ٥٨ لسنة ١٩٨٨ فى شأن ضم إعانة التهجير إلى المرتب والمعاش ، وكان المشرع قد كفل أصل الحق فى هذه الإعانة بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه ، وكان الحكم بعدم دستوريتها مؤداه إبطالها بأثر رجعى يرتد إلى تاريخ العمل بها ، فإن مصلحة المدعية تنحصر فى النعى على هذه الفقرة مخالفتها الدستور حتى إذا أبطلتها هذه المحكمة سقط ما بنى عليها من أحكام إنتظمتها باقى فقراتها ، ولا يكون كذلك ثمة محل لتطبيق قواعد ضم هذه الإعانة إلى المرتب المنصوص عليها فى المادتين الأولى والثانية من القانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٨٨ المشار إليه .
– – – ٣ – – –
الأصل فى السلطة التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها ، وتعتبر تخوماً لها لا يجوز تخطيها ، تقديراً بأن الدستور لا يكفل للحقوق ضماناتها إلا بقصد توكيد فعاليتها ، بما يحول بين المشرع وإهدار الحقوق التى كفلها الدستور أو تهميشها عدواناً على مجالاتها الحيوية التى يرتبط وجودها بها ، فلا تتنفس إلا من خلالها .
– – – ٤ – – –
مبدأ المساواة أمام القانون ــ وبقدر تعلقه بالحدود التى تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها ــ مؤداه أنه لا يجوز لأى من السلطتين التشريعية أو التنفيذية أن تباشر إختصاصاتها التشريعية التى ناطها الدستور بها بما يخل بالحماية المتكافئة التى كفلها للحقوق جميعها ، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها أو التى حددها القانون ، وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التى إعتد الدستور بها ، لا تتناول القانون من مفهوم مجرد ، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبير عن سياسة محددة أنشأتها أوضاع لها مشكلاتها ، وأنه تغيا بالنصوص التى تضمنها تحقيق أغراض بذواتها من خلال الوسائل التى حددها . وكلما كان القانون مغايراً بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعاً فيما بينهما ، وكان تقديره فى ذلك قائماً على أسس موضوعية ، مستلهماً اهدافاً لا نزاع فى مشروعيتها ، وكافلاً وحده القاعدة القانونية فى شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يتجاوز متطلباتها ، كان القانون واقعاً فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع ، ولا يعتبر بالتالى قانوناً مشتبهاً فيه ، بل متضمناً تمييزاً مبرراً لا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التى توخاها وسعى إليها ، بعيدة حسابياً عن الكمال Mathematical Nicety ، ولا أن يكون تطبيقها عملاً قد أخل بها .
– – – ٥ – – –
مبدأ المساواة أمام القانون ــ وبقدر تعلقه بالحدود التى تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها ــ مؤداه أنه لا يجوز لأى من السلطتين التشريعية أو التنفيذية أن تباشر إختصاصاتها التشريعية التى ناطها الدستور بها بما يخل بالحماية المتكافئة التى كفلها للحقوق جميعها ، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها أو التى حددها القانون ، وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التى إعتد الدستور بها ، لا تتناول القانون من مفهوم مجرد ، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبير عن سياسة محددة أنشأتها أوضاع لها مشكلاتها ، وأنه تغيا بالنصوص التى تضمنها تحقيق أغراض بذواتها من خلال الوسائل التى حددها . وكلما كان القانون مغايراً بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعاً فيما بينهما ، وكان تقديره فى ذلك قائماً على أسس موضوعية ، مستلهماً اهدافاً لا نزاع فى مشروعيتها ، وكافلاً وحده القاعدة القانونية فى شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يتجاوز متطلباتها ، كان القانون واقعاً فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع ، ولا يعتبر بالتالى قانوناً مشتبهاً فيه ، بل متضمناً تمييزاً مبرراً لا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التى توخاها وسعى إليها ، بعيدة حسابياً عن الكمال Mathematical Nicety ، ولا أن يكون تطبيقها عملاً قد أخل بها .
– – – ٦ – – –
الإعانة الشهرية التى منحتها الفقرة الأولى المطعون عليها للعاملين المدنيين الذين كانوا يعملون بمدن القناة حتى ١٩٧٥ / ١٢ / ٣١ ، لا يجوز فصلها عن موجباتها باعتبار أن صرفها كان ناجماً عن نزوح أسرهم بعد عدوان إسرائيل على مصر فى يونيو ١٩٦٧ ، إلى مدن جديدة إستضافتهم ، وبقصد مواجهة الأعباء التى تحملوها فى ظروفهم الجديدة . وكان ينبغى بالتالى أن يكون إستحقاقها مرتبطاً ببقاء هذه الأوضاع على حالتها هذه فى شأن مدن القناة جميعها ، فإذا زايلتها ، كان لازماً أن يحدد المشرع تاريخاً لانتهاء حق أهلها فى بدل التهجير ، وكان المشرع بالخيار بين أن يجعل زوال هذا الحق مرتبطاً بعودة السفن إلى قناة السويس إستئنافاً منها لملاحتها فيها ــ وهو أمر غير محدد بتاريخ معين يكون معروفاً سلفاً ــ وبين أن يكون تاريخ إنتهاء هذا البدل معلوماً بصورة لا تجهيل فيها . وقد آثر المشرع قطع النزاع حول هذا الموضوع ، فإختار أن يظل هذا البدل قائماً حتى إنتهاء السنة المالية لعام ١٩٧٥ فى ١٩٧٥ / ١٢ / ٣١ بوصفها فترة زمنية محددة التاريخ ، وإنطلاقاً من الحرص على توفير الرعاية الكاملة لأهل مدن القناة جزاء معاناتهم وما قدموه طوال حياتهم الوظيفية . ولا يستقيم بالتالى مساواة هؤلاء بمن يعمل بمنطقة القناة بعد ١٩٧٥ / ١٢ / ٣١ ، بل يكون التمييز بينها ضرورياً باعتبار أن بدل التهجير ظل مرتبطاً وجوداً وعدماً بالأوضاع الاستثنائية التى عايشتها مدن القناة بعد السيطرة التى بسطتها إسرائيل على ضفتها الشرقية . وعلى ذلك تكون الفقرة الأولى من المادة الثانية المطعون عليها ، مستندة إلى أسسها الموضوعية ، غير متبنية تمييزاً تحكمياً يخل بنص المادة ٤٠ من الدستور .
– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليه الثانى كان قد أقام الدعوى رقم ٨١٤ لسنة ١٩٩٤ أمام محكمة الإسماعيلية الابتدائية ضد الشركة المدعية طالبا الحكم بإلزامها بمنحه إعانة التهجير وضمها إلى مرتبه اعتبارا من ١٨ / ٤ / ١٩٨٨وذلك بالنسب والحدود المنصوص عليها فى القانونين رقمى ٩٨ لسنة ١٩٧٦ بشأن منح إعانات للعاملين المدنيين بسيناء وقطاع غزة ومدن القناة، و ٥٨ لسنة ١٩٨٨فى شأن ضم إعانة التهجير إلى المرتب والمعاش، وذلك مع صرف الفروق المالية المستحقة والمترتبة على الضم، موضحا أنه التحق بالشركة المدعى عليها منذ عام ١٩٧٢؛ وكان من بين المنتدبين منها للعمل بمدن القناة فى ٣١ / ١٢ / ١٩٧٥، وينطبق عليه بالتالى شروط منح تلك الإعانة، فلايجوز الامتناع عن ضمها إلى مرتبه، وذلك عملا بأحكام القانونين المشار إليهما. وأمام المحكمة الابتدائية المذكورة تقدمت الشركة المدعى عليها – المدعية فى الدعوى الماثلة – بمذكرة دفعت فيها بعدم دستورية المادة الثانية من القانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٧٦ بشأن منح إعانات للعاملين المدنيين بسيناء وقطاع غزة ومحافظات القناة المعدل بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٨٨ فى شأن ضم إعانة التهجير إلى المرتب والمعاش . بيد أن تلك المحكمة قضت بجلسة ٣٠ / ٥ / ١٩٩٦ بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة مركز الإسماعيلية الجزئية، حيث قيدت أمامها برقم ١٢٦ لسنة ١٩٩٦. وإذ قدرت هذه المحكمة جدية الدفع بعدم الدستورية السابق إبداؤه من الشركة المدعى عليها أمام المحكمة الابتدائية، فقد صرحت لها باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٧٦ المعدل بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٨٨، وأجلت نظر الدعوى إلى جلسة ٣ / ١٢ / ١٩٩٦ لتقديم مايفيد الطعن عليها، فأقامت الشركة المدعية الدعوى الماثلة. وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى الماثلة تأسيسا على أن مناعى الشركة المدعية فى شأن النص المطعون فيه، قد انحصرت فى الشروط التى تطلبها لاستحقاق العاملين المدنيين المخاطبين بأحكامه للإعانة الشهرية المنصوص عليها فيه، وما إذا كانت الفترة المحدودة التى قضاها المدعى عليه الثانى فى العمل بإحدى محافظات القناة تصلح سببا لاستحقاقه هذه الإعانة على ضوء ماتقرر بشأنها من نصوص قانونية، وهو مالايثير – فى تقديرها – مسائل دستورية مماتختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها، بل يندرج تحت اختصاص محكمة الموضوع. وحيث إن هذا الدفع، مردود أولا : بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن الولاية التى تباشرها فى شأن الرقابة القضائية على المشروعية الدستورية، إنما تتعلق بالنصوص القانونية أيا كان محلها أو موضوعها أو نطاق تطبيقها أو السلطة التى أقرتها أو أصدرتها . وأن غايتها رد النصوص القانونية المطعون عليها إلى أحكام الدستور، تثبتا من اتفاقها أو تعارضها معها. ومردود ثانيا : بأن الدعوى الدستورية الماثلة تدور حول طلب الشركة المدعية الحكم بعدم دستورية نص قانونى اتخذه أحد العاملين لديها موطئا لطلبه – فى الدعوى الموضوعية التى أقامها ضدها – بأن تضم إلى راتبه إعانة التهجير التى يدعى استحقاقها وفقا لأحكام القانونين رقمى ٩٨ لسنة ١٩٧٦و ٥٨ لسنة ١٩٨٨ المشار إليهما، بما مؤداه تعلق الدعوى الدستورية الماثلة بمطاعن محلها ذات القاعدة القانونية التى قام النزاع الموضوعى على أساسها، وغايتها إبطال هذه القاعدة من خلال الحكم بعدم دستوريتها . وتلك هى عين الدعوى الدستورية التى يدخل الفصل فيها فى ولاية هذه المحكمة . وحيث إن المادة الثانية من القانون ٩٨ لسنة ١٩٧٦ بشأن منح إعانات للعاملين المدنيين بسيناء وقطاع غزة ومحافظات القناة، تنص فى فقرتها الأولى على أن : تمنح إعانة شهرية بواقع ٢٥% من الراتب الأصلى الشهرى لمن كانوا يعملون حتى ٣١ من ديسمبر سنة ١٩٧٥ بمحافظات القناة والذين عادوا إليها، أو الذين مازالوا يقيمون فى المحافظات المضيفة من العاملين المدنيين الخاضعين لأحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة، أو نظام العاملين بالقطاع العام أو المعاملين بكادرات خاصة أو العاملين فى المنشئات الخاضعة لأحكام القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٥٤ بشأن بعض الأحكام الخاصة بالشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، وكذا العاملين بالجمعيات التعاونية وذلك بحد أقصى قدره عشرون جنيها وبحد أدنى قدره خمسة جنيهات. وتقضى فقرتها الثانية : بأن تستهلك هذه الإعانة ممايحصل عليه العاملون بمحافظتى بورسعيد والإسماعيلية بعد أول يناير سنة ١٩٧٦ من نصف العلاوات الدورية أو علاوات الترقية أو أية تسويات تترتب عليها زيادة فى المرتب الأصلى، فإذا لم يحصل العامل على أية زيادة فى المرتب خلال أية سنة، تستهلك الإعانة بواقع خمس قيمتها الأصلية. وتنص فقرتها الثالثة : على أنه بالنسبة إلى من يعملون بمحافظة السويس، فيبدأ الاستهلاك من هذه الإعانة طبقا للقواعد السابقة اعتبارا من التاريخ الذى يحدد بقرار رئيس مجلس الوزراء. وحيث إن القانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٨٨ فى شأن ضم إعانة التهجير إلى المرتب والمعاش، ينص فى مادته الأولى على أن يعاد حساب الإعانة المنصوص عليها بالقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٧٦ بشأن منح إعانات للعاملين المدنيين بسيناء وقطاع غزة ومحافظات القناة الخاضعين لأحكامه، على أجورهم الأساسية المستحقة فى ١٢ ابريل ١٩٨٦ . ويعتبر العاملون الذين صدرت قرارات تعيينهم بالنقل قبل أول يناير سنة ١٩٧٦ ولم يتسلموا العمل بسبب أدائهم الخدمة الإلزامية أو استبقائهم بها، من بين العاملين الذين تطبق عليهم أحكام القانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه. وتقضى مادته الثانية فى فقرتها الأولى بأن تضم الإعانة المشار إليها فى المادة السابقة إلى الأجر الأساسى للعامل اعتبارا من ١٢ ابريل ١٩٨٦، حتى وإن تجاوز بها الربط المقرر لدرجة الوظيفة؛ وفى فقرتها الثانية بأن يستمر العامل فى تقاضى العلاوات الدورية وعلاوات الترقية المستحقة بعد هذا التاريخ بما يجاوز الحد الأقصى المسموح ببلوغه بالعلاوات الدورية، وذلك بمقدار يعادل قيمة الإعانة المضمومة للأجر الأساسى بالتطبيق للفقرة السابقة. وحيث إن المصلحة الشخصية والمباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن تتوافر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكان البين من الأوراق، أن المدعى عليه الثانى – وباعتباره أحد العاملين بالشركة المدعية – كان قد أقام دعواه الموضوعية مستهدفا بها الحكم بإلزامها بضم إعانة التهجير – التى تقررت لمن كانوا يعملون حتى ٣١ / ١٢ / ١٩٧٥ بمحافظات القناة – إلى مرتبه، وذلك عملا بأحكام القانونين رقمى ٩٨ لسنة ١٩٧٦ بشأن منح إعانات للعاملين المدنيين بسيناء وقطاع غزة ومدن القناة و٥٨ لسنة ١٩٨٨فى شأن ضم إعانة التهجير إلى المرتب والمعاش؛ وكان المشرع قد كفل أصل الحق فى هذه الإعانة بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه؛ وكان الحكم بعدم دستوريتها مؤداه إبطالها بأثر رجعى يرتد إلى تاريخ العمل بها؛ فإن مصلحة المدعية تنحصر فى النعى على هذه الفقرة مخالفتها الدستور حتى إذا أبطلتها هذه المحكمة سقط مابنى عليها من أحكام انتظمتها باقى فقراتها، ولايكون كذلك ثمة محل لتطبيق قواعد ضم هذه الإعانة إلى المرتب المنصوص عليها فى المادتين الأولى والثانية من القانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٨٨ المشار إليه. وحيث إن المدعية تنعى على الفقرة الأولى من المادة الثانية المطعون عليها إخلالها بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه فى المادة ٤٠ من الدستور، تأسيسا على مايأتى: ١ – أن هذه الفقرة تقيم تمييزا تحكميا بين فئتين من العاملين تتحدان فى المركز القانونى؛ أولاهما تلك التى تواجد أفرادها بحكم عملهم فى إحدى محافظات القناة قبل ٣١ / ١٢ / ١٩٧٥؛ وثانيتهما تلك التى عمل أفرادها فى هذه المحافظات ذاتها بعده، فبينما كفل المشرع لأولاهما الحق فى الإعانة الشهرية التى نص عليها، فقد حجبها عن ثانيتهما دون أسس موضوعية بالمخالفة للاتجاه الذى كان سائدا قبل العمل بالفقرة المطعون عليها، وهو اتجاه بدأ بالقرارين رقمى١، ٢ الصادرين عام ١٩٦٧ عن الوزير المقيم بمنطقة القناة، كافلا بهما منح مقابل تهجير للعاملين بمنطقة القنال الذين يقومون بتهجير أسرهم إلى خارجها. ٢ – قرن المشرع ذلك بالفقرة الرابعة من المادة ٦ من قرار رئيس الجمهورية رقم ٩٣٤ لسنة ١٩٦٩التى تحيل فى شأن تحديد من يعتبر من أبناء سيناء وقطاع غزة ومحافظات القناة، إلى القواعد التى يصدر بها قرار من وزير الشئون الاجتماعية. ٣ – وإعمالا لهذا التفويض، صدر القرار الوزارى رقم ١١٩ لسنة ١٩٦٩ مؤكدا – فى مجال تطبيقه – على اعتبار تواجد العامل فى إحدى هذه المناطق والخدمة بها فى ٥ / ٦ / ١٩٦٧ شرطا لازما . بل إن المادة الأولى من القانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه، تمنح إعانة شهرية بواقع ٢٠% من الراتب الأصلى لأبناء سيناء وقطاع غزة من العاملين المدنيين الذين كانوا يخدمون بهذه المناطق فى ٥ / ٦ / ١٩٦٧، وذلك على نقيض الإعانة التى كفلتها الفقرة الأولى من مادته الثانية لمن كانوا يعملون بإحدى محافظات القناة حتى ٣١ / ١٢ / ١٩٧٥ ولو كان عملهم بها بعد وقوع عدوان يونيو ١٩٦٧، وهو مايعنى – عند المدعية – تقرير إعانة مع تخلف سببها وصرفها بالتالى لغير مستحقيها، ولا أدل على ذلك من أن المدعى عليه الثانى لم يكن له من صلة بمحافظة السويس إلا بعد ندبه إليها فى ٢١ / ١ / ١٩٧٥ حتى تم نقله منها فى ٧ / ٨ / ١٩٧٩ للعمل بجهة أخرى. وحيث إن الأصل فى السلطة التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية مالم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتعتبر تخوما لها لايجوز تخطيها، تقديرا بأن الدستور لايكفل للحقوق ضماناتها إلا بقصد توكيد فعاليتها، بمايحول بين المشرع وإهدار الحقوق التى كفلها الدستور أو تهميشها عدوانا على مجالاتها الحيوية التى يرتبط وجودها بها، فلاتتنفس إلا من خلالها. وحيث إن مبدأ المساواة أمام القانون – وبقدر تعلقه بالحدود التى تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها – مؤداه أنه لايجوز لأى من السلطتين التشريعية أو التنفيذية أن تباشر اختصاصاتها التشريعية التى ناطها الدستور بها بما يخل بالحماية المتكافئة التى كفلها للحقوق جميعها، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها أو التى حددها القانون، وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التى أعتد الدستور بها، لاتتناول القانون من مفهوم مجرد، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبير عن سياسة محددة أنشأتها أوضاع لها مشكلاتها، وأنه تغيا بالنصوص التى تضمنها تحقيق أغراض بذواتها من خلال الوسائل التى حددها. وكلما كان القانون مغايرا بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لاتتحد واقعا فيما بينها؛ وكان تقديره فى ذلك قائما على أسس موضوعية؛ مستلهما أهدافا لا نزاع فى مشروعيتها؛ وكافلا وحده القاعدة القانونية فى شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لايجاوز متطلباتها؛ كان القانون واقعا فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع، ولايعتبر بالتالى قانونا مشتبها فيه، بل متضمنا تمييزا مبررا لاينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التى توخاها وسعى إليها، بعيدة حسابيا عن الكمال Mathematical Nicety، ولا أن يكون تطبيقها عملا قد أخل بها. وحيث إن الإعانة الشهرية التى منحتها الفقرة الأولى المطعون عليها للعاملين المدنيين الذين كانوا يعملون بمدن القناة حتى ٣١ / ١٢ / ١٩٧٥، لايجوز فصلها عن موجباتها باعتبار أن صرفها كان ناجما عن نزوح أسرهم بعد عدوان إسرائيل على مصر فى يونيو ١٩٦٧، إلى مدن جديدة استضافتهم، وبقصد مواجهة الأعباء التى تحملوها فى ظروفهم الجديدة. وكان ينبغى بالتالى أن يكون استحقاقها مرتبطا ببقاء هذه الأوضاع على حالتها هذه فى شأن مدن القناة جميعها، فإذا زايلتها، كان لازما أن يحدد المشرع تاريخا لانتهاء حق أهلها فى بدل التهجير؛ وكان المشرع بالخيار بين أن يجعل زوال هذا الحق مرتبطا بعودة السفن إلى قناة السويس استئنافا منها لملاحتها فيها – وهو أمر غير محدد بتاريخ معين يكون معروفا سلفا – وبين أن يكون تاريخ انتهاء هذا البدل معلوما بصورة لاتجهيل فيها. وقد آثر المشرع قطع النزاع حول هذا الموضوع، فاختار أن يظل هذا البدل قائما حتى انتهاء السنة المالية لعام ١٩٧٥ فى ٣١ / ١٢ / ١٩٧٥، بوصفها فترة زمنية محددة التاريخ؛ وانطلاقا من الحرص على توفير الرعاية الكاملة لأهل مدن القناة جزاء معاناتهم وماقدموه طوال حياتهم الوظيفية . ولايستقيم بالتالى مساواة هؤلاء بمن يعمل بمنطقة القناة بعد ٣١ / ١٢ / ١٩٧٥، بل يكون التمييز بينهما ضروريا باعتبار أن بدل التهجير ظل مرتبطا وجودا وعدما بالأوضاع الاستثنائية التى عايشتها مدن القناة بعد السيطرة التى بسطتها اسرائيل على ضفتها الشرقية. وحيث إنه متى كان ذلك، فإن الفقرة الأولى من المادة الثانية المطعون عليها، تكون مستندة إلى أسسها الموضوعية، غير متبنية تمييزا تحكميا يخل بنص المادة ٤٠ من الدستور. وهى كذلك لا تتعارض مع أى حكم آخر فى الدستور.