حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٠ لسنة ١ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٠ لسنة ١ دستورية
تاريخ النشر : ٢٧ – ٠٥ – ١٩٨٢

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة: أولاً: برفض طلب الحكم بالنسبة للطعن بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢. ثانياً: بعدم دستورية نص كل من الفقرة الأولي من المادة ٨٣ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٣، والفقرة الأولي من المادة ١٠٤ من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٣ والمعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٧٣ فيما تضمنا

الحكم

برياسة أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة وحضور فاروق سيف النصر وفتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد أعضاء وعوض المر المفوض وأحمد على فضل الله أمين السر .

– – – ١ – – –
إن مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة يشكل من سبعة من أقدم أعضائه و يفصل فى خصومة موضوعها الدعوى التأديبية، و ذلك بعد إعلان العضو بموضوع الدعوى و الأدلة المؤدية لها و تكليفه بالحضور أمامه و تمكينه من إبداء دفاعه و تحقيقه، ثم يحسم الأمر فيها بحكم مسبب تتلى أسبابه عند النطق به، و هى جميعها إجراءات قضائية توفر لمن يمثل أمامه من أعضاء مجلس الدولة كل سبل الدفاع عن حقوقهم و تكفل لهم جميع ضمانات التقاضى، و بالتالى فإن مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة يعتبر هيئة قضائية عهد إليها المشرع بإختصاص قضائى محدد ، و يكون ما يصدر عنه فى هذا الشأن أحكاماً قضائية و ليست قرارات إدارية .

– – – ٢ – – –
من المقرر أن النص على عدم جواز الطعن فى بعض الأحكام القضائية، و قصر التقاضى بالنسبة لما فصلت فيه على درجة واحدة، و هو من الملاءمات التى يستقل بتقديرها المشرع الذى إرتأى فى تشكيل مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة من سبعة من أقدم أعضائه ما يدعو إلى عدم إجازة الطعن فى أحكامه و إعتبار التقاضى أمامه من درجة واحدة .

– – – ٣ – – –
مبدأ المساواة فى الحقوق بين المواطنين لا يعنى المساواة بين جميع الإفراد رغم إختلاف ظروفهم و مراكزهم القانونية ، ذلك أن المشرع يملك لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون ، و إذ توافر شرطا العموم و التجريد فيما نصت عليه المادة ٢ / ١١٩ من قانون مجلس الدولة من عدم جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من مجلس التأديب بالنسبة لجميع رجال مجلس الدولة الذى تتماثل مراكزهم القانونية ، فإن النعى على الفقرة الثانية من المادة ١١٩ المشار إليها بأنها خالفت المادتين ٤٠ و ٦٨ من الدستور بمقولة القضاء و أهدرت مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق يكون من جميع وجوهه على غير أساس .

– – – ٤ – – –
لما كانت المادة ١٠٤ من قانون مجلس الدولة تنص على أن ” تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم و ذلك عدا النقل و الندب متى كان مبنى الطلب عيباً فى الشكل أو مخالفة القوانين و اللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة إستعمال السلطة ، فإنها تماثل فى حكمها الفقرة الأولى من المادة ٨٣ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ و المعدل بالقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٣ فيما نصت عليه من أن ” تختص دوائر المواد المدنية و التجارية لمحكمة النقض دون غيرها بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء و النيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم و ذلك عدا النقل و الندب متى كان مبنى الطلب عيباً فى الشكل أو مخالفة القوانين و اللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة إستعمال السلطة “، الأمر الذى دعا المحكمة إلى أعمال رخصة التصدى المتاحة لها طبقاً للمادة ٢٧ من قانونها فيما يتعلق بهذه المادة الأخيرة لإتصالها بالنزاع المطروح عليها .

– – – ٥ – – –
المقرر أن من سلطة المشرع إسناد ولاية الفصل فى بعض المنازعات الإدارية – التى تدخل أصلاً فى إختصاص مجلس الدولة طبقاً لنص المادة ١٧٢ من الدستور – إلى جهات أو هيئات قضائية أخرى متى إقتضى ذلك الصالح العام و إعمالاً للتفويض المخول له بالمادة ١٦٧ من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية و إختصاصها ، و كان مفاد المادتين ١ / ٨٣ من قانون السلطة القضائية و ١ / ١٠٤ من قانون مجلس الدولة المشار إليهما أن المشرع قد رأى إستناداً إلى سلطته التقديرية أن ينتزع ولاية الفصل فى طلبات رجال القضاء و النيابة العامة و مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم من ولاية القضاء الإدارى ، فحجبه بذلك عن نظر جميع هذه المنازعات و أسندها إلى دوائر المواد المدنية و التجارية بمحكمة النقض بالنسبة لرجال القضاء و النيابة العامة – دون غيرها – بإعتبار أن هاتين المحكمتين هما قمة جهتى القضاء العادى و الإدارى ، فإن هذه الدوائر تكون وحدها هى القاضى الطبيعى المختص بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بأعضاء هاتين الجهتين القضائيتين لما لها من قدرة على الإحاطة بشئون أعضائها و كافية للبت فى أمرها .

– – – ٦ – – –
المقرر أن من سلطة المشرع إسناد ولاية الفصل فى بعض المنازعات الإدارية – التى تدخل أصلاً فى إختصاص مجلس الدولة طبقاً لنص المادة ١٧٢ من الدستور – إلى جهات أو هيئات قضائية أخرى متى إقتضى ذلك الصالح العام و إعمالاً للتفويض المخول له بالمادة ١٦٧ من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية و إختصاصها ، و كان مفاد المادتين ١ / ٨٣ من قانون السلطة القضائية و ١ / ١٠٤ من قانون مجلس الدولة المشار إليهما أن المشرع قد رأى إستناداً إلى سلطته التقديرية أن ينتزع ولاية الفصل فى طلبات رجال القضاء و النيابة العامة و مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم من ولاية القضاء الإدارى ، فحجبه بذلك عن نظر جميع هذه المنازعات و أسندها إلى دوائر المواد المدنية و التجارية بمحكمة النقض بالنسبة لرجال القضاء و النيابة العامة – دون غيرها – بإعتبار أن هاتين المحكمتين هما قمة جهتى القضاء العادى و الإدارى ، فإن هذه الدوائر تكون وحدها هى القاضى الطبيعى المختص بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بأعضاء هاتين الجهتين القضائيتين لما لها من قدرة على الإحاطة بشئون أعضائها و كافية للبت فى أمرها .

– – – ٧ – – –
إذ إستبعد المشرع فى المادتين ١ / ٨٣ من قانون السلطة القضائية و ١ / ١٠٤ من قانون مجلس الدولة القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بنقل و ندب رجال القضاء و النيابة العامة و مجلس الدولة من ولاية تلك الدوائر ، فإنه يكون قد حصن هذه القرارت من الرقابة القضائية و حال يين أعضاء هاتين الجهتين القضائيتين و بين الإلتجاء بشأنها إلى قاضيهم الطبيعى الذى حدده فى صدر هاتين المادتين على ما سلف بيانه ، مخالفاً بذلك ما تقضى به المادة ٦٨ من الدستور التى تنص على أن ” التقاضى مصون و مكفول للناس كافة و لكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعى . . . و يحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ” .

– – – ٨ – – –
نص المادة ٦٨ من الدستور على عدم جواز تحصين القرارات الإدارية من رقابة القضاء ورد عاماً لا يجوز تخصيصه بإستبعاد ما تعلق منها بتنظيم سير القضاء ، متى كان مبنى طلب إلغائها – طبقاً لما نصت عليه المادتان ١ / ٨٣ من قانون السلطة القضائية و ١ / ١٠٤ من قانون مجلس الدولة – هو عيب فى الشكل أو مخالفة القوانين و اللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة إستعمال السلطة .

[الطعن رقم ١٠ – لسنــة ١ ق – تاريخ الجلسة ١٦ / ٠٥ / ١٩٨٢ – مكتب فني ٢ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٥٠ – تم قبول هذا الطعن]

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ٤٩ لسنة ٢١ ق إدارية عليا ضد المدعى عليهم الأربعة الأخيرين، وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلغاء كل من القرار الصادر من رئيس مجلس الدولة فى ٥ مايو سنة ١٩٧٣ بنقله من رئاسة المحكمة التأديبية بالإسكندرية إلى العمل مستشاراً بهيئة مفوضى الدولة بالمجلس بالقاهرة، والقرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة بتاريخ ٢١ يناير سنة ١٩٧٤ فى الطلب رقم ٢ لسنة ١٩ ق فيما قضى به من مجازاته بعقوبة اللوم، والحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضا عن الأضرار الأدبية والمادية التى لحقت به من جراء هذين القرارين والقرار الصادر بإحالته إلى مجلس التأديب. كما دفع المدعى فى صحيفة تلك الدعوى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ١٠٤ والفقرة الثانية من المادة ١١٩ من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٧٣. وبتاريخ ٤ يونيه سنة ١٩٧٧ قررت المحكمة وقف الفصل فى الطعن ليرفع المدعى دعواه الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة. وحيث إن الدعوى نظرت بجلسة ٦ فبراير سنة ١٩٨٢ وفيها قررت المحكمة – إعمالاً للمادة ٢٧ من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ – تكليف هيئة المفوضين لديها باتخاذ إجراءات تحضير الدعوى الدستورية بالنسبة للفقرة الأولى من المادة ٨٣ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٣ التى تتصل بالنزاع المطروح عليها بشأن الفقرة الأولى من المادة ١٠٤ من قانون مجلس الدولة المشار إليه. وبعد أن أتخذت هيئة المفوضين هذه الإجراءات قدمت تقريراً برأيها. وحيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ١٠٤ من قانون مجلس الدولة فيما تضمنته من حظر الطعن فى قرارات نقل وندب أعضاء مجلس الدولة، وبعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من ذات القانون التى تقضى بأن الحكم الصادر من مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة نهائى غير قابل للطعن، وذلك تأسيساً على أن هذين النصين يصادران حق عضو مجلس الدولة فى التقاضى بشأن قرارات النقل والندب والتأديب وهى قرارات إدارية لا يجوز تحصينها من رقابة القضاء، كما أنهما يحولان دون التجائه إلى قاضيه الطبيعى فى هذا الصدد وهو الدائرة المختصة بنظر منازعات أعضاء مجلس الدولة الإدارية، بالإضافة إلى اخلالهما بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون، وذلك بالمخالفة لما نصت عليه المواد ٤٠ و٦٨ و١٦٥ و١٦٧ و١٧٢ من الدستور. ويضيف المدعى أن قرار مجلس التأديب الصادر ضده منعدم ذلك أنه أحيل إلى المجلس باعتباره “لجنة صلاحية” ولم تتخذ قبله إجراءات التأديب المنصوص عليها فى المواد ١١٣ و١١٥ و١١٨ من قانون مجلس الدولة مما أخل إخلالاً جسيما بحقه فى الدفاع. وحيث إنه بالنسبة للطعن بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ التى تنص على أنه “ويكون الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية نهائيا غير قابل للطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن”، فقد أفرد هذا القانون الفصل السابع من بابه الرابع للأحكام الخاصة بتأديب أعضاء مجلس الدولة، وعهد بذلك فى المادة ١١٢ منه إلى مجلس تأديب يشكل برئاسة رئيس مجلس الدولة وعضوية ستة من نوابه بحسب ترتيب اقدمياتهم، وأوضحت المادة ١١٣ منه طريقة رفع الدعوى التأديبية فنصت على أن تقام من نائب رئيس مجلس الدولة لإدارة التفتيش الفنى بناء على تحقيق جنائى أو تحقيق إدارى يتولاه أحد نواب رئيس المجلس بالنسبة للمستشارين ومستشار بالنسبة لباقى الأعضاء، كما أوجبت أن تشتمل عريضة الدعوى التأديبية على التهمة والأدلة المؤيدة لها، وأجازت المادة ١١٤ لمجلس التأديب أن يجرى ما يراه لازماً من التحقيقات أو أن يندب أحد أعضائه لذلك، وحددت المادة ١١٥ إجراءات المحاكمة التأديبية بحيث إذا رأى المجلس محلا للسير فيها عن جميع التهم أو عن بعضها كلف العضو بالحضور بميعاد أسبوع على الأقل على أن يشتمل التكليف بالحضور على بيان كاف لموضوع الدعوى وأدلة الاتهام، كما نصت المادة ١١٨ على أن يكون الحكم فى الدعوى بعد سماع رأى إدارة التفتيش الفنى ودفاع العضو الذى يكون آخر من يتكلم، وأتاحت له أن يحضر بشخصه أو أن ينيب للدفاع عنه أحد أعضاء المجلس وأن يقدم دفاعه كتابة، ثم أوجبت المادة ١١٩ فى فقرتها الأولى أن يكون الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية مشتملاً على الأسباب التى بنى عليها وأن تتلى هذه الأسباب عند النطق به. وحيث إن مؤدى جميع هذه النصوص أن مجلس تأديب مجلس الدولة يشكل من سبعة من أقدم أعضائه ويفصل فى خصومة موضوعها الدعوى التأديبية، وذلك بعد إعلان العضو بموضوع الدعوى، والأدلة المؤيدة لها وتكليفه بالحضور أمامه وتمكينه من ابداء دفاعه وتحقيقه، ثم يحسم الأمر فيها بحكم مسبب تتلى أسبابه عند النطق به، وهى جميعها إجراءات قضائية توفر لمن يمثل أمامه من أعضاء مجلس الدولة كل سبل الدفاع عن حقوقهم وتكفل لهم جميع ضمانات التقاضى وبالتالى فإن مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة يعتبر هيئة قضائية عهد إليها المشرع باختصاص قضائى محدد، ويكون ما يصدر عنه فى هذا الشأن أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية. لما كان ذلك وكان من المقرر أن النص على عدم جواز الطعن فى بعض الاحكام القضائية، وقصر التقاضى بالنسبة لما فصلت فيه على درجة واحدة، هو من الملاءمات التى يستقل بتقديرها المشرع الذى ارتأى فى تشكيل مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة من سبعة من أقدم أعضائه ما يدعو إلى عدم اجازة الطعن فى أحكامه واعتبار التقاضى أمامه من درجة واحدة، وكان مبدأ المساواة فى الحقوق بين المواطنين لا يعنى المساواة بين جميع الأفراد رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية، ذلك أن المشرع يملك لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون، وإذ توافر شرطا العموم والتجريد فيما نصت عليه المادة ١١٩ / ٢ من قانون مجلس الدولة من عدم جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من مجلس التأديب بالنسبة لجميع رجال مجلس الدولة الذين تتماثل مراكزهم القانونية، فإن النعى على الفقرة الثانية من المادة ١١٩ المشار إليها بأنها خالفت المادتين ٤٠ و٦٨ من الدستور بمقولة أنها تضمنت حظراً للتقاضى وحصنت قراراً إدارياً من رقابة القضاء وأهدرت مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق يكون من جميع وجوهه على غير أساس. أما ما أثاره المدعى بشأن عدم اتباع إجراءات التأديب قبله والإخلال بحقه فى الدفاع مما يجعل قرار التأديب منعدماً، فإنه نعى يتصل بطلباته فى دعواه الموضوعية ويخرج عن نطاق الرقابة الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الدعوى بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من قانون مجلس الدولة سالف البيان. وحيث إنه بالنسبة للطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ١٠٤ من قانون مجلس الدولة المشار إليه والتى تنص على أن “تختص أحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم وذلك عدا النقل والندب متى كان مبنى الطلب عيبا فى الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو اساءة استعمال السلطة”، فإنها تماثل فى حكمها الفقرة الأولى من المادة ٨٣ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٣ فيما نصت عليه من أن “تختص دوائر المواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض دون غيرها بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم وذلك عدا النقل والندب متى كان مبنى الطلب عيبا فى الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو اساءة استعمال السلطة”، الأمر الذى دعا المحكمة إلى أعمال رخصة التصدى المتاحة لها طبقاً للمادة ٢٧ من قانونها فيما يتعلق بهذه المادة الأخيرة لاتصالها بالنزاع المطروح عليها على ما سلف بيانه. ولما كان من المقرر أن من سلطة المشرع إسناد ولاية الفصل فى بعض المنازعات الإدارية – التى تدخل أصلاً فى اختصاص مجلس الدولة طبقا لنص المادة ١٧٢ من الدستور – إلى جهات أو هيئات قضائية أخرى متى اقتضى ذلك الصالح العام وإعمالاً للتفويض المخول له بالمادة ١٦٧ من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها، وكان مفاد المادتين ٨٣ / ١ من قانون السلطة القضائية و١٠٤ / ١ من قانون مجلس الدولة المشار إليهما أن المشرع قد رأى استناداً إلى سلطته التقديرية أن ينتزع ولاية الفصل فى طلبات رجال القضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم من ولاية القضاء الإدارى، فحجبه بذلك عن نظر جميع هذه المنازعات واسندها إلى دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض بالنسبة لرجال القضاء والنيابة العامة وإلى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالنسبة لرجال مجلس الدولة – دون غيرها – باعتبار أن هاتين المحكمتين هما قمة جهتى القضاء العادى والإدارى، فإن هذه الدوائر تكون وحدها هى القاضى الطبيعى المختص بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بأعضاء هاتين الجهتين القضائيتين لما لها من قدرة على الاحاطة بشئون أعضائها وكفاية البت فى أمرها. لما كان ذلك وكان المشرع فى المادتين ٨٣ / ١ من قانون السلطة القضائية و١٠٤ / ١ من قانون مجلس الدولة إذ استبعد بعد ذلك القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بنقل وندب رجال القضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة من ولاية تلك الدوائر، فإنه يكون قد حصن هذه القرارات من الرقابة القضائية وحال بين أعضاء هاتين الجهتين القضائيتين وبين الالتجاء بشأنها إلى قاضيهم الطبيعى الذى حدده فى صدر هاتين المادتين على ما سلف بيانه، مخالفاً بذلك ما تقضى به المادة ٦٨ من الدستور التى تنص على أن “التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى…….. ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء”. وحيث إنه لا يحاج فى هذا الشأن بما قررته إدارة قضايا الحكومة من أن التشريعات المنظمة للسلطة القضائية ومجلس الدولة قد اضطردت على عدم اجازة الطعن فى قرارات النقل والندب لتعلقها بتنظيم سير القضاء، ذلك أن النص فى المادة ٦٨ من الدستور على عدم جواز تحصين القرارات الإدارية من رقابة القضاء ورد عاما لا يجوز تخصيصه باستبعاد ما تعلق منها بتنظيم سير القضاء، متى كان مبنى طلب إلغائها – طبقا لما نصت عليه المادتان ٨٣ / ١ من قانون السلطة القضائية و١٠٤ / ١ من قانون مجلس الدولة – هو عيب فى الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو اساءة استعمال السلطة. كما أنه لا وجه لما أثير بشأن الآثار التى قد تترتب على ما يصدر من أحكام بإلغاء قرارات النقل والندب بعد اباحة الطعن فيها، ذلك أن هذه الآثار هى ذات الآثار التى تترتب على الأحكام بإلغاء قرارات التعيين أو الترقية المباح الطعن فيها أصلاً طبقاً للمادتين ٨٣ / ١ و١٠٤ / ١ المشار إليهما – لا يمكن أن تحول دون أعمال الرقابة على دستورية القوانين واللوائح التى عهد بها الدستور إلى هذه المحكمة حماية له وصوناً لأحكامه. لما كان ما تقدم وكان نص المادة ٨٣ / ١ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٣ ونص المادة ١٠٤ / ١ من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٧٣ قد خالفا نص المادة ٦٨ من الدستور على ما سلف بيانه، فإنه يتعين الحكم بعدم دستورية ما تضمناه من عدم اجازة الطعن فى قرارات نقل أو ندب رجال القضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة أمام الدوائر التى ناط بها المشرع دون غيرها الفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم. “لهذه الأسباب” حكمت المحكمة: أولاً: برفض الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ١١٩ من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢. ثانياً: بعدم دستورية نص كل من الفقرة الأولى من المادة ٨٣ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٣، والفقرة الأولى من المادة ١٠٤ من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ والمعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٧٣ فيما تضمناه من عدم اجازة الطعن فى قرارات نقل وندب رجال القضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة أمام الدوائر المختصة طبقاً لهاتين المادتين بالفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم. ثالثاً: إلزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.

زر الذهاب إلى الأعلى