حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٠ لسنة ١٤ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٠ لسنة ١٤ دستورية
– – – ١ – – –
جرى القضاء الدستورى – فى الدول الآخذه به على استبعاد ” الأعمال السياسية ” من نطاق ولايته و خروجها بالتالى من مجال رقابته على دستورية التشريع. و قد اختص الدستور و قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ كلاهما هذه المحكمة دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين و اللوائح ، و إستهدفا بذلك ضمان الشرعية الدستورية بصون الدستور القائم و حمايته من الخروج على أحكامه ، و ترسيخ مفهوم الديمقراطية التى أرساها سواء ما اتصل منه بتوكيد السيادة الشعبية – و هى جوهر الديمقراطية أو بكفالة الحريات و الحقوق العامة – و هى هدفها أو بالمشاركة فى مارسة السلطة و هى وسيلتها – و ذلك على نحو ما جرت به نصوصه و مبادئه التى تمثل الأصول و القواعد التى يقم عليها نظام الحكم و تستوى على القمة فى مدارج البنيان القانونى، و لها مقام الصدارة بين النظام العام . و من ثم يتعين – باعتبارها أسمى القواعد الآمرة – التزامها ، و اهدار ما يخالفها من تشريعات. و إذ كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساسا لها – كأصل عام – فى مبدأ الشرعية و سيادة القانون و خضوع الدولة لأحكامه، إلا أنه يرد على هذا الأصل وفقا لما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – استبعاد الأعمال السياسية ” من مجال هذه الرقابة القضائية تأسيساً على أن طبيعة هذه الأعمال السياسية ” هى بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التى قد يخلعها المشرع عليه متى كانت طبيعته و هذه الأوصاف . ذلك أن استبعاد ” الأعمال السياسية” من ولاية القضاء الدستورى إنما يأتى تحقيقا للاعتبارات السياسية التى تقتضى – بسبب طبيعة هذه الأعمال و اتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالا وثيقا أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج – النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعى الحفاظ على الدولة و الذود عن سيادتها و رعاية مصالحها العليا ، مما يقتضى منح الجهة القائمة بهذه الأعمال – سواء كانت هى السلطة التشريعية أو التنفيذية – سلطة تقديرية أوسع مدى و أبعد نطاقا تحقيقا لصالح الوطن و سلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه فى هذا الصدد ، و لأن النظر فيها و التعقيب عليها يستلزم توافر عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنا فى ساحاته. و من ثم فالمحكمة الدستورية العليا وحدها هى التى تحدد – بالنظر إلى طبيعة المسائل التى تنظمها النصوص المطعون عليها – ما إذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من “الأعمال السياسية ” فنخرج عن ولايتها بالرقابة على الدستورية ، أو أنها لا تعتبر كذلك ، فتبسط عليها رقابتها.
– – – ٢ – – –
جرى القضاء الدستورى – فى الدول الآخذه به على استبعاد ” الأعمال السياسية ” من نطاق ولايته و خروجها بالتالى من مجال رقابته على دستورية التشريع. و قد اختص الدستور و قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ كلاهما هذه المحكمة دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين و اللوائح ، و إستهدفا بذلك ضمان الشرعية الدستورية بصون الدستور القائم و حمايته من الخروج على أحكامه ، و ترسيخ مفهوم الديمقراطية التى أرساها سواء ما اتصل منه بتوكيد السيادة الشعبية – و هى جوهر الديمقراطية أو بكفالة الحريات و الحقوق العامة – و هى هدفها أو بالمشاركة فى مارسة السلطة و هى وسيلتها – و ذلك على نحو ما جرت به نصوصه و مبادئه التى تمثل الأصول و القواعد التى يقم عليها نظام الحكم و تستوى على القمة فى مدارج البنيان القانونى، و لها مقام الصدارة بين النظام العام . و من ثم يتعين – باعتبارها أسمى القواعد الآمرة – التزامها ، و اهدار ما يخالفها من تشريعات. و إذ كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساسا لها – كأصل عام – فى مبدأ الشرعية و سيادة القانون و خضوع الدولة لأحكامه، إلا أنه يرد على هذا الأصل وفقا لما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – استبعاد الأعمال السياسية ” من مجال هذه الرقابة القضائية تأسيساً على أن طبيعة هذه الأعمال السياسية ” هى بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التى قد يخلعها المشرع عليه متى كانت طبيعته و هذه الأوصاف . ذلك أن استبعاد ” الأعمال السياسية” من ولاية القضاء الدستورى إنما يأتى تحقيقا للاعتبارات السياسية التى تقتضى – بسبب طبيعة هذه الأعمال و اتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالا وثيقا أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج – النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعى الحفاظ على الدولة و الذود عن سيادتها و رعاية مصالحها العليا ، مما يقتضى منح الجهة القائمة بهذه الأعمال – سواء كانت هى السلطة التشريعية أو التنفيذية – سلطة تقديرية أوسع مدى و أبعد نطاقا تحقيقا لصالح الوطن و سلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه فى هذا الصدد ، و لأن النظر فيها و التعقيب عليها يستلزم توافر عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنا فى ساحاته. و من ثم فالمحكمة الدستورية العليا وحدها هى التى تحدد – بالنظر إلى طبيعة المسائل التى تنظمها النصوص المطعون عليها – ما إذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من “الأعمال السياسية ” فنخرج عن ولايتها بالرقابة على الدستورية ، أو أنها لا تعتبر كذلك ، فتبسط عليها رقابتها.
– – – ٣ – – –
إنه و إن كانت نظرية ” الأعمال السياسية ” – كقيد على ولاية القضاء الدستورى – تجد فى ميدان العلاقات و الاتفاقيات الدولية معظم تطبيقاتها بأكثر مما يقع فى المجال الداخلى ، نظرا لارتباط ذلك الميدان بالاعتبارات السياسية و سيادة الدولة و مصالحها العليا، إلا أنه ليس صحيحا إطلاق القول بأن جميع الاتفاقات الدولية – أيا كان موضوعها – تعتبر من ” الأعمال السياسية” كما أنه ليس صحيحا أيضا القول بأن الاتفاقات الدولية التى حددتها الفقرة الثانية من المادة ١٥١ من الدستور ، و استلزمت عرضها على مجلس الشعب و موافقته عليها، تعتبر جميعا و بصفة تلقائية – من ” الأعمال السياسية” التى تخرج عن ولاية القضاء الدستورى ، ذلك أن كلا القوانين السابقين يتناقض و الأساس الذى تقوم عليه اعتبارات استبعاد هذه الأعمال من الرقابة القضائية على دستوريتها، و هى اعتبارات ترجع إلى طبيعة الأعمال ذاتها، و ليس إلى طريقة أو إجراءات إبرامها و الموافقة و التصديق عليها.
– – – ٤ – – –
إن البين من اتفاقية تأسيس المصرف العربى الدولى و نظامه الأساسى الذى يعتبر – وفقا لمادتها الأولى – جزءا لا يتجزأ منها – أن حكومات مصر و ليبيا و سلطنة عمان اتفقت على تأسيس هذا المصرف و قد انضم إليهم – حال إبرام الاتفاقية – أحد المواطنين الكويتيين. و قد فتحت الاتفاقية باب الانضمام إليها وفقا لمادته الثانية – للحكومات العربية الأخرى، و كذلك للبنوك و الهيئات و المؤسسات و الشركات العربية ، و أيضا للأفراد العرب. و يقوم هذا المصرف بالأعمال التجارية التى تقوم بها البنوك التجارية عادة من قبول للودائع و تقديم للقروض و تحرير و تظهير للأوراق المالية و التجارية و تمويل لعمليات التجارة الخارجية و تنظيم للمساهمة فى برامج و مشروعات الاستثمار . و هو يزاول أعماله فى مجال التجارة الخارجية وفقا للقواعد و الأسس المصرفية الدولية السائدة . و للمصرف الشخصية القانونية، وله فى سبيل تحقيق أغراضه إبرام اتفاقيات مع الدول الأعضاء أو غير الأعضاء و كذلك مع المؤسسات الدولية الأخرى. و له التملك و التعاقد، و يديره مجلس إدارة من ممثلين للمساهمين يتم اختيارهم لمدة ثلاث سناوت قابلة للتجديد. و مدة المصرف خمسون عاما. و حدد النظام الاساسى للمصرف أحوال حله و كيفية تصفية أمواله ، و مؤدى ذلك ، أن الاتفاقية المشار إليها إنما تتمحض عن إنشاء بنك يقوم بالأعمال التى تقوم بها البنوك التجارية، فلا يسوغ اعتبارها من “الأعمال السياسية” التىتنحسر عنها رقابة القضاء الدستورى ، و لا يغير من ذلك ما تضمنته بعض نصوص الاتفاقية من امتيازات معينة للمصرف أو لموظفيه أو لأموال المساهمين أو المودعين التى دفعت الحكومات العربية الموقعة عليها إلى تأسيس هذا المصرف.
– – – ٥ – – –
إن نطاق الدعوى الدستورية يتحد بنطاق الدفع بعدم الدستورية، و فى حدود النصوص التى صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليها، و ذلك استنادا إلى أن الاوضاع الإجرائية المنصوص عليها فى المادة ٢٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتبارها أشكالا جوهرية فى التقاضى تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها، و ى الموعد الذى حدده، إلا أن الدعوى الدستورية التى تتضمن طعنا بعدم دستورية نص قانونى تطرح ابتداء أمام المحكمة مدى توافر مقوماته الشكلية التى لا يستقيم بتخلفها وجوده من الناحية القانونية. كذلك فإن الطعن بعدم دستورية نص فى اتفاقية دولية إنما يطرح بحكم اللزوم توافر المتطلبات الشكلية التى استلزمتها المادة ١٥١ من الدستور ليكون للاتفاقية قوة القانون و ذلك فيما يتعلق بإبرامها و التصديق عليها و نشرها وفقا للأوضاع المقررة .
– – – ٦ – – –
إن المصلحة الشخصية المباشرة – و هى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، بما مؤداه أن شرط المصلحة الشخصية المباشر يعتبر متصلا بالحق فى الدعوى و مرتبطا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية و ليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة و من ثم يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره مبلورا فكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية ، محددا نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، منفصلا دوما عن موافقة النص التشريعى المطعون عليه لأحكام الدستور أو مخالفته لضوابطه، مستلزما أبدا أن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية موطئا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية.
– – – ٧ – – –
ليس فى نص المادة ١٥ من الاتفاقية المذكورة ما ينتقص من حق التقاضى المكفول دستوريا، ذلك أن عدم سريان القوانين و القرارات المنظمة لشئون العمل الفردى على العاملين بالمصرف لا يتضمن منعهم من اللجوء إلى القضاء و لا يحجب القضاء عن الفصل – بحيدة و استقلال – فى المنازعات القائمة بينهم و المصرف.
– – – ٨ – – –
إن مبدأ المساواة الذى كفله الدستور فى المادة ٤٠ منه لا يعنى – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وجوب معاملة الجميع على ما بينهم من تفاوت فى مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، و لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية فى ينطوى بالتالى على مخالفة النص الدستورى المشار إليه، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه دستوريا هو ذلك الذى يكون تحكميا ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودا لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص التشريعى منطويا على تمييز يعتبر مصادما لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيا ربطه بها أو اعتباره مدخل إليها، وقع التمييز تحكميا غير مستند إلى أسس موضوعية مجافيا لمبدأ المساواة القانونية الذى كفله الدستور.
– – – ٩ – – –
إنشاء المصرف العربى الدولى تم بمقتضى إتفاقية دولية وقعتها الحكومات الثلاث المؤسسة له، و فتحت باب الانضمام إليها للحكومات و الهيئات و المؤسسات العربية الأخرى، و أجازت إنشاء فروع أو توكيلات له فى البلدان العربية و خارجها، و نصت على أن جميع معاملالته لا تتم إلا بالعملات الحرة القابلة للتحويل التى يحددها مجلس الإدارة، كما نصت على بعض المزايا الممنوحة للمصرف و المساهمين و المودعين فيه و على مزايا تمنح للعاملين به كالحصانة ضد الإجراءات القانونية فيما يقومون به من أعمال بصفتهم الرسمية، و الإعفاء من قيود الهجرة و إجراءات تسجيل الأجانب و تحويل حقوقهم إلى موطنهم الأصلى، و ذلك بالنسبة لموظفى المصرف من غير رعايا دولة المقر، فإن ذلك – و إن لم يسبغ على اتفاقية تأسيس المصرف صفة ” الأعمال السياسية” التىتخرجها عن ولاية الرقابة القضائية على الدستورية ” يجعل لهذا المصرف – و العاملين به وضعا خاصا و مركزا قانونيا يختلف فيه عن بنوك القطاع العام أو الخاص الأخرى. و مراعاة لهذا الوضع الخاص و استهدافا لتوفير أكبر قدر من المرونة فى إدارة المصرف، و رد النص المطعون عليه ، ليخول مجلس إدارته – وفقا للمادة ٣٤ مننظامه الأساسى – وضع نظام خاص للعاملين به. و إذ كان هذا النص لا يتضمن إخلالاً بحق العاملين فى المصرف فى اللجوء إلى القضاء طلبا للنصفة فيما يثور بينهم و بينه من منازعات، فإن النعى بمخالفته مبدأ المساواة لا يكون له من أساس.